المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدنيا.... وما أدراك... ما الدنيا


سيف..ح520
2013-10-26, 20:41
قصص وعبر

الدنيا.... وما أدراك... ما الدنيا

نحن نعيش في هذه الدنيا ليس فقط لنشعر بملذاتها وشهواتها .. بل نحن نعيش لنتعب ونجد ونعمل ونعبد الله الواحد الذي ليس لنا رب سواه.. فمن أقبل على الدنيا وكانت كل همه أصبح شقيا .. ومن جعل بينه وبين الدنيا سداً صار من السعداء ... مع نسيم عليل جميل يتلاعب بأغصان الشجر فتتجه يميناً تارة وشمالاً تارة ... قطفت ورقة من أوراق الشجر لتذهب بعيدا عنها نحو نافذة لغرفة صغيرة لتسقط في نهاية على الطاولة التي تتكئ عليها فتاة حزينة غارقةً في التفكير ..نظرت الفتاة إلى ورقة الشجر قائلة : كم أكرهك يا الدنيا فقط دعيني وشأني لأرتاح قليلا ولو لثوان ... فبدأت بالبكاء لم ترتح منه منذ أمد طويل... قامت وغسلت وجهها وذهبت إلى السرير وقلبها كالنار مشتعلة من قهر واكتئاب .. استيقظت على صوت أذان الفجر ولكن لم تهتم به فعادت لتكمل نومها حتى أشرقت الشمس وعند الساعة التاسعة صباحاً قامت من السرير متعبة و تشعر كأنها ثقيلة.. فجأة أخذ الهاتف يرن معلنا أن إحدى صديقاتها متصلة و التي لم تسمع صوتها من فترة طويلة...

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؟؟ كيف الحال ؟؟ لم أسمع صوتك منذ فترة ؟؟
* دعاء وصوتها تغير من كثرة البكاء:- تمام ... أنا بخير
* ما بك يا ..... أأنت على ما يرام؟ كأنك متعبة أو ما شابه ؟
* لا شيء أنا بخير فحسب .. للتو قد استيقظت من نوم عميق
* آسفة حقا لاتصالي في وقت غير مناسب
* لا لا ليست مشكلة ...
* لماذا سكوت؟
*فكرت .... في الأمر وقررت أن تقول أود أن أقول لكي شيء ولكن في مكان ما..
* خيرا إن شاء الله .. هل ممكن أن تقول لي الآن؟
* الاتصال غير مناسب لقول مثل هذا الأمر سآتي إلى بيتك ... انتظريني.
* إن شاء الله أنا بانتظارك, انتبهي على نفسك والله معك.
* حسنا . وانتهت المكالمة.
قامت الفتاة لتجهز نفسها فلبست وخرجت من بيتها متجهة لصديقتها .أخذ الجرس يرن ويرن فأسرعت الصديقة لفتح الباب حتى تستقبل صديقتها التي لم ترها منذ فترة طويلة. فتحت الباب ورأتها وقد أصبحت هزيلة ووجها شاحب ومصفر .. اندهشت ثم قالت :- السلام عليكم.. تفضلي.. البيت بيتك..
*قالت وهي تبكي:- أريد أن أتخلص من هذا التعب.. أحس وكأنني في حرب لم تنتهي بعد.
* أجلسي .. وقلي لي كل ما حدث لكي
* أعترف لكي يا .... أنا أشعر وكأنني وحيدة لا أحد يؤنسني ... بعيدة عن ربي ...لست منضبطة في صلواتي ... لا أؤدي واجباتي .. ذهبت مع الدنيا مكان بعيد فرجعت منها منكسرة وضائعة ... كلما أحاول أن أرجع إلى ربي أفشل فشلا ذريعا

الصديقة وهي متفهمة وضع صديقتها قالت وبابتسامة:- كل شيء سيكون خيرا ما دام أنك نادمة وتريدين الرجوع إلى صوابك... فكري معي في قول الله تعالى (( ألا بذكر الله تطمئن القلوب )) ألا تعلمي أن ذكر الله دواء لكي مم تعانينه من آهآت وتعب واكتئاب ؟ ولا تنسي أنه ما زال باب التوبة مفتوحاً ... لم كل هذا التشاؤم؟ .. لم كل هذا الحزن؟ نعلم أن كل بني آدم خطاء يخطئون في كل أمر ولكن خير الخطاءين التوابون ..استعيذي من الشيطان فهو سبب في فشلك وحزنك واكتئابك وقلقك .. هو عدو لكي لا تستسلمي له وإلا سينتصر عليك ... الآن اذهبي لمنزلك وتوضئي واركعي ركعتين وتذكري ربك ، فهو يحب صوت عبده عندما يدعوه ويطلب منه العفو والمغفرة ... فلم الانتظار اذهبي الآن ...
خرجت وهي في قمة السعادة :- شكرا لكي يا غالية الآن سأفعل ما طلبت مني ... يااااه لم أشعر بالفرحة منذ قرن .. ذهبت إلى بيتها وأسرعت لتتوضأ وفرشت سجادتها ولبست حجابها وكبرت وركعت وسجدت لم تشعر شعور الطمأنينة وراحة فهي أول مرة تصلي لربها خاشعة مخلصة له .... كانت ذليلة .. منكسرة..مجروحة بسبب الدنيا ... فعلا أن الدنيا فانية وسحقا لمن اتخذها غاية وهدفاً..
استغفرت وتابت ودعت ربها أن يغفر خطاياها ويعفو عنها لأنه رب رحيم .. كريم ... فهو يفرح لتوبة عبده .. بكت وبكت شعرت كأن غطاء في القلب قد أنزاح وأصبح قلبها أبيض كالصفحة البيضاء ... فقررت أن تقلب صفحة أخرى لتبدأ حياتها مع رب العباد... عزمت أن تترك كل المهلكات ومعاصي لوجه الله ... قامت من مصلاها وذهبت لغرفتها وفتحت خزانتها وأخذت أشرطة مزامير الشياطين وأفلام ومسلسلات لتحرقها وتمزقها وكأنها تنتقم منها وتقتلها... جلست لترتاح قليلا من معركة قد فازت فيها ، ولمحت شيئا لترى كتاب الله أسرعت لتقرأه ففتحت في أول أية تقرأه (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) بكت بكاءً مريراً

يا نفس توبي فإن الموت قد حانا *** واعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا *** لقطاً وتلحق أخرانا بأولانا
في كل يوم لنا ميت نشيعه *** نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس مالي وللأموال أتركها *** خلفي واخرج من دنياي عريانا
أبعد خمسين قد قضَّيْتها لعباً *** قد آن أن تقصري قد آن قد آنا
ما بالنا نتعامى عن مصائرنا *** ننسى بغفلتنا من ليس ينسانا
نزداد حرصاً وهذا الدهر يزجرنا *** وكان زاجرنا بالحرص أغرانا
مضى الزمان وولى العمر في لعب *** يكفيك ما قد مضى قد كان ما كانا

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان
وارزقنا توبة قبل الموت وشهادة عند الموت ومغفرة بعد الموت
اللهم آمين