المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لِصُّ وفَصُّ..


الغزالي
2009-07-05, 10:01
فأما الفَصُّ فهو القطعة من حجر كريم، ولقيمتها الثمينة تزيّن بها الحلي، والسيوف، وأواني الملوك والأثرياء، وأنا لا أعني هذا الفصّ هنا؛ وإنما أعني فصّا ليس كأحد من الفصوص؛ أعني هذه الأرض المسماة "الجزائر"، التي صوّرها الله - عز وجل- فأحسن صُوَرَها، حتى قال فيها - مخاطبا لها - أحد أَبَرِّ أبنائها بها، وهو الإمام محمّد البشير الإبراهيمي: "إنه يعتقد أن في كل جزيرة قطعة من الحُسنِ، وفيك الحُسنُ جميعه، لذلك كنّ مفردات (*) وكنتِ جَمعا، فإذا قالوا: "الجزائر الخالدات" رجعنا فيك إلى توحيد الصفة وقلنا: "الجزائر الخالدة"، وليس بمستنكر أن تجمع الجزائر كلها في واحدة (1)".


وأما اللِّصُ فهو ذلك الشخص الذي سَفُلت همّته، وانعدمت ذمّته فمدّ يده إلى ما متع به غيره ليستحوذ عليه، ويدّعي - زورا وبهتانا ووقاحة - امتلاكه.

إن اللّص الذي أعنيه ليس شخصا واحدا، أو اثنين، أو ألفا.. ولكنني أعني "دولة" بذكرانها وإناثها، وسراتها وسُوقَتِها، وعسكرييها ومدنيّيها، وعلمائها وجهّالها، وهذه "الدولة" هي فرنسا التي "تُنَقنِقُ الدهر" زاعمة أنها هي التي علّمت البشرية معاني الشرف والنبل والمروءة، ولكنها ترفض - لحد الآن- أن تعترف بلصوصيتها، وتعتذر عنها، وتتوارى من سوء ماعملت؛ بل إنها - لوقاحتها التي لا مثيل لها- ترى تلك اللصوصية مجدا تتمجّد به، وشرفا تُفاخر به، وما أصدق المبعوث رحمة للعالمين، إذ يقول: "الناس معادن"، وما أبلغ شاعرنا العربي القائل: "وإنما الأمم الأخلاق.."، فلو كانت لهذا "اللص - الدولة" أخلاق لاعترف بجُرمه، واستغفر المسروق منه لذنبه، وأعاد المسروق لأهله، ولكن لأنه لا خَلاق له فقد أصدر برلمانه - الذي أحلّ له السرقة المجمع بين الأسوياء من البشر على حرمتها - قانونا في فبراير 2005 يزكّي السارق، ويزيّن له سوء عمله، ويعتبر ذلك كله "مِنّةً مَنَّ بها على المسروق منه...

زعمت "الدولة - اللص"، أو زعم "اللص - الدولة" أن غزو الجزائر كان ثأرا للكرامة الفرنسية التي أهانها الداي حسين عندما لطم ذلك "اللص - القنصل" المسمى ديفال، وهذه كذبة تضاف إلى تلك اللصوصية، لأن عيني "اللص" رنتا إلى الجزائر، وقلبه تعلّق بها، ولُعابه سال لها - حتى ابتلّ صدره- قبل حادثة المروحة بزمن طويل.

لقد شهدت "الدولة - اللص" على نفسها أن ملكها شارل التاسع أرسل في 11 ماي 1572 رسالة إلى سفيره - فرانسوا دو نواي- في استانبول يأمره فيها أن يعرض على السلطان العثماني مبلغا من المال في مقابل نزوله عن الجزائر، ليعين الملك الفرنسي عليها أخاه - دوق انجو- (الملك هنري الثالث فيما بعد).

قُوبل هذا الطلب، بالرفض، وربما احتقر المطلوبُ منه هذا الطالب، الذي أثبت بطلبه ذاك أنه "صَلقَع بَلقَع" من أية مروءة.

وإذا كان الملك شارل التاسع قد هلك ولم يحقق ما تمنّى؛ فقد ورّث من جاء بعده من الفرنسيين - أفرادا ومؤسسات- تلك الأمنية، التي لم تبرح خيالهم حتى نالوها في مثل هذه الأيام من سنة 1830.

لقد وضع الفرنسيون عدة مخططات، وقدموا عدة مقترحات للطريقة التي يستولون بها على الجزائر، ومن هذه المخططات مخطط دو كيرسي (782 و1791)، ومخطط فرانسوا فيليب لوماي (F.Ph. Le May) (1800)، ومخططا ديبوا ثانفيل (1801 و 1809)، ومخطط جان بون سانت - أندري، ومخطط تيدِينَا (1802)، ومخطط بيير هيلان P.Hulin (1802)، ومخطط بوتان (1808)، ومخطط بيير ديفال (1819 - 1827)، ولا تسأل عن عدد الحملات العسكرية التي سَيَّرتها فرنسا ضد الجزائر للاستيلاء عليها (2).

إن هذه الحملات والمخططات الكثيرة التي نفذت ووضعت قبل حادثة المروحة في 1827 تبرهن أن "اللصوصية" و"الطمع" قد استحوذا على قلوب الفرنسيين وعقولهم.

لقد سجل التاريخ أن آباءنا لم يثّاقلُوا إلى الأرض، ولم يقعدوا عن الجهاد، بل نفروا خفافا وثقالا، نساء ورجالا، شيوخا وأطفالا، ركبانا ورجالا دفعا لذلك اللص عن هذا الفص، واستمر دفاعهم الشريف قرنا واثنتين وثلاثين سنة، قال مفدي زكريا:

مضت مائة وثلاثون عاما نذود، ونأنف أن نُهزَمَا

صعدنا نقاوم شرقا وغربا ونجعل أرواحنا سُلّما

وللحقيقة والتاريخ فإن ذلك اللص قَدَرَ هذا الفصّ حق قدره ومقداره العظيم، فاستمات حرصا عليه، وبذل مُهَجَ أبنائه للاستحواذ عليه، فقد اعترف أحد أبناء ذلك اللص أن الجزائر "كلفتنا تضحيات كثيرة (3)"، وأنها "تحتل في حياتنا القومية أهمية لامجال للموازنة بينها وبين بقية البلاد التي كانت تابعة لنا (4)".

لقد بلغ تقدير أحد أكابر أبناء ذلك اللص- وهو الجنرال جُوهُو- لهذا الفص إلى تَوصِية بطانته بإحضار كَمْشةٍ من تراب الجزائر لتُقْبَرَ معه عندما يَهلِك.

وللحقيقة والتاريخ أيضا فإن ثلة من "أبناء" هذا الفص العاقِّينَ له، قُدِّر لهم أن يتولوا مسؤوليات كبرى فيه، ولكنهم كانوا أجهل الناس بقيمته، وأزهد الناس فيه، فعاثوا فيه فسادا عندما كانوا في المسؤولية، فلما زُحزِحُوا عنها تولُوا عنه، واتخذوه مهجورا، وقد استنكفوا أن يكتفوا بحمل جنسية هذا الوطن الغالي الذي أرخصوه بسفاهتهم، ولطخوه بوساختهم، فاتخذوا لهذه الجنسية الحرة ضرَّة، حيث أوردت جريدة "الشروق اليومي" أن "60٪ من "إطارات" الدولة الجزائرية مزدوجو الجنسية (5)".

إنني أحتمل، بل أتشرف بالعيش في هذا الوطن الغالي، ولو لم أملك منه شبرا، ولا أسعد فيه ولو سكنتُ قصرا، مادام يوجد فيه هؤلاء مزدوجو الخيانة.

إن آباءنا الشرفاء - بالرغم مما كانوا يعانونه من جوع وعري- كانوا معتزين بوطنهم، فخورين به، واستنكفوا أن يحملوا طوعا الجنسية الفرنسية، فما بال هؤلاء صغار النفوس، عديمي الهمم، خَرِبي الذِّمم يأكلون غلتنا، ويلهثون وراء جنسية عدونا؟ إنهم مرضى بما سماه أحد الشرفاء: "أَنِيميَا وطنية".

أمَّا أنا، ومن هم على ملتي واعتقادي، فإننا نردد مع إمام الجزائر لحمل البشير الإبراهيمي قسمه للجزائر، القائل: "ويمينا لو تبرّجت لي المواطن في حُلَلِها، وتطامنت لي الجبال بقُلَلِهَا لتَفْتِنَنِي عنك لما رأيت لك عديلا، ولا اتخذت بك بديلا ." (6)

أنزل الله - البر الكريم- شآبيب رحمته على أرواح شهدائنا الميامين في الأولين والآخرين، وبارك في أعمار المجاهدين الصادقين، ولَعَنَاته على الخائنين في كل وقت وحين إلى يوم الدين.

------------------------

الهوامش:

(*) - يقال جزيرة العرب، وجزيرة مدغشقر... والجزائر الخالدات هي التسمية العربية لجزر الكناري.

1- آثار الإمام الإبراهيمي. ج4 . ص 183.

2- عن هذه المخططات انظر: الغالي غربي (وآخرين):العدوان الفرنسي على الجزائر، المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية.. صص 67 - 77.

3- 4) الجنرال دوغول: مذكرات الأمل. ص49.

5- جريدة الشروق اليومي في 29 / 6 / 2009 ص5.

6- الإمام الإبراهيمي 4 / 184

محمد الهادي الحسني ــ جريدة الشروق اليومي
01 ــ 07 ــ 2009

يوسُف سُلطان
2009-07-05, 11:52
لفت انتباهي هذا العنوان السجّيع .....واتذكر تماما اني اطلعت عليه قبلا ..وتذكرت غير تمام ان ذلك كان باحدى الجرائد التي اتناولها صباحا قبل قراءة القهوة ..
ولكن ذكرك المرجع اتم معاني النقصان بذاكرتي
استاذنا الغالي ..ابو محمد...السلام وبعد
لفت انتباهي اكثر ان اسمك لازمه بطرحه بالمنتدى
اطفو بالموضوع على غير عمق ...واقرا افكارا التاريخ القريب الذي شهدته ...لان البعيد ليس لي فيه علة تاركه انا لمن يكبرني بالعلم والسن والقسم ....وهم كثرمن غير قلة ....
ان ما اراه منسجما محيطا بكل ما تقدم من رؤى وما سبق من تلوين ..وتعتيم ....اني قرات معلومة رقمية ...اعتقد انها جاءت في جريدة اخرى غير التي تدمنها ...
حاصل الارقام هاته بعد ان اكتبها حروفا تتكلم ...تقول ...ان ثلاثة الاف ومئتي مليار معرفة بالالف وباللام -غير الف ولام التعريف- (و من المال وليس من سكان الكرة..او عمرها) يكفي لدفع رواتب عمالنا الاوفياء لمدة خمس واربعين سنة .........وتوقع كم علامة تعجب قد ترضي عجبنا بعد هذا ...
مما جاء بالافكار اللحظة ...ولنا عودة كلما خلت الافكار من الشوائب ..

بورمله
2009-07-05, 13:37
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقال فاقد الشئ لا يعطيه، ولكن احسن من يقدر قيمة الشئ هما ثنان السارق والمعدوم، ونحن والحمد لله لا نسرق انفسنا ، فالفص فصنا ولكن عدمناه ، فنعرف قيمته كما عرفها ابائنا وابائهم و اباء ابائهم من قبل .
ولكن ماذا نفعل اذا كان السارق مارق ، فقد حسبنا اننا انتزعنا منه الفص ، ولحسن نيتنا ارجعنا له الفص دون ايشقى هذه المرة ، فقد ترك فينا ابناء رباهم كما يريد ، فاستامناهم على الفص ،فحرمونا منه .
و لقدعنونة موضوعك سابقا بسؤال ، ولا اظن انك طرحت السؤال اعتباطا ،ولكن لحاجة تحس بها ونحسها نحن معك ،و لا اريد ان استطرد فى هذا الموضوع
فمعدرة
تحيتى

tarekkk
2009-07-05, 13:44
نقلك خويا انا والله مافهمت الموضوع مليح مي
شكرا ليك وربي يحفظك وسلامي ليك

يوسُف سُلطان
2009-07-05, 14:27
قال احمد مطر متحسرا متهكما ...على من اناخوا انوفنا ..
تصدير واستيراد
حلب البقال ضرع البقره.
ملأ السطل... وأعطاها الثمن.
قبلت ما في يديها شا كرة.
لم تكن قد اكلت منذ زمن.
قصدت دكانه
مدت يدها بالذي كان لديها..
واشترت كوب لبن ..

الغزالي
2009-07-05, 23:28
لفت انتباهي هذا العنوان السجّيع .....واتذكر تماما اني اطلعت عليه قبلا ..وتذكرت غير تمام ان ذلك كان باحدى الجرائد التي اتناولها صباحا قبل قراءة القهوة ..
ولكن ذكرك المرجع اتم معاني النقصان بذاكرتي
استاذنا الغالي ..ابو محمد...السلام وبعد
لفت انتباهي اكثر ان اسمك لازمه بطرحه بالمنتدى
اطفو بالموضوع على غير عمق ...واقرا افكارا التاريخ القريب الذي شهدته ...لان البعيد ليس لي فيه علة تاركه انا لمن يكبرني بالعلم والسن والقسم ....وهم كثرمن غير قلة ....
ان ما اراه منسجما محيطا بكل ما تقدم من رؤى وما سبق من تلوين ..وتعتيم ....اني قرات معلومة رقمية ...اعتقد انها جاءت في جريدة اخرى غير التي تدمنها ...
حاصل الارقام هاته بعد ان اكتبها حروفا تتكلم ...تقول ...ان ثلاثة الاف ومئتي مليار معرفة بالالف وباللام -غير الف ولام التعريف- (و من المال وليس من سكان الكرة..او عمرها) يكفي لدفع رواتب عمالنا الاوفياء لمدة خمس واربعين سنة .........وتوقع كم علامة تعجب قد ترضي عجبنا بعد هذا ...
مما جاء بالافكار اللحظة ...ولنا عودة كلما خلت الافكار من الشوائب ..

لست أدري أين ذهبت ردودي أم أن اللصوص قد وصلوا إلينا
والله أخي هذا هوالرد الثالث أكتبه
إعجابا بردك المميز واسلوبك الراقي
ولغتك الشفافة التي تحاكي ظفائر الماء الذي ينساب بين الصخور
عذوبة ووموسيقى ... افخر أن تكون صفحتي مرسعة بهكذا ردود
تصنع قيمة الموضوع وترفع الضاد فوق الرؤوس لتزهو به رؤوس
والله أين الثلاثة من الأربعة وأين الإثنين من خليفة اللص الكبير
والله إنها مفرخة لصوص لا يموت أحدهم أو يسجن حتى يخلف ألف خليفة له
كل يوم تطالعنا الصحف بأخبارهم والعجب العجب
أن هذه البلاد لا تفقر أبدا وكأنها على خزائن الأرض
سبحان الله
شكرا أخي ودمت كاتبا مميزا وقارءا مميزا