المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل السَّلفيَّة خطرٌ على الجزائر؟لمشايخ الجزائر


ام مصعب111
2013-09-27, 09:43
لحمد لله المُنْعِم على عباده بالهدى ودين الحقِّ، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّه الهادي إلى أقوم طريق وأفضل سبيل، وعلى آله وصحابَتِه الغرِّ الميامين؛ وبعد: ففي خضمِّ الأحداث المتسارعة والحَمَلات المقصودة لتشويه صورة الإسلام والإساءة المغرضة للنَّيل من حَمَلَتِه ودعاته والمنتَسبين إليه؛ تتعالى الأصوات، وتتبارى الأقلام، ويتجرَّأ الإعلام ليرميَ بفكرة في أوساط المثقَّفين وعمومِ الأمَّة، يريد لها أن تنضجَ لتصيرَ حكمًا وتقليدًا يتوارثه الأجيال، وتتناقله الألسن وتُسوَّد به الصُّحف، وهي أنَّ السَّلفيَّة لا علاقة لها بالدِّين الصَّحيح، وأنَّها خطرٌ على أهل الجزائر، وأنَّه لا فرقَ بينها وبين سائر المِلَل والمناهج المنحرفة الدَّاعية إلى البدع والضَّلال والتَّنصُّل من دين الأمَّة، كالقاديانيَّة والبهائيَّة والرَّافضة الشِّيعة وغيرها.
وإنَّ مثل هذه الفكرة، تتألَّق لتصير نحتًا مكتوبًا على صفحات الجرائد، وكلامًا يتردَّد على الألْسُن، ويُذاع على مسامع النَّاس في المجامع الإعلاميَّة والثَّقافيَّة والدِّينيَّة دون أن يُردَّ أو يُناقش أو يُوضَع في ميزان النَّقد العلمي البنَّاء لَهُوَ مِنْ غَمْطِ الحقِّ وبَخْسِ النَّاس أشياءَهم، وإنَّ حكمًا جائرًا كهذا؛ لا يَحْسُن السُّكوت عنه ولا تجاوُزُه؛ لما فيه من التَّلبيس والتَّضليل والتَّحريف، والتَّخوين لدعوة مبرَّأة مباركة، لم يُعرف عنها وعَن حمَلَتها -عبر التَّاريخ- غير السُّمعة الطَّيِّبة والذِّكر الحسن في جميع الأقطار؛ ممَّا يجعَل كلَّ مَن ينتسِب إلى السَّلفيَّة يشعر بمضاضة الظُّلم، وغصَّة التَّعدِّي على أقدس ما عنده وهو دينه؛ فلا يليق أبدًا إطلاق مثل هذه الأحكام الجائرة الَّتي لا تستَند إلى أساس شرعيٍّ، ولا عقليٍّ، ولا واقعيٍّ، ولا استقراء علميٍّ.
وإنَّه لمَّا كان الموقِّعون أدناه من المنتَسبين إلى السَّلفيَّة والدَّاعين إليها، رأوا أن يجهروا في وجه المروِّجين لهذا الإفك، قائلين: إنَّ السَّلفيَّة ليسَت خطرًا على الجزائر ولا على أحدٍ منَ النَّاس؛ وكيف تكون خطرًا وهي دعوة العلم والأمن والأمان والرَّحمة، وشعارها ودثارها سنَّة سيِّد المرسلين صلَّى الله عليه وسلَّم القائل: «إنَّما أنَا رحمةٌ مُهدَاةٌ».
فالسَّلفية هي الدِّرعُ الحصين الَّذي حُفِظ به دين هذه الأمَّة مِنْ زمن أبي بكر رضي الله عنه أيَّام الرِّدَّة، ومرورًا بمحنة خلق القرآن أيَّام الإمام أحمد -رحمه الله-، ووصولاً إلى زمَن الإمام ابن تيميَّة -رحمه الله- في فتنة التَّتار، وانتهاءً بزمننا هذا وبخاصَّة في بلدنا العَزيز، أيَّام عهد جمعيَّة العلماء المسلمين الجزائريِّين بجيلها السَّلفيِّ المتميِّز؛ من أمثال ابن باديس والإبراهيمي والعقبي والتّبسي ومبارك الميلي -رحمهم