مشاهدة النسخة كاملة : نموذ ج للرود : الشيخ بن باز الرد على مصطفى أمين
أحمدالسني
2014-03-06, 14:07
الرد على مصطفى أمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وبعد: اطلعت على ما نشرته صحيفة الندوة في عددها الصادر في 24/6/1380هـ بعنوان "آثار المدينة المنورة" بقلم الأخ مصطفى أمين فلما تأملت المقال المشار إليه وجدته قد اشتمل على أخطاء كثيرة يجب التنبيه عليها؛ لئلا يغتر بها بعض القراء. والمقتضي لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) الحديث . وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان))
وإليك أيها القارئ الأخطاء والحجة على إنكارها:
أولا: قوله في المدينة: هذه المدينة المقدسة بها آثار كثيرة تستحق الذكرى، ونحن العرب لم نهتم بهذه الآثار بينما نشاهد معالم باريس، ولندن بها من الآثار ما يجعل شعوبها تخلد هذه الذكرى فما بالنا نحن المسلمين العرب لا نهتم بآثار العصور الماضية، إلى قوله وإنما يدعو الإسلام.. إلخ. يدعونا الكاتب في هذه الكلمة إلى التشبه بباريس ولندن في تعظيم الآثار، وتخليد ذكراها بالأبنية وأشباهها، وهذا غريب، وعجيب أن يدعو مسلم إلى التشبه بأعداء الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((من تشبه بقوم فهو منهم)) أيها القارئ إن تعظيم الآثار لا يكون بالأبنية ، والكتابات والتأسي بالكفرة، وإنما تعظيم الآثار يكون باتباع أهلها في أعمالهم المجيدة، وأخلاقهم الحميدة، وجهادهم الصالح قولاً وعملاً، ودعوةً وصبراً، هكذا كان السلف الصالح يعظمون آثار سلفهم الصالحين، وأما تعظيم الآثار بالأبنية والزخارف والكتابة ونحو ذلك فهو خلاف هدي السلف الصالح، وإنما ذلك سنة اليهود والنصارى ومن تشبه بهم، وهو من أعظم وسائل الشرك، وعبادة الأنبياء والأولياء كما يشهد به الواقع، وتدل عليه الأحاديث والآثار المعلومة في كتب السنة فتنبه واحذر. نعم، ينبغي للمسلمين أن يستعدوا لأعدائهم في إيجاد المصانع النافعة للمجتمع، واختراع الأسلحة المناسبة للعصر، لا تأسيا بالكفرة، ولكن طاعة لله ولرسوله، وتأسيا بالسلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم، ومن سلك سبيلهم، والأصل في ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}[1]، وقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[2]، وقول النبي: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن)) الحديث. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على أنه يجب على المسلمين أن يوجدوا بينهم من المصانع والأسلحة وأسباب العيش والحياة الكريمة ما يقوم بكفايتهم ويغنيهم عن الحاجة إلى غيرهم، ويعينهم على جهاد أعدائهم وحماية مصالحهم، والنصر لدينهم، واسترجاع أمجادهم السالفة، ومن عدوان من أرادهم أو أراد دينهم بسوء، هذا يا مصطفى أمين هو تعظيم الآثار لا ما أشرت إليه من الأبنية ونحوها والله المستعان.
ثانيا: يقول الكاتب مصطفى: والمعرفة لا تجعل التقوى في الضعف ولا في الخوف بل في العلم بسنة الكون والوقوف على أسراره، والاتصال بما دق وجل منه... إلخ، نعم لا ينبغي أن تجعل التقوى في الضعف والخوف والتأخر عن ميادين الإصلاح والنفع الخاص والعام، والنظر في سنن الكون والتبصر في حكمة الرب سبحانه فيما خلق وشرع بل يجب أن يكون أهل التقوى هم أشجع الناس على كل خير، وأكملهم عناية بكل إصلاح؛ لأن تقواهم لله سبحانه تقتضي منهم ذلك، ولكن كلام الكاتب يوهم أن التقوى تنحصر في العلم بسنة الكون، والوقوف على أسراره، والتأسي بمن بلغ في هذا الباب أقصى ما يمكنه من العناية، وليس الأمر كذلك، وإنما العلم بسنة الكون، والعناية بأسراره من التقوى، لا أنه كل التقوى؛ لأن التقوى عند علماء الشرع: فعل ما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه، عن إيمان وصدق وإخلاص ومحبة ورغبة ورهبة، ومن ذلك العناية بالمصالح العامة وإيجاد المصانع النافعة، والتأسي بمن سبقنا في هذا الميدان من السلف الصالحين، والأئمة المتقين، ولا حرج علينا في أن نأخذ مما وقف عليه غيرنا من أسرار الكون واكتشف من العلوم النافعة الدنيوية التي لا تخالف الشرع المطهر، وإنما تعين على حمايته من كيد أعدائه وتغني أهله عن الحاجة إلى الغير بل يجب ذلك ويتعين على أهل الإسلام لا تأسياً بالكفار بل لأن دينهم الكامل يأمرهم بالحرص على ما ينفعهم، والحذر عن كل ما يضرهم كما تقدمت الأدلة على ذلك، وهؤلاء الكفار الذين بلغوا في الاختراع الغاية لم يزدهم ما وصلوا إليه من العلم إلا كفرا وإلحادا وهبوطا من الأخلاق الفاضلة، وابتعادا عن الأخلاق الكريمة، فلا ينبغي أن يغتر بعلمهم، ولا أن يقلدوا في أخلاقهم وأزيائهم المخالفة لشرع الله وإنما يؤخذ من علومهم ما ينفع وتدعو الحاجة إليه مع التقيد بتعاليم الشريعة والاستقامة على صراط الله المستقيم، والحذر من كل ما خالف ذلك، فتنبه أيها القارئ الكريم لهذا المقام العظيم تنج من ضلالات كثيرة وشبهات متنوعة، والله الهادي إلى سواء السبيل.
ثالثا: يقول الكاتب مصطفى: فمن الواجب على الذين يزورون قبر سيد الشهداء أن يلتمسوا فيه هذه الأسوة، وأن يعلموا أن الله يجزيهم بجهادهم لبلوغ الغاية منها ولا يجزيهم لمجرد الزيارة، والتبرك، والدعاء. إلى أن قال: وأسوة حمزة رضي الله عنه هي الجهاد في سبيل الله له المثل الأعلى.. إلخ.
أقول: إن هذا الكلام فيه حق وباطل، فأما الحق فهو تشجيع زوار قبر حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وغيره من المؤمنين على تذكر أعمالهم المجيدة التي قاموا بها حين كانوا في قيد الحياة من الجهاد في سبيل الله، والدعوة إليه، والعناية بالمصالح العامة، والتأسي بهم في ذلك، وهذا حق ينبغي لكل مسلم أن يتذكره كثيرا، وأن يتأسى بأهله في سائر أطوار حياته حتى يعمل كأعمالهم، ويسير كسيرتهم حسب الطاقة[3]، وقوله: إن الله لا يجزي الزائر لمجرد الزيارة والتبرك والدعاء، وهذا بلا شك خطأ ظاهر ومخالف للأحاديث الصحيحة التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: ((زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)) وفي بعضها وتزهد في الدنيا.
فالنصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب تدل على أن مقصود الزيارة تذكر الآخرة، والزهد في الدنيا، والدعاء لأهل القبور من المسلمين بالعافية والمغفرة. والكاتب المذكور قد أعرض عن هذا ولم يرفع به رأسا. وشجع على أمر آخر يؤخذ من نصوص أخرى، ولو جمع بين الأمرين لما فاته الصواب، وأما قصد الزائر للقبور التبرك بها، فليس ذلك من دين الإسلام بل هو من أعمال أهل الجاهلية، ومن أخلاق عباد الأوثان، فيجب الحذر منه، ونهي الزوار عنه. وقد ثبت في صحيح مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. نسأل الله لنا ولكم العافية وفي جامع الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة ((فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر)) فهذه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور وبيان المقصد منها، وأما التبرك بها والبناء عليها والكتابة عليها وقصدها للدعاء عندها فليس ذلك من سنته بل هو من سنة اليهود والنصارى وأهل الجاهلية، نسأل الله لنا وللمسلمين جميعا العافية من ذلك.
رابعا: يقول الكاتب مصطفى في أثناء كلامه: واتخذت بعض الأمم الإسلامية ملوكها أرباباً، وجعلت من بعض الصالحين فيها أولياء اتخذتهم إلى الله زلفى، ولهؤلاء وأولئك بنت القباب، وأقامت عليها المساجد لا تقصد تخليد ذكراهم ليكون للذكرى في الأجيال أسوة ومثلا، بل تقصد أن تكون القباب والمساجد محاريب لعبادتهم، والتوسل إلى الله، ولو أنهم أقاموا القبة أو المسجد للأسوة، وللذكرى لكان ذلك خيرا.. إلخ. أقول في هذا الكلام حق وباطل. أما الحق فهو إقرار الكاتب بوجود هذه البدع والمنكرات في بعض الأمم الإسلامية، وانتقاده اتخاذ تلك القبب والمساجد محاريب لعبادة الأموات والتوسل بهم. وهذا لا شك واقع، ومن زار البلدان المجاورة رأى ذلك عياناً فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأل الله أن يعافي المسلمين من ذلك، وأن يمنحهم الفقه في الدين الذي بعث الله به نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم حتى يعرفوا أن هذه المحدثات حول القبور تخالف شرعه وتوقع في عبادة غير الله سبحانه كما هو الواقع. وأما الباطل الذي اشتمل عليه كلام الكاتب فهو تفصيله بين اتخاذ القباب والمساجد للعبادة والتوسل، وبين اتخاذها لتخليد الذكرى ففرق بين الأول والثاني، وهذا "التفصيل" ليس عليه دليل بل النصوص من الكتاب والسنة تخالفه، وتدل على أنه لا يجوز اتخاذ القباب والمساجد على القبور مطلقاً. لأن اتخاذها لعبادة الأموات والتوسل بهم بالدعاء والاستغاثة ونحو ذلك شرك أكبر من جنس عمل الجاهلية الأولى حول اللات والعزى ومناة وأشباهها، واتخاذها للذكرى وسيلة قريبة وذريعة إلى الشرك بأهل القبور وعبادتهم مع الله سبحانه، ولهذا المعنى جاءت النصوص من الكتاب والسنة تنكر ذلك وتحذر منه، وتحسم وسائل الشرك. ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) قالت عائشة رضي الله عنها: (يحذر ما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً)، وفي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)) وفي صحيح مسلم أيضا عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه).
فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على تحريم اتخاذ المساجد والقباب على القبور، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر أمته من ذلك. لئلا يفعلوا فعل اليهود والنصارى من الغلو في تعظيم الأموات، واتخاذ قبورهم مساجد، والصلاة عندها والدعاء ونحو ذلك فيقعوا في الشرك وعبادة الأنبياء والصالحين من دون الله كما وقع غيرهم، وهذا الذي خافه صلى الله عليه وسلم قد وقع في أمته فعظموا الأموات من الأنبياء والصالحين التعظيم الذي لم يشرعه الله، وبنوا على قبورهم المساجد والقباب وصرفوا لهم الدعوات والرغبات حتى وقع الشرك المحذور، وحصل التأسي بعباد القبور فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث أم سلمة، وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما رأتا في أرض الحبشة كنيسة يقال لها مارية وما فيها من الصور، فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله))) فبين صلى الله عليه وسلم أن بناة المساجد والقباب على القبور والمصورين فيها الصور هم شرار الخلق عند الله، ولعنهم في حديث عائشة ولم يفصل بين من بناها للعبادة أو لتخليد الذكرى، فعلم بذلك أن بناءها لا يجوز مطلقا وما ذلك إلا لكونها من أعظم وسائل الشرك، ومن أظهر أعلامه وشعائره، وهي سنة اليهود والنصارى التي نهينا عن اتباعها، وحذرنا من سلوكها كما في قوله صلى الله عليه وسلم ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)) قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال ((فمن))؟ متفق عليه، فهذا الخبر الصحيح يدل على أن هذه الأمة تسلك مسالك اليهود والنصارى في الشرك والبدع إلا من عصم الله من ذلك، وهم الطائفة المنصورة كما في الأحاديث الأخر، ويدل هذا الخبر أيضا على تحذير الأمة من اتباع سنن اليهود والنصارى؛ لأن اتباعهم يفضي بأهله إلى مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم والحذر عما نهى عنه كما قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[4].
