مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الحرم المكي لهذا اليوم عن الكلام في العلماء والدعاة
أحمدالسني
2014-03-22, 07:53
خطبة الشيخ السديس حفظه الله في التحذير من الذين يطعنون في العلماء والدعاة
ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من الطعن في الأعراض"، والتي تحدَّث فيها عن حفظِ أعراض المسلمين، وأن ذلك من أعظم مقاصِد الشرع الحنيف، مُحذِّرًا وقوع بعضِ الناس في أعراضِ المسلمين، لاسيَّما علماء الأمة وولاتها، وقد ذكر العلاج النافِع لهذا الداء العُضال في ثنايا خُطبته.
http://www.alharamain.gov.sa/index.cfm?do=cms.khutbah
أحمدالسني
2014-03-22, 08:13
التحذير من الطعن في الأعراض
ألقى فضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "التحذير من الطعن في الأعراض"، والتي تحدَّث فيها عن حفظِ أعراض المسلمين، وأن ذلك من أعظم مقاصِد الشرع الحنيف، مُحذِّرًا وقوع بعضِ الناس في أعراضِ المسلمين، لاسيَّما علماء الأمة وولاتها، وقد ذكر العلاج النافِع لهذا الداء العُضال في ثنايا خُطبته.
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونُثنِي عليه الخير كلَّه، نحمدُه - جلَّ شأنُه - أسبغَ علينا مِننًا لم تزَل سحَّاء فِياضًا، ووعد عبادَه المؤمنين جناتٍ عِراضًا، فبُشرى ثم بُشرى لمن صانَ للمسلمين مكانةً وأعراضًا، وأعرض عن مُوبِقات الإفك إعراضًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نُحقِّق بها زكاءً وأغراضًا، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أرسله الله بأدب اللسان وسلامة الصدر بعد أن غرَبَا وغاضَا، صلَّى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبِه الغُرِّ الميامين الدَّاعِين إلى التوادُد حالاً وألفاظًا، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ يرجُو من الرحمن نعيمًا طابَ رِياضًا، وسلَّم تسليمًا سرمدًا ما تعاقبَ النيِّران وآضَا.
أما بعد، فيا عباد الله:
اتقوا الله - تبارك وتعالى - قولاً وفِعالاً، اتقوه خضوعًا وامتِثالاً، بُكرًا وآصالاً؛ تُحقِّقوا عِزًّا وجلالاً، وسُؤددًا وكمالاً، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا[الطلاق: 5].
وكُن مُخبِتًا لله بالتقوى التي
هي الزادُ للأخرى ودَع كلَّ من ألوَى
فحسبُك وانزِل حيثُما نزل الهُدى
وكُن حيثُما كان التورُّع والتقوى
أيها المسلمون:
في إثر ما يشهَده العالم من المِحَن المُتلاطِمة المُتتالية، واصطِخاب الرَّزايا الفدَّاحة المُتتالية، التي اشتجَرَت فيها العقول، وبعثَت على الدهشة والذُّهول، وعلى غارِب العصر التِّقَنيِّ الأخَّاذ الذي سبَى الأفهام، وسحَرَ الضِّعافَ من الخاصَّة والعوام، تبرزُ قضيةٌ مُؤرِّقةٌ فاتِكة، ولوحدة الأمة وائتِلافها مُمزِّقةٌ هاتِكة، ما ألمَّت بالأمم إلا أوبقَتها، ولا بالمُجتمعات والأفراد وهم مُبرِموها إلا في التبارِ أوهقَتها، وفي سخَط الديَّان أرهقَتها.
تلكم - يا رعاكم الله -: الطعنُ في الأعراض والذَّوات، واتِّهامُ البُرآء والنيَّات، وإنها لقيمةٌ - وبِئسَت القيمة - وبيئةٌ ذميمةٌ للسفهاء هضيمةٌ لقيمةٌ، يسعى مهازِيلُها وأغرارُها في نشر الإفك والبُهتان، والأقاويل المُفسِدة بين المُسلمين بالتدابُر والهُجران. أضاليلُ إن لُحمتُها إلا القيلُ والتخميمُ، وسَداها الافتراءُ المُبين.
أما رُواتُها فقراصِنةُ الأعراض، وسَماسِرةُ الأدواء والأمراض التي تهصِر تماسُك المُجتمعات، وتصهَرُ مِلاكَ القِيَم الرَّضِيَّات، ولأجل تلك المسالِك النافُوقاء المُعوَجَّة، والرُّعونات السَّحماء الفَجَّة، التي تنهَشُ الأعراض بالجُلامة والمِقراض، جاء الزجرُ الأكيد، والوعيدُ القاطعُ الشديد في السنة والكتاب بسُوء المصيرِ والمآبِ، لكل مشَّاءٍ بالبُهت مُفترٍ كذَّاب، يقول - سبحانه -:[الأحزاب: 58].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرِّبا سبعون حُوبًا، أيسرُها مثلُ نِكاح الرَّجُل أمَّه، وإن أربَى الرِّبا استِطالةُ الرجل في عِرض أخيه»؛ أخرجه البزَّار في "مسنده"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
الله أكبر، ما أجلَّ عِرضَ المُسلم وما أعظمَه! وما أسماه وما أكرمَه! لذلك صانَه الشرع الحنيف، دون الشتم والوقيعة والتعدِّي، والطعن والقذف والتحدِّي؛ فحفظُ الأعراض أحسنُ الأغراض، وأحدُ أعظم مقاصِد الشريعة الغرَّاء، كما عدَّ ذلك أهلُ العلم، كالشاطبي وغيره.
فاحفظ لسانَك من طعنٍ على أحدٍ
من العبادِ ومن نقلٍ ومن كذِبِ
وانصِف ولا تنتصِف منهم
وناصِحهم وقُم عليهم بحقِّ الله وانتدِبِ
أيها المؤمنون:
وتتبُّع العيوب والعورات، وتقصُّد النقائِص والهِنات والعثَرات سُلوكٌ رثٌّ هدَّام، وخُلُق أهل اللُّؤم والآثام، مُحادٌّ لشرع الله - عز وجل - وهديِ رسولِه - صلى الله عليه وسلم - القائل: «طُوبَى لمن شغلَه عيبُه عن عيوبِ الناس»؛ أخرجه البزَّار في "مسنده"، والبيهقي في "شُعبه".
قال بعضُ السلف: "أدركنا السلفَ الصالحَ وهم لا يرَون العبادة في الصلاة والصيام، ولكن في الكفِّ عن أعراض الناس".
وكان مالكُ بن دينار - رحمه الله - يقول: "كفَى بالمرء إثمًا ألا يكون صالحًا، ويقعَ في عِرض الصالحين".
