المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تاريخنا في الميزان


اشمان لمين
2013-09-12, 07:16
تاريخنا في الميزان
مقدمة
عندما نذكر كلمة تاريخ تقفز إلى الذهن أفكار محددة سواء سلبية أو إيجابية .
وعندما يكون اسم البرنامج تاريخنا فواضح اننا نقصد التاريخ الإسلامي الخاص بالأمة التي اختارها الله لحمل الرسالة الخاتمة.
والعجيب أن الصورة الذهنية للتاريخ لدينا تفتقد في أغلب الأحيان للنظرة الوسطية في التاريخ
فتاريخنا ينقسم بين فريقين :
الفريق الأول يرى تاريخنا قرآننا يمشي على الأرض ولا يتجاوز:
ـ الخلافة الراشدة والفتوحات العظيمة ومعركة القادسية واليرموك.
ـ الخلفاء العظام عمر بن عبد العزيز و محمد الفاتح وعبد الرحمن الداخل وصلاح الدين وقطز.
ـ ومعارك خالدة كحطين و عين جالوت وملاذ كرد .
ـ وحضارة غير مسبوقة بابن تيمية والزهراوي وابن رشد والغزالي.
ويختصر التاريخ بين صرختين تعبران عن العزة والفخر : وامعتصماه و واإسلاماه !!
الفريق الثاني يرى تاريخنا يفيض بالدماء والسيوف والاستبداد والظلم ولا يتجاوز :
ـ فتن وحروب داخلية و حكومات مستبدة وملوك طوائف وولاة وخونة .
ـ وقصور ومؤامرات و دسائس وعلماء سلاطين وتنافس على الدنيا.
ـ وطوائف متصارعة سنة وشيعة وخوارج ومعتزلة وباطنية وزنادقة وحشاشين ومنافقين وحركات هدامة.
ـ ومجالس أنس وشراب ولهو وجواري ورقص وخمر ومجون وفواحش وسقوط.
ويختصر هذا الفريق التاريخ بين مدينتين بغداد التي احرقها المغول والقدس التي احتلها الصليبيون!!
واعتبرنا إعادة الرؤية الوسطية للتاريخ سببا هاما من أسباب هذا البرنامج لكنه ليس السبب الوحيد