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[5]، ولا ريب أنه دعا إلى كل خير وحذر أمته من كل شر فلا يجوز لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يخالف سبيله أو يدعو إلى غير طريقه، ولا شك أن البناء على القبور واتخاذ المساجد والقباب عليها من سبيل اليهود والنصارى، ومن وسائل الشرك والضلال مطلقاً فوجب تركها والحذر منها والله ولي التوفيق.
خامسا: يقول الكاتب مصطفى: وكذلك البقيع هذا الجزء الذي دفنوا فيه أزواج وعمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبر إبراهيم وقبور الصحابة كان في الماضي بالقباب حتى جاءت الدولة الرشيدة وأزالت تلك القباب، ولكن تركت القبور كما هي لم تعلم، ويحضر إلى هذا البقيع مئات الألوف من زوار المسجد النبوي لزيارة أهل البقيع فلا يعرفون من فضلهم الله على العباد أمثال زوجات رسول الله وابنه إبراهيم وعشرات الصحابة فلو عملت إدارة الأوقاف على هذه القبور لوحات يكتب عليها اسم صاحب القبر ويحاط أيضا القبر بشبك من حديد للتعرف عليه والسلام عليه ليس إلا... إلخ.
يدعو الكاتب في هذه الكلمات إدارة الأوقاف بالمدينة إلى عمل لوحات يكتب فيها أسماء المشهورين من المدفونين في البقيع وإلى إقامة شبك حديد على قبورهم للتعريف بهم. أقول قد يكون هذا الاقتراح من الكاتب عن حسن نية ومقصد صالح، ولكن الآراء والاستحسانات لا ينبغي للمؤمن الاعتماد عليها حتى يعرضها على الميزان العادل الذي يميز طيبها من خبيثها ألا وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولعل الكاتب حين كتب هذه الكلمة من أولها إلى آخرها لم يكن عنده علم بما جاءت به السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول القبور فلذلك وقعت منه الأخطاء السالفة، ووقع منه هذا الخط الأخير وهو: اقتراحه على إدارة الأوقاف ما تقدم ذكره، وقد سبق في الحديث الصحيح نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور، ولا شك أن اتخاذ الشبابيك عليها نوع من البناء ووسيلة إلى الغلو فيها، والفتنة بها وهكذا الكتابة عليها هي من وسائل الغلو فيها واتخاذها أوثانا فإن بعض الجهال إذا قرءوا أسماء المدفونين وعرفوا أنهم من المعظمين لعلم أو عبادة أو رئاسة، أو لكونهم من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أكبوا عليهم للتمسح بهم والتبرك بتربتهم كما يفعل الجهال في البلدان المجاورة بكثير من الموتى، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الكتابة على القبور، كما صح عنه النهي عن البناء عليها، وأن يزاد عليها من غير ترابها، وأن تتخذ عليها المساجد والسرج كما سلفت الأحاديث بذلك، وما ذلك منه صلى الله عليه وسلم إلا حماية لجناب التوحيد، وسداً لطرق الشرك وخوفاً على الأمة من الوقوع فيما وقع فيه من قبلهم من ضلال اليهود والنصارى، وعباد الأوثان من شتى قبائل العرب فلقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة أبلغ نصيحة عليه من ربه أفضل الصلاة وأكمل التسليم، والمقصود من الزيارة لأهل البقيع هو الدعاء لهم بالعافية والمغفرة، والتذكر للآخرة بزيارتهم كما سلف في أول هذه الكلمة وذلك متيسر بحمد الله وإن لم يعلم الزائر أسماءهم، وليس هناك حاجة إلى ما اقترحه هذا الكاتب من الكتابة وإقامة الشبك، ولو كان في ذلك خير للمسلمين لكان السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان أسبق إلى ذلك وأولى بفعله من المتأخرين؛ لأنهم بالشريعة أعلم، وفي العمل بها أرغب ولزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من أهل البيت أحب وأغير فلما تركوا ذلك واكتفوا بما كان عليه الحال في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين علم أن ما أحدثه الناس بعدهم في القبور من البناء والكتابة هو الباطل والغلو المحرم والحدث المنكر، فتنبه أيها القارئ لذلك، واحذر من شبه المشبهين وبدع المبتدعين والله الهادي إلى الصراط المستقيم. وقد جاء بعد الرسول صلى الله عليه وسلم دعاة الشرك من اليهود والنصارى ومن تشبه بهم من هذه الأمة يدعون الناس إلى خلاف ما دعاهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وينشرون بينهم الأفكار الهدامة والدعايات المضللة عن قصد وعن غير قصد، فراج الباطل بسبب ذلك وخفي الحق على أكثر الخلق، وقل دعاة الهدى وأنصار الشريعة، وكثر بين الناس أدعياء العلم وأنصار الشرك ودعاة الرذيلة، فحسبنا الله ونعم الوكيل، ومن هنا يعلم القراء الصالحون، والعلماء المهتدون أن الواجب عليهم التشمير عن ساعد الجد في الدعوة إلى الإسلام الصافي من شوائب الشرك والبدع، ونشر محاسنه وأحكامه العادلة وأهدافه السامية وتعاليمه السمحة بين طبقات الأمة في المجتمعات والمحافل والصحف والنشرات، ومن طريق الخطابة والإذاعة ليتعلم الجاهل وينتبه الغافل ويتذكر الناسي ويقف المضلل عند حده فلا يكيد للإسلام وأحكام الشريعة بمرأى من أهل العلم ومسمع، ومتى شمر دعاة الإسلام لنصره في الدعوة إليه، ذل دعاة الشرك والإلحاد والبدع والأهواء، وخمدت نارهم وقبعوا في زوايا الخمول وابتعدوا عن منصات الخطابة ومنابر الصحافة، أو دخلوا في الحق وناصروا أهله لما سطع لهم نوره، وظهر لهم رشده، وانزاح عن قلوبهم حجب الشبهات والجهالة، فما أوجب النصيحة لدين الإسلام على أهل الإسلام وما أعظم حقه عليهم، ولقد قام بهذا الواجب جم غفير من علماء الإسلام ودعاة الإصلاح في هذا العصر، وإني لأرجو لهم التوفيق والثبات ومزيد القوة والنشاط في الحق وهدم حصون الضلال وقلع أسس الباطل، وإني لأرى لزاما على الذين لم يساهموا في هذا الميدان من القراء النابهين والعلماء المبرزين أن ينفضوا عنهم غبار الكسل وشبهة التواكل، وأن يقتحموا الميدان بصدق وشجاعة وعلم وحلم حتى ينصروا دينهم ويحموا شريعتهم ويهدوا الناس إليها ويرشدوهم إلى الصراط المستقيم، ولهم بذلك مثل أجور أتباعهم إلى يوم القيامة كما قال الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا)). والله المسئول أن يهدينا وجميع إخواننا صراطه المستقيم، وأن يعيذنا جميعا من طريق المغضوب عليهم والضالين إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
[1] النساء الآية 71.
[2] الأنفال الآية 60.
[3] وأما الباطل فهو ما يوهمه كلامه من حصر المقصود بالزيارة في التأسي بالمزور في أعماله الطيبة السالفة.
[4] الحشر الآية 7.
[5] النور الآية 63.
أحمدالسني
2014-03-06, 14:08
فهذا نموذج عال راق في الرد على المخالف للعلامة بن باز رحمه الله
أحمدالسني
2014-03-06, 14:10
تعقيب على وصية شيخ الأزهر عبد الحليم محمود عند وفاته بدفنه في المسجد
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم سماحة الدكتور: عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وفقه الله ونصر به الحق آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد اطلعت على كلمة للشيخ محمد علي عبد الرحيم رئيس جماعة أنصار السنة منشورة في مجلة "التوحيد" عدد شعبان 1397هـ، قد تضمنت خبراً نشرته جريدة الجمهورية في عددها الصادر في 7/5/1977م نصه كما يأتي: (أقام الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر مسجداً في قريته "السلام" بمركز بلبيس، وأوصى عند وفاته بأن يدفن في هذا المسجد) انتهى الخبر.
وفي الكلمة المذكورة النصيحة لسماحتكم بعدم الإقدام على هذا العمل المخالف لأهداف الشريعة المطهرة من تخصيص بيوت الله للصلاة والعبادة والذكر والدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن، لا للدفن فيها واتخاذها مقابر.
وقد كدرني هذا الخبر كثيراً، واستغربت حصوله من سماحتكم - إن صح - والذي نرجو أن يكون غير صحيح؛ لما قد عرف عن تسرع كثير من أصحاب الصحف في تشويه الأخبار، ونقلها على غير وجهها الصحيح، يضاف إلى ذلك: أننا نستبعد كثيراً خفاء حكم اتخاذ القبور في المساجد عليكم؛ لما ثبت من الأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في تحريم ذلك، والنهي عنه؛ لكون ذلك وسيلة عظيمة من وسائل الشرك، وتعلق الكثير من العامة والجهال بأصحاب تلك الأضرحة، وافتتانهم بهم، ودعائهم إياهم من دون الله، وجعلهم شركاء لله في طلب النفع ودفع الضر، وقضاء الحوائج مما لا يجوز طلبه إلا من الله عز وجل - كما لا يخفى-.
والواقع من العامة والجهلة عند قبر البدوي والحسين وغيرهما من القبور المعظمة شاهد بذلك، كما أنه غير خاف على سماحتكم ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعن اليهود والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك))، ولا شك أن الدفن فيها داخل في اتخاذ القبور مساجد الذي ورد في الأحاديث المذكورة التحذير منه، ولعن من فعله.
فالواجب على سماحتكم العدول عن هذه الوصية - إن كانت قد صدرت منك - وإعلان ذلك في الصحف المحلية، مع بيان أسباب العدول عنها براءة للذمة، ونصحاً للأمة، وحرصاً على أن لا يظن بسماحتكم إجازة مثل هذا العمل الخطير المخالف للشريعة المحمدية، لاسيما وأنتم قدوة لعامة الناس، فاحذروا أن تسنوا سنة يكون عليكم وزرها، ومثل وزر من اقتدى بكم فيها أو أجازها إلى يوم القيامة.
أما إن كان الخبر غير صحيح، فالواجب التنبيه على ذلك في الصحف الرائجة حتى يعلم براءتكم منه.
وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من دعاة الهدى وأنصار الحق، وأن يثبتنا وإياكم على دينه، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمدالسني
2014-03-06, 14:12
الرد على صالح محمد جمال
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد اطلعت على ما نشرته صحيفة (الندوة) في عددها الصادر في 24/5/1387هـ بقلم الأخ صالح محمد جمال تحت عنوان: (الآثار الإسلامية) فألفيت الكاتب المذكور يدعو في مقاله المنوه عنه إلى تعظيم الآثار الإسلامية، والعناية بها، يخشى أن تندثر ويجهلها الناس، ويمضي الكاتب فيقول: (والذين يزورون الآن بيت شكسبير في بريطانيا، ومسكن بتهوفن في ألمانيا لا يزورونها بدافع التعبد والتأليه، ولكن بروح التقدير والإعجاب لما قدمه الشاعر الإنجليزي والموسيقي الألماني لبلادهما وقومهما مما يستحق التقدير فأين هذه البيوت التافهة من بيت محمد ودار الأرقم بن أبي الأرقم وغار ثور وغار حراء وموقع بيعة الرضوان وصلح الحديبية، إلى أن قال: ومنذ سنوات قليلة عمدت مصر إلى تسجيل تاريخ (أبو الهول) ومجد الفراعنة، وراحت ترسلها أصواتا تحدث وتصور مفاخر الآباء والأجداد، وجاء السواح من كل مكان يستمعون إلى ذلك الكلام الفارغ إذا ما قيست بمجد الإسلام، وتاريخ الإسلام ورجال الإسلام في مختلف المجالات ويريد الكاتب من هذا الكلام أن المسلمين أولى بتعظيم الآثار الإسلامية كغار حراء وغار ثور، وما ذكره الكاتب معهما آنفا من تعظيم الإنجليز والألمان للفنانين المذكورين، ومن تعظيم المصريين لآثار الفراعنة. ثم يقترح الكاتب أن تقوم وزارة الحج والأوقاف بالتعاون مع وزارة المعارف على صيانة هذه الآثار والاستفادة منها بالوسائل التالية:
1- كتابة تاريخ هذه الآثار بأسلوب عصري معبر عما تحمله هذه الآثار من ذكريات الإسلام ومجده عبر القرون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
2- رسم خريطة أو خرائط لمواقع الآثار في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة.
