المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وفاته صلى الله عليه وسلم


كلمات مبعثرة
2013-11-02, 12:09
لَمّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ الّذِي قَبَضَ اللّهُ فِيهِ رَسُولَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، خَرَجَ إلَى النّاسِ وَهُمْ يُصَلّونَ الصّبْحَ، فَرَفَعَ السّتْرَ وَفَتَحَ الْبَابَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، فَقَامَ عَلَى بَابِ عَائِشَةَ، فَكَادَ الْمُسْلِمُونَ يُفْتَنُونَ فِي صَلَاتِهِمْ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ رَأَوْهُ فَرَحًا بِهِ وَتَفَرّجُوا، فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اُثْبُتُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ، وكان به صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سُرُورًا لَمّا رَأَى مِنْ هَيْئَتِهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ، وَمَا رُؤي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحْسَنَ هَيْئَةً مِنْهُ تِلْكَ السّاعَةَ، ثُمّ رَجَعَ، وَانْصَرَفَ النّاسُ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ أَفْرَقَ مِنْ وَجَعِهِ.

فلَمّا تُوفى الله نبيه وحبيبه محمدًا صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ، دُهِشَ النّاسُ وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ وَأُقْحِمُوا، وَاخْتَلَطُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ خُبِلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُصْمِتَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُقْعِدَ إلَى أَرْضٍ، فَكَانَ عُمَرُ مِمّنْ خُبِلَ، وَجَعَلَ يَصِيحُ وَيَحْلِفُ مَا مَاتَ رَسُولُ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – وَكَانَ مِمّنْ أُخْرِسَ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ، حَتّى جَعَلَ يُذْهَبُ بِهِ وَيُجَاءُ وَلَا يَسْتَطِيعُ كَلَامًا، وَكَانَ مِمّنْ أُقْعِدَ عَلِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَرَاكًا، وَأَمّا عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَأُضْنِيَ حَتّى مَاتَ كَمَدًا.

وَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالسّنْحِ فَجَاءَ وَعَيْنَاهُ تَهْمُلَانَ وَزَفَرَاتُهُ تَتَرَدّدُ فِي صَدْرِهِ وَغُصَصُهُ تَرْتَفِعُ كَقِطَعِ الْجِرّةِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ رِضْوَانُ اللّهِ عَلَيْهِ جَلْدُ الْعَقْلِ وَالْمَقَالَةِ حَتّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – فَأَكَبّ عَلَيْهِ وَكَشَفَ وَجْهَهُ وَمَسَحَهُ وَقَبّلَ جَبِينَهُ وَجَعَلَ يَبْكِي، وَيَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي طِبْت حَيّا وَمَيّتًا، وَانْقَطَعَ لِمَوْتِك مَا لَمْ يَنْقَطِعْ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ النّبُوّةِ، فَعَظُمْتَ عَنْ الصّفّةِ وَجَلَلْتَ عَنْ الْبُكَاءِ، وَخَصَصْت حَتّى صِرْت مَسْلَاةً، وَعَمَمْت حَتّى صِرْنَا فِيك سَوَاءً، وَلَوْ أَنّ مَوْتَك كَانَ اخْتِيَارًا لَجُدْنَا لِمَوْتِك بِالنّفُوسِ، وَلَوْلَا أَنّك نَهَيْت عَنْ الْبُكَاءِ لَأَنْفَدْنَا عَلَيْك مَاءَ الشّؤُونِ، فَأَمّا مَا لَا نَسْتَطِيعُ نَفِيَهُ فَكَمَدٌ وَإِدْنَافٌ يَتَحَالَفَانِ لَا يَبْرَحَانِ، اللّهُمّ أَبْلِغْهُ عَنّا، اُذْكُرْنَا يَا مُحَمّدُ عِنْدَ رَبّك، وَلْنَكُنْ مِنْ بَالِك، فَلَوْلَا مَا خَلّفْت مِنْ السّكِينَةِ لَمْ نَقُمْ لِمَا خَلّفْت مِنْ الْوَحْشَةِ، اللّهُمّ أَبْلِغْ نَبِيّك عَنّا، وَاحْفَظْهُ فِينَا.

ثُمّ خَرَجَ لَمّا قَضَى النّاسُ غَمَرَاتِهِمْ، وَقَامَ خَطِيبًا فِيهِمْ بِخُطْبَةِ جُلّهَا الصّلَاةُ عَلَى النّبِيّ مُحَمّدٍ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – وَقَالَ فِيهَا: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَاتَمُ أَنْبِيَائِهِ، وَأَشْهَدُ أَنّ الْكِتَابَ كَمَا نَزَلَ وَأَنّ الدّينَ كَمَا شُرِعَ وَأَنّ الْحَدِيثَ كَمَا حُدّثَ وَأَنّ الْقَوْلَ كَمَا قَالَ، وَأَنّ اللّهَ هُوَ الْحَقّ الْمُبِينُ… فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ.

ثُمّ قَالَ: أَيّهَا النّاسُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمّدًا، فَإِنّ مُحَمّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللّهَ فَإِنّ اللّهَ حَيّ لَمْ يَمُتْ، ثُمّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (وَمَا مُحَمّدٌ إِلّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشّاكِرِينَ)،

فَوَاَللّهِ لَكَأنَ النّاسُ لَمْ يَعْلَمُوا أَنّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ حَتّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ يَوْمئِذٍ، وَأَخَذَهَا النّاسُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فَإِنّمَا هِيَ فِي أَفْوَاهِهِمْ، قَالَ عُمَرُ وَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ تَلَاهَا، فَعَقَرْت حَتّى وَقَعْت إلَى الْأَرْضِ مَا تَحْمِلُنِي رِجْلَايَ، وَعَرَفْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ مَاتَ.

وقال أبو بكر فيما قال: وَأَنّ اللّهَ قَدْ تَقَدّمَ أَمْرِهِ فَلَا تَدْعُوهُ جَزَعًا، وَأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ اخْتَارَ لِنَبِيّهِ عَلَيْهِ السّلَامُ مَا عِنْدَهُ عَلَى مَا عِنْدَكُمْ، وَقَبَضَهُ إلَى ثَوَابِهِ، وَخَلّفَ فِيكُمْ كِتَابَهُ وَسُنّةَ نَبِيّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهِمَا عَرَفَ وَمَنْ فَرّقَ بَيْنَهُمَا أَنْكَرَ (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ) [ النّسَاءُ 135 ] وَلَا يَشْغَلَنّكُمْ الشّيْطَانُ بِمَوْتِ نَبِيّكُمْ وَلَا يَلْفِتَنّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ، وَعَاجِلُوا الشّيْطَانَ بِالْخِزْيِ تُعْجِزُوهُ وَلَا تَسْتَنْظِرُوهُ فَيَلْحَقَ بِكَمْ.

فَلَمّا فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ قَالَ: يَا عُمَرُ أَأَنْتَ الّذِي بَلَغَنِي عَنْك أَنّك تَقُولُ عَلَى بَابِ نَبِيّ اللّهِ وَاَلّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ مَا مَاتَ نَبِيّ اللّهِ، أَمّا عَلِمْت أَنّ رَسُولَ اللّهِ – صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ – قَالَ يَوْمَ كَذَا : كَذَا، وَكَذَا، وَقَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِي كِتَابِهِ: (إِنّكَ مَيّتٌ وَإِنّهُمْ مَيّتُونَ) [ الزّمَرُ 30 ]، فَقَالَ عُمَرُ: وَاَللّهِ لَكَأَنّي لَمْ أَسْمَعْ بِهَا فِي كِتَابِ اللّهِ تَعَالَى قَبْلَ الْآنَ لَمَا نَزَلَ بِنَا، أَشْهَدُ أَنّ الْكِتَابَ كَمَا نَزَلَ وَأَنّ الْحَدِيثَ كَمَا حُدّثَ وَأَنّ اللّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيّ لَا يَمُوتُ، إنّا لِلّهِ وَإِنّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَى رَسُولِهِ، وَعِنْدَ اللّهِ نَحْتَسِبُ رَسُولَهُ . وَقَالَ عُمَرُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ:
لَعَمْرِي لَقَدْ أَيْقَنْت أَنّك مَيّتٌ … وَلَكِنّمَا أَبْدَى الّذِي قُلْته الْجَزَعْ

وَقُلْت يَغِيبُ الْوَحْيُ عَنّا لِفَقْدِهِ … كَمَا غَابَ مُوسَى، ثُمّ يَرْجِعْ كَمَا رَجَعْ

وَكَانَ هَوَايَ أَنْ تَطُولَ حَيَاتُهُ … وَلَيْسَ لِحَيّ فِي بَقَا مَيّتٍ طَمَعْ

فَلَمّا كَشَفْنَا الْبُرْدَ عَنْ حُرّ وَجْهِهِ … إذَا الْأَمْرُ بِالْجَزَعِ الْمُوهِبِ قَدْ وَقَعْ

