المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من كانَ يُريدُ الحياةَ الدّنيا و زينتها ...


علي الجزائري
2013-09-07, 23:10
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيّئات أعمالنا
من يهد الله فلا مضلّ له من يضلل الله فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله ..

أمّا بعد :
فقد قال الإمام العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

سُورَةُ هُودٍ
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْكَافِرَ يُجَازَى بِحَسَنَاتِهِ كَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَقِرَى الضَّيْفِ
وَالتَّنْفِيسِ عَنِ الْمَكْرُوبِ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا يَعْنِي
الْحَيَاةَ الدُّنْيَا؛ ثُمَّ نَصَّ عَلَى بُطْلَانِهَا فِي الْآخِرَةِ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ
وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا الْآيَةَ [11 \ 16] .
وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ
الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا الْآيَةَ [42 \ 20] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ
طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا الْآيَةَ [46 \ 20] .
وَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ وَقَوْلُهُ: وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ [24 \ 39] ، عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ،
وَقَوْلُهُ: وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [8 \ 33] ، عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الْمَاضِيَةِ فِي سُورَةِ
" الْأَنْفَالِ " وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْكَافِرَ يُجَازَى بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا مَعَ أَنَّهُ
جَاءَتْ آيَاتٌ أُخَرُ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ عَمَلِ الْكَافِرِ وَاضْمِحْلَالِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَفِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ
بِبُطْلَانِهِ فِي الدُّنْيَا مَعَ الْآخِرَةِ فِي كُفْرِ الرِّدَّةِ وَفِي غَيْرِهِ.

أَمَّا الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى بُطْلَانِهِ مِنْ أَصْلِهِ فَكَقَوْلِهِ:
أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ [14 \ 18] ،
وَكَقَوْلِهِ: أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ الْآيَةَ [24 \ 39] ،
وَقَوْلِهِ: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [25 \ 23] .

وَأَمَّا الْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى بُطْلَانِهِ فِي الدُّنْيَا مَعَ الْآخِرَةِ فَكَقَوْلِهِ فِي كُفْرِ الْمُرْتَدِّ:
وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [2 \ 217] ،
وَكَقَوْلِهِ فِي كُفْرِ غَيْرِ الْمُرْتَدِّ: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ - إِلَى قَوْلِهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [3 \ 22] ،
وَبَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آيَاتٍ أُخَرَ أَنَّ الْإِنْعَامَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا لَيْسَ لِلْإِكْرَامِ بَلْ لِلِاسْتِدْرَاجِ وَالْإِهْلَاكِ
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [7 \ 182 - 183] ،
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا
إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [3 \ 178]
وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا
أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ [6 \ 44] ،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ [23 - 56] ،
وَقَوْلِهِ: قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا [19] ،
وَقَوْلِهِ: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً - إِلَى قَوْلِهِ - وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [43 33 - 35] ،
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.


وَالْجَوَابُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: وَيَظْهَرُ لِي صَوَابُهُ لِدَلَالَةِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ، أَنَّ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ يُثِيبُهُ اللَّهُ بِعَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا
كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ وَصَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُثِيبُهُ فِي الدُّنْيَا كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ أُخَرُ،
وَهَذَا مُشَاهَدٌ فِيهِمْ فِي الدُّنْيَا.
فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي عَيْشٍ رَغْدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِي بُؤْسٍ وَضِيقٍ.
وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ تَعَالَى أَشَارَ إِلَيْهِ بِالتَّخْصِيصِ بِالْمَشِيئَةِ فِي قَوْلِهِ:
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ [17 \ 18] .
فَهِيَ مُخَصِّصَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ [11 \ 15] ،
وَعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا [42 \ 20] .
وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لَهُمَا الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ فِي الْكَلَامِ
عَلَى قَوْلِ الْبُخَارِيِّ: " بَابُ الْمُكْثِرُونَ هُمُ الْمُقِلُّونَ "،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا الْآيَتَيْنِ.
وَيَدُلَّ لِهَذَا التَّخْصِيصِ قَوْلُهُ فِي بَعْضِ الْكُفَّارِ: خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [22 \ 11] .
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى حَمْلِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.


الثَّانِي: وَهُوَ وَجِيهٌ أَيْضًا، أَنَّ الْكَافِرَ يُثَابُ عَنْ عَمَلِهِ بِالصِّحَّةِ وَسَعَةِ الرِّزْقِ وَالْأَوْلَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
كَمَا صَرَّحَ بِهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا يَعْنِي الدُّنْيَا، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ وَبِظَاهِرِهَا الْمُتَبَادِرِ مِنْهَا كَمَا ذَكَرْنَا.
فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ ابْنُ جَرِيرٍ،
وَعَلَى هَذَا فَبُطْلَانُ أَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِمَعْنَى أَنَّهَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا شَرْعًا فِي عِصْمَةِ دَمٍ
وَلَا مِيرَاثٍ وَلَا نِكَاحٍ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا تُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَلَا تَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [35 \ 10] ، وَلَا تُدَّخَرُ لَهُمْ
فِي الْأَعْمَالِ النَّافِعَةِ وَلَا تَكُونُ فِي كِتَابِ الْأَبْرَارِ فِي عِلِّيِّينَ، وَكَفَى بِهَذَا بُطْلَانًا.
أَمَّا مُطْلَقُ النَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ بِهَا فَهُوَ عِنْدُ اللَّهِ كَلَا شَيْءٍ، فَلَا يُنَافِي بُطْلَانَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ [3 \ 185] .
وَقَوْلِهِ: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [29 \ 64] .
وَقَوْلِهِ: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً - إِلَى قَوْلِهِ - لِلْمُتَّقِينَ [43 33 - 35] ،
وَالْآيَاتُ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ.
وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ: لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى مِنْهَا كَافِرًا
شَرْبَةَ مَاءٍ. ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً الْآيَاتِ.
ثُمَّ قَالَ: أَسْنَدَهُ الْبَغَوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بْنِ مَنْظُورٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ عَدَلَتِ الدُّنْيَا عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا أَعْطَى كَافِرًا مِنْهَا شَيْئًا.
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: لَا يَخْفَى أَنَّ مُرَادَ الْحَافِظِ ابْنِ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ أَنَّ كِلْتَا
الطَّرِيقَتَيْنِ ضَعِيفَةٌ إِلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَعْتَضِدُ بِالْأُخْرَى فَيَصْلُحُ الْمَجْمُوعُ لِلِاحْتِجَاجِ كَمَا
تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ الطُّرُقَ الضَّعِيفَةَ الْمُعْتَبَرَ بِهَا يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا فَتَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ.
لَا تُخَاصِمْ بِوَاحِدٍ أَهْلَ بَيْتٍ ... فَضَعِيفَانِ يَغْلِبَانِ قَوِيًّا
لِأَنَّ زَكَرِيَّا بْنَ مَنْظُورِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْقُرَظِيَّ وَزَمَعَةَ بْنَ صَالِحٍ الْجَنَدِيَّ كِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا رَوَى مُسْلِمٌ
عَنْ زَمْعَةَ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ لَا مُسْتَقِلًّا بِالرِّوَايَةِ كَمَا بَيَّنَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّقْرِيبِ.


الثَّالِثُ: أَنَّ مَعْنَى نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ أَيْ نُعْطِيهِمُ الْغَرَضَ الَّذِي عَمِلُوا مِنْ أَجْلِهِ فِي الدُّنْيَا،
كَالَّذِي قَاتَلَ لِيُقَالَ جَرِيءٌ، وَالَّذِي قَرَأَ لِيُقَالَ قَارِئٌ، وَالَّذِي تَصَدَّقَ لِيُقَالَ جَوَّادٌ، فَقَدْ قِيلَ
لَهُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِتَوْفِيَتِهِمْ أَعْمَالَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.
وَيَدُلُّ لَهُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فِي الْمُجَاهِدِ وَالْقَارِئِ وَالْمُتَصَدِّقِ أَنَّهُ يُقَالُ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: إِنَّمَا عَمِلْتَ لِيُقَالَ، فَقَدْ قِيلَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُطَوَّلًا وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ كَمَا
قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَدِ اسْتَشْهَدَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِصِحَّةِ حَدِيثِ
أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُوَ تَفْسِيرٌ مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
لِهَذِهِ الْآيَةِ بِمَا يَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ الثَّالِثِ.


الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِلْجِهَادِ لَا يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ
الْغَنَائِمَ فَإِنَّهُمْ يُقْسَمُ لَهُمْ فِيهَا فِي الدُّنْيَا وَلَا حَظَّ لَهُمْ مِنْ جِهَادِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَالْقَسْمُ لَهُمْ
مِنْهَا هُوَ تَوْفِيَتُهُمْ أَعْمَالَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

(( انتهى من كتابه : دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب )) ..

أسماء 1996
2013-10-21, 13:10
جزاك الله خيييييييييييييييييييييييييييييراااااااااااااااا :)

كمال يحيى18
2013-10-21, 13:42
جزاك الله عنا خير الجزاء

ام وائل فخر الدين
2013-10-21, 14:37
^^ جزاك الله خيرا ^^

imagineshopping
2013-10-21, 16:22
بارك الله فيك على الموضوع

علي الجزائري
2013-10-21, 17:12
جزاك الله خيييييييييييييييييييييييييييييراااااااااااااااا :)

آمين و إيّاك..

amar2013
2013-10-21, 17:33
شكرا لك اخي بارك الله فيك

ب.علي
2013-10-21, 22:40
بارك الله فيك

تاييد
2015-02-28, 15:20
جزاكم الله خيرا ونفع بكم

abdelhalim22
2015-02-28, 17:13
بارك الله فيك

علي الجزائري
2015-09-02, 22:05
بارك الله فيك
و فيك بارك الله ..

♥' سندس الفردوس ♥"
2015-09-03, 15:07
بارك الله فيك

rami med nadjib
2015-09-03, 15:18
موضوع ممتاز بارك الله فيك

hdi.
2015-09-04, 14:42
بارك الله فيك

علي الجزائري
2015-09-04, 15:03
موضوع ممتاز بارك الله فيك

و فيك بارك الله ..
و رحم العلامة محمد الأمين رحمة واسعة !!

adel bachiri
2015-09-04, 15:21
بارك الله فيك

علي الجزائري
2016-01-24, 23:08
بارك الله فيك

و فيك بارك الله ...

على المنهج
2016-01-25, 10:18
بارك الله فيك والله ديننا دين رحمة اللهم ثبت قلوبنا على الاسلام واختم لنا بالصالحات