hizoka
2013-09-15, 17:07
بعد خمسين سنة من الاستقلال، وبعد عقود من الإصلاحات التي قادتها الحكومات المتعاقبة على هذا البلد في مجالات التربية والاقتصاد والاجتماع والثقافة، ها نحن اليوم نتساءل عن جدوى تلك الإصلاحات ونتائجها، حيث أبرزت نتائج دراستيان منشورتان عن مركز الإعلام والتوثيق حول حقوق الطفل والمرأة، أن المجتمع يسير نحوى الانغلاق، وأنه ثمة خلل كبير في التركيبة الاجتماعية الجزائرية، لأن هناك تناقضا بين ما يعيشه الناس وما يعلن عنه الواقع. لماذا المجتمع الجزائري اليوم يشهد ردة على جميع الأصعدة ؟ لماذا نسير نحو الانغلاق؟ ما هو دور المدرسة والنخبة السياسية والمجتمع المدني في كل هذا؟ لماذا ثمة تناقض بين ما يتم الإعلان عنه من برامج ومخططات اجتماعية وبين ما تسجله الدراسات على أرض الواقع. في هذا الملف محاولة لقراءة نتائج الدراستين.
45 بالمائة من الشبان ضد عمل المرأة و38 بالمائة ضد حضورها في الفضاء العام
19 بالمائة فقط يناصرون المساواة بين الجنسين
يسود الاعتقاد لدى قطاع واسع من الجزائريين أن سنوات الدم والدمار التي شهدتها الجزائر كان لها أثر كبير على تركيبة المجتمع وأفكاره، حيث يعتقد البعض أن المجتمع الجزائري تراجع كثيرا عن ما كان عليه في سبعينيات القرن الماضي، خاصة إذا تعلق الأمر بالحريات الفردية ومكانة المرأة.
لكن يبدو أن هذه النظرة صارت حقيقة أكثر منها اعتقادا، حيث أكدت دراسة منشورة مؤخرا من قبل مركز الإعلام والتوثيق حول حقوق الطفل والمرأة، أن نظرة الجزائريين تجاه مكان المرأة في المجتمع تراجعت بشكل ملحوظ بين سنتي 2000 و2008. كما أبرزت الدراسة أن الاتجاه العام للمجتمع يسير نحو الانغلاق حتى لو تعلق الأمر بالأجيال الجديدة من خريجي الجامعات، والتي تدفع إلى الانغلاق وليس إلى التفتح.
الدراسة أشارت إلى وجود ثلاثة من بين عشرة رجال فقط يبدون موافقتهم لعمل المرأة، وأن 45 في المائة من الشباب أبدوا موقفا معارضا لعمل المرأة وارتفعت نسبة الرجال المعادين لعمل المرأة وحضورها في الفضاء العام ما بين سنتي 200 و 2008 من 32 في المائة إلى 38 في المائة. وقد سجلت أكبر نسبة من هذه الفئات المعارضة في أوساط الشباب، ما يعني أن الاتجاه المحافظ والسير نحو الانغلاق سيواصل سيطرته على المجتمع خلال السنوات القادمة.
ربع نساء الجزائر ضد عمل المرأة
الشيء المثير الذي كشفت عنه الدراسة المنشورة من قبل المركز أن النساء أيضا يقفن ضد النساء ويرغبن في العودة إلى البيت، حيث أبرزت النتائج أن 25 في المائة من العينة المستجوبة تقف ضد عمل النساء، وهي النسبة التي لم تكن تتجاوز في سنة 2000 نسبة 18 في المائة، وهذا يعني أن ربع نساء الجزائر يناصرن تيار العودة إلى البيت وأن هذه النسبة مرشحة للارتفاع في غضون السنوات القادمة.
ورغم المكانة التي صارت الجزائريات يستحوذن عليها اليوم في المجال العام، لاسيما السياسي منه، إلا أن المجتمع في عمقه ما يزال رافضا لاقتحام النساء للمجال السياسي، الذي مايزال قرين الفساد والانحلال الخلقي. فقد أظهرت نتائج دراسة ”السيداف” أن 38 في المائة من المستجوبين يرفضون أي دور سياسي للمرأة. ولم تتجاوز نسبة الجزائريين الحالمين ببلد تسوده المساواة الكاملة بين الرجال والنساء سوى 19 في المائة. هذه النتائج تدفعنا للتساؤل عن حقيقة بعض المظاهر التي نراها في مجتمعنا، خاصة الاقتحام الكبير للنساء للمجالات السياسية والاقتصادية، وغزوهن لقطاعات واسعة كانت من قبل حكرا على الرجال، والدور الذي لعبته المدرسة في قيادة النساء إلى عالم الشغل، فضلا عن تقبل العائلة الجزائرية لعمل المرأة. ولكن على ما يبدو فإن الدوافع الاقتصادية والضغوطات الأسرية لا يمكنها تكوين مجتمع متفتح وعصري ومقدر للمرأة طالما أن التغيير لا ينبع من العمق.
وإذا نظرنا إلى المعطيات الميدانية نجد أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي يدفع باتجاه الدفع بالمرأة نحو مشاركة أوسع في المجال العام، بينما يزداد انتشار الأفكار المحافظة والمعادية للنساء في المجتمع. ويزداد انتشار الفكر المعادي للمساواة، ما يضع المجتمع الجزائري في مرمى التناقض بين الواقع والفكر الاجتماعي الذي يزداد تراجعا و انغلاقا في ظل انهيار القيم الاجتماعية.
نتائج هذا الواقع المأزوم يتحملها، حسب الدراسة، القادة السياسيون ونخبة البلد التي فشلت في تسويق قيم الحداثة والديمقراطية كما فشلت في بناء اقتصاد قوي وإيجاد مؤسسات قوية محترمة تستند على سيادة القانون وليس نفوذ الأشخاص والأسماء، حيث تحولت الجزائر إلى بلد خارج القواعد والضوابط، إذ يعرف البلد حركة تراجع في كل المجالات مقابل ازدياد انتشار الأفكار المتطرفة والانغلاق.
سعيدة بن حبيلس، رئيسة جمعية المرأة الريفية:
عمل المرأة الريفية غير مثمن
ترى سعيدة بن حبيلس، رئيسة جمعية المرأة الريفية، أن هذا النوع من الدراسات عادة ما يطمس مجودات النساء الريفيات اللواتي يقدمن خدمات كبيرة، ليس فقط لعائلاتهن لكن أيضا للاقتصاد الوطني.
فحسب بن حبيلس أغلب المهن التي تقوم بها النساء الريفيات غير معترف بها ولا يتم إدراجها في إطار الثروة الوطنية، وهن اللواتي يسهمن بدرجة كبيرة في دعم بناتهن وأبنائهن في مشوار الحياة.. فكم من أم كانت سببا في تعليم بناتها وتخريج إطارات. وحسب بن حبيلس، فمثل هذه الدراسات لا تعبر عن وضع النساء الجزائريات، خاصة في الجزائر العميقة، لأن النساء الريفيات نموذج صحي وشجاع - حسبها - للنساء المتزوجات والناجحات في أسرهن وأعمالهن أيضا.
المرأة الناجحة خارج إطار الزواج غير معترف بها..
62 في المائة من نساء العاملات في الجزائر عازبات أو مطلقات
تقر الأرقام مقدمة من طرف مركز التوثيق والإعلام حول حقوق الطفل والمرأة، أن رقم 62 في المائة من النساء العاملات عازبات أو مطلقات، وهذا مقابل 30 في المائة من الرجال.
أرقام الدراسة تضعنا وجها لوجه أمام حقيقة اجتماعية تقر أن النجاح الوظيفي والمهني والعلمي للمرأة لا يعني شيئا خارج إطار العائلة، وأن لقب زوجة مهم جدا لأي جزائرية تريد أن تكون في عيون المجتمع ناجحة وخارج هذا المعيارتظل ناقصة ومتهمة.
في مقابل هذا لا يشكل الزواج في غالب الأحيان أي إضافة للمرأة، لأن الزواج في الجزائر على العكس يشكل في الغالب بالنسبة للمرأة بداية حياة جديدة ووظيفة بدوام كامل تكون خلالها المرأة مضطرة للعب أدوار عدة في وقت واحد فهي الأم والزوجة، تكون حياتها خلالها مليئة بالالتزامات والعوائق، التي معها يستحيل أن تكون لها حياة خاصة أو مهنية، فالمرأة عادة مكلفة بالذهاب لمرافقة ابنها إلى المدرسة ذهابا وإيابا ومراقبة تصرفاته في يومه كاملا، ويجب أن تكون متفرغة له في آخر اليوم لمراجعة الدروس ومراقبة سلوكه. فضلا عن هذا يجب على المرأة أن تعد الطعام وخاصة العشاء في وقته المحدد مهما كان يومها في العمل متعبا أومليئا بالالتزامات. لهذا فأغلب العاملات لا يستطعن التأخر إلى ما بعد العصر في العمل، وهذا ما يفسر كون نسبة المدراء والإطارات العليا المسيرة والمسئولة في أوساط النساء لا تتجاوز 9.6 في المائة، فالحياة الخاصة للنساء عادة تكون عائقا في وجه أي تطور أو صعود مهني. فالمجتمع الذي وجد نفسه مرغما على السماح للمرأة بالخروج للعمل تحت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي لم تعد تسمح للرجال وحدهم بتسيير البيوت اقتصاديا، نجده في المقابل يضع عوائق أخرى في وجه السيدات لا تسمح لهن بالطموح المهني، فالمرأة رغم اقتحامها وظائف جديدة لكن وظائفها التقليدية ما زالت حكرا عليها فقط، كما أن المجتمع لم يبتكر وسائل تساعد أو تدعم المرأة في مهامها مثلا اغلب النساء المتزوجات يعانين من قلة دور الحضانة والمرافق المؤهلة التي تسمح لهن بترك أبنائهن في أمان. أغلب النساء العاملات عليهن برمجة عطلهن ليس للراحة والسفر والاستجمام لكن من أجل المناسبات العائلية والتحضير لمختلف المناسبات مثل شهر رمضان و العيد وعطل الأبناء، وغيرها من الالتزامات والأعباء الاجتماعية التي تثقل كاهل المرأة وتحد من أي تطورأو ارتقاء وظيفي لها. ربما لهذا بقيت بعض الوظائف ممنوعة على النساء فنسبة العاملات مثلا في مجالات البيع و التسويق لا تتجاوز 6.3 في المائة، في الوقت الذي نجد أغلب الشركات تتجه إلى توظيف النساء في مجال جلب الإشهار واستعمال صور النساء في التسويق للسلع، لكن مع ذلك يبقى من الشائع جدا في الجزائر أن تطلب النصيحة من رجل لشراء الملابس الداخلية!. الدراسة بينت أن انتشار العزوبية وسط النساء العاملات في المناطق الحضارية أكثر من الريفية،وأن نسبة الأمية ترتفع، مثلا في مدن مثل الجلفة و غليزان، إلى 40 في المائة مقابل 15.7 في العاصمة.
لكن مع ذلك سجلت الجزائر تطورا في نسبة النساء المشاركات في المجلس الشعبي الوطني، وهي النسبة التي قفزت من 6 في المائة إلى 30 في المائة، كما صرنا نسجل يوما بعد آخر ارتفاعا في نسبة الأزواج الذين ينغمسون في الحياة المهنية، ويوما بعد آخر يزداد عدد الأزواج الذين يتقبلون عن طيب خاطر نجاح زوجاتهم.
45 بالمائة من الشبان ضد عمل المرأة و38 بالمائة ضد حضورها في الفضاء العام
19 بالمائة فقط يناصرون المساواة بين الجنسين
يسود الاعتقاد لدى قطاع واسع من الجزائريين أن سنوات الدم والدمار التي شهدتها الجزائر كان لها أثر كبير على تركيبة المجتمع وأفكاره، حيث يعتقد البعض أن المجتمع الجزائري تراجع كثيرا عن ما كان عليه في سبعينيات القرن الماضي، خاصة إذا تعلق الأمر بالحريات الفردية ومكانة المرأة.
لكن يبدو أن هذه النظرة صارت حقيقة أكثر منها اعتقادا، حيث أكدت دراسة منشورة مؤخرا من قبل مركز الإعلام والتوثيق حول حقوق الطفل والمرأة، أن نظرة الجزائريين تجاه مكان المرأة في المجتمع تراجعت بشكل ملحوظ بين سنتي 2000 و2008. كما أبرزت الدراسة أن الاتجاه العام للمجتمع يسير نحو الانغلاق حتى لو تعلق الأمر بالأجيال الجديدة من خريجي الجامعات، والتي تدفع إلى الانغلاق وليس إلى التفتح.
الدراسة أشارت إلى وجود ثلاثة من بين عشرة رجال فقط يبدون موافقتهم لعمل المرأة، وأن 45 في المائة من الشباب أبدوا موقفا معارضا لعمل المرأة وارتفعت نسبة الرجال المعادين لعمل المرأة وحضورها في الفضاء العام ما بين سنتي 200 و 2008 من 32 في المائة إلى 38 في المائة. وقد سجلت أكبر نسبة من هذه الفئات المعارضة في أوساط الشباب، ما يعني أن الاتجاه المحافظ والسير نحو الانغلاق سيواصل سيطرته على المجتمع خلال السنوات القادمة.
ربع نساء الجزائر ضد عمل المرأة
الشيء المثير الذي كشفت عنه الدراسة المنشورة من قبل المركز أن النساء أيضا يقفن ضد النساء ويرغبن في العودة إلى البيت، حيث أبرزت النتائج أن 25 في المائة من العينة المستجوبة تقف ضد عمل النساء، وهي النسبة التي لم تكن تتجاوز في سنة 2000 نسبة 18 في المائة، وهذا يعني أن ربع نساء الجزائر يناصرن تيار العودة إلى البيت وأن هذه النسبة مرشحة للارتفاع في غضون السنوات القادمة.
ورغم المكانة التي صارت الجزائريات يستحوذن عليها اليوم في المجال العام، لاسيما السياسي منه، إلا أن المجتمع في عمقه ما يزال رافضا لاقتحام النساء للمجال السياسي، الذي مايزال قرين الفساد والانحلال الخلقي. فقد أظهرت نتائج دراسة ”السيداف” أن 38 في المائة من المستجوبين يرفضون أي دور سياسي للمرأة. ولم تتجاوز نسبة الجزائريين الحالمين ببلد تسوده المساواة الكاملة بين الرجال والنساء سوى 19 في المائة. هذه النتائج تدفعنا للتساؤل عن حقيقة بعض المظاهر التي نراها في مجتمعنا، خاصة الاقتحام الكبير للنساء للمجالات السياسية والاقتصادية، وغزوهن لقطاعات واسعة كانت من قبل حكرا على الرجال، والدور الذي لعبته المدرسة في قيادة النساء إلى عالم الشغل، فضلا عن تقبل العائلة الجزائرية لعمل المرأة. ولكن على ما يبدو فإن الدوافع الاقتصادية والضغوطات الأسرية لا يمكنها تكوين مجتمع متفتح وعصري ومقدر للمرأة طالما أن التغيير لا ينبع من العمق.
وإذا نظرنا إلى المعطيات الميدانية نجد أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي يدفع باتجاه الدفع بالمرأة نحو مشاركة أوسع في المجال العام، بينما يزداد انتشار الأفكار المحافظة والمعادية للنساء في المجتمع. ويزداد انتشار الفكر المعادي للمساواة، ما يضع المجتمع الجزائري في مرمى التناقض بين الواقع والفكر الاجتماعي الذي يزداد تراجعا و انغلاقا في ظل انهيار القيم الاجتماعية.
نتائج هذا الواقع المأزوم يتحملها، حسب الدراسة، القادة السياسيون ونخبة البلد التي فشلت في تسويق قيم الحداثة والديمقراطية كما فشلت في بناء اقتصاد قوي وإيجاد مؤسسات قوية محترمة تستند على سيادة القانون وليس نفوذ الأشخاص والأسماء، حيث تحولت الجزائر إلى بلد خارج القواعد والضوابط، إذ يعرف البلد حركة تراجع في كل المجالات مقابل ازدياد انتشار الأفكار المتطرفة والانغلاق.
سعيدة بن حبيلس، رئيسة جمعية المرأة الريفية:
عمل المرأة الريفية غير مثمن
ترى سعيدة بن حبيلس، رئيسة جمعية المرأة الريفية، أن هذا النوع من الدراسات عادة ما يطمس مجودات النساء الريفيات اللواتي يقدمن خدمات كبيرة، ليس فقط لعائلاتهن لكن أيضا للاقتصاد الوطني.
فحسب بن حبيلس أغلب المهن التي تقوم بها النساء الريفيات غير معترف بها ولا يتم إدراجها في إطار الثروة الوطنية، وهن اللواتي يسهمن بدرجة كبيرة في دعم بناتهن وأبنائهن في مشوار الحياة.. فكم من أم كانت سببا في تعليم بناتها وتخريج إطارات. وحسب بن حبيلس، فمثل هذه الدراسات لا تعبر عن وضع النساء الجزائريات، خاصة في الجزائر العميقة، لأن النساء الريفيات نموذج صحي وشجاع - حسبها - للنساء المتزوجات والناجحات في أسرهن وأعمالهن أيضا.
المرأة الناجحة خارج إطار الزواج غير معترف بها..
62 في المائة من نساء العاملات في الجزائر عازبات أو مطلقات
تقر الأرقام مقدمة من طرف مركز التوثيق والإعلام حول حقوق الطفل والمرأة، أن رقم 62 في المائة من النساء العاملات عازبات أو مطلقات، وهذا مقابل 30 في المائة من الرجال.
أرقام الدراسة تضعنا وجها لوجه أمام حقيقة اجتماعية تقر أن النجاح الوظيفي والمهني والعلمي للمرأة لا يعني شيئا خارج إطار العائلة، وأن لقب زوجة مهم جدا لأي جزائرية تريد أن تكون في عيون المجتمع ناجحة وخارج هذا المعيارتظل ناقصة ومتهمة.
في مقابل هذا لا يشكل الزواج في غالب الأحيان أي إضافة للمرأة، لأن الزواج في الجزائر على العكس يشكل في الغالب بالنسبة للمرأة بداية حياة جديدة ووظيفة بدوام كامل تكون خلالها المرأة مضطرة للعب أدوار عدة في وقت واحد فهي الأم والزوجة، تكون حياتها خلالها مليئة بالالتزامات والعوائق، التي معها يستحيل أن تكون لها حياة خاصة أو مهنية، فالمرأة عادة مكلفة بالذهاب لمرافقة ابنها إلى المدرسة ذهابا وإيابا ومراقبة تصرفاته في يومه كاملا، ويجب أن تكون متفرغة له في آخر اليوم لمراجعة الدروس ومراقبة سلوكه. فضلا عن هذا يجب على المرأة أن تعد الطعام وخاصة العشاء في وقته المحدد مهما كان يومها في العمل متعبا أومليئا بالالتزامات. لهذا فأغلب العاملات لا يستطعن التأخر إلى ما بعد العصر في العمل، وهذا ما يفسر كون نسبة المدراء والإطارات العليا المسيرة والمسئولة في أوساط النساء لا تتجاوز 9.6 في المائة، فالحياة الخاصة للنساء عادة تكون عائقا في وجه أي تطور أو صعود مهني. فالمجتمع الذي وجد نفسه مرغما على السماح للمرأة بالخروج للعمل تحت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي لم تعد تسمح للرجال وحدهم بتسيير البيوت اقتصاديا، نجده في المقابل يضع عوائق أخرى في وجه السيدات لا تسمح لهن بالطموح المهني، فالمرأة رغم اقتحامها وظائف جديدة لكن وظائفها التقليدية ما زالت حكرا عليها فقط، كما أن المجتمع لم يبتكر وسائل تساعد أو تدعم المرأة في مهامها مثلا اغلب النساء المتزوجات يعانين من قلة دور الحضانة والمرافق المؤهلة التي تسمح لهن بترك أبنائهن في أمان. أغلب النساء العاملات عليهن برمجة عطلهن ليس للراحة والسفر والاستجمام لكن من أجل المناسبات العائلية والتحضير لمختلف المناسبات مثل شهر رمضان و العيد وعطل الأبناء، وغيرها من الالتزامات والأعباء الاجتماعية التي تثقل كاهل المرأة وتحد من أي تطورأو ارتقاء وظيفي لها. ربما لهذا بقيت بعض الوظائف ممنوعة على النساء فنسبة العاملات مثلا في مجالات البيع و التسويق لا تتجاوز 6.3 في المائة، في الوقت الذي نجد أغلب الشركات تتجه إلى توظيف النساء في مجال جلب الإشهار واستعمال صور النساء في التسويق للسلع، لكن مع ذلك يبقى من الشائع جدا في الجزائر أن تطلب النصيحة من رجل لشراء الملابس الداخلية!. الدراسة بينت أن انتشار العزوبية وسط النساء العاملات في المناطق الحضارية أكثر من الريفية،وأن نسبة الأمية ترتفع، مثلا في مدن مثل الجلفة و غليزان، إلى 40 في المائة مقابل 15.7 في العاصمة.
لكن مع ذلك سجلت الجزائر تطورا في نسبة النساء المشاركات في المجلس الشعبي الوطني، وهي النسبة التي قفزت من 6 في المائة إلى 30 في المائة، كما صرنا نسجل يوما بعد آخر ارتفاعا في نسبة الأزواج الذين ينغمسون في الحياة المهنية، ويوما بعد آخر يزداد عدد الأزواج الذين يتقبلون عن طيب خاطر نجاح زوجاتهم.