المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدعوة إلى وحدة الأديان


أبو هاجر القحطاني
2013-11-26, 18:36
الدعوة إلى وحدة الأديان

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد‏:‏
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى ‏(‏وحدة الأديان‏)‏‏:‏ دين الإسلام، ودين اليهودية، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب‏.‏
وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي‏:‏
أولا‏:‏ إن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون‏:‏ أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 19 ‏{‏إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 3 ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 85 ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏ والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان‏.‏
ثانيا‏:‏ ومن أصول الاعتقاد في الإسلام‏:‏ أن كتاب الله تعالى‏:‏ ‏(‏القرآن الكريم‏)‏ هو آخر كتب الله نزولا وعهدا برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل؛ من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سوى القرآن الكريم، قال الله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 48 ‏{‏وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ‏}‏‏.‏
ثالثا‏:‏ يجب الإيمان بأن التوراة والإنجيل قد نسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم، منها قول الله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 13 ‏{‏فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ‏}‏ وقوله جل وعلا‏:‏ سورة البقرة الآية 79 ‏{‏فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ سورة آل عمران الآية 78 ‏{‏وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏ ولهذا فما كان منها صحيحا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ أخرجه أحمد 3/ 387، والدارمي في المقدمة 1/ 115- 116، والبزار ‏(‏كشف الأستار‏)‏ 1/ 78- 79 برقم ‏(‏124‏)‏، وابن أبي عاصم في السنة 1/ 27 برقم ‏(‏50‏)‏، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ‏(‏باب في مطالعة كتب أهل الكتاب والرواية عنهم‏)‏ 1/ 42 ‏(‏ط‏:‏ المنيرية‏)‏‏.‏ أفي شك أنت يا بن الخطاب‏؟‏ ألم آت بها بيضاء نقية‏؟‏‏!‏ لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي رواه أحمد والدارمي وغيرهما‏.‏
رابعا‏:‏ ومن أصول الاعتقاد في الإسلام‏:‏ أن نبينا ورسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تعالى‏:‏ سورة الأحزاب الآية 40 ‏{‏مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ‏}‏ فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم، وإنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك، كما قال تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 81 ‏{‏وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ‏}‏ ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وحاكما بشريعته، وقال الله تعالى‏:‏ سورة الأعراف الآية 157 ‏{‏الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏ كما أن من أصول الاعتقاد في الاسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين، قال الله تعالى‏:‏ سورة سبأ الآية 28 ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ‏}‏ وقال سبحانه‏:‏ سورة الأعراف الآية 158 ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا‏}‏ وغيرها من الآيات‏.‏
خامسا‏:‏ ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم، وتسميته كافرا ممن قامت عليه الحجة، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار، كما قال تعالى‏:‏ سورة البينة الآية 1 ‏{‏لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ‏}‏‏.‏
وقال جل وعلا‏:‏ سورة البينة الآية 6 ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة الأنعام الآية 19 ‏{‏وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة إبراهيم الآية 52 ‏{‏هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ‏}‏ الآية، وغيرها من الآيات‏.‏ وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ صحيح مسلم الإيمان ‏(‏153‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏2/317‏)‏‏.‏ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة‏:‏ يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار‏.‏ ولهذا فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر، طردا لقاعدة الشريعة‏:‏ ‏(‏من لم يكفر الكافر بعد إقامة الحجة عليه فهو كافر‏)‏‏.‏
سادسا‏:‏ وأمام هذه الأصول الاعتقادية، والحقائق الشرعية، فإن الدعوة إلى ‏(‏وحدة الأديان‏)‏ والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد، دعوة خبيثة ماكرة، والغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجر أهله إلى ردة شاملة، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه‏:‏ سورة البقرة الآية 217 ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا‏}‏‏.‏
وقوله جل وعلا‏:‏ سورة النساء الآية 89 ‏{‏وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً‏}‏‏.‏
سابعا‏:‏ وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول‏:‏ سورة التوبة الآية 29 ‏{‏قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ‏}‏ ويقول جل وعلا‏:‏ سورة التوبة الآية 36 ‏{‏وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 118 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ‏}‏‏.‏
ثامنا‏:‏ إن الدعوة إلى ‏(‏وحدة الأديان‏)‏ إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعا، محرمة قطعا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع‏.‏
تاسعا‏:‏ وبناء على ما تقدم‏:‏
1- فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلا عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها‏.‏
2- لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد‏؟‏ فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد؛ لما في ذلك من الجمع بين الحق ‏(‏القرآن الكريم‏)‏ والمحرف أو الحق المنسوخ ‏(‏التوراة والإنجيل‏)‏‏.‏
3- كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة‏:‏ ‏(‏بناء مسجد وكنيسة ومعبد‏)‏ في مجمع واحد؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة، لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك واعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله، تعالى الله عن ذلك‏.‏
كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس ‏(‏بيوت الله‏)‏ وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنها عبادة على غير دين الإسلام، والله تعالى يقول‏:‏ سورة آل عمران الآية 85 ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏ بل هي بيوت يكفر فيها بالله، نعوذ بالله من الكفر وأهله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى ‏(‏22/ 162‏)‏‏:‏ ‏(‏ليست- البيع والكنائس- بيوتا لله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها الكفار، فهي بيوت عبادة الكفار‏)‏‏.‏
عاشرا‏:‏ ومما يجب أن يعلم‏:‏ أن دعوة الكفار بعامة، وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين، بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام، ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، قال الله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 64 ‏{‏قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏}‏ أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون والله المستعان على ما يصفون، قال تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 49 ‏{‏وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ‏}‏‏.‏
وإن اللجنة إذ تقرر ما تقدم ذكره وتبينه للناس؛ فإنها توصي المسلمين بعامة، وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة‏:‏ ‏(‏وحدة الأديان‏)‏، ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين، وترويجها بينهم‏.‏
نسأل الله سبحانه، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن، وأن يجعلنا هداة مهتدين، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا‏.‏ وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله رحمة واسعة

[ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء / ( الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 275) / الفتوى رقم ( 19402 ) ]

توفيق43
2013-11-28, 18:31
الدعوة إلى وحدة الأديان

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد‏:‏
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من تساؤلات، وما ينشر في وسائل الإعلام من آراء ومقالات بشأن الدعوة إلى ‏(‏وحدة الأديان‏)‏‏:‏ دين الإسلام، ودين اليهودية، ودين النصارى، وما تفرع عن ذلك من دعوة إلى بناء مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، ودعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد، إلى غير ذلك من آثار هذه الدعوة، وما يعقد لها من مؤتمرات وندوات وجمعيات في الشرق والغرب‏.‏
وبعد التأمل والدراسة فإن اللجنة تقرر ما يلي‏:‏
أولا‏:‏ إن من أصول الاعتقاد في الإسلام، المعلومة من الدين بالضرورة، والتي أجمع عليها المسلمون‏:‏ أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام، وأنه خاتمة الأديان، وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد الله به سوى الإسلام، قال الله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 19 ‏{‏إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 3 ‏{‏الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 85 ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏ والإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هو ما جاء به دون ما سواه من الأديان‏.‏
ثانيا‏:‏ ومن أصول الاعتقاد في الإسلام‏:‏ أن كتاب الله تعالى‏:‏ ‏(‏القرآن الكريم‏)‏ هو آخر كتب الله نزولا وعهدا برب العالمين، وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل؛ من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها، ومهيمن عليها، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سوى القرآن الكريم، قال الله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 48 ‏{‏وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ‏}‏‏.‏
ثالثا‏:‏ يجب الإيمان بأن التوراة والإنجيل قد نسخا بالقرآن الكريم، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، كما جاء بيان ذلك في آيات من كتاب الله الكريم، منها قول الله تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 13 ‏{‏فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ‏}‏ وقوله جل وعلا‏:‏ سورة البقرة الآية 79 ‏{‏فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ‏}‏ وقوله سبحانه‏:‏ سورة آل عمران الآية 78 ‏{‏وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏ ولهذا فما كان منها صحيحا فهو منسوخ بالإسلام، وما سوى ذلك فهو محرف أو مبدل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه غضب حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ أخرجه أحمد 3/ 387، والدارمي في المقدمة 1/ 115- 116، والبزار ‏(‏كشف الأستار‏)‏ 1/ 78- 79 برقم ‏(‏124‏)‏، وابن أبي عاصم في السنة 1/ 27 برقم ‏(‏50‏)‏، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ‏(‏باب في مطالعة كتب أهل الكتاب والرواية عنهم‏)‏ 1/ 42 ‏(‏ط‏:‏ المنيرية‏)‏‏.‏ أفي شك أنت يا بن الخطاب‏؟‏ ألم آت بها بيضاء نقية‏؟‏‏!‏ لو كان أخي موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي رواه أحمد والدارمي وغيرهما‏.‏
رابعا‏:‏ ومن أصول الاعتقاد في الإسلام‏:‏ أن نبينا ورسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، كما قال الله تعالى‏:‏ سورة الأحزاب الآية 40 ‏{‏مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ‏}‏ فلم يبق رسول يجب اتباعه سوى محمد صلى الله عليه وسلم، ولو كان أحد من أنبياء الله ورسله حيا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وسلم، وإنه لا يسع أتباعهم إلا ذلك، كما قال تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 81 ‏{‏وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ‏}‏ ونبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان يكون تابعا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وحاكما بشريعته، وقال الله تعالى‏:‏ سورة الأعراف الآية 157 ‏{‏الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏}‏ كما أن من أصول الاعتقاد في الاسلام أن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم عامة للناس أجمعين، قال الله تعالى‏:‏ سورة سبأ الآية 28 ‏{‏وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ‏}‏ وقال سبحانه‏:‏ سورة الأعراف الآية 158 ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا‏}‏ وغيرها من الآيات‏.‏
خامسا‏:‏ ومن أصول الإسلام أنه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم، وتسميته كافرا ممن قامت عليه الحجة، وأنه عدو لله ورسوله والمؤمنين، وأنه من أهل النار، كما قال تعالى‏:‏ سورة البينة الآية 1 ‏{‏لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ‏}‏‏.‏
وقال جل وعلا‏:‏ سورة البينة الآية 6 ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة الأنعام الآية 19 ‏{‏وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة إبراهيم الآية 52 ‏{‏هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ‏}‏ الآية، وغيرها من الآيات‏.‏ وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ صحيح مسلم الإيمان ‏(‏153‏)‏، مسند أحمد بن حنبل ‏(‏2/317‏)‏‏.‏ والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة‏:‏ يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار‏.‏ ولهذا فمن لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر، طردا لقاعدة الشريعة‏:‏ ‏(‏من لم يكفر الكافر بعد إقامة الحجة عليه فهو كافر‏)‏‏.‏
سادسا‏:‏ وأمام هذه الأصول الاعتقادية، والحقائق الشرعية، فإن الدعوة إلى ‏(‏وحدة الأديان‏)‏ والتقارب بينها وصهرها في قالب واحد، دعوة خبيثة ماكرة، والغرض منها خلط الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجر أهله إلى ردة شاملة، ومصداق ذلك في قول الله سبحانه‏:‏ سورة البقرة الآية 217 ‏{‏وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا‏}‏‏.‏
وقوله جل وعلا‏:‏ سورة النساء الآية 89 ‏{‏وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً‏}‏‏.‏
سابعا‏:‏ وإن من آثار هذه الدعوة الآثمة إلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله، والله جل وتقدس يقول‏:‏ سورة التوبة الآية 29 ‏{‏قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ‏}‏ ويقول جل وعلا‏:‏ سورة التوبة الآية 36 ‏{‏وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ‏}‏ وقال تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 118 ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ‏}‏‏.‏
ثامنا‏:‏ إن الدعوة إلى ‏(‏وحدة الأديان‏)‏ إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله عز وجل، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان، وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعا، محرمة قطعا بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة وإجماع‏.‏
تاسعا‏:‏ وبناء على ما تقدم‏:‏
1- فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا الدعوة إلى هذه الفكرة الآثمة، والتشجيع عليها، وتسليكها بين المسلمين، فضلا عن الاستجابة لها، والدخول في مؤتمراتها وندواتها، والانتماء إلى محافلها‏.‏
2- لا يجوز لمسلم طباعة التوراة والإنجيل منفردين، فكيف مع القرآن الكريم في غلاف واحد‏؟‏ فمن فعله أو دعا إليه فهو في ضلال بعيد؛ لما في ذلك من الجمع بين الحق ‏(‏القرآن الكريم‏)‏ والمحرف أو الحق المنسوخ ‏(‏التوراة والإنجيل‏)‏‏.‏
3- كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة‏:‏ ‏(‏بناء مسجد وكنيسة ومعبد‏)‏ في مجمع واحد؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة، لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان، ولا شك أن إقرار ذلك واعتقاده أو الرضا به كفر وضلال؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين، واعتراف بأن تحريفات اليهود والنصارى من عند الله، تعالى الله عن ذلك‏.‏
كما أنه لا يجوز تسمية الكنائس ‏(‏بيوت الله‏)‏ وأن أهلها يعبدون الله فيها عبادة صحيحة مقبولة عند الله؛ لأنها عبادة على غير دين الإسلام، والله تعالى يقول‏:‏ سورة آل عمران الآية 85 ‏{‏وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ‏}‏ بل هي بيوت يكفر فيها بالله، نعوذ بالله من الكفر وأهله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى ‏(‏22/ 162‏)‏‏:‏ ‏(‏ليست- البيع والكنائس- بيوتا لله، وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها، فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها الكفار، فهي بيوت عبادة الكفار‏)‏‏.‏
عاشرا‏:‏ ومما يجب أن يعلم‏:‏ أن دعوة الكفار بعامة، وأهل الكتاب بخاصة إلى الإسلام واجبة على المسلمين، بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، ولكن ذلك لا يكون إلا بطريق البيان والمجادلة بالتي هي أحسن، وعدم التنازل عن شيء من شرائع الإسلام، وذلك للوصول إلى قناعتهم بالإسلام، ودخولهم فيه، أو إقامة الحجة عليهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، قال الله تعالى‏:‏ سورة آل عمران الآية 64 ‏{‏قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏}‏ أما مجادلتهم واللقاء معهم ومحاورتهم لأجل النزول عند رغباتهم، وتحقيق أهدافهم، ونقض عرى الإسلام ومعاقد الإيمان فهذا باطل يأباه الله ورسوله والمؤمنون والله المستعان على ما يصفون، قال تعالى‏:‏ سورة المائدة الآية 49 ‏{‏وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ‏}‏‏.‏
وإن اللجنة إذ تقرر ما تقدم ذكره وتبينه للناس؛ فإنها توصي المسلمين بعامة، وأهل العلم بخاصة بتقوى الله تعالى ومراقبته، وحماية الإسلام، وصيانة عقيدة المسلمين من الضلال ودعاته، والكفر وأهله، وتحذرهم من هذه الدعوة الكفرية الضالة‏:‏ ‏(‏وحدة الأديان‏)‏، ومن الوقوع في حبائلها، ونعيذ بالله كل مسلم أن يكون سببا في جلب هذه الضلالة إلى بلاد المسلمين، وترويجها بينهم‏.‏
نسأل الله سبحانه، بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن، وأن يجعلنا هداة مهتدين، حماة للإسلام على هدى ونور من ربنا حتى نلقاه وهو راض عنا‏.‏ وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‏.‏

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله رحمة واسعة

[ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء / ( الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 275) / الفتوى رقم ( 19402 ) ]
هل لك أن تأتينا بقول عالم من علماء المسلمين يدعوا إلى وحدة الأديان لكي تكون دينا واحدا؟

كلمات مبعثرة
2013-12-05, 16:40
هل لك أن تأتينا بقول عالم من علماء المسلمين يدعوا إلى وحدة الأديان لكي تكون دينا واحدا؟

الكل حر في اعتقاده لا يوجد ما يسمى بوحدة الاديان حتى الله سبحانه وتعالى في سورة الكافرون قال لكم دينكم ولي دين ...وقال في سورة البقرة لا اكراه في الدين فدين الاسلام لا يجبر احدا على اعتناقه بل ترك للناس الحرية في الاعتقاد..فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . والاخ في اخر الموضوع بين ان الدعوة الى توحيد الاديان ماهي الا محاولة للاساءة الى الاسلام

توفيق43
2013-12-06, 18:02
الكل حر في اعتقاده لا يوجد ما يسمى بوحدة الاديان حتى الله سبحانه وتعالى في سورة الكافرون قال لكم دينكم ولي دين ...وقال في سورة البقرة لا اكراه في الدين فدين الاسلام لا يجبر احدا على اعتناقه بل ترك للناس الحرية في الاعتقاد..فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . والاخ في اخر الموضوع بين ان الدعوة الى توحيد الاديان ماهي الا محاولة للاساءة الى الاسلام
سمعت عن الحوار بين الأديان
لكن لم أعرف و لم أسمع عالما دعا لوحدة الأديان
و لهذا طلبت منه ذكر و لو عالما واحد دعا لوحدة الأديان

سَـآجدة
2014-01-19, 15:19
هدانا الله وإياهم
بارك الله فيكم اخانا
نسال الله ان يبعد عنا ما قد يسوؤنا
سلمتم أخانا

pauvre
2014-01-19, 17:53
كيف يمكن للديانات أن تتوحد اذا كان المسيحي يبدأ كلامه بالكفر و الشرك
يقولون باسم الأب الابن و الروح القدس
من أراد أن يدخل الاسلام فليدخل و من أراد أن يتبع الديانات الأخرى فليفعل لأنه لن ندخل كلنا الى الجنة
من أراد أن يدخل الجنة فالاسلام موجود
من أراد أن يخلد في النار فالديانات الأخرى موجودة
هؤلاء لا يريدون وحدة الأديان بل يريدون تصاريح لبناء كنائس في الدول الاسلامية

البيرين1
2014-01-19, 21:14
السلام عليكم.ان توحيد الاديان لا يصلح لا نظريا ولا عمليا.بل قد لا اكون مجانبا للصواب اذا قلت انه حتى حوار الاديان سوف يصل الى طريق مسدود لان عوامل الحوار غير متوفره فاذا كان كل من النصارى و اليهود يقولون عن نبينا عليه افضل الصلاة و التسليم انه كذاب و ليس برسول(حاشاه)و اليهود تقول عن عيسى بن مريم عليه و على نبينا افضل الصلاة و التسليم انه كذاب بل حتى ان اليهود لايؤمنون بنفس الكتاب فالسامريون يؤمنون بالكتب الخمسه الاولى فقط ويعتبرون باقي الكتب مكذوبه لانهم يبطلون كل نبوه بعد موسى و يوشع اما اليهود العبرانيين فيؤمنون ب24 سفرا كامله.اما النصارى فقد اختلفوا بحيث البروتستنت اعترفوا باسفار اليهود و اختلفوا معهم في التقسيم فاليهود العبرانيين جعلوها 24 سفرا و البروتستنت 39 سفرا اما الكاثوليك الارثوذكس فقد اضافوا اليها 7 اخرىحت 46 سفرا و هناك سفر منسوب الى عزرا لا يعترف به الكاثوليك و البروتستنت و يراه الارثوذكس واجب التسليم
فاذا كان هذا القليل من الكثير فكيف يكون الاتحاد بل على اي اساس يكون الحوار و مع من نتحاور فاليعزموا امرهم بينهم ثم يحاورونا لاننا نحن المسلمين و المنة لله ولو اختلفنا في الفروع فان لنا كتاب واحد و نبي واحد و اله واحد

البيرين1
2014-01-19, 21:23
ان الفرق بيننا و بينهم شاسع فمثلا بالنسبه للنصارى كل من لا يومن بان عيسى ابن الله و اله وساوي لله فانه كافر ويستحق العذاب الابدي اما نحن فنؤمن بان عيسى عبد الله و رسوله و كل من قال غير ذلك فهو كافر و يستحق العذاب الابدى و نفس الشئ بالنسبه للعزير عند اليهود فاظن ان الحوار الوحيد و المجدي ان تكون كلمة سواء بيننا و بينهم و الله اعلم

شمس الدين_الجزائري
2014-01-28, 08:40
ألم يدعوا إلى ذلك
ملك السعودية
وهل يكفر بذلك ؟

مواطن وخلاص
2014-01-28, 13:23
لم أسمع يوما بأحد يقول بوحدة الأديان هذا اولا

وثانيا : إذا كان الدين الواحد مقسم إلى مذاهب يستحيل توحيدها

والمذهب الواحد مقسم لعدة جماعات

والجماعة الواحدة مقسمة إلى تنظيمات والتنظيم مقسم إلى جزيئيات

كيف يتم توحيد الأديان

يعني بالعربي الفصيح وحدوا اولا الدين الواحد