الله- وغيرهم، وإلى أنْ عصفت بديارنا رياح الفتنة والهَرْج الَّتي أفسدت الحرث والنَّسل، وغُرِّر -وقتئِذٍ- بكثير من الشَّباب، فحملوا السِّلاح وصعدوا الجبال، ولم يتراجع منهم عن فكر الخوارج، ولم يَسْلَم غيرُهم من التَّلوُّث بهذا الفكر الخبيث أصلاً إلاَّ بفتاوى ونصائح وتوجيهات علماء الدَّعوة السَّلفيَّة في هذا العَصر؛ من أمثال الشَّيخ ابن باز، والشَّيخ الألباني، والشَّيخ ابن عثيمين رحمهم الله جميعًا؛ فلِمَ هذا التَّنكُّر والإجحَاف في الحكم!! والله تعالى يقول: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾ [الأنعام: ١٥٢].
فالسَّلفية هي عودة إلى نصوص الوحي (الكتاب والسُّنَّة) والتَّمسُّك بها، والعَمل بها وتعظيم أمرها، والحرص على عدم مخالفتِها؛ وبهذا وحده تتحقَّق الهداية الَّتي لا ضلال معها، والأمن الَّذي لا خوف بعده، والسَّعادة الَّتي لا شقاء فيها، والطُّمأنينة الَّتي لا خطر معَها؛ قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣].
نعم؛ إنَّ السَّلفيَّة خطرٌ على كلِّ خلفيٍّ مبتدع يَتَأَكَّلُ ببدعته، وهي خطرٌ على كلِّ مخرِّف يَسْتَمْلِحُ الشَّعوذةَ والخرافةَ ليضحك على عقول النَّاس، وهي خطرٌ على كلِّ طرقيٍّ يطمئنُّ إلى طريقته وإن خالفَت سنَّة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي خطر على كلِّ قبوريٍّ يعيش على ما يستَجْلِبُه سَدَنة أضرحَته من جيوب السُّذَّج من النَّاس، وهي خطرٌ على كلِّ علمانيٍّ يفصل الدِّين عن الدَّولة ويُقْصِيه عن الحكم، وهي خطر على كلِّ دعوة منحرفة هدَّامة تدعو إلى الخروج على الحاكم وسفك الدِّماء؛ فالسَّلفيَّة خطر على كلِّ دعوةٍ خَرَجَتْ عن منهَجِ أهل السُّنَّة والجماعة، ولم تنتهج سبيلها.
فهؤلاء وأمثالهم يرون في الدَّعوة السَّلفية خطرًا داهمًا يهدِّد عروشهم، ويدكُّ قواعدَهم، ويهدم صروحَهم الوهميَّة؛ لأنَّها دعوة تعود بالنَّاس إلى دينهم الصَّافي، وإسلامهم الخالي من كلِّ بدعة وضلالة، وكلِّ انحراف يكدِّر صفوَه، ويشوِّه حسنَه، فلا مكان للدَّجل والخرافة والبدع والوهم والظَّنِّ والتَّخمين؛ فالعُمدة على الحجَّة والدَّليل والبُرهان المستَند إلى العلم الشَّرعي الصَّحيح.
وإنَّ هذا الحكم الجائر يذكِّرنا بتصريحات ساسَة فرنسَا المستَعمِرَة ومسؤوليها أيَّام الشَّيخ العلاَّمة ابن باديس وإخوانه -رحمهُم الله-، الَّذين كانوا يرونَ فيهم الخطر كلَّ الخطر على دولتِهم، مع أنَّهم لم يكونوا سوى دعاةٍ إلى سلفيَّة نقيَّة، تحرِّر العقُول المخدَّرة بواسطة المبتَدعين والدَّجَّالين والمتَّجرين باسم الدِّين، الَّذين استغلَّ المستَعمِرُ سلطانَهم على النُّفوس لتثبيت قدمه في أرض الجزائر.
وقَد يُعتَرض علينا أنَّ عُذر هؤلاء المتَجرِّئين هو كون مصطلح السَّلفيَّة صار يُطلق اليوم على كثيرٍ من دعاة الفَوضى والثَّورة والخروج على الحكَّام؛ فنقول جوابًا على هذا المعتَرِض:
لسنا بحاجة اليوم إلى إعادة تقرير أنَّه لا مشاحة في الاصطلاح، وأنَّ العبرةَ بالمعنى والمدلول، فالسَّلفيَّة مصطلح معناه: منهجٌ علميٌّ عمليٌّ مصدره الوحي -الكتاب والسُّنَّة- على فهم السَّلف -رضوان الله عليهم-، ودعوة إلى إخلاص العبادة لله وحده، ولزوم الجماعة ونبذ الفُرقة، وطاعة وليِّ الأمر، فالسَّلفيَّةُ مصطلحٌ مرادفٌ لمصطلح «أهل السُّنَّة والجماعة»، أو «أهل الحديث»؛ وإنَّ كلَّ مَن تبنَّى فكرًا أو أسلوبًا مخالفًا لهذَا المنهَج لا يمكنُ صبغهُ ولا وصفُه بالسَّلفيَّة، فليس من السَّلفيَّة في شيءٍ من اتَّخذ أسلوبَ التَّكفير والهجر، واستَعمل طريق العُنف من القَتل والتَّفجير، والاختطاف والتَّرويع، وسيلةً للدَّعوة والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، بل إنَّ هذا وأمثاله يسيرون في خطِّ موازٍ للسَّلفيَّة لا يلتقُون معَها أبدًا ما داموا مُقيمين على ما هُم عليه، ومع هذا نجد كثيرًا من الأقلام والألسُن المُمْتَطِيَةِ لوسائل الإعلام المختَلفة تستَخدم هذا المصطلح -ظلمًا- في غير محلِّه، وتُنزِّلُه -تعسُّفًا- على من ليس من أهلِه، فيسحَبونه على مَن ضلَّت بهم السُّبُل وتقَطَّعت بهم الأسباب، وانحرفوا عن الفطرة السَّويَّة، فضلاً عن السَّلفيَّة النَّقيَّة، ويُسَمُّونهم -زورًا وبهتانًا-: السَّلفيَّة الجهاديَّة!
فالعجبُ لا ينقضي من هؤلاء المسيئين لاستِعمال هذا المصطلح ووضعِه في غير موضعِه، مع كثرةِ توالي البيَان من أهل العلم أنَّ هؤلاء (الثُّوَّار)، و(التَّكفيريِّين) و(الحزبيِّين) لا تصحُّ نسبتُهم إلى هذه الدَّعوة الميمونَة، ولا يمتُّون إليها بصلة، لكنَّ ضبابةَ العَجب تنقشَع إذا علمنا أنَّ صنيعَهم ليس بريئًا، وإنَّما القَصد منه تمريرُ رسالةٍ وترسيخُ صورةٍ، وهي تشويهُ هذا المصطلح وما يحويه من معانٍ صحيحَة، وأصولٍ ساميةٍ راقيةٍ، لتنفير النَّاس من حول علماء هذه الدَّعوة وحَمَلتها، وفي هذا مُسايَرةٌ لدوائر غربيَّة منَ اليهود والنَّصارى، أرعبَها عودة الشَّباب في كثير مِن بقاع الأرض إلى لزوم هَذه الدَّعوة المباركة وارتسام خُطاها، فرأوا أنَّ مِن وسائل صدِّ هذا الزَّحف السَّلفي خَلْطَ الأوراق ومزجَ المعاني والتَّعميةَ والمغالطةَ، للتَّضليل والتَّلبيس، وتسويغَ محاربة السَّلفيَّة تحت مسمَّى تجفيف منابع الإرهاب وقطع دابِرِه، وإلاَّ فالدِّقَّة الَّتي وصَل إليها العقلُ الغَربي في علومه الماديَّة لا نَخَالُها أبدًا تتعثَّر في تحديد مصطلحٍ ظاهرِ المعاني، جليِّ المعالم، ولكنَّه المكر السَّيِّء، والقَصد المبيَّت، والحقد الدَّفين على دين الله الحقِّ وسنَّة سيِّد المرسلين صلَّى الله عليه وسلَّم.
ولا يُرفع اللَّومُ على مَن استَعمل مصطلَحًا إلاَّ بعد أن يُدركَ معانيَه ويفهَمَ مراميَه، ليكونَ صادقًا في قولِه، عادلاً في حكمِه، أمينًا في نقلِه، وحتَّى لا يكونَ ضالاًّ في نفسِه، ولا مُضِلاًّ لأمَّته؛ والله من وراءِ القصد وهُو الهادي إلى سَواء السَّبيل.

* الموقِّعون:

أ.د. محمَّد علي فركوس
د. عبد المجيد جمعة
د. رضا بوشامة
الشيخ عبد الحكيم دهاس
الشَّيخ عزّ الدِّين رمضاني
د.عبد الخالق ماضي
الشَّيخ توفيق عمروني
الشيخ عمر الحاج مسعود
الشيخ عبد الغني عوسات
الشَّيخ نجيب جلواح
الشَّيخ لزهر سنيقره
الشيخ عثمان عيسي

ABDOKHALIL
2013-09-27, 12:09
هل السَّلفيَّة خطرٌ على الجزائر؟ على الاسلامي كله و ليس في الجزائر فقط و هدا ما اثبتوه في العشرية الكحلاء و يثبتونه اليوم في سوريا فبالنسبة للجزائر فان ولاءهم للسعودية اكثر من الجزائر و ينتظرون صدور فتوى من السعودية للقيام باي شيء و لو كان يخص الجزائريين دون غيرهم فنفترض ان العلاقات السعودية و الجزائرية تتدهور فكيف سيكون اتجاههم وولاءهم و كيف ستقوم السعودية باستغلال هده التبعية يا ام مصعب؟

kaoutar kahi
2013-09-27, 12:12
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiii

زهرة أمل
2013-09-27, 16:10
نعم؛ إنَّ السَّلفيَّة خطرٌ على كلِّ خلفيٍّ مبتدع يَتَأَكَّلُ ببدعته، وهي خطرٌ على كلِّ مخرِّف يَسْتَمْلِحُ الشَّعوذةَ والخرافةَ ليضحك على عقول النَّاس، وهي خطرٌ على كلِّ طرقيٍّ يطمئنُّ إلى طريقته وإن خالفَت سنَّة نبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي خطر على كلِّ قبوريٍّ يعيش على ما يستَجْلِبُه سَدَنة أضرحَته من جيوب السُّذَّج من النَّاس، وهي خطرٌ على كلِّ علمانيٍّ يفصل الدِّين عن الدَّولة ويُقْصِيه عن الحكم، وهي خطر على كلِّ دعوة منحرفة هدَّامة تدعو إلى الخروج على الحاكم وسفك الدِّماء؛ فالسَّلفيَّة خطر على كلِّ دعوةٍ خَرَجَتْ عن منهَجِ أهل السُّنَّة والجماعة، ولم تنتهج سبيلها.
بارك الله في مشايخنا في الجزائر و بارك فيكم على النقل الطيب

chaham naserddin
2013-09-28, 14:31
ماهو مفهوم السلفية رجاءااااااااااا.

ام مصعب111
2013-09-29, 07:44
[ ما معنى السلفية ؟ وإلى من تنسب ؟ وهل يجوز الخروج عن فهم السلف الصالح في تفسير النصوص الشرعية ؟ ]

السائل : بعض الأخوة الجالسين يسمعون عن الدعوة السلفية سماعاً ويقرؤون عنها ما يُكتب من قِبَلِ خصومها لا من قِبَلِ أتباعها ودُعاتِها ، فالمرجو من فضيلتكم – وأنتم من علماء السلفية ودعاتها – شرح موقف السلفية بين الجماعات الإسلامية اليوم .
الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : أنا أجبتُ عن مثل هذا السؤال أكثر من مرة ، لكن لا بد من الجواب وقد طُرِحَ السؤال ، فأقول : أقول كلمة حقٍّ لا يستطيع أي مسلم أن يجادل فيها بعد أن تتبين له الحقيقة : أول ذلك : الدعوة السلفية ، نسبة إلى ماذا ؟ السلفية نسبة إلى السلف ، فيجب أن نعرف من هم السلف إذا أُطلق عند علماء المسلمين : السلف ، وبالتالي تُفهم هذه النسبة وما وزنها في معناها وفي دلالتها ، السلف : هم أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيرية في الحديث الصحيح المتواتر المخرج في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) هدول القرون الثلاثة الذين شهد لهم الرسول عليه السلام بالخيرية ، فالسلفية تنتمي إلى هذا السلف ، والسلفيون ينتمون إلى هؤلاء السلف ، إذا عرفنا معنى السلف والسلفية حينئذٍ أقول أمرين اثنين :

الأمر الأول : أن هذه النسبة ليست نسبة إلى شخص أو أشخاص ، كما هي نِسَب جماعات أخرى موجودة اليوم على الأرض الإسلامية ، هذه ليست نسبة إلى شخص ولا إلى عشرات الأشخاص ، بل هذه النسبة هي نسبةٌ إلى العصمة ، ذلك لأن السلف الصالح يستحيل أن يجمعوا على ضلالة ، وبخلاف ذلك الخلف ، فالخلف لم يأتِ في الشرع ثناء عليهم بل جاء الذم في جماهيرهم ، وذلك في تمام الحديث السابق حيث قال عليه السلام : ( ثم يأتي من بعدهم أقوامٌ يَشهدون ولا يُستشهدون ، ) إلى آخر الحديث ، كما أشار عليه السلام إلى ذلك في حديث آخر فيه مدحٌ لطائفةٍ من المسلمين وذمٌّ لجماهيرهم بمفهوم الحديث حيث قال عليه السلام : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) أو ( حتى تقوم الساعة ) ، فهذا الحديث خص المدح في آخر الزمن بطائفة ، والطائفة : هي الجماعة القليلة ، فإنها في اللغة : تطلق على الفرد فما فوق .

فإذن إذا عرفنا هذا المعنى في السلفية وأنها تنتمي إلى جماعة السلف الصالح وأنهم العصمة فيما إذا تمسك المسلم بما كان عليه هؤلاء السلف الصالح حينئذٍ يأتي الأمر الثاني الذي أشرتُ إليه آنفاً ألا وهو أن كل مسلم يعرف حينذاك هذه النسبة وإلى ماذا ترمي من العصمة فيستحيل عليه بعد هذا العلم والبيان أن – لا أقول : أن – يتبرأ ، هذا أمرٌ بدهي ، لكني أقول : يستحيل عليه إلا أن يكون سلفياً ، لأننا فهمنا أن الانتساب إلى السلفية ، يعني : الانتساب إلى العصمة ، من أين أخذنا هذه العصمة ؟ نحن نأخذها من حديث يستدل به بعض الخلف على خلاف الحق يستدلون به على الاحتجاج بالأخذ بالأكثرية – بما عليه جماهير الخلف – حينما يأتون بقوله عليه السلام : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) ، ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) لا يصح تطبيق هذا الحديث على الخلف اليوم على ما بينهم من خلافات جذرية ، ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) لا يمكن تطبيقها على واقع المسلمين اليوم وهذا أمرٌ يعرفه كل دارس لهذا الواقع السيء ، يُضاف إلى ذلك الأحاديث الصحيحة التي جاءت مبينةً لما وقع فيمن قبلنا من اليهود والنصارى وفيما سيقع في المسلمين بعد الرسول عليه السلام من التفرق ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ( هي الجماعة ) هذه الجماعة : هي جماعة الرسول عليه السلام هي التي يمكن القطع بتطبيق الحديث السابق : ( لا تجتمع أمتي على ضلالة ) أن المقصود بهذا الحديث هم الصحابة الذين حكم الرسول عليه السلام بأنهم هي الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم ونحا نحوهم ، وهؤلاء السلف الصالح هم الذين حذرنا ربنا عز وجل في القرآن الكريم من مخالفتهم ومن سلوك سبيل غير سبيلهم في قوله عز وجل : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له

الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا } أنا لَفَتّ نظر إخواننا في كثيرٍٍ من المناسبات إلى حكمة عطف ربنا عز وجل قوله في هذه الآية { ويتبع غير سبيل المؤمنين } على مشاققة الرسول ، ما الحكمة من ذلك ؟ مع أن الآية لو كانت بحذف هذه الجملة ، لو كانت كما يأتي : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا ) لكانت كافية في التحذير وتأنيب من يشاقق الرسول صلى الله عليه وسلم ، والحكم عليه بمصيره السيئ ، لم تكن الآية هكذا ، وإنما أضافت إلى ذلك قوله عز وجل : { ويتبع غير سبيل المؤمنين } هل هذا عبث ؟! - حاشا لكلام الله عز وجل من العبث ـ إذن ما الغاية..؟ ما الحكمة من عطف هذه الجملة ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) على مشاققة الرسول..؟ الحكمة في كلام الإمام الشافعي، حيث استدل بهذه الآية على الإجماع، أي : من سلك غير سبيل الصحابة الذين هم العصمة – في تعبيرنا السابق – وهم الجماعة التي شهد لها الرسول عليه السلام أنها الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم ، هؤلاء هم الذين لا يجوز لمن كان يريد أن ينجو من عذاب الله يوم القيامة أن يخالف سبيلهم ، ولذلك قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نُوَلِّهِ ما تولى ونُصْلِهِ جهنم وساءت مصيرا } .
إذن على المسلمين اليوم في آخر الزمان أن يعرفوا أمرين اثنين :

أولاً : من هم المسلمون المذكورين في هذه الآية ثم ما الحكمة في أن الله عز وجل أراد بها الصحابة الذين هم السلف الصالح ومن سار سبيلهم ..؟ قد سبق بيان جواب هذا السؤال أو هذه الحكمة وخلاصة ذلك أن الصحابة كانوا قريب عهد بتلقي الوحي غضا طريا من فم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولاً ثم شاهدوا نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم الذي عاش بين ظهرانيهم يطبق الأحكام المنصوصة عليها في القرآن والتي جاء ذكر كثير منها في أقواله عليه الصلاة والسلام بينما الخلف لم يكن لهم هذا الفضل من سماع القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام منه مباشرةً ثم لم يكن لهم فضل الاطلاع على تطبيق الرسول عليه السلام لنصوص الكتاب والسنة تطبيقاً عملياً ، ومن الحكمة التي جاء النص عليها في السنة : قوله عليه السلام : ( ليس الخبر كالمعاينة ، ) ومنه بدأ ومنه أخذ الشاعر قوله : ( وما راءٍ كمن سمع ) فإذن الذين لم يشهدوا الرسول عليه السلام ليسوا كأصحابه الذين شاهدوا وسمعوا منه الكلام مباشرة ورأوه منه تطبيقاً عمليا ، اليوم توجد كلمة عصرية نبغ بها بعض الدعاة الإسلاميين وهي كلمة جميلة جداً ، ولكن أجمل منها أن نجعل منها حقيقةً واقعة ، يقولون في محاضراتهم وفي مواعظهم وإرشاداتهم أنه يجب أن نجعل الإسلام يمشي واقعاً يمشي على الأرض ، كلام جميل ، لكن إذا لم نفهم الإسلام وعلى ضوء فهم السلف الصالح كما نقول لا يمكننا أن نحقق هذا الكلام الشاعري الجميل أن نجعل الإسلام حقيقة واقعية تمشي على الأرض ، الذين استطاعوا ذلك هم أصحاب الرسول عليه السلام للسببين المذكورين آنفاً ، سمعوا الكلام منه مباشرةً ، فَوَعَوْهُ خير من وَعِيَ ،ثم في أمور هناك تحتاج إلى بيان فعلي ، فرأوا الرسول عليه السلام يبين لهم ذلك فعلاً ، وأنا أضرب لكم مثلاً واضحاً جداً ،هناك آيات في القرآن الكريم ، لا يمكن للمسلم أن يفهمها إلا إذا كان عارفاً للسنة التي تبين القرآن الكريم ، كما قال

عز وجل : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم } مثلاً قوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } الآن هاتوا سيبويه هذا الزمان في اللغة العربية فليفسر لنا هذه الآية الكريمة ، { والسارق } من هو ؟ لغةً لا يستطيع أن يحدد السارق ، واليد ما هي ؟ لا يستطيع سيبويه آخر الزمان لا يستطيع أن يعطي الجواب عن هذين السؤالين ، من هو السارق الذي يستطيع أو الذي يستحق قطع اليد ؟ وما هي اليد التي ينبغي أن تُقطع بالنسبة لهذا السارق ؟ اللغة : السارق لو سرق بيضة فهو سارق ، واليد في هذه لو قُطِعَتْ هنا أو هنا أو في أي مكان فهي يدٌ ، لكن الجواب هو : - حين نتذكر الآية السابقة : { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم } - الجواب في البيان ، فهناك بيان من الرسول عليه السلام للقرآن ، هذا البيان طَبَّقَهُ عليه السلام فعلاً في خصوص هذه الآية كمثل وفي خصوص الآيات الأخرى ، وما أكثرها ، لأن من قرأ في علم الأصول يقرأ في علم الأصول أنه هناك عام وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ ، كلمات مجملة يدخل تحتها عشرات النصوص ، إن لم يكن مئات النصوص ، نصوص عامة أوردتها السنة ، ولا أريد أن أطيل في هذا حتى نستطيع أن نجيب عن بقية الأسئلة .

من شريط الهدى و النور رقم 1 للشيخ الالباني رحمه الله

djamel.30
2013-09-30, 12:52
شــــــــــــــكــــــــــــــــراااا