warrior1984
2009-07-16, 23:41
>جريمة الرشوة
>جرائم العدوان على المال العام
>جريمة الاختلاس
>جريمة الاستيلاء
>جريمة الغدر
>جريمة التربح من أعمال الوظيفة
>جريمة الإخلال بنظام توزيع السلع
>جريمة الإضرار العمدي بالأموال والمصالح
>جريمة الإضرار الغير عمدي بالأموال والمصالح
>جريمة التعدي على العقارات العامة
>جريمة تسخير العمال
>جريمة التزوير
>سرقة الأوراق أو المستندات المتعلقة بالحكومة نتيجة إهمال من كانت في عهدته
>الاهانة بالإشارة اوالقول اوالتهديد
>القذف في حق موظف عمومي
جرائم الموظف</span> </span></span></span>العام الجنائية التى تعتبر الوظيفة عنصراً منها</span> </span></span></span>:</span>
</span>
</span>إذا أطلق لفظ جريمة الموظف العام</span> </span></span></span>فإنه يعنى بالضرورة هذا الصنف من الجرائم التى تعتبر الوظيفة العامة ركناً لها أو</span> </span></span></span>عنصراً فيها وهذه الجرائم تتمثل فى الرشوة والاختلاس والتربح والغدر والإضرار</span> </span></span></span>بالمال العام وتجاوز حدود الوظيفة وسوء معاملة أفراد الناس وسوف نعرض فى هذا المطلب</span> </span></span></span>لأهم هذه الجرائم والأكثر شيوعاً فى الواقع
:19::19::19::19::19::19::19::19:
أولاً
: جريمة الرشوة :
اشتمل الباب الثالث من الكتاب الثانى فى قانون العقوبات على جريمة الرشوة والجرائم الأخرى المحلقة بها اعتباراً من المادة 103 وحتى 111 وقد وضعت المادة 103 الإطار العام لجريمة الرشوة وصدرت مفهوم المرتشى بقولها ( كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ) ، كما تناولت المادة 104 حالة أخذ المقابل نظير الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة ، ويمكن لنا من قراءة النصوص تعريف الرشوة بإنها " الاتجار بالوظيفة العامة من جانب الموظف العام أو من فى حكمه من القائمين بخدمة عامة بأعمال الوظيفة أو الخدمة العامة " .
*
أركان جريمة الرشوة :
تتكون جريمة الرشوة فى صورتها البسيطة من ثلاثة أركان هى الركن المفترض ، وهو كون المرتشى موظفاً عاماً أو من فى حكمه ومختص بالعمل ، والركن الثانى هو الركن المادى المتمثل فى الطلب أو القبول أو الأخذ بعطية أو مقابل أو وعد بهما ، والركن المعنوى أو الركن الجنائى .
*
الركن المفترض :
وهذا الركن يتألف من عنصرين أولهما أن يقع الفعل من موظف عام أو من فى حكمه وثانيهما أن يكون مختصاً بالعمل محل الارتشاء وقد سبق القول أن المادة 111 من قانون العقوبات قد حددت فئات الموظفين العموميين ومن فى حكمهم الخاضعين لأحكام مواد الرشوة وهم :
المستخدمون فى المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة لتحقيق رقابتها .
أعضاء المجالس النيابية أو العامة أو المحلية سواء كانوا منتخبين أو معينين .
المحكمون أو الخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون .
كل شخص مكلف بخدمة عمومية .
أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة .
ويتلاحظ أن الراشى أو الوسيط أو المستفيد من الرشوة لم يستلزم القانون فيهم صفة خاصة . لأن صفة الموظف العام اشترطها المشرع بالنسبة للمرتشى الذى يجب أن يكون أيضاً مختصاً بالعمل محل الرشوة ، لأن الرشوة اتجار بالوظيفة ولا يتحقق معنى الاتجار إلا فى حالة ما إذا كان الموظف مختصاً بالعمل ، وهذا الاختصاص يحدده القانون أو لائحة أو امر مكتوب أو شفوى من الرئيس للمرؤوس ، ولا يشترط أن يكون الموظف مختصاً بكل العمل بل يكفى أنه يباشر جزءاً منه أو يساهم فيه بنصيب حتى ولو كان عمله استشارى ولذلك قض باعتبار العمدة مرتشياً إذا قبل عطية أو هبة من مرشح لمشيخة البلد نظير أن يبدى رأياً لصالحه رغم أن تعيين مشايخ البلاد ليس من شأنه ، فإذا ثبت الاختصاص على الوجه المتقدم فلا عبرة بما إذا كان نشاط الموظف عملاً أو امتناع عن عمل سواء كان العمل مشروعاً أو غير مشروع ، عادلاً أو ظالماً ، فلو قدمت رشوة لموظف يقوم بتحليل عينات ألبان لإثبات أنها خالية من الغش ولم يكن بها غش من حيث الواقع فإن جريمة الرشوة تكون قائمة ، وكذلك إذا حصل الموظف على مقابل لعدم تحرير محضر ولم يكن هناك موجب أصلاً لتحريره قامت جريمة الرشوة .
*
الركن المادى :
يتمثل الركن المادى فى جريمة الرشوة فى المقابل الذى يسعى الموظف للحصول عليه وذلك فى صورة الأخذ أو القبول أو الطلب .
والأخذ :هو أن يتسلم الموظف المرتشى المقابل أو الجعل المقدم إليه من الراش أو الوسيط بغض النظر عما إذا كان هناك سابق اتفاق بينهما من عدمه وسواء كان المقابل لنفسه أو لغيره وهذه هى صورة الرشوة المعجلة .
والقبول :معناه الموافقة على الإيجاب الصادر إليه من الراشى أو الوسيط سواء كان قبولاً صريحاً أو ضمنياً شريطة أن يكون قبولاً جدياً لعرض ظاهر النية أيضاً فإذا وعد شخص موظفاً بإعطائه كل ما يملك فى نظير قيامه بعمل ما فهذا أشبه بالهزل منه إلى الجد .
والطلب :تصرف يتم بالإرادة المنفردة للموظف سواء كان فى صورة صريحة بأن يطلب مقابلاً لأداء العمل أو الامتناع عنه أو كان ضمنياً بأن يعبر عن إرادته فى الربط بين أداء العمل أو الامتناع وبين المقابل وبمجرد الطلب تقع جريمة الرشوة رغم أنها فى هذه الحالة مجرد شروع لم يصل للجريمة التامة إلا أن المشرع سوى بين الشروع والجريمة التامة فى الرشوة ، والمقابل الذى يأخذه الموظف أو يطلبه أو تم وعده به هو كل فائدة يحصل عليها الموظف أو الشخص الذى عينه لذلك ، وهذه الفائدة قد تكون مادية كنقود أو منقولات وقد تكون معنوية كترقية أحد الأقارب ،وقد تكون الفائدة ظاهرة وقد تكون مستترة كأن يشترى الموظف سلعة من الراشى بأقل من ثمنها ، كما يدخل فى صورة الفائدة المواقعة الجنسية .
*
الركن المعنوى : القصد الجنائى :
الرشوة جريمة عملية فلابد لقيامها من توافر القصد الجائى وهذا القصد الجنائى لابد من توافره لدى كل أطراف جريمة الرشوة سواء المرتشى أو الراشى أو الوسيط . وهذا القصد يتكون من العلم والإرادة . فبالنسبة للمرتشى فإنه يجب أن يعلم بان العمل أو الامتناع داخل فى اختصاصه وأن الفائدة التى قدمت إليه أو وعد بها هى مقابل لهذا العمل أو الامتناع عنه فإذا انتفى هذا العلم فلا تقوم الجريمة . وكذلك لابد من اتجاه إرادته إلى الاستيلاء على الفائدة ، كما لابد من توافر العلم والإرادة بالنسبة للراشى والوسيط بمعنى أن يعلم كل منهما بأنه يقدم الفائدة نظير عمل يقدمه الموظف أو يمتنع عن القيام به فإن كانا يجهلا صفة الموظف او انتفت الإرادة لديهما بأن يعتقد أن المقابل هو وفاء لدين مستحق عليهما للموظف أو اعترافاً بجميل عن عمل أسداه إليهما لا يتعلق بالوظيفة كما لو أنقذ الموظف ابن أحدهما من الغرق .
فإذا توافرت هذه الأركان قامت جريمة الرشوة ووجبت العقوبة وهى السجن المؤبد مع الغرامة فضلاً عن العقوبة التكميلية وهى المصادرة وعقوبات أخرى تبعية قررتها المادة 25 من قانون العقوبات . وتتشدد العقوبة فى بعض صور الرشوة مثل نص المادة 104 ، وهى حالة الرشوة للامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها ، وحالة المادة 108 وهى حالة ما إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة فيعاقب الراشى والمرتشى والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل والغرامة المقررة للرشوة .
*
الجرائم الملحقة بالرشوة :
وهذه الجرائم التى وردت فى باب الرشوة وتفتقد إلى ركن أو أكثر من أركان جريمة الرشوة بمعناها السابق الذى حددناه وهى قد تقع من الموظف أو آحاد الناس ويعتبر ارتكابها من الموظف ظرفاً مشدداً للعقوبة . وقد أراد المشرع أن يتابع هذه الصور لأنها تتوافق مع الهدف الذى استهدفه المشرع من جريمة الرشوة بغض النظر عن الوسيلة أو شخص مرتكبها وهذه الحالات هى :
1)
الزعم بالاختصاص والاختصاص الظنى :
وفى هذه الحالة يتخذ الموظف غير المختص بالعمل نشاطاً إيجابياً لإيهام صاحب المصلحة بأنه مختص بالعمل رغم علمه بأنه غير مختص وهذه الجريمة تجمع بين الرشوة والنصب وتتحقق هذه الصورة إذا أدى الموظف اختصاصه أو باتخاذه موقفاً يوهم الغير بهذا الاختصاص المزعوم كان يجلس مكان رئيسه فى العمل حال غياب الأخير فيعتقد صاحب المصلحة انه صاحب الاختصاص فيعطيه الجعل أو الفائدة مقابل العمل الذى تصور أنه من اختصاصاته أما حالة الاختصاص الظنى فهى الحالة التى يعتقد فيها الموظف على سبيل الخطأ أنه المختص فى حين أنه غير مختص بالعمل محل الرشوة فهو توهم خاطئ بأنه مختص وذلك خلافاً لحالة الزعم بالاختصاص فهو يدرك يقينا أنه غير مختص .
2)
استعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول على مزية من سلطة عامة :
وهذه الجريمة قد تقع من الموظف العام أو من آحاد الناس وفقاً للمادة 106 مكرر التى تنص على أن كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقى أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو مقاولة أو وظيفة أو خدمة أو مزية من أى نوع يعد فى حكم المرتشى ويعاقب بالعقوبة المقررة فى المادة 104 إذا كان موظفاً عاماً.
3)
المكافأة اللاحقة :
وهذه الحالة تنصرف إلى الموظف العام الذى قبل من شخص أدى له عمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجبات وظيفية بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق ففى هذه الحالة يقم الموظف بالعمل أو يمتنع عنه أو يخل بواجباته ثم يحدث أن يقدم إليه صاحب المصلحة مكافاه و تدخل المشرع بتجريم هذا السلوك الذى يؤثر فى نزاهة الوظيفة العامة ويخل بكرامتها وتحط من قدر الموظفين العموميين ويجعل لصاحب المصلحة نفوذاً على الموظف قد يساء استغلاله فيما بعد ولذلك تدخل المشرع بالعقاب عليها بعقوبة أخف من العقوبة المقررة للرشوة فى صورتها التى تحدثنا عنها فيما سبق .
4)
الرجاء والتوصية والوساطة :
وهذه الحال نصت عليها المادة 105 مكرر حيث قررت بأن كل موظف عمومى قام بعمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفية أو أخل بواجباتها نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيه والواقع أن الرشوة لا تتم إلا بالركن المادى لها على النحو الذى قررناه فيما سبق أى فى صورة أخذ مقابل أو الوعد به إلا أن الموظف قد يقوم بالعمل أو الامتناع عنه استجابة لرجاء أو توصية أو وساطة لذا تدخل المشرع بالعقاب على هذه الصورة من صور الانحراف الوظيفى لأنها تؤدى إلى إهدار مبدأ المساواة بين الأفراد ويزعزع الثقة فى النظام السائد فى المجتمع .