والأعظمُ من القدح البائِن الصريحِ، والطعنِ والتجريحِ: الحُكمُ على النيَّات، واتِّهامُ المقاصِد والمآلات، والخوضُ بكل صفاقةٍ في غيب السرائر، وقذفُها بالعيُوبِ والجرائِر، التي لا يعلمُ حقيقتَها إلا الله - عز وجل -.
كل ذلك يُنشر ويُذاع، ويقذعُ الأسماع، بنفسٍ مُتَّشِحةٍ بالضَّغينة والغُرور، موزورةٍ بالقول المرذُول، خافِقةٍ بالجهل والشُّرور، بطينةٍ بالفواقِر والثُّبور. فوا أسفاه، وا أسفاه!
ومما زاد الطِّين بِلَّة، والزمان تَعِلَّة، ممن جعل نهشَ الأعراض تأصيلاً مُستطابًا، ومن هدم تلاحُم الأمة نقدًا واحتِسابًا، ومن ظُلم القُدوات نهجًا جرَى حقًّا وصوابًا.
ربَّاه ربَّاه! أيكون الباطلُ حقًّا لُبابًا؟! كلا، لعمرُ الحق وألفُ كلا، إن ذلك إلا الجهلُ وسُوءُ الظنِّ تدفَّقا عِيًّا وحصَرًا مُذابًا!
فهم كما وصفَ ربُّ العالمين: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ[الجاثية: 32]، في خرقٍ للنَّسيجِ الاجتماعيِّ المُتميِّز، والمنظومة القِيَميَّة المُتألِّقة.
فكلُّ لفظٍ مُعدٌّ في صحائِفِنا
ليوم حشرٍ ففيه الشرُّ يندحِرُ
وزلَّةُ المرء في لفظٍ وفي خبرٍ
فصُنهُما كم دهانا اللفظُ والخبرُ
إخوة الإيمان:
يُساقُ ذلك وقد عظُم الخطبُ وجلَّت الرَّزِيَّة، واستُخِفَّت البليَّة بفَريِ أعراض رُموز الأمة وعُلمائِها فَريًا، ممن أعراضُهم أشرقُ من ذُكاء، ومناقِبُهم بعدد أنجُم السماء.
يُثلبُ من النَّزَقةِ شأنُهم، وتُكلمُ سُمعتُهم عبر ما يُعرف بـ "وسائل الإعلام الحديث"، فإذا رأيتَ ثمَّ رأيتَ ثرثرةً ولآمَة، وهُراءً وفدامة، وكثيرًا قد سلَّ للبهيتة أقلامَه، وصوَّبَ للجُرم سِهامَه، وجرَّد - يا ويحَه - من لسانِه حُسامَه، طعنًا في الأخيار والبُرآء، والمُصلِحين والنُّزَهاء، الذين يعيشون قضايا الأمة وجِراحَها، ويُضمِّدون نزيفَها ويرومُون فلاحَها.
وقد قال - عليه الصلاة والسلام - في خُطبته الشهيرة يوم عرفة: «إن دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ كحُرمة يومِكم هذا، في بلدِكم هذا، في شهرِكم هذا»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ المُسلم على المُسلم حرامٌ، دمُه ومالُه وعِرضُه»؛ أخرجه مسلم.
قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "ما رأيتُ أحدًا تكلَّم في الناس إلا سقط".
وقال شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: "والكلامُ في الناس يجبُ أن يكون بعلمٍ وعدلٍ، لا بجهلٍ وظُلمٍ، والوقيعةُ في أعراضِهم أشدُّ من سرقة أموالِهم".
يا هاتِكًا حُرُم الرِّجال وقاطِعًا سُبُل المودَّة عشتَ غيرَ مُكرَّمِ
لو كنتَ حرًّا من سُلالة ماجِدٍ ما كنتَ هتَّاكًا لحُرمة مُسلمِ
فيا إخوة الإيمان:
إن الخائِضَ في أعراض المُسلمين، وعلى وجهٍ أشدُّ وأخصُّ الجِلَّة المرمُوقين، من وُلاة الأمر والعُلماء والمُصلحِين، حالُه في إدبارٍ عن الله وإعراضٍ، مُيسَّرٌ للعُسرى، لا يعرِفُ لذوِي الفضل حمدًا ولا شُكرًا، ولا مقامًا ولا قدرًا.
وقد غدَا فِئامٌ من الناس - وخصوصًا مع زمجَرة الإعلام الجديد - أصبَحوا لا يسكنُ لهم قرار، ولا يهدأُ لهم بالٌ ولا اصطِبار، إلا بتمزيق الأعراض، بصواعِق الألفاظ، وهمَزات الألحاظ، واستِهامها كالأغراض، وبئسَت الغايات والأغراض.
يكتبُون الزُّور، وبه تجرِي أقلامُهم، ويكتُمون الحق، وبه تأمرُهم أحلامُهم، في تفتيتٍ لوحدة الأمة الإسلاميَّة، والأُخُوَّة الإيمانيَّة، بتصنيفاتٍ فِكريَّة، وتقسيماتٍ حِزبيَّة، ومسالِك مذهبيَّة، ونعَراتٍ طائفيَّة، لا تخدمُ إلا الأجِندات الخفِيَّة، تستهدِفُ وحدة وأمن واستقرار المُجتمعات الإسلامية، والله المُستعان.
فيا أيها المُتهوِّكون في سِيَر العباد ونيَّاتهم! تجافَوا عن تلك المساخِط، وترفَّعوا عن هذه المُستنقعَات والمهابِط، وارغَبوا إلى الديَّان بالنجاة والسلامة، قبل حُلول الفُجاءَة والنَّدامة،وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور: 14].
يُحرِّفُ القولَ في جهلٍ يئِنُّ له
فُؤادُ من يتَّقِي شرًّا وإجرامًا
ويلمِزُ العِرضَ لا تقوى لذِي سفَهٍ
وكيف يرقَى سفيهُ القول أحلامًا
واعلموا - عافاني الله وإياكم - أن عقوبة التعدِّي على الأعراض سفكًا وحشًّا، وعقرًا ونهشًا أمرٌ ترتعِدُ له الفرائِص، وترتاعُ له القلائِص، عن أنس بن مالكٍ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما عُرِج بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمِشون وجوهَهم وصُدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلُون لحومَ الناس ويقَعون في أعراضِهم»؛ أخرجه أبو داود في "سننه".
فاللهم سلِّم سلِّم.
