المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خُلق الإنصاف


أبومحمد17
2014-01-31, 10:19
هذا جمع لفوائد ومواقف في الانصاف جعلنا الله من اهله
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة8] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء135].
الشيخ سعود الشريم -خطبة -
الإنصاف عباد الله كلمة تعني العدل والإحسان لا الظلم والاعتداء ، وتعني اتباع الشرع لا اتباع الهوى ، وتعني العلم لا الجهل ، وتعني الوسط بين المنحرفين والثبات بين المتفلتين والأصالة بين المضطربين .. المنهج في الإنصاف هو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والقدوة فيه هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته من بعده وسلف الأمة من العلماء الصادقين الناصحين .

والإنصاف في الشريعة الإسلامية قيمةٌ مطلقة ليست نسبيةً كما هي الحال في مناهج البشر وقوانينهم ؛ فهي كلٌّ لا يتجزأ .. فإما إنصافٌ أو حيف وإما رجلٌ منصفٌ أو رجلٌ جائر ؛ فلا يمكن أن يكون المرء منصفًا جائرًا في نفسٍ واحدة ؛ إذ كيف يكون منصفًا وأبكم عن الحق في آنٍ واحد :(( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ))(76 سورة النحل) .

أبومحمد17
2014-01-31, 10:20
قال الإمام مالك - رحمه الله - : "ما في زماننا شيءٌ أقل من الإنصاف " .. قال القرطبي - رحمه الله - معلقا على كلام مالك : " هذا في زمن مالك .. فكيف في زماننا اليوم الذي عم فيه الفساد وكثر فيه الطغام ؟! " ؛ أي أوغاد الناس ..ونحن نقول عباد الله : إن زمن مالك - رحمه الله - كان في القرن الثاني الهجري وزمن القرطبي - رحمه الله - كان في القرن السادس .. فما الظن بزماننا هذا ؟! ألا إن الهوة أشد والخطب أفجع ؛ فإلى الله المشتكى وعليه التكلان .

أبومحمد17
2014-01-31, 10:22
روى البخاري في صحيحه ( بَاب إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنْ الْإِسْلَامِ ) : وَقَالَ عَمَّارٌ : ثَلَاثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الْإِيمَانَ الْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلْعَالَمِ وَالْإِنْفَاقُ مِنْ الْإِقْتَارِ .

أبومحمد17
2014-01-31, 10:23
قال بن حزم رحمه الله : من أراد الإنصاف فليتوهم نفسه مكان خصمه , فإنه يلوح له وجه تعسفه
وقال : واضع الكلام في موضعه ... أعز من الكبريت الأحمر!!

أبومحمد17
2014-01-31, 10:24
روي عن علي رضي الله عنه : من تحلى بالأنصاف بلغ مراتب الأشراف

أبومحمد17
2014-01-31, 10:25
يقول ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في (جامع العلم 1/530) : من بركة العلم وآدابه الإنصاف فيه ، ومن لم ينصف لم يفهم ولم يتفهم . أ.هـ

أبومحمد17
2014-01-31, 10:26
يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في (الفتاوى 14/482-483) :
وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة علمائها وعبادها و أمرائها و رؤسائها وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي: بتأويل أو بغير تأويل ، كما بغت الجهمية على المستنَّة في محنة الصفات و القرآن... و كما بغت الرافضة على المستنَّة مرات متعددة ، وكما بغت الناصبة على علي و أهل بيته ، وكما قد تبغي المشبهة على المنزهة ، وكما قد يبغي بعض المستنة إما على بعضهم ، وإما على نوع من المبتدعة بزيادة على ما أمر الله به . وهو الإسراف المذكور في قولهم :{ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا} أ.هـ

أبومحمد17
2014-01-31, 10:27
قال إبراهيم بن جنيد رحمه الله تعالى : اتخذ مرآتين ، وانظر في إحداهما عيب نفسك ، وفي الأخرى محاسن الناس

أبومحمد17
2014-01-31, 10:28
لخص لأسباب الخروج عن الإنصاف ، للإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ
في كتابه ( أدب الطلب ومنتهى الأرب ص:91ـ 178) :
يقول رحمه الله :
واعلم أن أسباب الخروج عن دائرة الإنصاف ، والوقوع في موبقات التعصب كثيرة جدا:
1ـ فمنها وهو أكثرها وقوعاً وأشدها بلاءً : أن ينشأ طالب العلم في بلد من البلدان التي قد تمذهب أهلها بمذهب معيّن ، واقتدوا بعالم مخصوص . وهذا الداء قد طـبّق في بلاد الإسلام وعم أهلها ، ولم يخرج عنه إلا أفراد ......
2ـ ومن جملة الأسباب التي يتسبب عنها ترك الإنصاف ويصدر عنها البعد عن الحق وكتم الحجة وعدم ما أوجبه الله من البيان : حب الشرف والمال اللذين هما أعدى على الإنسان ذئبين ضاريين ، كما وصف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا هو السبب الذي حرَّف به أهل الكتاب كتب الله المنزلة على رُسله ، وكتموا ما جاءهم فيها من البينات والهدى كما وقع من أحبار اليهود.......
3ـ ومنها ما يقع بين أهل العلم من الجدال والمراء ، فإن الرجل قد يكون له بصيرة وحسن إدراك ومعرفة بالحق ورغوب إليه فيخطئ في المناظرة ويحمله الهوى ومحبة الغلب وطلب الظهور على التصميم على مقاله ، وتصحيح خطئه ، وتقويم معوجه بالجدال والمراء . وهذه الذريعة الإبليسية والدسيسة الشيطانية قد وقع بها من وقع في مهاوٍ من التعصبات ومزالق من التعسفات عظيمة الخطر مخوفة العاقبة . وقد شاهدنا من هذا الجنس ما يقضي منه العجب......!!!
قلت: وشاهدنا نحن أيضاً من هذا الجنس ما يقضي منه العجب !!!
4ـ ومن الأسباب المقتضية للتعصب: أن يكون بعض سلف المشتغل بالعلم قد قال بقول ومال إلى رأي ، فيأتي هذا الذي جاء بعده فيحمله حب القرابة على الذهاب إلى ذلك المذهب والقول بذلك القول ، وإن كان يعلم أنه خطأ ، وأقل الأحوال إذا لم يذهب إليه أن يقول فيه أنه صحيح ويتطلب له الحجج ويبحث عما يقوّيه وإن كان بمكان من الضعف ومحل من السقوط ، وليس له في هذا حظ ولا معه فائدة ، إلاّ بمجرد المباهاة لمن يعرفه والتزيّن لأصحابه بأنه في العلم معرق وإن بيته قديم فيه.........
5- ومن آفات التعصب الماحقة لبركة العلم أن يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة كما يصدر ممن يفتي أو يصنف
أو يناظر غيره ويشتهر ذلك القول عنه فإنه قد يصعب عليه الرجوع عنه إلى ما يخالفه وإن علم أنه الحق وتبين له فساد ما قاله..........
6- ومن الآفات المانعة عن الرجوع إلى الحق أن يكون المتكلم بالحق حدث السن بالنسبة إلى من يناظره أو قليل العلم أو الشهرة في الناس ، والآخر بعكس ذلك فإنه قد تحمله حمية الجاهلية والعصبية الشيطانية على التمسك بالباطل أنفةً منه
عن الرجوع إلى قول من هو أصغر منه سناً أو أقل منه علماً أو أخفى شهرة ظنّاً منه أن في ذلك عليه ما يحط منه وينقض
ما هو فيه...........
7- ومن أسباب الوقوع في غير الإنصاف والتمسك بذيل من الاعتساف. أن يأخذ طالب الحق أدلة المسائل من مجاميع الفقه التي يعتزي مؤلفها إلى مذهب من المذاهب. فإن من كان كذلك يُبالغ في إيراد أدلة مذهبه ويُطيل ذيل الكلام عليها ويصرح تارة بأنها أدلة. وتارة بأنها حجج. وتارة بأنها صحيحة. ثم يطفف لخصمه المخالف فيورد أدلته بصيغة التمريض. ويعنونها بلفظ الشبه........
8- ومن الأسباب المانعة من الإنصاف ما يقع من المنافسة بين المتقاربين في الفضائل أو في الرئاسة الدينية أو الدنيوية ، فإنه إذا نفخ الشيطان في أنفهما وترقت المنافسة بلغت إلى حد يحمل كل واحد منهما على أن يرد ما جاء به الآخر إذا تمكن من ذلك وإن كان صحيحاً جارياً على منهج الصواب. وقد رأينا وسمعنا من هذا القبيل عجائب صنع فيها جماعة من أهل العلم صنيع أهل الطاغوت. وردوا ما جاء به بعضهم من الحق وقابلوه بالجدال الباطل والمراء القاتل.....!!!
قلت: وقد رأينا وسمعنا نحن أيضاً من هذا القبيل عجائب وغرائب.....!!!
قال الإمام الذهبي رحمه الله : استفق ، ويحك ، وسل ربك العافية ، فكلام الأقران بعضهم في بعض أمر عجيب ، وقع فيه سادة ، فرحم الله الجميع .

أبومحمد17
2014-01-31, 10:29
قال ابنُ حزمٍ -رحمه الله- في رسالةٍ كتبها إلى أحدِ الناس: ((قَبْلَ كلِّ شيء أريد أن تنظرَ في كلامي بعينٍ سليمةٍ من الإعراض ومن الاستحسان معاً، وبنفسٍ بريئةٍ من النِّفارِ والسكونِ معاً، لا كما ينظُر المرءُ بما لم يسمعْه قط، فيسبق إليه منه قبولٌ يُسهِّلُ عليه الباطل أو نفارٌ يوعِّرُ عليه الحق. فمن هذين السعيَيْن تاه أكثرُ الناس وفارقوا المحجَّة))اهـ. [رسائل ابن حزم: 3/ 199]

أبومحمد17
2014-01-31, 10:30
وقال المعلّمي –رحمه الله-: ((افرض أنك قرأت آية فلاح لك منها موافقة قول لإمامك، وقرأت أخرى فلاح لك منها مخالفة قول آخر له، أيكون نظرك إليها سواء، لا تبالي أن يتبين منها بعد التدبر صحة ما لاح لك أو عدم صحته؟
افرض أنك و قفت على حديثين لا تعرف صحتهما و لا ضعفهما، أحدهما يوافق قولاً لإمامك و الآخر يخالفه، أيكون نظرك فيها سواء، لا تبالي أن يصح سند كل منهما أو يضعف؟
افرض أنك نظرت في مسألة قال إمامك قولاً و خالفه غيره، ألا يكون لك هوى في ترجيح أحد القولين بل تريد أن تنظر لتعرف الراجح منها فتبين رجحانه؟
افرض أنَّ رجلاً تحبه و آخر تبغضه تنازعا في قضية فاستفتيت فيها و لا تستحضر حكمَها وتريد أن تنظر ألا يكون هواك في موافقة الذي تحبه؟
... وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى و قد جربت نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي فيلوح لي فيها معنى، فأقرره تقريراً يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى، فأجدني أتبرم بذاك الخادش و تنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه و غض النظر عن مناقشة ذاك الجواب، و إنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لا يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش؟ فكيف لو لم يلح لي الخدش و لكن رجلاً آخر اعترض علي به؟ فكيف لو كان المعترض ممن أكرهه؟))اهـ. (التنكيل)

أبومحمد17
2014-01-31, 10:34
الإمام ابن القيم – رحمه الله - يقول عن الإنصاف في كتابه "إعلام الموقعين" (3/497): (والله تعالى يحب الإنصاف، بل هو أفضل حلية تحلى بها الرجل، خصوصًا من نصب نفسه حكمًا بين الأقوال والمذاهب، وقد قال الله تعالى لرسوله (وأمرت لأعدل بينكم) {الشورى آية15} فورثة الرسول منصبهم العدل بين الطوائف، وألا يميل أحدهم مع قريبه وذوي مذهبه وطائفته ومتبوعه، بل يكون الحق مطلوبه، يسير بسيره، وينزل بنزوله، يدين بدين العدل والإنصاف..)

أبومحمد17
2014-01-31, 10:37
قال شيخ الاسلام : ومع هذا فأهل السنة يستعملون معهم العدل والإنصاف, ولا يظلمونهم؛ فإن الظلم حرام مطلقا كما تقدم بل أهل السنة لكل طائفة من هؤلاء خير من بعضهم لبعض! بل هم للرافضة خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض , وهذا مما يعترفون هم به ويقولون أنتم تنصفوننا ما لا ينصف بعضنا بعضا , .. ولا ريب أن المسلم العالم العادل أعدل عليهم وعلى بعضهم من بعض , والخوارج تكفر أهل الجماعة وكذلك أكثر المعتزلة يكفرون من خالفهم , وكذلك أكثر الرافضة ومن لم يكفر فسق , وكذلك أكثر أهل الأهواء يبتدعون رأيا ويكفرون من خالفهم فيه . وأهل السنة يتبعون الحق من ربهم الذي جاء به الرسول , ولا يكفرون من خالفهم فيه؛ بل هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق كما وصف الله به المسلمين بقوله: { كنتم خير أمة أخرجت للناس} آل عمران . قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس . وأهل السنة نقاوة المسلمين فهم خير الناس للناس .
منهاج السنة (5|103)

أبومحمد17
2014-01-31, 10:40
قال الذهبي : رأيت للأشعري كلمة أعجبتني وهي ثابتة رواها البيهقي، سمعت أبا حازم العبدوي، سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: أشهد على أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا كله اختلاف العبارات.
قلت – أي الذهبي - : وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية في أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر [ أحدا ] من الأمة، ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " ؛ فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم.
سير أعلام النبلاء (15|88)
قال ابن عبد الهادي : وسمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله يذكر أن السلطان لما جلسا بالشباك أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله واستفتاه في قتل بعضهم . قال: ففهمت مقصوده وأن عنده حنقا شديدا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير .
فشرعت في مدحهم والثناء عليهم وشكرهم , وأن هؤلاء لو ذهبوا لم تجد مثلهم في دولتك ؛ أما أنا فهم في حل من حقي ومن جهتي وسكنت ما عنده عليهم . قال : فكان القاضي زيد الدين ابن مخلوف قاضي المالكية يقول بعد ذلك : ما رأينا أتقى من ابن تيمية لم نبق ممكنا في السعي فيه ولما قدر علينا عفا عنا.!
العقود الدرية (298-299)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : هذا وأنا في سعة صدر لمن يخالفني؛ فإنه وإن تعدى حدود الله في بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية ؛ فأنا لا أتعدى حدود الله فيه بل أضبط ما أقوله وأفعله وأزنه بميزان العدل وأجعله مؤتما بالكتاب الذي أنزله الله وجعله هدى للناس حاكما فيما اختلفوا فيه قال الله تعالى : { كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه} وقال تعالى: { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} الآية , وقال تعالى : {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط } وذلك أنك ما جزيت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه .
مجموع الفتاوى (3|246)
ولذلك أحببت أن أنقل كلام هذا الحبر في الإمام الأشعري والأشاعرة ليقف عليه الموافق فيقتدي به , وليعرف المخالف فضل هذا الإمام , وليقف على عدله وإنصافه وليقارن ذلك بما يتفوه به بعض المعاصرين من سب وشتم وقدح في هذا الإمام الذي نشهد الله على محبته ؛ وقد أشرت في ذلك إلى ثلاثة مباحث " ثناء شيخ الإسلام على الإمام الأشعري " , و" ثناء شيخ الإسلام على الأشاعرة "
و" بيان غلط من غلط على الإمام الأشعري وأخطأ " .
والله سبحانه نسأله التوفيق والسداد .

أبومحمد17
2014-01-31, 10:41
قال شيخ الاسلام رحمه الله : وليس المقصود هنا إطلاق مدح شخص أو طائفة ولا إطلاق ذم ذلك ؛فإن الصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة أنه قد يجتمع في الشخص الواحد والطائفة الواحدة ما يحمد به من الحسنات وما يذم به من السيئات وما لا يحمد به ولا يذم من المباحث والعفو عنه من الخطأ والنسيان بحيث يستحق الثواب على حسناته ويستحق العقاب على سيئاته بحيث لا يكون محمودا ولا مذموما على المباحات والمعفوات وهذا مذهب أهل السنة في فساق أهل القبلة ونحوهم
وإنما يخالف هذا الوعيدية من الخوارج والمعتزلة ونحوهم الذين يقولون من استحق المدح لم يستحق الثواب حتى يقولون : إن من دخل النار لا يخرج منها بل يخلد فيها وينكرون شفاعة محمد صلى الله عليه و سلم في أهل الكبائر قبل الدخول وبعده وينكرون خروج أحد من النار , وقد تواترت السنن عن النبي صلى الله عليه و سلم بخروج من يخرج من النار حتى يقول الله : [ أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ] وبشافعة النبي صلى الله عليه و سلم لأهل الكبائر من أمته , ولهذا يكثر في الأمة من أئمة الأمراء وغيرهم من يجتمع فيه الأمران ؛ فبعض الناس يقتصر على ذكر محاسنه ومدحه غلوا وهوى , وبعضهم يقتصر على ذكر مساويه غلوا وهوى , ودين الله بين بين الغالي فيه والجافي عنه وخيار الأمور أوسطها , ولا ريب أن للأشعري في الرد على أهل البدع كلاما حسنا هو من الكلام المقبول الذي يحمد قائله إذا أخلص فيه النية, وله أيضا كلام خالف به بعض السنة هو من الكلام المردود الذي يذم به قائله إذا أصر عليه بعد قيام الحجة , وإن كان الكلام الحسن لم يخلص فيه النية والكلام السيء كان صاحبه مجتهدا مخطئا مفتورا له خطأه لم يكن في واحد منهما مدح ولا ذم بل يحمد نفس الكلام المقبول الموافق للسنة ويذم الكلام المخالف للسنة , وإنما المقصود أن الأئمة المرجوع إليهم في الدين مخالفون للأشعري في مسألة الكلام وإن كانوا مع ذلك معظمين له في أمور أخرى وناهين عن لعنه وتكفيره ومادحين له بماله من المحاسن .
الفتاوى الكبرى (6|696)

أبومحمد17
2014-01-31, 10:43
قال ابن حزم رحمه الله في رسائله (4/337):
ناظرت رجلا من أصحابنا في مسألة فعلوته فيها لبكوء كان في لسانه، وانفصل المجلس على أني ظاهر، فلما أتيت منزلي حاك في نفسي منها شيء، فتطلبتها في بعض الكتب فوجدت برهانا صحيحا يبين بطلان قولي وصحة قول خصمي، وكان معي أحد أصحابنا ممن شهد ذلك المجلس فعرفته بذلك، ثم رآني قد علمت على المكان من الكتاب، فقال لي ما تريد فقلت: أريد حمل هذا الكتاب وعرضه على فلان وإعلامه بأنه المحق وأني كنت المبطل وأني راجع إلى قوله. فهجم عليه من ذلك أمر مبهت وقال لي: وتسمح نفسك بهذا ! فقلت له: نعم، ولو أمكنني ذلك في وقتي هذا لما أخرته إلى غد.
واعلم أن مثل هذا الفعل يكسبك أجمل الذكر مع تحليك بالإنصاف الذي لا شيء يعدله. ولا يكن غرضك أن توهم نفسك أنك غالب، أو توهم من حضرك ممن يغتر بك ويثق بحكمك أنك غالب، وأنت بالحقيقة مغلوب، فتكون خسيسا وضيعا جدا وسخيفا البتة وساقط الهمة

باهي جمال
2014-01-31, 16:08
قال ابن حزم رحمه الله في رسائله (4/337):
ناظرت رجلا من أصحابنا في مسألة فعلوته فيها لبكوء كان في لسانه، وانفصل المجلس على أني ظاهر، فلما أتيت منزلي حاك في نفسي منها شيء، فتطلبتها في بعض الكتب فوجدت برهانا صحيحا يبين بطلان قولي وصحة قول خصمي، وكان معي أحد أصحابنا ممن شهد ذلك المجلس فعرفته بذلك، ثم رآني قد علمت على المكان من الكتاب، فقال لي ما تريد فقلت: أريد حمل هذا الكتاب وعرضه على فلان وإعلامه بأنه المحق وأني كنت المبطل وأني راجع إلى قوله. فهجم عليه من ذلك أمر مبهت وقال لي: وتسمح نفسك بهذا ! فقلت له: نعم، ولو أمكنني ذلك في وقتي هذا لما أخرته إلى غد.
واعلم أن مثل هذا الفعل يكسبك أجمل الذكر مع تحليك بالإنصاف الذي لا شيء يعدله. ولا يكن غرضك أن توهم نفسك أنك غالب، أو توهم من حضرك ممن يغتر بك ويثق بحكمك أنك غالب، وأنت بالحقيقة مغلوب، فتكون خسيسا وضيعا جدا وسخيفا البتة وساقط الهمة

والله لو كان بمقدوري ان اكتب هذا الكلام بماء الذهب لفعلت

أبومحمد17
2014-01-31, 16:43
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : من أحب أن ينصف الناس من نفسه فليأت إلى الناس ما يحب أن يُؤتى إليه

أبومحمد17
2014-01-31, 16:44
عن عمر رضي الله عنه : مَا عَاقَبْتَ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِيكَ بِمِثْلِ أَنْ تُطِيعَ اللَّهَ فِيهِ "

أبومحمد17
2014-01-31, 16:48
قال الإمام الشافعي : ما ناظرت أحدًا على الغلبة, ووددت إذا ناظرت أحدًا أن يظهر الحق على يديه.

أبومحمد17
2014-01-31, 16:51
روى البخاريُّ ومسلم من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسِه)).

وروى مسلمٌ في صحيحه من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فمَنْ أحبَّ أنْ يُزَحْزَحَ عنِ النَّارِ ويُدْخَلَ الجنَّةَ، فلتَأْتِه مَنيَّتُه وهو يُؤمِنُ باللهِ واليوم الآخِرِ، ولْيَأتِ إلى النَّاسِ الَّذِي يُحبُّ أنْ يُؤتَى إليه)).

وروى الإمام أحمدُ في مسنده - وصحَّحه الألباني في السلسلة - من حديث يزيدَ بن أسد القسريِّ - رضي الله عنه - قال: قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أَتُحِبُّ الجنَّةَ؟))، قلت: نعم، قال: ((فَأَحِبَّ لأخيك مَا تُحِبُّ لنفسِكَ)).

أبومحمد17
2014-01-31, 16:52
وقال ابنُ القيِّم - رحِمه الله -: "والإنصافُ أن تكتالَ لمُنازِعِك بالصاع الذي تكتال به لنفسِك؛ فإنَّ في كل شيء وفاءً وتطفيفًا"؛ تهذيب السُّنن (122/1).

أبومحمد17
2014-01-31, 16:52
وقال ابن المقفَّع - رحمه الله -: "أعدلُ السَّير أن تقيسَ الناسَ بنفسِك، فلا تأتيَ إليهم إلا ما ترضى أن يؤتى إليك"؛ الأدب الصغير والأدب الكبير (ص: 73).

أبومحمد17
2014-01-31, 16:56
وعن عبدالله بن عمرو قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ المُقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن - وكلتا يديه يَمين - الذين يَعدلون في حُكمهم وأهليهم، وما وَلُوا))

ومن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((وأسْأَلك كلمة الحقِّ في الغضب والرِّضا))

وقال عمار - رضي الله عنه -: "ثلاث مَن جمعهنَّ، فقد جمَع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبَذْل السلام للعالَم، والإنفاق من الإقتار"

أبومحمد17
2014-01-31, 16:57
قال ابن حزم - رحمه الله -: "أفضلُ نِعَم الله على العبد أن يطبعه على العدل وحبِّه، وعلى الحقِّ وإيثاره"

أبومحمد17
2014-01-31, 16:58
قال ابن القيم - رحمه الله -: "مَن آثَر الإنصاف، وسلَك سبيل العلم والعدل، تبيَّن له راجحُ المذاهب من مرجوحها، وفاسدُها من صحيحها

أبومحمد17
2014-01-31, 17:01
قال المعلمي اليماني رحمه الله
هذا، ولَم يكلَّف العالِم بألاَّ يكون له هوًى؛ فإن هذا خارج عن الوسع، وإنما الواجب على العالِم أن يُفتِّش نفسه عن هواها؛ حتى يَعرفه، ثم يَحترز منه، ويُمعن النظر في الحقِّ من حيث هو حق، فإن بانَ له أنه مخالفٌ لهواه، آثَر الحقَّ على هواه"، ثم قال - رحمه الله -: "والعالم قد يُقصِّر في الاحتراس من هواه، ويُسامح نفسه، فتَميل إلى الباطل، فيَنصره، وهو يتوهَّم أنه لَم يَخرج من الحقِّ، ولَم يُعادِه، وهذا لا يكاد ينجو منه إلاَّ المعصوم، وإنما يتفاوت العلماء، فمنهم: مَن يكثر منه الاسترسال مع هواه ويفحش؛ حتى يَقطع مَن لا يعرف طباعَ الناس ومقدار تأثير الهوى بأنه متعمِّد، ومنه مَن يقل ذلك ويخف"

أبومحمد17
2014-01-31, 17:02
قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "وألوم عندي - ممن قد لُمته من الفقهاء - جماعة من كبار المحدِّثين، عرَفوا صحيح النقل وسقيمه، وصنَّفوا في ذلك، فإذا جاء حديث ضعيف يخالف مذهبهم، بيَّنوا وجه الطَّعن فيه، وإن كان موافقًا لمذهبهم، سكتوا عن الطَّعن فيه، وهذا يُنبئ عن قلة دينٍ، وغَلَبة هوًى"

ثم ساق بسنده عن وكيع قوله السابق: "أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلاَّ ما لهم".

أبومحمد17
2014-01-31, 17:03
قال شيخ الاسلام ابن تيميَّة - رحمه الله -:
"ونحن في جميع ما نُورده نحكي ألفاظ المحتجين بعينها؛ فإن التصرُّف في ذلك قد يدخله خروج عن الصدق والعدل؛ إمَّا عمدًا، وإمَّا خطأً، فإنَّ الإنسان إن لَم يتعمَّد أن يلوي لسانه بالكذب، أو يكتم بعضَ ما يقوله غيرُه، لكنَّ المذهب الذي يقصد الإنسان إفسادَه، لا يكون في قلبه من المحبَّة له ما يدعوه إلى صوغ أدلته على الوجه الأحسن؛ حتى يَنظمها نظمًا يَنتصر به، فكيف إذا كان مبغضًا لذلك؟

أبومحمد17
2014-01-31, 17:06
قال بن القيم
السبب الثاني: أن يخرج المعنى الذي يريد إبطاله بالتأويل، في صورة مُستهجنة تَنفر عنها القلوب، وتنبو عنها الأسماع، فيتخيَّر له من الألفاظ أكرهَها وأبعدها وصولاً إلى القلوب، وأشدها نُفرة عنها، فيتوهَّم السامع أن معناها هو الذي دلَّت عليه تلك الألفاظ

أبومحمد17
2014-01-31, 17:56
"إن الذي يخالفك تحريًا منه لاتباع الحق.. ينبغي أن يكون أحب إليك ممن يوافقك تعصبًا وهوى !"
** ابن عثيمين **

أبومحمد17
2014-01-31, 22:58
قال أبو حَيّان الأندلسيّ-رحمه الله-تعالى-:
«ينبغي للعاقل:
أن لا يقصدَ أذى أحدٍ مِن خلق الله -سبحانه وتعالى- إلاّ على حسَب الدفعِ عن نفسه.
وأن يَعذِرَ الناسَ في مباحثِهم وإدراكاتِهم ؛ فإن ذلك على حسَب عقولِهم.
وأن يضبطَ نفسَه عن المِراء ، والاستزْراء ، والاستخْفاف بأبناءِ زمانِه.
وأن لا يبحثَ إلا مع مَن اجتمعت فيه شرائطُ: (الديانةِ)،و(الفهمِ) ،و(المزاوَلة لما يبحثُ).
وأن لا يغضبَ على مَن لا يفهمُ مرادَه ، ومَن لم يُدرِكْ ما يُدرِكُه.
وأن يلتمسَ مخرَجاً لمن ظاهرُ كلامِه الفساد [مِن أهل السنّة].
وأن لا يُقدِمَ على تخطئةِ أحدٍ ببادي الرأيِ.
وأن يُلزِمَ نفسَ التواضعَ لعَبيدِ الله -سبحانه وتعالى-.
وأن يجعلَ نُصْبَ عينيه أنه عاجزٌ مفتقرٌ.
وأن لا يتكبَّرَ على أحدٍ .
وأن يأخُذَ نفسَه بحُسن المعامَلةِ-مِن حَسَنِ اللفظِ ، وجميلِ التغاضي-.
وأن لا يركن إلى أحدٍ إلاّ إلى الله -تعالى-».

أبومحمد17
2014-02-02, 12:55
«وينبغي إذا دارت المباحثة بين الكتّاب أن تكون في دائرة الموضوع، وفي حدودِ الأدب، وبروح الإنصاف، وخيرٌ أن تقيم الدليلَ على ضلالِ خصمك، أو على غلطه، أو على جهله، من أن تقول له: يا ضال، أو يا جاهل، أو يا غالط، فبالأول تحجّه فيعترف لك، أو يكفيك اعتراف قرائك، وبالثاني تهيِّجه فيعاند، ويضيعُ ما قد يكون معك من حقٍ بما فاتك معه من أدبٍ»
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[عبد الحميد بن باديس «مجلة الشهاب»: ( 4/ 244)].

أبومحمد17
2014-02-07, 18:19
قال شيخ الاسلام:
وكان قوله ‏:‏ إن الله حرم على الصائم أن يفعل هذا ، قولاً بأن هذا حلال وهذا حرام بلا علم ، وذلك يتضمن القول على الله بما لا يعلم ، وهذا لا يجوز ‏.‏ ومن اعتقد من العلماء أن هذا المشترك مناط الحكم ، فهو بمنزلة من اعتقد صحة مذهبٍ لم يكن صحيحًا ، أو دلالة لفظٍ على معنى لم يرده الرسول ، وهذا اجتهاد يثابون عليه [1]، ولا يَلزم أن يكون قولاً بحجة شرعية يجب على المسلم اتباعها ‏[2].


يقول العلامة ابن عثيمين شارحا ومعلقا:

[1] شيخ الإسلام من أعظم من رأيته انصافا من العلماء , يقول هذا اجتهاد يثابون عليه بينما لو يحصل خطأ من بعض طلبة العلم في عصرنا هذا مع اجتهاده قالوا : هذا ضال , هذا مبتدع وجعلوا يغتابونه ويسبونه , وشيخ الإسلام مع أن كلامه قوي يقول: هذا لا يجوز , هذا قول على الله بغير علم , هذا حرام , بهذا الأسلوب القوي الشديد يقول إن هذا اجتهاد يثابون عليه , وهكذا يجب على الإنسان أن ينظر إلى غيره كما ينظر إلى نفسه , أليس هو يجتهد ويخطئ ويصيب , إذن غيره يجتهد ويخطئ ويصيب , فكيف تكون من المطففين {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}, فالواجب أن تنظر إلى غيرك كما تنظر إلى نفسك , فكما أن غيرك يخطئ بظنك فكذلك أنت تخطئ بظنه , والحاصل أن مثل هذا المسلك الذي يسلكه شيخ الإسلام رحمه الله بهذا العدل والإنصاف هو الذي يؤلف القلوب عليه ويوجب أن يؤخذ بقوله وأن يُعرف أنه لا يريد إلا الوصول إلى الحق اللهم اغفر له وارحمه .

[2]صحيح إذا كان لم يبن قوله على حجة شرعية يجب اتباعها فإننا نسأل الله له الرحمة ونقول هو مجتهد ولكنه لم يصب.

أبومحمد17
2014-02-17, 12:14
قال شيخ الإسلام :-

واختلاف أهل البدع هو من هذا النمط
فالخارجي يقول ليس الشيعي على شيء
والشيعي يقول ليس الخارجي على شيء
والقدري النافي يقول ليس المثبت على شيء
والقدري الجبري المثبت يقول ليس النافي على شيء
والوعيدية تقول ليست المرجئة على شيء
والمرجئة تقول ليست الوعيدية على شيء
بل ويوجد شيء من هذا بين أهل المذاهب الأصولية والفروعية المنتسبين إلى السنة
فالكلابي يقول ليس الكرامى على شيء
والكرامي يقول ليس الكلابي على شيء
والأشعري يقول ليس السالمي على شيء
والسلمي يقول ليس الأشعري على شيء
ويصنف السالمي كأبي على الأهوازي كتابا في مثالب الأشعري
ويصنف الأشعري كابن عساكر كتابا يناقض ذلك من كل وجه وذكر فيه مثالب السالمية
وكذلك أهل المذاهب الأربعة وغيرها
لا سيما وكثير منهم قد تلبس ببعض المقالات الأصولية وخلط هذا بهذا
فالحنبلي والشافعي والمالكي يخلط بمذهب مالك والشافعي وأحمد شيئا من أصول الأشعرية والسالمية وغير ذلك ويضيفه إلى مذهب مالك والشافعي وأحمد
وكذلك الحنفي يخلط بمذاهب أبي حنيفة شيئا من أصول المعتزلة والكرامية والكلابية ويضيفه إلى مذهب أبي حنيفة
وهذا من جنس الرفض والتشيع لكنه تشيع في تفضيل بعض الطوائف والعلماء لا تشيع في تفضيل بعض الصحابة.

والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه أين وجده

ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة

فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما إلا للصحابة رضي الله عنهم أجمعين

فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه -دون أصحاب غيره- حيث داروا

فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط بخلاف أصحاب عالم من العلماء فإنهم قد يجمعون على خطأ

بل كل قول قالوه ولم يقله غيرهم من الأمة لا يكون إلا خطأ

فإن الدين الذي بعث الله به رسوله ليس مسلَّما إلى عالم واحد وأصحابه

ولو كان كذلك لكان ذلك الشخص نظيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شبيه بقول الرافضة في الإمام المعصوم

ولا بد أن يكون الصحابة والتابعون يعرفون ذلك الحق الذي بعث الله به الرسول قبل وجود المتبوعين الذين تنسب إليهم المذاهب في الأصول والفروع

ويمتنع أن يكون هؤلاء جاءوا بحق يخالف ما جاء به الرسول
فإن كل ما خالف الرسول فهو باطل

ويمتنع أن يكون أحدهم علم من جهة الرسول ما يخالف الصحابة والتابعين لهم بإحسان
فإن أولئك لم يجتمعوا على ضلالة
فلابد أن يكون قوله إن كان حقا مأخوذا عما جاء به الرسول موجودا فيمن قبله
وكل قول قيل في دين الإسلام مخالف لما مضى عليه الصحابة والتابعون لم يقله أحد منهم بل قالوا خلافه فإنه قول باطل

والمقصود هنا أن الله تعالى ذكر أن المختلفين جاءتهم البينة وجاءهم العلم
وإنما اختلفوا بغيا ولهذا ذمهم الله وعاقبهم
فإنهم لم يكونوا مجتهدين مخطئين
بل كانوا قاصدين البغي عالمين بالحق معرضين عن القول وعن العمل به
________________
انتهى كلام شيخ الإسلام من كتاب "منهاج السنة النبوية"