المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب دخول الجنة والنجاة من النار


بوعلام بن حورة
2009-06-13, 15:17
أسباب دخول الجنة والنجاة من النار
قال تعالى: }وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ{ سورة البقرة آية (25).
قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ{ سورة لقمان آية (8).
وقال تعالى: }إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ{ سورة ن آية (34).
وقال تعالى: }وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{ سورة آل عمران آية (133-136).
وقال تعالى: }سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ{ سورة الحديد آية (21).
وقال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{ سورة الأحقاف آية (13-14).
وقال تعالى: }الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْفِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ{ سورة التوبة آية
(20-22).
وقال تعالى: }إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ{ سورة التوبة آية (111 – 112).
وقال تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ [المؤمنون: 1- 11].
روى الإمام أحمد وغيره أن النبي r قال: «لقد أنزل علَّيَّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{» الآيات.
والآيات في أسباب دخول الجنة والنجاة من النار كثيرة معلومة. ووردت أحاديث كثيرة عن النبي r في هذا المعنى نذكر منها:
1- عن أبي أمامة t قال سمعت رسول الله r يخطب في حجة الوداع فقال: «اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم» رواه مسلم.
2- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «من أحب أن يُزحزح عن النار ويُدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يجب أن يؤتي إليه» رواه مسلم.
3- وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: «أن رجلاً سأل رسول الله r فقال: أرأيت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام أدخل الجنة؟ قال: نعم» رواه مسلم. ومعنى حرَّمت الحرام اجتنبته ومعنى أحللت الحلال فعلته معتقداً حله. وهو يدل على أن من قام بالواجبات وانتهي عن المحرمات دخل الجنة. قال العلماء وإنما لم يذكر الزكاة والحج في هذا الحديث؛ لأن الزكاة لا تجب إلا على صاحب المال، والحج لا يجب إلا على المستطيع. وأما الصلاة والصيام وتحليل الحلال وترك الحرام فواجب على كل أحد والله أعلم.
4- وعن معاذ بن جبل t قال: «قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله لا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت» الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
5- وعن أبي هريرة t أن النبي r قال: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة» رواه مسلم.
6- وعن عمر بن الخطاب t أن النبي r قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها يشاء» رواه مسلم.
7- وعن عثمان بن عفان t أن النبي r قال: «من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة» رواه البخاري ومسلم.
8- وعن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله r يقول: «من صلى اثنتي عشرة ركعة في يومه وليلته تطوعاً بني له بهن بيتًا في الجنة» رواه مسلم. وهن أربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل صلاة الفجر كما في رواية الترمذي.
9- وعن أبي هريرة t: «أن النبي r سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق» رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه.
10- وعن عبد الله بن سلام t أن النبي r قال: «أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلُّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
11- وعن أبي هريرة t قال: «قال رسول الله r: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة وأشار مالك بالسبابة والوسطى» رواه مسلم.
وحاصل ما تقدم أن أسباب دخول الجنة تنحصر في طاعة الله ورسوله وأسباب دخول النار في معصية الله ورسوله قال تعالى: }وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ{ سورة النساء آية (13 – 14).
ويستفاد مما تقدم من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار ما يلي:
1- الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
2- تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام.
3- الإيمان الصادق والعمل الصالح الخالص لله الموافق لسنة رسول الله r.
4- تقوى الله تعالى وطاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
5- الصدقة والإحسان إلى الناس في السراء والضراء والعسر واليسر.
6- كظم الغيظ وملك النفس عند الغضب والعفو عن الناس.
7- التوبة والاستغفار في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات، وعدم الإصرار على الذنب.
8- المسارعة إلى الخيرات والمنافسة في الأعمال الصالحات.
9- لزوم طاعة الله والاستقامة عليها وجهاد النفس فيها.
10- الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله.
11- محبة الله وخوفه ورجاؤه ومحبة رسوله وعباده المؤمنين.
12- حمد الله والشكر له في السراء والضراء.
13- الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على أقدار الله المؤلمة.
14- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
15- المحافظة على الصلوات والخشوع فيها.
16- الإعراض عن اللغو وكل ما لا خير فيه ولا فائدة تعود منه.
17- غض الأبصار عن العورات والمحارم وحفظ الفروج.
18- أداء الأمانات وحفظ العهود ومراعاتها وعدم الخيانة فيها.
19- طاعة أولي الأمر وهم العلماء والأمراء في غير معصية الله.
20- الإيمان بالله واليوم الآخر ومعاملة الناس بما تحب أن يعاملوك به.
21- امتثال الأوامر واجتناب النواهي وفعل الواجبات وترك المحرمات.
22- طلب العلم النافع وهو العلم الشرعي علم الكتاب والسنة والعمل به.
23- إسباغ الوضوء والتشهد بعده.
24- بناء المساجد بنية خالصة لله تعالى.
25- المحافظة على الصلوات المفروضة وإكمالها بالنوافل المشروعة قبلها وبعدها.
26- حسن الخلق ولين الجانب والتواضع لله ولعباده.
27- إفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام والصلاة بالليل والناس نيام.
28- كفالة اليتيم ورعايته والقيام بشئونه.
29- صدق الحديث وبر الوالدين والإحسان إلى الجار والمملوك من الآدميين والبهائم.
30- الإخلاص لله والتوكل عليه والمحبة له ولرسوله وخشية الله ورجاء رحمته والإنابة إليه والصبر على حكمه، والشكر لنعمه بالقلب واللسان والعمل.
31- قراءة القرآن وذكر الله ودعاؤه ومسألته والرغبة إليه والخوف من عقابه.
32- أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتحسن إلى من أساء إليك فإن الله أعد الجنة للمتقين }الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{.
33- العدل في جميع الأمور وعلى جميع الخلق حتى الكفار وأمثال هذه الأسباب.
34- سؤال الجنة والنجاة من النار والدعاء }وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{ سورة غافر آية (60) }رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ{. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ملاحظة:
لابد لدخول الجنة والنجاة من النار من استكمال الشروط وانتفاء الموانع وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، وفعل الواجبات، وترك المحرمات فلا بد مع الإتيان بالأسباب المتقدمة ونحوها لدخول الجنة من الابتعاد عن أسباب دخول النار من الكفر والشرك والفسوق والمعاصي. ولن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله ورحمة الله قريب من المحسنين والمؤمنين والمتقين والتوابين والمتبعين لرسول الله r والمطيعين له.
اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قَرَّب إليها من قول وعمل واعتقاد. ونسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار. ونسألك بوجهك الجنة ونعوذ بوجهك من النار }رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا{. اللهم تب علينا إنك أنت التواب الرحيم يا حي يا قيوم ياذا الجلال والإكرام. اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله لا إله إلا أنت. اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

*****



أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار
سئل شيخ الإسلام (ابن تيمية رحمه الله) ما عمل أهل الجنة وما عمل أهل النار؟
فأجاب – الحمد لله رب العالمين: عمل أهل الجنة الإيمان والتقوى وعمل أهل النار الكفر والفسوق والعصيان. فأعمال أهل الجنة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر – خيره وشره، والشهادتان شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت. وأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. ومن أعمال أهل الجنة صدق الحديث وأداء الأمانة والوفاء بالعهد وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين والمملوك من الآدميين والبهائم. ومن أعمال أهل الجنة الإخلاص لله والتوكل عليه والمحبة له ولرسوله وخشية الله ورجاء رحمته والإنابة إليه والصبر على حكمه والشكر لنعمه. ومن أعمال أهل الجنة قراءة القرآن وذكر الله ودعاؤه ومسألته والرغبة إليه، ومن أعمال أهل الجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله للكفار والمنافقين.
ومن أعمال أهل الجنة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك فإن الله أعد الجنة للمتقين }الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{ سورة آل عمران آية (134) ومن أعمال أهل الجنة العدل في جميع الأمور وعلى جميع الخلق حتى الكفار وأمثال هذه الأعمال.
وأما عمل أهل النار فمثل الإشراك بالله والتكذيب بالرسل والكفر والحسد والكذب والخيانة والظلم والفواحش والغدر وقطيعة الرحم والجبن عن الجهاد والبخل واختلاف السر والعلانية واليأس من روح الله والأمن من مكر الله والجزع عند المصائب والفخر والبطر عند النعم وترك فرائض الله واعتداء حدوده وانتهاك حرماته وخوف المخلوق دون الخالق ورجاء المخلوق دون الخالق والتوكل على المخلوقين دون الخالق والعمل رياء وسمعة ومخالفة الكتاب والسنة وطاعة المخلوق في معصية الخالق والتعصب بالباطل والاستهزاء بآيات الله وجحد الحق والكتمان لما يجب إظهاره من علم وشهادة. ومن عمل أهل النار السحر وعقوق الوالدين وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والفرار من الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
وتفصيل الجملتين لا يمكن لكن أعمال أهل الجنة كلها تدخل في طاعة الله ورسوله وأعمال أهل النار كلها تدخل في معصية الله ورسوله }وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ{ سورة النساء: آية (13-14). والله أعلم (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج10ص422. وصلى الله على محمد).


التحذير من النار وأسباب دخولها ([1] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1))
الحمد لله رب العالمين، أمر بتقواه، وأخبر أن من اتقاه وقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأكرم الخلق على الله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: أيها المسلمون اتقوا الله تعالى – يقول الله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{([2] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)).
نداء من الله لأهل الإيمان، وأمر وتحذير، وإخبار عن خطر شديد، ينادي الله أهل الإيمان لأنهم هم الذين يصغون لندائه ويمتثلون أمره وينتفعون بكلامه، ويأمرهم باتخاذ الوقاية لأنفسهم ولأهليهم من خطر أمامهم ومهلكة في طريقهم، لا ينجو منها إلا من تنبه لها قبل وصولها وأخذ الحيطة والحذر من الوقوع فيها، هذه المهلكة نار عظيمة – ليست كالنار التي تعرفون – توقد بالحطب وتطفأ بالماء – ويمكن مكافحتها والتغلب عليها – إنها نار توقد بجثث الناس وبحجارة الأصنام أو حجارة الكبريت – ليست كنار الدنيا – من احترق بها مات، وفارق الحياة، وانقطع إحساسه بألمها بل }كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا{([3] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3))}كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ{([4] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn4))}لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا{([5] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn5))}لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا * إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا{([6] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn6)).
وليس القائمون على إيقادها وتعذيب أهلها ممن يدركهم العجز والتعب، أو تأخذهم الشفقة والرحمة أو ينفع فيهم الاستعطاف والاسترحام، أو تميل بهم المحاباة والعاطفة، أو يتساهلون في تنفيذ الأوامر الصادرة إليهم بالتعذيب.. إنهم }مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{([7] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn7)).
أيها المسلمون: إن تبعة المسلم في نفسه وفي أهله تبعة ثقيلة رهيبة، فالنار هناك وهو متعرض لها هو وأهله، فعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون هذه النار التي تنتظر من سار في طريقها، إنها نار فظيعة مستعرة معروضة في طريقه لا محيد له عنها – نار وقودها الناس والحجارة، الناس فيها كالحجارة سواء، في مهانة الحجارة وفي رخص الحجارة وفي قذف الحجارة، دون اعتبار ولا عناية. ما أفظعها ناراً هذه التي توقد بالحجارة تأكل الحجارة الصلبة الصماء فكيف بجسم ابن آدم – عليها ملائكة غلاظ شداد – تتناسب طبيعتهم مع طبيعة العذاب الذي هم به موكلون }لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ{([8] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn8)).
فمن صفاتهم: إطاعة الله فيما يأمرهم به، ومن صفاتهم القدرة على تنفيذ ما أمرهم به. لا يتركون منه شيئاً – كيف يقي المؤمنون أنفسهم وأهليهم من هذه النار؟– إن الله سبحانه بين لهم الطريق، وفتح لهم باب الرجاء والرحمة والنجاة من هذه النار إن هم سلكوا هذا الطريق الذي بينه لهم قال سبحانه وتعالى:
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{([9] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn9)).
هذا هو الطريق، توبة من الذنوب والسيئات – خالصة لله – تتضمن ترك الذنوب، والندم على فعلها – والعزم على عدم العودة إليها: ورد مظالم العباد إليهم، وتدفع إلى العمل الصالح – وتكون ثمرتها تكفير السيئات، ودخول الجنات، والسلامة من الخزي الذي يصيب العصاة، واللحاق بالنبي r والذين آمنوا معه في توفر النور والخروج من الظلمات.
أيها المسلمون: إننا بنص هذه الآيات مسئولون عن أنفسنا بأن نلزمها بطاعة الله ونبعدها عن معصية الله، مسئولون عن أولادنا وزوجاتنا ومن يسكن في بيوتنا، أن نلزمهم بطاعة الله، ونجنبهم معصية الله، وبذلك جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله r: حيث قال: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع»([10] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn10))، وقال r: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»([11] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn11))أيها الآباء والأمهات: تعاونوا على القيام بهذه المسئولية داخل بيوتكم وخارجها – تابعوا أولادكم أينما كانوا – مروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر علموهم أمور دينهم، اعزلوهم عن جلساء السوء وقرناء الفساد – طهروا بيوتكم من أدوات الفساد – من الفيديو – من الأفلام الفاسدة، من الأغاني، من الصور الخليعة، من الكتب المنحرفة، من الصحف والمجلات الماجنة – من المربيات الأجنبيات، من الرجال الأجانب، سائقين أو خادمين.
عباد الله:
كيف ينقذ نفسه من النار من يترك الصلاة التي هي عمود الإسلام، والفارقة بين الكفر والإيمان؟! كيف ينقذ نفسه من النار من هجر المساجد وترك صلاة الجمعة والجماعة؟! كيف ينقذ نفسه من النار من تجرأ على المحرمات، واستخف بالطاعات؟! كيف ينقذ نفسه من النار من يسير في طريقها ليلاً ونهاراً، وهو لا يدري في أي ساعة يقف على بابها؟! قال النبي r: «الجنةُ أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنارُ مثل ذلك»([12] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn12))يعني: أن من مات على الطاعة دخل الجنة، ومن مات على المعصية دخل النار، وهو الموت }وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ{([13] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn13)).
كيف ينقذ نفسه وأهله من النار من فتح لهم باب الشرور، جلب الفيديو إلى بيته، جلب المربيات والخادمين والخادمات وخلطهم مع نسائه وأولاده، أو يسافر بزوجته وأولاده إلى البلاد الكافرة يشاهدون فيها حياة الكفر والإباحية ويتحولون عن صفات الحشمة والحياء والستر.
كيف ينقذ أهله من النار من تركهم يعصون الله، ويتركون ما أوجب الله؟! كيف ينقذ أولاده من النار من يخرج إلى المسجد ويتركهم على فرشهم أو على لهوهم ولعبهم لا يصلون مع المسلمين – أي والله إننا نراهم يملئون الأسواق، ويقلقون الجيران بأصواتهم ويسدون الشوارع بسياراتهم، ولا تحدثهم أنفسهم أن يذهبوا إلى المسجد، وآباؤهم شاهدون وساكتون، يوفرون لهم مطالبهم ويفسحون لهم في بيوتهم ويستقبلونهم بالبشاشة والسرور، كأنهم يشجعونهم على الاستمرار على ما هم عليه، ويقرونهم على عملهم السَّيِّئ، وموقف الأمهات أسوأ من موقف الآباء، لا ينكرن ولا يغرن ولا يخشين الله ولا يخفن على أولادهن من العقوبة، ودخول النار التي وقودها الناس والحجارة، أيها الأمهات اتقين الله في أولادكن فإنكن مسئولات عنهم – لا تتركنهم يجلسون معكن في البيوت، ويتركون الصلاة، أيها الآباء والأمهات تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، تعاونوا على إنقاذ أنفسكم وأهليكم من نار وقودها الناس والحجارة، واعلموا أن ما أنتم عليه من إهمال الأولاد في المعاصي وترك الطاعات هو الطريق إلى النار، وموجب لنزول العقوبة العاجلة، وما ديار المعذبين منكم ببعيد قال الله تعالى: }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى{([14] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn14)).

*****



ذكر نماذج من عذاب النار
أعاذنا الله والمسلمين منها
الحمد لله مستحق الحمد وأهله المجازي خلقه جزاء دائراً بين عدله وفضله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ملكه وحكمه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وتابعي هديه وسلم تسليماً.
أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله تعالى: }وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{([15] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn15))اتقوا ذلك بامتثال أوامر الله واجتناب نواهيه فإنه لا نجاة لكم من النار إلا بهذا اتقوا النار فإنها دار البوار والبؤس ودار الشقاء والعذاب الشديد، دار من لا يؤمن بالله واليوم الآخر ساكنوها شرار خلق الله من الشياطين وأتباعهم قال الله تعالى لإبليس }قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ{([16] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn16))دار فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف وغيرهم من طغاة الخلق وفجارهم، ولئن سألتم عن مكانها فإنها في أسفل السافلين وأبعد ما يكون عن رب العالمين، طعام أهلها الزقوم وهو شجر خبيث مر المطعم كريه المنظر }لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ{([17] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn17)).
وفي الحديث عن النبي r قال: «اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم» رواه النسائي والترمذي وقال: حسن صحيح.
هذا طعامهم إذا جاعوا فإذا أكلوا منها التهبت أكبادهم عطشاً }وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ{([18] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn18))وهو الرصاص المذاب يشوي وجوههم حتى تتساقط لحومها فإذا شربوه على كره وضرورة قطع أمعاءهم ومزق جلودهم، هذا شرابهم كالمهل في حرارته وكالصديد في نتنه وخبثه يضطر شاربه إلى شربه اضطراراً }يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ{([19] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn19)) أما لباسهم فلباس الشر والعار: }قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ{([20] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn20))}سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ{([21] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn21))فلا يقيهم هذا اللباس حرّ جهنم وإنما يزيدها اشتعالا وحرارة ولا يستطيعون أن يقوا به وهج النار وحرها عن وجوهم }يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ{([22] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn22))عباد الله اتقوا النار فإن حرها شديد قد ضوعفت على نار الدنيا كلها بتسع وستين جزءاً يصلاها المجرمون فتنضج جلودهم قال الله تعالى: }كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا{([23] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn23)).
يرتفع بهم اللهب حتى يصلوا إلى أعلاها }كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ{([24] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn24)) عذابهم فيها دائم لا يفتر عنهم وهم فيها مبلسون، يتكرر عليهم فلا يستريحون، ويسألون الخلاص منه ولو ساعة فلا يجابون، يقولون }لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ{([25] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn25))فتقول الملائكة لهم }قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ{([26] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn26))فلن يستجاب لهم لأنهم لم يستجيبوا للرسل حينما دعوهم إلى الله تعالى فكان الجزاء من جنس العمل }قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ{([27] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn27)) فيقول الله لهم على وجه الإهانة والإذلال: }اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ{([28] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn28)) فحينئذ ييأسون من كل خير ويعلمون أنهم فيها خالدون فيزدادون بؤساً إلى بؤسهم وحسرة إلى حسرتهم. }كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ{([29] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn29))}خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا{([30] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn30)).
عباد الله اتقوا النار فإن قعرها بعيد وأخذها شديد قال أبو هريرة t: كنا عند النبي r فسمعنا وجبة أي صوت شيء وقع فقال النبي r: «أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا حجر أرسله الله في جهنم منذ سبعين خريفاً -أي سنة- فالآن حين انتهى إلى قعرها» رواه مسلم إذا رأت أهلها }مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا{([31] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn31))}إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ * تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ{([32] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn32)) أي تكاد تتقطع من شدة الغيظ والغضب على أهلها فهي دار حانقة غاضبة على أهلها وهم في جوفها فما ظنك أن تفعل بهم؟
عباد الله اتقوا النار احذروا أن تكونوا من أهلها ولقد بين الله لكم صفات أهل النار وصفات أهل الجنة جملة وتفصيلاً لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل قال الله تعالى: }فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى{([33] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn33)).
اللهم إنا نسألك النجاة من النار والفوز بدار القرار([34] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn34)) وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
*****



وصف جنات النعيم التي وعد المتقون: والطريق
الموصل إليها([35] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn35))
قال الله تعالى: }وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ*{([36] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn36))، وقال r قال الله تعالى: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»([37] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn37))}فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{([38] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn38)) قال ابن القيم رحمه الله: وكيف يُقْدَرُ قَدْرُ دار غرسها الله بيده، وجعلها مقرًّا لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه.. ووصف نعيمها بالفوز العظيم، وملكها بالملك الكبير، وأودعها جميع الخير بحذافيره، وطهرها من كل عيب وآفة ونقص.
فإن سألت عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران.. وان سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن وإن سألت عن بلاطها فهو المسك الأذفر([39] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn39)) وإن سألت عن حصبائها فهي اللؤلؤ والجوهر.. وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب.. وإن سألت عن أشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب وفضة لا من الحطب والخشب. وإن سألت عن ثمرها فأمثال القلال ألين من الزبد وأحلى من العسل.. وإن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.. وإن سألت عن أنهارها فأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى، وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون.. وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور، وإن سألت عن آنيتهم فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير.. وإن سألت عن سعة أبوابها فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام.. وإن سألت عن تصفيق الرياح لأشجارها فإنها تستفز بالطرب لمن يسمعها.. وإن سألت عن ظلها ففيها شجرة واحدة يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها، وإن سألت عن سعتها فأدنى أهلها يسير في ملكه وسرره وقصوره وبساتينه مسيرة ألفي عام.. وإن سألت عن خيامها وقبابها فالخيمة الواحدة من درة مجوفة طولها ستون ميلاً من تلك الخيام.. وإن سألت عن علاليها وجواسقها فهي غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار.. وإن سألت عن ارتفاعها فانظر إلى الكوكب الطالع أو الغارب في الأفق الذي لا تكاد تناله الأبصار.. وإن سألت عن لباس أهلها فهو الحرير والذهب، وإن سألت عن فرشها فبطائنها من إستبرق مفروشة في أعلى الرتب.. وإن سألت عن أرائكها فهي الأسرة عليها البشخانات وهي الحجال مزررة بأزرار الذهب فما لا من فروج ولا خلال.. وإن سألت عن أهلها وحسنهم فعلى صورة القمر.. وإن سألت عن أسنانهم فأبناء ثلاث وثلاثين على صورة آدم عليه السلام أبي البشر، «طوله ستون ذراعاً بعرض سبعة أذرع» كما ورد في الحديث([40] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn40)) وإن سألت عن سماعهم فغناء أزواجهم من الحور العين، وأعلى منه سماع أصوات الملائكة والنبيين، وأعلى منهما خطاب رب العالمين.. وإن سألت عن مطاياهم التي يتزاورون عليها فنجائب أنشأها الله بما شاء تسير بهم حيث شاءوا من الجنان.. وإن سألت عن حليهم وأساورتهم فأساور الذهب واللؤلؤ وعلى الرءوس ملابس التيجان.. وإن سألت عن غلمانهم فولدان مخلدون، كأنهم لؤلؤ مكنون.. وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم فهن الكواعب الأتراب، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب، ثم ذكر أوصاف الحور العين، ثم ذكر زيارة أهل الجنة لربهم العزيز الحميد، ورؤية وجهه الكريم، كما ترى الشمس والقمر، وسلامه عليهم وتنعمهم برؤيته وفوزهم برضاه الذي هو أكبر من نعيم الجنة }وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{([41] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn41)) (الطريق الموصل إلى الجنة).
لما ذكر الوصاف التي ذكرها الله ورسوله فيمن يستحق الجنة: قال: وهذا في القرآن كثير مداره على ثلاث قواعد إيمان وتقوى وعمل صالح خالص لله تعالى على موافقة السنة فأهل هذه الأصول هم أهل هذه البشرى دون من عداهم من سائر الخلق، وعليها دارت بشارات القرآن والسنة جميعها وهي تجتمع في أصلين: إخلاص في طاعة الله وإحسان إلى خلقه.. وضدها يجتمع في الذين يراؤون ويمنعون الماعون.. وترجع إلى خصلة واحدة وهي موافقة الرب في محابه ولا طريق إلى ذلك إلا بتحقيق القدوة ظاهرًا وباطناً برسول الله r.. وأما الأعمال التي هي تفاصيل هذا الأصل فهي بضع وسبعون شعبة أعلاها قول: لا إله إلا الله.. وأدناها إماطة الأذى عن الطريق وبين هاتين الشعبتين سائر الشعب التي مرجعها تصديق الرسول في كل ما أخبر به وطاعته في جميع ما أمر به وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*****



ذكر شيء من نعيم الجنة
نسأل الله أن يجعلنا من أهلها
الحمد لله الذي جعل جنات الفردوس لعباده المؤمنين نزلا، ونوع لهم الأعمال الصالحة ليتخذوا منها إلى تلك الجنات سبلاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي شمر للحاق بالرفيق الأعلى، والوصول إلى جنات المأوى، ولم يتخذ سواها شغلا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما تتابع القطر والندى، وسلم تسليماً.
أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله تعالى: }وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{([42] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn42)) سارعوا إلى دار فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، مفتاحها قول لا إله إلا الله وأسنانه شرائع الإسلام فمن جاء بمفتاح له أسنان فتح له، ومن جاء بمفتاح بلا أسنان أوشك أن لا يدخل، أبوابها ثمانية فمن أنفق زوجين في سبيل الله دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، وقد يدعى الإنسان من جميع الأبواب، وما بين مصراعين من مصاريعها كما بين مكة وهجر، بناؤها لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزغفران، فيها غرف يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، للمؤمن فيها خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً، في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة عام لا يقطعها، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى }وَظِلٍّ مَمْدُودٍ{([43] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn43)) .
قال: الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق، ظلها قدر ما يسير الراكب في نواحيها مائة عام يخرج إليها أهل الجنة الغرف أهل وغيرهم فيتحدثون في ظلها، غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، جنتان فيهما من كل فاكهة زوجان، وجنتان فيهما فاكهة ونخل ورمان، وليست تلك الفواكه والنخل والرمان كهيئتها في الدنيا وإنما الاسم هو الاسم والمسمى غير المسمى، قد ذللت قطوفها تذليلاً، إن قام تناولها بسهولة، وإن قعد تناولها بسهولة وإن اضطجع تناولها بسهولة، كلما قطع منها شيئاً خلفه آخر }كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا{([44] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn44)) في اللون والهيئة مختلفًا في الطعم }وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا{([45] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn45)) يدعون فيها بكل فاكهة آمنين من الموت آمنين من الهرم آمنين من المرض آمنين من كل خوف ومن كل نقص في نعيمهم أو زوال }خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ{([46] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn46)) فيها أنهار من ماء غير آسن أي لم يتغير ولا يتغير أبدا وأنهار من لبن لم يتغير طعمه بحموضة ولا فساد وأنهار من خمر لذة للشاربين لا يصدع الرءوس ولا يزيل العقول وأنهار من عسل مصفى تجري هذه الأنهار من غير حفر سواق ولا إقامة أخدود يصرفونها كما يشاءون }يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ{([47] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn47)) إذا رأيتهم حسبتهم في جمالهم وانتشارهم في خدمة أسيادهم لؤلؤاً منثوراً يطوفون عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين }بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا{([48] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn48)) يعطى الواحد منهم قوة مائة في الطعام والشراب ليأكلوا من جميع ما طاب لهم ويشربوا من كل ما لذ لهم ويطول نعيمهم بذلك ثم يخرج طعامهم وشرابهم جشاء ورشحاً من جلودهم كريح المسك فلا بول ولا غائط ولا مخاط، لهم فيها أزواج مطهرة من الحيض والنفاس والبول وكل أذى وقذر }هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ{([49] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn49)) أنشأهن الله إنشاء فجعلهن أبكاراً كلما جامعها زوجها عادت بكراً وجعلهن عربًا أتراباً والعروب هي المرأة المتوددة إلى زوجها، أترابًا على سن واحد فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون لا يبغون عنها حولا ولا هم عنها مخرجون، ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً وفوق ذلك كله أن الله أحل عليهم رضوانه فلا يسخط عليهم أبدا وفوق ذلك كله ما يحصل لهم من النعيم برؤية ربهم البر الرحيم الذي مَنَّ عليهم حتى أوصلهم بفضله إلى دار السلام والنعيم فإنهم يرونه عياناً بأبصارهم كما قال تعالى: }وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{([50] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn50)) وقال النبي r: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا» فإن سألتم عن أهل هذه الجنات وساكني تلك الغرفات فهم الذين وصفهم الله في محكم الآيات بقوله: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{([51] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn51)).
اللهم إن نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم تب علينا واغفر لنا وارحمنا إنك أنت التواب الغفور الرحيم ([52] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn52)).

*****


ذكر سعة رحمة الله تعالى
نختم الكتاب بذكر سعة رحمة الله عز وجل، نرجو بذلك فضله، إذ ليس لنا أعمال نرجو بها العفو، لكن نرجو ذلك من رحمته وكرمه. قال تعالى: }قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{([53] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn53)).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «لما قضى الله عز وجل الخلق، كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي». أخرجاه في (الصحيحين).
وعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: «إن لله عز وجل مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الإنس والجن والهوام والبهائم. فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون. وبها تعطف الوحش على أولادها. وأَخَرّ تسعاً وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة» (رواه مسلم في صحيحه).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله r: (إن ربكم تبارك وتعالى رحيم، من هّم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له سيئة واحدة أو يمحوها الله. ولا يهلك على الله تعالى إلا هالك) متفق عليه.
وعن أبي ذر t قال: قال رسول الله r: «يقول الله عز وجل: من عمل حسنة فله عشر أمثالها أو أزيد. ومن عمل سيئة، فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر. ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعًا، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعًا. ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» رواه مسلم.
وعن أبي هريرة t. عن النبي r: «إن رجلاً أذنب ذنباً فقال: أي رب! أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال تبارك وتعالى: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به. قد غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنباً آخر فقال: أي رب ! عملت ذنباً فاغفره لي، فقال عز وجل: علم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنباً آخر فقال: أي رب! عملت ذنباً فاغفره لي، فقال: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء»([54] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn54)).
وفي "الصحيحين" من حديث عمر بن الخطاب t قال: قدم على رسول الله r بسبي، وإذا امرأة من السبي تسعى، إذ وجدت صبيًّا في السبي فأخذته، فألصقته ببطنها، فأرضعته فقال رسول الله r: «أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟» قلنا: لا والله. قال: «لله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها».
وفي "الصحيحين" من حديث أبي ذر t عن النبي r أنه قال: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة». قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: «وإن زنى وإن سرق، وإن زنى وإن سرق، وإن زنى وإن سرق»، ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر. وفيهما من حديث عتبان بن مالك t، عن النبي r قال: «إن الله حرم النار على من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله»، وفيهما من حديث أنس بن مالك t، عن النبي r قال: «يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير وزن بُرة، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة».
وعن أبي موسى t قال: قال رسول الله r: «إذا كان يوم القيامة لم يبق مؤمن إلا أتي بيهودي أو نصراني حتى يدفع إليه فيقال له: هذا فداؤك من النار» رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله r: «إن الله عز وجل يستخلص رجلاً من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاًّ، كل سجل منها مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ قال: لا يا رب فيقول: ألك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرجل، فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة واحدة، لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقال: إنك لا تظلم. فتوضع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة. قال: فطاش السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل شيء مع اسم الله عز وجل»([55] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn55)).
فهذه الأحاديث مع ما ذكر في كتاب الرجاء، تبشرنا بكرم الله تعالى وسعة رحمته وجوده، ونحن نرجو من الله سبحانه أن لا يعاملنا بما نستحقه، وأن يتفضل علينا بما هو أهله، ونحن نستغفر الله عز وجل من أقوالنا التي تخالف أعمالنا، ومن كل تصنع تزينا به للناس، وكل علم وعمل قصدناه، ثم خالطه ما يكدره، فبكرمه نستشفع إلى كرمه، وبجوده نسأل من جوده، أنه قريب مجيب.
والحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى. وكما ينبغي لكريم وجهه عز وجل، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً([56] (http://www.djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn56)).

*****



([1]) من خطب الشيخ صالح الفوزان 2/155.

([2]) سورة التحريم آية (6).

([3]) سورة الإسراء: آية (97).

([4]) سورة النساء: آية (56).

([5]) سورة فاطر: آية (36).

([6]) سورة النبأ: آية (24 – 25).

([7]) سورة التحريم آية (6)

([8]) سورة التحريم آية (6)

([9]) سورة التحريم آية (8)

([10]) رواه أحمد وأبو داود وحسنه النووي.

([11]) رواه البخاري ومسلم.

([12]) رواه البخاري.

([13]) سورة لقمان: آية (34).

([14]) سورة طه آية 132.

([15]) سورة آل عمران: آية 131 – 132.

([16]) سورة ص: آية 84 – 85.

([17]) سورة الغاشية: آية 7.

([18]) سورة الكهف: من آية 29.

([19]) سورة إبراهيم: آية 17.

([20]) سورة الحج: من آية 19.

([21]) سورة إبراهيم: آية 50.

([22]) سورة الحج: الآيات 19 – 22.

([23]) سورة النساء: آية 56.

([24]) سورة السجدة: آية 20.

([25]) سورة غافر: آية 49.

([26]) سورة غافر: آية 50.

([27]) سورة المؤمنون: آية 106 - 107.

([28]) سورة المؤمنون: آية 108.

([29]) سورة البقرة: آية 167.

([30]) سورة الأحزاب: آية 65 – 66.

([31]) سورة الفرقان: آية 12.

([32]) سورة الملك: آية 7 – 8.

([33]) سورة النازعات: الآيات 37 – 41.

([34]) من خطب الشيخ محمد الصالح العثيمين ص 77..

([35]) من كتاب «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» لشيخ الإسلام محمد بن أبي بكر الدمشقي الشهير بابن القيم الجوزية المتوفى عام 751هـ رحمه الله تعالى.

([36]) سورة آل عمران: آية 133.

([37]) متفق عليه.

([38]) سورة السجدة: آية 17.

([39]) الأذفر: الخالص.

([40]) أما تقدير الطول بستين ذراعاً بذراع الملك فمتفق عليه. وأما بتقدير العرض بسبعة أذرع فرواه أحمد ، انظر حادي الأرواح ص 96.

([41]) سورة التوبة: آية 72.

([42]) سورة آل عمران: الآيات 133 – 136.

([43]) سورة الواقعة: آية 30.

([44]) سورة البقرة: من آية 25.

([45]) سورة مريم: آية 62.

([46]) سورة هود: آية 107- 108.

([47]) سورة الإنسان: من آية 19.

([48]) سورة الإنسان: آية 15 – 16.

([49]) سورة يس الآيات: 56 – 58.

([50]) سورة القيامة: آية 22 – 23.

([51]) سورة المؤمنون: الآيات من 1-11.

([52]) من خطب الشيخ محمد الصالح العثيمين.

([53]) سورة الزمر: الآية 53 وهذه الآية في حق التأبين وفيها نهي عن القنوط من رحمة الله تعالى وإن عظمت الذنوب، وفيها دليل على سعة رحمة الله تعالى، وهذه آية عظيمة جامعة من أعظم الآيات نفعاً كما قال شيخ الإسلام ابن تميمة رحمه الله تعالى. وفيها دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم إلى التوبة والإنابة وأخبار بأن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ورجع عنها وهو التواب الرحيم.

([54]) رواه البخاري ومسلم، وقوله (فليعمل ما شاء) أي ما دام يفعل هكذا يذنب ويتوب أغفر له فإن التوبة تهدم ما قبلها قاله الإمام النووي في رياض الصالحين ص 221 بتحقيق الأرنؤوط.

([55]) رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه.

([56]) من كتاب مختصر منهاج القاصدين ص 443 – 445.

زهيرة
2009-06-14, 09:16
بارك الله فيك أخي الكريم على الموضوع القيم

.........
10- الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله.
11- محبة الله وخوفه ورجاؤه ومحبة رسوله وعباده المؤمنين.
.........

من الأسبات غير المعمول به في وقتنا


في ميزان حسناتك بحول الله