أمة الإسلام:
والحقُّ الحقيقُ على كل مُسلمٍ ومُسلمةٍ أن إذا سمِع مُستطيلاً في عِرضِ أخيه، ينالُ منه أو يفرِيه أرشدَه ونصحَه ونهاه، وأخذَه إلى مهايِع الإنصافِ وهداه، وحذَّرَه من التخرُّصات والأباطيل، والقالِ والقِيل، التي تجُرُّ إلى الويلات والتحاسُد، ولا تُعقِبُ إلا المهالِك والمفاسِد.
يقول - عليه الصلاة والسلام -: «من ذبَّ عن عِرضِ أخيه كان له حِجابًا من النار»؛ أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه". وفي روايةٍ: «ذبَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة».
وبعدُ، معاشر المسلمين:
ولكي تسلمَ المُجتمعات من غُلَواء هؤلاء لا بُدَّ من الأخذ على أيديهم، والحَزم في مُقاضاتهم، وتطبيق أحكام الشَّرع فيهم، حتى لا تكون أعراضُ الأمة حِمًى مُباحًا لكل راتِع، وكلأً مُستباحًا لكل راثِع، ونهبًا مُنتهبًا لكل راءٍ وسامِع.
وبذلك نُؤسِّسُ لأنفسنا ومُجتمعاتنا سلامًا ذاتيًّا تترسَّخُ فيه قِيَم الوُدِّ والصفاء، وشِيَمُ النُّبل والإخاء، ونهزِمُ - بإذن الله - المرحلةَ الحرِجَة الكأداء، بالقِيَم النبيلة، والمبادِئ القويمة، والنفوس الطاهرة السليمة، وبعزيمة الأقوياء وأيُّ عزيمة! لأن ارتباط الأمم منوطٌ بارتِقاء أفرادها، وارتِقاءُ أفرادها منوطٌ بارتِقاء أنفسهم وسُمُوِّها وإشراقِها، وسلامتها وائتِلاقِها.
هذا الرجاءُ وذاك الأمل، واللهَ نرجُو التوفيقَ لصادق القول وخالِصِ العمل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 12].
بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعَنا بما فيهما من الآيات والذكر والحكمة، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المُسلمين من كل خطيئةٍ وإثمٍ؛ فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
أحمدالسني
2014-03-22, 08:14
الخطبة الثانية
الحمد لله وليِّ المُتقين، أحمدُه تعالى حمدًا لا يتناهَى ولا يَبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أُسوةُ المُتزكِّين وقُدوةُ الطاهرين، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلهِ الأصفِياء الميامين، وصحبِه البرَرَة السابِقين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد، فيا عباد الله:
اتقوا الله في السرِّ والعلَن، وصُونوا أعراضَ المسلمين بأقوَم الهديِ والسُّنَن؛ تفوزوا بأعظم البركات والرَّحمات والمِنَن.
إخوة الإيمان:
ولنا في الهديِ الربَّانيِّ والمنهَج الإصلاحيِّ القرآنيِّ خيرُ علاجٍ وشفاءٍ لحسم الطعون والأدواء، وحمل المُسلمين على عِفَّة اللسان والصفاء، وذلك في قول الحقِّ - تبارك وتعالى -: لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور: 12].
وبذلك تسلمُ من الشُّكوك الصُّدور، وتتطهَّرُ من الأحقاد والوُحور، وتغدُو الأعراضُ في منأًى عن الغِيبَة والنَّميمة والبُهتان والزُّور.
وكذا القولُ الصحيحُ البديع، للحبيب الشَّفيع - بأبي هو وأمي - عليه الصلاة والسلام -: «المُسلمُ من سلِمَ المُسلمون من لسانِه ويدِه»؛ أخرجه البخاري ومسلم.
وبذلك بُتمَّم نُبلُ الأخلاق والمكارِم تتميمًا، ويغدُو مُحيَّا الأُخُوَّة والمودَّة أغرَّ وسيمًا، والتآلُف بين المُجتمع مُؤكَّدًا لَزيمًا، والحبِّ الربَّانيِّ على صفَحات القلوب مُدبَّجًا رَقيمًا، وما ذلك على الله بعزيز.
هذا، وصلُّوا وسلِّموا على النبي الحبيب الكريم، ذي القدر العليِّ العظيم، والشرفِ الجلِيِّ الكريم، كما أمرَكم بذلك المولَى الرحيم في التنزيل الحكيم، فقال - جلَّ جلالُه -: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
اللهم فاجعَل صلاتَك والسلامَ مُضاعفًا
لنبيِّك المُختارِ خيرِ مُشفَّعِ
المُصطفَى الهادِي إليك مُحمَّدٍ
والآلِ والأصحابِ ثم التابِعِ
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على البشير النذير، والسراج المُنير، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وزوجاتِه الطاهرات أمهات المُؤمنين، والصحابةِ الغُرِّ الميامين، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اللهم ارضَ عن الخُلفاء الراشدين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المُسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم أدِم الأمنَ والاستقرار في ديارِنا، وأصلِح ووفِّق أئمَّتنا ووُلاةَ أمورنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتَّقاك واتَّبع رِضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق جميعَ وُلاة المسلمين لتحكيم شرعِك، واتِّباع سُنَّة نبيِّك - صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعلهم رحمةً على عبادِك المُؤمنين.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضَاه، اللهم وفِّقه ونائِبَيْه وإخوانَه وأعوانَه إلى ما فيه عِزُّ الإسلام والمسلمين، وإلى ما فيه صلاحُ ونماءُ وخيرُ البلاد والعباد يا رب العالمين.
اللهم ادفَع عنَّا الغلا والوبا والرِّبا والزِّنا والزلازِل والمِحَن، وسُوءَ الفِتن ما ظهر منها وما بطَن، عن بلدِنا هذا وعن سائر بلاد المسلمين عامَّةً يا رب العالمين.
اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال أمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - في كل مكان يا رب العالمين، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احقِن دماءَهم، اللهم احفَظ دينَهم وأموالَهم وأعراضَهم يا رب العالمين.
اللهم كُن لإخواننا في فلسطين، اللهم أنقِذ المسجدَ الأقصَى من براثِن المُعتدين المُحتلِّين.
اللهم كُن لإخواننا في بلاد الشام، اللهم عجِّل بفرَجهم ونصرِهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم إنهم مظلومون فانصُرهم، اللهم إنهم مظلومون فانصُرهم، اللهم إنهم مظلومون فانصُرهم يا ناصر المُستضعفين، ويا وليَّ المُؤمنين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، واهدِهم سُبُل السلام، وجنِّبهم الفواحِش والفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، اللهم اشفِ مرضانا، وارحَم موتانا برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقَراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعلنا من القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِث قلوبَنا بالإيمان واليقين، وبلادَنا بالخيرات والأمطار والغيث العَميم.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة: 201].
