تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخيل والليل لابي الطيب المتنبي


ايفانوف
2009-06-29, 22:28
الخيل و الليلٍ

أبو الطيب المتنبي

واحـر قلبـاه ممـن قلبـه شـبـم *** ومن بجسمي وحالـي عنـد سقـم

ما لي أكتم حبا قـد بـرى جسـدي *** وتدعي حب سيـف الدولـة الأمـم

إن كـان يجمعنـا حـب لغـرتـه *** فليـت أنـا بقـدر الحـب نقتـسـم

قد زرته و سيـوف الهنـد مغمـدة *** وقـد نظـرت إليـه و السيـوف دم

فكـان أحسـن خـلـق الله كلـهـم *** وكان أحسن مافـي الأحسـن الشيـم

فـوت العـدو الـذي يممتـه ظفـر *** في طيـه أسـف فـي طيـه نعـم

قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت *** لـك المهابـة مـالا تصنـع البهـم

ألزمت نفسك شيئـا ليـس يلزمهـا *** أن لا يواريهـم بـحـر و لا عـلـم

أكلما رمـت جيشـا فانثنـى هربـا *** تصرفت بـك فـي آثـاره الهمـم

عليك هزمهـم فـي كـل معتـرك *** و ما عليك بهـم عـار إذا انهزمـوا

أما ترى ظفرا حلـوا سـوى ظفـر *** تصافحت فيه بيـض الهنـدو اللمـم

يا أعدل النـاس إلا فـي معاملتـي *** فيك الخصام و أنت الخصم والحكـم

أعيذهـا نظـرات منـك صـادقـة *** أن تحسب الشحم فيمـن شحمـه ورم

وما انتفـاع اخـي الدنيـا بناظـره *** إذا استوت عنـده الأنـوار و الظلـم

سيعلم الجمـع ممـن ضـم مجلسنـا *** بانني خيـر مـن تسعـى بـه قـدم

انا الذي نظـر العمـى إلـى ادبـي *** و أسمعت كلماتي مـن بـه صمـم

انام ملء جفونـي عـن شواردهـا *** ويسهر الخلـق جراهـا و يختصـم

و جاهل مده فـي جهلـه ضحكـي *** حتـى اتتـه يـد فراسـة و فــم

إذا رايـت نيـوب الليـث بـارزة *** فـلا تظنـن ان اللـيـث يبتـسـم

و مهجة مهجتي من هـم صاحبهـا *** أدركتـه بجـواد ظـهـره حــرم

رجلاه في الركض رجل و اليدان يد *** وفعلـه ماتريـد الـكـف والـقـدم

ومرهف سرت بيـن الجحفليـن بـه *** حتى ضربت و موج الموت يلتطـم

الخيـل والليـل والبيـداء تعرفنـي * والسيف والرمح والقرطاس و القلـم

صحبت في الفلوات الوحش منفـردا *** حتى تعجـب منـي القـور و الأكـم

يـا مـن يعـز علينـا ان نفارقهـم *** وجداننا كـل شـيء بعدكـم عـدم

مـا كـان أخلقنـا منكـم بتكرمـة *** لـو ان أمركـم مـن أمرنـا أمـم

إن كان سركـم مـا قـال حاسدنـا *** فمـا لجـرح إذا أرضـاكـم ألــم

و بيننـا لـو رعيتـم ذاك معرفـة *** غن المعارف في اهل النهـى ذمـم

كم تطلبـون لنـا عيبـا فيعجزكـم *** و يكـره الله مـا تأتـون والكـرم

ما أبعد العيب و النقصان عن شرفي *** أنا الثريـا و ذان الشيـب والهـرم

ليت الغمام الـذي عنـدي صواعقـه *** يزيلهـن إلـى مـن عنـده الـديـم

أرى النوى تقتضينني كـل مرحلـة *** لا تستقـل بهـا الوخـادة الـرسـم

لئن تركـن ضميـرا عـن ميامننـا *** ليحدثـن لـمـن ودعتـهـم نــدم

إذا ترحلت عن قـوم و قـد قـدروا *** أن لا تفارقهـم فالراحـلـون هــم

شر البـلاد مكـان لا صديـق بـه *** و شر ما يكسب الإنسان مـا يصـم

و شر ما قنصتـه راحتـي قنـص *** شبه البـزاة سـواء فيـه والرخـم

بـأي لفـظ تقـول الشعـر زعنفـة *** تجوز عنـدك لا عـرب ولا عجـم