باهي جمال
2014-03-05, 22:14
الموضوعية
جوابا على استشكال الأخ باهي جمال كثرة تعصُّب من يعتبرون أنفسهم طلبة علم
الموضوعية ليست رفاهية الباحث بل هي رياضة عقلية وقلبية يجبر عليها نفسه كأشد ما يجبر العارف نفسه و بدنه بمستلزمات السلوك وموافقة الإرادة الشرعية.
إننا نريد أن نشقَّ لأمَّتنا طريقا إلى العلياء، ولسنا ملزمين أن نعبَّده، فهذا يفعله غيرنا، وهو ربَّما لا يزال ـ الآن ـ بعيدا عنَّا؛ وإذًا فاستعد لتتلقى بوجهك كل شظايا الصُّخور و الأشجار التي سدَّت من قرون الطَّريق.
أمَّا إن كنت تريد أن تكون شيخا متبوعا، له جماهير تجادل و تتعارك باسمه،وتتغذى نفسه على الهتافات و التزكيات و المدائح ،يخشى من مخالفتها أن يزول جاهه، و تولي أيام سعدِه،فلا يبيع كتبا كثيرة يتربح بها قُوته ،ويصير مجلسه أطلالا بعد أن كان عامرا بالمحبِّين، فجار التيَّار، و امش تحت الجدار، وقبِّل أقدام المصالح، وأيدي الشيوخ الملوك،ملوك الشهرة، باعة التزكيات.
لتكون صريحا مقداما لا تخشى في الله لومة لائم ،صادعا بالحق، تحتاج أن تعوِّد نفسك الاستئناس بالله و العزلة فرصة للعبادة و الخلوة مع الله، وجرعة يومية من اللامبالاة بآراء الدهماء، وقد يكرمك الله ببعض الأصحاب يغنوك بوفائهم عن البشر جميعا.
وتذكر: قد مات عبد الله بن مسعود مهجورا ،ومات أبو ذر مهجورا .
ومات البخاري مهجورا على مرمى حجر من قريته.
ومات محمد بن يحي المروزي مهجورا.
ومات ابن حزم مطارد مهجورا .
ومات ابن تيمية مسجونا بين أربعة جدران.
ومات ابن القيم محاصرا،و الطبري قبله مردوما،وأبو شامة و النسائي مطعونا.
هي أمةٌ لا ينهض بها الجبناء، ولا الأغبياء، ولا بائعي الذمم، ولا ساقطي الهمم.
أبناء الدين لنار الدنيا وقود، وفي عقود الخيانة بنود، وعلى أنهار الفتن سدود .
أوصيك بشيئين: مع كل حرف تكتبه ليقم في نفسك شاهدُ نيَّتك عليه.
وإن عدَّك كثيرون عدوًّا لهم فأنت ليس لك عدوٌّ منهم، أنت رجل ملَّة يقول لله، ويفعل لله، يريد أن يُخلِّص أمَّته من شوائب الدهور لتخرج من القبور و تعتلي القصور.
العبد حر ما قنع ...... و الحر عبد ما طمع
لعل القارئ النابه العالم بأحوال المسلمين في خطابهم العام يلاحظ وجود ظاهرة التحيز فيهم بقوة،و أنها عموما تقوم على قاعدة العرب في الجاهلية :"كذَّاب ربيعة أفضل من صادق مضر".
مما يعني غياب الروح العلمية، و ضيق الأفق و عدم الهدف الحقيقي لدى هذه الفئة من المسلمين، هذا الهدف الذي يجب أن يكون الحقيقة الشرعية وحدها.
هناك علماء و مفكرون يتمتعون بمنهجية علمية مقبولة ولكن الكلام هنا على سبيل العموم (الأكثرية)، و الظاهر الغالب أن أكثريتنا غارق في الطائفية و التعصب لجماعته و مذهبه، و أحيانا لخياله و أوهامه المتكلسة، و كما يقال عندنا:"يد واحدة لا تصفق".
الروح العلمية تقتضي أن يخدم العلم الحقيقة العلمية الشرعية في الدين، و منافع الإنسان في الدنيا، سواء كانت منافع معنوية أو مادية، و قد شهد التاريخ الإسلامي اختلال الروح العلمية عند بعض العلماء، وهو ما أخبر عنه الشرع من توظيف بعض الناس علمهم لخدمة الظلمة أو المستبدين من الحكام، أو طلب الجاه و المال بالعلم،أو التعصب للمذهب.