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نِعَمه يزِدكم، ولذِكرُ اله أكبر، والله يعلمُ ما تصنَعون.
باهي جمال
2014-03-22, 08:20
بارك الله فيك ونفنا الله جميعا بالقران الكريم وبهدي سيد الاولين والاخرين و بكلام العلماء الهداة المهديين
أبومحمد17
2014-03-22, 17:25
بارك الله فيك ونفنا الله جميعا بالقران الكريم وبهدي سيد الاولين والاخرين و بكلام العلماء الهداة المهديين
امين ..............................
proshort
2014-03-23, 17:48
بارك الله فيك ونفنا الله جميعا بالقران الكريم وبهدي سيد الاولين والاخرين و بكلام العلماء الهداة المهديين
بارك الله فيك ونفنا الله جميعا بالقران الكريم
02dallal
2014-03-24, 09:50
بارك الله فيك اخي وفي مشاركتك
وأقول أن الاخوة الاسلامية هي أعظم أخوة على الاطلاق لكن لمن يفهمها ويعرف معناها وفي وقتنا الحالي الكثيرين يسبون ويشتمون أناسا أتقياء والله اعلم بسرائرهم
وكل ذلك دليل على جهلهم فالعاقل العالم الطالب للعلم تجده احيانا قليل الكلام واذا تكلم افاض وملأالقلوب لان كلامه صادر من قلب تقي معلق بخالقه فهو يراقب الله في سره وعلانيته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...بارك الله فيكم ...شكرا على تفاعلكم
أبومحمد17
2014-03-24, 11:17
خطبة أخرىفي نفس الموضوع لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السديس إمام وخطيب الحرم المكي ألقاها في الحرم المكي الجمعة الماضية بتاريخ 11\11\1430, وقد اشتملت على المحاور التالية :
مقصد الأخوة الإسلامية / خطورة التصنيف السيئ / من ألأم المسالك في هذه النزعة المأنوفة / النتائج السلبية لهذه الآفة المنكرة / من غوائل هذه الآفة / دوافع هذه الآفة / السبيل لمواجهة هذه الآفة وتخفيفها / من الأصول الشرعية تحريم النيل من الأعراض .
وإليكم الخطبة مفرغة كاملة :
الخطبة الأولى :
الحمد لله لم يزل على الدوام كريماً لطيفا.. أحمده -تعالى- وأشكره هدانا لدينٍ قيمٍ وسطٍ حنيف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ألَّف بين قلوب المؤمنين تأليفا.. وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله الموصوف بكونه صادقاً أميناً شريفاً عفيفاً.. حث أمته على التمسك بسنته وحذر من مخالفتها أهواءً وتصنيفاً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأُلى شرفوا تشريفا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم حشر الخلائق في الأخرى لفيفا وسلّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، ولتكن تقوى الله على الدوام حافزاً لكم على الاجتماع والاعتصام ونبذ الفرقة والانقسام امتثالاً لقول ربكم المولى العلّام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:102-103].
وتقْوَى اللهِ للأوَّاهِ زادٌ *** فنِعْمَ الذُّخْرُ في الْأُخْرَى مَآبَا
فلازِمْ دربَهَا تظْفَر بخيرٍ *** وحقِّقْ حكْمهَا تُحْرز ثَوَابا
أيها المسلمون: في مزدحم شئون الحياة ومشاغلها وفي دوامة قضايا الأمة ومتغيراتها يتناسى كثيرون بل ويتنكرون لمقصدٍ من أجلِّ مقاصد شريعتنا الغرَّاء.. ذلكم هو مقصد الأخوة الإسلامية والوحدة الدينية؛ فيحلون محل الاجتماعِ والائتلافِ التفرقَ والاختلافَ معرضين عن قول الحق -تبارك وتعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات:10]، وقوله -سبحانه-: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:92].. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "الاعتصام بالجماعة والائتلاف أصلٌ من أصول الدين"، ويبرز ذلك -يارعاكم الله- في فشوِّ ظواهر خطيرة لها آثارها البالغة في توسيع هوة الخلاف في الأمة وتقطيع جسدها الواحد إلى أوصال متنافرة وأشلاءٍ متنافرة وتوزيعها أشتاتاً وعزين.
ومن أخطر هذه الظواهر ضرراً وأشدها ضراوة وأثراً ظاهرةٌ عجيبٌ نفوذها كثيرٌ رعاعها غفيرٌ وقودها.. تلكم هي ظاهرة تصنيف الناس وداء التشكيك بالآخرين وعدم الثقة بهم وما تمثله مع بلج الإصباح من ضمائر سوداء يحملها فئامٌ ضعُفَ إيمانُهم وقلّ ورعُهم فألقوا جلباب الحياء وشغلوا الأمة عن كبير قضاياها، وألبسوا الجميع أثواب القدح والجرح، وتدثروا بشهوة الحكم على الناس ونسج الأحاديث والحكايات والتعلق بخيوط الظنون والأوهام في فوضى فكرية عارمة.. يركبون ثبج التصنيف للآخرين للتشهير والتمثيل والتضليل والصد عن سواء السبيل؛ فغمسوا ألسنتهم في ركامٍ من الآثام ثم بسطوها بإصدار الأحكام وإلصاق التهم والحطِّ من الأقدار في جرأةٍ عجيبة وفي قاموسٍ لا ينتهي من التصنيفات ينوء بحمل أسفارها جياد الإبل..
يجري ذلك في جانبي التصنيف الديني واللاديني؛ فكم نرى ونسمع عبر المجالس والمنتديات وشبكات المعلومات بأن هذا غالٍ متطرف وذاك وهابي وآخر رجعي وصولي، وفي النيل من علماء الشريعة الذين يقررون منهج السلف الصالح في السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين.. هذا مداهنٌ متزلف وذاك مراءٍ منافق وثالث من علماء السلطان.. وهكذا في سيلٍ جارفٍ من التصنيفات الفكرية والدعوية والسلوكية التي تعدَّت الأفراد إلى المؤسسات والجهات والهيئات..