الحقيقة أن الاهتمام بتقييم مناهج النظر بالتاريخ ليس جديدا ، وهناك مطالبات عديدة بإعادة كتابة التاريخ .
والقرآن الكريم يحثنا على هذه المهمة قال تعالى : {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ } آل عمران:137 .
الجديد في هذا البرنامج يمكن أن ندركه من الاسم وهو تاريخنا في الميزان ، و بهذا الميزان يمكن أن تحقق خماسية الموازين التالية:
أولا: الموازنة بين الواقع والخرافة
أو بين الصحيح من أحداث التاريخ والموضوع أو المفترى الذي لا أصل له.
وهذا يستدعي أن نخصص بعض حلقات البرنامج للحديث عن بعض الأخطاء التي وقع بها المؤرخون وكذلك أخطاء في كتابة التاريخ وتحليله.
خاصة وأن تاريخنا العظيم شهد حركة توثيق هامة وعلوم مرتبطة به مثل حركة جمع الحديث النبوي الشريف و علم الجرح والتعديل وتدقيق السند والمتن.
كما شهد للأسف حجم تزوير كبير ووضع لكثير من الحوادث المختلقة التي لا أصل لها بسبب محاولة كل طائفة وفريق توفير براهين وأدلة تسند مذهبهم الديني ومنهجهم الفكري في مواجهة التيار الكبير والأساسي في الأمة وهو اهل السنة الجماعة .
وسنخصص أيضا بعض حلقات البرنامج لإبراز الأهداف التي تكمن خلف تشويه التاريخ والوسائل التي تم بها هذا التشويه.
ولكن هذا لا يعني أن التاريخ لم يمر به أحداث حقيقية لكنها تكاد لمثاليتها المفرطة قد لا تصدق وكأنها ضرب من الخيال .
من ذلك أن ابنةً لعمر بن عبد العزيز بعثت إليه بلؤلؤةٍ وقالت له: إن رأيت أن تبعث لي بأختٍ لها، حتى أجعلها في أذني فلم يردَّ عليها بالإجابةِ ولا بالرفض، وإنما الأمر مرتبطٌ بصبرها على الجمر؛ إذ أرسل لها بجمرتين، وقال لها: إن استطعتِ أن تجعلي هاتين الجمرتين في إذنيكِ بعثت إليك بأختٍ لها، فكان جوابًا مقنعًا لها.
أو عندما شهد الفضل بن الربيع وزير الخليفة هارون الرشيد في عز الأمة وسيادتها عند عند أبي يوسف القاضي، فرد شهادته فعاتبه الخليفة هارون الرشيد، قال له:يا أبا يوسف لمَ رددت شهادة الوزير؟قال يا أمير المؤمنين سمعته يقول لك : أنا عبدك فإن كان صادقاً في هذا الكلام فلا شهادة للعبد، وإن كان كاذباً فلا شهادة لكاذب!!
ثانيا: الموازنة بين الماضي والمستقبل
هناك من يعيش على أحلام وأمجاد الماضي وكلما ذكرت انجازات الدول المتقدمة وابتكاراتها المادية هرولنا لكتب التاريخ لنستحضر ما قدم علماؤنا في الحضارة من ابتكارات واختراعات كانت هي الأساس لكثير من المكتشفات الحديثة.
هذا الأسر النفسي والفكري للماضي يحجب عنا المستقبل وسبل تلمس الطريق لإنقاذ أمتنا من واقعها المتخلف.
فالأصل أن نوازن بين تاريخنا العظيم وحاضرنا ومستقبلنا من خلال معرفة واستخلاص دروس وعبر الماضي من اجل تراكم معرفي من التجارب ينير الطريق للنهضة القادمة.
ثالثا : الموازنة بين الأصول والفروع
فعندما نريد ان نتعرف على تاريخنا نلجأ إلى كتب الفروع من التاريخ ونهمل كتب الأصول وذلك لأسباب كثيرة منها:
ـ استرسال كتب الأصول في الروايات الطويلة.
ـ لغة كتب الأصول التي تحتاج لتركيز وفك لبعض معاني كلماتها.
ـ تأثير طول السند على ملل وانصراف القارئ .
ـ ضعف أدوات تحقيق الروايات والترجيح بينها.
ـ بينما كتب الفروع تمتاز بسلاسة التصنيف التقسيم وبلغة معاصرة سهلة وفهارس تفصيلية وحسن عرض .
لكن هذا لا يعني إهمال كتب الأصول ففيها مزايا كثيرة منها:
ـ أنها الأقرب زمنيا وربما مكانيا للحدث التاريخي.
ـ حفظ سلسلة الرواة مما يمكن في المستقبل من نقدها وتقييمها.
ـ عدم تلون تلك الكتب بالمنهاج المادية المعاصرة ومحاولة إسقاط تلك التوجهات على تحليل التاريخ.
ـ موسوعية المؤلفين وقوة الذاكرة ودقة النقل.
ـ ومن المهم كذلك الحديث في هذا البرنامج عن جناية الأدب على التاريخ خاصة مع اعتماد الكثير من المؤلفين المعاصرين على كتب الأدب بدلا من كتب التاريخ في مصادر معلوماتهم مما أوجد نتائج مجافية للحقيقة بناء على روايات كتب الأدب التي تطفح بالقصص الموضوعة التي لا أصل لها وتناقض كتب التاريخ.
رابعا : الموازنة بين العاطفة والعقل
فهناك خلط شديد بين حبنا لأمتنا وتاريخها وبين إعمال العقل في النصوص التاريخية ونقدها وفق المنهج العلمي السليم.
فالعاطفة تسوقنا لنسجل كل الفضائل مع ما فيها من مبالغات لشخصيات ورموز نحبها ونخفي كل عيوب تلك الشخصيات والتي ممكن أن تكون عيوب عادية ومقبولة مثل وجود حدة أو غضب أو ضعف البيان والكلام مثلا.
والعكس صحيح حيث العاطفة تجعلنا نلصق كل منقصة وعيب بالشخصيات التي نكرهها فنبالغ في صورتها السيئة ونلصق بها نقائص تحولها إلى شخصية شيطانية خالصة.
وهذا الأمر ينطبق على العصر الجاهلي الذي لم يقدم بتوازن على حقيقته ولم تبرز صفات ومهارات العرب التي جعلت الله يختارهم للقيام برسالة الإسلام الخاتمة للبشرية ولذلك سنخصص حلقات لهذا الموضوع الهام.
خامسا : الموازنة بين المثالية والواقعية
فهناك من لا يفرق بين القيم الإسلامية والنصوص الشرعية التي جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة وبين تطبيقات هذه القيم وفهم المسلمين للنصوص وإنزالها على أرض الواقع.
ويعتبر أي طعن في التاريخ الإسلامي إنما هو طعن في الإسلام نفسه وهذا فهم خطير ومغلوط .
ولذلك تعرضنا في الكثير من حلقات البرنامج لبعض القضايا التي تناثرت بين كتب التاريخ مثل المال العام وبطانة السوء ودور العلماء العاملين وقضية العدالة في تقييم الناس.
أهدافنا الأساسية من هذه الموازنات هي:
ـ إزالة غبار الأوهام عن صفحات العز والمجد.
ـ كشف الخلل المنهجي في تناول التاريخ وكتابته والوعي بالذات الحضارية.
ـ تبشير الشباب والطليعة المبادرة بقدرة هذه الأمة على الانبعاث من جديد من خلال شواهد التاريخ .
ـ تقديم الوسطية المنهجية في تناول التاريخ بعيدا عن ثنائية المقدس و المدنس.
ـ تقديم ثروة من القدوات والشخصيات الإسلامية التي تشع من ثنايا التاريخ وأحداثه الفاصلة.
ـ مقاومة كل تشويه لتاريخ الأمة يريد النيل من همم السواعد الناهضة نحو القمة.

