المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ايها الولد المحب


حازم312
2009-07-07, 13:18
أيها الولد:
من جملة ما نصح به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) امته قوله عليه الصلاة والسلام : "علامة إعراض الله تعالي عن العبد اشتغاله بما لا يعنيه وإن امرئ ذهبت ساعة من عمره في غير ما خلق له من العبادة لجدير أن تطول عليه حسرته ومن جاوز الأربعين ولم يغلب خيره على شره فليتجهز إلى النار". وفي هذه النصيحة كفاية لأهل العلم.


أيها الولد:
النصيحة سهلة والمشكل قبولها لأنها في مذاق متبعي الهوى مرة. إذ المناهي محبوبة في قلوبهم وعلى الخصوص لمن طالب العلم الرسمي ومشتغلا في فضل النفس ومناقب الدنيا فإنه يحسب أن العلم المجرد له سيكون نجاته وخلاصه فيه وأنه مستغن عن العمل وهذا اعتقاد الفلاسفة. سبحان الله العظيم ! لا يعلم هذا المغرور أنه حين حصل العلم إذا لم يعمل به تكون الحجة عليه آكد كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لا ينفعه الله بعلمه". وروي أن الجنيد ’روي في المنام بعد موته فقيل له: ما الخبر يا أبا القاسم ؟ قال: "طاحت تلك العبارات وفنيت تلك الإشارات وما نفعنا إلا ’ركيعات ركعناها في جوف الليل".

أيها الولد:
مالم تعمل لم تجد الأجر. حكي أن رجلا من بني إسرائيل عبد الله تعالى سبعين سنة فأراد الله تعالى أن يجلوه على الملائكة فأرسل الله إليه ملكا يخبره أنه مع تلك العبادة لا يليق به دخول الجنة فلما بلغه قال العابد: نحن خلقنا للعبادة فينبغي لنا أن نعبده. فلما رجع الملك قال: إلهي أنت أعلم بما قال. فقال الله تعالى: "إذا هو لم يعرض عن عبادتنا فنحن مع الكرام لا نعرض عنه إشهدوا يا ملائكتى أني قد غفرت له".

أيها الولد:
كم من ليال أحييتها بتكرار العلم ومطالعة الكتب وحرمت علي نفسك النوم؟ لا أعلم ما كان الباعث فيه. إن كان نيل عرض الدنيا وجذب حطامها وتحصيل مناصبها والمباهاة علي الأقران والأمثال فويل لك ثم ويل لك. وإن كان قصدك فيه إحياء شريعة النبي (صلى الله عليه وسلم) وتهذيب أخلاقك وكسر النفس الأمارة بالسوء فطوبي لك ثم طوبي لك. ولقد صدق من قال شعرا :
سهر العيون لغير وجهك ضائع وبكاؤهن لغير فقدك باطل


أيها الولد:
العلم بلا عمل جنون والعمل بلا علم لا يكون. واعلم أن العلم الذي لا يبعدك اليوم عن المعاصي ولا يحملك على الطاعة لن يبعدك غدا عن نار جهنم وإذا لم تعمل بعلمك اليوم ولم تدارك الأيام الماضية تقول غدا يوم القيامة: "فأرجعنا نعمل صالحا". فيقال: "يا أحمق أنت من هناك تجيء".

أيها الولد:
خلاصة العلم أن تعلم الطاعة والعبادة ما هي. أعلم أن الطاعة والعبادة متابعة الشارع في الأوامر والنواهي بالقول والفعل. يعني: كل ما تقول وتفعل وتترك يكون بإقتداء الشرع كما لو صمت يوم العيد وأيام التشريق تكون عاصيا أو صليت في ثوب مغصوب وإن كانت صورة عبادة تأثم.

أيها الولد:
لا تناظر أحدا في مسألة ما استطعت لأن فيها آفات كثيرة فإثمها أكبر من نفعها إذ هي منبع كل خلق ذميم كالرياء والحسد والكبر والحقد والعداوة والمباهاة وغيرها. نعم لو وقع مسألة بينك وبين شخص أو قوم وكانت إرادتك فيها أن يظهر الحق ولا يضيع جاز البحث. لكن لتلك الإرادة علامتان:

أحداهما: ألا تفرق بين أن ينكشف الحق علي لسانك أو علي لسان غيرك.
والثانية: أن يكون البحث في الخلاء أحب إليك من أن يكون في الملا.

ثم اعلم أن مرض الجهل على أربعة أنواع:

(1) يقبل العلاج والباقي لا يقبل.
أما الذي لا يقبل العلاج كان اعتراضه عن حسده وبغضه فكلما تجيبه بأحسن الجواب وأفصحه وأوضحه فلا يزيد له ذلك إلا بغضا وعداوة وحسدا فالطريق ألا تشتغل بجوابه فقد قيل:


كل العداوة قد ترجي إزالتها إلا عداوة من عاداك عن حسد


فينبغي أن تعرض عنه وتتركه مع مرضه. قال الله تعالى: "فأعرض عمن تولي عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا". والحسود بكل ما يقول ويفعل يوقد النار في زرع عمله كما قال النبي (عليه الصلاة والسلام): "ألحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".

(2) أن تكون علته من الحماقة وهو أيضا لا يقبل العلاج.
كما قال عيسى (عليه السلام): "إني ما عجزت عن إحياء الموتى وقد عجزت عن معالجة الأحمق". وذلك رجل يشتغل بطلب العلم زمنا قليلا ويتعلم شيئا من العلم العقلي والشرعي فيسأل ويعترض من حماقته على العالم الكبير الذي مضى عمره في العلوم العقلية والشرعية وهذا الأحمق لا يعلم ويظن أن ما أشكل عليه هو ايضا مشكل على العالم الكبير. فإذا لم يعلم هذا القدر يكون سؤاله من الحماقة. فينبغي ألا تشتغل بجوابه.

(3) أن يكون مسترشدا.
وكل ما لا يفهم من كلام الأكابر يحمل على قصور فهمه وكان سؤاله للاستفادة لكن يكون بليدا لا يدرك الحقائق فلا ينبغي الاشتغال بجوابه ايضا كما قال رسول الله (صلي الله عليه وسلم): "نحن معاشر الأنبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم".

(4) أما المرض الذي يقبل العلاج فهو أن يكون مسترشدا عاقلا.
فهما لا يكون مغلوب الحسد والغضب وحب الشهرة والجاه والمال ويكون طالب الطريق المستقيم ولم يمن سؤاله واعتراضه عن حسد وتعنت وامتحان. وهذا يقبل العلاج فيجوز أن تشتغل بجواب سؤاله بل يجب عليك إجابته.

أيها الولد:
مما تدع هو أن تحذر من أن تكون واعظا ومذكرا لأن فيه آفة كثيرة إلا أن تعمل بما تقول أولا ثم تعظ به الناس. فتفكر فيما قيل لعيسى (عليه السلام): "يا ابن مريم عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستح من ربك".

أيها الولد:
مما تدع ألا تخالط الأمراء والسلاطين ولا تراهم لأن رؤيتهم ومجالستهم ومخالطتهم آفة عظيمة ولو ابتليت بها دع عنك مدحهم وثناهم لأن الله تعالى يغضب إذا مدح الفاسق والظالم. ومن دعا لطول بقائهم فقد أحب أن يعصى الله تعالى في أرضه

أيها الولد:
مما تدع ألا تقبل شيئا من عطاء الأمراء وهداياهم وإن علمت أنها من الحلال. لأن الطمع منهم يفسد الدين لأنه يتولد منه المداهنة ومراعاة جانبهم والموافقة في ظلمهم. وهذا كله فساد في الدين وأقل مضرته أنك إذا قبلت عطاياهم وانتفعت من دنياهم أحببتهم ومن أحب أحدا يحب طول عمره وبقائه بالضرورة وفي محبة الظالم إرادة في الظلم على عباد الله تعالى وإرادة خراب العالم. فأي شيء يكون أضر من هذا للدين والعاقبة؟

وإياك إياك أن يخدعك استهواء الشياطين أو قول بعض الناس لك بأن الأفضل والأولى أن تأخذ الدينار والدرهم منهم وتفرقهما بين الفقراء والمساكين فإنهم ينفقون في الفسق والمعصية وإنفاقك على ضعفاء الناس خير من إنفاقهم

أيها الولد:
إذا قرأت العلم أو طالعته ينبغي أن يكون علمك يصلح قلبك ويزكي نفسك كما لو علمت أن عمرك ما يبقى منه غير أسبوع فبالضرورة لا تشتغل فيها بعلم الفقه والأخلاق والأصول والكلام وأمثالها لأنك تعلم أن هذه العلوم لا تغنيك. بل تشتغل بمراقبة القلب ومعرفة صفات النفس والإعراض عن علائق الدنيا وتزكي نفسك عن الأخلاق الذميمة وتشتغل بمحبة الله تعالى وعبادته والاتصاف بالأوصاف الحسنة ولا يمر على عبد يوم وليلة إلا ويمكن أن يكون موته فيه.

أيها الولد:
لا تجمع من الدنيا أكثر من كفاية سنة كما كان سيدنا رسول الله (عليه الصلاة والسلام) يعد ذلك لبعض حجراته وقال: "أللهم اجعل قوت آل محمد كفافا". ولم يكن يعد ذلك لكل حجراته بل كان يعده لمن علم أن في قلبها ضعفا. وأما من كانت صاحبة يقين فما كان يعد لها أكثر من قوت يوم أو نصف.

---------------------------------------------------------------
مقتطفات من كتاب ------- ايها الولد المحب
---------------------------------------------------------------



من اعجيه الكتاب يبحث عنه على الشبكة فهو موجود
علما ان صاحبه صوفي و مجرح اي منتقد من علماء السلفية
----------------------------------------------و السلام عليكم -----------------

اسد الاسلام81
2009-07-07, 15:26
الله ينورك اخي على المجهود......بارك الله فيك...

ssousou
2009-07-07, 18:45
:19:مشكور نورتنا والله مشكور على الموضوع الجميل الله يخليك ديما منورنا ان شاء الله:19:

حازم312
2009-07-07, 21:54
شكرا على المرور و على الكلمات الطيبة

ssousou
2009-07-07, 22:24
شكرا على المرور و على الكلمات الطيبة
العفو اخي الكريم مشكور

علام10
2012-01-31, 21:05
رحمك الله يا شيخ ........كلام مشايخ والله !!!