باهي جمال
2014-03-08, 08:22
كيف نتعلَّم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده،وبعد.
فأحسن الله إليك، و ذلل لك صعاب العلم، ويسر لك دقائقه، و رزقك همة وعزيمة في تحصيله، ثم أعانك على تبليغه و العمل بموجبه.
أجيبك و ليس المسؤل بأعلم بالسائل بهذه المسألة، فإني رأيت الناس و الدعاة و العلماء يطلبون العلم فمنهم من يحصل بعضه، ومنهم من تغلق الأبواب دونه، ومنهم من يحصل منه على ما يعرفه غيره، ومنهم من يفتح الله عليه أبوابه فيرزقه نظرا ثاقبا، و فهما قويما، و العلم هو الفهم و ليس الحفظ، فمتى رزقت فهما قل الجهد وكثر الثمر،وقد رأيت أشياء تمنع العلم ،و أقصد بالعلم هنا قوة علمية و خواطر قلبية يحرر بها الرجل محل النزاع، و يبصره الله بالحق في مضائق الاختلاف.
أولها:طلب العلم لغير وجه الله، وعلامته عدم بذله إلا بمقابل من مال أو شهرة أو رئاسة،وهذا أمر استعن به بالدعاء، و بمشاهدة عظمة الله و ضعة الإنسان، فالعلم إما يكسرك و يعرفك حقيقة نفسك، و إما يطغيك،و الإخلاص هو السر في هذا الباب.
ثانيها: الغلط في التوجه إلى الباب الصحيح، فمن أراد العلم فليطلبه من الله تعالى حالا ومقالا، فمن طلبه من شيخ أو كتاب غافلا عن هذا لم ينله.
ثالثها:الصدق في شيئين: في اعتقاد أن العلم و الحقيقة في كلام الله ورسوله اعتقادا لا يخالجه شك بل بيقين تام مهما تعاظمت عليه أقوال الناس فلا يرهب ولا يدخله ريب.
و الثاني في الصدق مع النفس فما عرف قلبك انه الحق فلا تخالفه لصحبة أو مشيخة أو غير ذلك، بل عليك الثبات عليه .
فهذه ركائز طلب العلم،و كل ما سواها لا تأثير له على الحقيقة .
أما مواد العلم فانظر إلى استعدادك النفسي و أي العلم تجد فيه اللذة فاشتغل به أكثر من غيره، و الكيفية هي أن تأخذ كتابا في هذا العلم يكون لرجل ثبتت إمامته فيه ثم اقرأ عشر صفحات ثلاث مرات في اليوم لمدة ثلاثة أيام، فإن فهمت فهو ذاك، فإن لم تفهم فقد حفظت منه شيئا تجده في طريقك بعد مدة، و ما تقراه ذاكر به أصحابك و تلامذتك، وعندما تشعر أن الموضوع مغلق دونك فتصدق بنية فهمه، ولا تزال تتصدق بشيء حتى يفتح عليك فيه.
و اجعل كتابا للدراسة بهذه الطريقة، و كتابا للمطالعة، الأول يكون من علوم الآلة كالنحو و أصول الفقه و مصطلح حديث وعلم العقائد يدرس بهذه الطريقة، و الثاني يكون في التفسير و السيرة و التاريخ و علوم القرآن تنالها بالمطالعة.
ومرة في السنة أو السنتين تعيد مراجعة أهم الكتب التي درستها أو طالعتها.
أما كيف تعلم طلبتك فاختر لهم كتابا ميسرا تكون قد درست كتبا مطولة في الموضوع ثم اطرح الإشكال و دعهم يخوضون فيه، و أنت توجه و تشرح مصطلحات الموضوع، و قضايا الخلاف فيه ، ولا تعلم شيئا لست متصورا له بحيث تعبر عنه بألفاظك، و ليس بألفاظ الكاتب.
و عليك بالرفق بهم، و علمهم التفكير في المسائل العلمية لمدة يومين أو ثلاثة و البحث فيها ، لا يعتمدون على ما تلقيه عليهم فقط .
أما الكتب التي عليك أن تشتريها فأولا : جميع كتب ابن تيمية و ابن القيم فهي البحر الذي لا تخرج منه أبدا.
كتب أصول الفقه خاصة كتب المتقدمين من جميع الطوائف إلا كتب الرافضة.
كتب مصطلح الحديث ككتب ابن حجر و الصنعاني و السخاوي ثم شرح علل الترمذي لابن رجب، و التمييز لمسلم .
كذلك عليك بكتب السنة " الحديث " ما قدرت عليه منها.
أهم كتب التفسير و أحسنها تفسير القرطبي و البغوي و ابن عطية و ابن كثير و الطبري.