من أجلها أقيمت سوق الولاء والبراء والود والعداء مما يحتم التوارد على ميثاق شرفٍ أدبيٍّ يحمي أعراض البرآء النبلاء.. وإن نقبوا في البلاد وفتشوا في العباد ولم يجدوا للمرء أي زلَّةٍ تصيَّدُوا العثرات وتتبعوا الهفوات المبنية على شُبَهٍ واهية وألفاظ محتَمَلة، وحين تفلس جهودهم من كل هذا قالوا: متوانٍ محايد.. إلى غير ذلك من ضروب تطاول سعاة الفرقة ودعاة الفتنة، فإن لم يجدوا لا هذا ولا ذاك أوغلوا في الطعن في النيات والمقاصد، وإن تورعوا سلكوا طريق الإشارة والهمز واللمز والغمز مما يكون أكثر إيقاعًا وأشد تطاولًا.. وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعة لعلام الغيوب، والله المتسعان.
معاشر المسلمين: ومن ألأم المسالك في هذه النزعة المأفونة نصب مشانق التجريح ووضع رموز الأمة وفضلائها على مشرحة النقد الهدَّام بغية تحطيمهم والإحباط بهم بما يلوث وجه كرامتهم قاعدين لهم مزجر الكلاب النابحة في خواطر ممسوخة وأوجه صفيقة وأحكام جائرة وأخلاق سافلة تسلك بصاحبها مسالك أهل الأهواء على اختلاف مللهم؛ فإن لهم شهوةً جامحة في الوقيعة في أهل الفضل في الأمة، وهكذا في سيلٍ متدفقٍ سيالٍ على ألسنةٍ كالسياط الحداد.. دأبها التبصبص وديدنُها التربص.. فالتوثب على الأعراض والتلذذ بالاعتراض مما يوسع جراح الأمة ويغتال الفضل بين أفرادها ويقطع أواصرها تأسيساً على خيوطٍ من الأوهام ومنازلاتٍ بلا برهان ترج إلى فتن لا يعلم عواقبها إلا الله، وتؤرب الثقة في قوام الأمن من خيار العباد.. فبئس المستنقع وبئست البضاعة، والله حسبُنا وحسيبهم، وياويحهم يوم تبلى السرائر يوم القيامة!
إخوة الإيمان: وحتى ينطوي عن الساحة الشقاق والشرخ وما تجره هذه الظاهرة النشاز من تعبٍ من غير أرب ولما تمثله من خطورة الورم الخبيث في جسد هذه الأمة لما لها من أثرٍ سلبيٍّ على أخوَّتِنا الإسلامية ووحدتِنا الوطنية كان الواجب تطهير المجتمع المسلم من هذه الرواسب وإماطة اللثام عن هذه الفتنة الدفينة لإطفاء جذوتها؛ لكي لا تعمل عملها في تفريق كلمة الأمة فيتخطفها خصومها ويبقى صوت الحق ضئيلا وحامله ذليلا، وحتى تكون طوق نجاةٍ لمن أضناه مشوار التصنيف فيلقي عصا التسيار قبل مفارقة هذه الدار وسلوة لمظلوم مضرج برماح المصنفين وسهام الجراحين.. إنها دق لجرس النذارة من هذه المكيدة الغالبة التي تصب في إيذاء المسلمين والنيل منهم مع نبلهم وبراءتهم، والله -عز وجل- يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً) [الأحزاب:58]..
وحرصا على جمع كلمة المسلمين التي أعلنها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عام حجة الوداع بقوله: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام" أخرجه الشيخان من حديث جابر -رضي الله عنه-.
وإن تعجب فعجبٌ حال من ابتلوا بهذا الداء ممن دأبهم التربص والترصد للتحريش والتهويش وإشعال فتيل الفتنة في الأمة والتشويش، وترى هذا القبيل المأفون يجعل شغله الشاغل مقارعة المبدعين في الأمة وجعْلهم وقود بلبلة وحطب اضطراب وشنشة.. فحقًّا إنهم غزاة الأعراض بالأمراض والعض بالباطل في غوارب العباد؛ فهم مقرنون بأصفاد الغل والبغضاء والحقد والحسد والشحناء والإفك والبهتان.. فيالله! كم لهذه الوظيفة الإبليسية من آثارٍ موجعة على أعز شيءٍ يملكه المسلم في عقيدته وعرضه! حقا.. لقد شوهوا التاريخ وشوّهوا أنفسهم؛ فلا هم قالوا خيرًا فغنموا، ولا سكتوا فسلموا.
فتبًّا لهذه المسالك المرذولة وأفٍّ لهذه المناهج المأفونة، فإلى قائمة الممقوتين في سجل التاريخ غير مأسوف عليهم:
إن الشَّقيَّ بالشقَاءِ موْلوعُ *** لا يمْلكُ الرد لهُ إذا أتَى
فكم جرت هذه المكيدة من قارعةٍ على البلاد والعباد بتشويه وجه الحق والوقوف في سبيله، ثم هضمٍ لحقوق المسلمين في دينهم وأعراضهم وتحجيمٍ لانتشار الخير بينهم.. حيث لم ولن يسلم من لأوائهم أحد، بل إنهم صناعة توابيت تقبر فيها المواهب والقدرات وتوأد فيها الكفاءات والإنجازات.. نعوذ بالله من حالهم، ولا كثَّر اللهُ في الأمة من أمثالهم.
يتضح ذلك بجلاءٍ أنه كلما انبرى إمامٌ مصلحٌ فذٌّ يتبنى مشروعاتٍ حضاريةٍ في الأمة تعيد لها أمجادها في ظل ثوابت الشريعة ومقاصد الأمة تجاذب سفينتها فهومٌ متضاربة وآراء متجاذبة وحالات لغطٍ لا تسلم من الغلط، وعاشت الأمة جرَّاءَها مناسبات ومزايدات في ضروبٍ من الجدل العقيم؛ مما يعيق عجلة التنمية في المجتمع ويعطل النماء والإعمار في الأمة.. مع التأكيد على التمسك بثوابتنا وضوابطها الشرعية، بل قد يسلط هنا سيف التصنيف المسْلَط بأن من يباركها علمانيٌّ وآخر لبرالي وثالث تغريبي.. وهلم جرا..فسبحان ربي العظيم.. سبحانك هذا بهتانٌ عظيم، فحاشى أن يغم بعامة الأمة -فضلاً على خواصها- الإقرار بالمنكرات وتمرير المخالفات مما يخدش التمسك بالعقيدة والمبادئ والقيم: (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ...) [ النساء:83].
أمة الإسلام: ومن وغوائل هذه الظاهرة النزقة وعوامل تهافتها: أنك لو سألت حملة ألويتها عن مستندها والبينة التي اعتمدوا عليها كالشمس في رابعة النهار لأفلتوا أيديهم وقلَّبُوا أكفهم، ولما وجدت في نهاية المطاف غير بنياتٍ واهياتٍ لا تعدو وساوس غامضة وانفعالاتٍ متوترة وأحقاداً دفينة وتوظيفًا لسوء الظن، والظن أكذب الحديث:
إذَا سَاءَ فعْلُ المرءِ ساءتْ ظنُونُه *** وصدَّقَ ما يعتاده مِنْ توَّهم
وبناءً على الزعم -وبئس مطية الرجل زعموا- وإعلاناً لسوءين شنيعين هما: سوء القصد وسوء الفهم
وكمْ منْ عائِبٍ قولًا صحيحًا *** وآفتُهُ مِنَ الفهمِ السقيم
وإنْ ألقاكَ فهمُكَ في مَهَاوٍ *** فَليتَك ثمَّ ليتَك ما فهِمْت
فيالله العجب! كما تُشادُ الأحكام العظام على مثل هذه الخيالات والأوهام.. فضلا عما يكون من المستندات من تتبع العثرات وتصيُّد الهفوات، وهي مسالك مردية لو وُصِمَ الناس بها لما بقي في الأمة أحد ولَصارَ المجتمع كدودة القزّ تطوي على نفسها بنفسها حتى تلقى حتفها.. ومنها التناوش من مكان بعيد لتحميل الكلام ما لا يحتمل مع بذل الجهد للترصد والتربص والفرح بالزِّلَّة، ومتى كان فرح الإنسان بخطأ أخيه البيِّن من دين الله.. فضلا عن اجتهاده المشروع وتأويله السائغ.. ألا إن هذا المسلك المرذول داءٌ خبيث.. متى ما تمكَّن من النفوس أطفأ فيها جذوة الإيمان وأخبأ فيها عفة اللسان.. نعوذ بالله من الخذلان.
معاشر الأحبة: وإن تبحثوا –يا رعاكم الله- عن دوافع هذه الظاهرة الخطرة فلن تعدوها توجهات وأنماط فكرية وتراكمات وتيارات مخالفة لمنهج سلف هذه الأمة أو تلبيسات إبليسية ونزغات شيطانية تهوي بصاحبها إلى دركاتٍ سحيقةٍ من التخلُّف الفكري والانحطاط العقلي والضعف الإيماني، وكأن الإمام ابن القيم -رحمه الله- يصور ما يجري في عصرنا حيث يقول: "وكم ترى من رجلٍ مُتورِّعٍ عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات لا يبالي ما يقول" انتهى.
وعلى كل حال فيبقى الحسد والهوى جناح هذه الشناعات المغرضة: (... وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص:50]، لكنها بليةٌ لا لعا لها وفتنةٌ وقى الله شرها ولحا أربابها يحذر الأغرار من الافتتان بها والاغترار؛ إذ بهذا التصنيف المريع آل أمر أبناء هذه الأمة إلى أوزاعٍ وأشتاتٍ وركضٍ وراء السراب، فلو رأيتهم يُرثى لحالهم وهم يتسارعون، والله أعلم بما يوعون، وقد يكونون رأس معولٍ لهدم وحدة الأمة وهم لا يشعرون.
أمة الإسلام.. أمة الإسلام: وبعد بيان خطورة هذه الظاهرة وآثارها ودوافعها يأتي السؤال الملح: ما السبيل لمواجهتها وتخفيف غلوائها في الأمة؟ والعمل لهذا العلاج يرجع إلى ثلاث فئاتٍ في الأمة:
أولها: محترفوا التصنيف أنفسهم بالحذر من سلوك جادة يمسهم منها عذاب الله؛ فلا يغب عن بالكم يا هؤلاء أن "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، ولا يعزبُ عن أذهانكم يا أولئك حديث أبي هريرة في الصحيح: "أتدرون من المفلس".. وأثر عمر الذي رواه الإمام أحمد -رحمه الله-: "لا يعجبنَّكم طنْطَنة الرجل، ولكن من أدَّى الأمانةَ وكفَّ عن أعراضِ الناسِ فهُو الرجل".
لَا تُرْسِلَنَّ مقُولةً مشهورةً *** لا تسْتطيعُ إذَا مضَتْ إدْراكَهَا
لا تبديـن بهيئـة نقيتها *** وتحفظـن من الذي أنباكهـا
فإلى محترفي التصنيف ومسوغيه: لتعلموا -هُدِيتُمْ إلى الرّشَاد- أنكم بهذه المشاقّة قد خرقتم حرمة الاعتقاد الواجب في أخوة الديانة، ولسوف يحصد الزوبعة مَنْ حرَّك الريح.. فالزموا -عافاكم الله- تقوى الله ومراقبته والإنابة إليه واستغفاره، واحذروا صناعة المفاليس هذه:
لعَمْرِي لقدْ نبَّهْتُ مَنْ كان نائِما *** وأسْمَعْتُ مَنْ كانَتْ لهُ أُذُنَان
أما مَنْ يعاني أزمةً في الضمير ولوثةً في الفكر وقد تَمَكَّن منه الداء فنعوذ بالله من الشقاء، ولا يأْس مِن رحمة أرحم الرحماء، أما من رُمِيَ بالتنصيف زورًا وبهتانا فله البُشْرى والسلوى في مثل قول المولى -جل وعلا-: (مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) [فصلت:43].
ومَا أَحَدُّ مِن ألْسُنِ النَّاسِ سَالِم *** ولَوْ كانَ ذاكَ التَّقيَّ المهَذَّبَا
فاستمسك بما أنت عليه من الحق المبين، وقد ذكر الحافظ بن عبد البر: "أنه كان يُقال: يُستَدلُّ على نباهة الرجل بتباين الناس فيه، وهذه صفة أهل النباهة ومن بلغ في الدين والفضل الغاية والنهاية" انتهى كلامه -رحمه الله-..
فلا تبتئس بما كانوا يفعلون، ولا تبتئس بما كانوا يعملون، ولا يثنِكَ هذا لإرجاع موقفك الحق؛ فالثبات الثبات متوكلًا على مولاك.. والله يتولى الصالحين.. وليكن في سيرتك وسريرتك من النقاء والصفاء والرحمة بالخلق ما يحملك على استيعاب الآخرين وإن خالفوك، وكظم الغيظ والإعراض عن أعراض الوالغين، ولا تشغل نفسك بذكرهم.. فهذا غاية بنبل النفس وصفاء المعدن وحسن الشمائل، وأنت بهذا كأنما تُسِفُّ القوم الملّ، والأمور مرهونةٌ بحقائقها.