3- إعادة بناء ما تهدم من هذه الآثار على شكل يغاير الأشكال القديمة، وتحلية البناء بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية على لوحة كبرى يسجل بها تاريخ موجز للأثر وذكرياته بمختلف اللغات.
4- إصلاح الطرق إلى هذه الآثار، وخاصة منها الجبلية كغار ثور وغار حراء، وتسهيل الصعود إليها بمصاعد كهربائية كالتي يصعد بها إلى جبال الأرز في لبنان مثلا مقابل أجر معقول.
5- تعيين قيم أو مرشد لكل أثر من طلبة العلم يتولى شرح تاريخ الأثر للزائرين، والمعاني السامية التي يمكن استلهامها منه بعيدا عن الخرافات والبدع، أو الاستعانة بتسجيل ذلك على شريط يدار كلما لزمت الحاجة إليه.
6- إدراج تاريخ هذه الآثار ضمن المقررات المدرسية على مختلف المراحل) انتهى نقل المقصود من كلامه.
ولما كان تعظيم الآثار الإسلامية بالوسائل التي ذكرها الكاتب يخالف الأدلة الشرعية وما درج عليه سلف الأمة وأئمتها من عهد الصحابة رضي الله عنهم إلى أن مضت القرون المفضلة، ويترتب عليه مشابهة الكفار في تعظيم آثار عظمائهم، وغلو الجهال في هذه الآثار، وإنفاق الأموال في غير وجهها ظنا من المنفق أن زيارة هذه الآثار من الأمور الشرعية، وهي في الحقيقة من البدع المحدثة، ومن وسائل الشرك، ومن مشابهة اليهود والنصارى في تعظيم آثار أنبيائهم وصالحيهم واتخاذها معابد، ومزارات.
رأيت أن أعلق على هذا المقال بما يوضح الحق ويكشف اللبس بالأدلة الشرعية والآثار السلفية، وأن أفصل القول فيما يحتاج إلى تفصيل، لأن التفصيل في مقام الاشتباه من أهم المهمات، ومن خير الوسائل لإيضاح الحق، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) قيل: لمن يا رسول الله، قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) فأقول والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا به.
قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) أخرجه الشيخان وفي لفظ لمسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته يوم الجمعة: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدع ضلالة)).
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وهذه الآثار التي ذكرها الكاتب كغار حراء وغار ثور وبيت النبي صلى الله عليه وسلم ودار الأرقم بن أبي الأرقم ومحل بيعة الرضوان وأشباهها إذا عظمت وعبدت طرقها وعملت لها المصاعد واللوحات لا تزار كما تزار آثار الفراعنة، وآثار عظماء الكفرة، وإنما تزار للتعبد والتقرب إلى الله بذلك. وبذلك نكون بهذه الإجراءات قد أحدثنا في الدين ما ليس منه، وشرعنا للناس ما لم يأذن به الله وهذا هو نفس المنكر الذي حذر الله عز وجل منه في قوله سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[1]، وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)) قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال ((فمن)) متفق على صحته.
ولو كان تعظيم الآثار بالوسائل التي ذكرها الكاتب وأشباهها مما يحبه الله ورسوله لأمر به صلى الله عليه وسلم أو فعله، أو فعله أصحابه الكرام رضي الله عنهم، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه ليس من الدين بل هو من المحدثات التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منها أصحابه رضي الله عنهم. وقد ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أنكر تتبع آثار الأنبياء، وأمر بقطع الشجرة التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها في الحديبية لما قيل له إن بعض الناس يقصدها؛ حماية لجناب التوحيد وحسماً لوسائل الشرك والبدع والخرافات الجاهلية، وأنا أنقل لك أيها القارئ ما ذكره بعض أهل العلم في هذا الباب لتكون على بينة من الأمر: قال الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي في كتابه (الحوادث والبدع) صفحة (135): (فصل في جوامع البدع) ثم قال: وقال المعرور بن سويد خرجنا حجاجاً مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فلقينا مسجداً فجعل الناس يصلون فيه قال عمر: (أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم باتباع مثل هذا حتى اتخذوها بيعا فمن عرضت له فيها صلاة فليصل ومن لم تعرض له صلاة فليمض) ثم نقل في صفحة (141) عن محمد بن وضاح أن عمر بن الخطاب أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الناس كانوا يذهبون تحتها فخاف عمر الفتنة عليهم. ثم قال ابن وضاح: (وكان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار التي بالمدينة ما عدا قباء وأحد، ودخل سفيان بيت المقدس وصلى فيه ولم يتبع تلك الآثار ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره أيضا ممن يقتدى به، ثم قال ابن وضاح : فكم من أمر هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكراً عند من مضى، وكم من متحبب إلى الله بما يبغضه الله عليه ومتقرب إلى الله بما يبعده منه). انتهى كلامه رحمه الله.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في صفحة (133) من جزء (26) من مجموع الفتاوى ما نصه: (وأما صعود الجبل الذي بعرفة ويسمى جبل الرحمة فليس سنة، وكذلك القبة التي فوقه التي يقال لها: قبة آدم لا يستحب دخولها ولا الصلاة فيها، والطواف بها من الكبائر وكذلك المساجد التي عند الجمرات لا يستحب دخول شيء منها ولا الصلاة فيها، وأما الطواف بها أو بالصخرة أو بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان غير البيت العتيق فهو من أعظم البدع المحرمة). وقال في صفحة (144) من الجزء المذكور: (وأما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام كالمسجد الذي تحت الصفا وما في سفح أبي قبيس ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كمسجد المولد وغيره فليس قصد شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أحد من الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام خاصة، والمشاعر عرفة ومزدلفة ومنى والصفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى، مثل جبل حراء والجبل الذي عند منى الذي يقال إنه كان فيه قبة الفداء ونحو ذلك فإنه ليس من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك بل هو بدعة. وكذلك ما يوجد في الطرقات من المساجد المبنية على الآثار والبقاع التي يقال إنها من الآثار لم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم زيارة شيء من ذلك)، وقال في صفحة (134) من الجزء (27) من المجموع المذكور: (فصل: وأما قول السائل هل يجوز تعظيم مكان فيه خلوق وزعفران لكون النبي صلى الله عليه وسلم رئي عنده؟ فيقال بل تعظيم مثل هذه الأمكنة واتخاذها مساجد ومزارات لأجل ذلك هو من أعمال أهل الكتاب الذين نهينا عن التشبه بهم فيها، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان في السفر فرأى قوما يبتدرون مكانا فقال: ما هذا؟ فقالوا: مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ومكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ من أدركته فيه الصلاة فليصل وإلا فليمض، وهذا قاله عمر بحضرة من الصحابة رضي الله عنهم، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في أسفاره في مواضع، وكان المؤمنون يرونه في المنام في مواضع، وما اتخذ السلف شيئا من ذلك مسجدا ولا مزارا، ولو فتح هذا الباب لصار كثير من ديار المسلمين أو أكثرها مساجد ومزارات فإنهم لا يزالون يرون النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقد جاء إلى بيوتهم، ومنهم من يراه مرارا كثيرة، وتخليق هذه الأمكنة بدعة مكروهة إلى أن قال: ولم يأمر الله أن يتخذ مقام نبي من الأنبياء مصلى إلا مقام إبراهيم بقوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[2] كما أنه لم يأمر بالاستلام والتقبيل لحجر من الحجارة إلا الحجر الأسود، ولا بالصلاة إلى بيت إلا البيت الحرام، ولا يجوز أن يقاس غير ذلك عليه باتفاق المسلمين بل ذلك بمنزلة من جعل للناس حجا إلى غير البيت العتيق، أو صيام شهر مفروض غير صيام رمضان، وأمثال ذلك. ثم قال: وقد تبين الجواب في سائر المسائل المذكورة بأن قصد الصلاة والدعاء عندما يقال أنه قدم نبي أو أثر نبي أو قبر بعض الصحابة أو بعض الشيوخ أو بعض أهل البيت أو الأبراج أو الغيران من البدع المحدثة المنكرة في الإسلام لم يشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كان السابقون الأولون والتابعون لهم بإحسان يفعلونه، ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين بل هو من أسباب الشرك وذرائعه) والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الجواب، ثم قال في صفحة (500) من الجزء المذكور: (ولم يكن أحد من الصحابة بعد الإسلام يذهب إلى غار ولا يتحرى مثل ذلك فإنه لا يشرع لنا بعد الإسلام أن نقصد غيران الجبال ولا نتخلى فيها.. إلى أن قال: وأما قصد التخلي في كهوف الجبال وغيرانها، والسفر إلى الجبل للبركة مثل جبل الطور وجبل حراء وجبل ثور أو نحو ذلك فهذا ليس بمشروع لنا بل قد قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) انتهى كلامه رحمه الله.
وقال ابن القيم رحمه الله في (إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان) صفحة (204) بعد كلام له سبق في التحذير من قصد القبور للتبرك بها، والدعاء عندها: (وقد أنكر الصحابة ما هو دون هذا بكثير فروى غير واحد عن المعرور بن سويد قال صليت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طريق مكة صلاة الصبح ثم رأى الناس يذهبون مذاهب فقال أين يذهب هؤلاء؟ فقيل يا أمير المؤمنين مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فهم يصلون فيه فقال إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا كانوا يتبعون آثار أنبيائهم ويتخذونها كنائس وبيعا فمن أدركته الصلاة منكم في هذه المساجد فليصل ومن لا فليمش ولا يتعمدها وكذلك أرسل عمر رضي الله عنه أيضا فقطع الشجرة التي بايع تحتها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) انتهى كلامه رحمه الله.
وكلام أهل العلم في هذا الباب كثير لا نحب أن نطيل على القارئ بنقله، ولعل فيما نقلناه كفاية ومقنعا لطالب الحق.. إذا عرفت ما تقدم من الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم في هذا الباب علمت أن ما دعا إليه الكاتب المذكور من تعظيم الآثار الإسلامية كغار ثور ومحل بيعة الرضوان وأشباهها وتعمير ما تهدم منها والدعوة إلى تعبيد الطرق إليها، واتخاذ المصاعد لما كان مرتفعا منها كالغارين المذكورين واتخاذ الجميع مزارات ووضع لوحات عليها، وتعيين مرشدين للزائرين- كل ذلك مخالف للشريعة الإسلامية التي جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وسد ذرائع الشرك والبدع وحسم الوسائل المفضية إليها. وعرفت أيضا أن البدع وذرائع الشرك يجب النهي عنها ولو حسن قصد فاعلها أو الداعي إليها لما تفضي إليه من الفساد العظيم وتغيير معالم الدين وإحداث معابد ومزارات وعبادات لم يشرعها الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا}[3] فكل شيء لم يكن مشروعاً في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أصحابه رضي الله عنهم لا يمكن أن يكون مشروعا بعد ذلك، ولو فتح هذا الباب لفسد أمر الدين ودخل فيه ما ليس منه، وأشبه المسلمون في ذلك ما كان عليه اليهود والنصارى من التلاعب بالأديان وتغييرها على حسب أهوائهم واستحساناتهم وأغراضهم المتنوعة، ولهذا قال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه رحمه الله كلمة عظيمة وافقه عليها أهل العلم قاطبة، وهي قوله: (لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، ومراده بذلك أن الذي أصلح أولها هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والسير على تعاليمهما، والحذر مما خالفهما، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا هذا الأمر الذي صلح به أولها، ولقد صدق في ذلك رحمه الله فإن الناس لما غيروا وبدلوا واعتنقوا البدع وأحدثوا الطرق المختلفة تفرقوا في دينهم، والتبس عليهم أمرهم وصار كل حزب بما لديهم فرحون وطمع فيهم الأعداء، واستغلوا فرصة الاختلاف وضعف الدين، واختلاف المقاصد، وتعصب كل طائفة لما أحدثته من الطرق المضلة، والبدع المنكرة حتى آلت حال المسلمين إلى ما هو معلوم الآن من الضعف والاختلاف وتداعي الأمم عليهم، فالواجب على أهل الإسلام جميعا هو الرجوع إلى دينهم والتمسك بتعاليمه السمحة وأحكامه العادلة، وأخذها من منبعها الصافي: الكتاب العزيز والسنة الصحيحة المطهرة، والتواصي بذلك، والتكاتف على تحقيقه في جميع المجالات التشريعية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغير ذلك، والحذر كل الحذر من كل ما يخالف ذلك أو يفضي إلى التباسه أو التشكيك فيه، وبذلك ترجع إلى المسلمين عزتهم المسلوبة، ويرجع إليهم مجدهم الأثيل وينصرهم الله على أعدائهم ويمكن لهم في الأرض كما قال عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[4] وقال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[5].