وهنا يجب التأكيد أن آثار التاريخ على واقعنا كبيرة وخطيرة فجزء من اختلاف الأمة اليوم إنما مرجعه للروايات التاريخية في اختلاف السابقين وتحليلنا لتلك الاختلافات ورؤيتنا لها.
وسنشهد في الحلقات القادمة من البرنامج الكثير من هذه الأهداف والتوجهات للبرنامج الذي حرصنا على أن يكون الشكل الفني له لا يقل جودة عن المحتوى الموضوعي الذي اخترنا مواضيعها من بين عشرات المواضيع ومئات الوقائع التاريخية.
وقد قسمنا حلقات البرنامج في خماسيات موضوعية سوف تشمل :
ـ خماسية القواعد التأسيسية
ـ خماسية تقويم التاريخ
ـ خماسية من الجاهلية إلى الإسلام
ـ خماسية قضايا التاريخ
ـ خماسية النخبة من الأمراء والعلماء
ـ خماسية التاريخ والأدب
وحتى نحافظ على مفهوم الموازين الذي ذكرنها في بداية الحلقات سنختم كل حلقة بإذن الله بميزان مختار يعبر عن هدف الحلقة وموضوعها.
ميزان الحلقة
لا يمكن فهم الحاضر وتوقع المستقبل دون معرفة التاريخ فهو فلسفة تشرحها أحداثه وسننه

