الصديق عثمان
2009-06-15, 16:13
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الناس معادن ....، وما يجعل الناس يفرق بعضهم عن بعض إلا صفات وفضائل يحملها البعض فيكون معدنا نفيسا ويفقدها الآخر فيكون رخيصا ومزيفا ، المروءة ، الشجاعة ، الوفاء ..كلها صفات قل حاملها فكان نادرا كندرة الذهب ، ووفق هذه المعالم يصنع المرء طريقه ومنهجه ودستوره معنون بقانون المروءة و الانسان ... إلا أنه قد يعترض طريقه قوانين أخرى فيكون امتحانا آخر لكي يثبت أنه معدن نفيس ولا يهمه إلا أين المصير ... ومن فضل الله تعالى أن جاء قانون الاسلام وقانون الانسانية يسيران وفق منهج واحد وغاية واحدة ولعل في قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وأبي ذر –رضي الله عنهما - ، لدليل على ذلك
أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه قال عمر: ما هذا قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا ، قال: أقتلت أباهم ؟
قال: نعم قتلته ! قال : كيف قتلتَه ؟ قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته ، فلم ينزجر، فأرسلت عليه حجراً ، وقع على رأسه فمات...قال عمر : القصاص ... الإعدام ..قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟ ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا
يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا يحابي أحداً في دين الله ، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ، ولو كان ابنه القاتل ، لاقتص منه ..قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض أن تتركني ليلة ، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية ، فأُخبِرُهم بأنك سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أناقال عمر : من يكفلك
أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟ يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا داره ولا قبيلته ولا منزله،
فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على أرض ، ولا على ناقة ، إنهاكفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف ..ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن يمكن أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ،
فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ، ونكّس عمر رأسه ، والتفت إلى الشابين : أتعفوان عنه ؟
قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين.. قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!!
فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته وزهده ، وصدقه ،وقال:
يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو كان قاتلا!قال: أتعرفه ؟
قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله ؟ قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ، فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن شاءالله قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك!
قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين ...فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل .... وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ، وفي العصرنادى في المدينة : الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ، واجتمع الناس ، وأتى أبو ذر وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير المؤمنين!وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها
، وسكتالصحابة واجمين ، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله. صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر ، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ، لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب بها اللاعبون ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا تنفذ في ظروف دون ظروف وعلى أناس دون أناس ، وفي مكان دون مكان...وقبل الغروب بلحظات ، وإذا
بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر المسلمونمعه فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو
بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك !! قال: يا أمير المؤمنين ، والله
ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي
كفراخ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل.. وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء
بالعهد من الناس فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟ فقال أبو ذر :
خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس فوقف عمر وقال للشابين : ماذا
تريان؟ قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..
وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس !
قال عمر : الله أكبر ، ودموعه
تسيل على لحيته ....
فلنعد قراءة الكلمات التالية : خشيت أن يقال ذهب الوفاء بالعهد من الناس ، خشيت أن يقال ذهب الخير من الناس ،خشينا أن يقال ذهب العفو من الناس ،
كلها بنود لقوانون المروءة والانسانية ، وقد كانت نتيجتها السلامة لكل الأطراف وإثباتا بيقين أن المعدن معدن نفيس .... ولا غير السلامة إذا التقى النفيس بالنفيس .
في حياتنا اليومية وفي مختلف المجالات والنشاطات لم نعط لقانون الانسان حقه ولم نراعي بنوده وشروطه فكان في صراع دائم مع بقية القوانين
ولنأخذ مثالا بسيطا في مجال الرياضة فمن منا لا يعرف اللاعب الجزائري زيدان الذي أمتع العالم بفنياته فكان أسطورة كرة القدم ليقف في آخر حياته الرياضية في صراع بين قانون الانسان وقانون اللعبة فاختار الشرف والعرض والمروءة وإن عاقبه قانون الرياضة بنهاية مأساوية – بطاقة حمراء ، ولم تشفع له انجازاته ، ولا اوسمته ، ولا الكؤوس التي أحرزها .... سار وفق نهج قانون الانسانية ، وأثبت أنه معدن نفيس ، والناس أحبته لذلك .. ...
نحتاج في حياتنا لأن نكون إنسانيين ، فلا نعاقب من كان صادقا ولو شتمنا ، لا نعاقب من كان وفيا لصديقه ، ومن كان شجاعا في تصرفه .... نحتاج الى من يحفظ للمروءة حقها ومن يقدمها على بقية القوانين ... قد قال لي صديق يوما ما حظروه لأنه كان وفيا لصديق : خفت أن يقول الناس ذهب الوفاء للأصدقاء ، فقلت له : لكننا نحتاج لمن يقول : خفت أن يقال ذهب العفو من الناس ، فأين نجدهم ؟
اعتذر عن الاخطاء فقد كتب في عجالة
الناس معادن ....، وما يجعل الناس يفرق بعضهم عن بعض إلا صفات وفضائل يحملها البعض فيكون معدنا نفيسا ويفقدها الآخر فيكون رخيصا ومزيفا ، المروءة ، الشجاعة ، الوفاء ..كلها صفات قل حاملها فكان نادرا كندرة الذهب ، ووفق هذه المعالم يصنع المرء طريقه ومنهجه ودستوره معنون بقانون المروءة و الانسان ... إلا أنه قد يعترض طريقه قوانين أخرى فيكون امتحانا آخر لكي يثبت أنه معدن نفيس ولا يهمه إلا أين المصير ... ومن فضل الله تعالى أن جاء قانون الاسلام وقانون الانسانية يسيران وفق منهج واحد وغاية واحدة ولعل في قصة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وأبي ذر –رضي الله عنهما - ، لدليل على ذلك
أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه قال عمر: ما هذا قالوا : يا أمير المؤمنين ، هذا قتل أبانا ، قال: أقتلت أباهم ؟
قال: نعم قتلته ! قال : كيف قتلتَه ؟ قال : دخل بجمله في أرضي ، فزجرته ، فلم ينزجر، فأرسلت عليه حجراً ، وقع على رأسه فمات...قال عمر : القصاص ... الإعدام ..قرار لم يكتب ... وحكم سديد لا يحتاج مناقشة ، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل ، هل هو من قبيلة شريفة ؟ هل هو من أسرة قوية ؟ ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا
يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا يحابي أحداً في دين الله ، ولا يجامل أحدا ًعلى حساب شرع الله ، ولو كان ابنه القاتل ، لاقتص منه ..قال الرجل : يا أمير المؤمنين : أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض أن تتركني ليلة ، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية ، فأُخبِرُهم بأنك سوف تقتلني ، ثم أعود إليك ، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أناقال عمر : من يكفلك
أن تذهب إلى البادية ، ثم تعود إليَّ؟ يعرفون اسمه ، ولا خيمته ، ولا داره ولا قبيلته ولا منزله،
فكيف يكفلونه ، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على أرض ، ولا على ناقة ، إنهاكفالة على الرقبة أن تُقطع بالسيف ..ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله ؟ ومن يشفع عنده ؟ومن يمكن أن يُفكر في وساطة لديه ؟ فسكت الصحابة ، وعمر مُتأثر ، لأنه وقع في حيرة ، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل ، وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة ،
فيضيع دم المقتول ، وسكت الناس ، ونكّس عمر رأسه ، والتفت إلى الشابين : أتعفوان عنه ؟
قالا : لا ، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين.. قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!!
فقام أبو ذر الغفاريّ بشيبته وزهده ، وصدقه ،وقال:
يا أمير المؤمنين ، أنا أكفله قال عمر : هو قَتْل ، قال : ولو كان قاتلا!قال: أتعرفه ؟
قال: ما أعرفه ، قال : كيف تكفله ؟ قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين ، فعلمت أنه لا يكذب ، وسيأتي إن شاءالله قال عمر : يا أبا ذرّ ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك!
قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين ...فذهب الرجل ، وأعطاه عمر ثلاث ليال ٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع أطفاله وأهله ، وينظر في أمرهم بعده ،ثم يأتي ، ليقتص منه لأنه قتل .... وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد ، يَعُدّ الأيام عداً ، وفي العصرنادى في المدينة : الصلاة جامعة ، فجاء الشابان ، واجتمع الناس ، وأتى أبو ذر وجلس أمام عمر ، قال عمر: أين الرجل ؟ قال : ما أدري يا أمير المؤمنين!وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس ، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها
، وسكتالصحابة واجمين ، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله. صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر ، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد لكن هذه شريعة ، لكن هذا منهج ، لكن هذه أحكام ربانية ، لا يلعب بها اللاعبون ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها ، ولا تنفذ في ظروف دون ظروف وعلى أناس دون أناس ، وفي مكان دون مكان...وقبل الغروب بلحظات ، وإذا
بالرجل يأتي ، فكبّر عمر ،وكبّر المسلمونمعه فقال عمر : أيها الرجل أما إنك لو
بقيت في باديتك ، ما شعرنا بك وما عرفنا مكانك !! قال: يا أمير المؤمنين ، والله
ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين ، تركت أطفالي
كفراخ الطير لا ماء ولا شجر في البادية ،وجئتُ لأُقتل.. وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء
بالعهد من الناس فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟؟ فقال أبو ذر :
خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس فوقف عمر وقال للشابين : ماذا
تريان؟ قالا وهما يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه..
وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس !
قال عمر : الله أكبر ، ودموعه
تسيل على لحيته ....
فلنعد قراءة الكلمات التالية : خشيت أن يقال ذهب الوفاء بالعهد من الناس ، خشيت أن يقال ذهب الخير من الناس ،خشينا أن يقال ذهب العفو من الناس ،
كلها بنود لقوانون المروءة والانسانية ، وقد كانت نتيجتها السلامة لكل الأطراف وإثباتا بيقين أن المعدن معدن نفيس .... ولا غير السلامة إذا التقى النفيس بالنفيس .
في حياتنا اليومية وفي مختلف المجالات والنشاطات لم نعط لقانون الانسان حقه ولم نراعي بنوده وشروطه فكان في صراع دائم مع بقية القوانين
ولنأخذ مثالا بسيطا في مجال الرياضة فمن منا لا يعرف اللاعب الجزائري زيدان الذي أمتع العالم بفنياته فكان أسطورة كرة القدم ليقف في آخر حياته الرياضية في صراع بين قانون الانسان وقانون اللعبة فاختار الشرف والعرض والمروءة وإن عاقبه قانون الرياضة بنهاية مأساوية – بطاقة حمراء ، ولم تشفع له انجازاته ، ولا اوسمته ، ولا الكؤوس التي أحرزها .... سار وفق نهج قانون الانسانية ، وأثبت أنه معدن نفيس ، والناس أحبته لذلك .. ...
نحتاج في حياتنا لأن نكون إنسانيين ، فلا نعاقب من كان صادقا ولو شتمنا ، لا نعاقب من كان وفيا لصديقه ، ومن كان شجاعا في تصرفه .... نحتاج الى من يحفظ للمروءة حقها ومن يقدمها على بقية القوانين ... قد قال لي صديق يوما ما حظروه لأنه كان وفيا لصديق : خفت أن يقول الناس ذهب الوفاء للأصدقاء ، فقلت له : لكننا نحتاج لمن يقول : خفت أن يقال ذهب العفو من الناس ، فأين نجدهم ؟
اعتذر عن الاخطاء فقد كتب في عجالة