وأما اقتراح الكاتب إدراج تاريخ هذه الآثار ضمن المقررات المدرسية على مختلف المراحل فهذا حق ولا مانع منه إذا كان ذلك على سبيل الدعوة إلى التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أصابه من المشاق والأذى الشديد في سبيل الدعوة إلى الحق، والتذكير بأحواله صلى الله عليه وسلم في بيته، وفي دار الأرقم، وفي غار ثور وحراء، والاستفادة من الآيات والمعجزات التي حصلت في غار ثور، في مكة المكرمة، وفي طريق الهجرة، وفي المدينة المنورة، وكون الله سبحانه حماه من مكايد أعدائه في جميع مراحل الدعوة. لا شك أن التحدث عن هذه الأمور وما فيها من العبر والمعجزات، والدلالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما دعا إليه، والشهادة له بأنه رسول الله حقا، وما أيده الله به من الآيات والمعجزات كل ذلك مما يقوي الإيمان في القلوب، ويشرح صدور المسلمين، ويحفزهم إلى التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على منهاجه، والصبر على دعوته، وتحمل ما قد يعرض للمسلم ولا سيما الداعية إلى الحق من أنواع المشاق والمتاعب، ولقد أدرك علماء المسلمين هذه المعاني الجليلة، وصنفوا فيها الكتب، والرسائل وذكروها في المقررات المدرسية على اختلاف أنواعها ومراحلها، ولا ريب أنه ينبغي للمسئولين عن التعليم في جميع البلاد الإسلامية أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يعطوه ما يستحقه من إيضاح وتفصيل حتى تكون ناشئة المسلمين على غاية من البصيرة بما كان عليه نبيهم وإمامهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخلاق الكريمة، والأعمال الصالحة والجهاد الطويل والصبر العظيم حتى لحق بربه وصار إلى الرفيق الأعلى عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام. والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يوفقهم وقادتهم للتمسك بدين الله والاستقامة عليه وتحكيمه، والتحاكم إليه، والسير على منهاجه القويم الذي ارتضاه لعباده وتركهم عليه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وسار عليه صحابته الكرام، وأتباعهم بإحسان، إنه على كل شيء قدير. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وصحبه.
[1] الشورى الآية 21.
[2] البقرة الآية 125.
[3] المائدة الآية 3.
[4] النور الآية 55.
[5] الحج الآيتان 40-41.
http://ibnbaz.org.sa/themes/binbaz_default/images/mat_article_f.jpg
باهي جمال
2014-03-07, 18:07
بارك الله فيك
اسال الله ان يعينني على قراءتها والانتفاع بها شكلا ومضمونا ففي قراءة عاجلة رايت فيها خيرا كثيرا وتنبيهات مفيدة وهؤلاء هم العلماء العاملون في كل وقت وحين
متبع السلف
2014-03-07, 19:03
أمركم عجيب حقا ، الشيخ ابن باز إمام حقا لكنه ليس بحجة في قوله فضلا عن فعله، ومن كان مستنا فعليه بسنة نبيه عليه السلام فبها يفلح ، و تصرف الشيخ مع المردود عليه ليس تأصيلا لأمر عام ، بل لكل حال ما يناسبها من لين أو شدة وهذا ينظر فيه للمردود عليه ولحجم الخطأ وليس هناك عمل مطرد للجميع ، ومن أراد ذلك فقد خالف السلف .
باهي جمال
2014-03-07, 19:25
اخي متبع السلف ان صدق ظني فانت ترى ان الشيخ بن باز يمكن ان يخطئ ان كان كذلك فمن باب اولى ان يكون غيره ايضا محلا للخطا وعندها تسهل علينا معالجة اغلب قضايانا تحت هذا العنوان الكبير
لا عصمة لاحد الا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
متبع السلف
2014-03-08, 09:36
ليس لأحد عصمة من الخطأ إلا للأنبياء عليهم السلام على تفاصيل محددة في كتب الاعتقاد.
وكون ابن باز يخطئ لا خلاف فيه عند جميع العقلاء لكن ذلك يكون بالحجة لا بالهوى، وهذا قد يعترض عليه من ستعصب لغير الحجة فيعسر عليه قبول الخ"ا في متبوعه جهلا منه وعنادا لا أكثر .
وعلاج قضايانا كما قلت لا يكون بتلك المقولة فحسب ، بل بالعودة لما كان عليه السلف لا غير.
باهي جمال
2014-03-08, 11:38
ليس لأحد عصمة من الخطأ إلا للأنبياء عليهم السلام على تفاصيل محددة في كتب الاعتقاد.
وكون ابن باز يخطئ لا خلاف فيه عند جميع العقلاء لكن ذلك يكون بالحجة لا بالهوى، وهذا قد يعترض عليه من ستعصب لغير الحجة فيعسر عليه قبول الخ"ا في متبوعه جهلا منه وعنادا لا أكثر .
وعلاج قضايانا كما قلت لا يكون بتلك المقولة فحسب ، بل بالعودة لما كان عليه السلف لا غير.
بارك الله فيك على الرد المفيد
يجب ان نعتقد انه لا عصمة لاحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وان اقوال السلف راجحة غير مرجوحة دون ان نعتقد انها الحق المطلق
اخي محب السلف لا يكفي احدنا الاعتقاد بالقول بل وجب ان يعتقد باللسان والجنان وان يعمل على موافقة الظاهر للباطن وان يفرق احدنا بين حبه ومتابعته لشيخ من الشيوخ وبين ان يذوب بكله فيما يقول شيخه او ما يعتقده فحينها يكون كاد واوشك ان يدخل في خزعبلات الصوفية والتصوف
متبع السلف
2014-03-08, 12:08
بارك الله فيك على الرد المفيد
يجب ان نعتقد انه لا عصمة لاحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وان اقوال السلف راجحة غير مرجوحة دون ان نعتقد انها الحق المطلق
اخي محب السلف لا يكفي احدنا الاعتقاد بالقول بل وجب ان يعتقد باللسان والجنان وان يعمل على موافقة الظاهر للباطن وان يفرق احدنا بين حبه ومتابعته لشيخ من الشيوخ وبين ان يذوب بكله فيما يقول شيخه او ما يعتقده فحينها يكون كاد واوشك ان يدخل في خزعبلات الصوفية والتصوف
كلامك عن السلف فيه غموض أخي الفاضل وقصدي بالسلف لا مجرد أقوالهم بل ما ساروا عليه في الجملة لا في أفرادهم .وهذا هو الحق وليس راجحا فقط.
أما مسألة الاعتقاد فهذه محل اتفاق عند السلف وما عرف فيها الخلاف إلا مع أهل الضلال.
ومن ذكرت أوصافهم فهو إلى الصوفية أقرب ولو حاربوها في ظاهر أمرهم.
علي الجزائري
2014-03-08, 23:58
أمركم عجيب حقا ، الشيخ ابن باز إمام حقا لكنه ليس بحجة في قوله فضلا عن فعله، ومن كان مستنا فعليه بسنة نبيه عليه السلام فبها يفلح ، و تصرف الشيخ مع المردود عليه ليس تأصيلا لأمر عام ، بل لكل حال ما يناسبها من لين أو شدة وهذا ينظر فيه للمردود عليه ولحجم الخطأ وليس هناك عمل مطرد للجميع ، ومن أراد ذلك فقد خالف السلف .
غفر الله لك ..
ما لك و للاستهانة بأهل العلم تقول عن الإمام ابن باز رحمه الله ليس بحجة ( و هو كذلك)
لكن ليس في هذا المقام حيث أنك قلت بعدها مباشرة ( بل لكل حال ما يناسبها من لين أو شدة ...)
و ذلك كما صنع الإمام مع سيّد قطب لمّا سئل عن كتبه التي فيها طعن في معاوية و عمرو
ابن العاص رضي الله عنهما ( ينبغي أن تمزّق ) ..
فلا ينبغي أن يدفعك جهالة البعض إلى التعرّض لأهل العلم الربّانيّين فهم يريدون
تصويره على أنّه مميّع مثلهم و يخفون الجانب الآخر و هكذا دأب أهل البدع
يقولون الذي لهم و لا يذكرون الذي عليهم و الله المستعان ..
أحمدالسني
2014-03-09, 16:35
غفر الله لك ..
ما لك و للاستهانة بأهل العلم تقول عن الإمام ابن باز رحمه الله ليس بحجة ( و هو كذلك)
الحجة في كتاب الله وسنة نبيه والاجماع
اما كلام اهل العلم فيستدل له لا به
وهذا ليس من الاستهانة في شيئ بل هو من صميم الاتباع
و هكذا دأب أهل البدع
يقولون الذي لهم و لا يذكرون الذي عليهم و الله المستعان ..
أنا نقلت هذه النماذج التي وجدتها وهي تدل على منهج هذا الامام في الردود والذي سميته أنت تمييعا
وأنا بانتظارك لتعطينا نموذجا او اكثر من ردود الامام بن باز رحمه الله تبين ما أخفيته أنا
وما تعتقده أنت في ردود الشيخ بن باز
باهي جمال
2014-03-10, 07:50
الحجة في كتاب الله وسنة نبيه والاجماع
اما كلام اهل العلم فيستدل له لا به
وهذا ليس من الاستهانة في شيئ بل هو من صميم الاتباع
أنا نقلت هذه النماذج التي وجدتها وهي تدل على منهج هذا الامام في الردود والذي سميته أنت تمييعا
وأنا بانتظارك لتعطينا نموذجا او اكثر من ردود الامام بن باز رحمه الله تبين ما أخفيته أنا
وما تعتقده أنت في ردود الشيخ بن باز
لقد كفيت ووفيت اخي احمد السني وحقا ان للحق لنورا
AyOuB0587
2014-03-10, 10:52
رحم الله الامام ابن باز...فقيه عالم حاز أطراف العلم وحده ورسمه فطبقه فأحبه المخالف قبل الموافق !
أما ردنا هنا فهو على من جعل منهج السلف شماعة أدخل فيها نفسه وزكاها وضمن أنه عمل به، بل وتسمى باسم فيه تزكية وبالمقابل اتهم غيره ممن هم خير منه ولن يصل لأخمص قدمهم؛ أنهم قد لا يمثلونه حصرا..نقول:
بعض ما اصطلح على أنه منهج السلف الصالح وأن من خرج عنه ليس بسلفي، لنقل بعضه أو جله إنما ابتدعه هؤلاء وجعلوه فزاعة يجزمون بسلفية من وافقهم ويبدعون من خالفهم في الفروع..فالله المستعان على هؤلاء...وإلا فإن المنهج الحق ما قرره أهل السنة في أصولهم، لا ما ابتدعه هؤلاء الخوارج مع أهل العلم المرجئة مع الظلمة..
جزاك الله خيرا الأخ الكريم أحمد السني..!
تبقى فتوة او اقتراح اونصيحة اواواو .....
سمها مثلما شاءت
ان القادة المسلمين في اليمن الشمالي هم ابناء قبلة واحدة مع القادة الشيوعيون الملاحدة في اليمن الجنوبي
في حرب الفتنة تحت رعاية النفاق السلولي عام1994
اغرب ماسمع من كهنة الوهابية
نعم الشيوعي الملحد سالم البيض هو ابن قبلة واحدة مع المسلم الموحد
من اجل مرضات ال سلول وعدم اغضابه طبعا
أبو هاجر القحطاني
2014-03-10, 13:09
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وجزاه عن المسلمين خير الجزاء
بارك الله فيكم
متبع السلف
2014-03-11, 13:56
يا علي لا ابن باز حجة ولا من هو أكبر منه علما وفضلا ، ولو اتبعنا الأشخاص لوسعنا أحمد ومن فوقه ، فإذا قبل ليس بحجة في أحمد هان عليكم الأمر وإذا قبلت في ابن باز غضبتم ؟
ثم أين الخلل فيما قلت من جهة الدليل لا من جهة العقول ، أما أنه ليس موضعها ، فليس كذلك والشرح يطول.
متبع السلف
2014-03-11, 14:01
غفر الله لك ..
ما لك و للاستهانة بأهل العلم تقول عن الإمام ابن باز رحمه الله ليس بحجة ( و هو كذلك)
إن كان في كلامي استهانة كما تزعم فالاستهانة بالشرع أعظم وهي أن يجعل ماليس حجة حجة ، ما قلته وضع للأمر في موضعه ولا استهانة فيه وقد قلت في الشيخ ما قلت فلم أعرضت عنه لتتهمني بهذا ؟
لكن ليس في هذا المقام حيث أنك قلت بعدها مباشرة ( بل لكل حال ما يناسبها من لين أو شدة ...)
و ذلك كما صنع الإمام مع سيّد قطب لمّا سئل عن كتبه التي فيها طعن في معاوية و عمرو
ابن العاص رضي الله عنهما ( ينبغي أن تمزّق ) ..
فلا ينبغي أن يدفعك جهالة البعض إلى التعرّض لأهل العلم الربّانيّين فهم يريدون
تصويره على أنّه مميّع مثلهم و يخفون الجانب الآخر و هكذا دأب أهل البدع
ليس فيما قلت أي تعرض للشيخ، وهو مثل أي عالم يؤخذ منه ما وافق الحق ويرد غيره فمالك وللحمية في غير موضعها ؟ أم وراء كلامك مآرب أخرى؟
يقولون الذي لهم و لا يذكرون الذي عليهم و الله المستعان ..
كلامي كان دفاعا عن الشيخ أصلا لكنك تعترض لتعرتض فقط وما هكذا نهج السلف يا علي ، والباقي أنت تعلمه .
لا تلجأ للحظر فلا يجدي في توضيح الحق.
علي الجزائري
2014-03-12, 14:23
أنا نقلت هذه النماذج التي وجدتها وهي تدل على منهج هذا الامام في الردود والذي سميته أنت تمييعا
وأنا بانتظارك لتعطينا نموذجا او اكثر من ردود الامام بن باز رحمه الله تبين ما أخفيته أنا
وما تعتقده أنت في ردود الشيخ بن باز
أنا لم أرم منهج الإمام ابن باز رحمه الله بالتمييع بل من يستدل ببعض
مواقفه من المخالفين و تجاهله للمواقف الأخرى ( هذا المستدِلّ) هو المميع بعينه
و لم يعلم المسكين أن العلماء ورثة الأنبياء يرفقون بالمخالف تارة و يشدّدون معه أخرى
و ذك بحسب الحال و هذا ما صنعه الإمام ابن باز رحمه الله فلا تقوّلني ما لم أقل !
و إليك نموذجا من تعامله مع المخالف :
- قال الشيخ ابن باز رحمه الله في تقديمه لكتاب فضيلة الشيخ بكر أبو زيد "براءة أهل السنة
من الوقيعة في علماء الأمة" بعد السلام:
(أما بعد فقد اطلعت على الرسالة التي كتبتم بعنوان "براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة"
وفضحتم فيها المجرم الآثم محمد زاهد الكوثري بنقل ما كتبه من السب، والشتم، والقذف لأهل العلم
والإيمان، واستطالته في أعراضهم وانتقاده لكتبهم إلى آخر ما فاه به ذلك الأفاك الأثيم، عليه من الله
ما يستحق، كما أوضحتم أثابكم الله تعالى تعلق تلميذه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة به، وولاءه له،
وتبجحه باستطالة شيخه المذكور في أعراض أهل العلم والتقى، ومشاركته له في الهمز واللمز،
وقد سبق أن نصحناه بالتبرؤ منه، وإعلان عدم موافقته له على ما صدر منه، وألححنا عليه في ذلك،
ولكنه أصر على موالاته له هداه الله للرجوع إلى الحق، وكفى المسلمين شره وأمثاله. وإنا لنشكركم
على ما كتبتم في هذا الموضوع ونسأل الله أن يجزيكم عن ذلك خير الجزاء، وأفضل المثوبة لتنبيه
إخوانكم إلى المواضع التي زلت فيها قدم هذا المفتون - أعني: زاهد الكوثري -) اهـ.
و قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -لما ذكر له كلام سيد قطب في تفسير الاستواء:
(هذا كله كلام فاسدٌ، هذا معناه الهيمنة، ما أثبت الاستواء: معناه إنكار الاستواء
المعروف، وهو العلو على العرش، وهذا باطلٌ يدل على أنه مسكين ضايع في التفسير).
و قال عن كتبه : بأنها يجب أن تمزّق !
************
يا أخي أنتم تفتقرون للإنصاف فمن خالفكم ترمونه بالغلوّ و أنتم معذورون في ذلك
فالمخالف دائما يصف أهل الحقّ بنقيض مخالفته كالمرجئة الذين يقولون عن أهل السنة بأنهم
خوارج و الخوارج يقولون عنهم أنهم مرجئة و الروافض يتهمونهم بالنواصب و المعتزلة
يصفونهم بالحشوية و المجسّمة و هكذا
و حيث أنك ستقول بأنّنا الغلاة نتهمكم بأنكم مميّعة ! نقول هذا اعتقادنا فيكم ( و لا تهمنا نظرتكم فينا )
لوضوح الأثر فيكم فكلّ من هبّ و دبّ عالم عندكم و تبنون على ذلك أنه إذا أخطأ فهو معذور
و كل البشر يخطئ و ليس لأجل خطأ يبدّع و هكذا تأتون بقواعد بعضها حقّ غير أنها مندرجة
تحت أصل باطل .. فجعلتم الناس يعذرون سيد قطب مثلا و يقولون إنه بشر يخطئ كباقي الناس
بل قالوا أنه مأجور لأنه مجتهد و الشيخ الفوزان حفظه الله يقول :
(ليس هو من أهل الاجتهاد حتى يقال فيه ذلك، لكن يقال: إنه جاهل يعذر بجهله ..
أحمدالسني
2014-03-12, 16:25
مقدمة محدث الحجاز فضيلة الشيخ عبدا لمحسن بن حمد العباد لكتاب الأمير نايف بن ممدوح بن عبد العزيز المسمى بمنهج سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في الرد على المخالفين يقول العباد:
((بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد ، فقد اطلعت على العمل الجليل الذي قام به الأخ الكريم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن ممدوح بن عبد العزيز زاده الله من الهدى واليقين والفقه في الدين، وهو انتقاء جملة من ردود شيخنا شيخ الإسلام وإمام أهل السنة في زمانه الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز-رحمه الله -وإخراجها في كتاب خاص بغية تسهيل الوقوف عليها والاستفادة من منهجه -رحمه الله- في الرد على المخالفين، وهو منهج يتسم بالرفق والشفقة والحرص على سلامه المردود عليه ورجوعه إلى الصواب، ومن منهجه أيضاً- رحمه الله-أنه إذا رد على مخالف لم يشغل نفسه بمتابعته ، ولم يهجره أو يدعو إلى هجره ، بل اعتبر نفسه أدى ما عليه من النصح وبيان الخطأ ،واشتغل بما هو ديدنه من العلم والدعوة إلى الخير ونفع الناس بمختلف وجوه النفع ، فرحمه الله وأجزل له الأجر والثواب ، وشكر الله لصاحب السمو الملكي الأمير نايف عنايته واهتمامه بإبراز هذه الردود التي يستفاد منها من جهتين :
إحداهما : معرفة الحق والهدى فيما اشتملت عليه ردوده .
والثانية : استفادة من يرد على غيره من منهحه -رحمه الله- في الرفق واللين والحرص على إفادة المردود عليه ورجوعه إلى الصواب .وأسأل الله عز وجل أن يثيب الأمير نايفاً على هذا العمل ، ويجزل له الأجر والثواب ، وأن ينفع به من يقف عليه ، إنه سميع مجيب .وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
عبدالمحسن بن حمد العباد البدر
في 2/12/1424هـ
مقدمة فضيلة العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
فقد اطلعت على المجموع الذي جمعه سمو الأمير / نايف بن ممدوح بن عبدالعزيز آل سعود بعنوان : منهج سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله بن باز-رحمه الله – في الرد على المخالفين ، فوجدته مجموعاً مناسباً موضحاً لمنهج الشيخ –رحمه الله- في التحقيق العلمي والأسلوب الرفيع المقنع، جزى الله سمو الأمير خيراً فيما قدم ، وغفر للشيخ وأثابه فيما ترك من ثروة علمية ، تفيد الأمة ، وتمد طلبة العلم بالعلم النافع والمنهج السليم .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه
صالح بن فوزان الفوزان 23/12/1424هـ
يقول الأمير نايف بن ممدوح " وقد رأيت أن التذكير بمنهج العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في الرد على المخالف من خلال عرض معالمه العامة من المقالات التي رد بها على المخالفين ، خير بيان ونموذج عملي يقدم لطلبة العلم للاستفادة منه ، إذ الشيخ ابن باز رحمه الله من العلماء الذين اقتدوا بالرعيل الأول في دعوته ومنهجه ، فكان بحق بقية السلف ، مع أنه عاش بيننا في هذا العصر ، أحسبه كذلك ، والله حسيبه ، ولا أُزكي على الله أحداً .
وهكذا العلماء الربانيون يوفقهم الله تعالى للإقتداء بسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم ، على فهم السلف الصالح: اعتقاداً وقولاً وعملاً، فيُحفظ بهم الدين العظيم ، وتُصان بهم السنة والمنهج السلفي القويم من انتحال المبطلين وتحريف الضالين وتأويل الجاهلين وتلبيس الملبسين في كل عصر ، فهم بحق أئمة هدى، ُيقتدى بهم لما تمسكوا بالسنة الشريفة والطريقة السلفية المنيفة حق التمسك ، دون إفراط ولا تفريط ، ودون غلوَّ أو جفاء.
وقد تميزت طريقة الشيخ ابن باز رحمه الله وإخوانه العلماء بمعالم بارزة هامة ، استقوها من هدي الكتاب والسنة وطريقة أهل العلم الراقية ، فكان مما تميز به أسلوب الشيخ عبد العزيز رحمه الله في النصيحة والردود العلمية :
أولاً : بالعدل والإنصاف .
ثانياً : مراعاة مكانة المخاطب ،وإعطاؤه قدره ،وترغيبه في أن يعود عن خطئه.
ثالثاً :التواضع وخفض الجناح وعدم الاستعلاء والتكبر والترفع في مخاطبة المخطئ.
رابعاً :عدم التشفي والانتصار للنفس.
خامساً: الرحمة والشفقة بالخلق،ومحبة الخير لهم وتحبيبهم في الخير .
سادساً :تغليب جانب الرفق واللين على جانب الشدة .
سابعاً : القيام بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، والنصح للخلق ، وعدم المجاملة أو المحاباة في ذلك.
ثامناً : إحياؤه لسنة الرد على المخالفين رحمه الله ، مع تقيُده بالأدب النبوي الكريم ، فجمع في ذلك بين هدي السلف في الردود على المخالف وبين التأدب بآداب السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
إذ المراد هو التصويب ، وإرشاد ذلك المخطئ وليس التشفي وإسقاط الآخرين .
ومما يبطل فهم بعض الذين يلزمون الناس بأن تكون السمة الغالبة في الردود على المخالفين طابعها الشدة والغلظة والفظاظة ، أنه قد جاءت نصوص القرآن والسنة بالتأكيد على رفض هذا الأسلوب المنُفّر والصاد عن الحق .قال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159 وقوله تعالى {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى }طه44 وقوله صلى الله عليه وسلم :"إن الرفق لايكون في شيء إلا زانه ، ولاينزع من شيء إلاشانه " رواه مسلم مع التنبية على أن ماجاء من شدة بعض السلف على بعض المبتدعة إنما هو استثناء من الأصل العام تطلَّبَه المقام بحسبه كتعزير المعاند وغيره ....."
نقلاً عن كتاب الأمير نايف بن ممدوح بن عبد العزيز المسمى بمنهج سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في الرد على المخالفين ص15-18 الطبعة الأولى توزيع مكتبة العبيكان
أحمدالسني
2014-03-12, 16:25
سُئل الشيخ عبد المحسن العباد عن سؤال في منهج الشيخ ابن باز في نقد الرجال:
سئل سماحة الشيخ العلامة عبد المحسن العباد ـ حفظه الله ـ عن قول من يقول :"إن طريقة الشيخ ابن باز في نقد الرجال لا يوافقه عليها كثير من أهل العلم"0
فسكت الشيخ قليلا ، وظهرت الكراهة على وجهه ، وقال : "من يقول هذا"؟!!!
فقيل له : بعض الناس
فقال الشيخ : " يا بني ، الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ إمام ، وهو أحسن الناس مسلكاً في هذا الباب ، الشيخ رحمه الله كان مشغولا بالعلم والتعليم ونفع الناس ، ولم يكن مشغولا بالقيل والقال ، وضياع الأوقات في الكلام على الناس ، هؤلاء ما عندهم إلا كلام في الناس وضياع الأوقات "
جواب في هذه الليلة ، ليلة الثلاثاء 19 جمادى الأولى 1423هـ بعد صلاة المغرب وكان في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
أحمدالسني
2014-03-12, 16:27
حكم تبديع بعض أئمة أهل السنة
س : ما حكم تبديع جملة من أئمة أهل السنة بحجة أنهم أخطأوا في العقيدة مثل النووي وابن حجر وغيرهما؟ (1)
ج : من أخطأ لا يؤخذ بخطئه ، الخطأ مردود مثل ما قال مالك رحمه الله : " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر " يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، وكل عالم يخطئ ويصيب ، فيؤخذ صوابه ويترك خطؤه ، وإذا كان من أهل العقيدة السلفية ووقع في بعض الأغلاط ، فيترك الغلط ولا يخرج بهذا من العقيدة السلفية إذا كان معروفا باتباع السلف ، ولكن تقع منه بعض الأغلاط في بعض شروح الحديث أو في بعض الكلمات التي تصدرمنه فلا يقبل الخطأ ولا يتبع فيه ، وهكذا جميع الأئمة إذا أخطأ الشافعي أو أبو حنيفة أو مالك أو أحمد أو الثوري أو الأوزاعي أو غيرهم ، يؤخذ الصواب ويترك الخطأ ، والخطأ ما خالف الدليل الشرعي ، وهو ما قاله الله ورسوله ، فلا يؤخذ أحد من الناس إلا بخطأ يخالف الدليل ، والواجب اتباع الحق ، قال الله تعالى : { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }
وقد أجمع العلماء على أن كل إنسان يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالواجب اتباع ما جاء به وقبوله ، وعدم رد شيء مما جاء به عليه الصلاة والسلام ؛ للآية الكريمة المذكورة ، وما جاء في معناها ؛ ولقوله تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }.
__________
(1) سؤال موجه لسماحته بعد الدرس الذي ألقاه في المسجد الحرام بتاريخ 25\ 12\ 1418 هـ.
أحمدالسني
2014-03-12, 16:31
منهج العلامة ابن باز في بيان الحق للمخطئين
د. محمد بن إبراهيم أباالخيل
أستاذ مساعد في كلية العلوم العربية والاجتماعية/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم
ليس بغريب أن يبكي المسلمون في الداخل والخارج – بحرقة – شيخنا العلامة أبا عبدالله عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - ، وأن يأسفوا كثيراً لفقده بمظاهر متنوعة ، وأساليب رأيناها وعايشناها منذ أن صك أسماعنا خبر وفاته ، فمحبته قد ضربت بأطنابها في أعماق قلوب الناس لما لمسوه من علمه وإخلاصه وتواضعه وزهده وأعماله الجليلة في أكثر من حقل ومجال ، وقد صدق الشيخ يوسف القرضاوي في قوله :"لا أعرف أحداً يكره الشيح ابن باز من أبناء الإسلام ، إلا أن يكون مدخولاً في دينه ، أو مطعوناً في عقيدته ، أو ملبوساً عليه . فقد كان الرجل من الصادقين الذين يعلمون فيعملون ، ويعملون فيخلصون ، ويخلصون فيصدقون ، أحسبه كذلك والله حسيبه ،ولا أزكيه على الله تعالى ".
قد خلّف ابن باز – رحمه الله – تراثاً علمياً وفكرياً ضخماً ، توزع بين الأسفار المكتوبة والأشرطة المسموعة ، وتركز في العقيدة والفقه والحديث ، وفي أبواب هذه العلوم وجوانبها وزواياها كانت له نظراته المتميزة ، ومناهجه الخاصة ، وخواطره الفياضة ، وتعليقاته القيمة ، وكل هذه يمكن لطلبة العلم إبرازها والاستفادة منها ، وتخصيص دراسات حولها .
إن من الجوانب المهمة التي كانت منذ سنوات تشد انتباهي في محاضرات الشيخ – رحمه الله – وكتاباته أسلوبه المتميز في مناقشة الآخرين وبيان الحق لهم والرد على أخطائهم ، ذلك الأسلوب الذي يفتقده – يا للأسف – العديد من العلماء وطلبة العلم والدعاة في الزمن الغابر والحاضر الذين إذا طالعت كتاباتهم في هذا المضمار ألفيتها تفتقد إلى كثير من أخلاق الإسلام في معاملة الآخرين والحكم عليهم ، وتفتقر إلى أدنى قواعد المنهج الصحيح في الدعوة إلى الله تعالى والمجادلة بالتي هي أحسن بينما يطمئن القلب ، وتنقاد النفس إلى كتابات هذا الشيخ الجليل (ابن باز ) الذي تمثل آداب الإسلام وهديه فيما يصدر عنه من أقوال ، دع عنك بقية أحواله .
ومن باب النصح لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولخاصة المسلمين وعامتهم ، وبما أوجبه الله على أهل العلم من قول الحق وعدم كتمانه ، والقيام بالدعوة إلى الله والإرشاد إلى سبيله ، والدفاع عن دينه ، والذب عن حياضه ، قام ابن باز بواجبه المنوط به على مدى عقود من الزمن ، فجاهد بلسانه وقلمه ، فوقف في وجه الدعوات الهدامة والاتجاهات المنحرفة ، وشارك في معالجة كثير من القضايا المستجدة ، وتكلم وكتب موجهاً للجاهلين ، ومصححاً للمخطئين ، ومناقشاً للمجتهدين ، ورداً على المعاندين ، سواء ما كان في الوسائل المسموعة أو المقروءة .
وقد وصل عدد ما طالعته من رسائله ومقالاته التي حررها للتنبيه عن الأخطاء وبيان الحق (الردود) ما يقرب من ثلاثين ، كان معظمها حول ما ورد في صحف ومجلات ، وباقيها القليل حول ما جاء عبر التليفزيون والإذاعة ، وقد كانت نسبة ضئيلة منها رداً على أحد تعرض له ، أما القسم الأكبر فقد أنشأه الشيخ لما يراه واجباً عليه من كشف الباطل وإيضاح الحق ، وتعليم الجاهل ، وتوجيه الغافل ، ورد الشارد إلى الطريق المستقيم .
ومن خلال ما اطلعت عليه من آثار الشيخ في نقد أقوال الآخرين وكتاباتهم رصدت مجموعة من الضوابط والآداب التي كان يلتزم بها ويستند إليها عند عرضه للآراء والأقوال ، ومن ثم مناقشتها والحكم على أصحابها ، وأستطيع أن أجملها في النقاط التالية :
أولاً :
ذكره لصاحب المقال أو البحث أو الكتاب المراد مناقشته باسمه الذي وقع به مقاله أو بحثه أو كتابه ، وذلك من حين أن يبدأ بيان الحق له وحتى النهاية ، كما أنه لا يُغفل لقبه العلمي كالشيخ أو الدكتور ونحوهما ، ثم إنه لا يأخذه الحماس في الرد – كما يفعل بعضهم – إلى تحريف الاسم أو الاكتفاء بجزء منه ازدراءً واحتقاراً ، كما لا تجره حدة المناقشة إلى السخرية من عنوان المقالة أو البحث أو الكتاب ، أو التندر ببعض ألفاظ الكتاب كما يفعل بعض المولعين بالردود على الآخرين وانتقاد كتاباتهم .
ثانياً :
نقله لأقوال المتحدث أو الكاتب بنصوصها الكاملة غير مبتسرة من وسطها أو أطرافها ، ثم مناقشتها مناقشة علمية ، عبارة بعد أخرى ، أو مقطعاً بعد آخر .
ثالثاً:
استخدام الألفاظ الدارجة ، والعبارات السهلة في حواره مع الكاتب أو المتحدث ، بحيث يفهم المقصود من أول وهلة ، فهو يهتم بالمعنى قبل المبنى ، فلا يرص كلمات وعبارات من حوشى الكلام ، فتضيع الفائدة في ركام من الكلمات والعبارات ، وقد يفهم منها خلاف المقصود
رابعاً :
اعتماده في تنبيهاته للمخطئين في كتاباتهم على كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أقوال السلف والأئمة الأعلام من المتقدمين والمتأخرين ، ويكون نقله نقلاً موثقاً .
خامساً :
الصدع بكلمة الحق وما يراه صواباً دون مماراة أو مداهنة ، ولكن ذلك يكون بأدب جم ، وأسلوب هادي ، وتوجيه حكيم ، وكلمات مهذبة ، وكل كتاباته في هذا الميدان تشهد بما نقول ، ولنأخذ مثلاً واحداً ، فلقد دعا أحد المشايخ – في مقالٍ له – إلى جمع الكلمة بين الفئات الإسلامية ، وتضافر الجهود ضد أعداء الإسلام ، وأن الوقت ليس وقت مهاجمة أتباع المذاهب . فرد الشيخ رحمه الله بقوله :" ولا ريب أنه يجب على المسلمين توحيد صفوفهم ، وجمع كلمتهم على الحق ، وتعاونهم على البر والتقوى ضد أعداء الإسلام كما أمرهم الله سبحانه بذلك عز وجل { واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا } وحذرهم من التفرق بقوله سبحانه { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } الآية . ولكن لا يلزم من وجوب اتحاد المسلمين وجمع كلمتهم على الحق واعتصامهم بحبل الله ألا ينكروا المنكر على من فعله أو اعتقده من الصوفية وغيرهم ، بل مقتضى الأمر الاعتصام بحبل الله أن يتآمروا بالمعروف ، ويتناهو عن المنكر ، ويبينوا الحق لمن ظنه ، أو ظن ضده صواباً بالأدلة الشرعية حتى يجتمعوا على الحق وينبذوا ما خالفه ، وهذا مقتضى قوله سبحانه { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ، وقوله سبحانه :{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } ، ومتى سكت أهل الحق عن بيان أخطاء المخطئين ، وأغلاط الغالطين لم يحصل منهم ما أمرهم الله به من الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومعلوم ما يترتب على ذلك من إثم الساكت عن إنكار المنكر وبقاء الغالط على غلطه ، والمخالف للحق على خطئه ، وذلك خلاف ما شرعه الله سبحانه من النصيحة والتعاون على الخير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله ولي التوفيق ".