المهم طالب العلم يتوقف اقتناء الكتب عنده على تصوره للدور الذي يريد أن يؤديه فإن كان من مدرسة ابن تيمية فيقتني كل كتاب يقع تحت يديه، و لكن بعد تحصيل علم السنة خاصة عقيدة أهل السنة بأدلتها الجدلية.
أما في الفقه فمجموع الفتاوى و زاد الميعاد و المحلى لابن حزم، و فتح الباري مع مجموع النووي ومراجع المتاخرين كفتاوي اللجنة الدائمة و فتاوى الأزهر و في الفقه ركز على شروح السنة كنيل الأوطار و فتح الباري و غيرها.
ولا تقرا شيئا من فقه المعاملات حتى تقرأ القواعد النورانية لابن تيمية.
أما كتب المالكية فحصل منها كل ما تقدر عليه منها، وحتى كتب الاعتقاد الأشعري التي كتبها المالكية ولكن ركز في دراستها على كتب قدماء المالكية كتب ابن عبد البر و أبي بكر بن العربي و الباجي و القاضي عبد الوهاب، والقاضي عياض وكتب التراجم المالكية خاصة تراجم المتاخرين منهم كالمعيار المعرب للونشريسي و التنبكتي و البستان لابن مريم و غيرها.
على كل حال كنت قد تعرضت لهذا الموضوع في مقال بعنوان: شرح مقولة ابن سيرين تجده في منتدى كل السلفيين.
و في الأخير احرص على الفهم، ولا تحرص على الحفظ فتضيع وقتك،فإن استحق شيء الحفظ بعد القرآن و الحديث النبوي فالمصطلحات و معانيها.
ولو وجهت لي السؤال عن علم واحد حتى إذا حصلت منه على ما كتب الله لك انتقلت لعلم آخر كان الجواب أدق تفصيلا من هذا.
وفي الأخير قبل أن تبدأ بأي شيء من هذا اقرأ فهرس مجموع الفتاوى لابن تيمية مرات عديدة فسيقودك و يدلك على تصورات وفوائد عزيزة الوجود.
أما فيما يخص الحفظ و الذاكرة فأحسن دواء ترك معاصي العلم و سؤال الله مع التصدق ،أما الأدوية الطبيعية فهناك أقوال عن اللبان و لكني لا أظن الأمر صحيحا و أحسن طعام طبيعي مفيد للدماغ السمك الطازج و أكل الحلو كالزبيب و البرقوق و المشمش المجفف، و التمر.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرزيو/ الجزائر في 30 شعبان 1430
أخوك مختار الأخضر طيباوي
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده،وبعد.
فأحسن الله إليك، و ذلل لك صعاب العلم، ويسر لك دقائقه، و رزقك همة وعزيمة في تحصيله، ثم أعانك على تبليغه و العمل بموجبه.
أجيبك و ليس المسؤل بأعلم بالسائل بهذه المسألة، فإني رأيت الناس و الدعاة و العلماء يطلبون العلم فمنهم من يحصل بعضه، ومنهم من تغلق الأبواب دونه، ومنهم من يحصل منه على ما يعرفه غيره، ومنهم من يفتح الله عليه أبوابه فيرزقه نظرا ثاقبا، و فهما قويما، و العلم هو الفهم و ليس الحفظ، فمتى رزقت فهما قل الجهد وكثر الثمر،وقد رأيت أشياء تمنع العلم ،و أقصد بالعلم هنا قوة علمية و خواطر قلبية يحرر بها الرجل محل النزاع، و يبصره الله بالحق في مضائق الاختلاف.
أولها:طلب العلم لغير وجه الله، وعلامته عدم بذله إلا بمقابل من مال أو شهرة أو رئاسة،وهذا أمر استعن به بالدعاء، و بمشاهدة عظمة الله و ضعة الإنسان، فالعلم إما يكسرك و يعرفك حقيقة نفسك، و إما يطغيك،و الإخلاص هو السر في هذا الباب.
ثانيها: الغلط في التوجه إلى الباب الصحيح، فمن أراد العلم فليطلبه من الله تعالى حالا ومقالا، فمن طلبه من شيخ أو كتاب غافلا عن هذا لم ينله.
ثالثها:الصدق في شيئين: في اعتقاد أن العلم و الحقيقة في كلام الله ورسوله اعتقادا لا يخالجه شك بل بيقين تام مهما تعاظمت عليه أقوال الناس فلا يرهب ولا يدخله ريب.
و الثاني في الصدق مع النفس فما عرف قلبك انه الحق فلا تخالفه لصحبة أو مشيخة أو غير ذلك، بل عليك الثبات عليه .
فهذه ركائز طلب العلم،و كل ما سواها لا تأثير له على الحقيقة .
أما مواد العلم فانظر إلى استعدادك النفسي و أي العلم تجد فيه اللذة فاشتغل به أكثر من غيره، و الكيفية هي أن تأخذ كتابا في هذا العلم يكون لرجل ثبتت إمامته فيه ثم اقرأ عشر صفحات ثلاث مرات في اليوم لمدة ثلاثة أيام، فإن فهمت فهو ذاك، فإن لم تفهم فقد حفظت منه شيئا تجده في طريقك بعد مدة، و ما تقراه ذاكر به أصحابك و تلامذتك، وعندما تشعر أن الموضوع مغلق دونك فتصدق بنية فهمه، ولا تزال تتصدق بشيء حتى يفتح عليك فيه.
و اجعل كتابا للدراسة بهذه الطريقة، و كتابا للمطالعة، الأول يكون من علوم الآلة كالنحو و أصول الفقه و مصطلح حديث وعلم العقائد يدرس بهذه الطريقة، و الثاني يكون في التفسير و السيرة و التاريخ و علوم القرآن تنالها بالمطالعة.
ومرة في السنة أو السنتين تعيد مراجعة أهم الكتب التي درستها أو طالعتها.
أما كيف تعلم طلبتك فاختر لهم كتابا ميسرا تكون قد درست كتبا مطولة في الموضوع ثم اطرح الإشكال و دعهم يخوضون فيه، و أنت توجه و تشرح مصطلحات الموضوع، و قضايا الخلاف فيه ، ولا تعلم شيئا لست متصورا له بحيث تعبر عنه بألفاظك، و ليس بألفاظ الكاتب.
و عليك بالرفق بهم، و علمهم التفكير في المسائل العلمية لمدة يومين أو ثلاثة و البحث فيها ، لا يعتمدون على ما تلقيه عليهم فقط .
أما الكتب التي عليك أن تشتريها فأولا : جميع كتب ابن تيمية و ابن القيم فهي البحر الذي لا تخرج منه أبدا.
كتب أصول الفقه خاصة كتب المتقدمين من جميع الطوائف إلا كتب الرافضة.
كتب مصطلح الحديث ككتب ابن حجر و الصنعاني و السخاوي ثم شرح علل الترمذي لابن رجب، و التمييز لمسلم .
كذلك عليك بكتب السنة " الحديث " ما قدرت عليه منها.
أهم كتب التفسير و أحسنها تفسير القرطبي و البغوي و ابن عطية و ابن كثير و الطبري.
المهم طالب العلم يتوقف اقتناء الكتب عنده على تصوره للدور الذي يريد أن يؤديه فإن كان من مدرسة ابن تيمية فيقتني كل كتاب يقع تحت يديه، و لكن بعد تحصيل علم السنة خاصة عقيدة أهل السنة بأدلتها الجدلية.
أما في الفقه فمجموع الفتاوى و زاد الميعاد و المحلى لابن حزم، و فتح الباري مع مجموع النووي ومراجع المتاخرين كفتاوي اللجنة الدائمة و فتاوى الأزهر و في الفقه ركز على شروح السنة كنيل الأوطار و فتح الباري و غيرها.
ولا تقرا شيئا من فقه المعاملات حتى تقرأ القواعد النورانية لابن تيمية.
أما كتب المالكية فحصل منها كل ما تقدر عليه منها، وحتى كتب الاعتقاد الأشعري التي كتبها المالكية ولكن ركز في دراستها على كتب قدماء المالكية كتب ابن عبد البر و أبي بكر بن العربي و الباجي و القاضي عبد الوهاب، والقاضي عياض وكتب التراجم المالكية خاصة تراجم المتاخرين منهم كالمعيار المعرب للونشريسي و التنبكتي و البستان لابن مريم و غيرها.
على كل حال كنت قد تعرضت لهذا الموضوع في مقال بعنوان: شرح مقولة ابن سيرين تجده في منتدى كل السلفيين.
و في الأخير احرص على الفهم، ولا تحرص على الحفظ فتضيع وقتك،فإن استحق شيء الحفظ بعد القرآن و الحديث النبوي فالمصطلحات و معانيها.
ولو وجهت لي السؤال عن علم واحد حتى إذا حصلت منه على ما كتب الله لك انتقلت لعلم آخر كان الجواب أدق تفصيلا من هذا.
وفي الأخير قبل أن تبدأ بأي شيء من هذا اقرأ فهرس مجموع الفتاوى لابن تيمية مرات عديدة فسيقودك و يدلك على تصورات وفوائد عزيزة الوجود.
أما فيما يخص الحفظ و الذاكرة فأحسن دواء ترك معاصي العلم و سؤال الله مع التصدق ،أما الأدوية الطبيعية فهناك أقوال عن اللبان و لكني لا أظن الأمر صحيحا و أحسن طعام طبيعي مفيد للدماغ السمك الطازج و أكل الحلو كالزبيب و البرقوق و المشمش المجفف، و التمر.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرزيو/ الجزائر في 30 شعبان 1430
أخوك مختار الأخضر طيباوي