أمة الإسلام: ولعل أبرز الآثار السلبية في انشغال فئامٍ من الأمة بهذه الظواهر والمظاهر الخطيرة ما آل إليه الأمر في تردِّي واقع الأمة حين شُغِلتْ عن كبرى قضاياها وما آل إليه أمر مقدساتها حين توارت في بحار الفتن أشرعتها وتاهت في سواد المحن راياتها وتهاوى من لدن صهيون أحقادها.. ولعل ما يعانيه (المسجد الأقصى المبارك) هذه الأيام من محنة كبرى من أجلى الشواهد على ذلك مما يتطلب من المجتمعات الدولية والهيئات العالمية والأمة الإسلامية تحمل مسئولياتها الشرعية والتأريخية والإنسانية في الدفاع عن (الأقصى) وصدِّ محاولات تهويده وتدنيسه.. فلتسلم قدسنا، وليبشر المقدسيون.. بل والمسلمون كافة بقرب الفرج وبريق النصر وانبلاج الفجر -بإذن الله-:
فَاسْلَمِي يَا قدسُ إنَّا لِلْفِدَا *** يَدًا إنْ مدَّتِ الدُّنْيَا يَدَا
أَبَدًا لنْ تَسْتَكِينَ أبَدَا *** إنَّنِي أَرْجُوْ مَعَ اليَوْمِ غَدَا
(... يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الروم:4-5]
نفعني الله وإياكم بهدْي كتابه وبسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.. وأقول قولي هذا وأستغفرالله العظيم الجليل- لي ولكم ولكافة المسلمين من كل خطيئةٍ وإثم؛ فاستغفروه إنه كان غفارا، وتوبوا إنه كان توابا.
الخطبة الثانية:
حمدًا لك اللهم حمدًا حمدا، نشهد أن لا إله إلا أنت قلت في محكم التنزيل وأصدق القيل: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور:15].. ونشهد أن سيدنا محمدًا عبدك ورسولك وخليلك ومصطفاك وحبيبك ومجتباك، صلى عليه الله ما ليلٌ سجى وما صبحٌ بجا، وسلِّم تسليمًا سرمدًا أبدا، وبارِكْ تبريكاً مزيداً.
أما بعد:
فاتقوا الله -عباد الله-: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) [البقرة:281].
أيها الإخوة الأحبة في الله: لا يخفى على شريف علمكم أن من الأصول الشرعية تحريم النيل من أعراض المسلمين؛ فالأصل بناء حال المسلم على السلامة والستر وحسن الظن، واليقين لا يزول بالشك وإنما يزول بيقينٍ مثله، والأصل براءة الذمة.. وكم من خبرٍ لا يصح أصلًا، وكم من خبرٍ لو صح لكن يرد عليه من الإضافات واللوازم الباطلة أو التجزئة والانتقائية بما يحرف به الكلم عن مواضعه.. وبالجملة.. فلا تقرر المؤاخذة إلا بعد أن تأذن الحجة ويقوم عندك قائم الدليل والبرهان كقائم الظهيرة، ومن تجاوز ذلك بحق متقين فهو المفتون الخارق لحرمة الشريعة.
والمسلم الحق لا يكون معبراً تمرر عليه الواردات والمختلقات، ولا يطير الأخبار كل مطار بلا تثبت ولا روية ثم ينشر بلسانه بلا وعي ولا تعقل:
إن البدار برد شيء لم تحط *** علما به سبب إلى الحرمان
فالله الله في التزم الإنصاف والعدل حتى مع المخالف واحترام اجتهاده وتقدير آرائه:
ولمْ تزَلْ قِلّةُ الإنْصَافِ قَاطِعةً *** بيْن الرِّجال وإنْ كَانُوا ذوِي رحِمِ
والحذر الحذر من الفتَّانين المتجنِّين على أعراض المسلمين ممن سيماهم توظيف النصوص في غير مجالها، فإذا رأيتهم فارثِ لحالهم وادعُ لهم بالعافية ولا تكن عونًا للشيطان عليهم؛ فإن ذلك السُّمُّ الناقع، وتسلح بالدعاء أن يُقِيل الله العثرة ويغفر الزلَّة.
لكن مما يطمئن -بحمد الله- أن هذه الوعكة اليسيرة مصيرها -بإذن الله- إلى الزوال والاضمحلال، لا بأس.. طهورٌ إن شاء الله.. وهذه اللوثة الطارئة تنطفئ عن قريب -بحول الله- بالفيئة إلى جماعة المسلمين والاعتزاز بأخوتهم وصفاء الأخوة لهم كيف وقد اجترعوا من لألاء التصافي الرضابا ونهلوا من رحيق الود شهدا ورضابا، وتلكم هي عظمة الأخوة العتيية وحقيقتها الألقة الفريدة.. ممتثلين المنهج القرآني: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [الحشر:10].
ألا وإن من التحدث بنعم الله ما مَنَّ الله به على بلاد الحرمين الشريفين -حرسها الله- من دعوةٍ إصلاحيةٍ رائدة وجماعةٍ شرعيةٍ واحدةٍ على منهج الكتاب والسنة منذ تعاهد الإمامان وتعاقد المحمدان - رحمهما الله- إلى عهد الإمام المؤسس والملك الموحد -طيب الله ثراه- في ظل وارف من راية الاجتماع والتأليف ومنأى عن غائلة الفرقة والتصنيف بحمد الله ومنه.. زاده الله وحدةً وتماسكًا ورخاء، وحفظ عليها عقيدتها وقيادتها وأمنها واستقرارها إنه جود كريم.
هذا.. وصلُّوْا وسلِّمُوا -رحمكم الله- على الرحمة المهداة والنعمة المسداة نبيكم محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك ربكم -جل في علاه- فقال تعالى قولًا كريما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56].
إن شئت من بعد الضلالة تهتدي *** صلي على الهادي البشير محمد
يا فوز من صلى عليـه فإنـه *** يحوي الأنامي بالنعيم السرمـدي
اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك نبينا محمدٍ وعلى آله وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وعلى آله وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وارض اللهمّ عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء ذوي القدر العليِّ والشرف الجليِّ -أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وعلي أبي السبطين- وعلى سائر الآل والأصحاب ومن سار على نهجم واقتفى ياخير من تجاوز وعفا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح واحفظ ووفق أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا.. اللهم وفق خادم الحرمين الشريفين إلى ما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وهيئ له البطانة الصالحة، اللهم كن له على الخير معينًا وظهيرا ومؤيدًا ونصيرا ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام.. اللهم وفق ولي عهده ونائبه الثاني وإخوانهم وأعوانهم إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد.. اللهم وفق قادة المسلمين. اللهم وفق قادة المسلمين.
اللهم حرِّر مقدسات المسلمين. اللهم حرر مقدسات المسلمين. اللهم حرر مقدسات المسلمين.. اللهم أنقذ المسجد الأقصى. اللهم أنقذ المسجد الأقصى. اللهم أنقذ المسجد الأقصى من عدوان المعتدين وكيد الكائدين، اللهم اجعله شامخًا عزيزًا إلى يوم الدين يارب العالمين.
اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكرويين، واقض الدَّين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين برحمتك ياأرحم الراحمين.
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت.. أنت الغني ونحن الفقراء؛ أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا. اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم إنَّا نستغفرك إنك كنت غفارا.. فأرسل المساء علينا مدرارا.. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار.
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون؛ فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
http://www.khutabaa.com/index.cfm?me...tails&khid=827 (http://www.khutabaa.com/index.cfm?method=home.khdetails&khid=827)
02dallal
2014-03-24, 14:30
مقدمة المنظومة للشيخ توفيق الصائغ ويا حبذا لوسمعها الجميع فهي تبين اجمل واخلص الاخلاق الفاضلة
يقول راجي الصمد بن علي أحمد
حمداً لمن هداني بالنطق والبيان
وأشرف الصلاة من واهب الصِلاة
على النبي الهادي وآله الأمجاد
وبعد فالكلام لحسنه أقسام
والقول ذو فنون في الجد والمجون
وروضة الأريضي السجع في القريض
والشعر ديوان العرب وكم أنال من أرب
فانسل اذا رمت الأدب اليه من كل حدب
رواية الأشعار تكسو الأديب العاري
وترفع الوضيعا وتكرم الشفيعا
وتنجح المآرب وتصلح المعائب
وتطرب الإخوانا وتذهب الأحزانا
وتنعش العشاقا وتؤنس المشتاقا
وتنسخ الأحقادا وتثبت الودادا
وتقدم الجبانا وتعطف الغضبانا
فقم له مهتما واحفظه حفطاًَ جمّا
وخيره ما أطربا مستمعاً وأعجبا
وهذه الأرجوزة في فنها وجيزة
بديعة الألفاظ تسهل للحفاظ
تطرب كل سامع بحسن لفظ جامع
أبياتها قصوروا وما بها قصوروا
ضمنتها معاني في عشرة الإخوان
تشرح للألباب محاسن الآداب
فان خير العشرة ما حاز قوم عشرة
وأكثر الإخوان في الوصل والأوان
صحبتهم نفاق ما شانها وفاق
يلقى الخليل خله إذا أتى محله
بظاهر مموه وباطن مشوه
يظهر من صداقه ما هو فوق الطاقه
والقلب منه خالي كفارغ المخالي
حتى اذا ما انصرفا اعرض عن ذاك الصفا
وإن يكن ثم حسد انشب انشاب الاسد
في عرضه مخالبه مستقصياً مثالبه
مجتهداً في غيبته لم يرع حق غيبته
فهذه صحبة من تراه في هذا الزمن
فلا تكن معتمدا على صديق أبداً
وان عصيت الا تصحب منهم خلا
فإنك الموفق بل السعيد المطلق
وان قصدت الصحبة فخذ لها في الأهبة
واحرص على آدابها تعدّ من اربابها
واستنب من شروطها توق من سقوطها
فان أردت علمها وحدها ورسمها
فاستمله من رجزي هذا البديع الموجز
فإنه كفيل بشرحه حفيل
فصلته فصولا تقرّب الوصولا
لمنهج الآداب في صحبة الاصحاب
تهدي جميع الصحب الى طريق رحب
سميتها إذ طربا بنظمنه واغربا
بنغمة الأغاني في عشرة الاخوان
والله ربي اسأل وهو الكريم المفضل
الهادي للسداد ومانح الإمداد
أبومحمد17
2014-03-24, 17:53
مقدمة المنظومة للشيخ توفيق الصائغ ويا حبذا لوسمعها الجميع فهي تبين اجمل واخلص الاخلاق الفاضلة
يقول راجي الصمد بن علي أحمد
حمداً لمن هداني بالنطق والبيان
وأشرف الصلاة من واهب الصِلاة
على النبي الهادي وآله الأمجاد
وبعد فالكلام لحسنه أقسام
والقول ذو فنون في الجد والمجون
وروضة الأريضي السجع في القريض
والشعر ديوان العرب وكم أنال من أرب
فانسل اذا رمت الأدب اليه من كل حدب
رواية الأشعار تكسو الأديب العاري
وترفع الوضيعا وتكرم الشفيعا
وتنجح المآرب وتصلح المعائب
وتطرب الإخوانا وتذهب الأحزانا
وتنعش العشاقا وتؤنس المشتاقا
وتنسخ الأحقادا وتثبت الودادا
وتقدم الجبانا وتعطف الغضبانا
فقم له مهتما واحفظه حفطاًَ جمّا
وخيره ما أطربا مستمعاً وأعجبا
وهذه الأرجوزة في فنها وجيزة
بديعة الألفاظ تسهل للحفاظ
تطرب كل سامع بحسن لفظ جامع
أبياتها قصوروا وما بها قصوروا
ضمنتها معاني في عشرة الإخوان
تشرح للألباب محاسن الآداب
فان خير العشرة ما حاز قوم عشرة
وأكثر الإخوان في الوصل والأوان
صحبتهم نفاق ما شانها وفاق
يلقى الخليل خله إذا أتى محله
بظاهر مموه وباطن مشوه
يظهر من صداقه ما هو فوق الطاقه
والقلب منه خالي كفارغ المخالي
حتى اذا ما انصرفا اعرض عن ذاك الصفا
وإن يكن ثم حسد انشب انشاب الاسد
في عرضه مخالبه مستقصياً مثالبه
مجتهداً في غيبته لم يرع حق غيبته
فهذه صحبة من تراه في هذا الزمن
فلا تكن معتمدا على صديق أبداً
وان عصيت الا تصحب منهم خلا
فإنك الموفق بل السعيد المطلق
وان قصدت الصحبة فخذ لها في الأهبة
واحرص على آدابها تعدّ من اربابها
واستنب من شروطها توق من سقوطها
فان أردت علمها وحدها ورسمها
فاستمله من رجزي هذا البديع الموجز
فإنه كفيل بشرحه حفيل
فصلته فصولا تقرّب الوصولا
لمنهج الآداب في صحبة الاصحاب
تهدي جميع الصحب الى طريق رحب
سميتها إذ طربا بنظمنه واغربا
بنغمة الأغاني في عشرة الاخوان
والله ربي اسأل وهو الكريم المفضل
الهادي للسداد ومانح الإمداد
بارك الله فيك
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir