AyOuB0587
2014-03-06, 08:27
فصل مستل :
من كتاب الفذّ : الصَّوراف عن الحقّ
لفضيلة الشَّيخ الدكتور حمد العثمان حفظه الله
قد يصدر الخطأ والباطل من إمام له قبول ومَحبة من أتباعه وتلاميذه وعامة المسلمين ، فيروج هذا الباطل على مُحبيه لِما يعلمونه من حال شيخهم من تَحرِّي السنة ، وطلب الحقِّ ، فينقادون لقوله وتَحجبهم مَحَبته عن ملاحظة خطئه وَرَدّه .
والحبُّ لاشك أنه يُعمى ويُصم
قال ابن القيم رحمه الله : " والمراد به : أن حبك للشيء يعمي ويصم عن تأمل قبائحه ومساوئه ، فلا تراها ولا تسمعها وإن كانت فيه "
وقال ثعلب في معناه : " يُعمي العين عن النظر إلى مساوئه ، ويُصم الأذن عن استماع العدل فيه "
وقد بيَّن العلماء عِظَم تأثير مَحبة القائل وتعظيمه وتوقيره عند مُحبيه في رواج مقولته وإن كانت باطلة.
قال القبلي : " فإن النَّاس يدورون ما يقوم به الوقت من حدوث مقالة يوطئها شيخ قد ابتلى بالقبول فيهم "
ولذلك نصح العلماء المُحققون من ابتلى بشيء من ذلك ، وجرَّه حبُّه وتَعصُّبه لقبول القول المرجوح أو الخاطىء بسبب صدوره ممَّن يُحبه ويُعظِّمه ، أن يتجرَّد وأن ينظر في المقول دون معرفة قائله .
قال العلامة محمَّد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " ونُرجح ما ظهر لنا أنه الرَّاجح بالدليل من غير تعصب لمذهب معيَّن ، ولا قول قائل معيَّن ، لأننا ننظر إلى ذات القول لا إلى قائله "
ومن الأسباب المعينة على عدم الانصياع وراء هذا الصارف : هو العلم أن ذلك الفعل أو القول أو الاعتقاد الباطل إن كان انتحله من يُقتدى به ، فالمخالفون له إن لَمْ يكونوا أفضل منهم فليسوا بدونِهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رادًّا على من يَحتجُّ بفعل بعض المجتهدين في النبيذ والرِّبا :" يُقال على سبيل التفصيل : إذا فعلها قوم ذوو فضل ودين ، فقد تركها في زمان هؤلاء معتقدًا لكراهتها وأنكرها قوم إن لم يكونوا أفضل ممَّن فعلها فليسوا دونَهم ، ولو كانوا في الفضل فقد تنازع فيها أولو الأمر ، فتُرد إلى الله والرسول "
والبعض يستولى عليه ما يعرفه من قائل القول فيحمله ما يعلمه عن الإمام ونبوغه وتضلُّعه من العلوم وموافقته للحقّ في كثير أحيانه ، فيتشبث بقوله ، ويكون بصره كالغشاوة تَحجبه عن الانصاف والتجرد في حال النظر في قول الإمام.
قال الشوكاني : " ذلك لأن أذهانهم قد تصورت من يقتدون به تصورًا عظيمًا بسبب تَقدُّم العصر ، وكثرة الأتباع ، وما علموا أن هذا منقوص عليهم مدفوع به في وجوههم ، فإنه لو قيل لَهم : إن في التابعين من هو أعظم قدرًا من صاحبكم علمًا وفضلاً وجلاله قدر ، فإن أبيتم ذلك ، فهأنا أدلُّكم على من هو أعظم قدرًا وأَجَلّ خطرًا ، وأكثر أتباعًا وأقدم عصرًا ، وهو محمد بن عبد الله نبينا ونبيكم ورسول الله إلينا وإليكم "
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله في فوائد معرفة المَقول دون قائله : " من فوائد ذلك : أن الأقوال التى يراد المقابلة بينها ، ومعرفة راجحها من مرجوحها أن يقطع الناظر والمناظر النظر عن القائلين ، فإنه ربَّما كان ذكر القائل مغترًّا عن مُخالفته ، وتوجب له الْهَيبة أن يكفَّ عن قولٍ ينافي ما قاله "
وهذا هو العدل والانصاف ، خلافًا لِمن يرى أن الحق لا يَخرج عن اختيار إمامه وشيخه مطلقًا ، ويتمثل بقول الشاعر :
إذا قالت حذام فصدقوها /// فإنَّ القول ما قالت حذام
ولذلك فإن المبطلين يُبادرون من ينكر باطلهم بذكر قائله ، فيغترون إليه ، ويضربون بذكره ما يُذكر لهم من الذكر الحكيم.
{ منقول }
من كتاب الفذّ : الصَّوراف عن الحقّ
لفضيلة الشَّيخ الدكتور حمد العثمان حفظه الله
قد يصدر الخطأ والباطل من إمام له قبول ومَحبة من أتباعه وتلاميذه وعامة المسلمين ، فيروج هذا الباطل على مُحبيه لِما يعلمونه من حال شيخهم من تَحرِّي السنة ، وطلب الحقِّ ، فينقادون لقوله وتَحجبهم مَحَبته عن ملاحظة خطئه وَرَدّه .
والحبُّ لاشك أنه يُعمى ويُصم
قال ابن القيم رحمه الله : " والمراد به : أن حبك للشيء يعمي ويصم عن تأمل قبائحه ومساوئه ، فلا تراها ولا تسمعها وإن كانت فيه "
وقال ثعلب في معناه : " يُعمي العين عن النظر إلى مساوئه ، ويُصم الأذن عن استماع العدل فيه "
وقد بيَّن العلماء عِظَم تأثير مَحبة القائل وتعظيمه وتوقيره عند مُحبيه في رواج مقولته وإن كانت باطلة.
قال القبلي : " فإن النَّاس يدورون ما يقوم به الوقت من حدوث مقالة يوطئها شيخ قد ابتلى بالقبول فيهم "
ولذلك نصح العلماء المُحققون من ابتلى بشيء من ذلك ، وجرَّه حبُّه وتَعصُّبه لقبول القول المرجوح أو الخاطىء بسبب صدوره ممَّن يُحبه ويُعظِّمه ، أن يتجرَّد وأن ينظر في المقول دون معرفة قائله .
قال العلامة محمَّد الأمين الشنقيطي رحمه الله : " ونُرجح ما ظهر لنا أنه الرَّاجح بالدليل من غير تعصب لمذهب معيَّن ، ولا قول قائل معيَّن ، لأننا ننظر إلى ذات القول لا إلى قائله "
ومن الأسباب المعينة على عدم الانصياع وراء هذا الصارف : هو العلم أن ذلك الفعل أو القول أو الاعتقاد الباطل إن كان انتحله من يُقتدى به ، فالمخالفون له إن لَمْ يكونوا أفضل منهم فليسوا بدونِهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رادًّا على من يَحتجُّ بفعل بعض المجتهدين في النبيذ والرِّبا :" يُقال على سبيل التفصيل : إذا فعلها قوم ذوو فضل ودين ، فقد تركها في زمان هؤلاء معتقدًا لكراهتها وأنكرها قوم إن لم يكونوا أفضل ممَّن فعلها فليسوا دونَهم ، ولو كانوا في الفضل فقد تنازع فيها أولو الأمر ، فتُرد إلى الله والرسول "
والبعض يستولى عليه ما يعرفه من قائل القول فيحمله ما يعلمه عن الإمام ونبوغه وتضلُّعه من العلوم وموافقته للحقّ في كثير أحيانه ، فيتشبث بقوله ، ويكون بصره كالغشاوة تَحجبه عن الانصاف والتجرد في حال النظر في قول الإمام.
قال الشوكاني : " ذلك لأن أذهانهم قد تصورت من يقتدون به تصورًا عظيمًا بسبب تَقدُّم العصر ، وكثرة الأتباع ، وما علموا أن هذا منقوص عليهم مدفوع به في وجوههم ، فإنه لو قيل لَهم : إن في التابعين من هو أعظم قدرًا من صاحبكم علمًا وفضلاً وجلاله قدر ، فإن أبيتم ذلك ، فهأنا أدلُّكم على من هو أعظم قدرًا وأَجَلّ خطرًا ، وأكثر أتباعًا وأقدم عصرًا ، وهو محمد بن عبد الله نبينا ونبيكم ورسول الله إلينا وإليكم "
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله في فوائد معرفة المَقول دون قائله : " من فوائد ذلك : أن الأقوال التى يراد المقابلة بينها ، ومعرفة راجحها من مرجوحها أن يقطع الناظر والمناظر النظر عن القائلين ، فإنه ربَّما كان ذكر القائل مغترًّا عن مُخالفته ، وتوجب له الْهَيبة أن يكفَّ عن قولٍ ينافي ما قاله "
وهذا هو العدل والانصاف ، خلافًا لِمن يرى أن الحق لا يَخرج عن اختيار إمامه وشيخه مطلقًا ، ويتمثل بقول الشاعر :
إذا قالت حذام فصدقوها /// فإنَّ القول ما قالت حذام
ولذلك فإن المبطلين يُبادرون من ينكر باطلهم بذكر قائله ، فيغترون إليه ، ويضربون بذكره ما يُذكر لهم من الذكر الحكيم.
{ منقول }