المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "تطويـر الذَّات في فنِّ التَّعامل مع الآباء والأمَّهات"


* عبد الجليل *
2014-03-27, 08:55
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/606247166.gif

من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى البر بالوالدين؛ لأن الوالدين
هما سبب وجود الأبناء في الحياة وهما سبب سعادتهم بفضل الله عز وجل، وإذا سلطنا الضوء
على شيء فِعلهما نجد أن الأم قضت لياااالٍ تقوم على رعاية فلذة كبدها الذي لا يملك من
أمره شيئًا، ونجد الأب قد شقي في الحياة لكسب الرزق وجمع المال من أجل إطعام الأبناء وكسوتهم وتعليمهم ومساعدتهم على تحقيق أحلامهم، والله عز وجل جعل طاعتهما بعد الإيمان
به سبحانه في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} [الإسراء: 23]

والديك والديك حين تصبح وحين تمسي، هنيئًا لمن أصبح وأمسى بارًّا بوالديه،روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "ما من مسلم له أبوان، فيصبح وهو محسن إليهما إلا فتح له بابان من الجنة، ولا يمسي وهو محسن إليهما إلا فتح له بابان من الجنة، ولا سخط عليه واحد منهما فرضي الله عز وجل عنه حتى يرضى" [رواه البيهقي]
لم يزل حبهما نبضًا تردده شراييني
قال أبو فراس الحمداني وهو يمجِّد والديه: "أسرة المرء والداه وفيما بين حضنيهما الحياةُ تطيب، فإذا ما طواهما الموت عنه فهو في النَّاس أجنبيٌ غريب"
واعلم أنه من ذاق لذة بر الوالدين ولو للحظة لن يرضى بمرارة الوالدين ولو لمرة، مضت أيامهما وانقضى شبابهما وبدا مشيبهما، وقفا على عتبة الدنيا وهم ينتظران منك قلبًا رقيقًا، فأيُّ قلبٍ ذاك الذي تعامل به والديك؟
لا تقول أنا لستُ عاق، نعم لست عاق ولكنك أيضًا [لست بارَّا]

http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif

دعني أحدثك عن -شيء- من البر في حياتهما رضي الله عنهم جميعًا:
هذا رجل لا يصعد إلى الطابق الأعلى إذا كانت أمه في الطابق الأسفل، يقول: كيف أصعد على طابق وأمي تحتي؟
وذاك رجل لا يأكل مع أمه في صحن واحد، فيُسأل: لم يا فلان لا تأكل مع أمك في صحن واحد؟
فيقول:أخاف أن تمتد يدي إلى لقمة وأمي تنظر إليها، أخاف أن ءاكل لقمة وأمي قد اشتهتها. وروي أنَّ رجلًا جاء فاستأذنَه في الجهادِ فقال:إني أريدُ أنْ أجاهدَ معكَ، فقال رسول الله صلى اللهُ تعالَى عليه وسلم: ألكَ أبَوانِ ؟ قال: نعم، قال : كيف تركتَهُما؟ فقال: تركتُهما وهما يبكيانِ، فقال: ارجِعْ إليهما وأضحِكهُما كما أبكيتَهُما" [خلاصة البدر المنير، صحيح: (2 /366)]

http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif

إكسر نفسك من الآن، اجبرها على الذل والخضوع لوالديك، من الآن لا تدعهم يذهبوا للنوم إلا وقد طبعت قبلاتك على أيديهم، أعلم أنك قد تستحي وتقول هم لا يحبون ذلك، بل لأنك لم تتعود فقط على هذا، إذًا هي مسألة تعوُّد فقط ومرة فالثَّانية لن يكون هناك أي حرج بإذن الله.
وعند العودة دومًا تلقي السلام والاطمئنان عليهم تأكد أنهم يسعدان بأي شيء وإن كان بسيطًا فهم أكثر من أحبَّانا بصدق، اذكر دومًا فضلهما عليك وذكِّرهم بمواقف لطيفة حدثت سالفًا لعلك تدخلين السرور عليهما ولا مانع من إرسال رسالة ولو شهرية بالجوَّال تدخل السرور ان كنت بعيدا عليها ، امحي هذا الخجل تمامًا وسيصبح ذلك جزء أساسي من حياتك بإذن الله.
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif
تذكر دومًا تجديد نيَّتُك خالصة لوجه الله وبعد ذلك برًا بهما وإدخال السرور على قلبيهما ويكفيك امتثالًا لأمر الله عز وجل ونحن لا نريد سوى رضاااه ورضاه سبحانه من رضى الوالدين.
واجعل الدعاء مصاحبًا لك في كل وقت وحين أن يعينك الله على برهما في الدنيا وبعد موتهما
وتوكل ثم توكل ثم توكل على الله عز وجل وارمي توكلك عليه ولن يضيعك أبدًاااا سبحانه وتعالى
واشكره سبحانه على أي شيء أو تحول يحدث وكل نعمه فهو من منَّ عليك بها ووفقك إليها وأن ووضع الحب والودّ في قلب والديك فكل شيء بحوله وقوَّته وليس بحولك وقوتك.
ولنحمد الله دومًا أن وضع في قلوب أبوينا حنانًا ارتشفناه ♥
أسأل الله عز وجل أن يعينني وإيَّاكنَّ على بر والدينا ما حيينا وأن يحفظهم لنا ويبارك فيهم جميعًا.

http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/332103283.gif

* عبد الجليل *
2014-03-27, 09:44
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/606247166.gif

الحمد لله الذي خلق الإنسان من نطفة وطوره، وفي أحسن صورة أبدعه وجمله؛ وبالوالدين أوصاه وحذره .
والصلاة والسلام على من جاء بالتطوير ،وحرر الذوات من التصغير والتحقير.
نبه على إمكانية التغيير والتحسين في أكثر من مناسبة ؛من أشهرها وأوضحها قوله صلى الله عليه وسلم: إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم".

http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif
أما بعد ...
فإن المسلم إذا تأمل كلام الله سبحانه وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم في الحث على بر الوالدين وشدة العناية بحقهما ؛ثم نظر بعد ذلك في حال غالب المسلمين مع والديهم وشدة التقصير في حقهما مع شدة الأمر ببرهما دعاه ذلك للخوف الشديد والحزن العظيم، كيف قابلنا هذا الحث الأكيد بالإعراض الشديد ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن منطلق الدعوة إلى التذكير بحق الوالدين والدعوة إلى برهما كتبت هذا الكتاب.
وليعذرني كل أب ولتعذرني كل أم إن لم يريا في كتابي وفاء لحقهما !
ولعل ما يريحني ويسليني أنه لا وفاء لحقهما وإن عظم العطاء إلا في حالة
واحدة خصها صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيعتقه".
وقد كانت هذا الحقيقة راسخة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ؛فهذا رجل محرم قادم من بلاد بعيدة وقد جعل ظهره رحلاً لأمه مرة لحملها ومرة لقضاء حاجتها حتى قضت نسكها وأدت فرضها فيلاقي الصحابي الجليل ابن عمر ويقص عليه قصته ويخبره خبره ؛ويسأله هل وفّى حقها وبلغ الغاية في برها، وهو لا يشك في ذلك؟
فكانت الإجابة التي لم تُمحى على مر السنين وطول الزمان !
قال : لا والذي نفسي بيده ،ولا بزفرة من زفراتها.

http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif
وليعذرني كل ابن ولتعذرني كل بنت إن رأيا في كلامي قسوة وشدة فالكلام عن الوالدين سبب الوجود ووصية رب المعبود.
وليقبل أبوي العزيزين هذه الهدية عسى ربي أن يجعلها في ميزان حسناتي وحسناتهما فحبهما دعاني للكتابة، ونصحهما بعد فضل ربي دلني على طريق الهداية ،ودعاؤهما بعد رحمة ربي أرجى آمالي لحسن العاقبة وجميل النهاية.
اللهم اغفر ما وقع فيها من خطأ وتقصير، وأقبل ما جاء فيها من نصح وتذكير.
اللهم اجعلها من الزاد الباقي، ولا تجعلها كنصيحة الشارب للساقي.
اللهم اجعلها خالصة فنرقى، ولا تجعلها مشوبة فنشقى.
اللهم ألن بها قلوب على الآباء والأمهات قاسية.

ربي لا حول ولا قوة لي إلا بك،فلا اعتماد لي إلا عليك ولا ناصر لي سواك
أنت ربي وحسبي ،فأول حول وقوة أبرأ إليك منها حولي وقوتي .
فلا تكلني إلى نفسي إلهي أبدا ولا إلى أحد من خلقك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه: أبو عبدالرحمن مصلح زويد العتيبي


http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/332103283.gif

* عبد الجليل *
2014-03-27, 09:45
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/606247166.gif
تمهيد:
بحسب علمي واطلاعي المتواضع ؛فإني لم أطلع على من تكلم عن تطوير الذات في فن التعامل مع
الوالدين، هناك من تكلم عن تطوير الذات في التعامل بين الزوجين وعن تطوير الذات في التعامل مع الأبناء، وعن تطوير الذات في التعامل مع الناس عموماً.
صحيح أن الكتابة عن فضل بر الوالدين وحرمت عقوقهما كثيرة مستفيضة .
لكن أن يُكتب عن إطار عام للتعامل مع الوالدين فلم أطلع على شيء من ذلك ؛ولا أعلم سبب لإغفال الكتابة في هذا الجانب الهام ؛فقد يرى بعض الناس وضوح هذا الجانب فلا داعي للكتابة فيه.
وقد حاولت جاهداً أن أقدم شيئاً نافعاً،وبذلت في ذلك وسعي مُستعيناً بربي متوكلاً عليه، فرسمت للموضوع إطارًا عامًا في ذهني انطلقت في الكتابة منه .
وكان مما حفزني على الكتابة رؤيتي الدائمة لوالدي حفظهما الله وعجزي عن بلوغ غاية البر التي أرجو مهما بذلت، واعترافي كغيري بالتقصير في هذا الحق العظيم.
فقلت لعل هذا الكتاب الذي أقدمه وسيلة من وسائل برهما.
ولما كانت مشاغل القراء كثيرة ؛وقل من يجد وقتاً كافياً للقراءة في هذا
الزمان حرصت على عدم الإطالة ولو رمتها لخرج الكتاب في ضعف حجمه الحالي على أقل تقدير.
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif
وقد جعلت هذا الكتاب بعد المقدمة والتمهيد على التقسيم التالي:
مبحث هام: لماذا نطور ذواتنا في تعاملنا مع آبائنا وأمهاتنا.
الفصل الأول: عشر وقفات قبل الانطلاقة.
الفصلالثاني:القواعد المُثلى للتعامل مع الوالدين بالحُسنى.
الفصل الثالث: وصايا في فن التعامل مع الوالدين، وفيه مبحثان:
1- المبحث الأول: وصايا في فن التعامل مع الوالدين في حياتهما.
2- المبحث الثاني: وصايا في فن التعامل مع الوالدين بعد موتهما.
الفصل الرابع: عوائق في طريق البر، وفيه مبحثان:
1- المبحث الأول: عوائق من صنع الوالدين.
2- المبحث الثاني: عوائق من صنع الأولاد.
وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب عوناً له على بر والديه،
ودليلًا واضحاً سهلاً في حسن التعامل معهما، والحمدلله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً والصلاة
والسلام على النبي المختار وآله وصحبه الطاهرين الأبرار والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المعاد.

* عبد الجليل *
2014-03-27, 09:47
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/606247166.gif
مبحث هام! . لماذا نطور ذواتنا في تعاملنا مع آبائنا وأمهاتنا؟
إذا أردت أن تطور ذاتك في مجال معين فلن يتم لك ذلك بصورة صحيحة إلا بعد خطوتين هامتين:
الخطوة الأولى:أن تعترف أن لديك قصور في هذا المجال ؛فإذا لم يكن لديك قصور في هذا المجال أو لم تعترف به
فلن تحقق الفائدة المرجوة من أي برنامج تلتحق به أو أي كتاب تقرأه فيه.
الخطوة الثانية:أن يكون هذا المجال له أهمية في حياتك سواء دينية أو اجتماعية أو اقتصادية أو غير ذلك ؛وأن ترجو أن يعود عليك بالنفع.

فعندما يتم الإعلان مثلاً عن دورة للمعلمين في فن التعامل مع الطلاب فإنه من غير المُجدي أن يلتحق بهذه الدورة فني سيارات.
فهذا الفني سوف يصرف وقتاً ومالاً وجهداً في أمر أهميته محدودة في حياته فهو يتعامل مع السيارات غالب يومه وليس مع الطلاب؛ فالأنفع له أن يحضر دورات في مجال عمله.وعلى هذا المثال فقط.
إذا كان الأمر كذلك فهل نحن بحاجة لتطوير ذواتنا في تعاملنا مع آبائنا وأمهاتنا ؟
من منا ليس لديه تقصير في تعامله مع والديه !
ومن منا يقول أن حسن تعامله مع والديه ليس له أهمية في حياته ولا يعود عليه بالنفع !
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif
أخي الكريم: إذا كنت لا تعرف قدر والديك فأسأل من فقد والديه !
وإذا جهلت عقوبة عقوقهما ؛فانظر في حال ومآل من عقهما !
وإذا سئمت من مرضهما وكثرة مطالبهما ؛فاعلم أنك كما تدين تدان !
وإذا كان والديك من أهل المعاصي ؛فقد كان إبراهيم الخليل باراً بوالده زعيم الكفر !
وإذا كنت تريد الجنة وتسعى لها ؛فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الزم رجلها فثم الجنة".
وإذا كنت تشتاق إلى الجهاد في سبيل الله وبذل الروح رخيصة فيه؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ففيهما فجاهد".
وإذا كنت تريد برهما ولا تحسن ذلك ؛فإني أقدم لك هذا الكتاب(تطوير الذات في فن التعامل مع الآباء والأمهات) عسى أن تجد فيه معيناً ودليلاً ..،

http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/332103283.gif

* عبد الجليل *
2014-03-27, 09:48
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/606247166.gif
الفصل الأول: عشر وقفات قبل الانطلاقة!
الوقفة الأولى: الأم والأب
الأم والأب: وصية الرب ومعنى الحب.
الأم والأب: تحقق الأحلام وذهاب الآلام.
الأم والأب: حقيقة التضحيات وصدق النيات.
دموع الحزن والألم كلها مرة، لكن أمرها على الإطلاق دمعة أم أو أب بسبب عقوق أولادهما.
منظر الكآبة على الوجوه لا يُطاق وترحم منه جميع الوجوه، فكيف به على الوجوه الرحيمة، وجوه الآباء والأمهات!
,,
قد تجد إنسان يعطيك من ماله أو وقته أو جاهه؛ أما أن تجد إنسان يعطيك كل وقته ويأخذ من صحته لصحتك ويهدم حياته ليبني حياتك، فلا أتصور أن تجد غيرهما !
وإذا رحمت فأنت أم أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
كل من يبذل يريد أن يأخذ إلا هما، فإنهما يبذلان ولا يأخذان، فلذلك كثيراً ما يُنسيان !
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif
قارن بصدق:
كم صرف عليك والديك من وقت وجهد وكم صرفت عليهما أنت ؟
كم تعبا لترتاح وكم تعبت ليرتاحا ؟
كم حزنا لتسعد وكم حزنت ليسعدا ؟
كم سهرا لتنام وكم سهرت ليناما ؟
تخفق في دراستك فتتقطع قلوبهما !
تتأخر في العودة إلى البيت فيجن جنونهما !
يتخاصمان يتشاجران والسبب أنت !
يفرحان ويحزنان والسبب أنت !
بل يموتان ويدفنان والسبب أنت !
http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/473494703.gif
فتعال أخي الكريم وأختي الكريمة لنخوض البحار العميقة عسى أن نُنقذ غريق أو غريقة ...
تعالا فلن أطلب منكما المحال ...
تعالا سأهدي لكما الإطار فارسما الصورة !
تعالا لنستدرك ما فات قبل أن تنقطع الأصوات !
تعالا إن لم تعملا بكل ما في الكتاب فطبقا منه وصية أو وصيتين أو استفيدا من فائدة أو فائدتين أو قفا على
وقفة من الوقفات .
تعالا من هنا ننطلق وفي ظل عرش الرحمن بإذنه نلتقي.

http://www4.0zz0.com/2014/01/02/18/332103283.gif

* عبد الجليل *
2014-03-27, 09:49
الوقفة الثانية: العزم على التغيير

مشكلة بعض الناس أنه يظن أن تغير الحال من المحال، فإذا أساء تعامله مع والديه في بداية حياته أو في موقف من المواقف ظن أنه لا يمكن أن يُعدل سلوكه ويحسن تصرفاته ؛يظن أنه ولد ليكون عاقاً ،يظن أن حياته مع
والديه قائمة على العقوق ،والشيطان يُزين له هذه الوساوس والخطرات ،حتى تصبح هذه الوساوس في قلبه حقائق لا تقبل التغيير ولا التبديل ؛بل ولا حتى التأمل والتفكير.
إن العقوق ذنب من الذنوب متى تاب منه العبد تاب الله عليه وبدل سيئاته حسناته، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا‏}.
إن العقوق طريق من الطرق السريعة والمختصرة لولوج النار .بل إنه من أسهل الوسائل للحرمان من التوفيق في الدنيا وتعسر الأمور وضيق الصدور إن لم يكن أسهلها على الاطلاق.
فيا من ضل الطريق وسار بغير دليل أقول لك من قلب مشفق عليك قف !
قف ... فبداية هذا الطريق الآم وهموم وأحزان !
قف ... فنهاية هذا الطريق نيران وسلاسل وأغلال !
قف ... فالأمر اليوم إليك تسير حيث تشاء ؛أما غداً فلا يُدرى ألك أم عليك !
قف ... أرجوك قف !
بدّل ذلك الوجه العابس في وجوه الشيخين الكبيرين بوجه مبتسم ضاحك .
بدّل تلك النظرات المحرقة الحادة بنظرات مشفقة عاطفة !
بدّل ذلك التعالي والإعجاب بالرأي دون رأيهما بالسمع والطاعة والاستنصاح والاسترشاد بشورهما .
بدّل ذلك الانشغال بغيرهما بالانشغال بهما .
اليوم غيّر وليس غداً !
اليوم أقدم ولا تحجم !
صدقني ستسابقك دموعك أن تأخرت عن السير في هذا الطريق .
ولكن لا تحزن أن تأخرت؛ بل احمد الله أن سرت يوم تخلف غيرك .
إن لم يكن لديك همة عالية وعزيمة صادقة فاتك من النجاح بقدر ما فات من همتك وعزيمتك .
ومتى كنت صادقاً عازماً؛ فقد جاء في الحديث القدسي: "وَإِنْ تَقَرَّبَ إلي شبرا تَقَرَّبْتُ إليه ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إلي
ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إليه بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" متفق عليه.

* عبد الجليل *
2014-03-27, 09:53
الوقفة الثالثة: إذا عزمت فتوكل على الله
التوكل على الله مفتاح النجاح وعنوان الفلاح.
التوكل على الله ضمان الوصول بأسهل الحلول .
التوكل على الله باختصار سعادة الدارين .
إذا عزمت أخي الكريم على التغيير؛ فأول الخطوات أن تتوكل على الله وتدعوه وترجوه أن يعينك ويسددك
ويهديك ويوفقك ؛قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}
آل عمران .
وقال تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ} النمل .
وقال تعالى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حيثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} الطلاق .
قال ابن القيم رحمه الله: (والتوكل معنى يلتئم من أصلين من الثقة والاعتماد وهو حقيقة {إياك نعبد وإياك نستعين} .
,,
ثم إن بر الوالدين مثل أي عمل آخر مالم نتوكل على الله في إنجازه ؛فلن يتحقق لنا ذلك وإن عظم البذل وكبر العطاء.
ستقف في طريقك في بداية كل انتقال من شر إلى خير عوائق، هذه العوائق تبدأ كبيرة ثم لا تزال تصغر حتى تمر عليك بدون أن تشعر بها.
وذلك ابتلاء من الله سبحانه حتى يتبين الصادق من غيره .
قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} آل عمران .
...
فالعوائق في طريق الخير والإصلاح سنة كونية .فلا تعجز ولا تضجر بل اصبر واحتسب.
فقد لا يعينك والديك على برهما فتوكل على الله ولا تجعل هذا الأمر عائقاً لك.
وقد تقف زوجتك أو زوجك وأبنائك في طريق البر فتوكل على الله ولا تطعهم.
فلا نجاة ولا فلاح لغير المتوكلين العاملين جعلنا الله وإياك منها.

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:02
الوقفة الرابعة:بعض ما جاء في الأمر ببرهما
أولاً: الآيات:
قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا
تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} الإسراء:
وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإنْسانَ بوالدَيْه حُسْنًا وَإنْ جاهَداكَ لتُشْركَ بي ما لَيْسَ لَكَ به علْم فَلا تُطعْهُما إلَيَّ
مَرْجعُكُمْ فَأُنَبّئُكُمْ بما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} العنكبوت:
وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ
إِلَيَّ الْمَصِيرُ} لقمان:
وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} الأحقاف: 15
,‘

ثانيًا: الأحاديث:
عن عبد اللَّهِ بن مسعود قال سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إلى اللَّهِ قال: (الصَّلَاةُ على وَقْتِهَا قلت ثُمَّ أَيٌّ قال ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قلت ثُمَّ أَيٌّ قال ثُمَّ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ قال حدثني بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي) متفق عليه.
وعن أبي هُرَيْرَةَ قال جاء رَجُلٌ إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: من أَحَقُّ الناس بِحُسْنِ صَحَابَتِي قال: (أُمُّكَ قال ثُمَّ من قال ثُمَّ أُمُّكَ قال ثُمَّ من قال ثُمَّ أُمُّكَ قال ثُمَّ من قال ثُمَّ أَبُوكَ) متفق عليه.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ ثُمَّ رَغِمَ أَنْفُهُ قِيلَ من يا رَسُولَ اللَّهِ قال من أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ أَحَدَهُمَا أو كِلَيْهِمَا ثُمَّ لم يَدْخُلْ الْجَنَّةَ) رواه مسلم.
عنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ قال: (أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: أُبَايِعُكَ على الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الْأَجْرَ من اللَّهِ ؛قال فَهَلْ من وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ ؟قال: نعم بَلْ كلاهما ؛قال: فتبتغ الْأَجْرَ من اللَّهِ ؛قال: نعم ،قال: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا) متفق عليه واللفظ لمسلم.
..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:04
الوقفة الخامسة: كم غير الدعاء إني لأعجب أشد العجب من تقصير كثير من المسلمين في جانب الدعاء
بالرغم من كثرة الآيات والأحاديث الدالة على فضيلته وأهميته ،وبالرغم من سهولته وإمكانيته في كل زمان ومكان ، ومما يزيد العجب حاجتنا له أشد الحاجة في كل أمورنا وشئون حياتنا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام" صححه الألباني.
فسبحان الله ما هذا العجز الذي يعيشه الكثير منا، تجده مهموماً مغموماً فيعجز أن يسأل ربه أن يزيل عنه هذه الهموم والغموم.
تجده معسراً مديناً فيعجز أن يسأل ربه أن يقضي دينه ويُبدل إعساره يساراً.
تجده عاقاً ضالاً فيعجز أن يسأل ربه أن يجعله باراً مهدياً .
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد: وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد وكلشر فأصله خذلانه لعبده وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله نفسك وأن الخذلان أن يخلي بينك وبين نفسك فإذا كان كل خير فأصله التوفيق وهو بيد الله لا بيد العبد فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة إليه فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ومتى أضله عن المفتاح بقى باب الخير مرتجا دونه .

قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إني لا أحمل هم الإجابة ولكن هم الدعاء فإذا ألهمت الدعاء فان الإجابة معه
وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه سبحانه وإعانته، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك فالله سبحانه أحكم
الحاكمين وأعلم العالمين يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به والخذلان في مواضعه اللائقة به هو العليم الحكيم وما أتي من أتي إلا من قبل إضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء ولا ظفر من ظفر بمشيئة الله وعونه إلا بقيامة بالشكر وصدق الافتقار والدعاء) انتهى كلامه رحمه الله.
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:05
الوقفة السادسة: لا تصاحب عاقًّا
قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولًا} الفرقان: – .
وعن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الرَّجُلُ على دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أحدكم من يُخَالِلُ))
رواه أبو داود وحسنه الألباني في السلسة الصحيحة.
والعقوق معد كالجرب والعياذ بالله ؛وليس أضر على الإنسان في تعامله مع والديه من صاحب عاق.
,,
فإنه كلما أراد أن يتوب وندم على تفريطه في حق والديه ،نظر إلى هذا الصاحب فوجده على حاله في عقوقه لوالديه آثر البقاء معه في سفينة العقوق الغارقة ولا محالة.
بل إن الصاحب العاق لا يزال بالرجل البار حتى يصيره عاقاً ،يسير معه في نفس طريقه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وبالمقابل فإن الصاحب البار لا يزال بصاحبه المقصر في حق والديه حتى يصيره باراً بإذن الله.
ثم ما هو الخير وما الفائدة المرجوة من أصحاب العقوق ؟
إن أصحاب العقوق – والعياذ بالله – تنكروا وجحدوا أعظم الحقوق
وقصروا في أدائها وهي حقوق والديهم ؛فهل ينتظر منهم أن يكون أوفياء مع غيرهم ؟
هم جحدوا الحق الواضح كالشمس فلم يذكروه ولم يشكروه !
فهل تظن أخي الكريم أن يذكروا لك حقاً أو يحفظوا لك عهداً .
هيهات هيهات فقد خانوا عهد ربهم في وصيته لهم بوالديهم ،ونسوا ما سبق من إحسان والديهم وعطفهم وفضلهم .
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه لابن مهران: لا تصحبن عاقاً فإنه لن يقبلك وقد عق والديه.
فإياك ثم إياك واحذر ثم احذر أن تصاحب عاقاً.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه.....................فكل قرين بالمقارن يقتدي

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:06
الوقفة السابعة: تخيل حياتك بدونهما
. يندم كثير من الأبناء عند موت أحد والديه ؛إذا كان مقصراً في حقه ويـتألم ويتحسر على ذلك دائماً .
وكأنه لم يكن يعلم أن الموت مصير لا بد منه له ولوالديه وللناس جميعاً قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} الأنبياء: .
وفي الواقع أن كل ابن يتألم لفقد والديه باراً كان أم عاقًا.
,, فالابن البار يتألم تألم الصالحين رغبة في التزود من الخير ،فقد كان في كل يوم يحصل حسنات عظيمة وأجور كبيرة من خلال تعامله مع والديه .
،، وأما الابن العاق فيتألم أن فوت على نفسه فرصة لا تتكرر ؛
فإذا ماتت أمه فمن أين يأتي بأم يبرها !
وإن مات أبوه فأنى له أب يبره !
...
فإذا كانت هذه النتيجة وهذه النهاية معلومة لنا مسبقاً، فهل ننتظر حتى تقع ثم بعد ذلك نتحسر تحسر العاقين
ونتألم تألم الخائبين؟
,,
لاحظ هذا الأمر في حياة والديك ؛قل في نفسك سأفقدهما أو يفقدونني في يوم ما ، الله أعلم بأجله ! تلطف معهما وأحسن صحبتهما ؛فوالله إنها أيام قلائل لا تساوي دمعة من دموعهما أو حسرة يتحسرانها .
عن عَلْقَمَةَ عن عبد اللَّهِ قال نَامَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على حَصِيرٍ فَقَامَ وقد أَثَّرَ في جَنْبِهِ فَقُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ لو اتَّخَذْنَا لك وِطَاءً فقال: "ما لي وما لِلدُّنْيَا ما أنا في الدُّنْيَا إلا كَرَاكِبٍ أستظل تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ
رَاحَ وَتَرَكَهَا" رواه الترمذي وصححه الألباني.
إلى هذا الحد هي قصيرة يارسول الله .
تأمل قوله بأبي هو وأمي: "إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها".
فإذا كان أخي الحبيب هذا قدر الدنيا كاملة، فما مقدار حياتك ووالديك فيها؟ ...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:09
الوقفة الثامنة: ناداه قلب الأم
أغرى امرئ يوماً غـــلاماً جــــاهلاً
بنقـوده كي مـا ينـال به ضرر
قـال ائتني بفؤاد أمـــك يا فتـــــى
ولك الجواهر والدراهم والدرر
فمضى وأغمــد خنجراً في صــدرها
والقلب أخرجه وعاد على الأثر
لكنه من فــــرط سرعته هــــــوى
فتدحرج القلب المقطع إذ عثر
ناداه قلب الأم وهو معـــــفّـــر
ولدي حبيبي هل أصـــــــــابك من ضرر ؟
فكأن هذا الصوت رغــم حــنوه
غضب السماء على الغـــــلام قد انـهمر
فارتـد نحــو القـلب يـغسله بما
لم يأتها أحد سواه من البشر
واستـل خنجـــره ليطــعن نفسه
طعناً فيبقى عبرة لمن اعتبر
ويقـــول يــا قلب انتقـم مني ولا
تغفر فإن جريمتي لا تغتفر
ناداه قلــب الأم كــف يداً ولا
تـــــذبـح فؤادي مــــــــــرتين على الأثــــــر
قلت: الأبيات السابقة تحكي قصة قلب أم واحدة، وفي الحقيقة أن هذه القصة ليست قصة أم واحدة ؛بل جميع الأمهات يعشن حياتهن كاملة بهذا الشعور العظيم والحب العميم لأولادهم من ذكور وإناث .
وإذا كانت هذه الأبيات تروي قصة قتل ابن لأم والعياذ بالله !
فإن كل عقوق مهما صغر هو طعن في قلب الأم والأب.
وكل أم وأب مهما بلغ عقوق أولادهم لهما ؛فإنهما يحرصان أشد الحرص
على أن لا يعلم أحد عن ذلك ؛حفظاً لمشاعر أولادهم وحتى لا يتسببون
في كره الناس لهم ؛فإن كل القلوب تكره عاق والديه كرهاً عظيماً .
وأتركك أخي الحبيب مع القصيدة التالية لتقرأ بنفسك كيف هو شعور الأمهات والآباء تجاه العاق من أولادهم ،وهي وإن كانت بالعامية إلا أن القصد الاعتبار والاتعاظ ،فلا يثرب علينا أحد بإيرادها فقد رسمت هذه القصيدة من وجهة نظري وإن لم أكن شاعراً لوحة جميلة عن قلب رحيم حمل في أحشائه الحُب وصبر على الأذى وستر الخطأ وهجر القريب والبعيد من أجل حبيب جاحد هو بضعة منها أخذ من دمها ولحمها
وشاركها مأكلها ومشربها ؛لكنه.....ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم :
ويوم انشدوني عن دموعي وأنـا أمـك
جاوبتهـم وأبعدتهـم عـن طـواريـك
مابغى أجرحك في كلمة تزيـد همـك
مابغى أقول إن السبـب مـن تجافيـك
يومٍ لمست الصدر في يـوم ضمـك
نسيت أنا اللي حولـي وقلـتِ أبكيـك
مدري أنت عايش وارتجي لمس جسمك
أو ميـتٍ وأقـــــــول يرحمـك والـيـك
يامـا سِهـرت وزاد غمّـي لغـمـــك
ما ارتـــاح ليـن تهتنـي فـي ليــاليــــك
ويامـا ايـلا طوّلـت نومـك أشمـك
وأتاكـد إنـك عايـشٍ لـي وأرجّيـــــــك
وياما ازعلوا منـي خوالـك وعمـك
وياما هجرت اقرب قريبٍ ضحك فيـك
يا مـا ذرف دمعـي إذا سـال دمـك
بـراءة الأطفـال مـاهـي بتنهـيـك
وياما انتظرتك عند بابـي وأنـا أمـك
وأقـول فيـه يـومٍ تجينـي وأحييـك
أخـاف مـن يومٍ يجينـي يغمّـــــك
ويجيك علمـي مـع عزيـزٍ يعزّيـك
أنـا علـى الله داخلـه ثــمّ لـمّـــك
ارحـم قليـبٍ تالـي الليـل يشكيـك
فكر بمن هي صابها الضيـم وظلمـك
واذكر حشا ضمّك وعسـر المساليـك
ودي أشوفـك قبـل يومـي ويومـك
لــو مــرةٍ بالـعـــــــامِ الله يخلـــيـك
مابيـك تقطعنـي إذا أمـري يهـمــك
بقعد معك واضحك واسولف وأحاكيـك
ياوليـدي اذكـر كلمـةٍ قـال فـمـك
لا قلـت كلمـة يـوه قلبـي يلبـيـك
واذكر زمانـا بـه فراشـي بجنبـــك
وإذا شكيـت تقـول يمـه وأسلّـيـك
ولاشتـد مابـك فـوق كتفـي أزمّـك
ما ارتاح لحظـة ليـن ربـي يعافيـك
والختمِ لا جتك الرسالـة وأنـا أمـك
يُما تجـي وألا أنـا ازحـف وأجيـك
ثم بعد أن قرأ الابن هذه القصيدة ،وبعد مرور الأيام كتب رده بمداد حبره دمه ،كتبها وعبراته تسابق عباراته ،فكانت قصيدة بحجم منزلة هذه الأم العظيمة ؛لكنها كانت وللأسف الشديد بعد موتها.
يمه أنا شفت الرسالــــة وهليت
دمعي على خدي وزادت همومي
ضاقت بي الدنيا واستاحش البيت
وضاقت على جسمي وساع الهدومي
ما فكرت نفس الردى لا ولا أوحيت
كلمة نصوح جاب عنك العلومي
يقول أمك عايشه جسمها ميت
تعجز عن الوقفه ليا جت تقومي
نسيت كم ليلة في حضنها تبيـــــــــت
ومن ثديها الطاهر طعامك ترومي
ما همها الأوجاع يوم إنك ألفيــــــــت
مـــــع مخرج ضيق ورحم ظلومي
وكتوفها لك مركب إن طحت وأعييت
ما يركد الخاطر لين إنك تقومي
تبـــيك في عز وراحــــات بالــبيت
لو داسوا العالم عليها القدومي
خف من ولي العرش يومك تناسيت
وإبليس حط بوسط قلبك سهومي
حزنه عليك يفتت الكبد تفـــــتيت
ما تسمعه تقول بزحف وأقــومي
يا ليت أشوفك وأسعد القلب يا ليت
وأجلس معاك لو كان حقي مهضومي
هذا كلامك يمه بقلبي أوحيت
أثري بسبب هجرك شقي محرومي
ما ينفع الليل لو الليل صليــــــــت
لو الدهر كله أزكي وأصــــومي
ما ينفعن لو طعت ربي وسمـــــيت
وبريت وحقك بوسط قلبي معدومي
من أول عايش وفي داخلي ميـــــت
أحسب حياتي عز واثري مـــحرومي
لا منهم جابوا لي اسمك توذيــــت
ألـف بالموضوع لحـــد يلومـــــــي
وأفتح كتاب الله وأقراه وإن جيت
عند آية الأف العظيمة أحومـــــــي
ومن يوم جاني عيال بالأم حسيت
يا ليت مثلي كل عاصــي يقــــومي
تايب وباعلن توبتي لحامي البيت
وارجيه يغفر ما مضى من جــرومي
حق الأميمة ما أعده لو أحصيت
من قام به يلقى السعادة تـــــدومي
وإن كان جاء تفريط في شمعة البيت
ترى العقوبـة نحس دايــم وشؤمي
يمة أنا جيتك وللراس وطيت
أطلبك عارف إن قلبك رحــومي
جيت أشيل هموم ما شالها هيت
موجود بين الناس كأني معدومي
أنا سجين الضيق شـــبيه بالميت
أبيـع نفسي لجــل ترضين دومــي
أنا أعترف وأصيح للعالم أخطيت
يوم إني بهجرك عاقدت العزومي
تمت وبأصـلي على ذايع الصيت
رسولنا صفوة رجال قرومــــي
خاطرة: هل ينتظر كل واحد منا أن يعيش تجربة مؤلمة حزينة مثل هذه التجربة؟
هل يريد كل واحد منا أن يجرب العقوق وآثاره؟
أخي الحبيب: فكر ثم تب ثم أحسن؛ فإن الله غفور رحيم.

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:10
الوقفة التاسعة:إذا لم تجرب ستجرب
لا يشعر كثير من الأبناء والبنات بما يعانيه والديهم من معاناة في تربيتهم ومحبتهم حتى يجربوا هم نفس المعاناة ؛وذلك عندما يرزقون بأولاد .
فتجد كثير منهم يُكثر بعد ذلك من قول رحم الله أبي كم عانى في تربيتنا ورحم الله أمي كم تعبت كي نرتاح! يظن البعض أن تصرفات والديهم معهم بقصد التحكم فيهم والحد من حرياتهم والتدخل في جميع شئون حياتهم.
وبعد أن تمضي سنين العمر يتأكد أولئك الأبناء أن جميع تصرفات والديهم إنما كانت بقصد الإصلاح وجلب النفع والخير لهم ؛ولكن للأسف قد يكون ذلك بعد وفاة والديهم !
,,
أخي الكريم: ليس في الحياة متسع لكل شخص أن يعيش كل تجربة تمر به كاملة ثم بعد ذلك يستنتج منها نتائج ليعمل بها !
فإذا كان الأمر كذلك فهل يتخذ الإنسان قرارات عشوائية قد تؤثر على حياته أم ماذا يفعل ؟
الحل هو الاستفادة من تجارب الآخرين .
فبهذه الطريقة تزيد في عقلك وفي عمرك أيضاً وتختصر المسافات وتستطيع أن تتخذ قرارات ناجحة وذلك عندما تبدأ من حيث انتهى الآخرون .
ومن أمثلة ذلك تلقي العلم عن المشايخ والعلماء وعدم الاقتصار على ما في بطون الكتب .
ومن أهم فوائد هذه الطريقة في الحقيقة الاستفادة من تجربة أولئك العلماء الذين عاشوا حياتهم وميزوا بين النافع والضار والمهم والأهم .
فيختصر الطالب بهذه الطريقة طريقاً طويلاً مجهداً سار فيه غيره ويحصل على خلاصته في وقت قصير وجهد يسير.
وكذلك في التعامل مع الوالدين استفد من تجربة غيرك، فعندما ترى عاقاً يندب حظه ويبكي بدل الدمع دماً على ما فرط في حق والديه ؛فهل من الحكمة أن تسير في هذا الطريق لتذوق هذا الألم وتذرف تلك الدموع.
وعندما ترى باراً بوالديه يحقق النجاح تلو النجاح ،ويعترف بأن من أعظم أسباب نجاحه هو بره بوالديه .
فعندما ترى هذا التجربة وتقف عليها بنفسك ثم تشك في نتائجها وتخلط بين البر والعقوق، فأنت تحتاج إلى عمر طويل لتتأكد من كل تجربة بنفسك وأنى لك هذا العمر !
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:12
الوقفة العاشرة: أتعبت الأبناء بعدك يا كلاب !
ذهب كلاب بن أمية في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى المدينة فأقام بها مدة ثم لقي ذات يوم طلحة والزبير رضي الله عنهما فسألهما أي الأعمال أفضل ؟ فقالا الجهاد ؛فسأل عمر رضي الله عنه فأغزاه في جيش وكان أبوه قد كبر وضعف فلما طالت غيبته قال:
لمن شيخان قد نشدا كلابا كتاب الله لو قبل الكتابا
أناديه فيُعرض في إبــاء فلا وأبي كلاب ما أصابا
أتاه مهاجران تكنــفاه ففارق شيخه خطأ وخابا
تركت أبـاك مرعشة يداه وأمك ما تسيغ لها شرابا
وإنك والتماس الأجر بعدي كباغي الماء يتبع السرابـا
فبلغت أبياته عمر رضي الله عنه فلم يردد كلاباً ؛ وطال مقامه فخلط جزعاً عليه ، ثم إنه أتاه يوماً وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله المهاجرون والأنصار فوقف عليه وأنشأ يقول :
أعاذل قد عذلت بغير قدر ولا تدرين عاذل ما ألاقي
فإما كنت عاذلتي فـردي كلابا إذ تـــوجـه للعراق
ولم أقض اللبانة من كلاب غداة غد وآذن بالفــراق
فتى الفتيان في يسر وعسر شديد الركن في يوم التلاقي
ولا أبيك ما باليت وجدي ولا شفقي عليك ولا اشتياقي
وإبقائي عليك إذا شتونـا وضمك تحت نحري واعتناقي
فلو فلق الفؤاد شديد وجد لهم سواد قـــلبي بانفلاق
سأستعدي على الفاروق رباً لـه دفــع الحجيج إلى سياق
وأدعو الله مجتهداً عليــه ببطن الأخشبين إلى دفـــاق
إن الفاروق لم يردد كلابــاً إلى شيخين هامهــما زواق
,, فبكى عمر رضي الله عنه وأمر برد كلاب إلى المدينة؛ فلما قدم دخل إليه فقال ما بلغ من برك بأبيك ؟ فقال كنت أوثره وأكفيه أمره ،وكنت أعتمد إذا أردت أن أحلب له أغزر ناقة في إبله وأسمنها ،فأريحها وأتركها حتى تستقر ثم أغسل أخلافها حتى تبرد ثم أحتلب له فأسقيه . فبعث عمر رضي الله عنه إلى أبيه من جاء به وأدخله ؛وقد ضعف بصره وانحنى فقال يا أبا كلاب كيف أنت ؟ فقال كما ترى يا أمير المؤمنين !
فقال هل من حاجة ؟
فقال كنت أشتهي أن أرى كلابا فأشمه شمة وأضمه ضمة قبل أن أموت فبكى عمر وقال ستبلغ في هذا ما تحب إن شاء الله تعالى .
،، ثم أمر كلاباً أن يحتلب لأبيه ناقة كما كان يفعل ويبعث إلى أبيه ففعل
فناوله عمر الإناء وقال دونك يا أبا كلاب فلما أخذه وأدناه إلى فمه قال
لعمر الله يا أمير المؤمنين إني لأشم رائحة كلاب من هذا الإناء !
فبكى عمر وقال هذا كلاب حاضر عندك فنهض إليه وقبله وجعل عمر يبكي ومن حضره فقال لكلاب ألزم أبويك وأمر له بعطائه وأمره بالانصراف فلزمهما إلى أن ماتا .
فرحم الله الفاروق ورضي عنه ،ورحم كلاباً وأبيه وأمه .
قد أتعبت الأبناء بعدك يا كلاب !
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:12
الفصل الثاني
القواعد المُثلى للتعامل مع الوالدين بالحُسنى
القاعدة الأولى: اعلم يقيناً أن بر الوالدين من أعظم وأيسر وأقرب الطرق الموصلة لرضا الرحمن والفوز بالجنة .
توضيح القاعدة:رضا الله والفوز بالجنة الهدف الأسمى لكل مسلم عاش أو يعيش على هذه الأرض.
كل مؤمن صادق يبذل من وقته وجهده وماله ليفوز بالأمرين العظيمين رضا الله والفوز بالجنة.
يقوم ليالي الشتاء ويصوم أيام الهواجر ...
يطلب العلم ويحفظ القرآن ...
يُنفق ماله ويُحسن إلى الناس...
يصبر على الأذى ولا يؤذي المسلمين...
بل يذهب للجهاد في سبيل الله بنفسه وماله ولا يرجع من ذلك بشيء...
كل هذه الأعمال العظيمة وغيرها ليفوز برضا الله وجنته وينجو من عذابه وعقوبته !
,,
تخيل أنك سرت لمسافة مائة كيلو لشراء غرض ما، مع أنه بالقرب من بيتك متجر يبيع أجود من هذا الغرض
وبسعر أقل !
ألا تتألم لذلك عندما تعلم به !
الوالدان يعيشان معنا بالقرب منا ،نستطيع برهما والإحسان إليهما بجهد أقل من قيامنا ببعض الأعمال الصالحة؛
لكن الكثير منا يغفل عن هذا الجانب وللأسف .
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نِمْتُ فرأيتني في الْجَنَّةِ فَسَمِعْتُ صَوْتَ قارئ يَقْرَأُ فقلت من هذا فَقَالُوا هذا حَارِثَةُ بن النُّعْمَانِ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ الْبِرُّ كَذَلِكَ الْبِرُّ وكان أَبَرَّ الناس بِأُمِّهِ"

رواه الإمام أحمد في المسند وصححه الحاكم والذهبي.
وعن عبد اللَّهِ بن عَمْرٍو قال جاء رَجُلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يَسْتَأْذِنُهُ في الْجِهَادِ فقال: "أَحَيٌّ وَالِدَاكَ قال نعم قال فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ"
متفق عليه.
قال الإمام النووي رحمه الله: "هذا كله دليل لعظم فضيلة برهما وأنه آكد من الجهاد".
عن مُعَاوِيَةَ بن جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ قال أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ: "إني كنت أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قال وَيْحَكَ أحيه أُمُّكَ قلت نعم قال ارْجِعْ فَبَرَّهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ من الْجَانِبِ الْآخَرِ فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ إني كنت أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قال وَيْحَكَ أحيه أُمُّكَ قلت نعم يا رَسُولَ اللَّهِ قال فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ من أَمَامِهِ فقلت يا رَسُولَ اللَّهِ إني كنت أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ قال وَيْحَكَ أحية أُمُّكَ قلت نعم يا رَسُولَ اللَّهِ قال وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ"

رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وعن عبد اللَّهِ بن مسعود قال سَأَلْتُ النبي صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلى اللَّهِ قال: "الصَّلَاةُ على وَقْتِهَا قلت ثُمَّ أَيٌّ قال ثم بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قلت ثُمَّ أَيٌّ قال الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ حدثني بِهِنَّ وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي"
متفق عليه.
وهذه الأحاديث تدل دلالة صريحة على عظم منزلة البر وأنه من أقرب الطرق الموصلة إلى رضا الرحمن والجنة .

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:13
القاعدة الثانية: اعلم يقينًا أن بر الوالدين من أعظم وأيسر وأقرب
الطرق لتحقيق السعادة والنجاح في الدنيا.
توضيح القاعدة:كل عاقل يبحث عن تحقيق السعادة والنجاح في حياته الدنيا .
لكن كثير من الناس لا يعرف طريق النجاح ؛فلا يتحقق له ذلك لعدم سيره في الطريق الصحيح.
والسعادة والنجاح في الدنيا لها وسائل وأسباب لتحقيقها ؛فمن فعل أسباب السعادة والنجاح سعد ونجح بإذن
الله.
’, ومن أعظم أسباب السعادة والنجاح في الدنيا بر الوالدين ؛فالوالدان عندما يريان من ابنهما البر والرحمة
والشفقة عليهما والإحسان بهما ؛تلهج ألسنتهما بالدعاء له ليل نهار ،فكلما ارتفعت أكفهما بالدعاء كان لهذا
الابن البار أكبر الحظ والنصيب من دعاؤهما .
هذا الدعاء مظِنة الإجابة بإذن الله.
...
عن حزم ابن مهران قال سمعت رجلاً سأل الحسن فقال يا أبا سعيد ما تقول في دعاء الوالد لولده ؟ ؛قال:
نجاة وقال بيده هكذا كأنه يرفع شيئاً من الأرض ؛قال فما دعاؤه عليه ، قال: استئصال ،وقال بيده كأنه
يخفض شيئا.
بل إن كثيراً من الأبناء يُقسم بالله العظيم أيماناً مغلظة أنه ما عرف التوفيق والنجاح إلا منذ أن بر والديه.
وقد تكون طاعة الوالدين في أحنك الظروف راحة وطمأنينة للولد ؛فهذا عبدالله بن الزبير رضي الله عنه ؛لما
حاصره الحجاج في مكة وتخلى عنه الناس دخل على أُمِّه أسماءَ وهي شاكية فقال لها إن الموت لراحة فقالت له
لعلك تَمَنَّيْتَهُ لي ما أُحِبُّ أن أموتَ حتى يأتيَ على أحد طَرَفَيْك إما قُتِلتَ فَأَحتسبك وإما ظَفِرت بعدوك فتَقَرّ
عيني فضحك . فلما كان اليوم الذي قُتِل فيه دخل عليها فقالت له يا بني لا تقبلن منهم خُطَّة تخاف فيها على نفسك الذل
مخافةَ القتل فوالله لضربةٌ بسيف في عِزٍ خيرٌ من ضربةٍ بسوطٍ في ذُلٍ .
فاستبشر عبدالله بكلام أمه رضي الله عنهما ؛وقتل في ذلك اليوم.
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:24
القاعدة الثالثة: كل أمر يسعد والديك ولا يغضب ربك فلا تتوانى في فعله.
أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الوالدين، ومن أعظم الإحسان لهما طاعتهما، لكن هذه الطاعة إنما تجب
مالم تكن في معصية الله.
وقد أدرك السلف الصالح هذا المعنى العظيم في فعل كل ما يسعد والديهم ولا يغضب ربهم.
عن محمد بن سيرين قال: كانت النخلة تبلغ بالمدينة ألفاً فعمد أسامة بن زيد إلى نخلة فقطعها من أجل جمارها
فقيل له في ذلك فقال إن أمي اشتهته علي وليس شيء من الدنيا تطلبه أمي أقدر عليه إلا فعلته .
وكان الإمام أبو حنيفة باراً بوالديه ، وكان يدعو لهما ويستغفر لهما ، يقول عن نفسه : " ربما ذهبتُ بها إلى
مجلس عمر بن ذر ، وربما أمرتني أن أذهب إليه وأسأله عن مسألة فآتيه وأذكرها له ، وأقول له : إن أمي أمرتني أن أسألك عن كذا وكذا ، فيقول : أو مثلك يسألني عن
هذا ؟! ، فأقول : هي أمرتني ، فيقول : كيف هو الجواب حتى
أخبرك ؟ ، فأخبره الجواب ، ثم يخبرني به ، فأتيها وأخبرها بالجواب ، وفي مرة استفتتني أمي عن شيء ،
فأفتيتها فلم تقبله ، وقالت : لا أقبل إلا بقول زرعة الواعظ ،
فجئت بها إلى زرعة وقلت له : إن أمي تستفتيك في كذا وكذا ، فقال : أنت أعلم وأفقه ، فأفتها . فقلت :
أفتيتها بكذا ، فقال زرعة : القول ما قال أبو حنيفة فرضيتوانصرفت.
فرحم الله الإمام الفقيه أبا حنيفة ؛لم يقل أذهب إلى رجل أقل مني علماً حتى أسأله ؛ماذا سيقول الناس عني ؟
بل ذهب بكل بساطة، وقد عرف له القوم قدره، فطلبوا منه الإجابة حتى يعيدوها عليه لترضى أمه.
إن الوالدين ينظران إلى ابنهما مهما على قدره وارتفعت منزلته ،على أنه ذلك الطفل الذي يأمرانه وينهيانه وهما
أعلم بمصلحته من نفسه ويتعاملان معه في غالب الأحوال
انطلاقاً من هذه النظرة .
فدعونا كأبناء نتقبل هذه النظرة من والدينا ،ولا يقل أحدنا أنا العالم الفقيه أو الطبيب الحاذق أو المهندس
البارع أو المسئول الكبير ؛ثم ينتظر أن يتعامل معه والديه من
خلال رؤيته لنفسه أرؤية المجتمع له .
لا يا أخي الكريم إن للوالدين نظرة خاصة فلنقبلها .
كان حيوة بن شريح يقعد في حلقته يعلّم الناس ، فتقول له أمه : " قم يا حيوة ، فألق الشعير للدجاج ،
فيترك حلقته ويذهب لفعل ما أمرته أمّه به.
فرحمه الله ففعله فعل العلماء الربانيين ؛يترك حلقته وكتبه وطلابه ،لماذا ؟
ليلقي الشعير للدجاج !
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:26
القاعدة الرابعة: كل أمر يحزن والديك ويغضبهم ولم يوجبه ربك فاجتنبه.
عن مُعَاذٍ قال أوصاني رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ قال: "لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً وَإِنْ قُتِلْتَ
وَحُرِّقْتَ وَلاَ تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ من أَهْلِكَ وَمَالِكَ
وَلاَ تَتْرُكَنَّ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فإن من تَرَكَ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِئَتْ منه ذِمَّةُ اللَّهِ وَلاَ تَشْرَبَنَّ خَمْراً
فإنه رَأْسُ كل فَاحِشَةٍ وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ فإن بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ
اللَّهِ عز وجل وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ الناس وإذا أَصَابَ الناس مُوتَانٌ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ وَأَنْفِقْ
على عِيَالِكَ من طَوْلِكَ وَلاَ تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَباً وَأَخِفْهُمْ في اللَّهِ" رواه الإمام أحمد في المسند.
والشاهد في هذا الحديث قوله: "وَلاَ تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ من أَهْلِكَ وَمَالِكَ".
قلت :لو تخيلنا شخص يأمره والداه بأن يطلق زوجته ويترك ماله وهو مع هذا مأمور بعدم عقوق والديه حتى
في هذه الصورة .
عن عبدالله بن عُمَرَ قال: "كانت تَحْتِي امْرَأَةٌ أُحِبُّهَا وكان أبي يَكْرَهُهَا فَأَمَرَنِي أبي أَنْ أُطَلِّقَهَا فَأَبَيْتُ فَذَكَرْتُ
ذلك لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال يا عَبْدَ اللَّهِ بن عُمَرَ طَلِّقْ امْرَأَتَكَ" رواه الترمذي وحسنه الألباني.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: فيه دليل صريح يقتضي أنه يجب على
الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها وإن كان يحبها فليس ذلك عذرا له في الإمساك ويلحق بالأب
الأم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن لها من الحق
على الولد ما يزيد على حق الأب .
فأمر الله الولد في حالة دعوة والديه له ليشرك بربه بعدم طاعتهما فقط فلم يأمره بهجرهما ولا قتالهما ولا
عقوقهما !
,,
بل إن سبحانه وتعالى أمره في الآية الأخرى بمصاحبتهما في الدنيا معروفا
قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورًا} لقمان:15.
قال القرطبي رحمه الله: والآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين ،وإلانة القول
والدعاء إلى الإسلام برفق وقد قالت أسماء بنت أبي بكر
الصديق للنبي عليه الصلاة والسلام وقد قدمت عليها خالتها وقيل أمها من الرضاعة فقالت يا رسول الله إن
أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها ؛ قال : نعم .
قال السعدي رحمه الله:أي صحبة إحسان إليهما بالمعروف وأما أتباعهما وهما بحالة الكفر والمعاصي فلا تتبعهما.
وسبب نزول هذه الآية مارواه مسلم عن مُصْعَب بن سَعْدٍ عن أبيه أَنَّهُ قال نَزَلَتْ في آيَاتٌ من الْقُرْآنِ قال:
حَلَفَتْ أُمُّ سَعْدٍ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا حتى يَكْفُرَ بِدِينِهِ ولا تَأْكُلَ ولا تَشْرَبَ،
قالت: زَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ وَصَّاكَ بِوَالِدَيْكَ وأنا أُمُّكَ وأنا آمُرُكَ بهذا قال مَكَثَتْ ثَلَاثًا حتى غُشِيَ عليها من الْجَهْدِ
فَقَامَ ابن لها يُقَالُ له عُمَارَةُ فَسَقَاهَا فَجَعَلَتْ تَدْعُو على سَعْدٍ فَأَنْزَلَ
الله عز وجل في الْقُرْآنِ هذه الْآيَةَ...".
قال مجاهد - رحمه الله -: "لا ينبغي للولد أن يدفع يد والده إذا ضربه، ومن شد النظر إلى والديه لم
يبرهما، ومن أدخل عليهما ما يحزنهما فقد عقهما".
وسئل كعب الأحبار عن العقوق فقال: "إذا أمرك والداك بشيء فلم تطعمهما، فقد عققتهما العقوق كله".
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:26
القاعدة الخامسة:لا تقدم عليهما أحدًا كائنًا من كان.
قال تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي
القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا}
النساء: .
قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم: جمع الله تعالى في هذه الآية بين ذكر حقه على العبد وحقوق
العباد على العباد أيضاً ؛ وجعل العباد الذين أمر بالإحسان إليهم خمسة أنواع أحدها من بينه وبين الإنسان قرابة
وخص منهم الوالدين بالذكر لامتيازهما عن سائر الأقارب بما لا يشركونهما فيه فإنهما كانا السبب في وجود
الولد ولهما حق التربية والتأديب وغير ذلك...الخ.
وليس المقصود التقديم بالكلام فقط ؛فبعض الأبناء يزعم أنه لا يقدم أحداً على والديه بلسانه ؛ولكن أفعاله
تخالف ذلك .
,,
فإذا طلبت منه أمه طلباً يتعارض مع موعد أصدقائه ،قدم موعد أصدقائه ومن الأبناء من يحاول أن يعتذر لامه
بطريقة حسنة ومنهم من يذهب إلى موعد أصدقائه ولا يبالي .
ولعل عدم تقديم أحد على الوالدين ولو كانوا أبناء الإنسان وزوجته واضح في قصة الثلاثة النفر الذين آواهم
المبيت إلى غار فسقطت صخرة فصكت مدخل الغار ؛فقال أحدهما بعد اتفقوا أن يدعوا الله بصالح إعمالهم:
فقال أَحَدُهُمْ: اللهم إنه كان لي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ وَامْرَأَتِي ولي صِبْيَةٌ صِغَارٌ أَرْعَى عليهم فإذا أَرَحْتُ
عليهم حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ فَسَقَيْتُهُمَا قبل بني وَأَنَّهُ نَأَى بِي ذَاتَ يَوْمٍ الشَّجَرُ فلم آتِ حتى أَمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا
قد نَامَا فَحَلَبْتُ كما كنت أَحْلُبُ فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ فَقُمْتُ عِنْدَ رؤوسهما أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا من نَوْمِهِمَا وَأَكْرَهُ
أَنْ أسقى الصِّبْيَةَ قَبْلَهُمَا وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ فلم يَزَلْ ذلك دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حتى طَلَعَ الْفَجْرُ فَإِنْ كُنْتَ
تَعْلَمُ أني فَعَلْتُ ذلك ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لنا منها فُرْجَةً نَرَى منها السَّمَاءَ فَفَرَجَ الله منها فُرْجَةً فَرَأَوْا منها
السَّمَاءَ..." متفق عليه.
أما أن ندعي بألستنا عدم تقديم أحد على والدينا وأفعالنا تخالف ذلك فهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر !
يريد منه والده أن يرافقه إلى مناسبة معينة ،ويريد أصحابه أن يأتيهم في الاستراحة ؛فيذهب ويترك أباه !
ويقول أنا لا أقدم أحداً على والدي !
تريد منه أمه أن يذهب بها إلى خالته وتريد منه زوجته أن يذهب بها إلى السوق فيختلق الأعذار حتى تؤجل أمه
زيارة خالته !
ويقول أنا لا أقدم أحداً على والدي !
هل يضحك على نفسه أم على والديه أم على الناس؟
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:27
القاعدة السادسة: تذكر دائمًا ما سبق من إحسانهما.
قال تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى
إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل
صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين} الأحقاف:
في هذه الآيات يُذكر الله الإنسان ما سبق من إحسان أمه به ؛كيف أنها حملته كرهاً ووضعته كرهاً ؛وفي الآية
جاء التعبير القراني الكريم بحملته وهناً على وهن.
روى الطبراني في المعجم الأوسط عن جابر بن عبد الله قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا
رسول الله إن أبي أخذ مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل اذهب فائتيني بابيك فنزل جبريل
على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في
نفسه ما سمعته أذناه فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم ما زال ابنك يشكوك أنك تأخذ ماله
قال سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي فقال النبي صلى الله عليه
وسلم إيه دعنا من هذا أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك قال الشيخ والله يا رسول الله ما يزال
الله يزيدنا بك يقينا قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي قال قل وأنا أسمع قال قلت
غذوتك مولودا ومنتك يافعا
تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت
لسقمك إلا ساهرا أتململ
تخاف الردى نفسي عليك وإنها
لتعلم أن الموت وقت مؤجل
كأني أنا المطروق دونك بالذي
طُرقت به دوني فعيناي تهمل
فلما بلغت السن والغاية التي
إليها مدى ما فيك كنت أومل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة
كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي
فعلت كما الجار المجاور يفعل
قال فعند ذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه وقال: "أنت ومالك لأبيك".
فتذكر أخي الكريم دائماً ما سبق من إحسان والديك ؛تذكر ما تحملته أمك من التعب والأذى ،تذكر ما تحمله
أبوك من السهر وما أنفقه من أموال من أجلك .
فهل تجازيهم بالعقوق بعد أن كبر سنهما ورق عظمهما ؟
أما هل تجعلهم يعيشون على شفقة المشفقين وإحسان المحسنين ،وأنت حي تُرزق !
وآسفا على ولد هذا جزاء والديه لديه !
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:30
القاعدة السابعة: لا تسمع لأحد فيهما
بعض الأبناء يحب والديه حباً عظيماً ،ويحاول أن يحسن إليهما غاية الإحسان ؛لكنه يقع بدون أن يشعر تحت
تأثيرات تجعله يتصرف مع والديه تصرفات أهل العقوق.
بعض الزوجات وبعض الأزواج أيضاً كل منهما يريد أن يستأثر بالآخر وهذا في جانب النساء أكبر ؛فتحاول
أن تختلق المواضيع التي تجعل الابن لا يحبذ الذهاب إلى والديه.
فتشكك زوجها في حب والديه لأبنائه ؛وتخبره أنهما يقدمان أبناء أخيك فلان أو أختك فلانة على أبنائنا !
وفي بعض الأحيان قد تقول له إن أمك لا تحبني وتذكر أهلي بسوء وتسوق هذا الكلام وهي غارقة في موجة
عنيفة من البكاء.
هذا بلا شك يجعل في نفس الابن شعور سيء تجاه والديه ،ومع مرور الأيام وتكرار مثل هذا الكلام يزداد
ذلك الشعور السيئ في نفس هذا الابن مما قد ينتج عنه تصرفات أو كلام أو نظرات عقوق .
وكما أن هذا الكلام قد يُنقل من الزوجة ؛فإنه قد يُنقل في أحيان أخرى من الأبناء ،فيكثرون الشكوى من
أجدادهم وجداتهم ،ويتهمونهم بتقديم ابن فلان وبنت فلانة علينا ،ولا يرغبون في زيارتنا لهم ،ودائماً ما
يقومون بضربنا وتوبيخنا بدون أدنى سبب !
إن العلاج الأمثل لهذا الأمر: هو عدم الاستماع لأي كلام يُنقل لك بسوء عن والديك
وخصوصاً من زوجتك وأبنائك .
ثم لنفرض أنهم يقدمان أبناء أخيك أو أختك على أبنائك،فقد يكون ذلك بسبب برهم واحترامهم لهما !
ونحن عندما نطالب والدينا بالعدل في هذا الجانب الذي لا يجب عليهم العدل فيه ؛فهل عدلنا نحن بين أبنائنا مع
أن هذا العدل واجب علينا ؟
ثم ألا يستحق إحسان والدينا معنا في كل الأمور أن نغض الطرف عنهما إن بدر منهما قصور في حقنا.
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:31
القاعدة الثامنة:نجاحك نجاح لوالديك

بعض الناس صاحب همة عالية وطموح بلا حدود، يحب النجاح ويعشق التحدي ،يعيش حياته مع الانجازات؛
يريد أن يأتي كل يوم بجديد مفيد ود لو استطاع أن يحقق في كل ساعة انجاز.
فهل استشعر هذا البطل أن نجاحه نجاح لوالديه، وأن من أعظم ما يدخل السرور على قلوب الآباء والأمهات
تميز أبنائهم.
عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ من الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَهِيَ
مَثَلُ الْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي ما هِيَ فَوَقَعَ الناس في شَجَرِ الْبَادِيَةِ وَوَقَعَ في نَفْسِي أنها النَّخْلَةُ قال عبد اللَّهِ فَاسْتَحْيَيْتُ
فَقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بها فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هِيَ النَّخْلَةُ قال عبد اللَّهِ فَحَدَّثْتُ أبي
بِمَا وَقَعَ في نَفْسِي فقال لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إلي من أَنْ يَكُونَ لي كَذَا وَكَذَا" متفق عليه.
قال ابن حجر في فتح الباري: "ووجه تمنى عمر رضي الله عنه ما طبع الإنسان عليه من محبة الخير لنفسه
ولولده ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره وليزداد من النبي صلى الله عليه وسلم حظوة ولعله كان
يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم".
قال النووي رحمه الله: "وفيه سرور الإنسان بنجابة ولده وحسن فهمه".
فكيف لو أن أحدنا جعل من النوايا الصالحة التي يرجوها عند تحقيق
النجاح وتقديم المفيد إدخال السرور على والديه.
لا شك أنه بذلك سيتحقق له أجور عظيمة بإذن الله تعالى.
ولذلك أوصي الطلاب المتميزين أن يجعلوا هذه النية الصالحة حاضرة في دراستهم وطلبهم للعلم.
بل يقال إن كل شخص لا يريد أن يفضله أحد إلا ابنه .

فإذا لم نكن نعشق النجاح ولا نهتم بالتميز ؛فلنعشقه من أجل إدخال السرور على قلوب آبائنا وأمهاتنا.

...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:32
القاعدة التاسعة: كما تدين تدان
قال تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} الرحمن: .
عن أبي بَكْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما من ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ الله تَعَالَى لِصَاحِبِهِ
الْعُقُوبَةَ في الدُّنْيَا مع ما يَدَّخِرُ له في الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ"رواه الترمذي وأبو داود وصححه الألباني.
وأي رحم أقرب من الوالدين !
بل جاء في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ
حتى إذا فَرَغَ منهم قَامَتْ الرَّحِمُ فقالت هذا مَقَامُ الْعَائِذِ من الْقَطِيعَةِ قال نعم أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ من وَصَلَكِ
وَأَقْطَعَ من قَطَعَكِ قالت بَلَى قال فَذَاكِ لَكِ، ثُمَّ قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اقرؤوا إن شِئْتُمْ {فهل
عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم،
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} محمد: –
فكما أن من يبر والديه سيبره أبنائه بإذن الله ؛فإن من يعق والديه سيعقه أبنائه إلا أن يشاء الله .
فعلينا أن نستحضر هذا الأمر في أذهاننا ليل نهار عندما نتعامل مع آبائنا وأمهاتنا ؛فمن لم تدعه رحمة والديه
والوفاء بحقهما إلى برهما والإحسان إليهما؛فليدفعه خوفه من عقوق أبنائه وانتصار ربه لوالديه منه على يد أبنائه
؛كما هو واقع ومشاهد ومعلوم.
,,
هذه قصة يرويها أحد بائعي المجوهرات يقول : دخل عليه في المحل رجل وزوجته وخلفه أمه العجوز وتحمل
ولده الصغير..
يقول أخذت زوجته تشتري من المحل وتشتري من الذهب ..
فقال الرجل للبائع : كم حسابك ؟
قال البائع : عشرون ألف ومائة ..
فقال الرجل : ومن أين جاءت المائة..
قال : أمك العجوز اشترت خاتماً بمئة ريال ..فأخذ ابنها الخاتم ورماه للبائع وقال : العجائز ليس لهن ذهب ..
ثم لما سمعت العجوز هذا الكلام بكت وذهبت إلى السيارة ..
فقالت زوجته : ماذا فعلت ؟ ماذا فعلت لعلها لا تحمل ابنك بعد هذا ؟ عياذاً بالله كأنها خادمة عندهم ..
فعاتبه بائع المجوهرات .. فذهب الرجل إلى السيارة وقال لأمه : خذي الذهب الذي تريدين . خذي الخاتم إن
أردت ..
فقالت أمه : لا والله .. لا أريده .. والله لا أريد الخاتم ولكني أريد ان أفرح بالعيد كما يفرح الناس فقتلت
سعادتي سامحك الله" موسوعة القصص الواقعية على الإنترنت.
فماذا ينتظر هذا الابن والعياذ بالله من أبنائه في المستقبل ؟
وهذا رجل كبر أبوه.. فأخذه على دابة (جمل) إلى وسط الصحراء ،فقال أبوه : يا بني أين تريد أن تأخذني .
فقال الابن : لقد مللتك وقد سئمتك .
قال الأب : وماذا تريد ؟ .
قال : أريد أن أذبحك لقد مللتك يا أبي ..
فقال الأب : إن كنت ولا بد فاعلاً فاذبحني عند تلك الصخرة .
فقال الابن : ولمَ يا أبي ؟.
قال الأب : فإني قد قتلت أبي عند تلك الصخرة فاقتلني عندها فسوف ترى من أبنائك من يقتلك عندها!"
موسوعة القصص الواقعية على الإنترنت
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:32
القاعدة العاشرة: احذر دعاؤهما عليك
عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لم يَتَكَلَّمْ في الْمَهْدِ إلا ثَلَاثَةٌ عِيسَى بن مَرْيَمَ وَصَاحِبُ
جُرَيْجٍ وكان جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً فَكَانَ فيها فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وهو يصلى فقالت يا جُرَيْجُ فقال يا رَبِّ
أُمِّي وَصَلَاتِي فَأَقْبَلَ على صَلَاتِهِ فَانْصَرَفَتْ فلما كان من الْغَدِ أَتَتْهُ وهو يصلى فقالت يا جُرَيْجُ فقال يا رَبِّ أُمِّي
وَصَلَاتِي فَأَقْبَلَ على صَلَاتِهِ فَانْصَرَفَتْ فلما كان من الْغَدِ أَتَتْهُ وهو يُصَلِّي فقالت يا جُرَيْجُ فقال أَيْ رَبِّ أُمِّي
وَصَلَاتِي فَأَقْبَلَ على صَلَاتِهِ فقالت اللهم لَا تُمِتْهُ حتى يَنْظُرَ إلى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا
وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتْ امْرَأَةٌ بغي يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا فقالت إن شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ قال فَتَعَرَّضَتْ له فلم يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا فَأَتَتْ
رَاعِيًا كان يَأْوِي إلى صَوْمَعَتِهِ فَأَمْكَنَتْهُ من نَفْسِهَا فَوَقَعَ عليها فَحَمَلَتْ فلما وَلَدَتْ قالت هو من جُرَيْجٍ فَأَتَوْهُ
فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فقال ما شَأْنُكُمْ قالوا زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ فقال أَيْنَ
الصَّبِيُّ فجاؤوا بِهِ فقال دَعُونِي حتى أصلى فَصَلَّى فلما انْصَرَفَ أتى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ في بَطْنِهِ وقال يا غُلَامُ من
أَبُوكَ قال فُلَانٌ الرَّاعِي قال فَأَقْبَلُوا على جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ وَقَالُوا نَبْنِي لك صَوْمَعَتَكَ من ذَهَبٍ قال
لَا أَعِيدُوهَا من طِينٍ كما كانت فَفَعَلُوا ...الحديث" متفق عليه.
فجريج على ما كان منه من العبادة والاجتهاد لم تخطئه دعوة أمه ؛فكيف بمن هو قليل العبادة والاجتهاد كثير
العقوق والعناد .
كيف بمن يأخذ أمه بلا رحمة ولا رأفة ليرم بها في دار العجزة .
كيف بمن يقسم أيماناً مغلظة على أبيه بأن لا يدفع له ريالاً واحداً .
كيف بمن يتوسل إليه والديه أن يقف مع أخيه أو أخته ؛فلا يقيم لهذا التوسل مقاماً ولا يقدر له قدراً !
وإذا كان دعاء الوالدين لولدهما أساس التوفيق والنجاح ؛فإن دعاؤهما عليه أساس الخذلان والخسران .
عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ
الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ على وَلَدِهِ" رواه الترمذي وغيره.
ذكر ابن قدامة رحمه الله في كتابه التوابين (ص:239):عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال بينما أنا أطوف
مع أبي حول البيت في ليلة ظلماء وقد رقدت العيون وهدأت الأصوات إذ سمع أبي هاتفا يهتف بصوت حزين
شجي وهو يقول:
يا من يجيب دعا المضطر في الظلم
يا كاشف الضر والبلوى مع السقم
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا
وأنت عينك يا قيوم لم تنم
هب لي بجودك فضل العفو عن جرمي
يا من إليه أشار الخلق في الحرم
إن كان عفوك لا يدركه ذو سرف
فمن يجود على العاصين بالكرم
قال فقال أبي يا بني أما تسمع صوت النادب لذنبه المستقيل لربه الحقه فلعل أن تأتيني به فخرجت أسعى حول
البيت أطلبه فلم أجده حتى انتهيت إلى المقام وإذا هو قائم يصلي فقلت أجب ابن عم رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأوجز في صلاته واتبعني فأتيت أبي فقلت هذا الرجل يا أبت فقال له أبي ممن الرجل قال من
العرب قال وما اسمك قال منازل بن لاحق قال وما شأنك وما قصتك قال وما قصة من أسلمته ذنوبه وأوبقته
عيوبه فهو مرتطم في بحر الخطايا فقال له أبي علي ذلك فاشرح لي خبرك قال كنت شابا على اللهو والطرب لا
أفيق عنه وكان لي والد يعظني كثيرا ويقول يا بني احذر هفوات الشباب وعثراته فإن لله سطوات ونقمات ما
هي من الظالمين ببعيد وكان إذا ألح علي بالموعظة ألححت عليه بالضرب فلما كان يوم من الأيام ألح علي
بالموعظة فأوجعته ضربا فحلف بالله مجتهدا ليأتين بيت الله الحرام فيتعلق بأستار الكعبة ويدعو علي فخرج حتى
انتهى إلى البيت فتعلق بأستار الكعبة وأنشأ يقول:
يا من إليه أتى الحجاج قد قطعوا
عرض المهامه من قرب ومن بعد
إني أتيتك يا من لا يخيب من
يدعوه مبتهلاً بالواحد الصمد
هذا منازل لا يرتد عن عققي
فخذ بحقي يا رحمان من ولدي
وشل منه بحول منك جانبه
يا من تقدس لم يولد ولم يلد
قال فوالله ما استتم كلامه حتى نزل بي ما ترى ثم كشف عن شقه الأيمن فإذا هو يابس قال فأبت ورجعت ولم
أزل أترضاه وأخضع له وأسأله العفو عني إلى أن أجابني أن يدعو لي في المكان الذي دعا علي قال فحملته على
ناقة عشراء وخرجت أقفو أثره حتى إذا صرنا بوادي الأراك طار طائر من شجرة فنفرت الناقة فرمت به بين
أحجار فرضخت رأسه فمات فدفنته هناك وأقبلت آيسا وأعظم ما بي ما ألقاه من التعيير أني لا أعرف إلا
بالمأخوذ بعقوق والديه فقال له أبي أبشر فقد أتاك الغوث فصلى ركعتين ثم أمره فكشف عن شقه بيده ودعا له
مرات يرددهن فعاد صحيحا كما كان وقال له أبي لولا أنه قد كان سبقت إليك من أبيك في الدعاء لك بحيث
دعا عليك لما دعوت لك قال الحسن وكان أبي يقول لنا احذروا دعاء الوالدين فإن في دعائهما النماء
والانجبار والاستئصال والبوار .
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:33
الفصل الثالث
وصايا في فن التعامل مع الوالدين
والحديث في هذا الفصل في مبحثين:
المبحث الأول: وصايا في فن التعامل مع الوالدين في حياتهما
المبحث الثاني: وصايا في فن التعامل مع الوالدين بعد موتهما
المبحث الأول:
الوصية الأولى: احرص على ما ينفعهما في الآخرة
من أعظم فنون التعامل مع الوالدين النظر حين التعامل معهم في أمر معين على مردود هذا الأمر عليهما في
الآخرة قبل الدنيا.
وقد كانت هذه النظرة حاضرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن عن أبي هُرَيْرَةَ قال: "كنت أَدْعُو أُمِّي إلى الإِسْلامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْماً فأسمعتني في رسول اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم ما أَكْرَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أَبْكِي قلت يا رَسُولَ اللَّهِ إني
كنت أَدْعُو أُمِّي إلى الإِسْلامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فأسمعتني فِيكَ ما أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أبي هُرَيْرَةَ
فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهْدِ أُمَّ أبي هُرَيْرَةَ فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم فلما جِئْتُ فَصِرْتُ إلى الْبَابِ فإذا هو مُجَافٌ فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ فقالت مَكَانَكَ يا أَبَا
هُرَيْرَةَ وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ قال فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عن خِمَارِهَا فَفَتَحَتْ الْبَابَ ثُمَّ قالت
ياأَبَا هُرَيْرَةَ أشهد أن لَا إِلَهَ إلا الله وأشهد أن مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قال فَرَجَعْتُ إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم فَأَتَيْتُهُ وأنا أَبْكِي من الْفَرَحِ قال قلت يا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ قد اسْتَجَابَ الله دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أبي هُرَيْرَةَ
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه وقال خَيْرًا... الحديث" رواه مسلم.
وقد فعل أبو بكر رضي الله عنه قبل أبو هريرة مثل ذلك ؛ففي قصة ظهور المسلمون لما بلغوا ثمانية وثلاثين
رجلاً ،جاء في آخر القصة قول أبو بكر الصديق للنبي صلى الله عليه وسلم: "وهذه أمي برة بولدها وأنت
مبارك فادعها إلى الله وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار قال فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله
فأسلمت".
فحرص هذان الصحابيان الجليلان رضي الله عنهما على ما ينفع أمهاتهما في الآخرة ،وهذا من أعظم البر.
بعض الناس يكون له برامج إيمانية مع أصدقائه وزملائه ؛أما أن يكون له برامج مع والديه فلا يهتم بذلك .مع
أنه من المفترض على الأولاد أن يهتموا بما ينفع والديهم في الآخرة ؛ لأنهم أولى الناس بذلك.
...
وهناك برامج إيمانية عملية كثيرة، سوف نوردها وهي ليست خاصة بالوالدين ؛لكني أقترح عليك أن تطبقها
مع والديك ،فسوف تجد لذلك أثراً كبيراً في حياتك ويعود النفع فيها عليك وعلى والديك في الآخرة بإذن
الله؛ومنها:
1- العمرة والحج معهما: رحلة العمرة والحج من أجمل الرحلات وأمتعها وأرجاها وأولاها لحصول الأجر
والثواب ؛فإذا اجتمع مع ذلك أن تكون بصحبة والديك فأتوقع أنها ستكون من الرحلات الخالدة في ذاكرتك
وذاكرتهما أيضاً.
وأنت في هذا الرحلة الجميلة تطبق دور الخادم المطيع والرفيق الشفيق.
فتارة تسألهما ماذا يريدان ؟
وفي أخرى ماذا يأكلان ؟
وعندما تجتمع الحشود في عرفات في الموقف المهيب تدنو منهما وسط ذلك
الزحام وتسألهما الدعاء فيردان عليك بابتسامة الرحماء ؛وكأنهما يقولان لك وهل تتوقع أنا لا ندعو لك حتى
تسألنا ؟
وفي جوار البيت وفي أثناء الطواف تحميهما بجسدك مرة تمشي أمامهما وأخرى خلفهما ،وثالثة عن أيمانهما
ورابعة عن شمالهما .
الله ما أروعها من لحظات وما أجملها من ساعات !
قد يكون بعض القراء جرب ذلك مع زوجته وأبنائه، أو مع أصدقائه وزملائه ؛لكني أدعوك لتجربه مع
والديك.
,,
2- الاشتراك معهما في مشروع خيري دوري: المشاريع الخيرية الدورية كثيرة يصعب حصرها ،فمنها على
سيل المثال كفالة الأيتام أو المساهمة في بناء الأوقاف ،أو توزيع برادات المياه في المساجد أو في أماكن تجمع
العمال
ومنها أيضاً كفالة حلقة تحفيظ أو دار نسائية.
فلماذا لا ندعو والدينا للمساهمة في مثل هذه الأعمال ؛أحدنا إذا أراد العمل في مثل هذه المشاريع قد يدعو
جميع من يعرف باستثناء والديه !
فهل ترى أن والديك لا يحتاجان المشاركة في هذه المشاريع ؟
أو أنك ترى أنهم لن يشاركا في مثل هذه المشاريع ؟
إن كان الاختيار الأول فقد بالغت في حسن الظن بهم؛ فمن منا لا يحتاج أن يقدم صالحاً لنفسه .
وإن كان الاختيار الثاني فقد أسأت لوالديك بسوء الظن بهما.
جرب أخي الكريم وتلطف معهما في الخطاب وسوف تعلم حين ذلك أنك قصرت في عرض ما لديك من خير
على الناس قبل أن تعرضه على والديك .
لا تطلب منهم دفع ألوف الريالات؛ بل مئات أو عشرات أو ريالات دائمة كافية بإذن الله؛ عن عَائِشَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلى اللَّهِ ؟قال: أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ" متفق عليه.
وعن عَدِي بن حَاتِمٍ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ
تَمْرَةٍ" رواه البخاري ومسلم.
,,
3-صيام التطوع: وذلك بأن يرتب الأولاد للاشتراك مع والديهم في صيام الأيام الفاضلة ؛كالأيام البيض
،والاثنين والخميس .
يقترح الابن على والديه القيام بهذا العمل ،ويذكرهم بفضل الصيام وعظيم أجره.
والصيام من خير الأعمال التي يجتمع عليها الوالدين مع أولادهم.
فينبغي أن يبادر الأبناء والبنات لطرح مثل هذه المقترحات على آبائهم وأمهاتهم .
فإن أعظم بر يُقدمه الشخص لوالديه أن يحاول إنقاذهم من عذاب الجحيم
ومن أعمال الخير التي يذكر الابن والديه بها صلة الرحم؛ فيحثهم عليها ويرافقهم عند زيارة أرحامهم.
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:34
الوصية الثانية:حاول فهم شخصية والديك
فهم شخصيات من تتعامل معهم يساعدك كثيراً في حسن التعامل وحاجتك للاهتمام بهذا الأمر تختلف
باختلاف من تتعامل معهم .
فمن لا تتعامل معه في الشهر إلا مرة واحدة لست بحاجة لفهم شخصيته كمن تتعامل معه أسبوعياً .ومن لا
تربطك به أي صلة قرابة أو صداقة لست بحاجة لفهم شخصيته كأحد أقربائك أو أصدقائك.
وليس هناك من هو أولى بأن تحاول فهم شخصيته من والديك ،وذلك لعلو مكانتهم وللحساسية الشديدة في
التعامل معهم؛ لأن نتيجة التعامل معهم إما بر أو عقوق والعياذ بالله.
كل إنسان له تركيب نفسي خاص به ،يحب أشياء ويكره أخرى ؛فيحب فلاناً من الناس ولا يحب فلاناً.
ويعجبه طعام معين ولا يعجبه طعام آخر ؛بل يحب الذهاب إلى أماكن معينه ولا يحب الذهاب إلى أماكن
أخرى.
وهذا الاختلاف بين البشر سنة من سنن الله في الحياة.
فالابن البار يهتم بهذا الجانب مع والديه ؛فمن غير المعقول أن تأكل وتشرب مع والديك كل يوم ،ولا تعرف
الطعام الذي يفضلانه .
ومن غير المعقول أيضاً أن تعيش معه طول حياتك ولا تعرف الأماكن التي يحبانها والأماكن التي لا يحبانها.
بل ينبغي أن تعرف من خلال تعاملهم مع الناس وكلامهم في المجالس وفي البيت الأشخاص الذين يرتاحان لهما
ويحبان الجلوس معهم والحديث إليهم ؛والأشخاص الذين لا يحبان الجلوس معهما ولا يرتاحان لهما.
وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من عائشة وهي زوجته ؛فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت قال لي
رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : "إني لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قالت فقلت من
أَيْنَ تَعْرِفُ ذلك فقال أَمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ لَا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ وإذا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ لَا وَرَبِّ
إبراهيم قالت قلت أَجَلْ والله يا رَسُولَ اللَّهِ ما أَهْجُرُ إلا اسْمَكَ" متفق عليه.
وقد عرفت عائشة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وهي زوجته فعنها قالت: "كان رسول اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ" رواه البخاري ومسلم.
وقالت: "كان أَحَبُّ الشَّرَابِ إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحُلْوَ الْبَارِدَ" رواه الإمام أحمد في المسند
وصححه الألباني.
وكذلك أم سلمة رضي الله عنها عرفت من النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فعنها قالت: "كان أَحَبَّ الثِّيَابِ
إلى النبي صلى الله عليه وسلم الْقَمِيصُ" رواه أبو داود وصححه الألباني.
والأمثلة على ذلك في بيت النبوة كثيرة جداً.
ونحن كأبناء نحتاج لفهم شخصيات والدينا ؛فإذا استطعنا فعل ذلك فقد قطعنا شوطاً كبيراً نحو تحقيق برهما .
وفهم الشخصيات ليس أمراً صعباً أو مستحيلاً ؛ وهو يوفر علينا الكثير من الجهد.
فليس من البر أن تحضر لوالديك طعاماً لا يحبانه مثلاً ؛لكنك عندما تحضر لهما الطعام الذي يحبانه من غير
طلب منهما ؛فإنك تكون قد كسبت قدراً كبيراً من رضاهما.
وليس من البر أيضاً أن تُكثر من الثناء دائماً على شخص لا يحبانه في حضورهما !
ومن غاية البر أن تدعو من يحبانه لزيارتك في بيتك وتحتفي به وتكرمه.
هذه بعض الأمثلة والأمثلة على ذلك كثيرة جداً ؛كلها تنطلق من فهم شخصية والديك .
وتخيل أن شخصاً يُريد أن يفوز ببر والديه ورضاهما ؛لكنه لا يهتم بفهم شخصياتهما ؛فسوف يسيء من حيث
يريد الإحسان .
فإذا أراد في يوم من الأيام أن يقدم هدية لوالديه ؛وذهب واشترى نوعاً من الهدايا الثمينة وقدمها لهما ؛فأحضر
أنواعاً من الهدايا التي لا يحبها والديه إطلاقاً .
فهل حقق البر بهذه الهدية ؟
لا أتصور ذلك ؛بل قد يكون أدخل الحزن على قلبي والديه ،فسيقولان وإن لم يصارحانه بذلك ؛ليته لم يصرف
هذه المبالغ في هذه الهدايا ؛ليته أحضر لنا هدايا أخرى طالما أنه سيدفع هذا الثمن الكبير .
ولو اهتم بفهم شخصية والديه لتمكن من إحضار الهدايا التي يرغبان فيها ،وبمبلغ قد يكون أقل من المبلغ
الذي دفعه بكثير.
وفهم الأولاد لشخصيات والديهم يساعدهم في فعل ما يحبان قبل طلبهما وفي ترك ما يبغضان قبل تصريحمها.
وهذه منزلة من البر رفيعة لا يستطيع أن يصل إليها أغلب الأولاد.
...

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:35
الوصية الثالثة: ابتسم لوالديك
ورد الحث على التبسم في وجوه المسلمين ؛ فعن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم: "تَبَسُّمُكَ في وَجْهِ أَخِيكَ لك صَدَقَةٌ" رواه الترمذي وصححه الألباني .
وعنه رضي الله عنه قال :قال لِيَ النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تَحْقِرَنَّ من الْمَعْرُوفِ شيئا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى
أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ" رواه مسلم.
وعن جَرِيرٍ رضي الله عنه قال: "ما حَجَبَنِي النبي صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ ولا رَآنِي إلا تَبَسَّمَ في
وَجْهِي" متفق عليه.
قلت :فإذا كان التبسم في وجوه المسلمين سنة ومستحب ؛فهو في حق الوالدين آكد وأعظم.
والابتسامة لها تأثير عجيب على إدخال السرور والطمأنينة في نفس الطرف الآخر .
فلذلك يحب الناس الرجل كثير التبسم ويخالطونه ويفقدونه ويسألون عنه إن غاب.
,..
الأم والأب: عندما يريان الابتسامة تعلو وجوه أولادهما عند اللقاء بهم يشعران بالراحة والطمأنينة،
ويعتبرانه جزء من شكر ما سبق من جميلهما بل قد يؤثر ذلك على نفسياتهما وحبهما لأولادهما فيقدمان
صاحب الابتسامة على غيره من إخوانه وأخواته.
فإذا أرادا سفراً أو أرادا الذهاب إلى مكان ما ؛فإنهما سيحرصان أن يرافقهما صاحب الابتسامة دون غيره من
أولادهما .
ونحن عندما نعلم عظم الأجر في تبسمنا في وجوه آبائنا وأمهاتنا وما تتركه هذه الابتسامة من أثر طيب على
نفوسهما ؛فعلينا أن نحرص عليها أشد الحرص .
ومن المخجل أن نهتم بأمر الابتسامة عند تعاملنا مع زوجاتنا وأبنائنا ؛بل حتى مع أصدقائنا وزملائنا ثم نهمله
عند تعاملنا مع آبائنا وأمهاتنا.
نعم من حق أولئك علينا أن نتبسم في وجوههم ؛بل من حسن التعامل مع عموم المسلمين التبسم في وجوههم؛
لكن أن نطبق هذا الأمر في حق الأدنى ثم نهمله في حق الأعلى ،فهذا ما لا يؤيده شرع حنيف ولا عقل سليم.
وعندما أوصيك بالتبسم في وجوه والديك ؛فإني أوصيك بالمبالغة في هذا الأمر طالما أنه كفيل بإدخال السرور
على أصحاب القلوب الرحيمة والنفوس الكريمة.
فابتسم ثم ابتسم ثم ابتسم في وجوه والديك؛ وسوف تجد لهذا أثراً على نفسك قبل أن تشاهد أثره على
والديك بإذن الله تعالى.
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:36
الوصية الرابعة: اهتم بتقديم الهدايا لهما
الهدية لها تأثير كبير على تقوية المحبة في القلوب وزيادة الألفة بين النفوس روى الإمام مالك في الموطأ عن عَطَاءِ
بن أبِي مُسْلِمٍ عبد الله الخرساني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَصَافَحُوا يَذْهَبِ الْغِلُّ وَتَهَادَوْا
تَحَابُّوا وَتَذْهَبِ الشَّحْنَاءُ".
وروى الترمذي عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَهَادَوْا فإن الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ"
وقد ضعفه الألباني رحمه الله .
والأثر الطيب للهدية على النفوس مشاهد ومعلوم.
وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: "كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عليها" رواه
البخاري.
قال القرطبي رحمه الله: "ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ؛وفيه الأسوة الحسنة ،ومن فضل
الهدية مع إتباع السنة أنها تزيل حزازات النفوس ،وتكسب المهدي والمُهدى إليه زنة في اللقاء والجلوس ولقد
أحسن من قال هدايا الناس بعضهم لبعض تولد في قلوبهم الوصالا وتزرع في الضمير هوى وودا ،وتكسبهم إذا
حضروا جمالاً آخر؛ إن الهدايا لها حظ إذا وردت ،أحظى من الابن عند الوالد الحدب".
هذا إذا كانت الهدية مهداة إلى عامة الناس ؛فكيف إذا كانت مهداة إلى أولى الناس بالبر والصلة .
بل إن بعض الأمهات إذا أهدى ابنها لها هدية ،لا تزال تذكر هذه الهدية في كل مجلس تجلسه مع قريناتها
؛وتعيد وتكرر ذلك كثيراً .
تقديم الهدايا للآباء والأمهات فن لا يحسنه إلا القليل من الأبناء والبنات.
فتجد بعض من وفقه الله من الأولاد يختلق المناسبات حتى يقدم هدية لأمه أو أبيه.
فهو مستمر في إدخال السرور ورسم البسمة على محيا والديه بين الحين والآخر.
وفي الجانب الآخر هناك فئة من الأبناء مهملة لهذا الأمر غاية الإهمال ،ولا تعيره أي اهتمام.
ففي حياته لم يكلف نفسه تقديم هدية لأحد والديه.
يمرضان ويُشفيان ؛وكأن شيئاً لم يكن!
يسافران ويعودان ؛وكأن شيئاً لم يكن !
تتوالى على والديه الأمور المفرحة ،ولا يهتم بذلك ولا يفكر ولو مجرد تفكير أن يُقدم هدية لوالديه.
قد يكون هذا الشخص من النوع البشري الذي لا يُقيم لمسألة التهادي أي اهتمام مع كل الناس .
وقد يكون مع الأسف يهتم بجانب الإهداء مع الزوجة والأبناء والأصدقاء والزملاء ؛ إلا أنه مهمل له تمام
الإهمال مع والديه !
جرب الإهداء لوالديك ،جربه اليوم ،جربه ولا تتأخر .
صدقني ستلوم نفسك أشد اللوم على غفلتك عن هذه المسألة في ما مضى من عمرك.
وفي الحقيقة أن بعض الناس لديه جمود عظيم في مشاعره ؛فقد يكون والداه يقدمان له الهدايا في مناسباته
السعيدة ،ومع هذا يغفل عن أن يجازيهما على هداياهما على أقل تقدير .
اسأل نفسك متى آخر مرة قدمت هدية لأحد والديك ؟
قد تكون إجابة البعض بأنه لم يسبق أن قدم لهما هدية إطلاقاً !
فأقول له مرة أخرى جرب الإهداء لوالديك !
جربه اليوم !
جربه ولا تتأخر !
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:37
الوصية الخامسة: الخروج بهما في نزهة
أتوقع أن أغلبنا قد جرب الترتيب والتهيئة والخروج في نزهة مع زوجته وأبنائه ؛بل قد وضع الكثير منا لذلك جداول دورية محددة .
وبعضنا قد حدد أيضاً أماكن معينة ليقوم بزيارتها في كل عام.
وهذا أمر محمود متى اقترن بالنية الصالحة من إدخال السرور على قلب الزوجة والأبناء وسلم من المحظورات الشرعية .
لكن كيف يتعامل أحدنا مع والديه في هذا الجانب !
هل أنت من أولئك النفر الذين يرون أن والديهم ليسوا بحاجة للنزهة والخروج من البيت وذلك لكبر سنهم ؛وأن الأولى بكبار السن أن يتركوا الترويح عن النفس وتجديد النشاط للشباب الذين هم بحاجة إلى ذلك وكأنك تريد أن تقول لوالديك: "هل تريدان أن تأخذان زمانكما وزمان غيركما" ؟
أما هل أنت من أولئك النفر الذين يضيقون بوالديهم ذرعاً عندما يرافقونهم ؛ويسرون لزوجاتهم بأنهم تمنوا لو أن والديهم لم يرافقوهم فقد ضيقوا عليهم وأخلوا ببرنامج الرحلة ؟
أما هل أنت من أولئك النفر الذين إذا أراد أحدهم أن يخرج لنزهة أخبر زوجته وأبنائه وبعد أن يعدوا أغراضهم ويتأهبوا للذهاب ؛يمر على والدته مرور الكرام ويسألها سؤال بارد خال من المشاعر والأحاسيس بل فاقد للحب والرحمة ؛هل تريدين أن تذهبي معنا ؟
في وقت ضيق لا تستطيع أن تفعل فيه هذه الأم المسكينة شيئاً من الإعداد والتجهيز فترفض ودموعها تسبق كلامها ،ودت لو ذهبت ،ودت لو استمتعت .
وإذا تحاملت على نفسها وصارعت الوقت ورضيت بالذهاب ؛لم تجد لذهابها قبولاً لديه ولا لدى أبنائه ؛بل يستقبلونها بثقل ويتكلمون معها بالتقسيط المريح ،في موقف لا يليق أن تعيش فيه أم مهما بلغت القسوة في قلب ابنها .
فلماذا لا نكون من أولئك النفر الذين إذا حددوا وقتاً للنزهة ؛ذهبوا لوالديهم يستعطفونهم ويترجونهم أن يرافقوهم ،ويطلبوا منهم أن يحددوا أنسب الأوقات لديهم والأماكن التي يرغبون في الذهاب إليها .
وإذا وافق الوالدان رجع أحدهم فرحاً مسروراً لزوجته وأبنائهم يبشرهم بهذا الخبر السعيد ،ويوصي أطفاله وزوجته بعدم إزعاج والديه خلال الرحلة ،ويوصيهم بتلمس رضاء والديه في موقف إيماني عظيم قد يغيب عن عيون كثير من الناس ؛لكنه مشاهد معلوم عند ملك الملوك.
فإذا كنت منهم فهنيئاً ثم هنيئاً لك ؛وإن لم تكن منهم فحاول أن تكون منهم .
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:38
الوصية السادسة: المسارعة في نقل الأخبار السارة لهما وعدم نقل الأخبار السيئة لهما.
وهذا الفن لا يُحسنه كثير من الأبناء؛ فإما أن يكون وكالة أنباء لا يمر عليه خبر إلا وأبلغه والديه ،بدون تفريق بين السار والمحزن .
وهناك نوع من الأبناء يعد كلماته مع والديه ،فلا ير غب في طول الحديث معهما ،فهو من باب أولى لا يحرص على إبلاغهما بأي خبر.
وقد ذكرنا في القاعدة الثالثة والرابعة أن كل أمر يسعد والديك ولا يغضب ربك فلا تتوانى في فعله؛ وكل أمر يحزن والديك ويغضبهم ولم يوجبه ربك فاجتنبه.
ولا شك أن الأخبار السارة تسعد الوالدين والأخبار السيئة تحزنهما.
فعندما تسمع بخبر نجاح أو مولود لأحد إخوانك فسابق غيرك لإبلاغ والديك ؛لأن هذا الخبر يجلب لقلبي والديك السرور ،ويكون لك أجر إدخال هذا السرور .
وقد جاء في الحديث: أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم .
فكيف إذا كان هذا المسلم أم أو أب !
لا شك أن ذلك أعظم أجراً وأكثر نفعاً.
وفي المقابل فإن إدخال الحزن على المسلم أمر مذموم ؛فلا ينبغي لمسلم أن
يدخل الحزن على قلب أخيه .ولا شك أن النهي عن ذلك في حق الوالدين أشد .
بعض الأبناء –هداهم الله – متخصص في نقل الأخبار المزعجة والمحزنة لوالديه .
فهو يسارع بنقل أخبار الحوادث والأموات لوالديه ؛فإذا مات صديق لوالده توجه مباشرة لوالده وأبلغه بالخبر بدون أي مقدمات .
فيجلب الحزن لوالده ويجرح مشاعره ؛دع غيرك ينقل هذه الأخبار ،هذه الأخبار سوف تصل بطريق أو بآخر ،فلا تحرص على سرعة إيصالها .
قد يقول بعض الأبناء إذا لم أبلغه بذلك فلن يجد من يبلغه أو قد يغضب علي من أجل ذلك !
إذا كان لا مفر من ذلك فحاول أن تقدم للأمر بمقدمة حسنة ،ولا ترم بالخبر على قلبه كالصاعقة ،بل بقدر الإمكان خفف من وقع الخبر عليه.
والحديث عن نقل الأخبار السارة وعدم نقل الأخبار غير السارة للوالدين يسوقنا للحديث عن أمر آخر له علاقة بهذا الأمر !
وهو هل نتلذذ بالحديث مع الوالدين ؟
كثير منا وللأسف الشديد لا يتلذذ بذلك ،بل قد يشعر بالضيق والطفش عند الحديث مع أحد والديه ،ويحاول جاهداً اختصار الحديث غاية الإمكان .
في حين أنه عند الحديث مع أصدقائه يتلذذ بذلك وتمضي عليه الساعات الطوال ولم يشعر بنفسه .
فسبحان الله العظيم أيهم أحق بالبر والإحسان الوالدين أم الأصدقاء ؟
وحتى تشعر بالمتعة في أثناء حديثك مع والديك فتذكر مداعبتهما لك في صغرك وتمرينهما لك على الكلام وتعويدك عليه ،وكلما نطقت بكلمة جديدة زادت فرحتهما وسرورهما بذلك .
فبعد أن أصبحت متحدثاً بارعاً ومتكلماً مميزاً صرفت حديثك وكلامك لغيرهما ،وقد أحسن الشاعر حين قال:
فيا عجباً لمن ربيت طفلاً ألقمه بأطراف البنان
أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي فلما قـال قافية هجاني
أعلمه الفتوة كل وقت فلما طر شاربه جفاني
وكم هي عظيمة لذة الحديث مع الوالدين، وأجمل من ذلك محاولتك رسم الابتسامة على وجوههما بمداعبتك لهما بأدب واحترام بدون انتقاص أوتجريح.
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:40
الوصية السابعة: الثناء عليهما دائمًا بجميل إحسانهما عليك
أخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي مرة مولى عقيل أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كانت أمه في بيت وهو في آخر فكان يقف على بابها ويقول: "السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول وعليك يا بني فيقول رحمك الله كما ربيتني صغيراً فتقول رحمك الله كما بررتني كبيراً".
وهذا من فقه أبي هريرة رضي الله عنه ؛فإن كل صاحب إحسان ومعروف يسعد إن وجد شكراً على صنيعه، وليس أحد أولى بالشكر من الوالدين لجميل صنعهما وعظيم إحسانهما؛ فكان من البر شكر هذا الإحسان بالاعتراف به وإبداء العجز عن رد هذا الجميل .
قيل لزيد بن أسلم الرجل يعمل بشيء من الخير فيسمع الذاكر له فيسره هل يحبط ذاك شيئاً من عمله ؟
قال ومن ذا الذي يحب أن يكون له لسان سوء ؛حتى إن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله عليه وسلم قال واجعل لي لسان صدق في الآخرين .
فهناك فرق بين ابن يقول لوالديه بين الحين والآخر جزاكما الله عني خير الجزاء ،فقد أحسنتما إلي غاية الإحسان وتعبتما في تربيتي غاية التعب فأنى لي بشكركما ، وكيف السبيل إلى رد جزء بسيط من حقكما ؟
وبين ابن آخر لا يلتفت لهذا الأمر بتاتاً ولا يفكر فيه أصلاً ،ولا يحاول أن يُبدي لوالديه أي أمر يشكرهما به على فضلهما عليه.
لو أن رجلاً توقفت به سيارته في الطريق ،وجاء آخر وساعده على إصلاحها ؛فإنه لا ينسى له هذا الجميل ويذكره به في كل حين ،ويحاول أن يجد طريقاً يرد جميل هذا الرجل عليه.
فسبحان الله يسيطر على أحدنا رد جميل لرجل غريب في موقف واحد ولا نزال نذكره به في المجالس وعند مقابلته .وهذا شيء طيب وفعل حسن .
لكن أن ننسى إحسان عمر كامل وفي مواقف متعددة وفي حالات مختلفة فلا نذكر منه شيء ولا نحاول شكر صاحبه ولا الثناء عليه ولا محاولة رد جزء بسيط من إحسانه ؛فإن هذا تناقض كبير في تصرفاتنا وفي شخصياتنا
جرب في يوم من الأيام وقد اجتمع إخوانك وأخواتك بحضور والديك
جرب أن تقول جزاء الله أبي وأمي عنا خير الجزاء وأجزل لهما المثوبة والعطاء فقد أحسنا لنا غاية الإحسان وبذل في تربيتنا والعناية بنا وقتهما ومالهما، فنحن لهم مدينون وعن شكرهم عاجزون .
صدقني إن لعبارات الشكر والاعتراف بإحسان الوالدين تأثير إيجابي عظيم على نفوسهما وجلب السعادة والراحة لهما .
فلا تحرمهما أخي الكريم من إدخال السرور عليهما بمثل هذا العبارات التي لا تكلفك جهد ولا مال ولا وقت.
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:41
الوصية الثامنة: كن في غاية الأدب أثناء تعاملك مع والديك
عن ابن الهداج قال : " قلت لسعيد بن المسيب : كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته ، إلا قوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} الإسراء: ، ما هذا القول الكريم ؟
فقال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظّ الغليظ .
بعض الناس تجده عند تعامله مع أصدقائه أو زملائه في غاية الأدب والاحترام والتلطف في الكلام ؛لكن هذه المظاهر الحسنة تغيب عنه أثناء تعامله مع والديه !
والـتأدب مع الوالدين يتم من خلال أعمال كثيرة ،منها على سبيل المثال:
1- لين الكلام معهما والتلطف بالقول لهما:
وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} الإسراء: .
عن عائشة رضي الله عنها قالت رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانا أبر من كان في هذه الأمة بأمهما فيقال لها من هما؟
فتقول عثمان بن عفان وحارثة بن النعمان؛ فأما عثمان فإنه قال ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت ؛وأما حارثة فإنه كان يفلي رأس أمه ويطعمها بيده ولم يستفهمها كلاماً قط تأمر به حتى يسأل من عندها بعد أن تخرج ما قالت أمي ؟
وعن ابن عون قال كان محمد بن سيرين إذا كان عند أمه خفض من صوته وتكلم رويداً .
وعن عون بن عبد الله، أنه نادته أمه فأجابها، فعلا صوته، فأعتق رقبتين.
ومما يدخل ضمن التأدب مع الوالدين في أثناء الحديث معهما عدم حد النظر إليهما .
وكم هو مؤسف أن ترى من يحد نظره لوالديه أثناء حديثه معهما .
2- التأدب الثناء المشي معهما :
سئل أبو عمر عن ولده ذر فقيل له : كيف كانت عشرته معك ؟
فقال: "ما مشى معي قط في ليل إلا كان أمامي ، ولا مشى معي في نهار إلا كان ورائي ، ولا ارتقى سقفا كنتُ تحته".
وليت أبو عمر يحضر ويرى كيف يمشي بعض أبناء المسلمين أمام آبائهم بلا احترام ولا تقدير.
بل قد يرفع صوته على والده الشيخ الكبير أو أمه العجوز الضعيفة ويطالبهما بعدم تأخيره والسير بسرعة مثل سيره .
3- مراعاة الأدب أثناء الأكل معهما:
كان زين العابدين كثير البر بأمه ، حتى قيل له : " إنك من أبرّ الناس بأمك ، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة ؟ " ، فرد عليهم : " أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها ؛ فأكون قد عققتها.
وبعض الآباء والأمهات يحبان أن يأكل معهما أبنائهما ؛فعلينا أن نلبي رغباتهما في ذلك ،ولا نعتذر خوفاً من الوقوع في العقوق ؛بل إن ترك الأكل معهما عند رغبتهما في ذلك من أكبر العقوق !


وبعض الصالحين إذا أكل مع والديه ؛فإنه يراقب والديه فإذا رفعا اللقمة ليأكلاها وضع يده في الطعام وهكذا .بحيث لا يقع فيما حذر منه زين العابدين رحمه الله.

,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:42
الوصية التاسعة:الاهتمام بشأن إخوانك وأخواتك
هل اجتماع الأبناء واتحادهم واهتمام بعضهم ببعض يسعد الوالدين ؟
وهل اختلافهم وافتراقهم وانشغال بعضهم عن بعض يحزن الوالدين ؟
لا شك أن إجابة السؤالين الماضيين معروفة لكل عاقل سلفاً !
فكيف فعل الحزن بيعقوب عليه السلام عندما حسد إخوة يوسف يوسف عليهم السلام جميعاً .
فما زال الحزن يحرق قلبه ودموع عينيه لا ترفا ؛حتى فقد بصره ،وقد قص الله علينا من خبرهم في أحسن
القصص ؛قال تعالى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُف وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْن فَهُوَ كَظِيم، تَالله
تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ لْهَالِكِينَ، قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّه وَأَعْلَم مِنَ
اللَّه مَا لَا تَعْلَمُونَ} يوسف: 84–86 .
,, فاختلاف الأولاد وتنازعهم وتناحرهم من أكبر أسباب جلب الهموم وضيق صدور الوالدين .
كما أن اجتماعهم واتحادهم من أكبر أسباب الفرح والسرور للوالدين .
وبعض الأبناء يعرف كيف يستفيد من هذا الأمر في الوصول إلى أعلى مراتب البر وتحقيق أعلى درجات الرضا.
فتراه يتابع أمور إخوانه وأخواته مثل متابعته لأمور أبنائه أو أكثر من ذلك.
يجلس مع أبيه ويخبره بأنه اشترى لأخيه فلان ما يحتاج إليه ؛ومرة أخرى يخبره أنه ذهب لمدرسة أخيه فلان فسأل عنه مدرسيه .
ويجلس مع أمه ويخبرها أنه زار أخته فلانة ،ومرة أخرى يخبرها أنه قدم لأخته فلانة هدية.
وهو بهذا الأعمال الجليلة يصل رحمه ويبر والديه بإدخاله السرور على قلوبهما .
فلا يزال كذلك يستجلب الدعاء الصالح من والديه في كل وقت ؛فرب دعوة أوجبت له السعادة في الدارين.
وشتان بينه وبين من إذا فُتح له باب رزق أو جاه أو غير ذلك استخدمه وجربه في إيذاء إخوانه وأخواته.
فهو لا يخرج من المحاكم ؛ففي كل يوم له دعوة على أخ أو أخت !
يحرق قلوب والديه ليل نهار بكثرة ما يسيء لإخوانه ويؤذيهم .
فلا يزال كذلك يستجلب دعاء والديه عليه في كل وقت ؛فرب دعوة أوجبت له الشقاوة في الدارين.
,..

* عبد الجليل *
2014-03-27, 10:44
السلام عليكم
الموضوع منقول للافادة
اتمنى ان ينال اعجاب الجميع
وجزاكم الله كل خير
تحياتي

جَمِيلَة
2014-03-27, 11:24
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/flow/0025.gif
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أهلا أخي عبد الجليل عساك بخير
ما شاء الله تبارك الله
جهد عظيم تشكر عليه أخي الكريم http://www.karom.net/up/uploads/13253404071.gif
ستكون صفحتك هذه مرجعا لنا بإذن الله نتزود منها طرقا تقربنا من أمهاتنا وآبائنا أكثر
جعلنا الله وإياك أخي الكريم من البارين بوالديهم
بارك الله فيك
زُر والِديكَ وقِف على قبريهما*فكأنني بك قد نُقلتَ إليهما
لو كنتَ حيث هما وكانا بالبقا * زاراكَ حبْوًا لا على قدميهما
ما كان ذنبهما إليك فطالما * مَنَحاكَ نفْسَ الوِدّ من نفْسَيْهِما
كانا إذا سمِعا أنينَك أسبلا * دمعيهما أسفًا على خدّيهما
وتمنيّا لو صادفا بك راحةً * بجميعِ ما يَحويهِ مُلكُ يديهما
فنسيْتَ حقّهما عشيّةَ أُسكِنا * تحت الثرى وسكنتَ في داريهما
فلتلحقّنهما غدًا أو بعدَهُ * حتمًا كما لحِقا هما أبويهما
ولتندمّنَّ على فِعالِك مثلما * ندِما هما ندمًا على فعليهما
بُشراكَ لو قدّمتَ فِعلا صالحًا * وقضيتَ بعضَ الحقّ من حقّيهما
وقرأتَ من ءايِ الكِتاب بقدرِ ما * تسطيعُهُ وبعثتَ ذاكَ إليهما
فاحفظ حُفظتَ وصيّتي واعمل بها * فعسى تنال الفوزَ من بِرّيهما
جزيت الفردوس أخي الكريم
http://www.karom.net/up/uploads/13253387572.gif
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/flow/0025.gif

* عبد الجليل *
2014-03-27, 12:31
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/flow/0025.gif
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أهلا أخي عبد الجليل عساك بخير
ما شاء الله تبارك الله
جهد عظيم تشكر عليه أخي الكريم http://www.karom.net/up/uploads/13253404071.gif
ستكون صفحتك هذه مرجعا لنا بإذن الله نتزود منها طرقا تقربنا من أمهاتنا وآبائنا أكثر
جعلنا الله وإياك أخي الكريم من البارين بوالديهم
بارك الله فيك
زُر والِديكَ وقِف على قبريهما*فكأنني بك قد نُقلتَ إليهما
لو كنتَ حيث هما وكانا بالبقا * زاراكَ حبْوًا لا على قدميهما
ما كان ذنبهما إليك فطالما * مَنَحاكَ نفْسَ الوِدّ من نفْسَيْهِما
كانا إذا سمِعا أنينَك أسبلا * دمعيهما أسفًا على خدّيهما
وتمنيّا لو صادفا بك راحةً * بجميعِ ما يَحويهِ مُلكُ يديهما
فنسيْتَ حقّهما عشيّةَ أُسكِنا * تحت الثرى وسكنتَ في داريهما
فلتلحقّنهما غدًا أو بعدَهُ * حتمًا كما لحِقا هما أبويهما
ولتندمّنَّ على فِعالِك مثلما * ندِما هما ندمًا على فعليهما
بُشراكَ لو قدّمتَ فِعلا صالحًا * وقضيتَ بعضَ الحقّ من حقّيهما
وقرأتَ من ءايِ الكِتاب بقدرِ ما * تسطيعُهُ وبعثتَ ذاكَ إليهما
فاحفظ حُفظتَ وصيّتي واعمل بها * فعسى تنال الفوزَ من بِرّيهما
جزيت الفردوس أخي الكريم
http://www.karom.net/up/uploads/13253387572.gif
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/flow/0025.gif


وعليكم السلام ورحمة الله ..
الحمد لله انا بخير والحمد لله في نعمة
شكرا على السؤال أختي جميلة بارك الله فيك
وفيكم بركة الرحمن شكرا لمرورك الطيب وردك العطر
الله الله قصيدة اروع مايكون ربي يجازيك كل خير
دمتم ودام عطائكم للمنتدى الغالي
تحياتي

* عبد الجليل *
2014-03-27, 12:32
السلام عليكم
موضوووووووووووووووع جميييييييل
بارك الله فييييك



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ...
والاجمل منه مرورك الطيب أختي الاثر الجميل بورك فيك
شكرا جزيلا جزاكي الله كل خير
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
تحياتي

* عبد الجليل *
2014-03-27, 12:34
اللهم يا ذا الجلال و الإكرام يا حي يا قيوم ندعوك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، أن تبسط على والداي من بركاتك ورحمتك ورزقك اللهم ألبسهما العافية حتى يهنئا بالمعيشة ، واختم لهما بالمغفرة حتى لا تضرهما الذنوب ، اللهم اكفيهما كل هول دون الجنة حتى تُبَلِّغْهما إياها .. برحمتك يا ارحم الراحمين
اللهم لا تجعل لهما ذنبا إلا غفرته ، ولا هما إلا فرجته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا هي لك رضا ولهما فيها صلاح إلا قضيتها , اللهم ولا تجعل لهما حاجة عند أحد غيرك
اللهم و أقر أعينهما بما يتمنياه لنا في الدنيا
اللهم إجعل أوقاتهما بذكرك معمورة
اللهم أسعدهما بتقواك
اللهم اجعلهما في ضمانك وأمانك وإحسانك
اللهم ارزقهما عيشا قارا ، ورزقا دارا ، وعملا بارا
اللهم ارزقهما الجنة وما يقربهما إليها من قول اوعمل ، وباعد بينهما وبين النار وبين ما يقربهما إليها من قول أو عمل
اللهم اجعلهما من الذاكرين لك ، الشاكرين لك ، الطائعين لك ، المنيبين لك
اللهم واجعل أوسع رزقهما عند كبر سنهما وإنقطاع عمرهما
اللهم واغفر لهما جميع ما مضى من ذنوبهما ، واعصمهما فيما بقي من عمرهما ، و ارزقهما عملا زاكيا ترضى به عنهما
اللهم تقبل توبتهما ، وأجب دعوتهما
اللهم إنا نعوذ بك أن تردهما إلى أرذل العمر
اللهم واختم بالحسنات اعمالهما..... اللهم آمين
اللهم وأعنا على برهما حتى يرضيا عنا فترضى ، اللهم اعنا على الإحسان إليهما في كبرهما
اللهم ورضهم علينا ، اللهم ولا تتوافهما إلا وهما راضيان عنا تمام الرضى ، اللهم و اعنا على خدمتهما كما يبغي لهما علينا، اللهم اجعلنا بارين طائعين لهما
اللهم ارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما
اللهم ارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما
اللهم ارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما
اللهم ارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما
اللهم ارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما
اللهم ارزقنا رضاهما ونعوذ بك من عقوقهما

اللهم آمين

جَمِيلَة
2014-03-27, 13:16
وعليكم السلام ورحمة الله ..
الحمد لله انا بخير والحمد لله في نعمة
شكرا على السؤال أختي جميلة بارك الله فيك
وفيكم بركة الرحمن شكرا لمرورك الطيب وردك العطر
الله الله قصيدة اروع مايكون ربي يجازيك كل خير
دمتم ودام عطائكم للمنتدى الغالي
تحياتي

http://forum.tawwat.com/images-topics/images/fa/0171.gif
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
وفيك بارك الله أخي عبد الجليل
شكرا لك
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/fa/0171.gif

طهراوي ياسين
2014-03-27, 13:21
بارك الله فيك

* عبد الجليل *
2014-03-27, 13:31
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/fa/0171.gif
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
وفيك بارك الله أخي عبد الجليل
شكرا لك
http://forum.tawwat.com/images-topics/images/fa/0171.gif


السلام عليكم
الحمد لله الحمد لله الحمد لله ياااااارب
شكرا على الرد العطر وفيكي بركة الرحمن اختي الكريمة
العفو ربي يجازيك كل خير
تحياتي

* عبد الجليل *
2014-03-27, 13:32
بارك الله فيك

السلام عليكم
اهلا اخي الفاضل ياسين كيف حالك ان شاء الله بخير
وفيك بركة الرحمن شكرا لمرورك الطيب وردك العطر
جزاك الله كل خير
تحياتي

احمد الدمياطي
2014-03-27, 20:04
جزاك الله خيرا

* عبد الجليل *
2014-03-28, 10:04
جزاك الله خيرا

السلام عليكم
اهلا أخي نورت المنتدى والموضوع بوجودك الطيب
اهلا بيك وباهل مصر الكرام
وجزاك الله بالمثل شكرا جزيلا لك بوركت
تحياتي

little smile
2014-03-28, 14:41
بارك الله فيك

* عبد الجليل *
2014-03-28, 16:30
بارك الله فيك

السلام عليكم
وفيكم بركة الله
شكرا على المرور العطر بارك الله فيك
تحياتي