سادساً :
توقيره للعلماء داخل البلاد وخارجها على حد سواء ، واحترامه لآرائهم وفتاويهم ، وإن خالفهم في شيء منها بيِّن رأيه المدعم بالأدلة متجنباً تجهيل الآخر ، أو تسفيه قوله ، بل تراه يدعو لنفسه أولاً وللقائل ثانياً بالتوفيق لإصابة الحق ، فمثلاً أفتى أحد العلماء المعاصرين بأن اللحوم المستوردة من أهل الكتاب مما يذكر بالصعق الكهربائي ونحوه حلال لنا ما داموا يعتبرونها حلالاً . فرد عليه – رحمه الله – بقوله:" أقول هذه الفتوى فيها تفصيل " ثم راح يفصل ما يحل منها للمسلمين وما يحرم ، ثم قال :" وبما ذكر يتضح ما في جواب الشيخ ...(1) (http://www.saaid.net/Minute/m17.htm#%281%29). وفقه الله من الإجمال " ثم أكمل بقية بيانه ، ثم قال :" ولواجب النصح والبيان والتعاون على البر والتقوى جرى تحريره ". وبعدها ختم كلمته بالدعاء بقوله : " وأسأل الله أن يوفقنا وفضيلة الشيخ ... وسائر المسلمين لإصابة الحق في القول والعمل إنه خير مسئول ...".
سابعاً :
إنصاف الشيح – رحمه الله – للمخالف ، فلا يُغفل ما احتواه مقاله من حق وصواب ، وإن كان الغرض الأساس من تناول ذلك المقال استدراك ما فيه من أخطاء ، فعلى سبيل المثال اطلع على بحث يحلل فيه صاحبه المعاملات الربوية المصرفية ، ويقول في مطلعه :" يمكن القول إنه لن تكون هناك قوة إسلامية بدون قوة اقتصادية ، ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ، ولن تكون هناك بنوك بدون فوائد ". فرد سماحته :" يمكن تسليم المقدمة الأولى ، لأن المسلمين في كل مكان يجب عليهم أن يعنوا باقتصادهم الإسلامي بالطرق التي شرعها الله سبحانه حتى يتمكنوا من أداء ما أوجب الله عليهم وترك ما حرم الله عليهم ، وحتى يتمكنوا بذلك من الإعداد لعدوهم ، وأخذ الحذر من مكائده " ثم أخذ يشرح الوسائل الكفيلة بتكوين قوة اقتصادية للمسلمين ، ثم قال :" وأما المقدمتان الثانية والثالثة وهما قوله ولن تكون هناك قوة اقتصادية بدون بنوك ، ولن تكون هناك بنوك بلا فوائد ، فهما مقدمتان باطلتان " ثم شرع بشرح بطلانهما ، فبين أن الأدلة الشرعية ، وما درج عليه المسلمون من عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم إلى أن أنشئت البنوك كل ذلك يدل على بطلان هاتين المقدمتين ، حيث استقام اقتصاد المسلمين طيلة القرون الماضية بدون بنوك وبدون فوائد ربوية .
ثامناً :
كان رحمه الله تعالى يناقش النص الذي أمامه ، ويتجنب الحكم على النيات وما يدور في القلوب مما لا يعلمه إلا علام الغيوب ، ويعرض عن حشد الأخطاء الموجودة في ذلك المقال أو البحث لتكون مقدمات ومعطيات لإصدار حكم معين على القائل ناهيك عن عودته إلى كتابات سالفة للمخالف بغرض تصديق حكمه عليه كما يفعل بعض الناس ، فمنهجه أخذ كلام القائل على الظاهر ، وحمله على أجمل المحامل ، والتماس العذر للبعض أحياناً ، فمن الأمثلة على ذلك أنه عندما أعلن أحد المشايخ إنكاره لتلبس الجني بالإنسي ، واستحالة مخاطبة الجن للإنس ، وأبدى استعداده للتراجع عن قوله هذا إن أُثبت له خلافه . رد عليه سماحة الشيخ ، وأثبت له بالأدلة النقلية والعقلية تلبس الجن بالإنس وجواز مخاطبة الجني للإنسي ، ثم عقب بقوله :" وقد وعد في كلمته أن يرجع إلى الحق متى أرشد إليه ، فلعله يرجع إلى الصواب بعد قراءته ما ذكرنا ، نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق ". ولما نشرت بعض الصحف مقالات حول إحياء الآثار والاهتمام بها ، وتصدى لها سماحة الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله وكتب أحدهم بعده مقالاً في الموضوع نفسه أنشأ ابن باز جواباً رد فيه على صاحب المقال الأخير ، وحمله على الظاهر وظن به الظن الحسن ، فكان من كلامه بعد ذكره رد ابن حميد على المقالات قوله :" ولكن الأستاذ ... هداه الله وألهمه رشده لم يقتنع بهذا الرد ، أو لم يطلع عليه فكتب مقالاً في الموضوع ". وحين كتب أحد الصحفيين العرب مقالاً يدعو فيه إلى الاهتمام بما في المدينة المنورة من آثار وقبور ، لا سيما قبور أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وعماته ، ثم اقتراحه على إدارة الأوقاف وضع لوحات يكتب فيه أسم صاحب القبر ، ويحاط بشبك من حديد . رد عليه سماحته وحمله على الخير ، وعذره بعدم علمه ، فكان مما قاله بعد أن وضح له الحق :" قد يكون هذا الاقتراح من الكاتب عن حسن نية ومقصد صالح ، ولكن الآراء والاستحسانات لا ينبغي للمؤمن الاعتماد عليها حتى يعرضها على الميزان العادل الذي يميز طيبها من خبثها ألا وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولعل الكاتب حين كتب هذه الكلمة من أولها إلى آخرها لم يكن عنده علم بما جاءت به السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حول القبور ، فلذلك وقعت منه الأخطاء السالفة ، ووقع منه هذا الخطأ الأخير وهو اقتراحه على إدارة الأوقاف ما تقدم ذكره ....".
تاسعاً :
حسب ما اطلعنا عليه من كتابات وأقوال في ردوده على المخطئين ومخاطبته للمخالفين لا نرمق فيها كلمة تحامل أو تجريح ، أو لمز بعيب ، أو زن بريبة ، أو رمي ببدعة ، أو عبارات تهجم أو تشفٍ حتى من الذين أخطاءوا في حقه أو سخروا منه أو كذبوا عليه ، فحينما سخر منه أحدهم لكون سماحته استمع إلى جني متلبس بامرأة ، وأن هذا الجني أسلم في مجلسه ، ذكر هذا الساخر باسمه ولقبه العلمي المعروف فقال :" فقد بلغني عن فضيلة الشيخ ... أنه أنكر مثل حدوث هذا الأمر " وكلما أورد اسمه قدم له بـ( فضيلة الشيخ ) ، وفي أثناء الرد عليه كان لا يكف عن الدعاء له بالهداية والتوفيق . ومثال آخر كان أحد الكتاب خارج المملكة تكلم على لسانه بأن أي فتوى تصدر منه يجب أن تكون ممهورة بخاتمة ومصدقة من وزارة الأوقاف الإسلامية ، ثم نسب إليه كلاماً عن حلق اللحية . فرد عليه سماحته ، فكان من رده بعد الحمدلة والتصلية قوله : " فقد اطلعت على ما نشر في جريدة .... لكاتبه .... وقد نسب إلي هداه الله كلاماً " – لاحظ الدعاء له بالهداية –ثم ذكر ذلك الكلام ، وبعد عقب بقوله : " وهذا الكلام ظاهر البطلان " ثم أخذ يبين له الحق ثم نصحه بالتقوى والحذر من سوء الظن بالمسلمين . ومثال ثالث افترت عليه إذاعة لندن – ذات مرة – الفتوى بأن الاحتفال بالموالد كفر ، فوضح كذبها وتحريفها للفتوى التي قال فيها بأن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين ، ونشرت في الصحف والإذاعة ، ثم لم يزد رحمه الله عن قوله بأن ما ذكرته إذاعة لندن " كذب لا أساس له من الصحة ، وكل من يطلع على مقالي يعرف ذلك ،وإني لآسف كثيراً لإذاعة عالمية يحترمها الكثير من الناس ، ثم تقدم هي أو مراسلوها على الكذب الصريح ".
عاشراً :
يلاحظ أثناء توضيحه الحق لأحد من العلماء أو من دونهم دعاءه له بين آونة وأخرى بالهداية والتوفيق والرشاد والمغفرة ونحو ذلك ، وتشعر من كلمات الدعاء وصيغته والمواضع التي يدعو بها للمخالف أو المخطئ بأنه دعاء مخلص صادق ، يخرج من سويداء القلب ، وليس دعاءً عابراً ، أو دعاء له في موضع ودعاء عليه في موضع آخر كما تراه عند البعض ، فكان من الصيغ التي يستخدمها في الدعاء لمن يكتب له ، أو يرد عليه قوله "هداه الله"،"هداه الله وألهمه التوفيق"،"هداه الله وألهمه رشده"،"سامحه الله". وأحياناً يشرك نفسه في الدعاء ، فيقول :"عفا الله عنا وعنه"،"نسأل الله لنا وله التوفيق". وإذا كان القائل أو الكاتب قد نادى في مقاله بأمر خطير يُحلل حراماً ، أو يصادم حكماً من أحكام الإسلام فإنه ينصحه بالإنابة إلى الله تعالى والرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل . فمثلاً – ختم رده الطويل على من أباح الغناء بالنصيحة ، فقال :" ونصيحتي لـ ... وغيره من المشغوفين بالغناء والمعازف أن يراقبوا الله ويتوبوا إليه ، وأن ينيبوا إلى الحق ، لأن الرجوع إلى الحق فضيلة ،والتمادي في الباطل رذيلة ...". أما الكاتب الذي زعم حل المعاملات الربوية المصرفية فسأل الله له أن يوفقه " للرجوع إلى الحق ، والتوبة مما صدر منه ، وإعلان ذلك على الملأ لعل الله أن يتوب عليه كما قال عز وجل :{ وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }". وحين نادى مدير إحدى الجامعات العربية بالتعليم المختلط بين الجنسين ، وزعم أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة . رد عليه الشيخ رحمه الله ، وكان يدعو له خلال مناقشته لأقواله بمثل "هداه الله ، وأصلح قلبه ، وفقهه في دينه"، ثم ختم الرد بالنصيحة له فقال :" ونصيحتي لمدير جامعة ... أن يتقي الله عز وجل ، وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه ، وأن يرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل إلى تحري طالب العلم للحق والإنصاف ...".
حادي عشر :
رغم ما بلغه من مقام علمي ومنزلة اجتماعية فإنك لا تخال في كتاباته في هذا الميدان أي كلمة أو عبارة يفهم منها تعالمه عن من هم دونه ، أو تعاليه على غيره ، والناظر في ردوده على الآخرين يدرك ذلك تماماً ، ولعل أصدق الأدلة على ما نحن بصدده كونه يخاطب بعض الصحفيين أو الكتاب المغمورين بـ"الأستاذ" أو "الأخ" أو "أخانا" ونحو ذلك .
ثاني عشر :
مع أن كل رسالة أو مقالة كتبها في هذا الفن كانت في الأصل لبيان الحق لقائل أو كاتب بعينه ، فتراه يناقش عباراته مناقشة وافية إلا أن هدفه – رحمه الله – كان أسمى من الرد على فلان أو علان ، إذ تلاحظ حرصه أثناء ذلك على توجيه الناس للعلم الشرعي والتمسك بالعقيدة الصحيحة ، ودعوتهم إلى الخير وطرقه ، وتحذيرهم من الشر وأساليبه ، وتذكريهم بمكر الأعداء وحيلهم ، وتقديم النصح للإعلاميين ومن على شاكلتهم ، ودعوة الحاكم والرؤساء لتحكيم الإسلام في بلدانهم ، وسنكتفي هنا بذكر بعض نصائحه للإعلاميين التي ضمنها في ردوده على بعض الكتاب ، فمنها قوله – بعد أن نبه على مزالق وقعت بها إحدى الكاتبات :" فيجب أن ننزه أقلامنا من الوقوع في مثل هذه المزالق امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم كمالاً للتوحيد وابتعاداً عما ينافيه أو ينافي كماله ، ووسائل الإعلام – كما هو معروف – واسعة الانتشار ، وعظيمة التأثير على الناس ، وكثرة ترديدها لمثل هذه الكلمات ينشرها بين الناس ، ويجعلهم يتساهلون في استعمالها ، وخاصة النشء مع ما في استعمالها من المحذور "وقال عقب تعليقه على قصيدة نشرتها إحدى الصحف وتضمنت مخالفات عقدية ، قال :" والواجب على جميع القائمين على الصحف من أهل الإسلام ألا ينشروا ما يخالف شرع الله عز وجل ، وأن يتحروا فيما ينشرونه ما ينفع الأمة ولا يضرهم في دينهم ودنياهم ، وأعظم ذلك خطراً ما يوقع في الشرك وأنواع الكفر والضلال ..." . وحينما كتب أحدهم مقالاًُ ينتقد فيه تصرفات بعض أهل الحسبة وجهه بقوله :" وكان الواجب على الكاتب حين بلغه عنهم ما يعتقده خلاف الشرع أن يتصل بأعيانهم مشافهة أو كتابة ، ويناصحهم فيما أخذ عليهم أو يتصل بسماحة المفتي أو رئيس الهيئات ، ويبدي ما لديه حول الإخوان من النقد حتى يوجههم المشايخ إلى الطريق السوي . أما أن يكتب في صحيفة سيارة ما يتضمن التشنيع عليهم ، والحط من شأنهم ، ووصفهم بما هم براء منه فهذا لا يجوز من مؤمن يخاف الله ويتقيه ، لما في ذلك من كسر شوكة الحق والتثبيط عن الدعوة إليه ، والتلبيس على القراء ، ومساعدة السفهاء والفساق على باطلهم ، وعلى النيل من دعاة الحق ...".