ملخص للحلقة اﻷولى لفضيلة الشيخ والدكتور "طارق السويدان" حفظه الله

اشمان لمين
2013-09-12, 07:52
ملخص حلقة قواعد فهم التاريخ اﻹسلامي

قواعد فهم التاريخ الإسلامي
ما هي قواعد التي تعيننا على فهم التاريخ الإسلامي ؟
وهل للعقيدة دور أو أثر في صناعة الأحداث وتوجيهها ؟
وما هو الميزان المناسب لقياس عظمة الدول؟
وهل روايات المؤرخين مقدسة ؟
وكيف كان العطاء الحضاري في أوج الصراع الاموي العباسي؟
وكيف نجحت محاولات تنحية الشريعة ؟
ولماذا قال المعتمد بن عباد : رعي الجمال خير من رعي الخنازير؟!
المصادر للتاريخ:
1.القرآن والسنة
هما المصدر الصحيح والمرجع الموثق في التاريخ وأي تعارض مع مصدر آخر لا يعتد به.
القرآن ليس كتاب تاريخ ولكنه يورد الوقائع التاريخية لأهداف أخلاقية وعقائدية( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ..}
القرآن يتعامل مع التاريخ بمستويات مختلفة فهناك القصص التاريخي وهو يهم المؤرخين ، وهناك السنن التاريخية وهي تهم المفكرين ، وهناك الجانب الحضاري وهو يهم علماء الاجتماع.
2.التاريخ ليس السياسة فقط:
بل هو أدب وشعر وثقافة وفكر وإبداع وابتكار فالتاريخ ليس كتابا لتدوين أخبار الساسة والحروب والمؤامرات بل شاهد صادق على حركة الشعوب كما هو راصد أمين لحركة الأنظمة والحكام.
ولم تكن الاضطرابات السياسية تحول دون تطور الحركة العلمية وإسهامات الفكر الإسلامي ومثال ذلك الفترة التي شهدت أوج الصراع الأموي العباسي حيث لو رصدنا شخصيات الحضارة الإسلامية من غير السياسيين والعلماء والقادة لوجدنا أسماء هامة ففي سنة سقوط الخلافة الأموية في عام 132 هـ كانت أعمار العلماء كالتالي
ـ أبو حنيفة النعمان صاحب المدرسة الفقهية العظيمة 53 سنة.
ـ والإمام جعفر الصادق العابد الفقيه 52 سنة.
ـ والإمام مالك بن أنس فقيه المدينة المنورة وصاحب الموطأ 39 سنة.
ـ والفقيه العالم الليث بن سعد 38 سنة.
ـ واللغوي المبدع الخليل بن أحمد الفراهيدي 34 سنة .
ـ واللغوي ابن المقفع 27 سنة .
فكانت هذه الأسماء وغيرها خير دليل على وجود حركة علمية لا تتأثر بالصراع السياسي .
3.روايات المؤرخين غير مقدسة
فكثير من الروايات جائت منكرة وضعيفة ولا يأخذ بها
4.المنهج العلمي في التوثيق:
فمن المهم وصف وتوثيق الأحداث بعيدا عن أي مؤثرات اخرى كما حصل مع ابن الأثير الذي منعه حزن على مصير بغداد على يد التتار من الامتناع عن توثيق الحدث كمؤرخ موضوعي فقال ابن الأثير رحمه الله في كتابه الكامل في التاريخ تحت عنوان : ذكر خروج التتر إلى بلاد الإسلام : لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة استعظاماً لها كارهاً لذكرها فأنا أقدم إليه رجلاً و أؤخر أخرى ، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام و المسلمين ، ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك ، فياليت أمي لم تلدني ، و يا ليتني مت قبل هذا و كنت نسياً.
أثر الإسلام
1.العقيدة المحرك الأساسي للأحداث
على عكس بقية الأمم تاريخ الإسلام كان ترجمة لحركة القيام بتبليغ الأمانة ونشر الدعوة الإسلامية ولم تكن لدوافع مادية
وهناك سنة قرآنية وهو ربط النصر بالعقيدة القوية قال تعالى :( إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ). [محمد: 7].
2.الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع
فكانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع في المجتمع الإسلامي وحتى سقوط الدولة العثمانية.
واختلاف درجات المحافظة والالتزام بالدين لا يعني أن الشريعة لم تكن سائدة في بعض فترات الضعف والاضطراب
فمن محاولات تنحية الشريعه
• حدث مرة واحدة أن حاول أعداء الإسلام أن يغيروا قانون المسلمين في ديار الإسلام، ذلكم عندما اجتاحت جحافل التتار ديار المسلمين، وقضت على مركز الخلافة في بغداد سنة 656هـ، وكان التتار يتحاكمون إلى قانون سموه بـ(الياسق)، كما يذكر ذلك المقريزي و ابن كثير ، وهو قانون كانوا يتحاكمون إليه، وقد نقل ابن كثير في كتابه البداية والنهاية جملة من أحكام ذلك القانون، وهو قانون ظالم أخذه هولاكو من اليهودية والنصرانية والإسلام وما تبدى له من آراء. وحاول أن يفرض ذلك القانون على الأمة الإسلامية فما وجد عندها قبولاً، ولم يمض فترة طويلة من الزمان حتى داس التتار قانونهم بأرجلهم، وأخذوا شريعة الإسلام، وتغيرت وثنيتهم ليصبحوا جنداً من جند الإسلام، فالذين جاءوا ليحكموا بالياسق رفضوه، وإذا بدين المغلوبين يغلبهم ويأسرهم، وإذا بهم يتحولون إلى جيوش جرارة تقاتل لحساب الإسلام.
• وفي العصر الحديث، بدأت محاولات تنحية الشريعة في سنة 1798 - 1799م، عندما اجتاحت جيوش نابليون بونابرت مصر، وأراد أن يمكن للفرنسيين في دار الإسلام. لكن الصراع مع البريطانييين لم يسمح بإكمال المخطط..
• وفي سنة 1867م كانت هناك مفاوضات تجري بين مصر، وبين الدول الكبرى حول مشاكل القضاء في مصر بسبب تدخل قناصل الدول الكبرى فيما يجري من أحكام تخص رعاياهم، ثم كانت النتيجة: أن اتفقت تلك الدول مع مصر على إنشاء المحاكم المختلطة، وكلف نوبار باشا وزير خارجية مصر وكان نصرانيا كلف محامياً فرنسياً بأن يضع له قانوناً للمحاكم المختلطة، فنقل القانون الفرنسي الذي وضع في سنة 1804م من قبل نابليون ليحكم به فرنسا، وفي سنة 1883 نقل قانون المحاكم المختلطة إلى ما سمي بالمحاكم النظامية التي حكمت مصر من ذلك اليوم وإلى يومنا هذا، وقام ضدها علماء المسلمين، وصرخ معهم الناس، ولكن كانت بريطانيا قد دخلت بعد أن واجهها عرابي واحتلت مصر في (سنة 1882)، وأقرت تلك القوانين. وأخذت تنحصر وتضيق الأحكام الشرعية على الأحوال الشخصية الزواج، والطلاق، والميراث.
3. الإسلام وحد القوميات
في كتاب جورج سارتون(Introduction to the History of Science ) ذكر أنه منذ سنة 750 م إلى سنة 1100 م، وعلى مدار 350 سنة، كان معظم العلماء البارزين في العالم من العالم الإسلامي : جابر بن حيان، والخوارزمي، والرازي، والمسعودي، وأبو الوفاء، والبيروني، وعمر الخيام، كانوا مسلمين، عربًا وأتراكًا وأفغانًا وفرسًا، نبغوا في علوم الكيمياء والرياضة والطب والجغرافيا والطبيعة والفلك. وفي سنة 1100 م، ولمدة 250 سنة أخرى، ابتدأ اشتراك الأوروبيين مع علماء العالم الإسلامي، أمثال ابن رشد، والطوسي، وابن النفيس، وفي تلك الفترة قامت النهضة الأوروبية الحديثة التي بدأت بترجمة علوم العالم الإسلامي ودراستها والإضافة إليها، حتى يومنا هذا.
التفاعل الحضاري
1.التاريخ السياسي ليس هو الحضارة
فالتاريخ السياسي جزء صغير جدا من الحضارة
والحضارة لأمة في حقبة : هي منهجها الفكري المتشكل في إنتاجها المادي و المعنوي.
فالإنتاج المادي والمعنوي يتجاوز حروب الساسة وشكل السلطة وتاريخ رموزها
2.المسلمون منفتحون حضاريا
فمن خصائص الثقافة الإسلامية أنها ثقافة عالمية إنسانية تقوم على التسامح والتنوع والوسطية.
ومن بداية الدعوة كان الإسلام منفتحا على الثقافات الأخرى ومنها اقتراح الصحابة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ خاتما من فضة يختم به كتبه ورسائله كما تفعل الملوك حيث كانوا لا يقبلون كتابا بلا ختم.
ولا أدل على انفتاح المسلمين الحضارية من حركة الترجمة حيث بدأت في الخلافة العباسية أكبر حركة ترجمة في التاريخ الإنساني كله من شتي لغات أهل الأرض لأمهات الكتب العلمية والفلسفية المعاصرة .
3.عظمة الدول تقاس بالشرع.
فهناك خلط كبير بين العمران المادي وبين تحقيق التقدم الحضاري.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك رسالة خاتمة وقيم عالمية تصلح للبشرية لم يترك مباني عالية أو قصور مبهرة.
وكان المسجد النبوي في غاية البساطة ، وكان فيه صفَّة يأوي إليها الفقراء والمساكين ممن لا دار لهم ولا مال ولا يجدون ما يعملون به فيكتسبون، وكان بناء المسجد يتكون من حيطان من اللبن والطين، ، وجعل سقفه من جريد النخل، وعمده من جذوعه، وفرشت أرضه من الرمال والحصباء، وجعلت له ثلاثة أبواب وحدث تغيير في عمارة المسجد حيث تم تحويل القبلة في العام الثاني من الهجرة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام.
وهذا لا بمنع من إقامة عمران حضاري فاخر ومتقدم لكن لا يكون على حساب الحاجات الأساسية للشعب وهي الحاجات المادية من مسكن وعمل وصحة وتعليم وبيئة نظيفة وآمنة والحاجات القيمية مثل حرية الفكر والتعبير واحترام ذاته وفكره.
4.تاريخ الأمة مترابط:
العصور التاريخية تعني تغيير النظام السياسي لا تغيير المجتمع والأمة.
عندما قوي أمر ألفونس السادس بالأندلس بعد استيلائه على طليطلة في سنة 478 بعد حصارٍ شديد، ‏
لم يعد يقبل ضريبة المعتمد، وكانت ملوك الطّوائف يؤدون إليه ضريبة،
وأرسل إليه يتهدّده ويقول: تنزل عن الحصون التي بيدك،
فضرب المعتمد الرسول، وقتل من كان معه،
فبلغ ألفونس السادس الخبر وهو متوجّهٌ لحصار قرطبة،
فرجع إلى ‏طليطلة لأخذ آلات الحصار،
فلما سمع مشايخ الإسلام ما حدث اجتمعوا واجتمع رأيهم عليه أن يكتبوا إلى يوسف بن تاشفين صاحب مراكش يستنجدونه،
فاخبر القاضي عبيد الله بن محمد بن أدهم المعتمد بما جرى، فوافقهم،
فلما رأت ملوك الطوائف ما عزم عليه المعتمد، خافوا سوء عاقبة ذلك،
وقالوا له: الملك عقيم، والسيفان لا يجتمعان في غمدٍ واحدٍ!
فأجابهم ابن عباد بكلمته السائرة مثلاً: رعي الجمال خير من رعي الخنازير!
أي أن كونه أسيرا لابن تاشفين يرعى جماله في الصحراء، خير من كونه أسيرا لابن فرناند، أسيراً يرعى خنازيره في قشتالة؛ وقال لمن لامه: يا قوم أنا من أمري على حالتين، حالة يقين وحالة شكٍ، ولا بد لي من إحداهما؛
أما حالة الشك فإني إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى ابن فرناند ففي الممكن أن يفيا لي ويبقيا علي، ويمكن ألا يفعلا؛ فهذه حالة الشك.
وأما حالة اليقين، فهي أني إن استندت إلى ابن تاشفين فأنا أرضي الله، وإن استندت إلى ابن فرذلند أسخطت الله، فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما يرضى الله وآتي ما يسخطه!
ميزان الحلقة
كلما تعرفنا على تاريخنا أكثر كلما زاد اعتزازنا به وتمكنا من استلهامه في واقعنا المعاصر

والحمد لله رب العالمين

اشمان لمين
2013-09-12, 07:54
ملخص حلقة "قوانين القرآن التاريخية"

قوانين القرآن التاريخية
هل قدم لنا القرآن قوانين تاريخية تساعدنا على فهم حركة التاريخ ؟
وما سر تفرق القصص القرآني في سور القرآن الكريم ؟
وما هي قوانين التمكين والانحسار القرآنية ؟
لماذا تكررت محاولات اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وما سر انهزام المسلمين في معركة بلاط الشهداء؟
ولماذا صمدت غرناطة قرنين ونصف من الزمان تحت حكم بني الأحمر في وجه المد الإسباني؟
وكيف ساهم قناو نسوء العاقبة في ثورات الربيع العربي؟

المقدمة
المتأمل في القرآن الكريم سيجد أنه قد تضمن الكثير من القصص والأحداث التاريخية ، وعلاوة على ذلك تضمن على سنن وقوانين لفهم التاريخ وحركته.
القصص القرآني غير معني بعرض القصة كاملة في موضع واحد من القرآن بل قد يعرض مواقف وجوانب من القصة في سور متفرقة ليركز على العبر والدروس حسب موقعها من القصة وتفسيرها الموضوعي وليس لمجرد سرد للقصة ولذلك نجد مثلا أن قصة سيدنا موسى في العديد من السور القرآنية مثل سور البقرة والمائدة و الأعراف ويونس وإبراهيم والشعراء والقصص وليست محصورة في موقع واحد
كما تجد الكثير من القصص القرآني لم يذكر أسماء شخوص القصة لأن الأهم هو الفكرة والعبرة وليس الأسماء
وقد دفعنا القرآن إلى تأمل هذه السنن وكشفها ودراستها والبحث عنها،
قال تعالى: " (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (آل عمران:137)

القواعد العامة للقوانين القرآنية:
‌أ.الربانية:
هذه السنن قوانين ربانية وليست حتمية أي تتحقق بإرادة الله قال تعالى : {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }الأعراف : 128
ولا يوجد مكان للصدفة قال تعالى :( وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) ( الفرقان :2)
وأوضح مثال على ذلك فشل كل محاولات اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم سواء من قريش أو اليهود أو المنافقين لأن الله قدر أن يتم رسالته ولو كره الكافرون،
‌ب.الثبات :
قال تعالى : ( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً ) فاطر: 43
فهي قوانين لا تتغير بل تتكرر كلما توفرت أسبابها ودواعيها هي لا تخص زمن ولا أمة ولا مكان محدد.
وما جرى في غزوة أحد عندما خالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم ونزلوا من الجبل لجمع الغنائم فالتف عليهم خالد بن الوليد وانكشف المسلمون ،تكرر في معركة بلاط الشهداء ،
فبعد أن التقى الجيشان الفرنجي والإسلامي في منطقة قرب مدينتي بواتييه في عام 114 هـ (أي بعد غزوة أحد بأكثر من قرن) ودارت بينهما معركة ضارية لمدة ثلاثة أيام, , انتصر فيها العرب أول الأمر وجمعوا غنائم كثيرة,
لكن دوق أكيتانيا هاجم مؤخرة الجيش الإسلامي حيث توجد الغنائم, فتراجع البعض لانقاذها,
فاختل توازن المسلمين وانهزموا واستشهد عبد الرحمن, وعدد كبير من رجاله, وانسحب الجيش الإسلامي أثناء الليل,
وبذلك توقفت الفتوحات الإسلامية في أوروبا الغربية.
ج.الحيادية:
قال تعالى:﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً﴾ سورة النساء:123.
هذه السنن حيادية لا تحابي أحداً دون أحد ، بل هي قائمة بالجميع أيا كان معتقده أو عرقه. ففكرة محاباة هذه القوانين لشعب الله المختار غير صحيحة
ولنوضح حيادية تلك السنن في قصة النهاية لغرناطة
فقد صمدت غرناطة قرنين ونصف من الزمان تحت حكم بني الأحمر في وجه المد الإسباني ، لأسباب كثيرة أهمها :
1.انحياز معظم الجنود المسلمين الأشداء الذين فروا من المدن الأندلسية التي سقطت في أيدي النصارى، وهبوا للدفاع عنها.
2.كان مؤسس دولة بني الأحمر محمد بن يوسف حازمًا عادلاً سخيًا، وهي صفات حببته إلى الناس، وجعلتهم يلتفون حوله.
3.موقع غرناطة الحصين بين الجبال وساحل البحر.
4. استطاع ابن الأحمر، بمعاونة العلماء أن يستخرج المعادن لزيادة موارد الدولة المالية ـ الزراعية والتجارية ـ وتنفيذ مشروعات حضارية طموحة مثل تشييد المدارس.
5. المساعدات العسكرية التي كانت تتلقاها غرناطة من أصدقائها أمراء بني مرين بالمغرب.
•وفي المقابل فلننظر إلى أسباب سقوط غرناطة بعد هذا المجد والصمود :
1. توالى على عرش دولة بني الأحمر بعد محمد الخامس سلسلة من ملوك بني الأحمر لم تكن لهم همة وقوة أسلافهم، فانغمسوا في الترف وغفلوا عن العدو المتربص بهم.
2. سقطت دولة بني مرين بالمغرب، فانقطع العون العسكري الذي كانت تمد به بني الأحمر.
3. وأيضا اتحدت مملكتا أراغون وقشتالة النصرانيتان، حين تزوج فرديناند ملك أراغون من إيزابلا ملكة قشتالة.
4. الخلاف بين المسلمين. فعندما عاد أبو عبدالله الصغير من الأسر مرغمًا على مساعدة الأعداء، شن على أبيه الحرب، وما لبث أن مات الوالد همًا وكمدًا ، بعد أن تنازل عن العرش لأخيه أبي عبدالله الزغل، آخر ملوك غرناطة العظام. فنازعه ابن أخيه في الملك، فشتت قوى الدولة في صراعات داخلية. فزحف الأسبان على غرناطة. وحاصروها إلى أن استسلمت.

قوانين التغيير
‌أ.لكل أمة أجل:
قال تعالى:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }الأعراف:34
فقامت الدولة الأموية وسقطت وقامت بعدها العباسية وسقطت وأثناء الدولة العباسية ظهرت الكثير من الدول مثل العبيدية والطولونية والمرابطون والموحدون والدولة الإخشيدية و الدولة الحمدانية والدولة الأيوبية وغيرهم وقامت بعدهم العثمانية وأيضا سقطت .
ومع ثورات الربيع العربي نجد كثير من الحكومات سقطت بعد أن ظن أهلها أنهم قادرون عليها لدرجة تزوير نظام الحكم من جمهوري إلى وراثي ولأجل غير مسمى.
‌ب.التداول :
قال الله تعالى: "{ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ }آل عمران140. فلا يدوم السؤدد لأمة واحدة، إنما من سنة التاريخ أن تسود أمة ثم تسود أخرى على أنقاضها وهكذا، فما من أمة إلا ولها أجل.
الامبراطوريات العظمى والدول الكبرى والأمم العريقة كان لها يوم ثم دالت الأيام عليها. الامبراطورية الرومانية الحضارة البابلية الفرعونية الأمة الساسانية امبراطورية الاسكندر، وكورش وهكذا دواليك.
‌ج.الجهد البشري:
قال تعالى:( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }الرعد:11
فالقرآن بسننه يؤكد ذلك ، ، قال تعالى : {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً }مريم :25 وقال سبحانه: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء :63
عدم الفعل والركود والانتظار تشكل في ثقافتنا الاسلامية عبر القرون الماضية لأسباب عديدة،
تتضح وتتجلى ببعض أدعيتنا فنحن مثلاً ندعو "اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين" حيث لا فعل لنا سوى الجلوس براحة والتفرج على حال الظالمين وهم يهلكون أنفسهم، ننتظر أن تنزل إرادة الله فتنقذنا من واقعنا.

قوانين الإنحسار
أ. سوء العاقبة
قال تعالى : {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ }النمل69
والذي يذكر كيف علق القذافي المشانق لشباب ليبيا الطاهر على مدى يزيد على 40 سنة ، حيث كانت تتدلى جثثهم في أيام رمضان عند وقت الفطر ، ثم يؤتى بأمهاتهم وأخواتهم لإعلان التبرؤ منهم ، ويجبرن على الزغاريد ، ومن نفس الكأس يشرب جلادهم بعد أكثر من 42 سنة من القبضة الحديدية ، وسرقة المال العام وتبديده وتضخم الأنا وجنون العظمة دون أن يكون لسلطته محاسب أو مراقب يمكنه ردعه عند الطغيان ، فشاهدت أمم العالم سوء عاقبته ونهايته على أجهزة الفضائيات.
‌ب.الفساد الأخلاقي:
قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }الإسراء16
جاء رسول إلى الخليفة عمر بن الخطاب من إحدى الغزوات فبشرة بالنصر،
فسأله عمر : متى بدأ القتال ؟ فقال: قبل الضحى
فقال عمر : ومتى انتهى؟ فقال الرجل : قبل المغرب،
فبكى سيدنا عمر، فقالوا : يأمير المؤمنين نبشرك بالنصر فتبكى!!
فقال : والله أن الباطل لا يصمد أمام الحق طوال هذا الوقت الإ بذنب أذنبتموه أنتم أو أذنبتة أنا
‌ج. الظلم والطغيان
قال تعالى:(قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } الأنعام:135
العدل مبدأ مقدس في القرآن الكريم لبقاء الدول والحضارات، قال تعالى قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ }هود117

قوانين التمكين
أ.الابتلاء والتمحيص
قال تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }البقرة :214
سأل رجل الشافعي رحمه الله فقال: يا أبا عبد الله، أيُّما أفضل للرجل: أن يمكن أوأن يبتلى؟
فقال الشافعي : لا يمكَّن حتى يبتلى، فإن الله ابتلى نوحاً، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمداً صلوات الله وسلامه عليهم، فلما صبروا مكنهم، فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة.
ب. التدافع:
قال الله عز وجل: "ولولا دفع اللهِ الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا" [الحج:17] في هذه الآية يبين الله أن سنة التدافع هي الكفيلة ببقاء الثقافات والحضارات وتنوعها -أشار إلى هذا التنوع بقوله صوامع وبيع وصلوات ومساجد- وهو الكفيل ببقاء واستمرار عجلة التاريخ.
•والسؤال لماذا سنة التدافع كفيلة ببقاء وصلاح الأرض؟ هذا القانون هو الذي يجعل حضارة ما دائما في تطور وتجدد إذ أنها ترى حضارة أخرى تقدمت عليها في جانب معين فتحاول هي أن تحاكيها وتتفوق عليها، وكذا الحضارات الأخرى على نفس الحال، أما الحضارة التي تنكفء على نفسها ولا تتدافع مع الأخريات فتموت موتاً ذاتياً، إذ تفقد القدرة على التطور والنقد والبناء لعدم وجود دافع ومحرك لها.
‌ج. نصر الله للمؤمنين:
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد : 7
وقال سبحانه : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }الروم :47
روي أن نور الدين جلس لسماع شئ من الحديث،
فمر أثناء الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج متقلداً سيفاً، فاستفاد نور الدين رحمه الله أمراً لم يكن يعرفه،
وقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقلد السيف!!" يشير إلى التعجب من عادة الجند إذ هم على خلاف ذلك لأنهم يربطونه بأوساطهم،
فلما كان من الغد مرّ تحت القلعة والناس مجتمعون ينتظرون ركوب السلطان، فوقفنا ننظر إليه، فخرج من القلعة وهو متقلد السيف و جميع عسكره كذلك،
و يعلق ابن قاضي شهبة على هذه الحادثة فيقول: "رحم الله هذا الملك الذي لم يفرط في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الحالة. بل لما بلغته رجع بنفسه ورد جنده عن عوائدهم اتباعاً لما بلغه عن نبيه صلى الله عليه سلم فما الظن بغير ذلك من السنن

ميزان الحلقة
قال ابن مسعود: "من أراد علم الأولين والآخرين فليُثوِّر القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين" .
وتثوير القرآن معناه التفكير العميق في معانيه.

kkarimm
2013-09-14, 20:45
بارك الله فيك

اشمان لمين
2013-09-14, 21:00
بارك الله فيك

وفيك بارك الله اخي كريم

نانا نور
2013-09-16, 00:27
الله يجزيك بخير ياأخي الكريم لك مني اجمل تحية

اشمان لمين
2013-09-16, 10:48
الله يجزيك بخير ياأخي الكريم لك مني اجمل تحية

حياك الله أختي الفاضة الله يوفقنا لخير المسألة

Sofiane-dz
2013-11-15, 16:24
بارك الله فيك على الموضوع الرائع