وهكذا بدأ التعصب عندما بدأ العلماء يبحثون في مسألة من هو أعلم الأئمة الأربعة،وأكثرهم يقول فيها بغير علم أو لم يقدر على التخلص من عواطفه فهذا حال العلماء فكيف بحال العوام.
عندما قال الشافعي:سمعت من جابر الجعفي كلاما خشيت أن يسقط علينا السقف ،أدركت قوة تجرد السلف من مشاعرهم أثناء المباحثة العلمية ،فلو نبحث القضايا العلمية كما تبحث الرياضيات بدون أحكام مسبقة وبدون عواطف أو نتركها لمواضعها، نكون قد بلغنا مرحلة الانطلاق الفعلي في إعادة بناء صرح الإسلام العلمي.
لكن يجب أن نشهد أن بعضهم كان على مستوى وظيفة العلم ،ذكر المؤرخون أن شيوخ المذاهب الأربعة في زمن ابن الصباغ كانوا يجتمعون في الأعراس يتناظرون مع كل الود والاحترام لو سقط عليهم السقف لم يبق من يفتي الناس ،فيجب التفريق بين الدفاع عن المذهب ووجهة النظر بعلم وبين الدفاع عنها بالتعصب و العدوان على المخالف.
فالمشكل دائما من أنصاف العلماء هم سبب التعصب.
الموضوعية في الإسلام ليست كالموضوعية في الفكر الغربي من كل وجه، فلئن كانت الموضوعية في الفكر الغربي تقوم على ملاحظة الوقائع بدون حكم مسبق، فإن الموضوعية في الإسلام تقوم على ركنين اثنين:
الأول:هو اعتبار الحقيقة الموجودة كما هي موجودة بحيث ينظر إليها على ما هي عليه، وليس على حسب ما يرغب و يهوى، دون أن يتأثر بالآراء و الأحكام المسبقة إلا أن تكون وحيا .
و عليه؛ فإن النظر إلى الأشياء وفق ما ثبت عصمته:الكتاب و السنة و الإجماع لا يقدح في الموضوعية بشيء.
فالحقيقة الموجودة قد تكون مضادة للشريعة فتكون باطلة، فالحقيقة نوعان: حقيقة هي حق صحيح فهي لب الشريعة لا قسيمتها، و حقيقة باطلة مخالفة للشريعة.
فهذا التقسيم يخرجنا من دوامة التقسيمات المحدثة في الإسلام كتقسيم بعضهم أمور الدولة إلى سياسية و شرعية، و تقسيم آخرين الدين إلى شريعة و حقيقة، و تقسيم بعض النظار العلم إلى العقل و الشرع، فإنهم وجدوا أحوالا مخالفة للشرع، و لم يمكنهم صرف النظر عن مخالفتهم للشرع فجمعوا بينها بهذا التقسيم، لأنهم لم ينظروا في هذه الحقائق الموجودة هل هي موافقة للشرع أو مخالفة له، فليس مجرد كونها حقيقة موجودة يكسيها الشرعية.
ثانيا:توجيه النتيجة نحو الحق المقصود أي العمل على تقويم الحق الموجود و تصحيحه ليسير نحو التحول إلى الحق المقصود، فالحق الموجود قد يكون مقصودا إذا كان موافقا للإسلام و مبادئه، وقد لا يكون إن كان مخالفا له، ففي الحالة الثانية يتلخص عملنا في تحويله إلى الحق المقصود.
وهنا قد تكون الحقيقة الموجودة وسيلة لتحقيق الحقيقة المقصودة، فإن لم تكن الحقيقة الموجودة معارضة للشريعة تكون العبرة بتحقيق المقصود لا إلى ما ظهر به المقصود، وقد تكون الحقيقة الموجودة موافقة للشريعة، فتتخذ وسيلة لتحقيق مقصود مخالف للشرع،كما هو الحال بالنسبة لبعض الجماعات تنطلق من حق موجود يمثل التدهور و البعد عن الدين، وبعض مظاهر الظلم و الفجور لتحقيق مقصود مخالف للشرع، فهنا العبرة بالحقيقة المقصودة ، لا بالوسائل المطلوبة لغيرها،أي مجرد كون الوسائل شرعية لا يعني شرعية المقصود.
مشكلة النت كثرة الدهماء فاصبر عليهم.
جوابا على استشكال الأخ باهي جمال كثرة تعصُّب من يعتبرون أنفسهم طلبة علم
الموضوعية ليست رفاهية الباحث بل هي رياضة عقلية وقلبية يجبر عليها نفسه كأشد ما يجبر العارف نفسه و بدنه بمستلزمات السلوك وموافقة الإرادة الشرعية.
إننا نريد أن نشقَّ لأمَّتنا طريقا إلى العلياء، ولسنا ملزمين أن نعبَّده، فهذا يفعله غيرنا، وهو ربَّما لا يزال ـ الآن ـ بعيدا عنَّا؛ وإذًا فاستعد لتتلقى بوجهك كل شظايا الصُّخور و الأشجار التي سدَّت من قرون الطَّريق.
أمَّا إن كنت تريد أن تكون شيخا متبوعا، له جماهير تجادل و تتعارك باسمه،وتتغذى نفسه على الهتافات و التزكيات و المدائح ،يخشى من مخالفتها أن يزول جاهه، و تولي أيام سعدِه،فلا يبيع كتبا كثيرة يتربح بها قُوته ،ويصير مجلسه أطلالا بعد أن كان عامرا بالمحبِّين، فجار التيَّار، و امش تحت الجدار، وقبِّل أقدام المصالح، وأيدي الشيوخ الملوك،ملوك الشهرة، باعة التزكيات.
لتكون صريحا مقداما لا تخشى في الله لومة لائم ،صادعا بالحق، تحتاج أن تعوِّد نفسك الاستئناس بالله و العزلة فرصة للعبادة و الخلوة مع الله، وجرعة يومية من اللامبالاة بآراء الدهماء، وقد يكرمك الله ببعض الأصحاب يغنوك بوفائهم عن البشر جميعا.
وتذكر: قد مات عبد الله بن مسعود مهجورا ،ومات أبو ذر مهجورا .
ومات البخاري مهجورا على مرمى حجر من قريته.
ومات محمد بن يحي المروزي مهجورا.
ومات ابن حزم مطارد مهجورا .
ومات ابن تيمية مسجونا بين أربعة جدران.
ومات ابن القيم محاصرا،و الطبري قبله مردوما،وأبو شامة و النسائي مطعونا.
هي أمةٌ لا ينهض بها الجبناء، ولا الأغبياء، ولا بائعي الذمم، ولا ساقطي الهمم.
أبناء الدين لنار الدنيا وقود، وفي عقود الخيانة بنود، وعلى أنهار الفتن سدود .
أوصيك بشيئين: مع كل حرف تكتبه ليقم في نفسك شاهدُ نيَّتك عليه.
وإن عدَّك كثيرون عدوًّا لهم فأنت ليس لك عدوٌّ منهم، أنت رجل ملَّة يقول لله، ويفعل لله، يريد أن يُخلِّص أمَّته من شوائب الدهور لتخرج من القبور و تعتلي القصور.
العبد حر ما قنع ...... و الحر عبد ما طمع
لعل القارئ النابه العالم بأحوال المسلمين في خطابهم العام يلاحظ وجود ظاهرة التحيز فيهم بقوة،و أنها عموما تقوم على قاعدة العرب في الجاهلية :"كذَّاب ربيعة أفضل من صادق مضر".
مما يعني غياب الروح العلمية، و ضيق الأفق و عدم الهدف الحقيقي لدى هذه الفئة من المسلمين، هذا الهدف الذي يجب أن يكون الحقيقة الشرعية وحدها.
هناك علماء و مفكرون يتمتعون بمنهجية علمية مقبولة ولكن الكلام هنا على سبيل العموم (الأكثرية)، و الظاهر الغالب أن أكثريتنا غارق في الطائفية و التعصب لجماعته و مذهبه، و أحيانا لخياله و أوهامه المتكلسة، و كما يقال عندنا:"يد واحدة لا تصفق".
الروح العلمية تقتضي أن يخدم العلم الحقيقة العلمية الشرعية في الدين، و منافع الإنسان في الدنيا، سواء كانت منافع معنوية أو مادية، و قد شهد التاريخ الإسلامي اختلال الروح العلمية عند بعض العلماء، وهو ما أخبر عنه الشرع من توظيف بعض الناس علمهم لخدمة الظلمة أو المستبدين من الحكام، أو طلب الجاه و المال بالعلم،أو التعصب للمذهب.
وهكذا بدأ التعصب عندما بدأ العلماء يبحثون في مسألة من هو أعلم الأئمة الأربعة،وأكثرهم يقول فيها بغير علم أو لم يقدر على التخلص من عواطفه فهذا حال العلماء فكيف بحال العوام.
عندما قال الشافعي:سمعت من جابر الجعفي كلاما خشيت أن يسقط علينا السقف ،أدركت قوة تجرد السلف من مشاعرهم أثناء المباحثة العلمية ،فلو نبحث القضايا العلمية كما تبحث الرياضيات بدون أحكام مسبقة وبدون عواطف أو نتركها لمواضعها، نكون قد بلغنا مرحلة الانطلاق الفعلي في إعادة بناء صرح الإسلام العلمي.
لكن يجب أن نشهد أن بعضهم كان على مستوى وظيفة العلم ،ذكر المؤرخون أن شيوخ المذاهب الأربعة في زمن ابن الصباغ كانوا يجتمعون في الأعراس يتناظرون مع كل الود والاحترام لو سقط عليهم السقف لم يبق من يفتي الناس ،فيجب التفريق بين الدفاع عن المذهب ووجهة النظر بعلم وبين الدفاع عنها بالتعصب و العدوان على المخالف.
فالمشكل دائما من أنصاف العلماء هم سبب التعصب.
الموضوعية في الإسلام ليست كالموضوعية في الفكر الغربي من كل وجه، فلئن كانت الموضوعية في الفكر الغربي تقوم على ملاحظة الوقائع بدون حكم مسبق، فإن الموضوعية في الإسلام تقوم على ركنين اثنين:
الأول:هو اعتبار الحقيقة الموجودة كما هي موجودة بحيث ينظر إليها على ما هي عليه، وليس على حسب ما يرغب و يهوى، دون أن يتأثر بالآراء و الأحكام المسبقة إلا أن تكون وحيا .
و عليه؛ فإن النظر إلى الأشياء وفق ما ثبت عصمته:الكتاب و السنة و الإجماع لا يقدح في الموضوعية بشيء.
فالحقيقة الموجودة قد تكون مضادة للشريعة فتكون باطلة، فالحقيقة نوعان: حقيقة هي حق صحيح فهي لب الشريعة لا قسيمتها، و حقيقة باطلة مخالفة للشريعة.
فهذا التقسيم يخرجنا من دوامة التقسيمات المحدثة في الإسلام كتقسيم بعضهم أمور الدولة إلى سياسية و شرعية، و تقسيم آخرين الدين إلى شريعة و حقيقة، و تقسيم بعض النظار العلم إلى العقل و الشرع، فإنهم وجدوا أحوالا مخالفة للشرع، و لم يمكنهم صرف النظر عن مخالفتهم للشرع فجمعوا بينها بهذا التقسيم، لأنهم لم ينظروا في هذه الحقائق الموجودة هل هي موافقة للشرع أو مخالفة له، فليس مجرد كونها حقيقة موجودة يكسيها الشرعية.
ثانيا:توجيه النتيجة نحو الحق المقصود أي العمل على تقويم الحق الموجود و تصحيحه ليسير نحو التحول إلى الحق المقصود، فالحق الموجود قد يكون مقصودا إذا كان موافقا للإسلام و مبادئه، وقد لا يكون إن كان مخالفا له، ففي الحالة الثانية يتلخص عملنا في تحويله إلى الحق المقصود.
وهنا قد تكون الحقيقة الموجودة وسيلة لتحقيق الحقيقة المقصودة، فإن لم تكن الحقيقة الموجودة معارضة للشريعة تكون العبرة بتحقيق المقصود لا إلى ما ظهر به المقصود، وقد تكون الحقيقة الموجودة موافقة للشريعة، فتتخذ وسيلة لتحقيق مقصود مخالف للشرع،كما هو الحال بالنسبة لبعض الجماعات تنطلق من حق موجود يمثل التدهور و البعد عن الدين، وبعض مظاهر الظلم و الفجور لتحقيق مقصود مخالف للشرع، فهنا العبرة بالحقيقة المقصودة ، لا بالوسائل المطلوبة لغيرها،أي مجرد كون الوسائل شرعية لا يعني شرعية المقصود.
مشكلة النت كثرة الدهماء فاصبر عليهم.