أبوعبدالله
2007-08-31, 14:16
من مشكلات الشباب وكيف عالجها الإسلام للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
*************************************************
من مشكلات الشباب وكيف عالجها الإسلام
تأليف صالح بن فوزان الفوزان
تمهيد
بقلم معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
مدير الجامعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخاتم المرسلين وبعد : -
فإن السياسة التعليمية والإعلامية في المملكة تولي الشباب رعاية خاصة تنبثق من الإدراك الواعي للمرحلة الخطرة التي يمرون بها ابتداء من سن المراهقة إلى بلوغ سن الرشد وتخصص لهم البرامج المدروسة التي تعالج مشكلاتهم وتلبي حاجاتهم وتصونهم من كل انحراف وتعدّهم إعدادًا سليمًا قويًا في الدين والخلق والسلوك .
وإيمانًا من الجامعة بأن مهمتها لا تقتصر على القيام بواجبها نحو الشباب المنتسب لأحد معاهدها أو كلياتها فحسب بل لا بد أن يتعدى مقاعد الدراسة ليتصل بالشباب المسلم في مختلف أنحاء بلادنا وفي كافة الأقطار الإسلامية ومختلف المناطق التي يوجد فيها أبناء الإسلام وشبابه .
ومن أجل إمدادهم بالحقائق الواضحة عن الدين الحنيف ومحاولة إرشادهم للطريق القويم وكشف الشبهات التي يروجها أعداء الإسلام في محاولات دنيئة للتغرير بشبابنا وجرهم إلى طرق الانحلال والانحراف .
من أجل القيام بهذه الرسالة النبيلة والمشاركة في أداء الواجب ، قررت الجامعة إصدار هذه السلسلة من الكتب الموجهة إلى الشباب المسلمين بوجه خاص بأسلوب علمي مبسط وعرض مقنع يوضح صلاحية الإسلام لكل زمان وفي كل مكان وقدرته على حل مشكلات الإنسانية وتحقيق الخير للبشرية جمعاء وبسط العدل والسلام في أرجاء الدنيا . كما يلقي الضوء على بعض الشخصيات الإسلامية التي جاهدت في الله حق جهاده وكان لها دور ريادي في الدعوة إلى الله ونشر الإسلام والرد على خصومه ، وتفنيد مزاعمهم وكشف شبهاتهم . راجين من الله العلي القدير أن ينفع بهذا العمل وأن يحقق الهدف المأمول منه إنه سميع مجيب .
دكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي
مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
من مشكلات الشباب وكيف عالجها الإسلام
للدكتور صالح الفوزان
مدير المعهد العالي للقضاء
تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بعثه بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا ، فبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد : فإن حديثي إليكم هذه الليلة في موضوع يهم جميع المسلمين ألا وهو موضوع الشباب ومشكلاته وما ينبغي أن يتخذ لتوجيهه ، ولا أقدر على توفية الموضوع حقه أو على الإلمام به وإنما هي محاولة أبدأ الحديث بها حسب استطاعتي وهي كالإشارة أو كالمنبه والله ولي التوفيق .
دور الشباب في الحياة
لا شك أيها الأخوة أن دور الشباب في الحياة دور مهم ، فهم إذا صلحوا ينهضون بأمتهم ويقومون بنشر دينهم والدعوة إليه ، لأن الله أعطاهم من القوة البدنية والقوة الفكرية ما يفوقون به على كبار السن وإن كان كبار السن يفضلونهم بالسبق والتجارب والخبرة ، إلا أن ضعف أجسامهم في الغالب وضعف قواهم لا يمكنهم مما يقوم به الشباب الأقوياء ومن هنا كان دور شباب الصحابة رضي الله تعالى عنهم الدور العظيم في نشر هذا الدين تفقهًا في دين الله وجهادًا في سبيله ، من أمثال عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وغيرهم من شباب الصحابة الذين نهلوا من العلم النافع وحفظوا لهذه الأمة ميراث نبيها صلى الله عليه وسلم وبلغوه . وإلى جانبهم القادة كخالد بن الوليد والمثنى بن حارثة الشيباني وغيرهم . كلهم أمة واحدة قاموا بأعباء واجبهم فأدوا دورًا كبيرًا تجاه دينهم وأمتهم ومجتمعهم لا تزال آثاره باقية إلى اليوم وستبقى بإذن الله ما بقي الإسلام ؛ وشباب هذا الوقت هم من ورثة أولئك إذا ما أحسنوا لأنفسهم وعرفوا مكانتهم وتحملوا أمانتهم ، فهم ورثة أولئكم الشباب الأقدمين ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، منهم شاب نشأ في عبادة الله .
توجيهات الرسول للشباب
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب فيقول صلى الله عليه وسلم لابن عباس : (( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله )) ويقول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وهو رديفه على حمار يا معاذ ، (( أتدري ما حق الله على العباد على الله ؟ )) إلى آخر الحديث . ويقول صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة ربيبه وهو طفل صغير لما أراد أن يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم وجالت يده في الصفحة أمسك النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال : (( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يلك )) فهذه توجيهات من النبي صلى الله عليه وسلم يوجهها لطفل ليغرس في قلبه هذه الآداب العظيمة وهذا مما يدل على أهمية توجيه الشباب نحو الخير ومسئولية الكبار نحوهم .
العناية بالشباب
وديننا الإسلامي اهتم بتنشئة الشباب اهتمامًا بالغًا لأنهم هم الرجال في المستقبل وهم الذين سيخلفون آباءهم ويرثونهم ويقومون بدورهم في الحياة . فمن توجيهات الإسلام إلى العناية بالشباب :
أولاً : اختيار الزوجة الصالحة التي هي منبت الأولاد وهي موضع الحرث الذي ينبت فيه الأولاد . فالنبي صلى الله عليه وسلم حثنا على اختيار الزوجة الصالحة وقال صلى الله عليه وسلم : (( اظفر بذات الدين تربت يداك )) لأن الزوجة الصالحة إذا رزق الله الزوج منها أولادًا فإنها توجههم وتقوم بدورها نحوهم من طفولتهم . هذا من توجيهات الإسلام نحو الشباب .
ثانيًا : ومن توجيهات الإسلام نحو المولود أول ما يولد أن يختار والده الاسم الحسن ، لأن الاسم الحسن له معنى وله مدلول . فالنبي صلى الله عليه وسلم حث على أن يختار الأب لولده اسمًا حسنًا وأن يبتعد عن الأسماء المكروهة أو الأسماء التي تدل أو تشتمل على معان غير لائقة .
ثالثًا : ومن توجيهات الإسلام نحو الشباب أن وجه آباءهم إلى أن يعقوا عنهم ، أي يذبحوا عنهم العقيقة ؛ لأنها سنة مؤكدة ولها تأثير طيب على الطفل وهي ليست لمجرد تحصيل اللحم والفرح . وهذا مما يدل على عناية الإسلام بالشباب أول نشأتهم .
رابعًا : ومن عناية الإسلام بالشباب الاهتمام بتربيتهم إذا بلغوا سن التمييز وصار عندهم الإدراك فحينئذ يُبدأ بتوجيههم إلى الدين يقول صلى الله عليه وسلم : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع )) وهذا مما يدل على أن الإسلام يهتم بالشباب ويتطور معهم في التوجيه من سن إلى أخرى حسب استطاعتهم ومداركهم . كذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )) فالمولود يولد على الفطرة وهذه الفطرة إذا ما حافظ عليها أبواه ووجهاها إلى الخير اتجهت نحو الخير لأنها تربة صالحة ، أما إذا انحرف الأبوان في تربية الطفل فإن فطرته تفسد وتنحرف بحسب تربية الوالد ، فإن كان الوالد يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا نشأ الطفل على هذه الديانة الخبيثة وفسدت فطرته ، أما إذا كان أبواه مسلمًا صالحًا فإنه يحافظ على هذه الفطرة التي أودعها الله في هذا الطفل وينميها ويزكيها ويتعاهدها .