وهكذا من خلال النقاط السابقة تبين لنا الأصول والضوابط التي كان يسير عليها الشيخ في تعامله مع المخطئين ، ومناقشته للمخالفين وحواره مع المجتهدين . وقد توصلنا إليها بعد استقراء وتأمل لما وقع تحت اليد من آثار له في هذا المجال ، واللافت للنظر أن هذا المنهج بأصوله وضوابطه يكاد يكون ثابتاً عنده سواء ما أملاه قديماً ، أو ما صدر عنه في السنوات الأخيرة ، فلم يزحزحه عنه تشنج كاتب أو تحامله ، ولا عناد مخالف أو تعصبه . كما لم يؤثر عليه فيه تقلب الأحوال ، ولا تبدل الوجوه ، فيا ترى ما الذي أكسب الشيخ – رحمه الله – ذلك المنهج ؟ إن الإجابة على مثل هذا السؤال تفيدنا في اقتفاء أثره ، وترسم خطاه لا نتهاج منهجه ، فهي تتعلق بعلم من الأعلام الذي عاش بيننا عمراً مديداً يُعلم ويُناصح ويدعو ويُدافع ، فكان له حضوره المؤثر سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي ، وليس فقط في الداخل وإنما تعدى أثره إلى الخارج .
على ضوء ما قرأته وعرفته من حياة الشيخ – رحمه الله – ومآثره وآثاره ، أستطيع أن أرد تملكه ذلك المنهج إلى عدة أمور توفرت له ، وتميزت بها شخصيته ، منها تعمقه بالعقيدة السلفية الصحيحة ، فالعقيدة المستمدة من الكتاب وصحيح السنة كانت أحب العلوم إليه – كما نقل على لسانه - ، فصار مرجع الجميع في الدقيق منها والجليل ، ولا ريب أن التعمق بالعقيدة السلفية زوده بمنهج أصيل في التعليم والكتابة والتعامل وغيرها ، وعصمه – بعد الله تعالى- من التقلب حسب ما يطرأ من ظروف . ومن الأمور التي توفرت له –أيضاً- علمه الواسع بالسنة المطهرة من حيث المتون وما يرتبط بها من علوم حتى أصبح حكمه على الحديث بالصحة والضعف محل اعتبار واحترام ، فاستفاد من هذا العلم فكرياً وكذلك علمياً إذ طبقه على نفسه ، والذين جالسوه وعاشروه يدركون ذلك . وقد سئل مرة ما الشخص الذي تأثرت به فأصبحت بهذه الرحابة من سعة الصدر والصبر في حل مشاكل الناس والتعامل معهم؟ . فأجاب": الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، فهو قدوتنا ، وهو الأساس في هذا ، فكان تحمله كبيراً ، فربما جره الأعرابي من ردائه حتى يؤثر في رقبته ، فيحنو عليه النبي عليه الصلاة والسلام ويضحك ويجيب له طلبه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحمل أهل البادية والحاضرة فهو أسوة لجميع أهل العلم والمسلمين ثم أصحابه كان لديهم من الحلم والصبر الكثير أيضاً ، كالصديق وعلي وطلحة وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان عمر لديه بعض الحدة لكنه كان أَخْيَر الناس وأصدقهم وأكملهم إيماناً ". وكل مطلع على أقوال ابن باز وكتاباته في تبيين الحق للمخطئين لن يجد شيئاً أسهل من الوقوف في ثناياها على تطبيقه – رحمه الله – للهدي النبوي ، كحسن الظن بالمخطئ وأخذه على ظاهره ، واحترام شخصه ، وعدم الهزء به ، وحب الخير له ، ونحوه مما عرضنا له إجمالاً في معالم منهجه .
ومن الأشياء التي أراها أكسبته ذلك المنهج المتميز هو اختلاطه بالناس على مختلف طبقاتهم ، كبيرهم وصغيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، حاكمهم ومحكومهم ، فصارت لديه معرفة في نفسيات الناس ، وكيفية مخاطبتهم والتأثير فيهم ، والأساليب المثلى في توجيههم إلى الخير ، وهدايتهم للطريق القويم .
ولا شك أن معايشته للعديد من التقلبات السياسية والفكرية والاجتماعية التي مرت على العالمين العربي والإسلامي إبان القرن الرابع عشر الهجري وشطر من الخامس عشر – ذات أثر في تشكيل فكره ومن ثم منهجه في الحوار من الآخرين ومناقشته لإطروحاتهم وأفكارهم ، فلقد شهد أحداثاً جساماً كنشوء بعض الدول وسقوط أخرى ، والجهاد العسكري ضد الاستعمار في أكثر من قطر ، واجتياح الدعوات القومية والشيوعية لكثير من البلاد العربية والإسلامية ، وقيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ، وهزائم العرب أمام ذلك الكيان لا سيما في سنة 1967م ، ثم خفوت الأصوات القومية وتنامى الأصوات الإسلامية ، وتصدي بعض الأنظمة للمد الإسلامي ، والحروب التي قامت بين الدول العربية والإسلامية . وكل ذلك صاحبه –بطبيعة الحال – حوارات ومواجهات ومعارك فكرية واجتماعية بين العلماء وغيرهم في شتى أقطار العرب والمسلمين .
والملاحظ أن ابن باز رحمه الله – حسب علمي – لم تظهر تنبيهاته وكتاباته على الساحة في المجال الذي نتحدث عنه إلا بعد أن جاوز الخمسين من عمره بمعنى أنه حين نضج علمياً وعقلياً ، فصار منهجه في نصح الآخرين والتنبيه على تجاوزاتهم منهج العالم المدقق ، والعاقل الواعي المدرك لخلفيات وأثر ما يقول ويكتب.
وأعتقد جازماً أن من أهم الأمور التي جعلت لابن باز منهجاً متميزاً في الردود على الخاطئين ، ومناقشته المخالفين الإخلاص الذي تحسه في كلماته ، وتلمسه في كتاباته ، فهو لم يرد على أحد ليقضي عليه ويحطمه ويقفز للشهرة على أكتافه ، ولم يجادل أحداً ليسفه رأيه ويكشف ضآلة علمه ، ولم يكتب ضد فلان لكسب مال أو جاه ، وإنما كان – رحمه الله – يبتغي الحق فيما يقول . وبالرجوع إلى مفردات منهجه التي سبقت تعرف – حتى دون أن تتمعن فيها – صدق إخلاصه . ونضيف هنا أنه يحرص – رحمه الله – على عنونة ردوده على المخالفين بتنبيهات وهذا يوحي بالمقصد الحقيقي من كتاباته في هذا الميدان . وإخلاص الشيخ ونزاهته ، وصدق لهجته ، وسعيه بتجرد وموضوعية لبلوغ الحق إذا حاور غيره أو ناقشه استيقن به العلماء والمنكرون وطلبة العلم ، يقول الدكتور محمد منير الغضبان :" قد يختلف الكثيرون من أهل العلم معه في الرأي ، وقد يختلفون معه حتى في المنهج الذي يمثله في مدرسته ، ولكن لا يختلفون أبداً على الإشادة باستقامته ونزاهته وزهده وتواضعه " ، ويقول الشيخ محمد الغزالي قبل وفاته – رحمه الله – عن ابن باز :" لقد كنت أقول دائماً في عالم سلفي نقي مخلص مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز إنه من طلاب الآخرة ، وممن يؤثرون ربهم على دنياهم ، وقد تكون بيننا خلافات فقهية فما قيمة هذا الخلاف وما أثره ؟ إن الأئمة الكبار اختلفوا ، بل إن داود وسلميان قد اختلفا في الحكم ، وهما من هما في النبوة والعلم والحكمة ". ولقد أخبر الشيخ يوسف القرضاوي عما شهده عياناً من طبيعة ابن باز في تلقي وجهات نظر غيره وآرائهم ، فقال :" ولقد رأيته في المجمع الفقهي يستمع وينصت إلى الآراء كلها ، ما يوافقه منها وما يخالفه ، ويتلقاها جميعاً باهتمام ، ويعلق بأدب جم ، ويعارض ما يعارض منها برفق وسماحة دون استعلاء ولا تطاول على أحد ، شادياً بالعلم أو متناهياً ، متأدباً بأدب النبوة ، ومتخلقاً بأخلاق القرآن ".
ولقد ظل العلماء والمفكرون وغيرهم الذين اختلفوا معه في بعض القضايا يحملون له منتهى الاحترام ، وغاية التقدير . يقول القرضاوي – أيضاً - :" ولقد اختلفت مع الشيخ العلامة في بعض المسائل نتيجة لاختلاف الزوايا التي ينظر فيها كل منا ، ومدى تأثر كل منا بزمانه ومكانه إيجاباً وسلباً ، ولم أر أن هذا الاختلاف غيّر نظرتي إليه أو نظرته إلي ، وظللت – والله – أكن له المحبة والتقدير ، وأدعو له بطول العمر في خدمة العلم والإسلام ، وظل كذلك يعاملني بود وحب كلما التقينا ، وكلما لقيه أحد من أبناء قطر حمله السلام إلي – رحمه الله – وأكرم مثواه ". وإذا كانت هذه حال الشيخ ابن باز مع مخالفيه فإننا لا نعجب أن تتأسف بعض الجماعات الإسلامية الغالية في أفكارها على وفاته رحمه الله كما ذكرت ذلك إحدى الصحف ، حيث نقل عن تلك الجماعة قولها : " إن الأمة الإسلامية فقدت واحداً من أبرز علمائها العاملين الزاهدين الذين تشهد فتاواه ومؤلفاته بغزارة العلم ودقة البحث والحرص على الوصول إلى الحق ومعرفة الصواب " ومع أن هذه الجماعة اعترفت بوجود خلافات بينها وبين الشيخ في بعض آرائه :" إلا أنها شهدت بأنه كان يقصد وجه الحق فيما يأتي ، وأنه حريصاً كل الحرص على إصابة الحق في أقواله وأفعاله ..." .
هذا هو منهج الشيخ رحمه الله الذي سلكه في محاورة من اجتهد فأخطأ ، أو حاد عن الصواب ، أو ند عن الطريق ، أو زاغ عن الحق ، ولا شك أنه استمده من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم صاغه بأسلوبه المميز ، وطابعه الخاص ، وبلوره بلورة مناسبة العصر ، فصار مثالاً حياً رائعاً لآداب الإسلام وهديه في معاملة المخالفين بالتي هي أحسن ، وإيصال الحق إليهم بالحكمة والرفق والموعظة الحسنة ، والاستفادة من ذلك في تعميم الخير ونشره بين المسلمين ، فجزاه الله أحسن الجزاء ، وحشرنا وإياه في زمرة الأنبياء والمرسلين والصديقين والشهداء . إنه سميع الدعاء .
------------------------
(1) آثرنا عدم ذكر الأسماء لأن المقصود بيان منهج الشيخ رحمه الله لا الأشخاص الذين يناقشهم .
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir