مشاهدة النسخة كاملة : مساعدة
بحث في مادة التربية الاسلامية حول اثر التوحيد على الفرد والمجتمع
مادرناهش
علاه كاين بحوث في العلوم الاسلامية تاني
محب بلاده
2013-12-28, 10:13
أثر التوحيد فى بناء الفرد والمجتمع
إنه سبحانه الجدير بأن يعبد فلا يجحد، ويطاع فلا يعصي، ويشكر فلا يكفر.. وإذا انتفت الألوهية عن كل شيء وكل أحد وكل كائن فى هذا الكون، وثبتت لله وحده لا شريك له، فمعنى ذلك أن الله – سبحانه - هو المعبود بحق؛ لأن كل ما سواه ليس إلها، ومادام أنه لا معبود إلا الله إذن لا مقصود إلا الله ولا ناصر إلا الله، ولا مغيث إلا الله، ولا مجيب إلا الله، ولا شك أن المؤمن الذى يوحد الله ويعبد الله يوجه حياته كلها لله – وحده - لا شريك له لأنه يوقن أنه لا يجيب المضطر ولا يكشف السوء ولا يفرج الكرب إلا هو {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (يونس:107).
قضايا الحياة مرتبطة بالتوحيد:
إن كل تشريع فى الحياة حق خالص للخالق - جل فى علاه - بمقتضى أنه الخالق، قول تعالى: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} (الأعراف:54).. أجل: إنه وحده صاحب الأمر، وليس من حق أحد كائنًا ما كان أن يشرع للناس أو يحلل أو يحرم إلا الله، وليس من حق أحد أن يحسن أو يقبح أو يقول هذا صواب وهذا خطأ شرعًا إلا بديع السماوات والأرض، ذلك أن الإنسان الذى يجادل فى حكم الله - بغير علم - لم يخلق نفسه ولم يخلق غيره ولم يرزق نفسه، ولم يرزق غيره، إنما هو فى أحوج ما يكون إلى خالقه فى كل لحظة، فى شربة الماء التى يشربها، بل فى نفس الهواء الذى يتنفسه، فضلاً عن وجوده، وتذليل كل مستلزمات حياته {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (النحل:17).
ولذلك نجد أن سيدنا إبراهيم - عليه السلام - والذين معه يحاجّون قومهم الضالين من خلال التوحيد، ليقطعوا كل روابط الشرك فى ميدان الولاء والطاعة والحياة والعبادة، حتى تخلص كلها لله وحده {قَد كَانَتْ لَكُم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِى إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرءَآؤُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (الممتحنة:4).
إن الشرط الأساسى الذى وضعه سيدنا إبراهيم - عليه السلام - ومن معه {حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} إنها دعوة للتوحيد الخالص النقي، ذلك أن إيمان الإنسان بتوحيد الله - عز وجل - يجعل حبه وولاءه الخالص الصادق لله - سبحانه وتعالى - وانطلاقًا من ولائه لله – تعالى - يكون ولاؤه للمؤمنين بالله، وانطلاقًا من هذا الولاء الخالص أيضًا يكون بر الإنسان بوالديه، ومن خلاله تكون رحمته بالكبير وشفقته على الصغير، ومن خلاله أيضًا تكون إغاثته للملهوف، ونصرته للمظلوم، وإعانته للمحتاج..
إن الشهادة لله بالوحدانية هى التى قام عليها أمر الدنيا والآخرة وبها تستقيم الأمور وتتغير أحوال الناس إلى أحسن حال، ذلك أن من أقام هذه الشهادة الكبرى ووفاها حقها حرى به أن يقوم بأداء بقية الشهادات، وأن يلتزم بما فيها من تبعات وتكاليف وأمانات.. ومن ضيع هذه الشهادة الأم فهو لسواها أضيع، فمن لم يؤمن بالله الواحد القهار ويوقن بعظمته لا يرجى خيره، ولا يؤمن شره
لو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر أمر الله – تعالى - بالإحسان إلى الوالدين نجد أنه سبحانه يربطه بالتوحيد ربطا متماسكا، ولا أدل على ذلك من قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} (النساء:23)، وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِياهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} (الإسراء:23).
إن التوحيد هو الأساس والمقصد الأسمى الذى ينبثق من خلاله فعل الخير، فالعاق لوالديه تجده مسيئًا ومقصرًا فى علاقته مع الناس بمن فيهم الأقارب والأجانب، ولذلك تراه يعيث فى الأرض فسادًا، لأنه لا يرجو رحمة ربه ولا يخشى عقابه، إن الميثاق مع الله بالسمع والطاعة تندرج تحته كل العلاقات الطيبة والأخلاق الحسنة. إن رباط التوحيد هو الذى يحدد المعايير الصحيحة أولاً ويوثقها ثانيًا بحيث تظل متماسكة لا تنفصم عراها أبدًا على مر الزمان أو تغير المكان
ومع التوحيد لا يكون الرجاء إلا فى الله وحده:
أجل: مع توحيد الله – سبحانه - يصبح رجاء المؤمن فى الله وحده، حيث تنطلق قواه بالدعاء والسعى والذكر للواحد الأحد، ولعلنا نلمح فى بعض الأحاديث النبوية الشريفة كيف يعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدق التوجه الخالص وعظمة اللجوء إلى الله وجمال الخشوع فى ذكره سبحانه، فقد روى عن البراء بن عازب - رضى الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت وجهى إليك، وفوضت أمرى إليك، وألجأت ظهرى إليك، رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذى أنزلت، وبنبيك الذى أرسلت؛ فإن مت فى ليلتك مُتّ على الفطرة» (رواه الترمذي).
كان صلوات الله وسلامه عليه يعايش التوحيد فى كل لحظات حياته وكان يعلم أصحابه كيف يعايشون هذا التوحيد ويتفاعلون معه فى كل لحظات حياتهم.
