tarek.const
2014-03-16, 21:35
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الدعوة إلى تحكيم القانون الوضعي وإقصاء الشريعة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن دين الإسلام هو دين الله الذي لا يقبل من أحد ديناً سواه من الأولين والآخرين، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، فالإسلام هو الدين الحق، وكلُّ دين سواه باطل، وحقيقته الاستسلام لله بعبادته وتوحيده وطاعته وطاعة رسوله، والبراءة مما خالفه، ودين الله هو شرع الله وحكمه بين عباده الذي يجب على المسلمين الحكم به والتحاكم إليه؛ لأنه تعالى رب الناس ورب كل شيء، وهو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، فالحكم لله وحده، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)، وقال تعالى: (وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا)، فالحكم بشريعة الإسلام فرضٌ على العباد لا خيار لهم فيه، فيجب على جميع الحكومات والشعوب أن تكون السيادة في الحكم للقرآن العظيم وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتكون القوانين كلها خاضعة وتابعة لحكم الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وقد اشتهر في هذا العصر الدعوة إلى الحكم بما يسمى الديمقراطية التي يفسرونها بحكم الشعب بالشعب، أي بإرادة الشعب، فإن أراد الشعب أن يُحكم بالقوانين الوضعية المستوردة من الشرق أو الغرب أو ما سايرها مما يضعه الناس بأهوائهم ولو خالفت شرع الله، فإن اختار الشعب ذلك وجب النزول على رغبتهم بحكم الديمقراطية، وأيدهم على ذلك الشرق والغرب، ولهم -بزعم دعاة الديمقراطية- أن يختاروا أن يُحكموا بشريعة الإسلام، فإن وقع ذلك ثار عليهم الشرق والغرب والمنافقون والملحدون في داخل بلاد الإسلام، وبهذا يظهر كذب الديمقراطية المزعومة، ولو فرض أن دولة تُحكِّم الإسلام استجابة لرغبة الشعب ليس إلا.. لم تكن الدولة بذلك محكمة لشرع الله، ولا محمودة بذلك في حكم الله، ولكن الناس ينتفعون بذلك بحسب نياتهم، وبحسب ما يقيمون من حكم الله ودينه، فتبين مما تقدم أن الديمقراطية بالتفسير المتقدم مضادة لحكم الله، والدعوةُ إليها دعوة إلى نوع من أنواع الكفر الأكبر.
وعلى هذا؛ فيجب أن يعلم أن الذين يحبون أن يُحكموا بالقانون لا بشريعة الإسلام كفارٌ، فكيف إذا دعوا إلى ذلك، وعارضوا أن يُحكموا بالإسلام؟! فهؤلاء أغلظ كفراً ولو صلّوا وصاموا، ومن أسرَّ هذه الرغبة في نفسه فهو منافق.
فيجب على جميع المسلمين أن يحذروا من الوقوع في هذا الكفر وهم لا يشعرون، فالأمر جد خطير! بل يجب على كل مسلم أن يرضى بحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يحب أن يُحكم بالإسلام وبشريعة الإسلام التي أنزل الله على رسوله، ويسعى إلى ذلك بحسب قدرته، (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)، ولا يؤاخذ المسلم ولا يلام على ما يعجز عنه من الواجبات؛ إذ لا واجب مع العجز، كما قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وقال سبحانه: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وتحكيم الرسول والتحاكم إليه من أصول الإيمان، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
نسأل الله أن يوفق الحكومات في البلاد الإسلامية لتحكيم الإسلام في رعاياهم عقيدة وشريعة في جميع المجالات طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا مجرد استجابة لإرادة الشعب، إنه تعالى على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أملاه
عبد الرحمن بن ناصر البراك
الأستاذ (سابقاً) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
حرر في 25 محرم 1434هـ
حكم الدعوة إلى تحكيم القانون الوضعي وإقصاء الشريعة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن دين الإسلام هو دين الله الذي لا يقبل من أحد ديناً سواه من الأولين والآخرين، قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، فالإسلام هو الدين الحق، وكلُّ دين سواه باطل، وحقيقته الاستسلام لله بعبادته وتوحيده وطاعته وطاعة رسوله، والبراءة مما خالفه، ودين الله هو شرع الله وحكمه بين عباده الذي يجب على المسلمين الحكم به والتحاكم إليه؛ لأنه تعالى رب الناس ورب كل شيء، وهو الإله الحق الذي لا يستحق العبادة سواه، فالحكم لله وحده، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)، وقال تعالى: (وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا)، فالحكم بشريعة الإسلام فرضٌ على العباد لا خيار لهم فيه، فيجب على جميع الحكومات والشعوب أن تكون السيادة في الحكم للقرآن العظيم وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وتكون القوانين كلها خاضعة وتابعة لحكم الله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
وقد اشتهر في هذا العصر الدعوة إلى الحكم بما يسمى الديمقراطية التي يفسرونها بحكم الشعب بالشعب، أي بإرادة الشعب، فإن أراد الشعب أن يُحكم بالقوانين الوضعية المستوردة من الشرق أو الغرب أو ما سايرها مما يضعه الناس بأهوائهم ولو خالفت شرع الله، فإن اختار الشعب ذلك وجب النزول على رغبتهم بحكم الديمقراطية، وأيدهم على ذلك الشرق والغرب، ولهم -بزعم دعاة الديمقراطية- أن يختاروا أن يُحكموا بشريعة الإسلام، فإن وقع ذلك ثار عليهم الشرق والغرب والمنافقون والملحدون في داخل بلاد الإسلام، وبهذا يظهر كذب الديمقراطية المزعومة، ولو فرض أن دولة تُحكِّم الإسلام استجابة لرغبة الشعب ليس إلا.. لم تكن الدولة بذلك محكمة لشرع الله، ولا محمودة بذلك في حكم الله، ولكن الناس ينتفعون بذلك بحسب نياتهم، وبحسب ما يقيمون من حكم الله ودينه، فتبين مما تقدم أن الديمقراطية بالتفسير المتقدم مضادة لحكم الله، والدعوةُ إليها دعوة إلى نوع من أنواع الكفر الأكبر.
وعلى هذا؛ فيجب أن يعلم أن الذين يحبون أن يُحكموا بالقانون لا بشريعة الإسلام كفارٌ، فكيف إذا دعوا إلى ذلك، وعارضوا أن يُحكموا بالإسلام؟! فهؤلاء أغلظ كفراً ولو صلّوا وصاموا، ومن أسرَّ هذه الرغبة في نفسه فهو منافق.
فيجب على جميع المسلمين أن يحذروا من الوقوع في هذا الكفر وهم لا يشعرون، فالأمر جد خطير! بل يجب على كل مسلم أن يرضى بحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يحب أن يُحكم بالإسلام وبشريعة الإسلام التي أنزل الله على رسوله، ويسعى إلى ذلك بحسب قدرته، (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)، ولا يؤاخذ المسلم ولا يلام على ما يعجز عنه من الواجبات؛ إذ لا واجب مع العجز، كما قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وقال سبحانه: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وتحكيم الرسول والتحاكم إليه من أصول الإيمان، (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
نسأل الله أن يوفق الحكومات في البلاد الإسلامية لتحكيم الإسلام في رعاياهم عقيدة وشريعة في جميع المجالات طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لا مجرد استجابة لإرادة الشعب، إنه تعالى على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أملاه
عبد الرحمن بن ناصر البراك
الأستاذ (سابقاً) في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
حرر في 25 محرم 1434هـ