شمس مشرقة
2007-01-22, 12:17
مازالت الأخلاق بخير حتى خذلها الضمير و تخلى عنها، و تولت قيادتها العادات و المصطلحات، و القواعد و الأنظمة ففسد أمرها و اضطرب حبلها، و استحالت إلى صور و رسوم و أكاذيب و ألاعيب، فرأينا الحاكم الذي يقف بين يدي الله ليؤدي صلاته و أسواط جلاديه تمزق على مرأى منه و مسمع جسم رجل مسكين لا ذنب له عنده إلا أنه يملك صبابة من المال يريد أن يسلبه إياها، و الأمير الذي يتقرب إلى الله ببناء مسجد قد هدم في سبيله ألف بيت من بيوت المسلمين، و الفقيه الذي يتورع عن تدخين غليونه في مجلس القرآن، و لا يتورع عن مخالفة القرآن نفسه من فاتحته إلى خاتمته، و الغني الذي يسمع أنين جاره في جوف الليل من الجوع فلا يرق له و لا يحفل به، فإذا أصبح الصباح ذهب إلى ضريح من أضرحة الأولياء، ووضع في صندوق النذور بدرة من الذهب ( بما يقدر بعشرة آلاف درهم ) قد ينتفع بها من لا حاجة به إليها، إلى كثير من أمثال هذه النقائض التي يزعم أصحابها و يزعم لهم كثيرا من الناس أنهم ذوي الأخلاق الفاضلة و السيرة المستقيمة.
إنما الخلق هو الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما وقع نظره على منظر من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد الشقاء.
و هو القلق الذي يساور قلب الكريم و يحول بين جفنه و الاغتماض كلما ذكر أنه رد سائلا محتاجا، أو أساء إلى ضعيف مسكين.
و الخلق هو أيضا الحمرة التي تلبس وجه الحيي خجلا من الطارق الذي يكون محتاجا و لا يستطيع رده، و أيضا لا يستطيع مد يد المعونة إليه.
هو اللجلجة التي تعتري لسان الشريف حينما تحدثه نفسه بأكذوبة ربما دفعته إليها ضرورة من ضرورات الحياة.
هو الشرر الذي ينبعث من عيني الغيور حينما تمتد يد من الأيدي إلى العبث بعرضه أو بكرامته.
هو الصرخة التي يصرخها الأبي في وجه من يحاول مساومته على خيانة وطنه أو ممالأة الأعداء.
الخلق هو أداء الواجب لذاته، بقطع النظر عما يترتب عليه من النتائج فمن أراد أن يعلم الناس مكارم الأخلاق فليحيي ضمائرهم، و ليبث في نفوسهم الشعور بحب الفضيلة، و النفور من الرذيلة بأية وسيلة شاء، و من أي طريق أراد، فليست الفضيلة طائفة من المحفوظات تحشى بها الأذهان، بل ملكات تصدر عنها آثارها صدور الشعاع عن الكوكب، و الأريج عن الزهر.
تم الموضوع
هذا الموضوع من كتاب النظرات لمصطفى لطفي المنفلوطي
قرأت هذا الموضوع فأعجبني فأحببت أن أشارككم به كي ننتفع به كلنا
إنما الخلق هو الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما وقع نظره على منظر من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد الشقاء.
و هو القلق الذي يساور قلب الكريم و يحول بين جفنه و الاغتماض كلما ذكر أنه رد سائلا محتاجا، أو أساء إلى ضعيف مسكين.
و الخلق هو أيضا الحمرة التي تلبس وجه الحيي خجلا من الطارق الذي يكون محتاجا و لا يستطيع رده، و أيضا لا يستطيع مد يد المعونة إليه.
هو اللجلجة التي تعتري لسان الشريف حينما تحدثه نفسه بأكذوبة ربما دفعته إليها ضرورة من ضرورات الحياة.
هو الشرر الذي ينبعث من عيني الغيور حينما تمتد يد من الأيدي إلى العبث بعرضه أو بكرامته.
هو الصرخة التي يصرخها الأبي في وجه من يحاول مساومته على خيانة وطنه أو ممالأة الأعداء.
الخلق هو أداء الواجب لذاته، بقطع النظر عما يترتب عليه من النتائج فمن أراد أن يعلم الناس مكارم الأخلاق فليحيي ضمائرهم، و ليبث في نفوسهم الشعور بحب الفضيلة، و النفور من الرذيلة بأية وسيلة شاء، و من أي طريق أراد، فليست الفضيلة طائفة من المحفوظات تحشى بها الأذهان، بل ملكات تصدر عنها آثارها صدور الشعاع عن الكوكب، و الأريج عن الزهر.
تم الموضوع
هذا الموضوع من كتاب النظرات لمصطفى لطفي المنفلوطي
قرأت هذا الموضوع فأعجبني فأحببت أن أشارككم به كي ننتفع به كلنا