كان - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه أن يقولوا فى كل يوم «أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى ملة إبراهيم حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين» (رواه الإمام أحمد).
إن التوحيد الذى يعلمه لنا الرسول الكريم - صلوات الله وسلامه عليه - بكل الوسائل يعنى التجرد الكامل لله وحده، واللجوء إليه، والاستعانة به، والتسليم لأمره، وابتغاء مرضاته، والتطلع دائما إلى عونه ومدده، وهكذا يعم التوحيد جوانب الحياة كلها {قُل إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاى وَمَماتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شرِيكَ لهُ وَبِذَلِكَ أُمرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسلِمِينَ} (الأنعام:163،162).
وما أروع هذا التوجيه العظيم الذى تخشع له القلوب، وتخبت له النفوس حينما يوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – عبد الله بن عباس - رضى الله عنهما - فيقول له - وكان راكبًا خلفه -: «يا غلام إنى أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» (رواه أحمد والترمذي).
من ثمار التوحيد اليانعة:
إن المؤمن الموحِد، لا يلتفت بقلبه إلا إلى الله، ذلك أنه يوقن أنه لا يملك له أحد ضرًا ولا نفعًا إلا الله ولا يستطيع مخلوق أن يقدم له أجلاً أو ينقص له رزقًا.
سمع رجلٌ من أحد الصالحين قول الله سبحانه: {وَفِى السَّمَاءِ رِزْقُكُم وَمَا تُوعَدُون فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُم تَنطِقُونَ} (الذاريات:23،22). فقال الرجل: قاتلهم الله لم يصدقوه حتى حلف، لعن الله قومًا أقسم لهم الجليل ولم يصدقوه.
إن النفوس الضعيفة هى أحوج ما تكون اليوم فى ردها إلى خالقها فى كل ما يعتريها من شكوك ووساوس وأوهام، حتى تتحرر من العبودية لغير الله، فالله – وحده - هو قيوم السماوات والأرض، هو الذى يجلب الخير، ويدفع الضر، ويجيب دعاء المضطر، كل شيء قائم به، وكل شيء خاضع لحكمه، فهو سبحانه عز كل ذليل، وقوت كل ضعيف، ومغيث كل ملهوف..
إن عقيدة التوحيد تجعل صاحبها متوحد الغاية والهدف فى الحياة، فليس له إلا إله واحد، يتجه إليه فى الخلوة والجلوة، يدعوه فى السراء والضراء، بخلاف الآخرين الذين يقدسون الأشخاص، أولئك الذين تمزقهم الحيرة، تتوزع قلوبهم، وتختلف رغباتهم ولا يعرفون من يرضون ومن يسخطون؟! وما أروع هذا المثل القرآنى الذى ساقه الحق تبارك وتعالى فى هذا الشأن {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَل يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَل أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (الزمر:29).
مثل جلى واضح: العبد الذى له سيد واحد يعرف ما يرضيه وما يسخطه، يطيع أوامره ويجتنب نواهيه ويلتزم رضاه، ويفوز بمحبته وقربه، أما الآخر فله أرباب مختلفون متشاكسون، هذا يطلب منه شيئاً، وهذا يطلب شيئاً آخر، هذا يأمره بأمر وذاك يطلب منه أمراً آخر، إنه فى ورطة، فى حيرة، يُرضى من على حساب من!!
إن الله سبحانه حرر نفوسنا بتوحيده، وأنقذنا من هذه الحيرة، كما قال سيدنا يوسف عليه السلام لأصحابه فى السجن {يَا صَاحِبَى السِّجْنِ ءأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَم اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (يوسف:39)، ولعله من المناسب هنا أن ننوه بهذا الرجل الأمريكى الذى اعتنق الإسلام "دافيد ليفي" حيث يذكر فى قصة إسلامه أن أول ما أعجبه وجذبه إلى الإسلام هو توحيد الله الخالص الصريح حتى بلغ من شدة إعجابه بعقيدة التوحيد أن سمى نفسه بعد إسلامه (داود عبد الله التوحيدي).
وبعد: فهل يستيقظ المجتمع الغافل ليعلم أن الطريق الوحيد لبناء المجتمع وسعادته وعزته ونصرته، هو: توحيد الله عز وجل الخالص، إنه منهج حياة كامل للمسلم الذى طوحت به الأفكار المنحرفة فأبعدته عن مالك الملك وملك الملوك، إن التوحيد الخالص نجاة للنفوس الجائرة التى تبحث عن الهداية والنور، إنه الأمان الحقيقى للقلوب الخائفة الوجلة من غدر الزمان، بل وزاد للقلوب التى جف عنها الحنان واستبدت بها الغلظة، ونزعت منها الشفعة والرحمة.
ما أحرانا أن ننهل من كتاب ربنا منهاج التوحيد الصادق الخالص، إنه المورد الصافي، الذى لا تزيغ به الأهواء ولا يشبع منه العلماء، إنه وحى السماء، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
إن توحيد الله رحمة بالعباد ومنَّة عليهم، وزيادة فى الإحسان إليهم، ويا حسرة على من أشرك بالله واتبع هواه {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِك بِاللَّهِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} (النساء:116).
http://www.google.dz/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=4&cad=rja&ved=0CEUQFjAD&url=http%3A%2F%2Fwww.alshareyah.com%2Findex.php%3F option%3Dcom_*******%26view%3Darticle%26id%3D239%3 A2011-03-13-13-23-23%26catid%3D56%3Aissue79%26Itemid%3D668&ei=yZW-UvuaPIethQeioYD4Aw&usg=AFQjCNGWirvsoCG7pLLATD3uuq0a_cTslw&bvm=bv.58187178,d.ZG4
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir