تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب الفعل النقدي وإشكاليات الفكر المعرفي :الناقد علي الصيرفي


علي الصيرفي
2009-06-13, 12:35
الفعل النقدي وإشكاليات

الفكر المعرفي
في الكتابة النقدية




























علي الصيرفي







الفعل النقدي وإشكاليات
الفكر المعرفي
في الكتابة النقدية










حقوق الطبع محفوظة للمؤلف



الطبعة الأولى


موافقة وزارة الإعلام


رقم /92081/ تاريخ 28/5/2006












تنضيد وتنفيذ :








دار إنانا للنشر : دمشق هـ 093753181
حمص هـ 096326100
البناء النقدي وقضية الفكر المعرفي



دراسة نقدية في الرؤية الفكرية والمعرفية



عند



- الدكتور محمد إبراهيم الوحش

- الدكتور دريد يحيى الخواجة

- الدكتور سمر روحي الفيصل

- الدكتورنضال الصالح

- الدكتور رضوان القضماني

- الأستاذ خالد زغريت

- الأستاذ أحمد المعلم
علي الصيرفي





























الفصل الأول


1-النقد هو موهبة عقلية عند الإنسان تطورت بناء على
حاجات الإنسان الثقافية .

2-إن الشيء الذي يتم عمله نتيجة لقرار واع وعميق
وهذا القرار هو وحده يمكن أن يعد فعلاً نقدياً.
3-إن الكتابة النقدية تستمد مكانتها كاملة من كونها
تحتفظ بمفهوم القيم الأصلية والمستقبل للنصوص.



الفصل الثاني


1- اهتمام النقد بالتحليل الفكري .
2 - اللغة النقدية تربط المتلقي بالنقد .
3- الانشغال بالنصوص الرائدة .
4- تحديد الروايات يتناول الوعي وآلية الكتابة .

5- النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني .


الفصل الثالث

1- الناقد الناجح هو الذي يعمل وفق منهجية نقدية حيادية
2-الفهم العام للنصوص ينبعث من موهبة الناقد
المعرفية وحسه النقدي .
3-إن العملية النقدية عند د: الخواجة تحقق التنوير
4-يتميز النقد عن جميع المفاهيم الفكرية بكونه نظاماً
علمياً مترابطاً بشكل منطقي .
5-النقد يدرس النصوص ويعمل على مراقبتها


الفصل الرابع


1- للرواية أهمية كبرى في خلق فعل نقدي مميز .
2- شعور الناقد بأن هناك حاجة إلى مفهوم نقدي أشمل
يحمي الكتابة والنصوص .
3- يبين النقد النص والمضمون والنشاطات الواردة
ضمن الكتابة .
4- النقد يوجه جهده في إيضاح وتطوير الحركة
الفكرية التي تتبناها الرواية .

الفصل الخامس


1 - إن رقابة الوعي والإرادة تكون تحديثاً لمبادئ
التفكير
2 – الناقد يحلق فوق النصوص بقصد إدراكه لها
وتفسيره لهذه الأفعال الكتابية
3 – النقد آراء ومفاهيم بقدر ما في العالم من رؤوس،
وكل عامل في النقد يعتبر نفسه حجة في هذا المجال

– 4النقد هو العقل الناضج المثقف الذي يستطيع أن
يتحكم بالظروف التي تحتاج الفكر والمعرفة

الفصل السادس


1 – الناقد الدكتور سمر روحي الفيصل الفكر والرؤية
2 – الناقد يرى النصوص لا تكون في هذا العالم إلا
ضمن أحداث معرفية
3 – الناقد الفيصل يرى أن الفعل النقدي يرتكز على
شروط موضوعية وعلمية
4 – يتحرك النقد كونه مشروعاً ينهض بالنصوص

الفصل السابع


1 – النقد الفاعل يستخدم الأفعال النقدية بطريقة الموج
الصاعد
2 – الكتابة والنقد هما قوام المعرفة الإنسانية
3 – يربط الناقد الكتابة النقدية بالتكوين الفكري الخاص
بوصفه قدرة معرفية عقلي
4 – الفعل النقدي يعبر الزمان باتجاه منابع النصوص

الفصل الثامن


1 - إن العقل يجرد الصور الأسطورية من أغلفتها
الماورائية ويجعلها معقولة .
2 – الأسطورة قوامها في العقل الناهض أي العقل
الإنساني .
3 – إن الفعل الأسطوري موجود خارج ذاتنا وهذا
الضرب نتجاوز بواسطته ( الآن) .
4 – الفعل الروائي الأسطوري يضع في اعتباره
الإمكان الذي ينفتح فيه الموقف المحدد .
الفصل التاسع


1- إن النقد عملية تقويمية شديدة الجذب في المناقشة
وتساعدنا على تأكيد الصفة القيمية للكتابة .

2- النظرية النقدية التي اعتمدها د: القضماني تتناول
قبل كشيء العملي والمحسوس الفعال في الكتابة .

3- إن وثبة النقد تنحو نحو الفكر والمعرفة فالكتابة
والنصوص هي الهدف .

4- النقد بتكراره يصبح قيماً ومفاهيم تثبت في كتابات
النقاد .

5- هل نحن نعرف النقد .

6- النقد يعطي الكتابة تفسيراً علمياً ويبين قوانين
تطورها .








الفصل العاشر


1- النقد هو وجود مع الآخرين ،وهو عنصر أساسي في تكوين المفاهيم الإنسانية بطرق مباشرة
2- الإنسان هو الوحيد الذي يدرك ويعي من هو وما هو وماذا سيكون ؟
3- عندما تموت النصوص وتصبح خارج طقوسها وتحمّل القصيدة العربية ذنب الهبوط والترهل


الفصل الحادي عشر


1- النقد يقدم الحجج التي تبين مكانية وزمانية العمل الذي يوازي الحجة التي قدمها الشعراء
2- الانفعالات ترتبط ارتباطاً هاماً بالشعرية فكل تغيير في المشاعر يرافقه تغير في الشعرية
3- إنه لا يوجد شعر إذا لم نتحرر من التفريق بين النظرية والتطبيق
4- الشعر يسترجع من الماضي الامكانات الرائعة التي يمكن تكرارها ويسقطها على المستقبل


m


ينتمي النقد إلى العملية المعرفية بكل ما فيها من مقدمات وطروحات ،ولا يخلو النقد من إخفاق أو تقدم ،فالنقد ينمو بتطور المعرفة ومدى قدرتها على خلق أسلوبية تحقق للناقد القدرة على التقدم والتسلح بالطرائق العلمية للمعرفة ،ويبدو أن تكوين المعرفة النقدية تفرض على الناقد أن يتحدث عن فرديته وإنسانيته وأغلب الظن عن المعرفة وماهيتها المعطاءة فيبدو وكأنه يريد أن يصبح كاتباً أو مؤلفاً لذا فهو يصنع نفسه ويرى ذلك من خلال قدرته المعرفية والناقد يرى أن هذه الحالة يمكن أن تصنع منه ناقداً أو أن يفشل ويمكن للفرد أن يتذكر في هذه النقطة وفي وقت مبكر أنه سيصبح ناقداً .
وهذه الفكرة تفترض أن هناك ضرباً من الرسم التخطيطي الذي ينبغي تحقيقه والكشف عن معالمه ومثل هذه الفكرة يرفضها العديد من النقاد فهم يؤكدون أن النقد المعرفي يعني عدم الاعتراف بوجود رسم تخطيطي ،فالناقد لا بد أن يقرر بنفسه ما الذي سيكونه وأكثر من ذلك لا بد لكل ناقد أن يحسم المشاكل بنفسه ،فوجود المعرفة هي له أو ملكه وهذا يتسم بسمة الخصوصية ،وهي تنتمي إلى صميم تكوين الناقد من الداخل إلى حد لايمكن معه التغاضي عنها في أية محاولة لتفسير النقد حتى أن تحليل الحياة الانفعالية للناقد وربطها من حيث هو موجود أخلاقي عاقل متكامل بتكامل قدراته المعرفية،ولقد شغلت المعرفة النقاد بسر الكتابة الغامض،فكانت دراساتهم لها زوايا معينة أكثر اكتمالاً حيث يرى النقاد ثلاثة مستويات للفكر وذلك بتماثله للظاهر ويفكر بواسطته التصورات ونقل الإشارات وما يريد وما يكون وما يمكن أن يكون ،أما الواقع فهو الذي تختاره الكتابة البشرية ،فيعمل ضمن شفرات وتدل تلك الشفرات على لغة الواقع الذي يسمع ويخاطب على هذا النحو وليس على نحو آخر ثم يتصور بواسطة اللغة التصور المعرفي على أنه كيان معقول من نوع ما ،ولكننا لو أخذنا بكل حرفيتها لوقعنا في الخرافة ،فاللغة بنظر النقاد لا متناهية وغير منغلقة ،وسريعة التداول وتجعل من المعرفة موضوعاً ،ويرى النقاد أن الشيفرات كلها ترتبط بالتعالي والغموض لكن أياً منها لا يصور التعالي عقلياً ولا يقدم لنا فكرة حرفية فالشفرات لا تقدم يقيناً معرفةً بالمعنى الضيق ،فهي ليست مجرد رموز فارغة بل هناك صراع دائم بين الرموز والنقد ،والنقد هو المسؤول عن حل تلك الرموز والمعضلات .
إن طريقة التفكير التي يتبعها النقاد توحي بفكرة ما أي أنها تأخذنا فيما وراء الفكر المؤلف لكنها هي نفسها ضرب من التفكير .
أن النقاد يرون أن إيماننا بالنقد يسمح لنا أن نتجاوز الشيفرات ذاتها فهم يتحدثون عن المعرفة المثيرة للغة تنتهي عندها اللغة ،وهم يظهرون المعرفة التأملية للكتاب،ويبدون إعجابهم الشديد بها ،ويرون بأن هناك قوة عجيبة في تلك المحاولات التي تبذل من أجل تجاوز الواقع بل ومن أجل تجاوز الغموض والشيفرات والوصول إلى ذلك الأساس الذي يدفعنا إلى الأمام ،ويشمل كل المعرفة فالناقد القضماني يرى أننا نصل إلى الحدود القصوى للفكر والعمل النقدي الذي توجد بينمها وشائج قربى وإن التفسير الواقعي للغة لا بد أن يضع في اعتباره ازدواج المعرفة في اللغة التي تعمل أدة للتوصيل ،وبنظر الناقد القضماني يمكن أن تكون وسيلة خداع فما هي القيم التي نحكم بواسطتها على نزاهة اللغة.
أن الناقد الخواجة يرى أن الحقيقة لا تحجب وهو يفهم علاقة اللغة بالواقع بحيث يمكن أن نحكم على كل ما يكتب بالصدق إذا كان كل جزء منه يطابق الذي تمثله تلك الكتابة ،فالكتابة بنظر الناقد ليست صورة من الواقع بذاته ،فاللغة تجعل ما نتحدث عنه يظهر ويرى وتؤكد على أنه موجود ،وتفوز اللغة في عملية التوصيل إذا ما أصبحت أمام شخصين أو أكثر فتنير وجودهم في هذا الكون ،وأذا سمحت لكل منهما أن يرى ما يراه الآخر ،يكون لابد للناقد أن يضفي تفسيراً رائعاً للغة المعرفة لأنها ذات أهمية كبيرة ،إذا تحلت بالنزاهة الشخصية لمن يستخدمها بقدر ما يعطيها من الدقة المنطقية ،ويعلم الناقد د:الفيصل بأن كثيراً من أشكال اللغة لا تحقق ما يريده الكتاب من تواصل وتنوير ،فتكون عندها من السخرية أن يحط الكاتب من نفسه عن طريق لغة تهبط إلى مستوى أدنى من المتصلين ،ويصبح ثرثاراً لا يحقق شيئاً مما أراد.
إن اللغة برأي الناقد د:الفيصل هي مفتاح الوصول إلى اليقين ففي جميع الحالات تنحرف اللغة عن وظيفتها الحقيقية إذا تداولت الكلمات نفسها لفترة طويلة ،حيث تموت الكلمات وينغلق التفتح ،ولا نرى الواقع الذي تريد أن تعبر عنه الكلمات ،ولهذا يفضل الناقد الطريقة التي توجد بها الأشياء لا الطريقة التي توجد عليها ،وهولا يرفض التراث بأسره بل يعني أن نبحث به بحثاً نقدياً ينقل إلينا الواقع دون أن يحل محله ، فهناك علامات بارزة ،حملت موقف الشخصية على عاتقها تحمل اشارات وقرائن إلى حالات موازية ،تحمل راية الإقناع للمتلقي وقبل ذلك إلى الشخصية ذاتها التي رأت الشعرية معبراً خاصاً لوجودها وهذه العلامات تشكل بروزاً خاصاً ،نستهدي منه حقيقة الموقف الذي احتضنته الشخصية ،واعتبرته موئلاً لكل تطلع أو رجاء .
ولا شك أن الفهم المعرفي للنقد ،عمل فكري يجاوز ذاته بصفة مستمرة ،ويؤدي في جميع جوانبه إلى رفض فكرة قبول حدود لما يمكن أن نعمله أو نفكر فيه بطريقة ذات معنى هكذا يرى الناقد أحمد المعلم الفهم المعرفي وهو يؤكد بأن التحديات التي تواجه النقد هو أنه يواجه فرصة اتخاذ القرار فيما نفكر بوصفنا كائنات إنسانية .













!+


1- النقد هو موهبة عقلية عند الإنسان تطورت بناء
على حاجات الإنسان الثقافية .

2- إن الشيء الذي يتم عمله نتيجة لقرار واع
وعميق وهذا القرار هو وحده يمكن أن يعد
فعلاً نقدياً.
3- إن الكتابة النقدية تستمد مكانتها كاملة من كونها
تحتفظ بمفهوم القيم الأصلية والمستقبل
للنصوص.
























- النقد هو موهبة عقلية عند الإنسان تطورت بناء على حاجات الإنسان الثقافية


الدكتور: إبراهيم محمد الوحش


رغم أننا نتحدث كثيراً عن النقد ،فإن قليلاً من التفكير في هذه الكلمة يظهرها على أنها تحمل معاني كثيرة ، وإن بعض هذه المعاني أبعد ما يكون موضوع عملية الفهم والوضوح ،إذن ما هو النقد ؟
قد نميل إلى الجواب بقولنا: إن النقد هو كل ما هو متداول وموجود من كتابات ونصوص ، ولا أحداً يعرف مدى اتساع ما هو موجود ولا مضمون ذلك فكيف يمكننا إذن أن نقول شيئاً ذا معنى ؟
يميل كل النقاد إلى القول :إن النقد هو الحجة على كل الأشياء وهو محاولة نقل الكتابة من النص الذات المفكرة المجردة إلى بؤرة أكثر عينية في التجربة الإنسانية تجربة الانهماك في العملية الكتابية والفكرية فمعنى النقد وجود الكتابة خارج النص وأن تكون جنباً إلى جنب مع النص ولا بد أن نقول بأن الكتابات النقدية هي مناقشات صريحة ومنظمة لطبيعة المعرفة والمفاهيم ، وربما كان علينا أن نتوقع من هذه الكتابات أن تكون قد تدرجت في إعطاء الأولوية للوجدان والعقل ، فالنقد في طبيعته ذو طابع عملي هو طابع الحياة وكثيراً ما يقال أن النقد هو موهبة عقلية عند الإنسان تطورت بناء على حاجات الإنسان الثقافية والناقد الدكتور" إبراهيم محمد الوحش" يعمل من خلال معطيات نقدية عالية التوتر في كتابه النقدي ( بنية الحداثة في القصة العربية القصيرة ) .
ربما استطاع الكاتب د:إبراهيم محمد الوحش أن يحدد الهدف الصانع للنقد فالمخزون العالي للمكونات الداخلية للوعي تعمل عبر آليات تبدأ من خلال رؤية أشد نفاذاً حيث ظلت طرائق النقد مفتوحة نحو الموضوعاتالأساسية بشكل يعتمد الدقة والملاحظة للنظريات الحديثة والنتاج النقدي لا يهدف مطلقاً إلى إلغاء الواقع والفناء معه ومن الخطأ القول أن النقد يبرز الأخطاء ويسلط الضوء عليها بل يؤكد الناقد الوحش بأن النقد يظهر بريق المعطيات ويؤكد ضرورة التعرف على التناقضات ، ولعل الكاتب يرى أن النقد يوجد في كل الأمكنة ونشارك في أحداثه من خلال إبداء كل المشاعر والملاحظات وهو يعلم بأن أهم وسائل النقد المباشرة هي الانفتاح على الكتابة لأننا نكون مشاهدين للعالم حين تكون لدينا الإدراكات التي نصل إليها عن طريق تجربة النقد ،لذلك يعتبر الكاتب أن النقد هو الأساس في فهم النصوص بطريقة موضوعية تجعلنا نفصل أنفسنا عن الموضوعات التي تقف أمامنا ثم نبدأ بمحاولة الإتحاد معها من خلال التحليل النقدي .
( يصل الخواجة إلى ذروة إنتاجه القصصي في مجموعته" رسام البحر " هذه المجموعة التي يرقى فيها إلى السمو من حيث شمولية الفنية ، والظلال من خلال رمزية فيها الألوان واللوحات ، شبكة من التقاطعات ، والأسئلة التي تفتح نصوصاً جديدة /عالم الخواجة في هذه المجموعة عالم ينهل بأدوات ماهرة ورؤية نقدية تصدر عن صاحبها ، الذي قدم إنتاجاً إبداعياً يتداخل مع حياة الإنسانية ) ص 38
حاول الناقد إبراهيم الوحش أن يؤكد العلاقة القائمة بين القصة وعالم الكتابة النقدية وقام بمواجهة المؤثرات التي تدعم تلك العلاقة ،فهو يدخل عالم الكتابة من خلال مجالات ترتبط بالعادات والعرف ويتبع أنماطاً من السلوك النقدي ويوفر على نفسه القلق ويبتعد عن النزعة الرومانسية والفردية، ويحاول دائماً أن يبني قراراته من خلال افتراض أن الشيء الذي يتم عمله نتيجة لقرار واع وعميق وهذا القرار هو وحده يمكن أن يعد فعلاً نقدياً لأن الكاتب تتراكم لديه ضروب المعرفة، والتعامل مع المفاهيم والعلاقات الكتابية، ويحاول التوغل فيها كمن يضعنقاط علام ،عندما يحاول اقتحام الغابة، ليكتشف مجاهلها ،لذلك يقرّ بأن الفعل النقدي لا ينبغي أن يعرَّف تعريفاً ضيقاً فالفعل النقدي، لا يمكن تجاهله، أو المبالغة فيه لأنه فعل تقويمي يشتمل على الفكر والحرية والقرار.
( تأخذ المشهدية القصصية عند الخواجة أسلوب رصد اللوحات حيث يبدأ الكاتب ينظر إلى شيء ما بزاوية خاصة محددة ، تعني له أشياء كثيرة يستطيع عبرها التحرك بحرية للوصول إلى هدف ومغزى معينين،كما تعني أيضاً شدّ المتلقي إلى هذه الزاوية حتى يرى نفسه من خلال هذه اللوحة أولاً ثم يرى ما يضطرب في هذه اللوحة بوجوده ثانياً أي أن هذه اللوحة لا تعكس شيئاً أمام المرآة فقط بل تعكس مغزى هذه الحركة التي ينطوي عليها المشهد الموظف ودريد حفي بالتفاصيل الدقيقة ) ص 53
إن المعطى الوقائعي يتفاعل بشكل يسترجع مع الكاتب مناقشة المفهوم النقدي لكتابة القصة القصيرة فهو لا يكتشف فقط الأفعال النقدية فحسب بل يتعرف على المجالات المتاحة التي يعتمدها الكتاب في عملية اتخاذ الأفعال القصصية دورها في التكوين البنائي للكتابة ، فالنقد يحدد القوة لهذه الأفعال التي تشغلنا ويوضح الآفاق التي يمكن للكتابة أن تصب قدرتها فيها ، فالكتابة النقدية لا بد لها من أفق مفتوح على نحو مطلق لأن النقد لا يبدأ من الصفر، ولا تكون أمامه صفحة بيضاء ، بل لابد أن يكون دائماً في موقف قائم فعلاً وعليه مواجهته بكل الأفعال النقدية التي تحلق أمامه طليقة من كل قيد .
(ومن الجدير الإشارة إلى أن شاعرية القصة عند الخواجة وأحياناً القصة عنده لا تخرج عن المفهوم السابق الذي طرحته من قبل بمعنى أنها تبقى في سياق القصة ودلالاتها ولعبة الفن فيها على غاية من العمق والتنوع في السياق مما يدعو إلى التأمل والتثمين ) ص62
إذا استطاع النقد أن يحقق الصدفة الموضوعية فإنه يكون بمثابة إحدى كبريات قوى تحرير الكتابة وتصديرها للجميع فالكاتب إبراهيم محمد الوحش دفع بالقاص د: دريد الخواجة إلى ملكية المتلقيين في كل أنحاء المجتمع الكبير ، فالنقد له وجه خفي وقوة قوامها التحليل والتأويل وقراءة السطور وما يموه منها ، فالنقد يرى أن شبكته الكتابية واسعة وهي تقدم المذكرات والإنذارات والثناءات وتقوم بالمطابقات وليس مستحيلاً أن يتوصل المرء بقليل من المهارة أن يثير بعض المواقف النقدية لدى كائن آخر إذا ما أجهد نفسه، وإدخاله في منظومة النقد الأولي وقد لا يكون من باب الخيال أن يدعي أنه بذلك يؤثر عن بعد تأثيراً نقدياً .
( وعودة إلى التقطيع القصصي في قصة التمرير يعين المرء على تلمس قوة الجدل التي كانت تجري بين كل لحظة زمانية في مكان يناسب اختيارها، ويعين على فهم التحولات التي تتمخض عن لحظة الزمان في المكان المرتبط من خلال العنوانات التي تمثل هذا النسيج الذي يغدو التقطيع فيه إعلاناً بارزاً أو خيطاً بارزاً معبراً عن حالة تتركز فيها سلطة موقف ما فردي أو جماعي أو بهما معاً ) ص50
إن الكتابة النقدية تستمد مكانتها كاملة من كونها تحتفظ بمفهوم القيم الأصيلة والمستقبل الهام للنصوص وهي لا تعدو كونها كتابة تناظرية تعمل من خلال الاتصال بين النقد التطبيقي وبين النص الكتابي ونتبين من هذه الإشارات النقدية أن النصوص تتأرجح بين المميز الواضح وبين الريبة والتدقيق وهذه الإشارات توضح أن الجملة الأولى في الكتابة ترد من تلقاء ذاتها وهي تدخل مسار النقد لأن هناك وفي كل ثانية جمل غريبة عن فكرنا ووعينا ينبغي لها أن تبرز إلى النور الأمر الذي يخلق جواً جديداً للكتاب الإبداعية .
( ومثل تلك الأساليب غير الخبرية تتكرر ففي قصص الخواجة في تنويع وتوظيف السرد القصصي انظر مثلاً صفحة (118-119) في قصة "ذو العين الواحدة" حيث نجد" ذو العين الواحدة " الحداد يقف أمام معلمه يحرك الحديد الذي سيهوي به على معلمه ، ويتجسم كره الصانع في تشكيل الحديد على هيئة الأشخاص الذين لا يحبهم ، فيتخيل مالكة الدكان التي يمارس معها معلمه الحب تحت المطرقة : " أسقط مطرقتك الحكيمة جيداً يا معلمي ! سددها على رأسها ) ص85
– ليس في وسع الناقد أن يهرب من الصراع القائم بين النص والنقد وإمكانية الانفتاح على الواقع وإسقاط كل ما يملك من قدرات نقدية ليمكن الفعل النقدي من البروز فالنقد الجاد يجمع التناهي الجذري للنص واضحاً ويمكن أن نصف هذا التناهي بطرق شتى ومن أهم جوانب هذا التناهي النقدي الواقعية وهي الطريقة الأساسية في وصف العلاقات الكتابية وهي تشغل المواقف الكلية وترى كل شيء من هذه المواقف لقد حاول الناقد إبراهيم محمد الوحش أن يقدم سلوكاً نقدياً يحمل رؤية أوصلته إلى تقديم ما يريد .
@+



1- اهتمام النقد بالتحليل الفكري

2- اللغة النقدية تربط المتلقي بالنقد
3- الانشغال بالنصوص الرائدة
4 - النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني
5 - تحديد الروايات يتناول الوعي وآلية الكتابة




































- اهتمام النقد بالتحليل الفكري

إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية



الدكتور :دريد يحيى الخواجة


يمكننا القول أن النقد يهتم بالتحليل الفكري النابع من بؤرة معرفية تتميز بالتقويم والمعايير العقلية ،أكثر من اهتمامه بتحليل اللغة تحليلاً فقهياً ،فمهمة النقد سبر أغوار العلاقات الفكرية الاجتماعية والإنسانية والتماس معها بشكل يجعل اللغة المستعملة لغة معرفية تكون قادرة على تمكين المتلقي من فهم القراءات النقدية ، وهذا يعني أن الكتابات والنصوص بمفاهيمها الأدبية تتم أساساً في السياق اللغوي مع الآخرين .

اللغة النقدية تربط المتلقي بالنقد

أما بالنسبة للنقد، فهو يرى أن البعد الشخصي للغة، يؤكد وسيلة الاتصال مع الغير، فالمفاهيم اللغوية تدل على أشياء توعز وتوحي بالعلاقات وهي لا تصف أشياء مستقلة ، بل إنها تجلب الموضوعات وتدل عليها ،وهذا يوضح الاهتمام النقدي بما يقال أن الوظيفة الأساسية للغة المعرفية بوصفها تربط المتلقي بالكاتب لذا يمكننا أن نرى النصوص المكتوبة أو على الأقل جزءاً منها ، وهي ليست مجرد شيء في العالم أو أنها بعيدة عنه ألا وهي تقوم على التقابل بين الظاهرة وشيء في الكتابة ومع ذلك ليست الظاهرة هي لحظة محددة وإنما هي سلسلة متناسقة من المظاهر ،ولعل الرواية العربية كانت إحدى الظواهر الحقيقية التي تبين أن العلاقات البنائية المتداخلة في النصوص هي الإمكانية القادرة على خلق بؤر نقدية جادة تعمل من خلال تجارب تكون في حالة من التوازن الذي يؤكد الإمكان والمستقبل ويظهر عمل الإرادة الفكرية ، ونرى ذلك في صلب اهتمامات الدكتور الناقد دريد الخواجة في كتابه إشكاليات الواقع والتحولات في الرواية العربية ، فهو يضعنا أمام جدلية جادة تعتمد الفكر والقوة المعرفية مبتعداً عن صف المفردات ومناقشة المضامين .
- الانشغال بالنصوص الرائدة

لقد تغلب الناقد إلى حد ما من خلال تاريخه النقدي على أغلب العقبات التي وقفت في تعقبه للنصوص بل استطاع النجاح على بعض المقولات التي أصبحت شبه ثابتة لا يمكن تجاوزها ، وتمكن من أن يجلب الأشياء إلى قربه وجعلها في متناول يده .
لقد شعر الناقد الدكتور دريد الخواجة بأن الانشغال في النصوص الرائدة يؤدي إلى اضطراب في المنظر العام لهذا السياق فهو يعلم بأنه حيثما يكون هناك وعي مكثف للموقف فقد يؤدي ذلك إلى ما يشبه التقيد وعدم القدرة على التحرك ضمن الإرادة الحقيقية ، فالكاتب الشهير نجيب محفوظ هو الموقف المقلق للناقد والمؤثر الجاد في عملية الفعل النقدي لبناء قيمة كتابية معرفية حيث يظهر لنا الفعل الإرادي متداخلاً مع الفعل الكتابي الماهر ليأتي الناقد بفعله النقدي مفككاً هذا النص إلى شرائحه النقدية التي توضح أركان المبنى الذي وقف عليه النص .
( إن حركة التاريخ في العوامة توحي دائماً بالعدم ، مع أن أحداث الرواية تسير في زمن متلاحق نسبياً ،إلا أن الوجود الزماني للشخوص يشكل حيزاً واسعاً من الزمان والشخوص الإنسانية المنتزعة تستقطب الوجود الإنساني كله متحدية عنيفة في مواجهة الوجود الكوني ) ص15

تحديد الروايات يتناول عالم الوعي وآلية الكتابة

إن البحث النقدي الرامي إلى معرفة المكان الأمثل لاستقبال الموجات الكتابية المنبئة قد خلقت عند الناقد دريد الخواجة نوعاً من التوغل ومن المفيد أن نحدد الروايات التي تتناول عالم الوعي وآلية الكتابة ، فالناقد بهذا الصدد يعمل مع الغريب من النصوص ويلفت الانتباه إلى إقرار الجودة والحامل لهذه النصوص ، فهو يرى بأن هناك نصوصاً تعد سلفاً لتكون مركزاً للكتابة النقدية وإن تأثيرها ناجم عن المنابع الخفية الموجودة فيها وحاول الناقد الخواجة وبجدية أن يزودنا بنظريته النقدية في كتابه ( إشكاليات الواقع والتحولات الجديدة في الرواية العربية ) فهو يرى أنها تحتوي جميع الأزمنة النقدية وهي ليست أيسر إدراكاً من لحظة محددة الموقع في الزمان لأن إدراكهاإنما يعني التغلب على تناقضات الحاضر والماضي والمستقبل ،إنها رؤية نقدية تحتوي جميع الاحتمالات وهي لحظة فكرية تحتوي الأزمنة ولا يمكن إدراكهاوتأويلها إلا

لناقد يحتوي وعيه الإشكاليات حيث أن مركز الكتابة النقدية هو نقطة التوازن التي يجد فيها الناقد نفسه ،وأن
مركز النقد هو النقطة التي تتوافق فيها جميع المعطيات النصية ففي هذه النقطة يقوم التأليف بين الحدود المتناقضة والمنطلق التمييزي للنقد ،فيضيف الناقد الدكتور الخواجة إن النقد يحرك جميع الأشياء بنشاطه الفاعل لأن نشاطه يتجدد فيه كل تطلعات الكتّاب المبدعين،فالرواية هي حجر الزاوية في العمل النقدي لما لها من أهمية على التطور المعرفي وهي عملية فكرية اخفائية ،تترجم نزوعاً عميقاً يجسد التطلعات الإنسانية فالكاتب الخواجة يرى أن كل شيء يجعله يعتقد بوجود النقد عندما ينهمك في قراءة الرواية لأنها تستخدم لإيصال مراميها طرائق كثيرة تدخل المتلقي في دوامة التشكيك والهلوسة بحدود الواقع وهذه المسألة ليست النقطة الوحيدة بل هنالك نقاط أخرى يستحضرها الناقد بجرأة وشجاعة .
( إذن لا يعنينا ذلك من وجهة النظر هذه ،لأن فكرة العدمية هي الأساس والمحور الذي يدور حوله أي عمل فني لا معقول ،وما يمكن قوله بالنسبة إلى الثرثرة فيما يتعلق بهذا التشابه بين عمل فني معين وعمل فني آخر هو أن أفكاراً عدمية ألبسها نجيب محفوظ – مختصرة –لباس الشخوص الملتفة حول الجوزة والجمر ،ف :هذه الشخصيات ليست حقاً شخصيات عبثية تتخذ من العبث فلسفة في الحياة بقدر ما هي شخصيات أقرب إلى المجون والأغلال أو الغموض والاستهتار ) ص22
النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني

لقد أدرك الناقد د:دريد الخواجة أن النقد ليس موجوداً في داخله فقط بل إنه ترابط مع ما هو خارج ذهنه فالنقد بنظره مشاعر قصدية أي أنه يتجه نحو حالات معينة ويرى بأن الحالات النقدية تكون في بعض الأحيان لاتناسب الحالات التي تقصدها دائماً قد نجد قائلاً إنه يشعر بالإحباط من بعض التحليلات النقدية التي يكتبها بعض النقاد وهناك اعتبارات كثيرة تدعم فكرة الناقد د:الخواجة عندما يؤكد أن النقد علاقة أساسية في النتاج الإنساني وعنصر من عناصر تكوينه وهو يحتاج في ذلك إلى إشغال نفسه في مشكلات المعرفة ومناقشتها فهو يلاحظ الخصائص التي تؤجج الفعل النقدي في حياة الأفراد وكيف تبنى العلاقات النقدية في المجتمع ،فالمفهوم النقدي الاجتماعي يفيض على ما حوله ويتجاوز حدود الوجود الفردي ولا يكون النقد الجمعي فاعلاً إلا داخل الواقع الاجتماعي أي الوجود مع الآخرين .
( يقول محمد الجاسم لكن السيد سميح ليس مزارعاً فقط ،السيد سميح طلبه لا يخيب عند الحكومة فوق ، ويضيف حواس : في عينيه قوة رجال الحكومة ص 10 إذن ثمة علامة حكومية مشبوهة تدعم المشروع أو على الأقل متشاركة مستمرة ولا يعقل لمثل هذا المرابي الخبيث يخاطر بعدم توفر هذه العلاقة التي بدا أن لها – دعامات قوية في كل الدوائر )ص 86



























#+


1- الناقد الناجح هو الذي يعمل وفق منهجية
نقدية حيادية

2- الفهم العام للنصوص ينبعث من موهبة الناقد
المعرفية وحسه النقدي
3- إن العملية النقدية عند د: الخواجة تحقق
التنوير والاتصال
4- الناقد يتميز عن جميع المفاهيم الفكرية بكونه
نظاماً علمياً مرتبطاً بشكل منطقي
5- النقد يدرس النصوص ويعمل على مراقبتها
واختيارها





































الناقد الناجح هو الذي يعمل وفق منهجية نقدية حيادية


إن موضوع البنية النقدية عند الناقد د: دريد الخواجة في مواضع متفرقة في كتابه تعرفنا عليها من خلال متابعتها لكن من المفيد أن نؤكد خلاصة هذه الملاحظات المتقدمة حول الكتابة النقدية ، فالفعل النقدي يرفض التقيد الحرفي وينظر إلى القوانين والقواعد على أنها عملية تعقيدية على الفعل النقدي إلا أن الناقد الناجح هو الذي يعمل وفق منهجية نقدية حيادية فالكتابة النقدية عن نجيب محفوظ _ ومحمد زفزاف – و واسيني الأعرج – وليلى عثمان – وعبد النبي حجازي قد جعلت الناقد يتعامل مع تلك المحطات الروائية بصورة تدويرية أي أنه حاول تدوير الزوايا وعمل جاهداً على إيصال نقاط التلاقي وتقاطع المواقف الفكرية والمعرفية في ضخ الهلام الكثيف عن رؤية النقد للرواية العربية وعدم البقاء في عدمية النقد لما يجري في كتابة الرواية ،فالآلية الكلامية في سبيل غاية كهذه لما يرافقها أولاً من توتر فكري يخلق رسائل أكثر اتساعاً وأوثق ترابطاً ولأن هذه الآلية تظل في متناول النقد وتسير الموضوعات في قناة النقاد اللاحقين ،وهذه المهمة النقدية أداها الناقد د: دريد الخواجة من خلال التغلب على النواقص التي اعترت القراءات النقدية، وإعادة النظر فيها فالفكرة النقدية عنده لا يمكن أن تكون إلا العقل الإنساني مفصولاً عن حامله ،ومحمولاً إلى كائن آخر لأنه نتاج الحياة ،وإن وعيه النقدي تحدده العمليات الكتابية الجارية على الساحة الأديبة، لقد اعتبر الناقد
د . الخواجة أن الأفعال هي المنطلق في العملية المعرفية النقدية وكل هذه العملية تتحقق بالمشاركة الفكرية مما يؤكد رؤية الناقد إلى الصلة بين الإحساس والنقد ،فالعملية التطورية تسهم في رسم لوحة علمية عصرية عن العالم ، والدكتور الخواجة يكشف القوانين العامة للمعرفة والنقد ،وبما أن النقد كعلم له صلات عامة وارتباط بقوانين تطور عالم الكتابة والوعي ،ويعمل ضمن مبدأ التواصلوالتطور، فالصلة العامة بين الظواهر والنقد هي أعم قوانين الكتابة النقدية ،وإن عمومية الصلة تعنى نشوء النقد وتطوره وتحوله إلى حالات تعمل على التبادل والتناظر والتأويل وهذه التواصلات مع النصوص تشمل جميع العلاقات وأشكالها وتتفاعل مع المواصفات العامة للنصوص .
الفهم العام للنصوص ينبعث من موهبة الناقد المعرفية وحسه النقدي


إن كتابة النقد وظاهرات العالم الكتابي تتفاعل فيما بينها بل تشترط بعضها البعض وإن التبادلية بين النقد والظواهر تظهر في كونها تحدد سياق التطور في كل مكان في الطبيعة والحياة الاجتماعية ووعي الإنسان .
( ومن خلال الذكريات والاعترافات وأحاديث النفس واشتغالات الوجدان وتموجه عرفنا أيضاً جوانب عن هؤلاء الذين يتحدث عنهم ،وهنا كانت تتمازج معرفتنا به وبغيره ،وكانت النجوى الذاتية تداخل الترجمة الذ1اتية ،فتزيد حرارة السياق : لم تكن الليلة كباقي الليالي (الجو يوحي بقدوم الشتاء) ص 69
إن استيضاح جوهر الظاهرة الفكرية في كشف مصادر النصوص المدروسة على أساس مصادر النقد توضح التناقضات التي تدخل في عملية الوعي والكتابة ، ويجب أن يؤخذ بالحسبان أنه لا يوجد في العملية النقدية ممارسات تحريفية لصرف شمولية عملية الواقع وظاهراته ، ومن المؤكد أن الناقد د. دريد الخواجة استطاع أن يتواصل مع المعنى العام للنصوص التي تناولها بما فيه الكفاية ،وهو يربط مناقشته لتلك النصوص بالعالم النقدي الذي كونه فالفهم العام للنصوص عند الناقد ينبعث من موهبته النقدية التي تطورت بناء على استجابته للحاجات المعرفية ،ففهم النقد يعني أن تكون قادراً على تحليل النصوص وتقويميها ، والناقد الخواجة يشق طريقه ويربط بين الأشياء والاهتمامات ، ويجعلها في خدمة نقد النصوص وهو يصيغ فهمه للنصوص بلغة نقدية نجد من الصعب تجاوزها ،ولهذا السبب نجد أن الناقد قد تمكن من الحكمة النقدية وتمكن من استعمالها ونراه حين يحلل النصوص نقدياً نراه يتعامل مع الفهم الذي يكفل له قدراً معقولاً من اليقين بالنتائج النقدية التي يصل إليها ، مستخدماً حريته الكاملة بتطبيقه للفعل النقدي .
إن النظرية النقدية التي اختارها الناقد الدكتور :الخواجة والتي تبني منهجها على أسس المعرفة يمكن أن تكون النموذج الذي يحتذى في العلاقات النقدية .
( من أعماق الإجابات عن هذه التساؤلات أو المساءلات التي تعكس من جهة الحالات الروحية والعلاقات الاجتماعية والآفات النفسية المتوارثة وشكل الارتباط بالأرض – وما عليها ... والتي تؤدي من جهة أخرى ، وبالضرورة إلى وجود أشكال استغلالية أخطبوطية ،وانشغالات إحباطية على مستوى الفرد والجماعة ، والتفافات مشعوذة : من أعماق هذه الإجابات التي تطلقها رواية الصخرة لعبد النبي حجازي داخل المستويات السابقة تبرز إدانة المسألة الفلاحية ) ص 79
إن العملية النقدية عند الدكتور:الخواجة تحقق التنوير والاتصال


أن أي تفسير واقعي للنقد عند الدكتور .الخواجة لابد أن يضع في اعتباره الدلالات المعرفية التي تمكنه من توصيل الفكرة النقدية إلى الآخرين وهو يملك المعايير التي تمكننا من الحكم على نزاهة الفعل النقدي الذي يتعامل معه الناقد ، فالبناء النقدي صورة حقيقية للواقع الذي يتحكم بالموجودات وإن كل جزء من أجزاء هذه الصورة النقدية يحدد جوانب الواقع الذي يراه الناقد ،رغم أن الكثير من أشكال العملية النقدية عند الخواجة تحقق التنوير والاتصال ويمضي الناقد في جميع جوانب عمله إلى رفض فكرة حدود لما يمكن أن يفكر أو يقول ، ويعتقد بأن التحديات التي تواجه الكتابة النقدية ،تجعله يواجه فرص اتخاذ القرارات فيما ينبغي أن يفكر فيه ،فهو يرى في بعض الأحيان أن الفكر والواقع لا يتفقان وعلينا أن نتجاوز ذلك ، وبتعبير آخر مختلف قليلاً يمكن للناقد أن يدرس النص بوصفه ظاهرة معرفية فيكون قد اقترب بالفعل من المنهج النقدي الذي ينتهجه لذلك نراه يعمل على إزاحة الحدود والتخوم للتجهيل الفكري وتبيان العلاقة القائمة بين النقد والبناء المعرفي الناهض ومن الجائز أن نقول أن النقد هو كلام يعمل بشكل فكري تتجاذبه الأمزجة المتقلبة والمشاعر التي تظهر وتختفي ،ولكن الفعل النقدي يجري في مجراه الحيادي المستقيم ليقدم كتابة تعالج وتحقق وتظهر وتأول ،ما يحمله النص .
إن الدكتور دريد الخواجة جعل من كتابته النقدية المتقدمة بؤرة إشعاعية تتقدم في طليعة البناء المعرفي موجهة بوصلة الفكر النقدي إلى الحالة العالمية ، والتخلص من لسانيات بعض المتخمين بالتقعيد والتعقيد – والترهل والانسحاق تحت رحى التسطح النقدي .
(استبقت الرواية الأحداث في أولها ، وباشرت أوصافها وأغدقت على الشخصيات أوصافها الكلية قبل أن نلمس ذلك بأنفسنا من خلال الحدث الروائي مع أن في السياق متسعاً ، نقرأ مثلاً : كانت أمي طيبة وكان شر عمتي يقف بالمرصاد لهذه الطيبة .... أرادت أن تفتت حبل الوصل بينها وبين أبي ) ص74
النقد يتميز عن جميع المفاهيم الفكرية بكونه نظاماً علمياً مترابطاً بشكل منطقي



إن النقد المتقدم مكسب نظري بالغ الأهمية من مكاسب الكتابة المعرفية ومن الخطأ التهاون في مكانة هذا المكسب في تقدير شأن النصوص وقيمتها المرهونة بالتطور والتقدم ، والتغلغل في النشاط الإنساني والعلوم وجميع الإنتاج الفكري ،فالناقد المفكر يرى أن الكتابة النقدية لها أهميتها المنهجية والاستراتيجية العميقة ،وبالتالي ضرورتها الموضوعية من أجل المعرفة العلمية والنشاط العلمي المرتكز عليها .
إن حيوية النقد المنهجي هو المحرك الأساسي للكتابة الفكرية المعرفية فيبرز النقد بوصفه علماً بالقوانين الكتابية للتفكير وإدراك العلاقات الإنسانية الأدبية والأخلاقية ،فالنقد يتميز عن جميع المفاهيم الفكرية بكونه علماً مترابطاً بشكل منطقي مدعماً بالقوانين والمقولات على أساس العلم والتطبيق ،وبما أن النقد منهج وطريقة فهو يعكس بدقة متناهية التطور الحاصل في المجتمع وفي التفكير ،وهو يتغير ويتطور ويمول وعلى الدوام مستكملاً مقولاته من مفاهيم جديدة يمكن أن تدخل إلى الفكر ،ومدققاً بالمفاهيم الموجودة .
النقد يدرس النصوص ويعمل على مراقبتها واختبارها


إن الناقد د. دريد الخواجة يرى أن النقد يقوم على العلوم الكتابية التي هي الأساس البنائي والمنهجي لحل القضايا الفكرية المترتبة عن نظرية المعرفة .فالنقد يسلح هذه المسائل وبطريقة موضوعية لتناوله الظاهرات التي تدرس هذه العلوم وهو يعمل على مراقبتها واختبارها ،والدلالة عليها في مجال حل المشكلات التي تواجهها هذه الأفكار ،ويدقق الناقد الخواجة بأن النقد يكتسب أهميته الخاصة في نشاط الناس الفكري التحويلي ، لذا نراه يستعمل الفعل النقدي بوعي ومهارة لأجل رسم السبل والطرائق التي تخدم حل المشكلات والمهام الصعبة،كما أنه يريد أن يقول بأن النقد يتناسب مع أقصى حد للأسلوب الفكري والعلمي ويلازم العلم والثقافة المعاصرين ويحفز على البحث في مجال الفكر التطبيقي، ويساعد في صراع الأفكار وفي اختيار الأفكار التي تقود إلى المعرفة عن طريق التسرب أكثر فأكثر في جوهر الظاهرات .
(إن قوة الضغط )المحدثة في بنية التراكم التي كانت تهب شعوراً بتدهور الأحوال نحو الأسوء، كانت تمد جانبا ًمن تسويغ منطق الاستسلام والسقوط.
فثمة غياب لأية أرضية سياسية / إيديولوجية مواجهة تضمن لهم مفاهيم طبقية واعية ، تؤدي إلى التجانس والتماسك فيما بينهم في تشكيلة اجتماعية متفاوتة تحبط الاستغلال خارج أية عبودية عائلية أو قبلية بائدة (يلاحظ في الرواية بروز المشاعر العائلية كسطح بلا تعاريج يمثل مستوى واحداً ،تنعدم فيه أية أفكار خاصة داخل الفكرة المتبناة السائد ة )ص 97
إن العلاقة النقدية تحاول أن تدرس التغيرات النوعية في كمية المقدم من النتاج الفكري الكتابي وذلك في التعاون بين كل المقولات لإنتاج كتابة نقدية واعية والتحولات النوعية هي فعل نقدي معرفي ويعبر عن مرحلة جدية في معرفة النصوص والمعارف المتواجدة ، ومن المهم أن تؤكد الممارسة النقدية تطبيق المتغيرات والعمل بالكيفية المرغوب فيها من أجل إمكانية التوصل إلى علاقات فكري كتابية توضح مضمون النصوص وبهذه القضية فقد عالج الدكتور الخواجة دور الفعل النقدي في عملية البناء المعرفية للنص وعلاقة الكتابة بتنشيط مضمون النص وتشكيل لب التفكير النصي المكتوب فهو يرى العقل والإرادة والمكان والزمان شروط أساسية في جعل النقد ممكناً في ضبط النصوص وإظهار اخفائية مكوناتها ولقد أدت فكرة النقد عند الخواجة إلى القول أنه لا يمكن البرهنة على الموقف النقدي دون التحدث عن الشفرات التي تحتويها النصوص ومعرفة رموزها واستعمالها بدقة موضوعية ،يقول الناقد دريد الخواجة إن معرف ماهية النقد تقتضي معرف ماهية الوعي وهذا يفترض تعليلاً علمياً عميقاً حيث أن مفهوم النقد هو المنطلق الأساسي لفهم النص وتحليله ومن خلال ذلك يقدر الناقد بأن الإنسان محاط بالكثير من النصوص الكتابية ومما تتكون هذه النصوص وماذا يحيط بها من تصورات مختلفة ومتناقضة .









































$+


1- للرواية أهمية كبرى في خلق فعل نقدي مميز
2- شعور الناقد بأن هناك حاجة إلى مفهوم نقدي
أشمل يحمي الكتابة والنصوص
3- شعور الناقد بأن هناك حاجة إلى مفهوم نقدي
أشمل
4- يبين النقد النص والمضمون والنشاطات
الواردة ضمن الكتابة
5- النقد يوجه جهده في إيضاح وتطوير الحركة
الفكرية التي تتبناها الرواية




































للرواية أهمية كبرى في خلق فعل نقدي مميز


إنّ قيّم النقد تتلخص في كونه يستطيع أن يوجد الأضداد مع بعضها ويخضعها لشروطه المنهجية ويخلق توازناً فيما بين هذه الأضداد ويحاول أن يبين أيهما أكثر تأثيراً في البناء الهرمي للنص .
وكصورة مماثلة ساقتها الرواية ، انعكست مثل هذه العلاقة في مرآه الوضع – بقوة حيث نعدها (إسقاطاً) (على شبكة واحدة ) فيها دلالة على الانتشار وتفشي ما قد يصيب كل شعار اشتراكي من برود ،وتهاون ثم طقوس مصلحية على مستوى الممارسة حين يسود التكالب على منافع ذاتيه تيسرها مواقع السلطة) ص87
لقد تبين للناقد الخواجة أن الكتابة تتألف من جزئيات تشكل بإتحادها نصوصاً معرفية وأن جميع هذه النصوص تتألف من رؤى ولقد حاول الناقد الخواجة تعليل العلاقات النقدية وقدرة هذه العلاقة على اكتشاف أهمية النصوص وقيمتها ،وأن النظرية النقدية التي ينطلق منها الناقد الخواجة تمكنه من معرفة النصوص وإدراك ما فيها من ظاهرات إدراكاً مباشراً لقد ناقش الدكتور الخواجة أهمية الرواية العربية بفعل نقدي مميز لكل ما قدمه الكتّاب الروائيون من جمال وإبداع فنجيب محفوظ الروائي الكبير ظل الممول الأول للفعل النقدي للخواجة ،فهو يعلم أن المعرفة النقدية تعمل بموضوعية جادة من خلال الوقائع التجريبية وبتطوير فهم معنى الفعل النقدي فإذا كانت الكتابة هي أساس المعرفة وهي التي تخرج النصوص من الخاص إلى العام وتناقش أفكارها مناقشة صريحة ومنظمة وبتحليل نقدي جاد يظهر وجهة الاختلاف والتلاقي بين النقد والنصوص فالتحليل النقدي والنص أمران متكاملان فهما معاً يعترفان بالأهمية الفائقة للمعرفة والكتابة ولا يمكن الإساءة إلى فهم أفعال النقد والتوافق عليها ،وبما أن النقد هو تحليل منطقي وهذا التحليل يخضع لقوانين الفكر واللغة والمعروف أن النقاد موضوعيون في أعمالهم النقدية وهم يؤكدون بأن هناك حدوداً معروفة لكل ما يمكن التحدث عنه ولاشك أن فهم الناقد الخواجة للمعرفة النقدية، دفعه ذلك إلى تجاوز فرديته وكيانه بل اندفع نحو تفكير الكل بحيادية، وفصل ذلك عما يريد ،وهو يعتقد أن التحديات التي تواجه النقد و تحبطه في بعض الأحيان وهو الضعف المعرفي وعدم القدرة على اتخاذ القرار الصحيح ، وبحرية متجردة عن التأثير فالفكر بنظره لا ضرورة لتوافقه مع الواقع كي يكون النقد مقبولاً ومرضياً عنه إنه يحاول التأسيس لمنهج يتخذ العلمية أساساً ويرفض الانحناء والمسايرة ، وهذا دفع قوي للنقد نحو الأمام ، ولقد اتخذ الناقد الخواجة الكتابة المعرفية هي الاختيار الدقيق الذي يخضع له نماذجه التي يتناولها ،ومع ذلك نجده يعمل من خلال إدراكه المباشر ووعيه الباطني لتفكيك البنى النصية والتعامل معها لذلك نراه يقول إن النقد يدخل المناطق الأكثر صعوبة وغموضاً والأكثر سهولة وبساطة وبالقوة نفسها لأنه ينطلق من الحكم على الكفاءة المعرفية التي يتمثلها ،إذن الخاصة التي يتميز بها النقد هي المشاركة والتفاعل ،أي : تفعيل النص من داخله ومعرفة البنى المعرفية التي ترتكز عليها النصوص فيسهل عند ذلك إخراج أفكاره بصورة نقدية ناجحة وهذه العملية النقدية ،اتبعها الناقد الخواجة مستفيداً من كل الإمكانات التي يجدها قائمة في ذاته المفكرة قاطعاً الفضاء الذي أبحر فيه الناقد خالد الزغريت في كتابه قامة النار والذي جعله يدخل في بناء نقدي كثير التأسيس والتعمير وهذا يؤكد جدية العمل النقدي وجماليته الفكرية والمعرفية مما يخلق نقاط تلاقي تجعل الكتابة النقدية مفهومة القصد محددة الهوية والنقاء لقد فكر الناقد خالد زغريت أن يضع خطة نقدية تنفذ منها آراؤه النقدية والفلسفية مبتعداً عن عمليات التجاذب التي تعيشها بعض الكتابات المعلبة والمخزنة للعرض عند الطلب ويوضح الناقد الزغريت ذلك بقوله :
( أقول: إن خلت هذه الدراسات من عيوب كثيرة فهي لا تنتمي لهذا العصر وليست من نقدنا العصري ،وإذا كانت هناتي في هذا الكتاب كثيرة فإني مطمئن إذاً لاقترابي من الهدف الصحيح لأن بلاء الواقع النقدي كامن في ادعائه بمثل هذه الحصانة والدروع الشكلية المحصنة بعهرها الثقافي وتكلسها المميت ) ص 9



شعور الناقد بأن هناك حاجة إلى مفهوم نقدي أشمل يحمي الكتابة والنصوص

وفي الوقت نفسه أثار الناقد الخواجة اهتمام الكاتبة ليلى عثمان بالمجتمع فقال : إن الفعل الكتابي عند الكاتبة ليلى عثمان وجد فيه روحه ودخل في عمق تفكيره وكل ما تقدمه هو المنطق والمعرفة التي جمعتها الأديبة في وحدة المعرفة وعدم تجزأتها ،وإن سعادة الفرد تتوقف على الإنسان نفسه أكثر من توقفها على الظروف الخارجية وهي تؤكد بأنه لا ضرورة للبحث عن عيوب الأحلام التي نتصورها فالتجربة الشخصية أقوى من كل شيء وهي الميزان النقدي لكل ما تراه وعلى العموم فإن هناك شعوراً في داخل الناقد بأن هناك حاجة إلى مفهوم نقدي أشمل


يبين النقد النص والمضمون والنشاطات الواردة ضمن الكتابة

ويحمي الكتابة والنصوص من بعض الغلاة والهدف من ذلك تطور الحس النقدي العام وبلورته ، ويرى أن تأثير هذه التطلعات على الرواية أن تأخذ دورها وتثبت قابليتها في التطبيق ، ويبين النقد النص والمضمون والنشاطات الواردة ضمن الكتابة ،والنقد يحمل بنظره الكثير من الملامح المشتركة مع المفاهيم الجمعية ويتلاقى معها ،ويؤكد الناقد الخواجة إلى دور الوعي في آلية النقد وهذا ليس تنازلاً بل هو جملة جديدة تدخل عالم الكتابة وعلى النقد التعرف عليها ، وكما أن الكتابة ابتداع لصيغ كثيرة للرواية وقد أعدت للتعبير عن تبدل ذهني وفكري عند الإنسان لتحقيق فعل ما فإن النقد يسقط أطياف مفاهيمه ونبواءته ورؤيته وهو مغامرة كبيرة في وعي المعرفة والفكر واندماج في الحرية والمادية الباطنية ، والنقد يقدم على تعريف الأشياء وتقنياتها وهو حر في استعمال ما يحلو له من الصيغ وما يشاء من أساليب التعبير وينفرد في الخط الحاسم لأنه قوة انقلابية فكرية معرفية ،تدخل جسم النص ، فلا يمكن القول بأن النص قضي عليه إذا أ صبح أداة واضحة في الكتابة النقدية ، وعلى هذه الحالة فإن النقد لا يتوقف عند الحالات السلبية التي يظل فيها الذاتي والموضوعي متنافرين وكأنهما عالمان يستحيل تآلفهما ، ويقدر الناقد د.الخواجة:
أن النقد يوجه جهده في إيضاح وتطوير الحركة الفكرية التي تتبناها الرواية ، وهذه القوة الفكرية تجعل النقد يدرك أن الكتاب لن يبقوا منغلقين داخل تصوراتهم بل يرى بأن النقد لديه القدرة على الدفع بهم نحو الأمام حيث تتوالد الأحاسيس التي تشكل تياراً يؤثر على الأشياء والإنسان ، ويرى الناقد بأن النصوص ولو بدت في بعض الأحيان متشابكة ومكتسبة إلا أن النقد يدفع بها إلى مجال الحياة المألوفة ويسهل على المتلقي التعرف على المواقف الجدلية القائمة في النصوص والتي تميل إلى التفكيك والاندماج وهذه المبادئ تبرر موقف النقد إزاء الكتابة التي تفهمنا أن الأمر يتناول مفهوماً جدياً في بعده الفكري والتجريدي وتدخله في حلقة ما فوق الواقعي
(فهو يرفض أن يكون غير نفسه لا تغريه مزايا غيره من جاه ومال له (توقات) نحو الأعلى يريد أن تكون من صنعه هو ثم متفرقات داخلية وأخرى خارجية ، إنه يحارب على جبهتين تتوتر أعصابه وهو يعاني من اشكاليته التي تتضخم كلما انهارت أمامه الآمال وازداد واقع الصخرة قتاماً وانحسر فعله في فراغ قاتل وغمضت الأهداف في هذا المكان الصعب من العالم : الصخر وخارجها حيث الريبة في النجاح في إيجاد عمل يملأ عليه حياته )ص 108
















%+



1- إن رقابة الوعي والإرادة تكون تحديثاً لمبادئ
التفكير

2- الناقد يحلق فوق النصوص بقصد إدراكه لها
وتفسير لهذه الأفعال الكتابية
3- النقد آراء ومفاهيم بقدر ما في العالم من
رؤوس وكل عامل في النقد يعتبر نفسه حجة
في هذا المجال

4 - النقد هو العقل الناضج المثقف الذي يستطيع
أن يتحكم بالظروف التي تحتاج الفكر والمعرفة


























ترجع قوة كلام الناقد د: دريد الخواجة إلى تمزق الصور التي تصدر عنها بعض الحالات التي تتسم بالاقتضاب المفرط وأن القدرة على الاختصار يدفع بالوقائع النقدية أن تصبح نقاط المنهج والارتكاز ويؤكد بأن الكتابة توازي وضع الرأس للمنطق السليم ، وهي النقطة المختارة التي يركز عليها الكتاب وإن طريقة كهذه تبدو مناقضة لقوانين التبويب والتصنيف أي :


أن رقابة الوعي والإرادة تكون تحديثاً لمبادئ التفكير ويحق للناقد أن يقرر من ذلك أن الكتابة والنصوص لا هدف لها إذا لم تكن تحمل معنى وكل ما يوجد في الحياة يحمل معنى إنسانياً ، والنصوص ليست وليدة الصدفة بل هي ثمرة الإنسانية وتعبير مباشر عن الواقع البشري ، كما أن الناقد الخواجة يرى بأن في حقل النصوص لا يوجد خلقاً تلقائياً، فالكلمات والصور جميعها التي يستخدمها كتاب النصوص و إنما تنطلق من وعيهم ومن خزانات فكرهم من اللاوعي وهو ما تحت الوعي ، وإن وعي الأدباء الروائيون يسجلها بأصوات العالم الخارجي ورؤيته ، فالروائيون يبتدعون تلك النصوص ويسقطونها على شاشة مضيئة تدلل على الصور الداخلية والخارجية بحجة أن الكتابة والنصوص تفرض نفسها عن طريق الرواية وهي طريقة مضيئة وقوة اجتماعية مفكرة ،تدفع بالنقاد نحو التعامل مع النصوص والغوص بين محتوياتها، طبقاً للمقدمات التي تذهب إلى العقل كونها صيغ يتجلى فيها الخلق الإبداعي الذي يقدمه الكتاب ، والناقد الخواجة يقول إنه يجبر ذاكرته أن تستبعد جميع اللحظات التي توصل إليها الوعي في قراءة الرواية وتحليلها وفي جميع أطوار خلقها وبناء هيكليها ، وأن يوضح تسلسل الصور الذي استطاع أن يرها مؤدية إلى بناء العمود الحامل لكل أحداث الرواية لكنه في الوقت نفسه لا يلغي كون ما تحت الوعي هو الذي المغذي لهذه الصور وهو المؤدي الحقيقي للفعل النقدي الجاد الذي يدخل في كل تفصيلات البناء الروائي والمعد لتقويم هذا البناء وهو يرى بأن للنصوص مسبباً لذلك لابد أن يكون لها هدف معنوي بعيد لا يراه إلا الفعل النقدي الجاد والدكتور الخواجة يدور حول واقعية النص بل حول واقعية إنسانية هذا النص،فالقصد يعني له مصير الإنسان وإن التراكمية الكتابية في النص وهذه الحقول الكلامية لا تبقى راكدة كما يفترض فهو يراها تحمل التأكيدات للأمور الرئيسية المذهلة وهذه الكلمات النصية تجري من الكاتب قبل أن تحمل كل ما لديه من قيم وأفكار لكنها لا تلبث أن تصطبغ بكل أفكار الكاتب من خلال تراكمها فتصبح هذه الكلمات سيولاً رائعة تشع بكل ما لديها من مفاهيم ورؤى لذلك كان لابد للناقد الجاد أن يخلق الموانع والحواجز التي تحاول
تحليل هذا الكم من الأفعال الكتابية ويخضعها للعمل النقدي الجاد الذي يشرق على النصوص كما يشرق القمر في الليلة الظلماء ،ثم يتبع الناقد الخواجة النقد الانعكاسي الذي يحلق فوق النصوص بقصد إدراكه لها وتفسيره لهذه الأفعال الكتابية المتعذرة اللمس لأنها كلمات وصور وأفكار فيدخلها في محيط وعيه ليفكك جمالياتها وتفاصيلها ويستخدمها في مخبره النقدي حيث يجعل المعاني الحاملة لتلك النصوص تطفو بادئ الأمر عند أول مجس نقدي من أفعاله يدخله في جسم النص ، ثم تبدأ تلك النصوص تسبح فوق قارات ذاكرته ومخيلته في كل مساحات فكره لتحملها أفعاله النقدية وتخرجها في جمل نقدية متينة تحمل رؤية منهجية تعمل من خلال التجربة والبحث والتقويم، لذلك نرى كيف تتصاعد أهمية أفعال الناقد الخواجة من مجموعات كلامية متحركة إلى مجموعة من الأفعال النقدية المستمرة في هجرتها نحو الوعي وبناء الفكر والمعرفة لتصبح أفعالاً نقدية تحمل طابع الحكم النقدي .
و طبيعي في هذه الحالة أن يكون النقد في حد ذاته هو المبرمج لتلك الكلمات والصور الذي يقطفها الدكتور الخواجة من النصوص كما يراها عند الأديب الكبير محمد زفزاف ،وواسيني الأعرج وليلى عثمان و الروائي العربي الأول نجيب محفوظ . فهو يرى بأن الكتابة النصية عند هؤلاء الأدباء إنما هي الحقيقة التي ترتبط بالنص فتدخل الكلمات والأفعال في بنائها لتشكل منها عملاً فنياً يرقى إلى المتابعة والملاحقة، والنقد وحده يستطيع إنضاج النصوص وتثميرها وتنشيط ما فيها من أحكام وقيم واضعاً حصاد النص أمام المتلقين بكل جدية واهتمام .

فالمتلقي إذا فهم القراءة النقدية فقد فهم النصوص ، وبما أن النصوص هي سلطة الكتابة على الماضي والحاضر والمستقبل فهي ستبقى دائماً تحت مجهر النقد لأن الذاكرة النقدية لوحة مرجعية صلبة وواسعة رغم وجود الكثير من الفجوات إلا أن الأفعال النقدية تجمع فلذات النص الحقيقية وتبعد ما لا يلزم ، لذلك يقول الناقد الخواجة بان النقد يقوم بوظيفته الحيوية رغم كل الصعاب التي تواجهه :
(( سيكون التوجيه النقدي نحو وعي الأرض في المسألة الفلاحية على الخصوص ، ما يدخله من ملابسات وما يمكن أن تفرزه الرواية على الصعيد السيسيولوجي وعلى الصعيد الإيديولوجي من علاقات ومواقف وتصوراتوقوى تلغيه أو تخلخله داخل المسألة الفلاحية، أو قد تؤدي إليه دون غفلة عما يرتبط بالأرض من إنتاج رعوي سائد له أهميته القصوى ،من حيث هذا الارتباط في هذا النص الروائي فضلاً عن مسارب أحوال اجتماعية أخرى تدور في فلك المراكز الأساسية المتعلقة بقضية الأرض )) ص 80

إن وظيفة النقد الأساسية سواء تمت بشكل كثيف أثناء قراءة النص أم عرضت أثناء التفكير المعرفي لتزويد الوعي بفيض من الكلمات والصور والانشغال ويرى الناقد بأن آلية النص تدفع بالنقد نحو الحرية والاستغراق في معنى الكتابة النصية وهذا يؤكد آلية النقد الخارجية عن النص ، وهذا يتجلى بقوة حينما نضع النص أمام أفعالنا النقدية واظهار التبدلات التي تنشأ عندما يبدأ الناقد في تحليل النص وتفكيكه ليعيد تركيبه تركيباً تقويمياً نقدياً يجعله في وعي المتلقي .
إن سائر هذه الأدلة التي يقدمها الناقد د.الخواجة تتوافق للتدليل على أن النص الإبداعي هو نثر يمكن أن يتم عن صورة خارجية تتوافق مع الوعي الكامل والرغبة في الكتابة والحلم المتسم بالوحي الخلاق ، وإن الكتابة دائماً ما تكون تحت وطأة إيقاع يبحث من خلاله الكاتب عن ذاته في صيغة حية ،ولذلك يصبح التعبير خاضعاً للكثير من الفكر والمعرفة ، وهنا يأتي دور الفعل النقدي الهام في تحليل تلك الأفكار وإظهارها وعلى هذا النحو تظهر عملية إرسال الدفق المعرفي عبر تيار يصبح سبباً في دفع الفعل النقدي نحو الخروج، ليتفق تارة مع المساواة التامة للقيم، وقد لجأ الدكتور الخواجة إلى وصف الظاهرة النصية وكأن لها كيان معرفي وفكري لذلك نجد لديه شبكة من النقد التلقائي في تحطم سيل الكلمات والصور المندفع من أعماقها الوعي الكتابي عند الأدباء ، ويرى الناقد الخواجة أن العلاقات الاجتماعية تمكن الوعي من ملاحظة الأفكار العميقة التي ترافق النصوص وما تشغله تلك الأفكار في عملية الكتابة وبناء النصوص فالكاتب البارع يدرك العالم ويبحث عن أساليب جديدة لبنائه ويرتقي بمشروع جديد للتفاعل معه ، ويرى الناقد د. الخواجة أن النقد يعيد تركيب الظواهر وإعطائها الأهمية ، ويناقش ما يحكى عن النقد من انه يحلل القيم ، وبين الهدف من الكتابة وإبراز شخصيات الأفراد الكتاب بحيث يكون مبدأ النقد ينبع من خلال كتابات هؤلاء الأدباء وليس خارجياً مفروضاً . وهنا يبين الناقد الخواجة أهمية القرار والالتزام والحرية المرتبطة بالمسؤولية ، وينصب على طبيعة الحرية الأولية وهي التي تسبق ما هو عقلي وفكري ، فالنقد يرتبط بمشكلات الكتابة والنصوص ويدخل معها في جدل يؤدي إلى إظهار الجودة والضعف وهو العالم اليومي للمفكر .
فالناقد المتقدم الدكتور الخواجة يقضي وقته منشغلاً بالنصوص التي تتوالد كل يوم، ويقوم بمهمته النقدية فيرى كل الأنماط الكتابية والتي يميل قسم منها إلى الرتابة والملل ، وضحالة الرؤية إلا أنه لا يركن لمثل هذه المواقف بل يشير إلى الأخطاء المخفية في الكتابة ويبحث عنها ليكون منها المادة النقدية التي يريد تقديمها ، ولعله وصل إلى سؤال جدي أراد الإجابة عنه في كل المجالات النقدية التي قدمها وهو :
ما هو النقد ؟
إن النقد آراء ومفاهيم بقدر ما في العالم من رؤوس ،وكل عامل في النقد يعتبر نفسه حجة في هذا المجال ، لا مرد لرأيه ، ويعتقد الناقد الخواجة أن النقد هو التكوين العقلي للنصوص أو لسلسلة النصوص ، التي يبدو فيها جوهر الشيء المدرك فالنقد يرتبط بالعقل الباطني أكثر من ارتباطه بالقراءة الخارجية للنص ، فالنقد يعتمد التفكير ويحتاج إلى طاقة ذهنية كبيرة تحتاج إلى لغة تستطيع أن تبرز خفايا النصوص .
فاللغة النقدية هي روح النقد وفلسفة الجانب العملي فيه وهو القادر على معرفة المعاني الباطنية المدفونة في النصوص والتي كانت في ذهن الكاتب ومن الممتع أن يعرف الناقد خفايا النص ولكي يرى الناقد الخواجة معنى للنقد ظل يتفحص النتائج العملية للنص وما فيه من أفكار فهو يرى أن النزاع حول معنى الفكرة لا ينتهي ولا يمكن أن يركن الناقد إلى رأي متخذ بصورة فورية بل عليه أن يعمل على مقاربة جميع الوجوه ليصل إلى رأي سليم ، ولذا واصل الخواجة مهمته في ذلك الاتجاه وراح يفحص الجوانب الغيبية ( الميتافيزيقا القديمة ) وتوصل على حقائق جرى وراءها لفترة طويلة ووجد فيها قيمة مهمة للفكر فهو يتجه إلى النص ويخرج منه ثماره ولا يترك الوقت ينفذ منه في الضياع بل يبحث كنه وماهية وحقيقة النص ويبحث عن أصله مؤكداً برمجية رائعة في البناء النقدي .
(( ويمكن أن ندرج في البنية التراكمية المتمثلة ، هنا ، في ما يفضي إلى هاته الشبكية من مركز الحكومة ، تصرف مدير التربية غير الجدي ، وإن ظل "موقفه " تجاه ما يحاك ضد المعلم غير مدان على وجه الإجمال كما سيأتي . إذ نجده بعد أن يشرح نذير بالتفصيل كل شيء ، يقول له مداعباً :أحياناً لابد أن تكون الأرض مسطحة (فالعبارة هنا جاءت في سياق القنوط الذي بدأ يحس به المعلم قوته أكثر لأنها تحذير مفهوم من تحدي المشاعر الاجتماعية ) ص 88
لقد كتب الناقد الخواجة رؤيته النقدية وجعل موضوعها الفكر وأقسامه وانصرف بكل وقته وقوته على كتابة النقد، كإرادة وفكر ، فهو يعمل من أجل نقد متماسك يتعالى بآراء أصيلة تدعم بناءه وتوضح مفاهيمه.
فالكتابة وما تحمله من متقلبات فكرية ومتناقضات تجعل المساحة النصية قلقة ومحشوة بالترقب والانتباه ، والخواجة لم يغفل تلك الحالة بل استمر مع قيمه في مسايرة ما كتب ، وظل يبحث ويقرأ ويفكك ليقول أن العقل والإرادة يوجهان عملية النقد ويدعمانها وكل ما يدور بينهما هو خاضع لقدرة العقل والإرادة ويعتقد
د. الخواجة أن أول خطوة لبلوغ النقد غاية التفاهم أن يعترف بالنصوص وما تجلت عليه من أفكار وقيم وبوجه خاص ما يتعلق بالإنسان والمعرفة التي تأتينا عن طريق الكتابة والأخبار والنقد يعرف طريقه في التأثير بنجاح في مناقشة وتحليل وتفكيك البنى الكتابية وإعادة تنظيمها بطريقة نقدية تبين الأهمية التقويمية للنص ، وهذه الطرائق النقدية الهامة يؤكد عليها الكاتب الخواجة عن طرق الاستدلال والتفكير وهو يضع في الخطوة النقدية الأولى أن الكل اكبر من الجزء وإن الضالعين في الكتابة يعرفون أكثر عن نظرية المعرفة وهو يرى بأن أكثر حالاته النقدية جاءت عن طريق هذا النوع من المعرفة لذلك فهو يحاول أن يسعى وراء النصوص وقوانينها التي بنيت عليها وعلاقاتها بين الإنسان والمعرفة أي النظام الفكري للأشياء والعلوم التي تسير عليها تلك النصوص ،فالأديب نجيب محفوظ وليلى عثمان ومحمد زفزاف وواسيني الأعرج غاصوا في قيم المجتمع وأفكاره وتوسعوا في إعداد سلسلة من الأشياء الجمعية المتغيرة وبسبب تعدد الحالات تلك قد يكون كل واحد منها سبباً في نشوء نصوص معينة مرتبطة بماهية الحقائق التي لصقت في نسيج البناء الفكري للمجتمع الذي يرونه أولئك الكتاب ، فالناقد الخواجة يرى عواصف النقد هوجاء وقوية تذرو الأشياء الرخيصة وتبعدها ، وتجمع النظائر الرائعة وتقدمها كجو للعدل والخير والفكر ، فالفكر يبقى الجانب الأول في عملية النقد ولا يخرج الناقد الخواجة عن التمركز حول بؤرة الأخلاق النقدية في صورها العليا المثلى – والحياة – والأخلاق واللين والمساواة ، واعتبار النقد هو الموجه الأسمى نحو الفضيلة ،ويرى أن النقد هو العقل الناضج المثقف الذي يستطيع أن يتحكم بالظروف التي تحتاج الفكر والمعرفة ،فالمعرفة النقدية كما يراها الخواجة هي الهدف الأخلاقي وهي اللذة التي تنقل النص من حالة عادية إلى حالة الكمال واللمعان ، لقد أكد الخواجة أن للنقد جذور معرفية فهناك المعطى الحسي من ناحية والمساهمات الفكرية التي تنظم الصور الكتابية بواسطتها وفقاً لصور قبلية ،ويؤكد من خلالها الناقد أن الإدراك الحسي بما يملك من تمثل للواقع وتكيف مباشر مع المعطيات يكون أحد أبرز مجسات الكتابة النقدية التي تدخل الوجود الكتابي فالعملية النقدية عند الخواجة مناقشة صريحة ومنظمة لطبيعة الفهم والمعرفة بوصفها تفكيراً عقلياً ، وهي محاولة للارتفاع فوق الأهواء والنزوات ،وبمنأى عن الانفعال ويسعى إلى التحليل الهادئ للأشياء ، ومن المعترف به أن النقد يرتبط بالنصوص وتغيراتها ،فعندما يحمل النص موقفاً ثورياً أو تنظيرياً نلاحظ أغراض النص وأفكاره ستأخذ بعداً في كتابة الناقد وستدخل في حيز التحليل والتفسير والتجربة التي يمكن أن تفسر كل شيء والفعل النقدي كما يراه الناقد يملك الكثير من الإدراكات الحسية التي تعمل ضمن المشاعر فتجعل الفعل النقدي يشارك في كل المراحل الكتابية للنص ،وعلى الرغم من التحليل ونقد النصوص فإن الدخول في قضايا الحياة وجوانبها يؤكد مقولة الناقد بأن النقد هو المفسر القاطع للعالم قبل مواجهة الكتاب مع الأشياء بذاتها ، ويرى الناقد أن ما يسمى وضعياً لا يتوافق مع القضية التقليدية للعمل الكتابي والتي تقول أن الفكر والواقع متفقان ،فالنقد يرى بأن هناك مراحل تفرق بين الفكر والواقع وتحصر قضايا الفكر عن قضايا الواقع بحيث أن الفكر أكثر شمولية من الواقع وأكثر تعقيداً لما يتضمنه من آراء وتحليلات للكتاب والمفكرين، ولما كانت الرواية من منظور النقد الروائي هي كائن حي مسجلاً في الحالة الكتابية ،فالرواية في الحقيقة وعي نفسي لا استعادة لما يدور في الواقع وهي هنا على وجه الخصوص تملك الوعي الذي هو المعرفة كما يراها الناقد في كتابات الأدباء نجيب محفوظ وواسيني الأعرج ومحمد زفزاف وليلى عثمان ،لذلك جاء البحث النقدي من خلال فرز أساسي وجوهري متسلح بالمعرفة حول استيضاح القيم الموجودة داخل النصوص التي قدمها أولئك الأدباء ،لقد عرف الناقد الخواجة أن مهمته تكمن في الدخول في عمق الكتابة الإنسانية الباهرة واستخدام معايير المفاهيم الحياتية بأكملها لرسم منهج نقدي لكل النصوص فهذا هو مبتغاه ، وفي سبيل تمكين العملية النقدية وأن يقودها إلى الظفر يدفع الناقد بمنهجه قدماً في اكتشاف المناطق المجهولة واكتشاف مداخل جديدة يستطيع من خلالها اتخاذ النص مادة له وهو قائم بحد ذاته وللمتلقي أن يتعرف على الجوانب الهامة في عمل الناقد وأن يبقى متابعاً له في كل نقلة نقدية يمارسها لذلك تصبح المنهجية النقدية قوة للتقويم قبل أي شيء آخر ،خلافاً لما يفترضه المتلقي ، هنا تبرز القدرة التنبئية تبرز قيمة الكتابة النقدية .
(وهكذا يفجر وعي سليمة المرأة بالحب ،وعي دحام الكامد الذي تعصف به رياح شتى لم تسمع إلا في الندب وفي الزغاريد كمعلقات هامشيات على خضم الواقع أو في أحوال شجارات تافهة أو في معاناتهن تحت سلطة أبوية مطلقة ، أو عدم تمكنهن من اختيار مصائرهن أو وهن مخدوعات أو مسلوبات الإرادة والعقل أمام واحدة منهن أتقنت الشعوذة والسحر والتلاعب بالناس ) ص137
ويبرز الفعل النقدي عند الناقد الخواجة بوصفه فعلاً تقويمياً عبر أهم قوانين الكتابة والمجتمع والتفكير ويوضح الناقد عملية الموضوعية للتطور في كتابة النصوص ومنهجيتها بتطبيق مبدأ المفهوم التحليلي والاختيار ،لكل فعل نصي متطور يحمل في مضمونه قيمة لغوية وفكرية ومعرفية حيث يغدو من الممكن حل قضايا الوجود الاجتماعي لذلك يرى الناقد أن النقد يشمل طرائق الاستقراء والاستنباط واستخلاص المعرفة على أساس المعلومات هي المنطلق لتأكيد فعل نقدي يسعى إلى تطور النصوص وتحسينها ، ولابد للناقد أن يضيف خلافاً لكل الكتاب القدرة على التماهي مع النصوص وعلى أية حال فإن العديد من الوقائع يؤكد رؤية الناقد على أنها عملية القياس النقدي بالنسبة للنصوص المدروسة مع موضوع آخر كمعيار يرتبط بصورة مباشرة بالجانب النوعي للنصوص والمفاهيم الملحقة بالواقع ولكي يثبت الناقد تلك المواصفات يتتبع إظهار صلتها بالتحديد النوعي للموضوع في مختلف مراحل تطوره ،وهذا يجعلنا نراقب أعمال نقاد آخرين اتفقوا على أهمية التفاعل مع النصوص والتدخل في عملية التركيب والتحليل وبناء قيمة نقدية لتلك النصوص

^+



1-الناقد الدكتور سمر روحي الفيصل الفكر والرؤية

2 – الناقد يرى النصوص لا تكون في هذا العالم إلا
ضمن أحداث معرفية
3 – الناقد الفيصل يرى أن الفعل النقدي يرتكز على
شروط موضوعية وعلمية
4 – يتحرك النقد كونه مشروعاً ينهض بالنصوص


































ملامح في الرواية السورية
الدكتور الناقد سمر روحي الفيصل فكر ورؤية
إن الناقد الدكتور سمر روحي الفيصل يعمل على تحديد النوعي من النصوص المدروسة في مختلف مراحل تطورها ، ويستطلع قدرة الكاتب في رصده للمواصفات الكمية الموجودة في النص ، وخصوصية العلاقات الملازمة للظواهر البنائية في كل عمل كتابي على أنه إنتاج معرفي فكري يدفع بالمتلقي نحو الأفضل لذلك نراه يتخذ طريقة المعرفة التي توفر السبل لتغير ظروف اتجاهات الكتابة كي يصل إلى فعل نقدي صاف يستطيع إجراء البحث الإختباري من خلاله بجملة من المفاهيم التي تصب في مجرى العملية النقدية .
إن الناقد الدكتور سمر روحي الفيصل عندما يجري بحثه النقدي يلجأ إلى معرفة الظاهرة الاجتماعية فهو يؤمن بإجراء الاختبار الاجتماعي ليخلق فعلاً نقدياً مريحاً ينقل التحاليل التي قام بها ويوصلها إلى المتلقي بتعليل نظري لشروط فعله النقدي لذلك يؤكد الناقد الفيصل أن النقد هو أداء كتابي لمهمات التطوير الاجتماعي والذي يشمل حتماً الجدية في البحث والاختبار لما يدور على الساحة الاجتماعية وهو لا يسعى نحو الحلول المتسرعة بل يقدم دراسة نقدية مملوءة بفعل نقدي يطرح الحقيقة بجرأة واجتهاد ، وإن عملية النقد عند الدكتور: سمر روحي الفيصل تعكس الواقع الذي يبدو متنوعاً في خصائصه وصفاته ، وهو يرى بأن النصوص لا تكون في هذا العالم إلا ضمن أحداث وهذه الأحداث لها مسببات معينة لذلك لابد للفعل النقدي أن يتفهم هذه الأسباب ، ويدرس تلك الظاهرة النصية لأنها تمثل العلاقة بين السبب والمسبب:
(على أن ذلك لا يعني إنني دخلت النص حاملاً نموذجا ًواحداً للعمل الروائي بل تقدمت إليه أحمل نماذج عديدة ولم تكن لدي أية رغبة لتطبيق واحد منها على الرواية المدروسة .لقد حاولت الالتزام بنص الرواية لمعرفة ما إذا كان يحمل نموذجاً خاصاً به معتبراً إياه المرجع الفني الوحيد/دون أن أستعين عليه بأية مصادر خارجية أخرى) ص7 ملامح في الرواية السورية .
إن مفهوم النقد له صلة عامة تتفاعل وأهمية المعرفة عند المتلقي فالدكتور الفيصل يرى أن تاريخ النقد هو جوهر يتغلغل في أسرار النصوص المتنوعة والمتعددة وإلى ما لا نهاية وإن التغيرات التي تطرأ على النصوص تحمل في طابعها واتجاهها الدافع لتحرك الأفعال النقدية صوب النصوص وهذا يدفع إلى الانتقال من النصوص العادية إلى النصوص الأكثر أهمية أي الانتقال من الأدنى إلى الأعلى ومن البسيط إلى الأكثر تعقيداً وهنا يؤكد د: الفيصل أن النقد هو نوع من الحركة الديناميكية تتطور في ظلها البنية الداخلية للكتابة وإن العملية النقدية تطور نظام الكتابة الروائية الإبداعية بشكل عام لذلك يبقى النقد هو الدافع الأساسي لكتابة النصوص لأنه يدفعها نحو الأمام فهو يعمل على الحكمة الجدلية في حل معضلات النصوص من حيث المضمون وهو يعطي معايير تقويمية للمسائل النصية ويبين مصدر الديناميكية فيها ويحدد آلية الكتابة وشكلها واتجاهها ويبين الزيادة والنقصان فيما هو مطروح في بنيوية النص بإضفاء صفة الثبات والتغيير في عملية التفكير عند الكتاب ، فالتضاد الذي يجمع المتناقضات يمكن أن يكون هو سبب تماسك النص وبقاؤه ضمن وحدة كتابة إبداعية تجعل الفعل النقدي يسير في بنائيته بشكل متفوق ، ويرى الناقد د: سمر الفيصل أن قدرة النقد على تحديد البنى الأساسية في كل مرحلة من مراحل تطور النص هي شرط لفعالية العملية النقدية ،ويحدد الفيصل الإشارة إلى أن الأفعال النقدية ضرورة ووجودها لا يتوقف على ما إذا كنا نعرف سببها ومن جراء ذلك تنبثق القيم النقدية من خلال البنى النصية بحكم الضرورة الطبيعية لتكون مقدمات في سياق التطور ، وإن احتمالات تحقيق التحليل النقدي يحول الامكانيات إلى وظائف تقويمية ومعرفة قدرة التفكير النقدي إلى فهم الحقيقة ومنه إلى المعرفة التأملية والعقلانية والتعامل مع التفكير المجرد وخلق التصورات التي تتأتى من الذاكرة ، وإن التفكير يتيح اكتشاف العلاقات الخارجية العامة وكشف القوانين التي تخلق الفعل النقدي المتفاعل مع المجتمع وتطور المعرفة ذاتها،والتسرب إلى أسرار النصوص وعالمها .

الجدل النقدي عملية معرفية ينعكس فيه المعنى

إن الكتابة النقدية تتيح للنصوص أن تكشف علاقاتها الداخلية وإظهار نتائج الممارسات الاجتماعية والتطور وتربط العالم الخارجي عبر التنقل داخله ضمن أفعال النقد ومفاهيميه ، كما أن التفكير النقدي برأي الناقد الفيصل بوصفه تحليلاً للواقع يتجلى في توجيه النصوص نحو فرز الخاصيات الجوهرية للأشياء ، وباللغة النقدية يتمكن الفعل النقدي من دخول كل المساحات الممتدة داخل النصوص ، ويرى الفيصل أن النقد يتجه إلى تحليل المضمون وعكسه بصورة حقيقية أكمل وأشمل وتوضيح تلك الصورة بشكل ملموس ويبين الواقع المحيط بهذه الصورة كما أن النقد يعكس العلاقات والصلات الاجتماعية لمعرفة المقاربات التي تجري ضمن الواقع وهذا لا يمكن فهمه إلا من خلال التجريد الفكري فالجدل النقدي عملية معرفية ينعكس فيه المجرد (المعنى)لكن نقطة انطلاقه هي المعرفة العلمية وبذلك يتحقق التحليل العيني والحسي لكل النصوص والانتقال إلى بناء التفكير المجرد بواسطة النقد كما يمكننا أن نفرز الموضوع المبنى للنص ، وجوانب هيكليته وأن ندخل إلى ميدان الصلات والعلاقات الداخلية الخفية فالنقد عند الدكتور الفيصل هو صعود فكري من العيني إلى المجرد وهولا يبتعد عن الحقيقة بل يلازمها ويؤكد عليها ،وبكلمة موجزة يرى الدكتور الفيصل أن جميع الأفعال النقدية تعكس الجدية والصورة الأعمق والأوضح لمفهوم النص، وبما أن النقد هو نقطة معرفية وإن الاستنتاج على صعيد الأفعال النقدية تكون قوة حقيقية تثبت التطابق حسب علاقات فكرية تقرب بعض المقاربات وتؤكد القيمة التحليلية للمضمون تخلق بناءً نقدياً قادراً على تصنيف الأعمال الكتابية .
(في منحى مسؤولية المجتمع يورد الراوي خطبة (حسين) لفتاة جامعية موسرة ، وعدوله عن ذلك بسب شروط أهل الفتاة : وجود سيارة – الأثاث الفاخر – الخدم – المهر ..... وبسبب أكثر أهمية هو أنه واحد من مجتمع لا يقبل أن يكون للفتاة ماض ، وقد أسر له بعضهم بوجود هذا الماضي لدى الفتاة الجامعية ، بمعنى أن مسؤولية المجتمع هنا مزدوجة ، يذهب فرع منها إلى قضية غلاء المهور وحاجات أهل الفتاة ) ص 95-96

الناقد الفيصل يرى أن الفعل النقدي يرتكز على شروط موضوعية علمية
إن الدكتور سمر روحي الفيصل يرى بأن تطبيق الفعل النقدي يرتكز على شروط الموضوعية العلمية ،ومراعاة مقتضيات المعايير التقويمية ويبتعد عن الارتجال ،ويؤكد أن مهمة تحويل النقد تحويلاً واقعياً يبرز أسس القوة المعرفية ويبين قدرتها الدينامكية من أجل تغيير العالم وتطويره ، ويسعى الناقد الفيصل من خلال نشاطه النقدي إيجاد الحلقات الرئيسية للكتابة المنصوصة وتحليلها والتفاعل معها ولعل الطريقة الاستقرائية التي تسيّر الأفعال النقدية فعالة في مراحل العملية النقدية ، وحين يجري تفهم البحث النقدي ووضع الأهداف والتحقق من صحتها تخرج الحقائق النقدية بشكلها الصحيح .
ويعمل الناقد الفيصل على تأكيد عملية التحليل والتركيب في العملية النقدية وهما طريقان من أهم طرائق النقد ، وإن النقد التحليلي يلازم على العموم المعرفة وهي المرجع الذي يحدد التفكير ويميزه ، ويتألف النقد المنهجي من فك أشياء الوعي إلى جزئياته ، ليؤلف بعد ذلك العناصر المرتبطة ببعضها ويقصد الناقد سمر الفيصل كما الناقد د. الخواجة بان التحليل هو تجزئة الكل فكرياً إلى أجزاء وجوانب وخاصيات مكونة ودراستها بشكل هادف ، أما ما يقصده الناقد الفيصل بالتركيب وهو جمع علاقات وصلات مختلف اجزاء النصوص التي هي عناصر التحليل وبعثها بالفكر وبلوغ الكل في وحدة الكتابة النقدية .
يتحرك النقد كونه مشروعاً ينهض بالنصوص


يناقش الناقد الفيصل الموضوعات بأنها تتعرض في سياق نقدها للتجزئة بالفكر بواسطة البحث الذي يتيح له أن يفرز العناصر الرئيسية الداخلية وفصلها عن العناصر الثانوية،ويرى الفيصل بان العملية النقدية لاتنتهي بالتحليل بل تذهب إلى أبعد من ذلك على بعث الموضوع فكرياً ، فالمادي في النص يأتي في وحدة النص والتركيب يبرز بوصفه استمرارًا للتحليل وبواسطته يتم النقد الفكري موحداً، وإن البرهان الدافع على صحة المنهج النقدي هو حركة المادة النصية التي تنتقل عبر الكتابة بل ضمن جميع التغيرات التي تحدث فبما يتعلق بمضمون النص ، ويؤكد الفيصل على تنوع أشكال حركة النقد تنقل البنى النصية على حيز التحليل ، حيث يؤكد الناقد الفيصل أنه لا يمكن استيضاح جوهر الفعل النقدي إلا على أساس كشف مصادر تطوره والعلاقات التي يعمل بموجبها وتفاعله مع شروط التفكير النقدي :
(( لعل كثرة الاستعارات والصور البيانية عموماً تشير من جهة ثانية إلى الجهد الذي بذله عبد النبي حجازي في صوغ الرواية ، مما يدل على انه يجود عمله وانه يستخدم الأدوات البلاغية في شوط التحديث الذي يسير فيه ، ويوظفها لأداء غرض محدد مستفيداً في الوقت نفسه من إمكاناتها الجمالية )) ص146 ملامح في الرواية السورية .
إن الموضوعات المنطقية الصحيحة في النقد تعطي نتائج ضرورية فالمقدمات الصحيحة إذا طبقت عليها قوانين الفكر فلا بد أن تطابق نتائج النقد ، وإن التماثل هو على جانب الاستنباط ويقدم الأدوات اللازمة لتعيين وتحديد أهداف النقد ويرى الناقد بان النقد يتحرك كونه مشروعاً ينهض بالنصوص ويفعلها وهو ملك للعارفين ويعتبر النقد شعوراً خارقاً يهز النصوص بحماسة وعلمية ويتناول عالمها الواعي ، وآلية النظرية المعرفية ،وقد جرت العادة أن يقع الاختيار على النص ضمن طرق معينة لتكون بمثابة العينية التي تحتذى ففي الكتابة الفكرية نجد الأولوية للنقد لما يمتاز به من دقة ويقين لاتتوفر في مجالات أخرى ،ويرى الدكتور الفيصل أن مشكلة النقد عندما تثار بطريقة موضوعية يتجه الفكر المتلقي مباشرة نحو الحقيقة لأنها الموضوع الذي يريده الناقد ، وإن الذات في هذه الحالة تعد دافعاً للحقيقة وإن الفكر يتجه بشكل ذاتي إلى العلاقات التي يكونها الكاتب في داخله وهذا يعني أن التفكير هو الذي يجعل النقد علمياً بأكمل معانيه ويخرج من فكر الناقد ويحرك بقدرته كل المفاتيح الكتابية ويخضعها لسلطته ،فمن الممكن أن يكتب الكاتب عمله الروائي أو الشعري وهو عمل فردي ولكن الحقيقة النقدية لها باستمرار بعدها الفكري والعلمي وهي التي تكشف خفايا النص وتعرضه للتحليل ،فنظرية النقد تفسر كل المفاهيم والمعايير تماماً مثلما أن النص هو موضوعها الأساسي ،فالنص بالنسبة للنقد موجود بوصفه وجهة نظر كونها الكاتب وبناها تستدعي وجهات نظر أخرى لا يراها الكاتب مهمة له ،وذلك لأنه يكون قد وصل إلى درجة من الوعي الكبير لذلك النص الذي أبدعه الكاتب ،ولا بد من الاعتراف بأنه من المألوف أن نجد بعض الكتَاب يناقشون العلاقات الاجتماعية والفكرية مناقشة صريحة ومنظمة لطبيعة المعرفة والفهم وربما كان هؤلاء الكتاب متمردون على تلك الموضوعات التي تأخذ طابعاً تقليدياً ، لذلك أراد الناقد الفيصل أن يقول أنه من المشكوك فيه أن يكون الكاتب قد استطاع أن يبقى دائماً على محور واحد في كتابته لأي عمل إبداعي ،بل أغلب الكتاب يلقون بأنفسهم إلى مناطق متقدمة كي يحققوا نصراً إبداعياً كتابياً ومعرفياً ، وهذا ما يفسره النقد ويبنيه .
إن مهمة تحويل النصوص إلى شرائح نقدية تبرز على أساس معرفي يقدمه الناقد ويؤكد عليه ، ويعمل على بعث القوى المتغيرة في تلك النصوص وتحريكها ، كي تصبح في بصيرة المتلقي ،فلأجل خلق الفعل النقدي يجب تفسير الأفعال الكتابية تفسيراً علمياً من خلال وجودها في النص وهذه مهمة النقد كما يراها الناقد الدكتور سمر الفيصل .
(( ما مدى تعبير الشكل الفني للرواية عن المضمون ؟ إن ذلك هو السؤال الملحاح دوماً ، وإن تقنية رواية (ألف ليلة وليلتان ) ما يجعله أكثر إلحاحاً وبروزاً، فهي من الروايات الجديدة التي هضمت تقنيات الرواية الغربية وحاولت تطويعها لتلائم المضامين العربية صحيح أن القارئ ، أي قارئ يحس إحساساً واضحا بصعوبة هذه الرواية ) ص350

&+


1- النقد الفاعل يستخدم الأفعال النقدية بطريقة
الموج الصاعد
2- إن الكتابة والنقد هما قوام المعرفة الإنسانية
3- يربط الناقد النقد بالتكوين الفكري الخاص
بوصفه قدرة معرفية عقلية
4- الفعل النقدي يعبر الزمان باتجاه منابع النصوص













































النقد الفاعل يستخدم الأفعال النقدية بطريقة الموج الصاعد


إن كلاً من النقد والفعل النقدي يملكان الاستقلالية التي تؤدي إلى نقل النصوص إلى أعمال مميزة ، وإن كل فعل نقدي تقابله عملية كتابية تصاغ منها نظرية أدبية وفكرية ولكي تبلغ الأفعال النقدية غايتها يتوقف عليها عمق وصدق وصحة خصوصيات هذه الأفعال والمناقشات التي قدمتها لتك النصوص ومدى تأثيرها على إزالة الغموض وحل الرموز والرسائل التي تضمنتها النصوص.
إن نظام النصوص هو مجموعة من الأفكار الاجتماعية والسياسية والجمالية والدينية والأخلاقية والفلسفية والتي يتم فيها إدراك وتقيم مواقف الناس ،ويرى الناقد الفيصل بأنه على النقد أن يقول أن الأحكام المسبقة على النصوص تفتك بها فلا بد أن نحترس من ابتداع أحكام جديدة تؤكد حسن النية في عمليات النقد التي تتجلى فيها حقول التنوع والتوازن بالتفكيك ومع أنه لابد في النهاية التأكيد على أن الاندماج يعلو في نهاية المطاف على التفكيك وهذا برأي الناقد خدعة يسعى إلى نقضها فنحن علينا أن لا نبتغي استباق مجرى الزمن وأن نقلب الفكرة الاندماجية فالاندماج والتفكيك يلازمان بعضهما ويحققان ذروة العملية النقدية ويعملان على مؤالفة الآلية النقدية جمالياً ونقدياً ،فالنقد كما يراه الفيصل يتعامل مع النصوص من الداخل ليستخدم الأفعال النقدية بطريقة الموج الصاعد ويضع نفسه لجاذبية ساحة النص الأوفر بلاغة وقوة والأكثر عمقاً وكل الوقائع التي يشير إليها الناقد الفيصل تعمل على تنوير قراءة النصوص ومهما يكن من أمور فإن الفكرة التي تأخذ بتطور العلاقات الفكرية تسلك سلوكاً محسوساً واضحاً يؤكد بأن النص يخضع للنقد بطريقة موضوعية في التأليف والمحاكاة وإن حركة الأفعال النقدية بأكملها تقوم على مبدأ التحليل الواضح لكل عمليات الكتابة النصية من رواية وشعر ، ويوضح الدكتور الفيصل بأن النقد ينطلق من اكتشاف الإبداع وهذا يعني أن النقد ثمرة طبيعية لمشروع فكري إنساني بل هو طبيعة الإنسان ،والنقد قمم رائعة المناخات قبل أن يكون سلوكاً كتابياً .

إن الكتابة والنقد هما قوام المعرفة الإنسانية
وعلى هذا يرى الناقد الفيصل أن موضوع النقد لا بد أن يكون هو الأهم لأنه يحتوي على الأجزاء والنقد ينتقل من جزء إلى جزء عبر النصوص فيكون بذلك قد عمل على المتغيرات المتراكمة في كل نص ، من هنا نرى بأن النقد هدفه الأكبر ،الأشياء المركبة وهو على هذا النحو يدخل فكرة التنقل وعدم التحديد كأن يميز بين العالم المحسوس والعالم المعقول ،لأن النقد في النهاية هو مزيج من الوحدة والكثرة والمعايير والمفاهيم الفكرية ، ومن هنا يرى الفيصل أن الكتابة والنقد هما قوام المعرفة بل أن التنوع والاختلاف والتعارض إنما هما حدان متضادان ، والمتضادان يتحول أحدهما إلى الآخر حتى أن كل الكتابة والنقد يتعلقان بالمعرفة فالوجود الواقعي والحي للنقد ليس في تجرد الكتابة من المعرفة بل في الاستغراق بها ، ويرى د: الفيصل أن الصراع بين الكتابة والنقد يمتد بين الكم الكتابي والمعرفة ولكن التناسق بين النصوص والنقد يسود أجزاء المعرفة كلها وأنه موجود في كل مراحل الكتابة حيث نراه ظاهراً في حركة الفكر ، والحقيقة أن حياة التفكير تتصف بالصفة ذاتها وهي كونها مستقلة حرة، وإن صفة التطبيق الذي تتكون منها النصوص تأخذ بالحسبان مقتضيات العمل الكتابي وإن القدرة على تحديد المهمات الأساسية في الرواية المكتوبة تحدد الحلقة الأساسية في عملية النقد عند الفيصل حيث يؤكد بأن مراحل التطور الاجتماعي الروائي هو شرط لا غنى عنه لفعالية النشاط النقدي التطبيقي ونجاحه ، وإن النقد الناجح هو القدرة على التواصل بين العلاقات العامة والتطور والمعايير والمفاهيم النقدية هي الصلة الموضوعية ويرى الفيصل بأن النقد منذ القديم أمعن النظر في نشوء التغيرات التي تلاحظ المجتمع وعلى هذا النهج لابد من وضع مقدمات مختلفة ولكن التكيف يتصف بالميل إلى تأكيد هذه المقدمات في صورة فصل العالم الكتابي وتحديد موقفه ، فالنقد يعزز التحليل والتعليل ومن هنا ينجم الفهم لقدرة النقد على إبراز الجوانب الخارجية والداخلية لنماذج الكتابة وتوضيعها في نسيج العلاقات الفكرية عند المتلقي ، فالناقد د: الفيصل يعتمد على تناول النصوص الروائية في كتابه (ملامح في الرواية السورية) فيدرس ويحلل العناصر كلها.
( أما الثنائيات الداخلية فيلحظها المرء من خلال دلالة الرواية على مرحلتين : ما قبل الحرب – ما بعد الحرب ودلالاتها على شخصيات متقابلة (إمام – محمود ) أو (أسمى – سليمى) أو شخصيات في أسفل السلم ( أبو نصوح)أو دلالتها على طبقتين : برجوازية – عمالية أو وضعين : أسلوب الحياة لدى (عباس) وجماعته وأسلوب الحياة لدى (أم خلف وأم إمام ) وأسرتيهما ، أو بين وضع المرأة فيها ، وهكذا ) ص 360
يربط الناقد النقد بالتكوين الفكري الخاص بوصفه قدرة معرفية عقلية

لقد استخدم الناقد د: الفيصل الفعل النقدي للدلالة على أجزاء منهجه النقدي الذي يناقش من خلاله أسئلة حول مكانة النص الكتابي في عالم النقد وعلى الرغم من التفرقة بين العلاقة البنائية بين الكتابة والنقد فإن التحليل النقدي يعمل على إبراز الرؤية الكتابية التي يقدمها الكتاب وهذا شيء يختلف عن كل العلاقات الفكرية حيث تخرج هذه الرؤية من وحدانيتها ويجعلها النقد ذات صلة بالآخرين ،كما يعمل الناقد د: الفيصل على الاختيار في عمليته النقدية ويحاول أن يواصل استنتاجاته لاكتشاف بنية التفكير وتوضيح ذلك من خلال النقد ، ويربط الناقد د: الفيصل النقد بالتكوين الفكري الخاص بوصفه قدرة معرفية عقلية تجمعهما الكتابة ، فطريقة تكوين النقد ذاتها تجعله مدفوعاً نحو التحليل وهذا التحليل هو السعي الدؤوب للوصول إلى المهمة الإنسانية للفعل النقدي ، ويؤكد الفيصل بأن الأفعال النقدية تتماشى مع الكتابة النصية المتقدمة ،وهذا ما يوصل النقد إلى الحدود القصوى للفكر ، والتفكير فيما لا يمكن التفكير فيه من خلال حل الرموز والإشارات والطقوس التي يخلقها النص والناقد الناجح يسخر نقده فيما يتعلق بقدراته الفكرية وهذا يتفق مع دنيا العقل لأنه يعلم أن الكتابة تتغول وسط النصوص وتخلق عالمها التأويلي وغالباً ما يخرج الناقد النص عن غرائبيته ومتناقضاته ويبدأ بتفكيك صوره ورموزه ليجعلها في متناول المتلقي ، وغالباً ما يؤكد الناقد على مصداقية النص وما فيه من تقنيات أو تضليل ، فالنقد لا بد أن يقدم صورة صحيحة عن العالم المنصوص الذي يتناوله ، والناقد د: الفيصل يعتبر العلاقات النقدية مزيجاً متفجراً من الذاتي والموضوعي فيستطيع بذلك تصوير الواقع بشكل ثابت ومنظم طبقاً للمفاهيم النقدية التي يعمل من خلالها ، فعندما يدخل النقد في مملكة التحولات منطقة القلب والوجدان والإشراق ، وتحاصره الصور اللامعقولة التي تخلف في داخله قدرة على الغوص أكثر فأكثر في أعماق النص ، كما أن الكتابة النقدية التي يستخدمها الناقد د: الفيصل تبتعد عن المجانية وتلجأ إلى التفسير الجاد وإظهار المعنى الخفي للنصوص ، فالتحليل النقدي يكشف رموز النص ، وإن هذا التفسير يحتفظ بجملة ما بسر النصوص المكتوبة فاكتشاف خفايا النصوص تلازمه غبطة الكشف والتأويل عن منطقة جديدة في عالم النصوص وبقدر ما يحل الناقد من رموز وألغاز يكتشف رموزاً جديدة تتجول في الكتابات النصية ، كما أن الناقد الفيصل يعتبر النقد أقوى متفجر ذهني إبداعي وهو يرمي إلى أحداث أقوى لتحليلات في حقل الكلام والصور والأحاسيس وانتزاع العلاقات الفكرية المتداخلة في صلب النصوص من مسالك العادة السهلة للتفسير والتنقل في كل اتجاه عبر العوالم العقلية وذلك بحرية مطلقة في التأويل ويرى الناقد د: الفيصل أن النقد يدحض نظرية الكمال في النصوص لأنه يرى بأن لها نهايات تكون مضللة وغير صحيحة أحياناً
( منذ فاتحة الرواية تضع المؤلفة أسرة الجبيلي في خضم أحداث الحرب المتلاحقة ، ولكنها تترك لفصول الرواية تبيان الهيكل الحقيقي للأسرة ، وهو هيكل اجتماعي مصغر للهيكل اللبناني عامة فالأب (وديع جبيلي) مسلم غني أموره المالية متشابكة ومتعددة بين عقود وشركات وبضائع وشيكات وأراض وعقارات ، ولكنه في أعمق أعماق نفسه (لم يكن أميناً ولا صادقاً ولا وفياً لأحد بل لم يحب أحداً حباً خالصاً لا أولاده ولا زوجته ولاواحدة من عشيقاته حتى( ريتا) كل ما أحبه هو المال ) ص435 -436



الفعل النقدي يعبر الزمان باتجاه منابع النصوص

إن الوقائع التي ترد ضمن العمل النقدي كثيرة في النصوص ، والنقد وحده الذي يمتلك حل أسرار هذه الوقائع ، فالنقد عند الفيصل يدخل في صميم عالم الأسرار، ويفسر كل المحيط ، المجهول سواء ما خفي في داخله ، أو العلاقات التي يمكن أن تقيمها النصوص ، وما يريده الناقد دائماً مسك الخيوط الحسية التي يمكنها أن تفتح بوابات النص وجزئياته، ولذلك نرى الفيصل يعمل على الاحتراس والتأكد من سلامة النص كي لا يكون الفكر غافلاً عن معرفة وقوع الأحداث، فتظل مجهولة في ظلمات اللا وعي، ويلح الفيصل على حالات التطابق والتحذير المسبق، وكأنه يعتقد بأن حالات من التذكر ذات أهمية ، لأن بعض الوقائع يمكن أن ترد إلى حالات من التذكر المجهول فالنصوص أحياناً تغش نفسها والمتلقي، ويرى بأن العبث النصي يقومه النقد والتذكر، حيث أن التذكر النقدي يربط بين الأسس الكتابية القائمة في النص ومدى صدقها وعلاقتها بالفعل النقدي الذي يدرسها وهو يرى بأن الماضي صار تاريخاً وليس صدفة لذلك يجب أن يكون صادقاً في بنائيته وما بناء المستقبل إلا امتداد للماضي ، لذلك يرى الناقد الفيصل بأن الفعل النقدي يعبر الزمان باتجاه منابع النصوص ليتعرف على المادة الحية في كتابة النص ، ليأخذ منها المعايير ويرى الفيصل أن أكثر إبداعات النقد جاءت من الحرية التي يخلقها الإدراك الخارجي للنصوص ، وهذا المجال يراه الناقد من خلال دراسته للتصورات الذهنية التي تمتد خلف حقل الإدراك الحسي ويسهل الناقد علينا عملية التعرف على الجدلية القائمة بين التحليل والتركيب لأن ذلك يبرر موقف المفاهيم النقدية ، فمهمة النقد لا تنفصل عن مهمة الاكتشاف بلا منازع وإن الأهمية تكمن في كونه لا ينفك عن انشغاله بها ،وإن المجال النقدي هو كائن يدخل في عالم النصوص للبحث عن مفاهيم هامة وصل إليها الكتاب، وأن الصورة الداخلية للنقد تنطلق من عالم غير مرئي مصدره الوعي الفردي للناقد ومن هنا تظهر الصورة التي تحمل المرء على الاعتقاد بأن النصوص تكاد تكون في بعض الأحيان قريبة من الخيال والوهم فيظهرها النقد ويعكس هذه الصورة الداخلية على شاشة الوعي التي تظهرها ، ويؤكد الناقد د: الفيصل أن النصوص موجودة وهي تخبو وتتلاشى إذا لم يلامسها النقد ويجعلها تواجه الآخرين ، ويربط الناقد التحليلات المتعلقة بالنصوص بمسؤولية النقد ويعتبرها عملية تفكير يحقق تفسير النصوص ويظهر الفلسفة التي تندرج ضمن هذه النصوص ، ويرى الناقد الفيصل أن الكاتب الناجح هو الذي يعمل من خلا ل نص متقدم يكون فكرة تتضمن في تكوينها الوجود الإنساني والاجتماعي والبعد الشخصي للأديب ، فإذا درس الكاتب (أنت ) وجدنا في النص كذلك (أنا ) ، وهناك أفكار يطرقها الأدباء بطرائق تدل على أن النصوص لا يمكن أن تكون أشياء مفصولة عن واقعها وبيئتها ، فالنص ليس نزعة ذاتية فقط بل يمكن أن يكون رؤية وتعبير عن حالة جماعية كبيرة ومتقدمة ، وتوجد بالفعل وتكون في مواجهة شيء آخر يختلف عن تطلعاتها ورؤيتها ؟.

































*+



1 – إن العقل يجرد الصور الأسطورية من أغلفتها
الماورائية ويجعلها معقولة
2 – الأسطورة قوامها في العقل الناهض أي العقل
الإنساني
3 – إن الفعل الأسطوري موجود خارج ذاتنا وهذا
الضرب نتجاوز ه بواسطته ( الآن)
4 – الفعل الروائي الأسطوري يضع في اعتباره
الامكان الذي ينفتح فيه الموقف المحدد




































النزوع الأسطوري في الرواية العربية

امتداد الفعل الأسطوري في خلق الحركة البنائية في الفعل الروائي

الدكتور : نضال الصالح

يلاحظ الناقد الدكتور نضال الصالح في طيات بحثه الذي يعقده في مؤلفه ( النزوع الأسطوري في الرواية العربية المعاصرة ) إلى أن كل مفهوم إنساني وكل جهد عملي يتطلبان فهماً ما على أنه غاية لهما فإذا كان هناك عدد كبير من الأعمال المختلفة فهناك أنواع كثيرة من الفهم ونرى هذا الفهم يخضع بعضه لبعض لنصل إلى فهم أعظم لا يتعلق بشيء آخر غير ذاته والذي نسعى إليه خاصة من أجل ذاته ونرى كل ما حدث من أجله وهذه النقطة التي أشار إليها الناقد الدكتور نضال الصالح حيث أكد أن الأسطورة تسيطر على العمل الروائي بحرية كبيرة ،لذلك نراه يلحظ عملية الاتحاد بين الرواية والأسطورة ، فيرى أن المثال هو الأسطورة وقد تحققت في المادة التي هي المساحة الواسعة التي تحقق وظائف الأسطورة ومن وجهة النظر هذه أكد الدكتور الصالح وحدة الالتزام بين الأسطورة والرواية أي أن معنى نظريته قائم على أن ما من جوهرين هما الرواية والأسطورة بل أن الأسطورة هي الجوهر الحقيقي الذي ينفذ في مادة الرواية ويستولي عليها ، ويخرج منها كل وجود مستقل ، فاتحاد الكتابة بالأسطورة ليس اتحادً غير مفهوم بين شيئين يمكن لكل منهما أن يوجد بمعزل عن الآخر بل هو امتلاك الكتابة للمادة الأسطورية وعلى هذا نستطيع أن نسلم بخلود الأسطورة .
إن العقل يجرد الصور الأسطورية من أغلفتها الماورائية ويجعلها معقولة

إن الدكتور نضال الصالح يعتقد أنه لا صعوبة حقيقية في ربط الرواية بتلك الأساطير ، بل أظهرت القدرة التي تمارسها الأسطورة على الرواية ، وما نصل إليه هو التسليم بأن الأسطورة تستمر في الظهور بجسد مادي وباستمرار في الرواية ، ونجد تفوق الرواية في نظرية المعرفة حيث أنها فهمت اتحادها بالأسطورة وهي كذلك فهمت اتحاد العقل بإدخال تلك الأسطورة ضمن المفاهيم القيمية التي تحرك الحس الجمعي ، وإن وظيفة الأسطورة هي استخلاصها في صفائها وعلى نحو أدق إن لأسطورة المعقولة متضمنة في الصور الحسية التي هي الآثار التي خلفتها الأحاسيس الجمعية في الرواية ، وإن العقل بفضل مبدئه الفاعل يجرد هذه الصور الأسطورية من أغلفتها الماورائية ، ويجعلها معقولة بالفعل ، وهذه النقطة بالضبط هي التي أشار إليها الدكتور نضال الصالح والتي حركها نحو حل المسائل المرتبطة بها في أول تشييئ للإرادة العاقلة .
الأسطورة قوامها في العقل الناهض أي العقل الإنساني

إن العالم المعقول هو عالم المثل الخالدة ولكي يخرج الأدب من الفكرة التي ترى أن العالم نتيجة لمبدأ أعمى لا يبصر ، نرى الناقد د: نضال الصالح يقاوم فكرة اللاغائية أي الفكرة التي ترى أن العالم لا معنى له، بل يرى أن الإنسان هو مقياس الأشياء جميعها حين يبين القرابة بين العقل الإنساني والعقل الأسطوري الذي يتمركز في بناء العالم ، فالعقل هو القانون الذي تخضع له الكائنات وهو الذي يوجه العالم والأسطورة وتتوحد مع هذا القانون من داخله من حيث أنها نتاج العقل فهي حينما تحيا في وفاق مع طبيعتها الذاتية تحيا في وفاق مع طبيعة الأشياء ، فالأسطورة قوامها في العقل الناهض أي العقل الإنساني الذي هو على اتفاق مع العقل المعرفي لذلك نجد أن الفعل الأسطوري يحيا في تمازج مع الكتابة ولكي يحقق غايته ينظر له على أنه جزء من النظام الكلي للمعرفة .
( ترتبط الأسطورة ارتباطاً وثيقاً بالأدب فكلمة mythos الإنكليزية ومثيلاتها في اللغات اللاتينية مشتقة من الأصل اليوناني muthos وتعني قصة أو حكاية وكان الفيلسوف أفلاطون أول من استعمل تعبير muthologia وعنى به فن رواية القصص وبشكل خاص تلك القصص التي ندعوها اليوم بالأساطير ولا يتحقق هذا الارتباط من خلال أصل الكلمة فحسب بل إنه يمتد ليشمل عدداً من الخصائص التي تجعل الأسطورة أدباً بالمعنى التام ) ص 14


إن الفعل الأسطوري موجود خارج ذاتنا وهذا الضرب نتجاوزه بواسطة (الآن)
ولكي تفهم لغة الأسطورة ينبغي أن ننظر إلى الحقيقة الموضوعية فتمام الحقيقة يتضمن جوانيتها والأسطورة ليست شيئاً شخصياً يمكن أن توضع في قضايا محددة ، بل هي شيء يمتلك على مر الزمان لأنها تتحد مع الحياة الجمعية للمجتمع وهي التجربة البشرية التي تعني التتابع والتعاقب ، والأسطورة هي أكثر من مجموع اللحظات التي تعيشها الكتابة وهي زمانية الكتابة بشكل خاص ، وهناك فارق كبير بين علاقة الأسطورة بالزمان والطريقة التي ترتبط بها الرواية والآداب .
صحيح أننا نستطيع أن نقول بمعنى ما أنها كلها موجودة في الزمان وإنها كلها مرت بلحظات زمانية متعاقبة وكلها ماض إلا أن ربطها بالرواية تصبح حاضراً ومستقبلاً ، وهي تظل ببساطتها باقية خلال تعاقب الأزمنة وكل زمن من هذه الأزمنة يكون ماضيها ومستقبلها وذلك لأن الفعل الأسطوري يستحضر الماضي بداخله بواسطة الذاكرة في الحاضر وهو يرسم بالفعل والتوقع والخيال مستقبله ، ويسقط فيه ذاته ، أي بمعنى أن الفعل الأسطوري موجود خارج ذاتنا وهذا الضرب من الزمن نتجاوز بواسطته ( الآن ) ونوحد بين الماضي والحاضر والمستقبل .
الفعل الروائي الأسطوري يضع في اعتباره الامكان الذي ينفتح فيه الموقف المحدد
فالفعل الأسطوري هو أول أنواع أفعال التوازن الذي يكون فيه تأكيد مبالغ على الإمكان وعلى المستقبل فيصبح عمل الإرادة فيه هو المقبل وحين تتحول الأفعال الأسطورية عن الإرادة الحقيقية تصبح مجرد أمنيات ورجاء ، وهناك تنوعات كثيرة في هذا الخلق وربما لا ضرر منها .
أما في حالة المعرفة والكتابة الروائية الناضجة فإن النزعة غير المسؤولة قد تكون قاسية ومؤذية ، ولكن ربما كان الأكثر من ذلك خطورة الانطواء في عالم من الرغبات التخيلية ، بحيث يصبح الفعل الأسطوري مستحيلاً وتحل محله مداعبة أحلام تدور حول ممكنات واقعية لا يمكن أن تتحقق .
أن كل فعل روائي أسطوري لا بد أن يضع في اعتباره الامكان الواقعي أي الإمكان الذي ينفتح فيه الموقف المحدد ، وطبيعة الحال لا يمكن أن يكون هناك عمل روائي تداخلت فيه الأفعال الأسطورية منغلقاً ، بل هو مغلق بقدر ما ليدخل في لحظة يمكن فيها للفاعل البشري أن يقف أمام إمكان حقيقي يؤدي إلى وعي مكثف يتماشى مع الموقف القائم بالفعل وفي هذه الحالة نجد أشكالاً متعددة يمكن أن نلاحظها في الفعل الأسطوري تحول دون اتخاذ أي قرار يعرض الفاعل لتغيير حقيقي ، وبذلك لا يظهر الفعل الأسطوري أنه بإمكانه اقتحام المستقبل وإنما يقوم بمحاولة للعثور على الأمان في روتين الماضي وطقوسه .
( و سمة الترددhesitaion نفسها لازمة العجائبي عند تودروف ، تبدو في تعريف ت. ي. أبترt.e apter للفنتازيا العجائبي أيضاً ففي أعماق الفنتازيا : ثمة شك في العالم الذي تنتمي إليه الحكاية .أهذا هو العالم أم عالم مغاير تماماً ، وهي السمة نفسها التي أطلق أبتر عليها في موقع آخر من دراسته للفنتازيا تعبير المأزق الإدراكي الذي عده كما فعل تودروف قبله ،لا غنى عنه بالنسبة لقوة الفنتازيا والعجائبي لا يعني تضمين النص حقائق غير معروفة بل وسائل غير معروفة في وعي الحقائق والتعامل معها إنها استغوار للواقع ولكن بوسائل غير واقعية ) ص 20- 21
ليست الأسطورة بالضرورة القادرة على التغيير بل إن الكتاب يرون في واقعهم الكثير من الاضطراب ، والفعل الأسطوري يعيد التوازن لهذه المجتمعات، فمعنى وجود الفعل الأسطوري في الكتابة وبالأخص في الرواية يعني أن هناك نقصاً أو عدم تناسب في تغيير العلاقات القائمة في المجتمع وباستطاعة الفعل الأسطوري أن يرمم هذه الشروخ والتصدعات وإن كان ذلك لا يعني الخلاص من الخلل ، وتظهر فكرة الفعل الروائي الأسطوري عند الأدباء لتضيف بعداً آخراً لفهم العلاقات، فقد لعب هذا الفعل دوراً لا يستهان به في العصر الحديث حيث برز في كتابات الروائيين أمثال توفيق الحكيم في "عودة الروح" فهو أول نص عربي يدرج الأسطورة كظاهرة وثيقة الارتباط بالواقع، إنها استلهام لأسطورة الموت والانبعاث الفرعونية أسطورة إيزيس و أوزوريس ورواية عبد المنعم محمد عمر ، حيث أن الكاتب يجهز منذ كتابة العنوان لهذه الرواية بفاعلية الأسطورة ، ونرى الروائي الفلسطيني الأردني عيسى الناعوري يكتب مارس يحرق معداته ، والأديب السوري أنور قصيباتي في روايته نرسيس الأسطورة اليونانية ، ورواية العنقاء أو تاريخ حسن مفتاح للكاتب المصري لويس عوض ، وهذا كله بنظر د. نضال الصالح له بواعثه الثقافية والمؤثرات المعاصرة دفعت الكتابة للنزوع إلى الأسطورة من خلال سمات مشتركة بين العديد من المرجعيات ومنها المرجعية السياسية التي تسعى إلى النفوذ والسيطرة والهيمنة وآلية الوعي السياسي عند الجماهير ، وهذه كلها صورة واحدة من بين صور عديدة تضمنها الفعل الأسطوري وعندما يسوق الكاتب الصلح هذه الملاحظات يؤدي إلى مذهب نسبي وإن الفعل الروائي الأسطوري عليه أن يحدد ما الذي سيكونه ؟ وبذلك يكون قد حقق فكرته الإنسانية وهو لا ينتهي بنا إلى فوضى يذهب فيها كل إنسان ما يحلو له، بل إن الفعل الأسطوري يوجه الفعل الروائي ويحدد له خطوط انطلاقه فهو يرفض الحرية المبالغ فيها والتي تنقلب إلى إباحة مطبقة .
إن الطابع التصويري للفعل الأسطوري يكتسب مضمونه بطريقة أو بأخرى من الوجود – الوجود مع الآخر ، وهو واحد من البنى الأساسية للرواية فالفعل الروائي لا يمكن أن يكون ذاتاً بمعزل عن الفعل الأسطوري الذي لا يربطه بالذوات الأخرى وليس هناك من تصور لفعل روائي بمعزل عن الأفعال الأسطورية ، فالفعل الأسطوري يعني إدراك الفعل الروائي للشريعة الأخلاقية المقبولة في المجتمع وكذلك مشاعر الرضا والسخط التي يضعها الفعل الأسطوري تكون متوافقة مع القواعد التي تعبر عنها الإرادة الإنسانية بمعنى أن الأسطورة هي خطو سلحفاة يمتد في الزمان والمكان داخل الرواية .
مع ذلك فقد رأى الناقد الدكتور نضال الصالح أن الفعل الأسطوري هو تحليل مقنع يهمل الأبعاد الاجتماعية الآنية ، ويظهر بالفعل ميلاً إلى الفردية البطولية فتطفو تلك الأفعال على نحو جنيني عند الكثير من الشخوص في الأعمال الروائية ، ويمكن للكاتب الروائي أن يطورها في اتجاه الوصول إلى فهم أفضل لذلك السياق الاجتماعي الذي توجد فيه هذه الأفعال ويؤكد الناقد الدكتور نضال الصالح على الزمانية الجذرية للفعل الأسطوري وهي من أهم خصائص وجوده ، فالفعل الروائي الأسطوري زماني بكل معنى الكلمة ، ويمكن لنا أن نمد هذا الفهم بحيث ينسحب على التاريخ الروائي فنقول أن الفعل الأسطوري تاريخي يتجه نحو مجرى أوسع للزمان والصيرورة ، ويسبح الناس جميعهم فيه .
ويرى الناقد د: الصالح أن الفعل الأسطوري ظاهرة بشرية لا بد أن تعد فكراً معرفياً لأن فعاليتها قد تكون هي الطموح ، أو العدوان أو المقاومة أو الخوف أو القرار .
فقد يؤثر الفعل الأسطوري في نتيجة حادثة اجتماعية بقدر ما تؤثر مهارة القبطان في الإبحار وعلى هذا هل نستطيع أن نقول بوضوح ما الذي يعنيه الصالح بهذا النزوع إلى الأسطورة عند حدود الرواية .
هل كلمة الأسطورة تناظر الحدث بكل ما فيه من تعقيدات وربما الإضاءة القوية على عتمة المجتمع المكفهر بالموات .
"ثم بوصفها معادلاً للقاع الاجتماعي النابض بحلم التغيير، والممتلئ بالطاقات القادرة على تحقيق هذا الحلم ، إذ يندفع الجميع إلى المشاركة في استنهاض الأرض من سباتها الطويل وإلى تهيئتها لتشييد بناء لذلك الغائب الموعود" ص116
لقد أصبح النزوع الأسطوري في الوقت الحالي من القوة بحيث لم يعد باستطاعة المفكرين أن يقول ببساطة أنا و- أنت – أريد أو أرغب وهي العبارات الوحيدة التي تدخل في مجمل الأفعال الروائية دون إقحامها بالفعل الأسطوري الذي يؤكد على امتلاء التجربة البشرية ويحطم حواجز الفكر التصوري ، ويجعل العقلانية تحلق بعالم الفعل الأسطوري ، فمن المعقول تماماً أن نعترف بحدود الفعل الأسطوري المعرفية وأن نصر على أنه يكون لحياة اجتماعية لها قرارها والتزامها .
كما أن هناك علاقة ترتبط بين الفعل الروائي الأسطوري والمعرفة الفكرية لأنه يعمل لنفسه من خلال حريته الأخلاقية ، وهو يبرز بوضوح في النزعة الفردية والنزعة الذاتية ، فلا يأخذ لنفسه موضع الاعتراض بل يواجه المشكلة التي ينبغي مواجهتها ، وهو يتجاوز الحد المعتدل الذي يمكن السماح به أي أنه يطلق لنفسه العنان في معظم الأعمال الروائية .
وبالطبع لم يكن النزوع الأسطوري هو أول من أشار إلى الاختلاف بين الزمان كما يعرفه الإنسان في تجربته لأنه ليس هناك نزوع أسطوري يشكل الوجود مع الآخرين دون الفعل الروائي الذي يشير إلى أن فكرة الأسطورة ليست وهماً / وإنما هي فكرة الأنا الأعلى .

( وتعاضد المجموعة الثانية التي تضم حلاً من الحجر الكريم (الفص) والبحر والقاضي وطقوس التضحية ، مكونات المجموعة الأولى في تعزيز النزوع الأسطوري في الرواية ،ليس عبر مصدره جالجامش فحسب ،بل عبر ما تزخ به الرواية من إشارات أسطورية أيضاً تجمع بين ما ينتمي إلى العلية السحرية بمعناها الشعبي ، وما ينتمي إلى مجال الفكر الميثوبي ) ص 133
ولا شك أن قدراً كبيراً مما يسمى الروح الجماعية على مستوى الفعل الأسطوري ينتمي إلى النوع البسيط على مستوى العلاقات بين الأفعال المعرفية بوصفه نتيجة مترتبة على المجتمع ، ويرى الناقد الدكتور نضال الصالح إن هذا الاستقطاب للفعل الأسطوري يتضمن الحجج على مكانية المشكلات وزمانيتها ، والميل إلى التعرف على هذه المشكلات من خلال ملاحظة الغموض وازدواج الدلالة التي يمكن أن تظهر في مناقشته لعالمه المرسوم والتي تتطلب أن نضع اهتمامنا إن صح التعبير في النقطة التي ننظر منها إلى المكان بطريقة موضوعية متجردة ، فإذا انتقل الفعل الأسطوري من الزمان إلى المكان بطريقة موضوعية متجردة ، نلاحظ أن المكان تنظمه اهتماماتنا فهناك مكان نذهب إليه لنعمل فيه وهناك مكان للعمل على إجراء التغيير ، وبذلك يكون للكاتب الوعي بالزمان والمكان من خلال إيقاعات الفعل الروائي الأسطوري لحياته في العالم قبل أن تترابط هذه العلاقات في زمن الوقت الذي هو واحد بالنسبة للجميع ، ويعمل الفعل الأسطوري عند الناقد د: نضال الصالح من خلال فرق كموني عالي التوتر في علاقات العمل الروائي فينطلق في دراسته إلى أغوار الفعل المعرفي وتشعباته دخولاً في التفاعل النصي ، وأنواع هذا التفاعل إلى التناص الذي يتناغم بين النصوص الفلسطينية – والنصوص الأفريقية والميتانص ووظائف التفاعل النصي كالوظيفة التنويرية والتطهيرية والأداء اللغوي الذي يظهر الفعل الأسطوري في عمليات السرد والحوار ، وفي هذا المقلب نرى القدرة عند الناقد الدكتور نضال الصالح في تعميق الفكر المعرفي لنزوع الأسطورة في الرواية العربية المعاصرة في هذا الدخول المكثف في علاقات النص الكتابي بكل أنواعه ، فهو يتجلى بمعرفة أرادت أن تفتح كل الأقفال التي ابتعد عنها الكتاب في عصرنا هذا حيث جعل المحكي المروي مدروساً من كل جوانبه مما جعل الدراسة تطفح بانزياح معرفي فائــق

الحجم المقدر للأسطورة ، لأنه لم يترك الطوامير الكتابية إلا وحلل مفاهيمها ودخل في تثبيت علاقتها بالتعامل مع الكتابة الناجحة حتى آخر كلمة .


















(+



1- إن النقد لغة علمية شديدة الجذب في المناقشة
تساعدنا على تأكيد الصفة القيمية للكتابة النصية

2- النظرية النقدية التي اعتمدها الدكتور القضماني
قبل كل شيء تتناول العملي والمحسوس

3- إن وثبة النقد تنحو نحو الفكر والمعرفة فالكتابة
والنصوص هي الهدف

4- النقد بتكراره يصبح قيماً ومفاهيم تثبت في
كتابات النقاد

5- هل نحن نعرف النقد

6- النقد يعطي الكتابة تفسيراً علمياً ويبين قوانين
التطور









































مبادئ النقد

نظرية الأدب
الدكتور رضوان القضماني
تحدثنا كثيراً عن النقد في الكتابة التي تعتبر المظهر الوحيد لعمليات الفكر بوصفها عالماً يستمد كينونته من أنها تدرك عن وعي ، ما هو النقد وماذا سيكون ؟ وهذه الفكرة تشير إلى معنى آخر في تعبير الظهور إلى الخارج فالنقد يظل على الدوام ينبثق بالقياس إلى ما هو عليه في أية لحظة بعينها . وربما كان على النقد أن يستخدم تعبير الخروج لأن ما يكون في ذهننا عادة هو شيء حركي أساساً أي أن حركة النقد مستمرة وتتجاوز كل اللحظات المعينة ،فالنقد باستمرار في طريقه ينتقل من موضوع إلى موضوع ، وقد يستخدم النقد مصطلحات كثيرة فإن شئت تقول :إن النقد لغة علمية تقويمية شديدة الجذب في المناقشة تساعدنا على تأكيد الصفة القيمية للكتابة النصية، فالنص ينجذب خاضعاً للنقد ويكون في حالة استسلام له ويجاوز ذاته والقضية التي يعمل عليها النقد هي حالة الكشف والإطلاق لكل ما في النص من مضامين وإشارات ورموز وأساطير وهذا ما قاله الناقد الدكتور رضوان القضماني في كتابه مبادئ النقد ونظرية الأدب .
فالخاصية الأساسية للنقد هي طابعه الإ نبعاثي المتعالي الذي يدفع بنفسه دائماً نحو الآخر رغم أن معظم الكتابات في العالم يمكن أن تتموضع تحت سقف النقد ، فالنقد برأيه مجموعة من المفاهيم والمعايير لايمكن أن توجد عبثاً بل تحدد وجودها من خلال قيمة النص وتأويلاته .
( إذا انطلقنا من وجهة النظر التي نرى أن المبدع يعبر في أعماله الإبداعية عن أحاسيسه وأفكاره الخاصة به وعن حياته الروحية الشخصية نستطيع أن نصف إبداعه بأنه ((تعبير ذاتي)) لكن ذات المبدع لا يمكن لها أن توجد بمعزل عن ذات المجتمع الذي يحيط بذات المبدع ، بل تكمن في داخله أيضاً وبهذا المعنى يصبح ذلك الإبداع الذاتي تعبيراً اجتماعياً لأن شخصية المبدع مع كل تفردها هي مجموع العلاقات الاجتماعية القائمة كلها) ص41
إن النظرية الأدبية التي اعتمدها الناقد الدكتور رضوان القضماني قبل كل شيء تتناول العملي والنظري والمحسوس الفعال وهي تحرك قوى عناصر الخيال واكتشاف العوالم كافة وقد تبدو هذه المفاهيم بسيطة في نظر الناقد والعارف ولكنها علامات تكشف عن الحقيقة العلمية في حدود الزمان والمكان ومع أن صلابة النظرية النقدية الأدبية تلزمها مشاغل من هذا القبيل إلا أن العقلية العالية التفكير بالمقابل مثقلة بالتصورات وإن صعوبة وعيها بقصد تفهمها تتعاظم بقدر ماهي شائعة ،وليس من المستغرب أن هذا التعريف أفضل ما يمكن أن يقترح بشأن النقدالأدبي عند الدكتور القضماني ، فهو ينطلق من حقائق خالصة بل من توافق جميع مداخلاتها بما أنها ترمي إلى قهر جميع النقائض وحتى ما اتصل منها بالكتابات المعقدة والمرمزة والحلم واليقظة ، وتقوم نظرية النقد عند القضماني بتفكيك وتحليل الآليات التي سيقت من خلالها النصوص ،كي تفتح دروب النقطة العليا في وجه النقد ومع أن مثل هذه المتطلبات تنحصر في أهمية الفعل النقدي الذي يسلكه الدكتور الناقد القضماني فإن المرء يتبين له في الحال أن الفعل النقدي يمتد في مناطق التأثير امتداداً لا متناهياً وتصبح معه مناطق النصوص معروفة وتكشف المناطق المجهولة وهنا يمكننا أن نميز بين النقد الجيد والنقد المعمم وإنه لمن المفارقة بمكان أن يجمع المرء هذا القدر من القدرة ونفاذ البصيرة ، فالنصوص الحقيقية واقعة في خط السمت ويراها الناقد د: القضماني ويدرك رموزها ،فالنقد يبعث الأضواء البراقة ويسهم في خلق الموضوعية في ارتداد النصوص ويحلل الأحلام التنبئية ويلاحظ التطابقات الفريدة والهفوات التنبئية والانطباعات المذهلة عن أمور رؤيتها فأشكال النقد بنظر الدكتور تستمد قيمتها كاملة من كونها تنطلق من رؤية المعرفة والفكر ومستقبل الأنسان ويرى الناقد أن فكرة النقد والنظرية الأدبية تيار يعي منه المتلقي النص في وضعه الناهض وفي تقدير الدكتور القضماني أن الصور التي تأتي ضمن النصوص تظهر بشكلها الحقيقي عندما تدخل عالم النقد الأدبي وتصل إلى حقيقتها الفكرية، ويرى الدكتور القضماني أن وثبة النقد تنحو نحو الفكر والمعرفة فالكتابة والنصوص هي الهدف الذي يسعى إليها النقد والنقد هو رغبة يشعر بها الناقد لامتلاك المفاهيم الصالحة بل إن النقد هو جوهر الكتابة والتفكير في الخلود والبقاء فالنقد لا ينشأ عن الكتابة المطلقة ولا عن التفكير المطلق بل النقد متحقق بالفعل ويصدر عن الكتابة بالقدرة على تفسير المواقف والرموز والمضامين ،لذلك يجد الناقد القضماني أن الفعل النقدي يتحدد من مبدأ يعمل هو ذاته لتحقيق غايات المجتمع ، فالنقد علة فاعلة وعلة غائية وتحدث أرسطو منذ آلاف السنين حول هذا الموضوع .
( نقول بنتيجة ذلك أن دور اللاوعي في العملية الإبداعية هو دور المشارك ، وهو دور لا نشك فيه أبداً لأنه عامل يحدد معنى العمل الإبداعي وقيمته الجمالية ، ويرتبط بشكل وثيق مع الشخصية المبدعة التي تشتمل في داخلها على الوعي واللاوعي معاً وعلى عالم قيمها بكل ما فيه من تعقيدات سيكولوجية ولهذا السبب بالذات يعكس كل عمل إبداعي الرؤية الإبداعية الخاصة بالشخصية التي أنتجته ، حتى في تلك الحالات التي يقوم فيها النشاط اللا واعي بالدور الأهم ) ص48
ويسأل الدكتور الناقد رضوان القضماني كيف تتأتى أفكار النقد عن الكتابة ؟ فهو يرى: بأنها قيمة لما أدركناه عدة مرات وتحليل ينبغي لنا أن نفهمه حيث أن النقد بتكراره يصبح قيماً ومفاهيم تثبت في كتابات النقاد ويترك انطباعاً فينا هو الفكر العام .
وإننا نجد في توسيع هذه النظرية في محاورة النقد للنصوص أي قوة المعرفة الموجودة في النقد ، فالنقد قادر على القيام بوظيفته المعينة لأنه هو القيمة المعرفية للكتابة ،وإن المرّكب من الكتابة والفكر هو مسألة واحدة يحللها النقد ، ويرى النقد النص في أعاليه حيث يظهر الجهد الذي قام به الكاتب واستنفذ فيه كل أفكاره وهذا الاتجاه في التحليل يراه الناقد القضماني بأنه ديناميكية النقد .
إن أي تفسير نقدي لنظرية النقد والأدب لابد أن تكون لها أدوات توصيل ذات معايير فليست صورة نظرية الأدب من الواقع فحسب بل هي الواقع في إطار عملية الكشف وقد ذهب الدكتور رضوان القضماني إلى القول بأن نظرية النقد الأدبي المعرفية لها عاملان أساسيان المعطى وهو كل ما هو حسي من ناحية والمساهمات العقلية الفكرية التي تنظم بواسطتها المعطيات وفقاً لصور تعكسها العلاقات الاجتماعية ومن هنا يلاحظ الدكتور القضماني أن الإدراك الفكري بما له من طبيعة بالغة العمق لا يمكن أن يكون مجرد انعكاس طيع للواقع أو كيف مباشر للمعطيات ويرى الدكتور أن مفهوم النقد ونظرية الأدب يلعب دوراً كبيراً في وعي آلية النصوص وكتابتها وإمكانات استعادة المضامين وتنقيتها بشرط ملائمة لغة النصوص ويرى الناقد القضماني أن النقطة التي تنتقل إليها تحليلات النقد تتعلق بالكتابة والواقع ، ويراها بأنها هي الموقف الذي يحدد أهمية النص ، والذي يصل فيه الكاتب إلى حدود وجوده وقدراته والمعاناة التي يقدمها ومن خلال هذه المعطيات يدخل الناقد القضماني فكرة التناهي التي تجَّتمع عليها آراء النقاد ويرى أن الطرق المألوفة التي يتكيف بواسطتها النص مع عالمه ،وتفهم هذا النص لا يكفي لمعرفته بل يحتاج إلى النقد لذلك نراه يحدد نقاط النص ضمن النقد ونظرية الأدب حيث يؤكد على أن النص هو فكر الكاتب الناهض ، وهو إدراك لكل الأصول التي أكدها الكاتب وعمل على إرسالها ضمن نصه وهو بالمعنى الكامل عند الناقد حرية الإنسان حيث يمكن أن يصبح إنساناً بالمعنى الكامل وهو يقول بوضوح أكثر إن الكاتب يواجه الواقع عند حدود وجوده وإن الارتباط بين الكاتب والواقع محدد بأهمية النص المكتوب من قبل الكاتب،ورغم أن الكتابة النصية تظل مرتبطة بظواهر العالم الإنساني إلا أن النقد يظل يتحدث عن المعرفة ونقل الخفايا والمعايير ليصل إلى محاولة المقارنة بين النص المكتوب والوجود الإنساني ، لذلك يؤكد الدكتور القضماني أن النص الجاد ليس شيفرة ولكنه شيء نرتبط بواسطته لغة الشيفرة أي أنه شيء لا يمكن إسقاطه مباشرة على الواقع ولكن لا بد لنا أن نسقطه ونفكر فيه فهو وجود بقدر ما هو غموض ،لذلك لا بد أن يرى الناقد حسب رأي القضماني مقولة هل نحن نعرف أو لانعرف، والإجابة هي مدى استعدادنا لتحديد المعرفة لأنها معرفة تصورية يمكن للنقد البرهنة عليها وإن معرفة هذه الشيفرات تشير إلى حقيقة واقعية تؤدي إلى الانطلاق المعرفي لأن طريق الناقد هو طريق علمي يعتمد التفكير والعقل بالمعنى الواسع .
(إن النموذج الأدبي خلافاً للنموذج العلمي لايصور الموضوع ،بل ذات الموضوع أي عندما تصبح الذات موضوع تصوير في نموذج فإنها تتحول إلى موضوع للمعرفة .النموذج في العلم موضوع محدد موجود فعلاً أما النموذج في الأدب فهو نموذج أفكار ومشاعر وأمزجة إنسانية وعلاقة للإنسان بالعالم)ص 76
إن الفعل النقدي الذي يعمل من خلاله الدكتور القضماني يفتح أمامه النصوص التي يتناولها حيث نجد قوة غريبة تتلاحم مع الفعل الإنساني ، وقد نجدها بكل قوتها في روح العملية النقدية وفي ثقلها وهي تدفع بالنصوص بصورة لا تقاوم إلى التحليل وإلى التماهي مع المتلقي وهذه الأفعال النقدية ترغم النص على تأكيد ذاته بصورة يصبح تحت سيطرة العقل والفعل النقدي ،لذلك فإن الكتابات التي تنضج بها تلك النصوص إنما هي تجارب عديدة لمؤلفين أمناء على نماذج النصوص التي تسود في هذا العالم الثقافي ، ورغم التقنيات التي طرأت على النصوص يجد الناقد د: القضماني أن الثقافة تستطيع أن تبتز الكتابة ويمكن للكتاب أن يسرقوا النصوص وهذا يجر الكاتب إلى مغامرات مشبوهة وهذا كله يخلق موقفاً دراماتيكياً سيئاً فسواء أكنا نفكر في النص ككل أو في الإبداع الإنساني فإن الممكنات الإنسانية توجد دائماً والنقدية الفكرية ترفض المفاهيم التحضيرية ولا تحتفظ إلا بإمكانية مستمرة للكتابات النصية الإبداعية وتقطع من التحليل النزعة الوضعية الضيقة ذات الطابع الشخصي بمعنى أن الناقد يستمد رأيه من القيم والمفاهيم العليا ،ويعتمد الدكتور القضماني على بوادر الفكر التأملي وينتقل إلى الحجج للتدليل على حرية الإرادة فالمشكلة النقدية ليست على الإطلاق حرية الإرادة بل هي تموضع الحرية والتعامل معها كموضوع يمكن على نحو ما إدراكه وبحثه والبرهنة عليه من الخارج ،فالحرية بنظر القضماني مسلمة يفترضها الفعل النقدي مقدماً ،وهي موجودة من قبل كشرط للبناء النقدي ويرى الناقد القضماني أن فهم أي فعل من أفعال حرية النقد تجعله مثل ظواهر العالم الموجود ،ولقد وجه الدكتور القضماني إنتقاداته ضمن رؤيته النقدية لما تتسم بها من تجريبية ونزوع نحو التموضوع وقد رأى أن هذا النزوع يؤدي إلى اغتراب عن الذات وامتصاص الفردي والشخصي وسيادة الضرورة والقوة الخارجية وهذه كلها تعرقل قدرة الكتابة وتفرض عليها سطوة سيئة تدمر الشخصية المميزة لها وفضلاً عن ذلك فإن الاستقطاب المعرفي يحمل طابع التخفي عند الناقد المبدع الدكتور رضوان القضماني ،فهو يتفادى جميع الموجودات النقدية دون تمييز في كتلة متجانسة وهو يتيح الفرصة لانتقاد الأنماط الزائفة من الوجود الكتابي ، وهي لا تقل ضرراً على الوجود المعرفي مع الآخرين وإن هذا المفهوم هو الطريقة الموضوعية والعلمية لمعرفة قوانين النقد والتطور الاجتماعي ومراعاة مقتضيات الممارسات الفكرية وتحديد أهداف المعرفة ،وعلى هذا الأساس يغدو من الممكن استيضاح جوهر العمليات العميقة في الحياة واكتشاف المصاعب الناشئة وتذليلها وتحديد المسائل الناضجة والسبل لحلها .
إن مهمة النقد تحويل الكتابة وإبرازها بوصفها أساس المعرفة وقوتها المحركة وتفسيرها علمياً والتعرف على جوانبها الهامة .
إن النقد يعطي الكتابة تفسيراً علمياً ويبين قوانين تطورها ومصادر تقدمها الفكري ويحدد آفاق تطور المسألة الإنسانية .
( وإذا انطلقنا من هذا المعنى الواسع للواقعية سنجد أن هذا المفهوم يرمي إلى تحديد العلاقة بين الإنتاج الأدبي والواقع بغض النظر عن انتماء المؤلف إلى هذه المدرسة الأدبية أو تلك فكل فن حقيقي يعكس الواقع بهذه النسبة أو تلك وانطلاقاً من هذا الفهم تصبح الواقعية مرادفة لموضعة الحقيقة الحياتية وبذا تطبق على جميع المراحل والعصور الأدبية )ص 187مبادئ النقد ونظرية الأدب
ويرى الناقد الدكتور القضماني أن المعرفة النقدية والنشاط العلمي يؤكد إيجاد الأمور الرئيسية والحلقات الأساسية في سير الأحداث وتحديد الأهداف في مجمل المهام المعطاة ، وإن القدرة على تحديد النقاط والمهام الأساسية بعينها من مراحل التقدم النقدي إنما هي شرط عن التجاذب للتفاعل والتطبيق لمجالات النقد وهي الحلقة الأساسية والشرط الحاسم في آخر المطاف ،وهي التي تساعد على إنجاح الناقد وتقدمه في سبيل الوصول إلى نصوص راقية ومتطورة .
إن التناقضات الداخلية التي تدفع إلى تطور النقد ترتبط مباشرة بمضمونه وبجوهره وتشكل أساساً في تغيره ، فالتناقضات في كل كتابة تناحرية هي تناقض بين الكاتب والقارئ وهذه التناقضات تعكس جوهر المعرفة وطبيعتها وتؤثر التناقضات في رأي الناقد القضماني من الخارج وتبين له تطور الظواهر ،كما أن نهوض النقد وتقدمه الخلاق هو ضرورة مشروعة ومحتمة في حال اختيار الناقد الطريق الفكري لتطوير عمله ،وإن فعالية هذا العمل بالنسبة للكتابة يتعاظم أمام قيام عوامل ملموسة في مؤسسة النقد عند الناقد لأن ذلك سيقوم بذات الناقد وليس هناك آخر سيقوم به ،ود: القضماني يؤمن بذلك ويدفع بعمله نحو هذا المفهوم المتقدم في البناء النقدي .
من خلال ذلك نلاحظ أن النقد مهمة كتابية كبيرة ترتكز على مقومات وعلاقات إلزامية تخلق الجو الفاعل وهي ضرورة تنبع من تطور مشروع الناقد ذاته ،ولقد لمسنا ذلك في رؤية الدكتور القضماني والدكتور الخواجة والناقد خالد الزغريت والدكتور محمد إبراهيم الوحش والدكتور نضال الصالح والدكتور سمر روحي الفيصل فتنقية النقد من الكتابات الفاشلة هي ضرورة تنبع من تطور المشروع الكتابي النقدي المكلف بتحرير النقد من ترهات بائدة فالنقاد الأساتذة يروون أن نهوض النقد الخلاق أشد فعالية في خلق عالم موضوعي يعمل على تطوير الشروط الخلاقة لفعل كتابي ناجح يتلقفه فعل نقدي سليم يخطط لنجاحه وتقدمه ،وخلق قوة نقدية يعمل على بنائها النقاد







)+


4- النقد هو وجود مع الآخرين ،وهو عنصر أساسي في تكوين المفاهيم الإنسانية بطرق مباشرة
5- الإنسان هو الوحيد الذي يدرك ويعي من هو وما هو وماذا سيكون ؟
6- عندما تموت النصوص وتصبح خارج طقوسها وتحمّل القصيدة العربية ذنب الهبوط والترهل
































النقد هو وجود مع الآخرين
وهو عنصر أساسي في تكوين المفاهيم الإنسانية
الأستاذ: خالد زغريت أهرامات السراب

من الممكن إثباتأن النقد هو وجود مع الآخرين ،وهو عنصر أساسي في تكوين المفاهيم الإنسانية بطرق مباشرةمن حيث هو أصلي وأساسي في العالم وفي مرآة الآخر ،ولا ينبغي علينا أن نستمده بوصفه نتيجة من الوجود مترتبة عليه ،بل علينا أن ندعه بنفسه وتكون له استقلاليته ، حيث لايمكن أن يكون نقد (دون الآخر ) ولو تأملنا معنى النقد لوجدنا أنه يشير إلى فكرة الموجود الفاعل ،وإن المنعزل ليس إلا وهماً ،والناقد خالد زغريت في كتابه أهرامات السراب ،يعترف ضمنياً بالمعرفية الفكرية (بال- أنت) التي تميز نفسها ويقبل أن تكون هناك (أنا) وواقع حتمي يجعل الذات شيئاً ممكناً .
إن الاعتبارات التي تدعم فكرة قيامة النقد تكون خاصتين أساسيتين هما الجنسية ،والخاصة اللغوية- عند الناقد خالد زغريت ،ونراهما بشيء من التفصيل الواضح، وهو يرى بأن كلاً من الجنس واللغة فكرة تتضمن الفرد الإنساني الذي لا يكتمل بدون الآخرين ،وإن الاهتمام الذي يمكن التعبير عنه هو أن نزيح الصور بعيداً بدلاً من أن نستخدمها ،وبالتناظر فإن الانشغال بالآخر لا يمكن أن يكون إيجابياً دائماً ،بل يمكن أن يكون على شكل تجاهل أو حقد لكن الناقد الزغريت ،ظل متمسكاً بهذه المواقف تحت تلك المظلة التي أسميناها الآخر، والانشغال معه. وربما كان الاستمرار في قلق الناقد الزغريت حالة من حالات الخروج فهو سرعان ما يهتم بالأعمال الأدبية، ويقف وظهره إلى الحائط، ويحاول أن يسند هذا الحطام والإخفاق في النص العربي وما آل إليه من هبوط وإسفاف ،فالبرهنة عنده ليست معرفة موضوعية فقط بل هي الموقف الذاتي ، والعلاقة البينية مع الآخر ،ومع ذلك فهو يوضح الرموز التي تحدد مسارات السقوط في القصيدة العربية .
(تزداد صورة القصيدة الحديثة شحوباً واغتراباً لارتيادها مجاهل خارج الشعرية ومن هذه المجاهل الاستغراق الموميائي بالذهنية والتجريد مما جعل هذه القصيدة أشبه بمجموعة دمدمات باردة مجردة لا حياة فيها تعيش هياماً ذهنياً بفقدها أية حيلة مع مظاهر الحياة وأية علائق مع مشاعر روح المتلقي ) أهرامات السراب ص40
لقد درس الناقد الزغريت المأزق العدمي للقصيدة العربية رغم أن هناك مواقف فّلّسفتّها القصيدة العربية، واتجهت من خلالها نحو بروزات فكرية شكلت تأثيراتها في الاهتمام بمشكلة الوجود، وهو اهتمام استمده الشعر من الاشتغال باللغة التي يعزوها إلى الأيام الماضية .
وليس غريباً في ظل هذه المواقف ،أن يرفض الكاتب خالد زغريت المنطلق الذي انطلقت منه القصيدة العربية الحديثة، وأن يتبرأ منها، ويقوي هذا الانطباع ثوريته التي يقدمها في عملية النقد وامتلاكه الأدوات الناجعة التي تنير ظلمة المسارات التي تسلكها عمائية اهتمام وتأليف وانتصار على الأزمنة المتغيرة عبر انطواءات الفكر وتغير المسارات ، والدخول في عوالم القصيدة عنده،و يحمل كل أجهزة الدقة والتحكم ،فهو لا يترك الأمور تفلت من يده حيث أن الرؤيوية عنده تشكل العلاقات بين الشعر والأشخاص وبين النقد والشعر ،وإن التركيز على البناء الشعري هو مشكلة العلاقة مع الإنسان والعالم ،فالشعر عند الناقد ليس لوناً من الوجود وإنما هو الوجود ،وهو القوة التي يندفع من خلالها المجتمع ، ويرى أن الشعر هو الحرية التي تصنع نفسها والتي تكتشف موهبتها ،كما أن الشعر عنده هو الذات الفردية الواعية والتي تظل تستعيض عن حالتها الخاصة بذاتيتها ،أي أن الإنسان يوجد بمعنى أبعد من أنه جزء من جميع الموجودات ،بل يرى الناقد بأنالإنسان هو الوحيد الذي يدرك ويعي من هو أو ما هو وماذا سيكون ؟،فعالم اليوم ليس هو الموجود الوحيد الذي يدرك وعي من هو أو ما هو وماذا سيكون ،فعالم اليوم ليس هو الموجود الوحيد الذي نقضي فيه أوقاتنا بل يمكن أن نعود إلى الماضي عن طريق التواصل والدخول في عمق العلاقات ،وتلك هي اللحظات الخارقة التي يراها الناقد ،وإن كان من المرجح أن هذه العوالم تبنى على أساس التفهم للعلم والخيال الفني والرؤية التي تحملها مجمل الأعمال الأدبية وفي مقدمتها القصيدة العربية .
(لا ريب في أن التفاقم وراء الكلمات المرصوصة بلا روابط خلف بعضها يجمد روح النص ويشله مما يجعله ركاماً كلامياً مغلقاً فاقداً بحيوية انبلاجاته الدلالية والمعنوية وتقحمنا هذه الظاهرة بشكل مباشر في قضية الإيهام والغموض التي رفعت رايتها القصيدة الحديثة لهوية ابداعية محملين ذلك على شجب الجدة)ص45 أهرامات السراب
فالقصيدة العربية محصنة بالانغلاق والتكثبف ،والخاصية الأولى للقصيدة هي طابعها الهلامي الانبثاقي المتعالي المندفع نحو الآخر بعاصفة ممعنة في الانعزالية والهلوسة ،وإذا كانت معظم القصائد يمكن أن توصف بصفات محددة وثابتة فإن النقد لا يمكن أن يحدد بالمجموعة نفسها من الصفات ،لأن النقد كما يراه الناقد استمرار للممكنات في الوجود والتواجد ،أما الغموض الذي تستر به القصيدة عورتها ،ما هو إلا غابات من الطحالب والفطور تجردها حقها من الإبداع والارتقاء ،والقصيدة التي يدافع عنها الشعراء هي عدم تقصيرهم في حالات الوجد كحالة الكشف الصوفي ،والنشوة الروحية ،فالشاعر من مرآته الذاتية إنسان متعالي في شعريته ،وعندما يعالج قضايا إنسانية لا يعني سوى الإشارة إلى الحقيقة بأن الإنسان ليس إلا ما هو عليه في اللحظة ذاتها مما أدى إلى نشوء تكسير حدود الجنس الكتابي والريبة التي قذفت بمصداقية القصيدة ،ولماذا يصر الكثيرون على أن ما يكتب هو شعر حيث يرى الناقد بأن وصف الشعر مجرد ظاهرة إيديولوجية لا يمكن فهمها إلا من خلال استبطانية تنفذ إلى معناها (تنظير سياسة طوائف) حتى صارت القصيدة (قصة أو مسرحية) خلطات عجيبة عجائبية وربما طلسمية تصلح أن تكون رقية ،أو تميمة ،فانفراط عقد الشعرية ومصداقية الكتابة ،وهذه التجاوزات يراها الناقد بأنها انعكاسات ذاتية قادرة على التموضع والوقوف منفصلة عن القصيدة وحيوية الشعر وتطور مثل هذه المواقف ليس إلا نمواً من الخارج يشكل جسماً سرطانياً يقتل روح الشاعرية في القصيدة هنا يتساءل الناقد هل القصيدة شعر ،يبدو أن للقصيدة طبيعة واحدة تجعلها ضرباً من الاعتراف وإن الشعراء يعرفون أن القصيدة تحمل روح الثورة والاندفاع نحو الأفضل إلا أن الإصرار على الخروج عن سلطة الشعر خرق حدود العقل أضل القصيدة عن مسارها وحطم قوى الشعر ومواهبه ،فصارت القصيدة مخرقة لا مخترقة ،ففي استطاعة الشاعر أن يتأمل العلاقة لكن الواضح هو أن العلاقة مع الشعر ليست هي نفسها مع القصيدة وربما أفضل طريقة لهذا التوضيح هي أن نستعرض بعض المقدمات التي قدمها الناقد خالد زغريت ،والتي طور فيها منهجيته في مجموعة مقالاته التي تحدثت عن القصيدة والشعر ،ومعرفة الشعرية حيث يرى الكاتب أن الإبداع هو الميزة للشعر وهو ضرب من الدخول بحيوية ورؤية في جوهر البنية للقصيدة ،أما العمل الإجهاضي النازف فهو لمعة عاصفية تخترقها ريح صرصر تجعل القصيدة هشيماً تذروه الرياح ،فمن الكتابات الميتة الذكر قصائد كثيرة عانت من ميوعة التأليف ورصفيته ،حيث كان بعض الشعراء المبدعين ضحية تجارب بعض هؤلاء الشعراء الهابطين يقول الناقد خالد زغريت:
(أنسي الحاج الذي استطاع بما يملك من موهبة كتابية منفتحة على التجديد المبدع والمغاير والقادر على التمييز الايجابي أن ينتج نموذجاً كتابياً يقوم بشعرية أخرى أممت لها فرادتها وعمق رؤاها الإبداعية صورة مشروعة إنها كتابة لها نكهتها الخاصة) ص53
لقد انتظمت التعاليم اللاهوتية وتجلياتها في عمق الرؤية التي رسمها الشاعر أنسي الحاج فظل برسالته وفهمه للموجود دون حرج ،هكذا يرى الناقد أن الضرورة الملحة لم تغب عند خلق الأسفار المسيحية بل استغرق في التأملات وركز على لحظة النهاية بوصفها لحظة القرار والتوبة والانتقال من الشكلية إلى الطاعة الجذرية ،لذلك كانت القصيدة في حريق خريف يعرضها على نار ثقافته ومعرفيته فالشاعر الناهض يفبرك بقصد شكلانية القصيدة إزاء الانبهار بالمعرفية والمثاقفة ،لذلك انفلقت القصيدة بالنسبة للآخر الذي يمتلك الشيء الذي نسميه المشاعر ،ولهذا السبب تنشأ عدم طواعية القصيدة بفعل ذلك السخاء والإسراف في فعل المثاقفة ،فالناقد الزغريت يقول إلى شيء مختلف وأكثر شمولية من مجرد واقعية القصيدة ،فالحضور الشعري يتوقف على خروج الشاعر عن ذاته أو تجاوزه لتلك الذات تجاه الآخر .
وعندما تموت النصوص وتصبح خارج طقوسها وتحمل القصيدة العربية ذنب الهبوط والترهل تكون النصوص قد تحولت إلى تجاذبات مرضية لا قيمة لها تميل إلى الرتابة والملل وانعدام التفكير،بحيث أن الخصائص المميزة للشعر تنحو نحو الاختفاء ،والقصيدة تتجه نحو الرتابة ،ويعلو اهتمام الشاعر تلك اللحظات التي يجب أن تكون خلاقة إلا أنها تعمق الهوة وتزيد المسافة اتساعاً بين القصيدة الحديثة والشعر إن صورة القصيدة التي مسخت الشعرية دون إيلائها أية أهمية للشعر تصف المشاعر المختلفة للوهلة الأولى بأنها كل الاهتمامات إلا أنها لا تتيح لنا رؤية القصيدة على نحو ما هي عليه في ذاتها رغم أن هناك أساليب كثيرة في الفن وطرقاً متعددة يفهمها الشعراء والناقد خالد زغريت يعتقد أن هناك طريقة واحدة لوصف الأساليب التي تمارس بها الفنون المختلفة وهي الإبداعية المتقنة ،وعلى الرغم من أن الشعر يجاوز ما هو معروف والشعر ليس عملاً اعتباطياً ولا أمراً تعسفياً في تناوله الموجودات بل هو تنوير أساسه مبني على الثقة والالتزام،ويرى الناقد أن الحادثة الملهمة إنما هي تجربة شديدة التأثير تنبع من خلال الهوية فما دامت اللغة عبر تآلفاتها الكتابية الخاصة هي الذخيرة لتفسير العمل الشعري المنجز فهي تزودنا بمنظور ينظر من خلاله إلى تجربته وكيفية تنظيم سلوكه ووضوحه ويراه الناقد في الشاعر محمد بنيس ،ومحمود درويش وسعدي يوسف ،وأدونيس وشوقي بزيع وغيرهم ،ومن هنا يلحظ الناقد الزغريت بأن اللغة امكانية أساسية للشعر وانتمائه إلى المشاعر الإنسانية وهي وجهة نظر النقد عنده ،وتشكل أساسأً لتحليل القصيدة حيث يرى أن اللغة هي مقر الوجود ولم تكن في يوم صورة مجازية خالصة بل تكونت بتطبيق الصور التي تنازع تفكيرنا وتدفعنا للوصول إلى النهاية.








-=+


5- النقد يقدم الحجج التي تبين مكانية وزمانية العمل الذي يوازي الحجة التي قدمها الشعراء
6- الانفعالات ترتبط ارتباطاً هاماً بالشعرية فكل تغيير في المشاعر يرافقه تغير في الشعرية
7- إنه لا يوجد شعر إذا لم نتحرر من التفريق بين النظرية والتطبيق
8- الشعر يسترجع من الماضي الامكانات الرائعة التي يمكن تكرارها ويسقطها على المستقبل






























وهج
امتداد الرؤية النقدية بشكلها المعاصر
واختراقها حدود الغموض في النصوص
الناقد الأستاذ أحمد المعلم

عندما نتحدث عن النقد نكون قد فتحنا كل ما يتعلق بالعمل الأدبي وبه نتمكن من اجتياز المفازات التي يرسمها الأدباء من خلال أعمالهم وطروحاتهم ونميل بهذا النمط من العمل النقدي إلى التدقيق في كل ما ينتجه الكتاب ،والناقد أحمد المعلم يدخل في كتابه النقدي (وهج)مجالاً جديداً في عالم النقد والدراسة وتطورهما ،حيث يدرس مجموعة من الشعر لأدباء بارزين ويدخل معهم في محكمة راقية تصر على ذكر الكثير في عالم النقد والأدب ،وهو يقدم الحجج التي تبين مكانية وزمانية العمل الذي يوازي الحجة التي قدمها شعراؤهأثناء عملهم الكتابي وهل الموضوع هو الذي يشدنا إلى القصيدة أم أن القصيدة تشدنا إلى موضوعها الخاص ، فنغدو أسرى للتفكير الذي سارت عليه القصيدة وما هو موقفنا من ديوان نشعر فيه أكثر من موضوع وقصائده ليست على سوية واحدة ،وعلى الرغم من أن النقد يفترض أن يتشكل عن طريق تجمع الأفكار والكتابات بعضها إلى بعض فإن الناقد المعلم يرى أن النقد ينبثق من ثقافة جامعة تسبق وجود النقد وتعطي الانطباع بقيمة الجهود التي يبذلها النقاد في محاولات استعمال أدواتهم بصورة نقدية موضوعية تميل إلى التوازن ،وعلى الرغم من أن النقد يجاوز ما هو معروف ويتناول الكتابات بطريقة تنشأ أساساً من رؤية عميقة مثقفة وعلى هذا يبنى النقد عند المعلم موقفه في الالتزام تجاه الكل ونرى بأن الناقد يتحدث عن الإلهام والمواقف الملهمة والتجربة التي يخوضها الشعراء والتي تسعى بهم بعيداً عن المسارات المعروفة للتجربة وتصبح تلك الحالة تفسيراً للكل فالنقد ينقلنا إلى عالم الأدب سواء أكان هذا العالم هو الذي يراه الكاتب أو يصوره أو كما يراه الكاتب من خلال أي وسيط ولكن الرؤية هي الطرف الذي يدركه الناقد فالشاعر يدخل عالمه من خلال الخيال ويبدو له العالم بخصوصيته، ذات لها رؤية خيالية أسطورية شاملة تزيح الواقع وتخلطه مع الخرافة والأسطورة والرمز أما النقد فيلزم الموضوعية والعقل /
( ومسألة الابتكار تعيرها الشعرية أذناً صاغية وفكراً يتودد إلى صيغة تميل إلى التركيب دائماً ،وطريق هذا الابتكار يحتاج إلى طاقة كبرى للسير عليه ،ولم تبخل الذات الشاعرة علينا بمثل هذه الطاقة فحق لها أن تنال الإعجاب والتقدير ونلمس في كثير من أجزاء التصوير ميلاً إلى رسم أبعاد أسطورية ودلالية من شأنها أن تركز على التواصل ليس لغاية الانفتاح على امتلاك نافذة منها تنفذ الشعرية إلى غرضها وربما دون استئذان من الذات المتلقية )ص28 وهج
ومن المعترف به أنالانفعالات ترتبط ارتباطاً هاماً بالشعرية فكل تغيير في المشاعر يرافقه تغير في الشعرية ،والناقد أحمد المعلم يؤكد أن هذه المشاعر هي من زاوية معينة أحداث حسية داخلية وخارجية ويراها بأنها هي الوسائل المباشرة للعمل الشعري والكتابي بصورة عامة للانفتاح على العالم ويرى بأن الإدراكات الشعرية تتكون لدى الشعراء عن طريق التجربة الحسية ،وأما المشاعر التي تتأجج في نفوسهم فتجعلهم يشاركون في العالم بصورة مباشرة عن طريق الكتابة الشعرية حيث أن اللغة هي من الوظائف الأساسية للاتصال بين الناس ويمكن للنقد أن يجعل الأمور جاهزة في مواجهة القلق والإحباط الذي يعاني منه الأدب والشعر بصورة خاصة ،وأن يكشف عن هذه الحالة بكل ما لديه من أدوات ،وبذلك يواصل النقاد دراساتهم من خلال الدخول في عمق المشكلة الإنسانية التي يعمل من خلالها الأدباء ،ومن خلال النقد يبين الناقد أحمد المعلم بأن الشاعر دائماً هو موضع ريبة بينما النقد هو تفكير عقلي على وجه الدقة يرتفع عن الأهواء ،ويحاول أن يخرج من دائرة الانفعال ويعمل على فهم النصوص بهدوء ،وهو يعترف بأن الشعر له مبرراته ويبدي إعجابه بالطابع الشامل والمباشر للفهم الذي تأتي به المشاعر عن طريق الشعرية ،فهو يراها بأنها هي المفتاح الأعلى للتفكير ولهذا نراه يخوض التجربة تلو الأخرى مع الشعر والشعراء ،ويحول إسقاطاته على تجارب هؤلاء الأدباء الذين اختارهم كشوقي بزيع ،وخليل حاوي وعدد من الشعراء المعروفين ،ولقد خصص عملية نقده هذه لتأكيد المشكلات التي تلوح في لحظات اليأس والقلق ويبحث عن التحليل المناسب لفهم هذه الحالات حيث يواجه السمة الأساسية للعمل الأدبي وهو يدخل ضمن حقيقة أعمال هؤلاء الأدباء ولذلك يبدو الناقد أحمد المعلم في كتابه يتجه إلى إظهار العلاقات بين الشعر والمسببات التي دفعت إليه فيغوص في غموض العلاقات التي يفرد لها الشعراء شعريتهم وامكاناتهم ،ويحاول تحليل تلك الكتابات التي تنبع عن أصالة العمل الفكري عند شعرائه ،وهو يرى بأنه لا بد من الاعتراف أن نجد في كتابات بعض الشعراء مناقشات خارجة عن المألوف وتناقش بصراحة وجرأة أمور مجتمعاتهم وتتمرد على ما يجدونه عائقاً في دفع الحياة نحو الأفضل ويتضح ذلك في قوله ...
فزنار الفجر علامة على اليقظة يوازيه ذاك الدفء المنسلخ من الشمس في الماء الساكن فإذا به ينهض لاستقبال الحياة ومثل هذا الفعل ماكان له أن يكون كذلك لو لم يكن توطئة لفعل أهم انبثاقاً واخضراراً باتجاه التكوين) ص113
ولا شك أن الفهم للعمل الكتابي عند الناقد أحمد المعلم يلعب دوراً هاماً في ابراز الموهبة التي تظهر في بعض النصوص المميزة فهو يتجاوب مع هذه المواهب ويحاول فهمها فيعمل على حل الرموز والخيالات التي يرسمها الشاعر ،ويبتعد عن الأخطار التي تضعف قوة الرمز ومصداقية الخيال لأنه يرى بأن الأديب حر في كل ما يقول ويكتب ويرى بالمثل بأنهلا يوجد شعر إذا لم نتحرر من التفريق بين النظرية والتطبيقلأن ذلك مسألة نسبية على الشاعر أن يخلص نفسه منها وأن يكتب ويمارس حريته ،وأن يتحرى أماكن الخطأ حتى لو كان ملاحقا ومضطهداً لأن المعرفة التي يحملها الشعراء تعني الفهم وهي تكفل قدراً معقولاً من اليقين وأنه باستطاعة الإنسان أن يغير وأن يعرف حقاً ماذا يريد وأن يكون للقضايا معنى بوصفها ظاهرة إنسانية لها أهميتها كما يركز الناقد اهتمامه على قدرة الكلمة المنطوقة واعتبار ذلك خصيصة حاضرة دائماً فهي تفرق بين اللغة التقليدية واللغة الانفعالية التي تمتزج فيها حدود الشخصيات
ومدى توجهها واهتمامها ،ولا شك فإن النظر إلى القلق الذي يبحث من خلاله (المعلم ) على أنه مفتاح أساسي لفهم الوجود الشعري وفن الكتابة وينطوي على الرؤية الوجدانية لكل عملية تفسيرية عند الناقد حيث يرى أن الانفعال لا يعني شيئاً بالنسبة للقارئ العادي لأنه يقرأه بوصفه واقعة ،أما الناقد فيرى أن لكل واقعة في الحقيقة دلالات خاصة فالانفعال حالة هامة لا بد من تفهمها ودراستها فالقلق الذي يعيشه الشعراء يرتبط بالحرية والحرية عند الناقد تعني الإمكان والوصول إلى شاطئ الإمكان يشبه الوقوف على جرف الهاوية ،فالحرية عنده حبلى بالكثير من الآراء والأفكار التي تنحشر في ذهن شعرائه الذين درس كتاباتهم ويرى المعلم أن القلق يدخل في تكوين الأدباء بوصفه تركيبة نفسية معقدة ،فالإنسان نفسه معرض للتوتر ويبقى دائماً مشحوناً بالأحزان والهموم وهي أشياء غير متعينة تماماً ،وهذا اللاتعين لايجد له الشاعر تحديداً واقعياً بينما ا نجد أن النقد يبحث عن أسبابه ويجد له مؤشرات تدل على تواجده في عملية البناء الشعري وكتابة النص ،ويعتمد بذلك على تمايز الطرق التي يتبعها النقد والتي يكتشف بواسطتها الرؤية الشعرية عند الشاعر وهي عملية مهمة جداً عند الناقد فهو يتحرى مجرى الحوادث بلا بداية ولا نهاية ولهذا تراه يتعامل مع النص في إطار شفرات شعرية وهي كغيرها لا ينبغي لها أن تؤخذ بمعناها الحرفي ولا على أنها موضوعية ،فهي طريقة متعرجة جداً، مغيرة للإشارات إلى ما لا يمكن إدراكه مباشرة، والتي يسلكها الشاعر الصوفي فإن طريق النقد يمر من خلال صرامة الفكر العقلي إذا ما أراد أن يكون نقداً، والواقع فإن النقد أكثر واقعية من الشعر لأنه يعترف بأن الميتافيزيقيا، هي استعداد طبيعي للعقل ،لذلك نرى النقد يبقى دائماً متابعاً للظواهر الكتابية التجريبية أو نرى ذلك على أنه واقع أساسي للمعرفة المتغلغلة فعلاً في مشكلة الكتابة ،ولايوجد أحد يمنع نفسه من التساؤل عن سبب الكتابة لأنه لايستطيع أن يحرم نفسه من اتخاذ قرارات تتعلق به .
( ودائماً هناك حزن شفيف ناعم ندركه من الأنغام المتناثرة ومن طريقة البناء ليتقدم إلينا عالم يغرق في البؤس والقمع والكبت وتعلو بنسبة هامة الصور الحمراء القانية مخضبة بالدماء ولكن ليس لتسيطر على كل بناء النص )ص 155
ويظل الوجه المأساوي في قابلية التواصل هو العلاقة بين الأدباء مع الواقع مما يؤدي إلى التطرف في تفسير الماضي والحاضر ،وحتى النظر إلى المستقبل أما الخطر فيكمن في واقعة أنك لن تجد ضميراً جماعياً يتحدث بنقاء ،والناقد الأستاذ أحمد المعلم يعرف أن التلاعب بكلمة الصدق يسهل التعامل معها كما يمكن النظر من ناحية علاقتها بفهم العلاقات الاجتماعية التي تذهب إلى أن الشعر يهتم بكل المراحل بالماضي والحاضر والمستقبل ،والشعر يسترجع من الماضي الامكانات الرائعة التي يمكن تكرارها ويسقطها على المستقبلفهو يبشر في الوقت نفسه بإمكان المحافظة على القيم والتي يمكن تحقيق وجودها ،لذلك يرى الناقد بأن فهم الشعر يتم من خلال فهم يتكرر بطريقة مستقبلية ،حيث أن الشعر يصبح الطريقة التي ينزع إليها اليوم الحالي بوصفه حاضراً ،وبهذا يتحرر الأدب من العلانية الساقطة ويصبح نقداً للحاضر والحالة الشعرية هي الأساس للقدرة على التحول والتغيير في زمانية الحالة التي يعيشها المجتمع وعلى الرغم من أن الناقد المعلم يعمل داخل آفاق واسعة فإن الشعر يحاول بالفعل أن يكتسب رؤية جديدة تعمل من خلال حوادث لا بداية لها ولا نهاية ،ومن هنا يرى المعلم أن العمل من خلال مقولة أن النقد يؤثر في التعامل مع الشعرية ويصقلها ،كما أن هناك اتجاهات متعارضة في فهم النصوص لذلك نجد عملية التقويم لهذا الضرب من الشعر تتم من خلال الثقة التي يشعر بها الناقد أثناء عمله حيث يرى وهو يشق طريقه بواسطة أدواته أهمية كبيرة في فهم عواطف الشعراء ،وكما أن هناك صراعات وتوترات عميقة في البنائية الشعرية فإن هناك تواجداً كبيراً للنقد الذي يمكن بواسطته أن نكشف التيارات الرائعة التي تنير الطريق للعمل الهادف في بناء مجتمع يعيش الفضيلة ،وجمالية النهج ،فالنقد يؤمن بالتأكيد بأنه يتجاوز العوائق ،وهو يسعى إلى تخليص الشعر من سوء الفهم وغموض التواصل في كشف رائع يحمل كل التطلعات الفنية التي تخدم العمل الأدبي .

صدر للمؤلف: الكتب التالية

1- النقد وتقنياته
دراسات نقدية في القصة العربية القصيرة
2- النقد ومفهوم النص
دراسات نقدية في نقد النقد
3- صدى الأقلام
دراسات نقدية في القصة القصيرة السورية والعربية
4- الفعل النقدي وإشكاليات الفكر المعرفي في الكتابة النقدية
دراسات نقدية في نقد النقد العربي