خامسًا : ومما يدل على الاهتمام بأمر الشباب من سن مبكرة أن الله تعالى أمر الولد حينما يدرك الكبرُ والداه أو أحدهما أن يحسن إليهما أو إلى الموجود منهما وأن يتذكر تربيتهما له يوم أن كان صغيرًا .(( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) .
وموضع الشاهد من الآيتين هو :
قوله تعالى : (( كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) فتربية الوالدين لولدهما نعمة وإحسان إليه يجب أن يكافئ عليه والديه . وليس المراد بالتربية التربية الجسمية فقط التي هي عبارة عن توفير الطعام والشراب هذه تربية بهيمية إن اقتصر عليها ، لكن الأهم من ذلك التربية المعنوية التي هي المحافظة على فطرته السليمة وتوجيهها إلى الخير وغرس الخير في نفسه وتنشئته على الخير ، هذه هي التربية المفيدة التي تبقى آثارها على المولود وتنمو معه وتصاحبه ، أما التربية الجسمية فقط فهذه أقرب إلى إفساده منها إلى إصلاحه ؛ لأن الطفل إذا أغدق عليه الطعام والشراب والشهوات وأهمل جانب التربية الصحيحة فإن ذلك مما يدعون إلى أن ينشأ نشأة بهيمية ، أما إذا ربي التربيتين التربية الجسمية لأن التربية الجسمية لا بد منها في حدود المعقول وفي حدود المشروع من غير إسراف ولا تبذير وإلى جانبها التربية المعنوية ، فإن ذلك هو الخير الكثير الذي يتذكره الولد عندما يدرك إحسان والديه إليه فيقول كما أمر الله : (( رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) .
*************************************************
من مشكلات الشباب وكيف عالجها الإسلام
تأليف صالح بن فوزان الفوزان
تمهيد
بقلم معالي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
مدير الجامعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخاتم المرسلين وبعد : -
فإن السياسة التعليمية والإعلامية في المملكة تولي الشباب رعاية خاصة تنبثق من الإدراك الواعي للمرحلة الخطرة التي يمرون بها ابتداء من سن المراهقة إلى بلوغ سن الرشد وتخصص لهم البرامج المدروسة التي تعالج مشكلاتهم وتلبي حاجاتهم وتصونهم من كل انحراف وتعدّهم إعدادًا سليمًا قويًا في الدين والخلق والسلوك .
وإيمانًا من الجامعة بأن مهمتها لا تقتصر على القيام بواجبها نحو الشباب المنتسب لأحد معاهدها أو كلياتها فحسب بل لا بد أن يتعدى مقاعد الدراسة ليتصل بالشباب المسلم في مختلف أنحاء بلادنا وفي كافة الأقطار الإسلامية ومختلف المناطق التي يوجد فيها أبناء الإسلام وشبابه .
ومن أجل إمدادهم بالحقائق الواضحة عن الدين الحنيف ومحاولة إرشادهم للطريق القويم وكشف الشبهات التي يروجها أعداء الإسلام في محاولات دنيئة للتغرير بشبابنا وجرهم إلى طرق الانحلال والانحراف .
من أجل القيام بهذه الرسالة النبيلة والمشاركة في أداء الواجب ، قررت الجامعة إصدار هذه السلسلة من الكتب الموجهة إلى الشباب المسلمين بوجه خاص بأسلوب علمي مبسط وعرض مقنع يوضح صلاحية الإسلام لكل زمان وفي كل مكان وقدرته على حل مشكلات الإنسانية وتحقيق الخير للبشرية جمعاء وبسط العدل والسلام في أرجاء الدنيا . كما يلقي الضوء على بعض الشخصيات الإسلامية التي جاهدت في الله حق جهاده وكان لها دور ريادي في الدعوة إلى الله ونشر الإسلام والرد على خصومه ، وتفنيد مزاعمهم وكشف شبهاتهم . راجين من الله العلي القدير أن ينفع بهذا العمل وأن يحقق الهدف المأمول منه إنه سميع مجيب .
دكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي
مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
من مشكلات الشباب وكيف عالجها الإسلام
للدكتور صالح الفوزان
مدير المعهد العالي للقضاء
تقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بعثه بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا ، فبلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد : فإن حديثي إليكم هذه الليلة في موضوع يهم جميع المسلمين ألا وهو موضوع الشباب ومشكلاته وما ينبغي أن يتخذ لتوجيهه ، ولا أقدر على توفية الموضوع حقه أو على الإلمام به وإنما هي محاولة أبدأ الحديث بها حسب استطاعتي وهي كالإشارة أو كالمنبه والله ولي التوفيق .
دور الشباب في الحياة
لا شك أيها الأخوة أن دور الشباب في الحياة دور مهم ، فهم إذا صلحوا ينهضون بأمتهم ويقومون بنشر دينهم والدعوة إليه ، لأن الله أعطاهم من القوة البدنية والقوة الفكرية ما يفوقون به على كبار السن وإن كان كبار السن يفضلونهم بالسبق والتجارب والخبرة ، إلا أن ضعف أجسامهم في الغالب وضعف قواهم لا يمكنهم مما يقوم به الشباب الأقوياء ومن هنا كان دور شباب الصحابة رضي الله تعالى عنهم الدور العظيم في نشر هذا الدين تفقهًا في دين الله وجهادًا في سبيله ، من أمثال عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وغيرهم من شباب الصحابة الذين نهلوا من العلم النافع وحفظوا لهذه الأمة ميراث نبيها صلى الله عليه وسلم وبلغوه . وإلى جانبهم القادة كخالد بن الوليد والمثنى بن حارثة الشيباني وغيرهم . كلهم أمة واحدة قاموا بأعباء واجبهم فأدوا دورًا كبيرًا تجاه دينهم وأمتهم ومجتمعهم لا تزال آثاره باقية إلى اليوم وستبقى بإذن الله ما بقي الإسلام ؛ وشباب هذا الوقت هم من ورثة أولئك إذا ما أحسنوا لأنفسهم وعرفوا مكانتهم وتحملوا أمانتهم ، فهم ورثة أولئكم الشباب الأقدمين ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، منهم شاب نشأ في عبادة الله .
توجيهات الرسول للشباب
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب فيقول صلى الله عليه وسلم لابن عباس : (( يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله )) ويقول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وهو رديفه على حمار يا معاذ ، (( أتدري ما حق الله على العباد على الله ؟ )) إلى آخر الحديث . ويقول صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة ربيبه وهو طفل صغير لما أراد أن يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم وجالت يده في الصفحة أمسك النبي صلى الله عليه وسلم بيده وقال : (( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يلك )) فهذه توجيهات من النبي صلى الله عليه وسلم يوجهها لطفل ليغرس في قلبه هذه الآداب العظيمة وهذا مما يدل على أهمية توجيه الشباب نحو الخير ومسئولية الكبار نحوهم .
العناية بالشباب
وديننا الإسلامي اهتم بتنشئة الشباب اهتمامًا بالغًا لأنهم هم الرجال في المستقبل وهم الذين سيخلفون آباءهم ويرثونهم ويقومون بدورهم في الحياة . فمن توجيهات الإسلام إلى العناية بالشباب :
أولاً : اختيار الزوجة الصالحة التي هي منبت الأولاد وهي موضع الحرث الذي ينبت فيه الأولاد . فالنبي صلى الله عليه وسلم حثنا على اختيار الزوجة الصالحة وقال صلى الله عليه وسلم : (( اظفر بذات الدين تربت يداك )) لأن الزوجة الصالحة إذا رزق الله الزوج منها أولادًا فإنها توجههم وتقوم بدورها نحوهم من طفولتهم . هذا من توجيهات الإسلام نحو الشباب .
ثانيًا : ومن توجيهات الإسلام نحو المولود أول ما يولد أن يختار والده الاسم الحسن ، لأن الاسم الحسن له معنى وله مدلول . فالنبي صلى الله عليه وسلم حث على أن يختار الأب لولده اسمًا حسنًا وأن يبتعد عن الأسماء المكروهة أو الأسماء التي تدل أو تشتمل على معان غير لائقة .
ثالثًا : ومن توجيهات الإسلام نحو الشباب أن وجه آباءهم إلى أن يعقوا عنهم ، أي يذبحوا عنهم العقيقة ؛ لأنها سنة مؤكدة ولها تأثير طيب على الطفل وهي ليست لمجرد تحصيل اللحم والفرح . وهذا مما يدل على عناية الإسلام بالشباب أول نشأتهم .
رابعًا : ومن عناية الإسلام بالشباب الاهتمام بتربيتهم إذا بلغوا سن التمييز وصار عندهم الإدراك فحينئذ يُبدأ بتوجيههم إلى الدين يقول صلى الله عليه وسلم : (( مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين ، وفرقوا بينهم في المضاجع )) وهذا مما يدل على أن الإسلام يهتم بالشباب ويتطور معهم في التوجيه من سن إلى أخرى حسب استطاعتهم ومداركهم . كذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )) فالمولود يولد على الفطرة وهذه الفطرة إذا ما حافظ عليها أبواه ووجهاها إلى الخير اتجهت نحو الخير لأنها تربة صالحة ، أما إذا انحرف الأبوان في تربية الطفل فإن فطرته تفسد وتنحرف بحسب تربية الوالد ، فإن كان الوالد يهوديًا أو نصرانيًا أو مجوسيًا نشأ الطفل على هذه الديانة الخبيثة وفسدت فطرته ، أما إذا كان أبواه مسلمًا صالحًا فإنه يحافظ على هذه الفطرة التي أودعها الله في هذا الطفل وينميها ويزكيها ويتعاهدها .
خامسًا : ومما يدل على الاهتمام بأمر الشباب من سن مبكرة أن الله تعالى أمر الولد حينما يدرك الكبرُ والداه أو أحدهما أن يحسن إليهما أو إلى الموجود منهما وأن يتذكر تربيتهما له يوم أن كان صغيرًا .(( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) .
وموضع الشاهد من الآيتين هو :
قوله تعالى : (( كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) فتربية الوالدين لولدهما نعمة وإحسان إليه يجب أن يكافئ عليه والديه . وليس المراد بالتربية التربية الجسمية فقط التي هي عبارة عن توفير الطعام والشراب هذه تربية بهيمية إن اقتصر عليها ، لكن الأهم من ذلك التربية المعنوية التي هي المحافظة على فطرته السليمة وتوجيهها إلى الخير وغرس الخير في نفسه وتنشئته على الخير ، هذه هي التربية المفيدة التي تبقى آثارها على المولود وتنمو معه وتصاحبه ، أما التربية الجسمية فقط فهذه أقرب إلى إفساده منها إلى إصلاحه ؛ لأن الطفل إذا أغدق عليه الطعام والشراب والشهوات وأهمل جانب التربية الصحيحة فإن ذلك مما يدعون إلى أن ينشأ نشأة بهيمية ، أما إذا ربي التربيتين التربية الجسمية لأن التربية الجسمية لا بد منها في حدود المعقول وفي حدود المشروع من غير إسراف ولا تبذير وإلى جانبها التربية المعنوية ، فإن ذلك هو الخير الكثير الذي يتذكره الولد عندما يدرك إحسان والديه إليه فيقول كما أمر الله : (( رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )) .