الهاملي الشريف
2013-09-14, 17:38
ينتشر هذا الذباب البشري في المكاتب والدواوين والإدارات حيث يكون المديرون والرؤساء والمفتشون والووزراء والولاة الخ.. ويزعم هذا الذباب أنّه يؤدّي الواجب ويتعاون مع سادته ومخدوميه على مصلحة العمل وهذا من المعاني المحمودة ولكنّه لثام يشفّ على ما تحته من الملق والنّفاق والذلّ وإرضاء المخلوق على حساب الخالق والتماس العزّة ممّن لا يستطيع أن يمنح العزّة " أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَهِ جَمِيعا ". والقيام بدور الحاشية والبطانة التي يكون عملها الأوّل التصفيق والإعجاب دون شرط أو قيد لكلّ ما يصدر عن سادتهم، ويعرض هذا الذباب على الحشد الكبير من رؤسائه الخدمات وقضاء أوقات الفراغ فإن لم يستطع أن يُرضي كلّ هؤلاء وأن يقوم بدور المحسوب المحظوظ عندهم لتعارض الأهواء والرغبات وتناحر الميول اكتفى بواحد أو اثنين. والهدف اصطياد المآرب والمنافع والأغراض الدنيا والتقاط المصالح التي يعلم بها قبل سواه من عامة الزملاء والموظفين، والامتياز أحد هذه المزايا المعروفة سلفا لأنّ الواحد منهم يطّلع على التقارير السرية الشهرية والسنوية، وربّما كان هو الذي كتبها بيده بمقتضى العون المبذول والثقة المتبادلة، أو يحصل على كلّ مكافأة تشجيعية أو غير تشجيعيةأو يظفر بأخفّ شيء في العمل ويبتعد عن مراكز المشقّة والثقل أو يذهب لمأمورية أو سفرة ظاهرها قضاء العمل وباطنها السياحة والنزهة وفيها بدل السفر بقرة حلوب. أمّا المسكين الذي لا يعرف إلا عمله الأصلي ولا يعرف من أين تؤكل الكتف ولا يقطر لسانه عسلا، ولو أراد أن يمثّل دور هؤلاء فإنّ طبيعته تخذله فهم لا يجاملونه في النقير ولا في القطمير ولا يُعطونه الامتياز ولا يُرقونه ولولا أنّ العلاوات والدرجات المالية تغلب عليها صبغة الأقدمية لانفتح باب كبير من الشرّ والفتنة. وعلى رأسه وحده تقع مشقات العمل وهو أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام.. والله ليضيق الصدر بهؤلاء المتهافتين على المكاتب والدواوين والإدارات دون أن يكونوا من اهلها كما يتهافت الذباب على العمل وكثيرا ما جنت هذه الصِلات المريبة على مصلحة العمل، وإن كانوا يدّعون غير ذلك ويحتكرون تفسير هذه المصلحة بأهوائهم وأغراضهم قبل عقولهم.. الله المستعان.