مومني محمد
2007-09-04, 18:36
تاريخ و أسباب الهجمات الشرسة على رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم ....
--------------------------------------------------------------------------------
إنه تاريخ و أسباب الهجمات الشرسة على رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم ....
جيري فالويل Jerry Falwell : وهو قسيس أنجيلي معروف له برنامج إذاعي وتلفزيوني يصل إلى أكثر من عشرة ملايين أسبوعياً وله جامعة أصولية خاصة تسمى جامعة الحرية Liberty University وهو الذي يروج في موقعه على الإنترنت www.Lalwell.com لكتابه "فلنتقدم إلى معركة هرمجدون" March to Armgeddon وهي معركة نهاية التاريخ كما في معتقدات الأنجيليين . وفي الصفحة الأولى من موقعه على الإنترنت يضع تاريخاً ملفقاً عن النبي عليه الصلاة والسلام; مستمد بكامله من كتابات بعض الرهبان الأوربيين في العصور الوسطى . ويهاجم فالويل النبي ; من خلال بعض وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى .
ومما قاله فالويل مساء يوم الأحد 6 أكتوبر 2002م في برنامج 60 دقيقة مانصه : "أنا اعتقد أن محمداً كان إرهابياً ، لقد قرأت ما يكفي من المسلمين وغير المسلمين أنه رجل عنف ، ورجل حروب ..... في اعتقادي المسيح وضع مثالاً للحب كما فعل موسى ، وأنا اعتقد أن محمداً وضع مثالاً عكسياً" .
2- بات روبرتسون Pat Robertson : وهو قسيّس إنجيلي معروف باهتماماته السياسية وتأييده المعلن لإسرئيل ، ويمتلك عدداً من المؤسسات الإعلامية من بينها نادي ال 700 (700 Club) وهو برنامج تلفزيوني يصل إلى عشرات الملايين في الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى محطة فضائية تصل إلى 90 دولة في العالم بأكثر من 500 لغة مختلفة وهي محطة (البث النصراني ChristianBroadcasting) ومنها إذاعة الشرق الأوسط المتخصصة في التنصير في منطقة العالم العربي .
كما سعى بات روبرتسون إلى الترشيح لمنصب الرئيس الأمريكي في عام 1988م ، ويقف خلف أقوى تحالف سياسي ديني في الحزب الجمهوري وهو (التحالف النصراني) (Christias Coalition) وموقعه الإلكتروني هو www.patrobertson ويملك أيضاً جامعة أصولية هي جامعة ريجنت Reqent University وفي هجومه على النبي عليه الصلاة والسلاممن خلال برنامج هانتي وكولمز Hannity and Colmess في قناة فوكس الإخبارية Fox Newss قال ما يلي: "كل ما عليك هو أن تقرأ ما كتبه محمد في القرآن ، إنه كان يدعو قومه إلى قتل المشركين... إنه رجل متعصب إلى أقصى حد ..إنه كان لصاً وقاطع طريق .. « إن ما يدعو إليه هذا الرجل [محمد] في رأيي الشخصي ليس إلا خديعة وحيلة ضخمة" "إن 80% من القرآن من النصوص النصرانية واليهودية . ولقد ذكر موسى أكثر من 500 مرة في القرآن . أنا أقول إن هذا القرآن ماهو إلا سرقة من المعتقدات اليهودية .. ثم استدار محمد بعد ذلك ليقتل اليهود والنصارى في المدينة . أنا أقصد .. أن هذا الرجل [محمد] كان قاتلاً [سافك للدماء] " وسنثبت بعد قليل أن هذا القسيّس بات روبرتسون هو اللص والسارق عندما نورد أقوال الرهبان المتعصبين في العصور الوسطى ليتبين للقارئ الكريم مدى تطابق أقوال هذا المأفون مع أقوال عصر الظلمات في أوربا في العصور الوسطى ونقله لأقوالهم وأفكارهم .
3- فرانكلين جراهام Franklin Graham : وهو أبن القسيس الأمريكي بيلي جراهام .
وقد عمل والده قسيساً خاصاً للرؤساء الأمريكيين منذ عهد ريتشارد نيكسون ، وحتى الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون . ويتولى ابنه فرانكلين جراهام الآن نفس المهمة بعد تقاعد الأب ، وقام بعمل الطقوس الدينية لتنصيب الرئيس الأمريكي الحالي جورج دبليوبوش . ويتولى جميع مسئوليات الكنيسة التي أنشأها أبوه والتي تعد من أكبر الكنائس الأمريكية عدداً وتأثيراً ، وقامت خلال السنوات الماضية بأكثر من 450 حملة تنصير في جميع أنحاء العالم . وموقعه على الانترنت هو www.samaritan.org. وقد أدلى فرانكلين جراهام بتصريحات إعلامية قال فيها إن الإرهاب جزء من التيار العام للإسلام ، وأن القرآن ( يحض على العنف ) وكرر جراهام خلال برنامج ( هاينتي وكولمز ) المذاع على قناة فوكس نيوز الأمريكية في الخامس من أغسطس 2002م رفضه الاعتذار عن تصريحات أدلى بها بعد حوادث سبتمبر 2001م وصف فيها الإسلام بأنه دين ( شرير ) وفي كتاب جديد لفرانكلين جراهام يسمى (الاسم) The name ، يحتوي علىنصوص تتسم بالسفه والحطة بهدف الإساءة إلى الإسلام ومنها ما يلي : في الصفحة رقم 71 يقول : " الإسلام .. أسّسَ بواسطة فرد بشري مقاتل يسمى محمد ، وفي تعاليمه ترى تكتيك ( نشر الإسلام من خلال التوسع العسكري ) ، ومن خلال العنف إذا كان ضرورياً ، من الواضح أن هدف الإسلام النهائي هو السيطرة على العالم " ويقول في الصحفة 72 من كتابه إن " القرآن يحتوي على قصص أُخذت وحُرّفت عن العهدين القديم والجديد .. لم يكن للقرآن التأثير الواسع علىالثقافتين الغربية والمتحضرة الذي كان للأنجيل . الاختلاف رقم واحد بين الإسلام والمسيحية أن إله الإسلام ليس إله الديانة المسيحية " .
4- جيري فاينز Jerry Vines : وهو راعي كنيسة في جاكسون فيل في فلوريدا ، يصلعددأتباعها إلى 25 ألف شخص ،وهو من أبرز المتحدثين الأمريكيين في المؤتمر السنوي للكنائس المعمدانية الجنوبية ، وهو أكبر مؤتمر ديني يعقد كل عام. وقام الرئيس الحالي والرئيس السابق بمدح هذا القسيس واعتباره من المتحدثين بصدق عن دينهم وموقعه على الانترنت [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] .وقد أدلى جيري فاينز بتصريحات تتصف بالقذارة والسفه مليئة بالكراهية والحقد على الإسلام خلال الاجتماع السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية ، والذي عُقد مؤخراً في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية .
وخلال الاجتماع أفترى جيري فاينز على الرسول عليه الصلاة والسلام واتهمه زوراً و بهتاناً بأنه " شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان ، وتزوج من 12 زوجه آخرهن طفلة عمرها تسع سنوات " وأضاف فاينز أن " الله [ الذي يؤمن به المسلمون ] ليس الرب الذي يؤمن به المسيحيون " .
هذه الصور الملفقة المشوهة هي عقيدة دينية غربية موروثة ضمن عقائد المجتمع الغربي النصراني ، أصبحت راسخة في العقل الجمعي الغربي منذ نهاية القرن الثامن الهجري . وكانت هي المصدر الرئيس للمستشرقين والمنصرين المتعصبين في العصور الحديثة وهي التي نراها الآن ونسمع بها .
ويمكن أن نوجز مصادر تلك العقيدة الموروثة في أربعة مصادر رئيسية هي :-
1- ما كتبه النصارى الشرقيون وأشهرهم : يوحنا الدمشقي وتلميذه أبو قره ويوحنا النقيوسي ، ويحى بن عدي ، ومؤلف مجهول لمقالة تسمى الدفاع السرياني .
2- ما كتبه الكتّاب البيزنطيون ( الروم ) وعلى رأسهم : ثيوفانس المعترف ، ونيقتاس البيزنطي ، وجرمانوس .
3- المصادر الأسبانية : وعلى رأسهم المقالة الأسبانية عن محمد عليه الصلاة والسلاموماكتبه ايزدور الأشبيلي ، وأولوخيو ، وبول الفارو ، وغيرهم .
4- ما كتبه ولفقه واخترعه الكتاب الغربيون حتى نهاية القرن الثامن الهجري .
ويأتي على رأس تلك الكتابات : المشروع الكلوني . وهو أول وأكبر مشروع استشراقي هدف بالدرجة الأولى إلى تفنيذ الإسلام . وكتاب لمؤلف مجهول يسمى : الدحض الرباعي ، وكتاب آخر لمؤلف مجهول يسمى (المتناقضات) وما كتبه كل من : بدرودي الفونسو ، وسان بدرو باسكوال ، وريكولدو دي مونت كروس ، ورامون مارتي ، وريموندلول ، ووليم الطرابلسي ، ووليم الصوري ، ووليم آدم ، وجاكيوس دي فتري ، وهامبرت الروماني ، وفيد ينزو أوف بافيا ، وغيرهم كثير .
ولا مجال هنا لعرض كل ما كتبته تلك المصادر الأربعة الرئيسة عن الإسلام ، فالمادة العلمية التي جمعناها عن كل مصدر تغطي مجلداً كاملاً . وسوف نعرض مجرد نماذج مختصرة لبعض تلك الكتابات حتى نرى كيف تشكلت وتكونت تلك العقيدة الغربية الموروثة عن الإسلام ونبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام .
من النصارى الشرقيين يوحنا الدمشقي ( 55 - 131ه / 675 - 749 م ) وهو من نصارى الشام ، وُلدَ وعاش في العصر الأموي ، وتضلع في اللاهوت ، وكتب كتباً كثيرة ، ومن ضمنها كتاب كتبه باليونانية بعنوان الهرطقات . وأفرد فيه فصلاً عن الإسلام أطلق عليه اسم ( هرطقة الأسماعيليين ) ويقصد بالإسماعيلين العرب من أبناء اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام . وهذا الفصل شديد الطعن ، اتهم فيه يوحنا العرب بالهرطقه والضلال والخرافة ، واعتبرهم فرقة نصرانية متهرطقة ، وزعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام كان رسولاً زائفاً ادَّعى النبوة زمن الامبراطور هرقل ، بعد أن قرأ العهد القديم والعهد الجديد وتعلّم من راهب أريوسي فتظاهر بالتقوى حتى استمال العرب إليه وأخبرهم أنه تلقى كتاباً من السماء ، وقدّم فيه تلك الشرائع المضحكة على حد قوله التي تسمى بالإسلام . ومن التلفيقات التي وضعها يوحنا في فصله هذا لتشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام زعمه الكاذب أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل إلى بيت زينب بنت جحش في غياب زوجها فافتتن بها وخرج وهو يقول سبحان مقلب القلوب.... إلى آخر القصة التي تسربت إلى بعض كتب التفسير ، وأدرك ابن كثير زيفها فأعرض عن ذكرها في تفسيره وأشار إلى أنها ملفقةً لا تصح .
وكان هدف يوحنا الدمشقي من ذلك التشويه تحصين النصارى من أهل الذمة والحيلولة بينهم في بلاد الشام وبين اعتناق الإسلام حين رأى تسامح المسلمين مع أهل الذمة، ودخول كثير من النصارى في الإسلام فلم يجد وسيلة لتثبيت النصارى على دينهم سوى اتهام الإسلام بالهرطقة وتشويه سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، لتكون صورته في نظر النصارى صورة كريهة حتى لا يقبلوا على اعتناق الإسلام . وقد انتشر هذا الكتاب في بلاد الدولة البيزنطية ( دولة الروم ) واستخدمه الكتّاب البيزنطيون في هجماتهم الفكرية على الإسلام ثم تُرجم إلى اللاتينية وأسهم في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين طوال العصور الوسطى وحتى العصر الحاضر .
ومن الكُتّاب البيزنطيين نيقتاس البيزنطي الذي عاش في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي . وكتب كتاباً زعم أنه دحضٌ للقرآن الكريم ، ذلك أن الامبراطور البيزنطي ميخائيل الثالث ( 227 254 / 842 867 ) تلقى مقالتين من بعض العلماء المسلمين تفندان مزاعم النصارى بأن لله جل وعلا ابن يشاركه في أسمائه وصفاته ، وبطلان مقولة الأقانيم الثلاثة . فكلَّفَ الامبراطور نيقتاس بالرد عليهما فقام نيقتاس بتأليف رده الذي وصفه بأنه ( دحض لكتاب محمد المزوَّر ) . ولم يكن نيقتاس متضلعاً في اللغة العربية ، فقام حسب زعمه بالإطلاع على القرآن ، وقام باستعراض سوره من سورة البقرة إلى سورة الكهف ، وكل سورة يسميها الأسطورة المحمدية رقم كذا مثلما هو رقمها في القرآن ثم يذكر اسمها . وأصدر حكمه الباطل بأن القرآن يصوّر الله جل وعلا على شكل كروي كامل ، أو على شكل مطرقة معدنية مطروقة في السماء . ويبدو أن نيقتاس اقتبس هذا الزعم من المقالة الأسبانية التي سأشير إليها بعد قليل . ثم أخذ يسخر من المسلمين على مناصرتهم لهذا التصور المادي بزعمه ، وقال بأن محمداًعليه الصلاة والسلام قاد المسلمين ليعبدوا في مكة وثناً مصنوعاً على غرار أفروديت معبودة الحب والجمال عند الأغريق وأنه جعل الشيطان رباً للخلق ،وظل يؤكد على أن دين محمد عليه الصلاة والسلام دين وثني وأن اتباعه مجرد جماعة من الوثنيين. وكان في كل سورة يتحدث عنها يوجه السب والشتم إلى النبي عليه الصلاة والسلام زاعماً أنه هو الذي وضع القرآن وشحنه بالأساطير ، وأنه أمر اتباعه بقتل من يجعل شريكاً في جانب الله، ولذلك وقع معظم ذلك القتل على النصارى الذين يعبدون المسيح ابن الله بزعمه وأخذ نيقتاس يحاول تفنيد بعض نصوص القرآن وقصصه عن طريق مقارنتها بنصوص العهدين القديم والجديد. ويبدو في هذا متأثراً برأي يوحنا الدمشقي ، فزعم على سبيل المثال أن إبراهيم الخليل عليه السلام لم يصل إلى مكة ولم يبن الكعبة ، لأن سفر التكوين لم يذكر ذلك . كما حاول نيقتاس أن يستدل على عقيدة الثالوث ببعض آيات القرآن بتأويلها حسب عقيدته . واختتم حديثه بالتأكيد على أن الذي يعبده محمدعليه الصلاة والسلام ويدعو إلى عبادته إنما هو الشيطان نفسه . والحق أن كل أراء نيقتاس لا تتعدى هذا الهذيان وقد أوردناها لنرى الأثر الذي أسهمت به في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين خلال العصور الوسطى وإلى الآن .
وقد كان لبعض أراء نيقتاس الزائفة أثرها في الدولة البيزنطية حتى أن أحد رجال الدين ألف رسالة في زمن الامبراطور مانويل كومنين ( 549585ه/ 11431180م ) يشجب فيها الدين الإسلامي وفيها يلعن مصنفها (الرب الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام) وقدَّم تلك الرسالة للإمبراطور الذي أراد شطب هذه العبارة المقيته محتجاً بأن الرب الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو الأب الذي يعبده النصارى فأصَّر رجال الدين على أن الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو إله غير إله المسيحيين . وهذا يوضح إلى أي مدى بقيت هذه العقيدة الزائفة حية حتى اعتنقها وقال بها فرانكلين جراهام وجيري فاينز كما ذكرنا آنفاً .
ومنذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري / النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي أصبح في مقدور رجال الدين في الغرب الأوروبي الإطلاع على تلك الصور المشوهة حين ترجم أمين مكتبة البلاط البابوي أنستاسيوس بعض تلك الكتابات ، الشرقية والبيزنطية إلى اللاتينية وأدمجها في حولياته التاريخية .
وفي أواخر القرن الثاني الهجري / أواخر القرن الثامن وأوائل التاسع الميلادي ظهرت مقالة في أسبانيا في أحد الأديرة الشمالية ، وهي عبارة عن نص هجومي بذئ على النبي عليه الصلاة والسلام عُرفت باسم المقالة الأسبانية عن محمد عليه الصلاة والسلام ولا يُعرف كاتبها ، ويرجح ناشرها دياز أنها من عمل أحد النصارى المستعربين . وهذه المقالة تصِّور النبيعليه الصلاة والسلام بصورة مجافية للذوق ومعاكسة لصفاته ، فتزعم زوراً وبهتاناً أنه كان كاذباً مبتدعاً شهوانياً ، وأنه دعا عربه المتوحشين إلى أن يتخلوا عن الوثنية ، وأن يعبدوا إلها مادياً في السماء على شكل كرة مادية ، وتزعم هذه المقالة الزائفة أن إبليس ظهر لمحمد عليه الصلاة والسلام مدعياً أنه الملك جبريل ،وأخبره أن الرب أرسله ليبشر العرب بما كان قد سمعه في مدارس المسيحيين ويدعوهم إلى عبادة ذلك الإله المادي في السماء وهجر عبادة الأوثان . وتزعم المقالة البذيئة أن محمداً عليه الصلاة والسلام عندما مات تعفنت جثته فقامت الكلاب والخنازير بالتهام الجثة العفنة .
وقد نجم عن هذه المقالة المنحطة أن تشبع بها بعض الرهبان فظهرت حركة في قرطبة في منتصف القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي ، يقوم أفرادها بسب النبي عليه الصلاة والسلامعلناً فيؤخذ أفرادها إلى القاضي فيكررون السب والشتم للنبيعليه الصلاة والسلام، الأمر الذي أدى إلى إصدار حكم الإعدام على عدد منهم ، تذكر المصادر الأسبانية أن عددهم يبلغ زهاء 50 شخصاً ، وسمَّت تلك المصادر تلك الحركة بحركة الاستشهاد في قرطبة وبدأت تلك الحركة براهب يُدعى بيرفكتوس الذي ذهب إلى السوق فسأله بعض عامة المسلمين عن رأي النصارى في المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام فرد قائلاً بألوهية المسيح ووصف محمداً عليه الصلاة والسلام بتلك الصفات الواردة في المقالة الأسبانية ، فقبضوا عليه وأخذوه إلى القاضي فأصر على موقفه فصدر الحكم بقتله . وقد سار على منواله عدد من الرهبان ، منهم بول الفارو،وأولوخيو أسقف طليطلة الأسمي . وأولوخيو كتب رواية عن هذه الحركة وسبّ النبيعليه الصلاة والسلام فحُكمَ عليه بالأعدام سنة 245ه / 859 م . وبول الفارو هو الذي كتب سيرة أولوخيو بعد مقتله . والاثنان اعتقدا بأن ظهور الإسلام وانتشاره إنما هو الإعداد النهائي لظهور المسيح الدجال ، أو هو الدجال نفسه . ومما أورده أولوخيو في روايته لتلك الحركة أن ثلاثة من الرهبان الأسبان هم جورجيوس، وأورليوس ، وناثاليا كتبا نصاً عن الأم المسيح . وقد احتوى النص على هجوم متعصب حاقد على الإسلام ونبي الإسلامعليه الصلاة والسلام فوصف الإسلام بأنه " العقيدة الضالة ، وخدعة الشيطان الماكرة وأن الإسماعيليين [أي العرب أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام] يُجِّلون نبيّاً كاذباً ، صدَّقوا أنه من خلاله يكون طريق الخلاص ، وأن نبي المسلمين إنما هو بزعمهم غادر بطبعه ومؤمن بأبليس ، وهو وكيل المسيح الدجال ، والمستنقع لكل الرذائل ، والذي سوف يُلقى به في جهنم ، ومن خلال تعاليمه العقيمة كتب على أتباعه عذاب النار السرمدي ، وأن الذي تراءى له في هيئة ملاك إنما هو الشيطان " . ولا شك أن هذه الحركة الحاقدة المتعصبة في قرطبة وما صاحبها من كتابات الرهبان المقيتة قد أسهمت بدور كبير في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين في أوروبا طوال العصور الوسطى وإلى اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية .
--------------------------------------------------------------------------------
إنه تاريخ و أسباب الهجمات الشرسة على رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم ....
جيري فالويل Jerry Falwell : وهو قسيس أنجيلي معروف له برنامج إذاعي وتلفزيوني يصل إلى أكثر من عشرة ملايين أسبوعياً وله جامعة أصولية خاصة تسمى جامعة الحرية Liberty University وهو الذي يروج في موقعه على الإنترنت www.Lalwell.com لكتابه "فلنتقدم إلى معركة هرمجدون" March to Armgeddon وهي معركة نهاية التاريخ كما في معتقدات الأنجيليين . وفي الصفحة الأولى من موقعه على الإنترنت يضع تاريخاً ملفقاً عن النبي عليه الصلاة والسلام; مستمد بكامله من كتابات بعض الرهبان الأوربيين في العصور الوسطى . ويهاجم فالويل النبي ; من خلال بعض وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى .
ومما قاله فالويل مساء يوم الأحد 6 أكتوبر 2002م في برنامج 60 دقيقة مانصه : "أنا اعتقد أن محمداً كان إرهابياً ، لقد قرأت ما يكفي من المسلمين وغير المسلمين أنه رجل عنف ، ورجل حروب ..... في اعتقادي المسيح وضع مثالاً للحب كما فعل موسى ، وأنا اعتقد أن محمداً وضع مثالاً عكسياً" .
2- بات روبرتسون Pat Robertson : وهو قسيّس إنجيلي معروف باهتماماته السياسية وتأييده المعلن لإسرئيل ، ويمتلك عدداً من المؤسسات الإعلامية من بينها نادي ال 700 (700 Club) وهو برنامج تلفزيوني يصل إلى عشرات الملايين في الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى محطة فضائية تصل إلى 90 دولة في العالم بأكثر من 500 لغة مختلفة وهي محطة (البث النصراني ChristianBroadcasting) ومنها إذاعة الشرق الأوسط المتخصصة في التنصير في منطقة العالم العربي .
كما سعى بات روبرتسون إلى الترشيح لمنصب الرئيس الأمريكي في عام 1988م ، ويقف خلف أقوى تحالف سياسي ديني في الحزب الجمهوري وهو (التحالف النصراني) (Christias Coalition) وموقعه الإلكتروني هو www.patrobertson ويملك أيضاً جامعة أصولية هي جامعة ريجنت Reqent University وفي هجومه على النبي عليه الصلاة والسلاممن خلال برنامج هانتي وكولمز Hannity and Colmess في قناة فوكس الإخبارية Fox Newss قال ما يلي: "كل ما عليك هو أن تقرأ ما كتبه محمد في القرآن ، إنه كان يدعو قومه إلى قتل المشركين... إنه رجل متعصب إلى أقصى حد ..إنه كان لصاً وقاطع طريق .. « إن ما يدعو إليه هذا الرجل [محمد] في رأيي الشخصي ليس إلا خديعة وحيلة ضخمة" "إن 80% من القرآن من النصوص النصرانية واليهودية . ولقد ذكر موسى أكثر من 500 مرة في القرآن . أنا أقول إن هذا القرآن ماهو إلا سرقة من المعتقدات اليهودية .. ثم استدار محمد بعد ذلك ليقتل اليهود والنصارى في المدينة . أنا أقصد .. أن هذا الرجل [محمد] كان قاتلاً [سافك للدماء] " وسنثبت بعد قليل أن هذا القسيّس بات روبرتسون هو اللص والسارق عندما نورد أقوال الرهبان المتعصبين في العصور الوسطى ليتبين للقارئ الكريم مدى تطابق أقوال هذا المأفون مع أقوال عصر الظلمات في أوربا في العصور الوسطى ونقله لأقوالهم وأفكارهم .
3- فرانكلين جراهام Franklin Graham : وهو أبن القسيس الأمريكي بيلي جراهام .
وقد عمل والده قسيساً خاصاً للرؤساء الأمريكيين منذ عهد ريتشارد نيكسون ، وحتى الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون . ويتولى ابنه فرانكلين جراهام الآن نفس المهمة بعد تقاعد الأب ، وقام بعمل الطقوس الدينية لتنصيب الرئيس الأمريكي الحالي جورج دبليوبوش . ويتولى جميع مسئوليات الكنيسة التي أنشأها أبوه والتي تعد من أكبر الكنائس الأمريكية عدداً وتأثيراً ، وقامت خلال السنوات الماضية بأكثر من 450 حملة تنصير في جميع أنحاء العالم . وموقعه على الانترنت هو www.samaritan.org. وقد أدلى فرانكلين جراهام بتصريحات إعلامية قال فيها إن الإرهاب جزء من التيار العام للإسلام ، وأن القرآن ( يحض على العنف ) وكرر جراهام خلال برنامج ( هاينتي وكولمز ) المذاع على قناة فوكس نيوز الأمريكية في الخامس من أغسطس 2002م رفضه الاعتذار عن تصريحات أدلى بها بعد حوادث سبتمبر 2001م وصف فيها الإسلام بأنه دين ( شرير ) وفي كتاب جديد لفرانكلين جراهام يسمى (الاسم) The name ، يحتوي علىنصوص تتسم بالسفه والحطة بهدف الإساءة إلى الإسلام ومنها ما يلي : في الصفحة رقم 71 يقول : " الإسلام .. أسّسَ بواسطة فرد بشري مقاتل يسمى محمد ، وفي تعاليمه ترى تكتيك ( نشر الإسلام من خلال التوسع العسكري ) ، ومن خلال العنف إذا كان ضرورياً ، من الواضح أن هدف الإسلام النهائي هو السيطرة على العالم " ويقول في الصحفة 72 من كتابه إن " القرآن يحتوي على قصص أُخذت وحُرّفت عن العهدين القديم والجديد .. لم يكن للقرآن التأثير الواسع علىالثقافتين الغربية والمتحضرة الذي كان للأنجيل . الاختلاف رقم واحد بين الإسلام والمسيحية أن إله الإسلام ليس إله الديانة المسيحية " .
4- جيري فاينز Jerry Vines : وهو راعي كنيسة في جاكسون فيل في فلوريدا ، يصلعددأتباعها إلى 25 ألف شخص ،وهو من أبرز المتحدثين الأمريكيين في المؤتمر السنوي للكنائس المعمدانية الجنوبية ، وهو أكبر مؤتمر ديني يعقد كل عام. وقام الرئيس الحالي والرئيس السابق بمدح هذا القسيس واعتباره من المتحدثين بصدق عن دينهم وموقعه على الانترنت [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل] .وقد أدلى جيري فاينز بتصريحات تتصف بالقذارة والسفه مليئة بالكراهية والحقد على الإسلام خلال الاجتماع السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية ، والذي عُقد مؤخراً في مدينة سانت لويس بولاية ميسوري الأمريكية .
وخلال الاجتماع أفترى جيري فاينز على الرسول عليه الصلاة والسلام واتهمه زوراً و بهتاناً بأنه " شاذ يميل للأطفال ويتملكه الشيطان ، وتزوج من 12 زوجه آخرهن طفلة عمرها تسع سنوات " وأضاف فاينز أن " الله [ الذي يؤمن به المسلمون ] ليس الرب الذي يؤمن به المسيحيون " .
هذه الصور الملفقة المشوهة هي عقيدة دينية غربية موروثة ضمن عقائد المجتمع الغربي النصراني ، أصبحت راسخة في العقل الجمعي الغربي منذ نهاية القرن الثامن الهجري . وكانت هي المصدر الرئيس للمستشرقين والمنصرين المتعصبين في العصور الحديثة وهي التي نراها الآن ونسمع بها .
ويمكن أن نوجز مصادر تلك العقيدة الموروثة في أربعة مصادر رئيسية هي :-
1- ما كتبه النصارى الشرقيون وأشهرهم : يوحنا الدمشقي وتلميذه أبو قره ويوحنا النقيوسي ، ويحى بن عدي ، ومؤلف مجهول لمقالة تسمى الدفاع السرياني .
2- ما كتبه الكتّاب البيزنطيون ( الروم ) وعلى رأسهم : ثيوفانس المعترف ، ونيقتاس البيزنطي ، وجرمانوس .
3- المصادر الأسبانية : وعلى رأسهم المقالة الأسبانية عن محمد عليه الصلاة والسلاموماكتبه ايزدور الأشبيلي ، وأولوخيو ، وبول الفارو ، وغيرهم .
4- ما كتبه ولفقه واخترعه الكتاب الغربيون حتى نهاية القرن الثامن الهجري .
ويأتي على رأس تلك الكتابات : المشروع الكلوني . وهو أول وأكبر مشروع استشراقي هدف بالدرجة الأولى إلى تفنيذ الإسلام . وكتاب لمؤلف مجهول يسمى : الدحض الرباعي ، وكتاب آخر لمؤلف مجهول يسمى (المتناقضات) وما كتبه كل من : بدرودي الفونسو ، وسان بدرو باسكوال ، وريكولدو دي مونت كروس ، ورامون مارتي ، وريموندلول ، ووليم الطرابلسي ، ووليم الصوري ، ووليم آدم ، وجاكيوس دي فتري ، وهامبرت الروماني ، وفيد ينزو أوف بافيا ، وغيرهم كثير .
ولا مجال هنا لعرض كل ما كتبته تلك المصادر الأربعة الرئيسة عن الإسلام ، فالمادة العلمية التي جمعناها عن كل مصدر تغطي مجلداً كاملاً . وسوف نعرض مجرد نماذج مختصرة لبعض تلك الكتابات حتى نرى كيف تشكلت وتكونت تلك العقيدة الغربية الموروثة عن الإسلام ونبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام .
من النصارى الشرقيين يوحنا الدمشقي ( 55 - 131ه / 675 - 749 م ) وهو من نصارى الشام ، وُلدَ وعاش في العصر الأموي ، وتضلع في اللاهوت ، وكتب كتباً كثيرة ، ومن ضمنها كتاب كتبه باليونانية بعنوان الهرطقات . وأفرد فيه فصلاً عن الإسلام أطلق عليه اسم ( هرطقة الأسماعيليين ) ويقصد بالإسماعيلين العرب من أبناء اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام . وهذا الفصل شديد الطعن ، اتهم فيه يوحنا العرب بالهرطقه والضلال والخرافة ، واعتبرهم فرقة نصرانية متهرطقة ، وزعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام كان رسولاً زائفاً ادَّعى النبوة زمن الامبراطور هرقل ، بعد أن قرأ العهد القديم والعهد الجديد وتعلّم من راهب أريوسي فتظاهر بالتقوى حتى استمال العرب إليه وأخبرهم أنه تلقى كتاباً من السماء ، وقدّم فيه تلك الشرائع المضحكة على حد قوله التي تسمى بالإسلام . ومن التلفيقات التي وضعها يوحنا في فصله هذا لتشويه صورة النبي عليه الصلاة والسلام زعمه الكاذب أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل إلى بيت زينب بنت جحش في غياب زوجها فافتتن بها وخرج وهو يقول سبحان مقلب القلوب.... إلى آخر القصة التي تسربت إلى بعض كتب التفسير ، وأدرك ابن كثير زيفها فأعرض عن ذكرها في تفسيره وأشار إلى أنها ملفقةً لا تصح .
وكان هدف يوحنا الدمشقي من ذلك التشويه تحصين النصارى من أهل الذمة والحيلولة بينهم في بلاد الشام وبين اعتناق الإسلام حين رأى تسامح المسلمين مع أهل الذمة، ودخول كثير من النصارى في الإسلام فلم يجد وسيلة لتثبيت النصارى على دينهم سوى اتهام الإسلام بالهرطقة وتشويه سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، لتكون صورته في نظر النصارى صورة كريهة حتى لا يقبلوا على اعتناق الإسلام . وقد انتشر هذا الكتاب في بلاد الدولة البيزنطية ( دولة الروم ) واستخدمه الكتّاب البيزنطيون في هجماتهم الفكرية على الإسلام ثم تُرجم إلى اللاتينية وأسهم في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين طوال العصور الوسطى وحتى العصر الحاضر .
ومن الكُتّاب البيزنطيين نيقتاس البيزنطي الذي عاش في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي . وكتب كتاباً زعم أنه دحضٌ للقرآن الكريم ، ذلك أن الامبراطور البيزنطي ميخائيل الثالث ( 227 254 / 842 867 ) تلقى مقالتين من بعض العلماء المسلمين تفندان مزاعم النصارى بأن لله جل وعلا ابن يشاركه في أسمائه وصفاته ، وبطلان مقولة الأقانيم الثلاثة . فكلَّفَ الامبراطور نيقتاس بالرد عليهما فقام نيقتاس بتأليف رده الذي وصفه بأنه ( دحض لكتاب محمد المزوَّر ) . ولم يكن نيقتاس متضلعاً في اللغة العربية ، فقام حسب زعمه بالإطلاع على القرآن ، وقام باستعراض سوره من سورة البقرة إلى سورة الكهف ، وكل سورة يسميها الأسطورة المحمدية رقم كذا مثلما هو رقمها في القرآن ثم يذكر اسمها . وأصدر حكمه الباطل بأن القرآن يصوّر الله جل وعلا على شكل كروي كامل ، أو على شكل مطرقة معدنية مطروقة في السماء . ويبدو أن نيقتاس اقتبس هذا الزعم من المقالة الأسبانية التي سأشير إليها بعد قليل . ثم أخذ يسخر من المسلمين على مناصرتهم لهذا التصور المادي بزعمه ، وقال بأن محمداًعليه الصلاة والسلام قاد المسلمين ليعبدوا في مكة وثناً مصنوعاً على غرار أفروديت معبودة الحب والجمال عند الأغريق وأنه جعل الشيطان رباً للخلق ،وظل يؤكد على أن دين محمد عليه الصلاة والسلام دين وثني وأن اتباعه مجرد جماعة من الوثنيين. وكان في كل سورة يتحدث عنها يوجه السب والشتم إلى النبي عليه الصلاة والسلام زاعماً أنه هو الذي وضع القرآن وشحنه بالأساطير ، وأنه أمر اتباعه بقتل من يجعل شريكاً في جانب الله، ولذلك وقع معظم ذلك القتل على النصارى الذين يعبدون المسيح ابن الله بزعمه وأخذ نيقتاس يحاول تفنيد بعض نصوص القرآن وقصصه عن طريق مقارنتها بنصوص العهدين القديم والجديد. ويبدو في هذا متأثراً برأي يوحنا الدمشقي ، فزعم على سبيل المثال أن إبراهيم الخليل عليه السلام لم يصل إلى مكة ولم يبن الكعبة ، لأن سفر التكوين لم يذكر ذلك . كما حاول نيقتاس أن يستدل على عقيدة الثالوث ببعض آيات القرآن بتأويلها حسب عقيدته . واختتم حديثه بالتأكيد على أن الذي يعبده محمدعليه الصلاة والسلام ويدعو إلى عبادته إنما هو الشيطان نفسه . والحق أن كل أراء نيقتاس لا تتعدى هذا الهذيان وقد أوردناها لنرى الأثر الذي أسهمت به في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين خلال العصور الوسطى وإلى الآن .
وقد كان لبعض أراء نيقتاس الزائفة أثرها في الدولة البيزنطية حتى أن أحد رجال الدين ألف رسالة في زمن الامبراطور مانويل كومنين ( 549585ه/ 11431180م ) يشجب فيها الدين الإسلامي وفيها يلعن مصنفها (الرب الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام) وقدَّم تلك الرسالة للإمبراطور الذي أراد شطب هذه العبارة المقيته محتجاً بأن الرب الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو الأب الذي يعبده النصارى فأصَّر رجال الدين على أن الذي يعبده محمد عليه الصلاة والسلام إنما هو إله غير إله المسيحيين . وهذا يوضح إلى أي مدى بقيت هذه العقيدة الزائفة حية حتى اعتنقها وقال بها فرانكلين جراهام وجيري فاينز كما ذكرنا آنفاً .
ومنذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجري / النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي أصبح في مقدور رجال الدين في الغرب الأوروبي الإطلاع على تلك الصور المشوهة حين ترجم أمين مكتبة البلاط البابوي أنستاسيوس بعض تلك الكتابات ، الشرقية والبيزنطية إلى اللاتينية وأدمجها في حولياته التاريخية .
وفي أواخر القرن الثاني الهجري / أواخر القرن الثامن وأوائل التاسع الميلادي ظهرت مقالة في أسبانيا في أحد الأديرة الشمالية ، وهي عبارة عن نص هجومي بذئ على النبي عليه الصلاة والسلام عُرفت باسم المقالة الأسبانية عن محمد عليه الصلاة والسلام ولا يُعرف كاتبها ، ويرجح ناشرها دياز أنها من عمل أحد النصارى المستعربين . وهذه المقالة تصِّور النبيعليه الصلاة والسلام بصورة مجافية للذوق ومعاكسة لصفاته ، فتزعم زوراً وبهتاناً أنه كان كاذباً مبتدعاً شهوانياً ، وأنه دعا عربه المتوحشين إلى أن يتخلوا عن الوثنية ، وأن يعبدوا إلها مادياً في السماء على شكل كرة مادية ، وتزعم هذه المقالة الزائفة أن إبليس ظهر لمحمد عليه الصلاة والسلام مدعياً أنه الملك جبريل ،وأخبره أن الرب أرسله ليبشر العرب بما كان قد سمعه في مدارس المسيحيين ويدعوهم إلى عبادة ذلك الإله المادي في السماء وهجر عبادة الأوثان . وتزعم المقالة البذيئة أن محمداً عليه الصلاة والسلام عندما مات تعفنت جثته فقامت الكلاب والخنازير بالتهام الجثة العفنة .
وقد نجم عن هذه المقالة المنحطة أن تشبع بها بعض الرهبان فظهرت حركة في قرطبة في منتصف القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي ، يقوم أفرادها بسب النبي عليه الصلاة والسلامعلناً فيؤخذ أفرادها إلى القاضي فيكررون السب والشتم للنبيعليه الصلاة والسلام، الأمر الذي أدى إلى إصدار حكم الإعدام على عدد منهم ، تذكر المصادر الأسبانية أن عددهم يبلغ زهاء 50 شخصاً ، وسمَّت تلك المصادر تلك الحركة بحركة الاستشهاد في قرطبة وبدأت تلك الحركة براهب يُدعى بيرفكتوس الذي ذهب إلى السوق فسأله بعض عامة المسلمين عن رأي النصارى في المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام فرد قائلاً بألوهية المسيح ووصف محمداً عليه الصلاة والسلام بتلك الصفات الواردة في المقالة الأسبانية ، فقبضوا عليه وأخذوه إلى القاضي فأصر على موقفه فصدر الحكم بقتله . وقد سار على منواله عدد من الرهبان ، منهم بول الفارو،وأولوخيو أسقف طليطلة الأسمي . وأولوخيو كتب رواية عن هذه الحركة وسبّ النبيعليه الصلاة والسلام فحُكمَ عليه بالأعدام سنة 245ه / 859 م . وبول الفارو هو الذي كتب سيرة أولوخيو بعد مقتله . والاثنان اعتقدا بأن ظهور الإسلام وانتشاره إنما هو الإعداد النهائي لظهور المسيح الدجال ، أو هو الدجال نفسه . ومما أورده أولوخيو في روايته لتلك الحركة أن ثلاثة من الرهبان الأسبان هم جورجيوس، وأورليوس ، وناثاليا كتبا نصاً عن الأم المسيح . وقد احتوى النص على هجوم متعصب حاقد على الإسلام ونبي الإسلامعليه الصلاة والسلام فوصف الإسلام بأنه " العقيدة الضالة ، وخدعة الشيطان الماكرة وأن الإسماعيليين [أي العرب أبناء إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام] يُجِّلون نبيّاً كاذباً ، صدَّقوا أنه من خلاله يكون طريق الخلاص ، وأن نبي المسلمين إنما هو بزعمهم غادر بطبعه ومؤمن بأبليس ، وهو وكيل المسيح الدجال ، والمستنقع لكل الرذائل ، والذي سوف يُلقى به في جهنم ، ومن خلال تعاليمه العقيمة كتب على أتباعه عذاب النار السرمدي ، وأن الذي تراءى له في هيئة ملاك إنما هو الشيطان " . ولا شك أن هذه الحركة الحاقدة المتعصبة في قرطبة وما صاحبها من كتابات الرهبان المقيتة قد أسهمت بدور كبير في صياغة العقيدة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين في أوروبا طوال العصور الوسطى وإلى اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية .