علي الجزائري
2014-04-11, 00:41
إن الحمد لله نحمده و نستعين به و نستغفره
و نصلّي و نسلّم على محمّد و آله ..
أما بعد فقد قال العلامة المحدّث مقبل بن هادي الوادعي رحمة الله عليه :
والدعاة إلى الله وإلى كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مبتلون بالاتّهامات إذا خالفوا
الناس وابتغوا الدليل، وإليك ما قاله الإمام الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) متوجعًا من أهل عصره،
بسبب مخالفته الناس فيما يراه حقًا. قال رحمه الله (ج1 ص27):
وربما ألمُّوا في تقبيح ما وجهتُ إليه وجهتي بما تشمئزُ منهُ القلوب، أو خرجوا بالنسبة إلى بعض الفرق
الخارجة عن السنة، شهادة ستكتب ويسألون عنها يوم القيامة.
فتارةً نسبت إلى القول بأنَّ الدعاء لا ينفع، ولا فائدة فيه: كما يُعزَّي إلي بعض الناس؛ بسبب أنَّي لم ألتزم
الدعاء بهيئةِ الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة، وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة، وللسلف
الصا لح والعلماء،
وتارةً نسبت إلى الرفض وبغض الصحابة- رضي الله عنهم- بسببِ أنَّي لم ألتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم
في الخطبة على الخصوص، إذ لم يكن ذلك من شأنِ السلف في خطبهم، ولا ذكرهُ أحدُ من العلماء المعتبرين
في أجزاءِ الخطب. وقد سئل أصبغ عن دعاء الخطيب للخلفاء المتقدمين فقال: [هو بدعة، ولا ينبغي العمل
به، وأحسنه أن يدعو للمسلمين عامة]. قيل له: فدعاؤهُ للغزاة والمرابطين؟
قال: [ما أرى به بأساً عند الحاجة إليه، وأمَّا أن يكون شيئاً يصمدُ له في خطبته دائماً، فإني أكره ذلك].
ونص أيضاً عز الدين بن عبد السلام على أنَّ الدعاء للخلفاء في الخطبة بدعة غير محبوبة.
وتارةً أضيف إلي القول بجواز القيام على الأئمة وما أضافوه إلاَّ من عدم ذكرهم في الخطبة، وذكرهم فيها
محدث لم يكن عليه من تقدم،
وتارةً حمل علي التزام الحرج والتنطع في الدين،وإنَّما حملهم على ذلك أنَّي التزمتُ في التكليف والفتيا
الحمل على مشهور المذهب الملتزم لا أتعداه، وهم يتعدونه ويفتون بما يسهل على السائل ويوافق هواه،
وإن كان شاذاً في المذهب الملتزم أو في غيره، وأئمة أهل العلم على خلاف ذلك، وللمسألة بسطٌ
في كتاب " الموافقات".
وتارةً نسبت إلى معاداة أولياء الله؛ وسبب ذلك أنَّي عاديتُ بعض الفقراء المبتدعين المخالفين للسنة،
المنتصبين- بزعمهم- لهداية الخلق، وتكلمتُ للجمهور على جملةٍ من أحوال هؤلاء الذين نسبوا أنفسهم
إلى الصوفية ولم يتشبهوا بهم،
وتارةً نسبتُ إلى مخالفة السنة والجماعة، بناءً منهم على أنَّ الجماعة التي أمر باتباعها- وهي الناجية
- ما عليه العموم، ولم يعلموا أنَّ الجماعة ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعون
لهم بإحسان، وسيأتي بيان ذلك بحول الله.
وكذبوا علي في جميع ذلك، أو وهموا، والحمد لله على كل حال.
فكنت على حالة تشبه حالة الإمام الشهير عبد الرحمن بن بطة، الحافظ مع أهل زمانه؛ إذ حكى عن نفسه فقال
[عجبت من حالي في سفري وحضري مع الأقربين مني والأبعدين،والعارفين والمنكرين، فإنِّي
وجدتُ بمكة وخراسان وغيرهما من الأماكن أكثر من لقيت بها موافقاً أو مخالفاً، دعاني إلى متابعتهِ
على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له،
فإن كنتُ صدقته فيما يقول، وأجزتُ له ذلك- كما يفعله أهل هذا الزمان- سماني موافقاً،
وإن وقفتُ في حرفٍ من قوله، وفي شيءٍ من فعله؛ سماني مخالفاً،
وإن ذكرتُ في واحدٍ منها أنَّ الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد؛ سماني خارجياً،
وإن قُرئ عليَّ حديثٌ في التوحيد سمَّاني مُشبهاً،
وإن كان في الرؤيةِ سمَّاني سالمياً.
وإن كان في الإيمان؛ سماني مرجئاً،
وإن كان في الأعمال؛ سماني قدرياً،
وإن كان في المعرفة سماني كرامياً،
وإن كان في فضائل أبي بكر وعمر؛ سماني ناصبياً،
وإن كان في فضائل أهل البيت؛ سماني رافضياً.
وإن سكت عن تفسير آية أو حديث، فلم أجب فيهما إلاَّ بهما؛ سمَّاني ظاهرياً،
وإن أجبت بغيرهما؛ سمَّاني باطنياً،
وإن أجبتُ بتأويل سمَّاني أشعرياً،
وإن جحدتُهما سمَّاني معتزلياً.
وإن كان في السنن مثل القراءةِ سمَّاني شافعياً،
وإن كان في القنوت سمَّاني حنفياً.
وإن كان في القرآن سمَّاني حنبلياً،
وإن ذكرت رجحان ما ذهبَ كل واحدٍ منهم إليه من الأخبار- إذ ليس في الحكم والحديث
مُحاباة- قالوا: طعن في تزكيتهم.
ثم أعجبُ من ذلك أنَّهم يُسمُونني فيما يقرؤون عليَّ من أحاديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -
ما يشتهون من هذه الأسامي؛
ومهما وافقتُ بعضهم عاداني غيره، وإن داهنت جماعتهم أسخطتُ الله- تبارك وتعالى- ولن يغنوا
عنِّي من الله شيئاً، وإنِّي مستمسكٌ بالكتاب والسنة، وأستغفرُ الله الذي لا إله إلاَّ هو
وهو الغفور الرحيم
و نصلّي و نسلّم على محمّد و آله ..
أما بعد فقد قال العلامة المحدّث مقبل بن هادي الوادعي رحمة الله عليه :
والدعاة إلى الله وإلى كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مبتلون بالاتّهامات إذا خالفوا
الناس وابتغوا الدليل، وإليك ما قاله الإمام الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) متوجعًا من أهل عصره،
بسبب مخالفته الناس فيما يراه حقًا. قال رحمه الله (ج1 ص27):
وربما ألمُّوا في تقبيح ما وجهتُ إليه وجهتي بما تشمئزُ منهُ القلوب، أو خرجوا بالنسبة إلى بعض الفرق
الخارجة عن السنة، شهادة ستكتب ويسألون عنها يوم القيامة.
فتارةً نسبت إلى القول بأنَّ الدعاء لا ينفع، ولا فائدة فيه: كما يُعزَّي إلي بعض الناس؛ بسبب أنَّي لم ألتزم
الدعاء بهيئةِ الاجتماع في أدبار الصلاة حالة الإمامة، وسيأتي ما في ذلك من المخالفة للسنة، وللسلف
الصا لح والعلماء،
وتارةً نسبت إلى الرفض وبغض الصحابة- رضي الله عنهم- بسببِ أنَّي لم ألتزم ذكر الخلفاء الراشدين منهم
في الخطبة على الخصوص، إذ لم يكن ذلك من شأنِ السلف في خطبهم، ولا ذكرهُ أحدُ من العلماء المعتبرين
في أجزاءِ الخطب. وقد سئل أصبغ عن دعاء الخطيب للخلفاء المتقدمين فقال: [هو بدعة، ولا ينبغي العمل
به، وأحسنه أن يدعو للمسلمين عامة]. قيل له: فدعاؤهُ للغزاة والمرابطين؟
قال: [ما أرى به بأساً عند الحاجة إليه، وأمَّا أن يكون شيئاً يصمدُ له في خطبته دائماً، فإني أكره ذلك].
ونص أيضاً عز الدين بن عبد السلام على أنَّ الدعاء للخلفاء في الخطبة بدعة غير محبوبة.
وتارةً أضيف إلي القول بجواز القيام على الأئمة وما أضافوه إلاَّ من عدم ذكرهم في الخطبة، وذكرهم فيها
محدث لم يكن عليه من تقدم،
وتارةً حمل علي التزام الحرج والتنطع في الدين،وإنَّما حملهم على ذلك أنَّي التزمتُ في التكليف والفتيا
الحمل على مشهور المذهب الملتزم لا أتعداه، وهم يتعدونه ويفتون بما يسهل على السائل ويوافق هواه،
وإن كان شاذاً في المذهب الملتزم أو في غيره، وأئمة أهل العلم على خلاف ذلك، وللمسألة بسطٌ
في كتاب " الموافقات".
وتارةً نسبت إلى معاداة أولياء الله؛ وسبب ذلك أنَّي عاديتُ بعض الفقراء المبتدعين المخالفين للسنة،
المنتصبين- بزعمهم- لهداية الخلق، وتكلمتُ للجمهور على جملةٍ من أحوال هؤلاء الذين نسبوا أنفسهم
إلى الصوفية ولم يتشبهوا بهم،
وتارةً نسبتُ إلى مخالفة السنة والجماعة، بناءً منهم على أنَّ الجماعة التي أمر باتباعها- وهي الناجية
- ما عليه العموم، ولم يعلموا أنَّ الجماعة ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعون
لهم بإحسان، وسيأتي بيان ذلك بحول الله.
وكذبوا علي في جميع ذلك، أو وهموا، والحمد لله على كل حال.
فكنت على حالة تشبه حالة الإمام الشهير عبد الرحمن بن بطة، الحافظ مع أهل زمانه؛ إذ حكى عن نفسه فقال
[عجبت من حالي في سفري وحضري مع الأقربين مني والأبعدين،والعارفين والمنكرين، فإنِّي
وجدتُ بمكة وخراسان وغيرهما من الأماكن أكثر من لقيت بها موافقاً أو مخالفاً، دعاني إلى متابعتهِ
على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له،
فإن كنتُ صدقته فيما يقول، وأجزتُ له ذلك- كما يفعله أهل هذا الزمان- سماني موافقاً،
وإن وقفتُ في حرفٍ من قوله، وفي شيءٍ من فعله؛ سماني مخالفاً،
وإن ذكرتُ في واحدٍ منها أنَّ الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد؛ سماني خارجياً،
وإن قُرئ عليَّ حديثٌ في التوحيد سمَّاني مُشبهاً،
وإن كان في الرؤيةِ سمَّاني سالمياً.
وإن كان في الإيمان؛ سماني مرجئاً،
وإن كان في الأعمال؛ سماني قدرياً،
وإن كان في المعرفة سماني كرامياً،
وإن كان في فضائل أبي بكر وعمر؛ سماني ناصبياً،
وإن كان في فضائل أهل البيت؛ سماني رافضياً.
وإن سكت عن تفسير آية أو حديث، فلم أجب فيهما إلاَّ بهما؛ سمَّاني ظاهرياً،
وإن أجبت بغيرهما؛ سمَّاني باطنياً،
وإن أجبتُ بتأويل سمَّاني أشعرياً،
وإن جحدتُهما سمَّاني معتزلياً.
وإن كان في السنن مثل القراءةِ سمَّاني شافعياً،
وإن كان في القنوت سمَّاني حنفياً.
وإن كان في القرآن سمَّاني حنبلياً،
وإن ذكرت رجحان ما ذهبَ كل واحدٍ منهم إليه من الأخبار- إذ ليس في الحكم والحديث
مُحاباة- قالوا: طعن في تزكيتهم.
ثم أعجبُ من ذلك أنَّهم يُسمُونني فيما يقرؤون عليَّ من أحاديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم -
ما يشتهون من هذه الأسامي؛
ومهما وافقتُ بعضهم عاداني غيره، وإن داهنت جماعتهم أسخطتُ الله- تبارك وتعالى- ولن يغنوا
عنِّي من الله شيئاً، وإنِّي مستمسكٌ بالكتاب والسنة، وأستغفرُ الله الذي لا إله إلاَّ هو
وهو الغفور الرحيم