فَلَمْ تَكُ لِي عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حِيلَةٌ … أَرُدّ بِهَا أَهْلَ الشّمَاتَةِ وَالْقَذَعْ

سِوَى آذَنَ اللّهُ فِي كِتَابِهِ … وَمَا آذَنَ اللّهُ الْعِبَادَ بِهِ يَقَعْ

وَقَدْ قَلّتْ مِنْ بَعْدِ الْمَقَالَةِ قَوْلَةً … لَهَا فِي حُلُوقِ الشّامِتِينَ بِهِ بَشَعْ

أَلَا إنّمَا كَانَ النّبِيّ مُحَمّدٌ … إلَى أَجَلٍ وَافِي بِهِ الْوَقْتُ فَانْقَطَعْ

نَدِينُ عَلَى الْعِلّاتِ مِنّا بِدِينِهِ … وَنُعْطِي الّذِي أَعْطَى، وَنَمْنَعُ مَا مَنّعَ

وَوَلّيْت مَحْزُونًا بِعَيْنِ سَخِينَةٍ … أَكَفْكِفُ دَمْعِي وَالْفُؤَادُ قَدْ انْصَدَعْ

وَقُلْت لِعَيْنِي : كُلّ دَمْعٍ ذَخَرْته … فَجُودِي بِهِ إنّ الشّجِيّ لَهُ دُفَعْ


من الروض الأُنُف في شرح السيرة النبوية للإمام المحدث أبي القاسم، عبد الرحمن بن عبد الله السُّهيلي الأنلدسي المالكي / 581 هـ.

mitrochka
2013-11-02, 12:22
بارك الله فيك
اللهم صل و سلم و بارك عليه

Appollo19
2013-11-02, 14:42
صل الله عليه و سلم

كلمات مبعثرة
2013-11-02, 18:23
بارك الله فيك
اللهم صل و سلم و بارك عليه

امين وفيكم شكرا على المرور

وفرج الله كرب صديقتك وغفر لزوجها

mitrochka
2013-11-02, 19:55
امين وفيكم شكرا على المرور

وفرج الله كرب صديقتك وغفر لزوجها

أمين أجمعين
بارك الله فيك على الدعاء

كلمات مبعثرة
2013-11-03, 20:09
أمين أجمعين
بارك الله فيك على الدعاء


امين وفيكي

hiba-2012-
2013-11-04, 10:07
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcS6bBKH85IPKScv_HGmAKiAuzCsQQBRt uqoFx0AJO5Rz8UwcA66oAhttps://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSehX6UtkbYcx7bvIeWN6ne2ldDmJPQZ J3yyTFTaQbfuS1HTV7shttps://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSwaZyejmz0Z7Lzim1iPy6YQA6w4sZte nVee4Qv6H5mPgCeG4Qs

hiba-2012-
2013-11-04, 10:09
https://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTWQGsYvlqgRXcSqserLoQE3g3WghPVV UALqT_m3BKMAV3Oe7Azhttps://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcTQx-hTStw3LtJ2QJ3VhNqOKMJPl-d12FkkuKG0_S6aNgpu_MdX

كلمات مبعثرة
2013-11-04, 22:11
https://encrypted-tbn2.gstatic.com/images?q=tbn:and9gcs6bbkh85ipkscv_hgmakiauzcsqqbrt uqofx0ajo5rz8uwca66oahttps://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:and9gcsehx6utkbycx7bviewn6ne2lddmjpqz j3yytftaqbfus1htv7shttps://encrypted-tbn1.gstatic.com/images?q=tbn:and9gcswazyejmz0z7lzim1ipy6yqa6w4szte nvee4qv6h5mpgceg4qs

امين وفيك بارك الله اختي هبة شكرا على مرورك

العوفي العوفي
2013-11-09, 01:12
بارك الله فيك
اللهم صل و سلم و بارك عليه

كلمات مبعثرة
2013-11-09, 18:54
بارك الله فيك
اللهم صل و سلم و بارك عليه

امين وفيك بارك الله

عليه وعلى اله افضل الصلاة واتم التسليم

شكرا على مرورك

Sofiane-dz
2013-11-15, 00:18
بارك الله فيك

كلمات مبعثرة
2013-11-15, 14:23
بارك الله فيك

امين وفيكم اخي

djemaldj
2013-11-18, 23:04
صلى الله عليه وسلم

moh140
2013-11-18, 23:06
اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى

اللهــم صلــي وسلــم علــى سيدنـــــا محمـــد