المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل الاشعور حقسقة علميية ارجوكم هده المقالة


tbgalamigo99
2014-06-02, 20:28
ارجوكم اريد هده المقالة جزاكم الله خيرا بسرعة

tamimkhaled
2014-06-02, 21:08
يعتقد فرويد وتلاميذه أن فرضية اللاشعور فرضية علمية، وتقرر لديك فساد هذا الاعتقاد، فكيف تثبت بطلانه؟
طرح المشكلة: لقد شاع عند كثير من علماء النفس وخاصة لدى المشتغلين بالتحليل النفسي، منذ بدايات القرن العشرين، أنّ التحليل النفسي علم وأنّ فرضية اللاشعور فرضية علمية، وقد دافع فرويد نفسه عن هذه الفكرة. لكن في مقابل ذلك ذهب كثير من المفكرين والفلاسفة المعاصرين إلى النظر للاشعور كفرضية فلسفية، ومن هذا المنطلق يمكن التساؤل: هل فعلا أنّ اللاشعور فرضية علمية؟ أليست مجرد فرضية فلسفية تساعدنا على فهم السلوك الانساني أكثر مما تساعدنا على تفسيره.
محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة: إنّ فكرة اللاشعور لم تكن جديدة عندما دافع عنها فرويد، بل قال بها فلاسفة وأدباء كثيرون قبله، لكن ما جاء به التحليل النفسي ولم يكن شائعا، هو أن اللاشعور ليس مجرد ضعف أو غياب للانتباه، بل هو منظمة نفسية لها وجود سابق عن الشعور نفسه وتؤثر فيه وتتحكم بكثير من موضوعاته، ويتألف اللاشعور عند المحللين النفسانيين من الميول والأهواء المكبوتة وتؤثر على نحو لا شعوري في حياتنا الواعية.
واللاشعور بهذا المعنى يكون منفصلا عن الزمن الموضوعي والواقع الخارجي، وهو يستجيب لمبدأ اللذة فقط، ويتجلى في الهفوات والزلات والأعراض العصابية والأحلام، وقد اعتبر فرويد اللاشعور فرضية علمية تساعدنا على فهم وتفسير الظواهر النفسية التي لا نجد لها أسبابا معروفة في الحياة النفسية الواعية.
إبطال الأطروحة: اعتبار اللاشعور فرضية علمية يستدعي أولا تحديد خصائص ما يمكن أن يوصف بأنه علمي. في الحقيقة أن العلماء والفلاسفة منقسمون بشأن هذه الخصائص، لكنهم على الأقل يتفقون حول ثلاثة منها: 1- الانسجام المنطقي، 2- أنّ ما هو علمي ليس مجرد وصف للأحداث، 3- القابلية للتحقق (إثبات/ تفنيد) التجريبي.
ومن هذا المنطلق وكي يعتبر القول باللاشعور فرضية علمية، يجب أن يكون مفهوم اللاشعور خاليا من أي تعارض في حين أن الواقع يثبت خلاف هذا، حيث أن أهل الاختصاص ليسوا متفقين على مفهوم اللاشعور أو محتواه. فبالنسبة لأدلر أن اللاشعور ليس مرده إلى الليبيدو بل هو راجع إلى الشعور بالقصور، فالمصاب بقصور عضوي يسعى إلى تعويض هذا القصور وتغطيته عن طريق الأعراض العصابية، وكل ما فسره فرويد بالكبت فسره أدلر بعقدة القصور وبالتعويض.
أمّا يونغ فأضاف لاشعور جمعي إلى جانب اللاشعور الفردي الذي تحدث عنه فرويد معتقدا أن اللاشعور الفرويدي غير كاف لتفسير الحياة النفسية. وهذا التعدد والتعارض في التصورات يعصف بخاصية الانسجام المنطقي المطلوبة في الفرض العلمي.
عرض موقف أنصار الأطروحة وابطاله: إنّ أنصار التحليل النفسي، مازالوا يدافعون عن فكرة أنّ اللاشعور فرضية علمية ومشروعة مثلما فعل فرويد في بداية القرن العشرين، وهم في هذا الزعم يستندون إلى جملة من المبررات، منها: 1- أنّ اللاشعور يساعدنا على فهم الحياة النفسية بشكل افضل ممّا كانت عليه في السابق. 2- وهو يفسر كثيرا من الأعراض المرضية التي ظلت لزمن طويل دون فهم أو تفسير. 3- ويمكن التحقق من صدق هذه الفرضية، وذلك إذا تمكن التحليل النفسي من مساعدة كثير من المرضى على الشفاء من الأعراض المرضية، تكون هذه النتيجة دليلاً على صدق الفرضية.
إنّ هذه المبررات تؤكد شيئا واحدا هو أنّ اللّاشعور فعلا ساعدنا على فهم جوانب من الحياة الإنسانية ظلت مجهولةً لزمن طويل، لكن هذا لا يُقدِّم أيّ دليل على علميّة هذه الفرضية. حيث أنّ الفهم الذي يؤدي إليه اللّاشعور يقوم على "التأويل"، والتأويل يفترض أنّ المعطيات هي رموز تخفي وراءها معاني ودلالات، وبدل أن يقتصر المُحلِّل على تحديد العلاقة السببية بين الظواهر، فإنه يُؤوِّل المعطيات بحسب ما يعتقده المُحلِّل. فإذا كان المُحلِّل فرويديا، فإنه يميل دائما إلى تأويل الأعراض والزلات والأحلام تأويلا جنسيا، أمّا إذا كان أدليريا، فإنه يؤوّل جميع هذه المظاهر، على أنّها تعويض عن القصور الذي يعانيه الشخص.
ومن هذا المنطلق، فإنّ تقنية التأويل المعتمدة في التحليل النفسي – والتي بدونها يفقد اللاّشعور كل قيمة له– لا تؤدي إلى نتائج مُجمَع عليها، في حين أنّ موضوعيّة العلم لابّد أن تحقق الإجماع، وبعبارة أخرى، أنّ التأويل سيظل دائما أمراً ذاتيًا، ويجب الاشارة إلى أنّ محتويات اللّاشعور سواءً التي حدّدها فرويد أو يونغ أو أدلر، ليست سوى تأويلات خاضعة لقناعات ذاتية، وليس لجملة من الملاحظات التجريبيّة.
أمّا أن يتمكن بعض المرضى من الشفاء بناءً على التسليم بوجود حياة نفسية لاشعورية، واستخدام بعض التقنيات، لا يُثبِت علميّتها بقدر ما يُثبِت أهميّتها في العلاج. وليس كلّ ما يُثبِت نجاحَه في العلاج يكون علمياً.
حل المشكلة/ التأكيد على مشروعية الابطال: إذن تظل فرضيّة اللّاشعور في سياق التحليل النفسي، اجتهادًا أدى إلى اكتشافات مضيئة وهامّة حول النفس البشرية، ومعالجة كثير من أمراضها على مستوى الشعور والسلوك (وهو ما لا يمكن إنكار إنجازاته على الصعيد العيادي)، ورغم هذا لا يمكن الادِّعاء أنّها فرضية علمية.
وقد تبيّن من خلال محاولة حل المشكلة، أنّ التعارض الذي تضمنته المشكلة المُعالجَة هو تضاد، ولهذا كان علينا بعد إبطال الأطروحة القائلة أنّ اللّاشعور فرضية علمية، أن نثبت أنّها فرضيّة فلسفيّة، لأنّ المتضادان لا يكذبان معا. وبهذا اتضحت الاجابة أنّ فرضيّة اللّاشعور اجتهادٌ، أقربُ إلى الافتراض الفلسفي منه إلى النظريّة العلميّة المتكاملة.