5)
عرض رشوة لم تقبل أو الوساطة فى ذلك :
وقد نصت على هذه الحالة المادة 109 مكرر حيث قررت أنه من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه وذلك إذا كان العرض حاصلاً لموظف عام فإذا كان العرض حاصلاً لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتى جنيه . وجريمة عرض الرشوة تقع من آحاد الناس وليست الوظيفة العامة عنصراً فى جريمة عرض الرشوة غاية ما هناك أنه إذا قدم العرض لموظف عام كانت جناية وإذا قدمت لغيره كانت جنحة . إلا أن المادة 109 مكرر ثانياً جعلت من وقوع الجريمة من موظف عام ظرفاً مشدداً للعقوبة فإذا وقع العرض أو الوساطة فى الرشوة من موظف عمومى فإنه يعاقب بالعقوبة المقررة فى المادة 104 عقوبات .
ثانياً
: جرائم العدوان على المال العام :
وقد وردت هذه الجرائم فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات وهناك أركان مشتركة تجمع بين هذه الجرائم أهمها ما تعلق بالمال موضوع الحماية أو بصفة الجانى
*
المال العام :
توسع المشرع الجنائى فى مفهوم المال العام فلم يقصره على المعيار الذى أعتمده القانون المدنى الذى عرف المال العام بأنه العقارات والمنقولات التى للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهورى ، حيث وجد المشرع الجنائى أن هذا التعريف يخرج أموالاً كثيرة من نطاق الحماية الجنائية للمال العام فأدخل أموالاً لا تملكها الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة رغم أنها مرصودة للنفع العام ولذلك اعتبر مالاً عاماً فى حكم هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية :
الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام .
الاتحاد الاشتراكى والوحدات التابعة له والتى آلت أمواله إلى مجلس الشورى .
النقابات والاتحادات .
المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام .
الجمعيات التعاونية .
الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التى تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة .
أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة .
وعلى ضوء هذا التعداد للمال العام يمكن القول بأنه لا تشترط لاعتبار المال عاماً أن يكون مملوكاً للدولة أو شخص اعتبارى عام بل يكفى خضوعه لإشراف الجهة العامة ورقابتها ولا يشترط لاعتبار المال عاماً أن يكون خاصاً بالدولة بل يكفى ملكيته لإحدى الجهات الخاصة التى لا تتمتع بالشخصية القانونية العامة مثل النقابات والاتحادات والجمعيات التعاونية .
*
الموظف العام :
أخذ المشرع بمفهوم واسع للموظف العام فىنطاق جرائم الباب الرابع فهو لم يقتصر على مدلوله فى القانون الإدارى ولا على مدلوله فى جرائم الرشوة التى سبق الإشارة إليها فى المادة 111 عقوبات وإنما أخذ بمفهوم أكثر اتساعاً فى المادة 119 مكرر فنصت على أنه يقصد بالموظف العام فى حكم هذا الباب :
أ- القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون فى الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
ب- رؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين .
ج- أفراد القوات المسلحة .
د- كل من فوضته إحدى السلطات العامة فى القيام بعمل معين وذلك فى حدود العمل المفوض فيه .
هـ- رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت أموالها أموالاً عامة .
و- كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام فى حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة وذلك بالنسبة للعمل الذى يتم التكليف به .
ولعل الإضافة هنا قد اقتصرت على الفقرة ( هـ ) وهم رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين فى الهيئات التى اعتبرت أموالها أموالاً عامة وفقاً لمفهوم المال العام الذى حددته المادة 119 عقوبات
ثالثا
اختلاس المال العام :
اختلاس المال العام هو صورة مشددة من جريمة خيانة الأمانة بالنظر إلى صفة المختلس وكونه موظفاً عاماً وطبيعة المال محل الاختلاس وهو أنه من الأموال العامة التى وجدت فى حوزته بحكم الوظيفة وقد أكدت محكمة النقض هذا المعنى بقولها أن اختلاس المال العام هو صورة من خيانة الأمانة يميزها أنها لا تقع إلا من موظف عمومى أو من فى حكمه على أموال فى حوزته بحكم وظيفته() .
*
أركان جريمة الاختلاس :
يجب لقيام جريمة الاختلاس توافر أركان أولها صفة الجانى أى كونه موظفاً عاماً وثانيها الركن المادى وهو فعل الاختلاس الذى يقع على مال بحوزته بحكم الوظيفة وثالثها القصد الجنائى .
*
الصفة الخاصة بالجانى :
لا تقع جريمة الاختلاس إلا من موظف عام اختص بحيازة المال بحكم وظيفته ، فكل موظف أو مستخدم اختلس مالاً سلم إليه بسبب الوظيفة يكون مختلساً ، ولذلك يشمل الموظف العام فى هذه الجريمة بلوكات النظام فى الشرطة والعاملين فى المصانع الحربية وجندى القوات المسلحة وطواف البريد والخفير فى شركات تابعة للقطاع العام والصراف فى وزارة المالية ( فإذا كان المتهم قد حصل بصفته صرافاً معيناً من قبل وزارة المالية أموالاً من الأهالى كضرائب مستحقة أو أقساط بنك التسليف أو أجور فاختلسها لنفسه ولم يوردها للخزينة وعجز عن ردها فقد توافرت فى حقه أركان جريمة اختلاس أموال أميرية() ، ويجب أن توجد صلة بين وظيفة الموظف وحيازة المال أى أن تكون الوظيفة هى التى أتاحت للموظف حيازة المال كأن يكون مكلفا بجبايته باسم الدولة ولحسابها أو حراسته له والمحافظة عليه أو إنفاقه فى أوجه معينة أما إذا انقضت الصلة بين وظيفة الموظف وحيازة المال فلا تتوافر جريمة الاختلاس مثل المرؤوس الذى يدخل مكتب رئيسه ويستولى على مال فى حيازة هذا الرئيس أو الموظف الذى يسرت له وظيفته وقوع المال فى متناول يده ... ، فإذا استولى على شيء من هذه الأموال فلا تقوم جريمة الاختلاس وكذلك يجب أن يستظهر حكم الإدانة فى جريمة الاختلاس توافر صفة الموظف العام وحيازته للمال بسبب الوظيفة (فإذا دفع المتهم بانتفاء صفة الموظف العام عنه أو زوال اختصاصه بحيازة المال قبل وقوع الفعل اعتبر ذلك من الدفوع الجوهرية التى يجب تناولها والرد عليها وإلا كان الحكم معيباًً())، ولذلك قضى بأنه إذا أن الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التى أوردها أن المتهم الأول وهو يشغل وظيفة سكرتير نيابة قد تسلم بحكم وظيفته وبصفته كاتباً للتحقيق الذى يجرى فى جناية مادة مخدرة لتحريذها فاختلسها بأن استبدل بها غيرها بغير علم المحقق وسلمها للمتهم الثانى الذى أسرع فى الخروج بها وأخفاها فإن هذا الفعل يتحقق به مظهران قانونيان هما اختلاس حرز المادة المخدرة وجناية إحراز مخدر فى غير الأحوال التى بينها القانون()
*
الركن المادى وهو فعل الاختلاس :
وهو الاستيلاء على المال الذى تحت يد الموظف بسبب وظيفته وبديهى أن يكون هذا المال منقولاً بغض النظر عن القيمة المادية له ويستوى أن يكون للمال قيمة مادية أو معنوية ولذلك فإن الصور والرسائل التى بحوزة طواف البريد بسبب وظيفته تدخل فى إطار الأموال محل الاختلاس رغم كونها ليست لها قيمة مادية .
(
طعن رقم 1661 للسنة 31 ق جلسة 12 / 3 / 1963 م )
ويستوى أن تكون الأموال أميرية أو أموال خاصة تسلمها الموظف بحكم وظيفته طالما قام بإضافة المال الذى بحوزته بسبب الوظيفة إلى ملكه الخاص وتصرف فيه تصرف المالك أى أن يقوم الموظف بتحويل حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة تخوله حق التصرف فيه تصرف المالك ولابد من توافر عناصر مادية يستدل منها على هذه النية كان يعرض المال المختلس للبيع أو الرهن أو يسحب الموظف المال الذى فى عهدته من الخزانة ويودعه باسمه فى أحد المصارف أو ينقله إلى مسكنه أو يدعى هلاكه أو سرقته ، فإذا لم تكشف الشواهد عن تحويل الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة فلا تقوم جريمة الاختلاس .
ولذلك قضت محكمة النقض أنه من المقرر أن مجرد وجود عجز فى حساب الموظفين العموميين لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً على خطأ فى العمليات الحسابية أو لسبب آخر .
(
طعن رقم 1429 للسنة 42 ق جلسة 29 / 1 / 1973 م س 24 ص 114 )
*
الركن الثالث : القصد الجنائى :
والقصد الجنائى فى جريمة الاختلاس يتحقق بانصراف نية الحائز للمال إلى التصرف فيه تصرف المالك .
(
طعن رقم 110 للسنة 25 ق جلسة 26 / 4 / 1955 م )
وتحويل الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك وقد قضى ( بأن المتهم وزميله بصفتهما مستخدمين عموميين بإدارة البوليس الحربى بالقوات المسلحة نقلاً فعلاً جزءاً من البطاريات المسلمة إليهما بسبب الوظيفة لنقلها من التل الكبير إلى إدارة البوليس الحربى بالقاهرة إلى منزل شقيق المتهم الأول فإن هذا التصرف من جانب المتهمين واضح الدلالة على أنهما انتويا اختلاسها وتملكها وقد كاشف أحدهما الشاهد الأول بذلك وطلب معاونته فى التصرف فيها واقتسام ثمنها إلا أن الشاهد رفض العرض .
فإن ما قاله الحكم يكفى لثبوت التغيير الطارئ على نية الحيازة ويكون الحكم صحيحاً إذ وصف الواقعة بأنها اختلاس تام .
(
طعن رقم 1166 للسنة 18 ق جلسة 17 / 11 / 1958 س 9 ص 925 )
فلابد إذاً من القصد الخاص فى جريمة الاختلاس وهو نية تملك المال المختلس وإنكار حق الدولة على هذا المال فلا يكفى القصد العام المتمثل فى علم المتهم بأن المال فى حيازته بسبب الوظيفة وأن القانون لا يجيز له التصرف فيه على النحو الذى فعله . ولكن لابد من نية إضافة المال إلى ملكه والتصرف فيه تصرف المالك له ولذلك لا تقوم الجريمة إذا اتجهت نية الموظف إلى مجرد استعمال المال المملوك للدولة دون نية تملكه كمن يستخدم سيارة حكومية فى أغراض خاصة ويتحمل نفقات الوقود اللازم لها ولكن لا يمنع من توافر الاختلاس نية المتهم رد المال فيما بعد تحت شرط معين كحصوله على ترقية أو علاوة . فإذا توافر القصد الجنائى الخاص على هذا النحو السابق بيانه فلا عبرة بعد ذلك بالباعث على الاختلاس فقد يكون الباعث شريفاً مثل إنقاذ مريض وقد يكون الباعث حقيراً كالرغبة فى الإثراء بلا سبب أو الإنفاق على علاقة آثمة غير مشروعة .
*
عقوبة جريمة الاختلاس :
فرض المشرع عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالنسبة لجريمة الاختلاس فى صورتها البسيطة إلا أنه شدد العقوبة إذا توافرت ظروف مشددة حيث وصل بالعقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو السجن المؤبد حسب تعديلات العقوبة بإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة وهذه الظروف هى الصفة الخاصة فى الجانى بأن يكون من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الإمساك على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة وكذلك حالة ارتباط الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور وكذلك ارتكاب الاختلاس فى زمن الحرب وأضراره بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها ولابد من توافر الأمرين معاً .
>جرائم العدوان على المال العام
>جريمة الاختلاس
>جريمة الاستيلاء
>جريمة الغدر
>جريمة التربح من أعمال الوظيفة
>جريمة الإخلال بنظام توزيع السلع
>جريمة الإضرار العمدي بالأموال والمصالح
>جريمة الإضرار الغير عمدي بالأموال والمصالح
>جريمة التعدي على العقارات العامة
>جريمة تسخير العمال
>جريمة التزوير
>سرقة الأوراق أو المستندات المتعلقة بالحكومة نتيجة إهمال من كانت في عهدته
>الاهانة بالإشارة اوالقول اوالتهديد
>القذف في حق موظف عمومي
جرائم الموظف</span> </span></span></span>العام الجنائية التى تعتبر الوظيفة عنصراً منها</span> </span></span></span>:</span>
</span>
</span>إذا أطلق لفظ جريمة الموظف العام</span> </span></span></span>فإنه يعنى بالضرورة هذا الصنف من الجرائم التى تعتبر الوظيفة العامة ركناً لها أو</span> </span></span></span>عنصراً فيها وهذه الجرائم تتمثل فى الرشوة والاختلاس والتربح والغدر والإضرار</span> </span></span></span>بالمال العام وتجاوز حدود الوظيفة وسوء معاملة أفراد الناس وسوف نعرض فى هذا المطلب</span> </span></span></span>لأهم هذه الجرائم والأكثر شيوعاً فى الواقع
:19::19::19::19::19::19::19::19:
أولاً
: جريمة الرشوة :
اشتمل الباب الثالث من الكتاب الثانى فى قانون العقوبات على جريمة الرشوة والجرائم الأخرى المحلقة بها اعتباراً من المادة 103 وحتى 111 وقد وضعت المادة 103 الإطار العام لجريمة الرشوة وصدرت مفهوم المرتشى بقولها ( كل موظف عمومى طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته يعد مرتشياً ) ، كما تناولت المادة 104 حالة أخذ المقابل نظير الامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة ، ويمكن لنا من قراءة النصوص تعريف الرشوة بإنها " الاتجار بالوظيفة العامة من جانب الموظف العام أو من فى حكمه من القائمين بخدمة عامة بأعمال الوظيفة أو الخدمة العامة " .
*
أركان جريمة الرشوة :
تتكون جريمة الرشوة فى صورتها البسيطة من ثلاثة أركان هى الركن المفترض ، وهو كون المرتشى موظفاً عاماً أو من فى حكمه ومختص بالعمل ، والركن الثانى هو الركن المادى المتمثل فى الطلب أو القبول أو الأخذ بعطية أو مقابل أو وعد بهما ، والركن المعنوى أو الركن الجنائى .
*
الركن المفترض :
وهذا الركن يتألف من عنصرين أولهما أن يقع الفعل من موظف عام أو من فى حكمه وثانيهما أن يكون مختصاً بالعمل محل الارتشاء وقد سبق القول أن المادة 111 من قانون العقوبات قد حددت فئات الموظفين العموميين ومن فى حكمهم الخاضعين لأحكام مواد الرشوة وهم :
المستخدمون فى المصالح التابعة للحكومة أو الموضوعة لتحقيق رقابتها .
أعضاء المجالس النيابية أو العامة أو المحلية سواء كانوا منتخبين أو معينين .
المحكمون أو الخبراء ووكلاء النيابة والمصفون والحراس القضائيون .
كل شخص مكلف بخدمة عمومية .
أعضاء مجالس إدارة ومديرو ومستخدمو المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم فى مالها بنصيب ما بأية صفة .
ويتلاحظ أن الراشى أو الوسيط أو المستفيد من الرشوة لم يستلزم القانون فيهم صفة خاصة . لأن صفة الموظف العام اشترطها المشرع بالنسبة للمرتشى الذى يجب أن يكون أيضاً مختصاً بالعمل محل الرشوة ، لأن الرشوة اتجار بالوظيفة ولا يتحقق معنى الاتجار إلا فى حالة ما إذا كان الموظف مختصاً بالعمل ، وهذا الاختصاص يحدده القانون أو لائحة أو امر مكتوب أو شفوى من الرئيس للمرؤوس ، ولا يشترط أن يكون الموظف مختصاً بكل العمل بل يكفى أنه يباشر جزءاً منه أو يساهم فيه بنصيب حتى ولو كان عمله استشارى ولذلك قض باعتبار العمدة مرتشياً إذا قبل عطية أو هبة من مرشح لمشيخة البلد نظير أن يبدى رأياً لصالحه رغم أن تعيين مشايخ البلاد ليس من شأنه ، فإذا ثبت الاختصاص على الوجه المتقدم فلا عبرة بما إذا كان نشاط الموظف عملاً أو امتناع عن عمل سواء كان العمل مشروعاً أو غير مشروع ، عادلاً أو ظالماً ، فلو قدمت رشوة لموظف يقوم بتحليل عينات ألبان لإثبات أنها خالية من الغش ولم يكن بها غش من حيث الواقع فإن جريمة الرشوة تكون قائمة ، وكذلك إذا حصل الموظف على مقابل لعدم تحرير محضر ولم يكن هناك موجب أصلاً لتحريره قامت جريمة الرشوة .
*
الركن المادى :
يتمثل الركن المادى فى جريمة الرشوة فى المقابل الذى يسعى الموظف للحصول عليه وذلك فى صورة الأخذ أو القبول أو الطلب .
والأخذ :هو أن يتسلم الموظف المرتشى المقابل أو الجعل المقدم إليه من الراش أو الوسيط بغض النظر عما إذا كان هناك سابق اتفاق بينهما من عدمه وسواء كان المقابل لنفسه أو لغيره وهذه هى صورة الرشوة المعجلة .
والقبول :معناه الموافقة على الإيجاب الصادر إليه من الراشى أو الوسيط سواء كان قبولاً صريحاً أو ضمنياً شريطة أن يكون قبولاً جدياً لعرض ظاهر النية أيضاً فإذا وعد شخص موظفاً بإعطائه كل ما يملك فى نظير قيامه بعمل ما فهذا أشبه بالهزل منه إلى الجد .
والطلب :تصرف يتم بالإرادة المنفردة للموظف سواء كان فى صورة صريحة بأن يطلب مقابلاً لأداء العمل أو الامتناع عنه أو كان ضمنياً بأن يعبر عن إرادته فى الربط بين أداء العمل أو الامتناع وبين المقابل وبمجرد الطلب تقع جريمة الرشوة رغم أنها فى هذه الحالة مجرد شروع لم يصل للجريمة التامة إلا أن المشرع سوى بين الشروع والجريمة التامة فى الرشوة ، والمقابل الذى يأخذه الموظف أو يطلبه أو تم وعده به هو كل فائدة يحصل عليها الموظف أو الشخص الذى عينه لذلك ، وهذه الفائدة قد تكون مادية كنقود أو منقولات وقد تكون معنوية كترقية أحد الأقارب ،وقد تكون الفائدة ظاهرة وقد تكون مستترة كأن يشترى الموظف سلعة من الراشى بأقل من ثمنها ، كما يدخل فى صورة الفائدة المواقعة الجنسية .
*
الركن المعنوى : القصد الجنائى :
الرشوة جريمة عملية فلابد لقيامها من توافر القصد الجائى وهذا القصد الجنائى لابد من توافره لدى كل أطراف جريمة الرشوة سواء المرتشى أو الراشى أو الوسيط . وهذا القصد يتكون من العلم والإرادة . فبالنسبة للمرتشى فإنه يجب أن يعلم بان العمل أو الامتناع داخل فى اختصاصه وأن الفائدة التى قدمت إليه أو وعد بها هى مقابل لهذا العمل أو الامتناع عنه فإذا انتفى هذا العلم فلا تقوم الجريمة . وكذلك لابد من اتجاه إرادته إلى الاستيلاء على الفائدة ، كما لابد من توافر العلم والإرادة بالنسبة للراشى والوسيط بمعنى أن يعلم كل منهما بأنه يقدم الفائدة نظير عمل يقدمه الموظف أو يمتنع عن القيام به فإن كانا يجهلا صفة الموظف او انتفت الإرادة لديهما بأن يعتقد أن المقابل هو وفاء لدين مستحق عليهما للموظف أو اعترافاً بجميل عن عمل أسداه إليهما لا يتعلق بالوظيفة كما لو أنقذ الموظف ابن أحدهما من الغرق .
فإذا توافرت هذه الأركان قامت جريمة الرشوة ووجبت العقوبة وهى السجن المؤبد مع الغرامة فضلاً عن العقوبة التكميلية وهى المصادرة وعقوبات أخرى تبعية قررتها المادة 25 من قانون العقوبات . وتتشدد العقوبة فى بعض صور الرشوة مثل نص المادة 104 ، وهى حالة الرشوة للامتناع عن عمل من أعمال الوظيفة أو الإخلال بواجباتها ، وحالة المادة 108 وهى حالة ما إذا كان الغرض من الرشوة ارتكاب فعل يعاقب عليه القانون بعقوبة أشد من العقوبة المقررة للرشوة فيعاقب الراشى والمرتشى والوسيط بالعقوبة المقررة لذلك الفعل والغرامة المقررة للرشوة .
*
الجرائم الملحقة بالرشوة :
وهذه الجرائم التى وردت فى باب الرشوة وتفتقد إلى ركن أو أكثر من أركان جريمة الرشوة بمعناها السابق الذى حددناه وهى قد تقع من الموظف أو آحاد الناس ويعتبر ارتكابها من الموظف ظرفاً مشدداً للعقوبة . وقد أراد المشرع أن يتابع هذه الصور لأنها تتوافق مع الهدف الذى استهدفه المشرع من جريمة الرشوة بغض النظر عن الوسيلة أو شخص مرتكبها وهذه الحالات هى :
1)
الزعم بالاختصاص والاختصاص الظنى :
وفى هذه الحالة يتخذ الموظف غير المختص بالعمل نشاطاً إيجابياً لإيهام صاحب المصلحة بأنه مختص بالعمل رغم علمه بأنه غير مختص وهذه الجريمة تجمع بين الرشوة والنصب وتتحقق هذه الصورة إذا أدى الموظف اختصاصه أو باتخاذه موقفاً يوهم الغير بهذا الاختصاص المزعوم كان يجلس مكان رئيسه فى العمل حال غياب الأخير فيعتقد صاحب المصلحة انه صاحب الاختصاص فيعطيه الجعل أو الفائدة مقابل العمل الذى تصور أنه من اختصاصاته أما حالة الاختصاص الظنى فهى الحالة التى يعتقد فيها الموظف على سبيل الخطأ أنه المختص فى حين أنه غير مختص بالعمل محل الرشوة فهو توهم خاطئ بأنه مختص وذلك خلافاً لحالة الزعم بالاختصاص فهو يدرك يقينا أنه غير مختص .
2)
استعمال النفوذ الحقيقى أو المزعوم للحصول على مزية من سلطة عامة :
وهذه الجريمة قد تقع من الموظف العام أو من آحاد الناس وفقاً للمادة 106 مكرر التى تنص على أن كل من طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقى أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على أعمال أو أوامر أو أحكام أو قرارات أو نياشين أو التزام أو ترخيص أو مقاولة أو وظيفة أو خدمة أو مزية من أى نوع يعد فى حكم المرتشى ويعاقب بالعقوبة المقررة فى المادة 104 إذا كان موظفاً عاماً.
3)
المكافأة اللاحقة :
وهذه الحالة تنصرف إلى الموظف العام الذى قبل من شخص أدى له عمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن أداء عمل من أعمالها أو أخل بواجبات وظيفية بقصد المكافأة على ذلك وبغير اتفاق سابق ففى هذه الحالة يقم الموظف بالعمل أو يمتنع عنه أو يخل بواجباته ثم يحدث أن يقدم إليه صاحب المصلحة مكافاه و تدخل المشرع بتجريم هذا السلوك الذى يؤثر فى نزاهة الوظيفة العامة ويخل بكرامتها وتحط من قدر الموظفين العموميين ويجعل لصاحب المصلحة نفوذاً على الموظف قد يساء استغلاله فيما بعد ولذلك تدخل المشرع بالعقاب عليها بعقوبة أخف من العقوبة المقررة للرشوة فى صورتها التى تحدثنا عنها فيما سبق .
4)
الرجاء والتوصية والوساطة :
وهذه الحال نصت عليها المادة 105 مكرر حيث قررت بأن كل موظف عمومى قام بعمل من أعمال وظيفته أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفية أو أخل بواجباتها نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد عن خمسمائة جنيه والواقع أن الرشوة لا تتم إلا بالركن المادى لها على النحو الذى قررناه فيما سبق أى فى صورة أخذ مقابل أو الوعد به إلا أن الموظف قد يقوم بالعمل أو الامتناع عنه استجابة لرجاء أو توصية أو وساطة لذا تدخل المشرع بالعقاب على هذه الصورة من صور الانحراف الوظيفى لأنها تؤدى إلى إهدار مبدأ المساواة بين الأفراد ويزعزع الثقة فى النظام السائد فى المجتمع .
5)
عرض رشوة لم تقبل أو الوساطة فى ذلك :
وقد نصت على هذه الحالة المادة 109 مكرر حيث قررت أنه من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد عن ألف جنيه وذلك إذا كان العرض حاصلاً لموظف عام فإذا كان العرض حاصلاً لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتى جنيه . وجريمة عرض الرشوة تقع من آحاد الناس وليست الوظيفة العامة عنصراً فى جريمة عرض الرشوة غاية ما هناك أنه إذا قدم العرض لموظف عام كانت جناية وإذا قدمت لغيره كانت جنحة . إلا أن المادة 109 مكرر ثانياً جعلت من وقوع الجريمة من موظف عام ظرفاً مشدداً للعقوبة فإذا وقع العرض أو الوساطة فى الرشوة من موظف عمومى فإنه يعاقب بالعقوبة المقررة فى المادة 104 عقوبات .
ثانياً
: جرائم العدوان على المال العام :
وقد وردت هذه الجرائم فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات وهناك أركان مشتركة تجمع بين هذه الجرائم أهمها ما تعلق بالمال موضوع الحماية أو بصفة الجانى
*
المال العام :
توسع المشرع الجنائى فى مفهوم المال العام فلم يقصره على المعيار الذى أعتمده القانون المدنى الذى عرف المال العام بأنه العقارات والمنقولات التى للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهورى ، حيث وجد المشرع الجنائى أن هذا التعريف يخرج أموالاً كثيرة من نطاق الحماية الجنائية للمال العام فأدخل أموالاً لا تملكها الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة رغم أنها مرصودة للنفع العام ولذلك اعتبر مالاً عاماً فى حكم هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية :
الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
الهيئات العامة والمؤسسات العامة ووحدات القطاع العام .
الاتحاد الاشتراكى والوحدات التابعة له والتى آلت أمواله إلى مجلس الشورى .
النقابات والاتحادات .
المؤسسات والجمعيات الخاصة ذات النفع العام .
الجمعيات التعاونية .
الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التى تساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها فى الفقرة السابقة .
أية جهة أخرى ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة .
وعلى ضوء هذا التعداد للمال العام يمكن القول بأنه لا تشترط لاعتبار المال عاماً أن يكون مملوكاً للدولة أو شخص اعتبارى عام بل يكفى خضوعه لإشراف الجهة العامة ورقابتها ولا يشترط لاعتبار المال عاماً أن يكون خاصاً بالدولة بل يكفى ملكيته لإحدى الجهات الخاصة التى لا تتمتع بالشخصية القانونية العامة مثل النقابات والاتحادات والجمعيات التعاونية .
*
الموظف العام :
أخذ المشرع بمفهوم واسع للموظف العام فىنطاق جرائم الباب الرابع فهو لم يقتصر على مدلوله فى القانون الإدارى ولا على مدلوله فى جرائم الرشوة التى سبق الإشارة إليها فى المادة 111 عقوبات وإنما أخذ بمفهوم أكثر اتساعاً فى المادة 119 مكرر فنصت على أنه يقصد بالموظف العام فى حكم هذا الباب :
أ- القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون فى الدولة ووحدات الإدارة المحلية .
ب- رؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين .
ج- أفراد القوات المسلحة .
د- كل من فوضته إحدى السلطات العامة فى القيام بعمل معين وذلك فى حدود العمل المفوض فيه .
هـ- رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين فى الجهات التى اعتبرت أموالها أموالاً عامة .
و- كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام فى حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة وذلك بالنسبة للعمل الذى يتم التكليف به .
ولعل الإضافة هنا قد اقتصرت على الفقرة ( هـ ) وهم رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين فى الهيئات التى اعتبرت أموالها أموالاً عامة وفقاً لمفهوم المال العام الذى حددته المادة 119 عقوبات
ثالثا
اختلاس المال العام :
اختلاس المال العام هو صورة مشددة من جريمة خيانة الأمانة بالنظر إلى صفة المختلس وكونه موظفاً عاماً وطبيعة المال محل الاختلاس وهو أنه من الأموال العامة التى وجدت فى حوزته بحكم الوظيفة وقد أكدت محكمة النقض هذا المعنى بقولها أن اختلاس المال العام هو صورة من خيانة الأمانة يميزها أنها لا تقع إلا من موظف عمومى أو من فى حكمه على أموال فى حوزته بحكم وظيفته() .
*
أركان جريمة الاختلاس :
يجب لقيام جريمة الاختلاس توافر أركان أولها صفة الجانى أى كونه موظفاً عاماً وثانيها الركن المادى وهو فعل الاختلاس الذى يقع على مال بحوزته بحكم الوظيفة وثالثها القصد الجنائى .
*
الصفة الخاصة بالجانى :
لا تقع جريمة الاختلاس إلا من موظف عام اختص بحيازة المال بحكم وظيفته ، فكل موظف أو مستخدم اختلس مالاً سلم إليه بسبب الوظيفة يكون مختلساً ، ولذلك يشمل الموظف العام فى هذه الجريمة بلوكات النظام فى الشرطة والعاملين فى المصانع الحربية وجندى القوات المسلحة وطواف البريد والخفير فى شركات تابعة للقطاع العام والصراف فى وزارة المالية ( فإذا كان المتهم قد حصل بصفته صرافاً معيناً من قبل وزارة المالية أموالاً من الأهالى كضرائب مستحقة أو أقساط بنك التسليف أو أجور فاختلسها لنفسه ولم يوردها للخزينة وعجز عن ردها فقد توافرت فى حقه أركان جريمة اختلاس أموال أميرية() ، ويجب أن توجد صلة بين وظيفة الموظف وحيازة المال أى أن تكون الوظيفة هى التى أتاحت للموظف حيازة المال كأن يكون مكلفا بجبايته باسم الدولة ولحسابها أو حراسته له والمحافظة عليه أو إنفاقه فى أوجه معينة أما إذا انقضت الصلة بين وظيفة الموظف وحيازة المال فلا تتوافر جريمة الاختلاس مثل المرؤوس الذى يدخل مكتب رئيسه ويستولى على مال فى حيازة هذا الرئيس أو الموظف الذى يسرت له وظيفته وقوع المال فى متناول يده ... ، فإذا استولى على شيء من هذه الأموال فلا تقوم جريمة الاختلاس وكذلك يجب أن يستظهر حكم الإدانة فى جريمة الاختلاس توافر صفة الموظف العام وحيازته للمال بسبب الوظيفة (فإذا دفع المتهم بانتفاء صفة الموظف العام عنه أو زوال اختصاصه بحيازة المال قبل وقوع الفعل اعتبر ذلك من الدفوع الجوهرية التى يجب تناولها والرد عليها وإلا كان الحكم معيباًً())، ولذلك قضى بأنه إذا أن الحكم قد أثبت بالأدلة السائغة التى أوردها أن المتهم الأول وهو يشغل وظيفة سكرتير نيابة قد تسلم بحكم وظيفته وبصفته كاتباً للتحقيق الذى يجرى فى جناية مادة مخدرة لتحريذها فاختلسها بأن استبدل بها غيرها بغير علم المحقق وسلمها للمتهم الثانى الذى أسرع فى الخروج بها وأخفاها فإن هذا الفعل يتحقق به مظهران قانونيان هما اختلاس حرز المادة المخدرة وجناية إحراز مخدر فى غير الأحوال التى بينها القانون()
*
الركن المادى وهو فعل الاختلاس :
وهو الاستيلاء على المال الذى تحت يد الموظف بسبب وظيفته وبديهى أن يكون هذا المال منقولاً بغض النظر عن القيمة المادية له ويستوى أن يكون للمال قيمة مادية أو معنوية ولذلك فإن الصور والرسائل التى بحوزة طواف البريد بسبب وظيفته تدخل فى إطار الأموال محل الاختلاس رغم كونها ليست لها قيمة مادية .
(
طعن رقم 1661 للسنة 31 ق جلسة 12 / 3 / 1963 م )
ويستوى أن تكون الأموال أميرية أو أموال خاصة تسلمها الموظف بحكم وظيفته طالما قام بإضافة المال الذى بحوزته بسبب الوظيفة إلى ملكه الخاص وتصرف فيه تصرف المالك أى أن يقوم الموظف بتحويل حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة تخوله حق التصرف فيه تصرف المالك ولابد من توافر عناصر مادية يستدل منها على هذه النية كان يعرض المال المختلس للبيع أو الرهن أو يسحب الموظف المال الذى فى عهدته من الخزانة ويودعه باسمه فى أحد المصارف أو ينقله إلى مسكنه أو يدعى هلاكه أو سرقته ، فإذا لم تكشف الشواهد عن تحويل الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة فلا تقوم جريمة الاختلاس .
ولذلك قضت محكمة النقض أنه من المقرر أن مجرد وجود عجز فى حساب الموظفين العموميين لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً على خطأ فى العمليات الحسابية أو لسبب آخر .
(
طعن رقم 1429 للسنة 42 ق جلسة 29 / 1 / 1973 م س 24 ص 114 )
*
الركن الثالث : القصد الجنائى :
والقصد الجنائى فى جريمة الاختلاس يتحقق بانصراف نية الحائز للمال إلى التصرف فيه تصرف المالك .
(
طعن رقم 110 للسنة 25 ق جلسة 26 / 4 / 1955 م )
وتحويل الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك وقد قضى ( بأن المتهم وزميله بصفتهما مستخدمين عموميين بإدارة البوليس الحربى بالقوات المسلحة نقلاً فعلاً جزءاً من البطاريات المسلمة إليهما بسبب الوظيفة لنقلها من التل الكبير إلى إدارة البوليس الحربى بالقاهرة إلى منزل شقيق المتهم الأول فإن هذا التصرف من جانب المتهمين واضح الدلالة على أنهما انتويا اختلاسها وتملكها وقد كاشف أحدهما الشاهد الأول بذلك وطلب معاونته فى التصرف فيها واقتسام ثمنها إلا أن الشاهد رفض العرض .
فإن ما قاله الحكم يكفى لثبوت التغيير الطارئ على نية الحيازة ويكون الحكم صحيحاً إذ وصف الواقعة بأنها اختلاس تام .
(
طعن رقم 1166 للسنة 18 ق جلسة 17 / 11 / 1958 س 9 ص 925 )
فلابد إذاً من القصد الخاص فى جريمة الاختلاس وهو نية تملك المال المختلس وإنكار حق الدولة على هذا المال فلا يكفى القصد العام المتمثل فى علم المتهم بأن المال فى حيازته بسبب الوظيفة وأن القانون لا يجيز له التصرف فيه على النحو الذى فعله . ولكن لابد من نية إضافة المال إلى ملكه والتصرف فيه تصرف المالك له ولذلك لا تقوم الجريمة إذا اتجهت نية الموظف إلى مجرد استعمال المال المملوك للدولة دون نية تملكه كمن يستخدم سيارة حكومية فى أغراض خاصة ويتحمل نفقات الوقود اللازم لها ولكن لا يمنع من توافر الاختلاس نية المتهم رد المال فيما بعد تحت شرط معين كحصوله على ترقية أو علاوة . فإذا توافر القصد الجنائى الخاص على هذا النحو السابق بيانه فلا عبرة بعد ذلك بالباعث على الاختلاس فقد يكون الباعث شريفاً مثل إنقاذ مريض وقد يكون الباعث حقيراً كالرغبة فى الإثراء بلا سبب أو الإنفاق على علاقة آثمة غير مشروعة .
*
عقوبة جريمة الاختلاس :
فرض المشرع عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالنسبة لجريمة الاختلاس فى صورتها البسيطة إلا أنه شدد العقوبة إذا توافرت ظروف مشددة حيث وصل بالعقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو السجن المؤبد حسب تعديلات العقوبة بإلغاء عقوبة الأشغال الشاقة وهذه الظروف هى الصفة الخاصة فى الجانى بأن يكون من مأمورى التحصيل أو المندوبين له أو الإمساك على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة وكذلك حالة ارتباط الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور وكذلك ارتكاب الاختلاس فى زمن الحرب وأضراره بمركز البلاد الاقتصادى أو بمصلحة قومية لها ولابد من توافر الأمرين معاً .