تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصة :الفرامة الكبرى بقلمالقاص :علي الصيرفي


علي الصيرفي
2009-06-12, 10:27
قصة::1:

الفرامة الكبرى
بقلم علي الصيرفي:mh92:

خرج من قوقعته وهو يرتجف من الخوف والمطاردة ،وكأن ذئباً شرساً قد حاصره، راح يركض في اتجاه معاكس لكل المعابر والممرات ، محاولاً تحرير نفسه من قسوة الكواتم الحديثة الصنع التي استقرت في حنجرته فأخرسته ، وانحصرت في أذنيه فجعلته أصماً ، ظل كالتائه في غابة تطارده أشباحها، وتلطم وجهه أغصانها المتشابكة ، هو يعرف بأنه لا يمكنه العودة إلى قوقعته ، وهذا الخروج منها هي المرحلة الأخيرة لكل خطواته ، عند الباب الشرقي راح يتأمل اتساعه، ومنظر الحراس المتواجدين بأسلحتهم ، وكيف يفتشون كل من يريد الدخول ومصادرة كل ما تقع عليه أيدهم من أشياء بحجة الحرص على السلطان وسلامته كانوا يفتشون كل شيء الملابس والأضراس وأمعاء المرء ومعدته ، قال أحد الموظفين فرحاً ::mh31:
لقد تطورت الأجهزة بشكل لا مثيل له ، ضحك الجالس خلف شاشة جهاز الكشف وقال لصاحبه ::34:
انظر لهذا المنتوف إنه بالعٌ فأراً ، والفأر لا يزال حياً في معدته ، قال الآخر علينا إيقافه ، فهو يخالف التعليمات ، إنها عملية تهريب ، راحت أجهزت الإنذار تدق وتصرخ معلنة عن المشتبه به والتف بسرعة رجال أمنيون حوله ووضعوه في كيس أسود له سحاب كبير وأغلقوا عليه .... في داخل الكيس كان هناك رجلٌ يضحك ، قال له : ماذا فعلت ؟ أجابه وهو يرتجف من الرطوبة التي حلت عليه ،لا شيء كنت قادماً لأشرح للوالي عن حالتي عله يجعلني بستانياً في حديقته ، غير أنني لم أتمكن من عبور البوابة لأسباب تتعلق بالممنوعات ، ولا أعرف ما نوعها ، وأنت ما هي تهمتك :
مثلك لا أعرف شيئاً ، إلا أن سيارة الوالي وقفت عند الإشارة الواقعة في وسط الميدان، أسرعت نحو السيارة فرحاً وشرعت أمسح زجاجها وأبتسم لفتاة جميلة كانت تجلس في المقعد الخلفي من السيارة وبعد أن أتممت عملي ، فتحت الصبية نافذة السيارة وأعطتني خاتماً ، لا زلت أضعه في إصبعي ، شتمني السائق وراح يصرخ بوجهي وهو يقول منادياً :
أيها الشرطي ... تعال إلى هنا وابعد هذا التافه عن سيارة الأميرة ابنة الوالي ، أسرع الشرطي ملبياً لسائق الأميرة ،وألقى القبض علي ّ محاولاً أخذ الخاتم من إصبعي إلا أنني تمنعت عن إعطائه الخاتم رغم محاولته اقتلاعه من يدي ،ألقاني أرضاً وراح يصفعني بقوة ويدوس فوق يدي لسحب الخاتم ، إلا أنه علق ولم يخرج من إصبعي حاول بكل قوته وجدت الإصبع قد دخل فمي بصورة لا شعورية عضضت على الإصبع شعرت بملوحة تملأ فمي وبالإصبع يرقص في حلقي ، ابتلعت الإصبع بعد ركلت قوية من قدم الشرطي ، سحبني الشرطي نحو البوابة فتشني الحراس بتعريضي للجهاز السري الذي يكشف كل شيء ،فوجدوا في معدتي الإصبع والخاتم فما كان من الضابط إلا أن بصق في وجهي وقال ::dj_17:
إنه مصاص دماء وآكل لحوم بشر خذوه .... خذوه وبسرعة البرق كنت داخل الكيس ولا أدري ما هو مصيري ، فجاءة رحنا نتدحرج داخل الكيس وسمعنا صوت محرك سيارة يصدر قرقعة قوية تدل على قدم محرك هذه السيارة وبعد فترة وجدنا أنفسنا في غرفة مليئة بالأجساد الممددة ورائحة العرق وأشياء أخرى عبقت في المكان ، جلست بالقرب من أحدهم ، وغرقت في صمت عميق حيث مرت أمامي صورة طرفة بن العبد وامرؤ القيس ... إلا أن الشخص ،نظر في وجهي وقال لي سائلاً :
لم َ أنت بهذا الشكل المزري ؟
نظرت إليه كان يشبه حفاري القبور بشكله والتراب الذي يغطي رأسه ووجهه والكثير من الجروح والشقوق في يديه وجسده ، أخرج من حزام بنطاله الممزق سيجارة وعود ثقاب حيث راح يحكه على الأرض حتى توهج العود فأشعل به السيجارة وراح يمج دخانها وينفثه في وجهي بدون قصد وإنما لازدحام المكان ، بعد قليل فُتح الباب وأُخرجنا إلى مكان واسع جداً وخلال دقائق نزعوا عنا ملابسنا ووجهوا علينا تيارات من الماء الحار والرغوة وعُلِقْنا من أرجلنا عرفْت أننا في مذبح الدواجن كنا ننتقل مع السكة المتحركة ونحن نقترب من آلة الذبح ، تذكرت المسلخ البلدي وسمعت كلمة تردد عند ذبح البهائم ، انتهت عملية الذبح ، وشاهدت أكوام اللحم وقد فصلت عن العظام وصارت تصل تباعاً إلى فوهة فرامة لحم كبيرة وجدت نفسي أدخل في فتحاتها ، وأتحول إلى قطع صغيرة حتى امتلأت من لحمي اثنتان وعشرون علبة ثم أغلقت العلب ولفت بغلاف جميل المنظر كتب عليها لا نشيون مخصص للكلاب ، خفت وقلت في نفسي ، سأصبح طعاماً للكلاب والله إنها نهاية مفجعة ، عندما جلست مع والدتي في البيت البائس وعند ذاك الجسر التي تغنت به إحدى المغنيات لا ضرورة لذكر اسمها رغم أنني أعرفها ، كانت أمي في تلك الفترة تقول لي والله إذا بقيت الدنيا على هذه الحالة، لنصبح طعاماً للكلاب ، فهؤلاء الرعيان لا خير فيهم طردنا في أيار منذ ستين عاماً والفرامة لا زالت تصنع منا السجق والبسطرمة وعلب اللحم وفي المستقبل سيصنع من لحمنا الوقود الحيوي لأن النفط سينضب يا ... وفارقت الأم الحياة فأضافت الفرامة لحما لتحوله إلى مسحوق لتغذية أسماك الزينة في قصر الوالي .وبيوت أثرياء العولمة والمال.:34::mh92:

علي النموشي
2009-06-13, 21:10
ما شاء الله ... مبارك للمنتدى عضو مميز مثل أخونا الكريم * الصيرفي * مبدع حقا من أرض الشام الحبيبة .