تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : منقول فـــــــوضى الحــــــواس


Hamdi Mami
2014-06-21, 01:27
أذكر، ذلك الذي كنت أقول له تعلّم أن تقول «إن شاء الله». سألته يومًا «متى نلتقي؟» كان يعدّ حقيبة حزن على عجل. فأجابني على طريقته ببيت لمحمود درويش:
«نلتقي بعد قليل
بعد عام... بعد عامين وجيل».
ولم نلتقِ بعد ذلك أبدًا. نسي كلانا يومها أن يقول «إن شاء الله»!
ألهذا لم يعد؟ أم تُرى لأنّه ذهب ليدفن أباه بنيّات انتحاريّة، في ذلك البلد الذي يقتل الشعراء.. ويكثر من المهرجانات الشعريّة، فدفن جثّة مشوّهة جواره.
وكان قبلها يقول.. إنّه سيغادر الشعر، ويجرّب نفسه في رواية!

هو ذا، لم يتغيّر.
ما زال يتوق إلى الكلام الذي لا يقال بغير العينين. وهي لا تملك إلّا أن تصمت، كي ينصتا معًا إلى صخب الصمت بين عاشقين سابقين.
بين نظرتين، يتابع الحبّ تهرّبه العابث. وذاكرة العشق ترتبك.
مع عاشق آخر، كان بإمكانها أن تختلق الآن ضجّة وضحكًا.
أن تختلق الآن للصمت صوتًا، يغطّي على صمتها. أن تختلق الآن أجوبة لكلّ سؤال.
ولكن معه، هي تحتفظ بالأسئلة، أو تطرحها عليه دفعةً واحدة، دون صوت، بل بذبذبات صمتٍ وَحْدَهُ يعرفها.
وهو، دون أن يطفئ سيجارته تمامًا، دون أن يشعل رماد الأحلام، دون أن يقول شيئًا بالتحديد، دون أن يقول شيئًا إطلاقًا، كان يعترف لها بأنّه تغيّر كثيرًا منذ ذلك الحين.
هو رجل يشي به سكوته المفاجئ بين كلمتين.
ولذا يصبح الصمت معه حالة لغويّة، وأحيانًا حالة جوّيّة، تتحكّم فيها غيمة مفاجئة للذكرى.

[/size]