المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حيزية


ثائرة الجبال
2009-05-29, 21:45
في ذكرى وفاة حيزية الفتاة الجزائرية التي أحبت ابن عمها سعيد
وتزوجته وفي الليلة الأربعين من زواجها ماتت وتركت سعيد هائما
على وجهه في الصحراء إلى أن مات وقد خلد حبهما بقصيدة رائعة
أحببتها منذ نعومة أظافري تصف حبا عذريا ونهاية حزينة .....
أهدي هذه الهمسات ...


وقف ، أدار عنقه بالاتجاهات الأربعة ، كان المساء يزحف شرسا :
- آه ، يا المسكين ، وحدك وتبقى وحدك !
أمامه الحائط في هذا الظلام المخيف ، يراه أسود قائما كأنما هو
تنين فاغر فمه يريد ابتلاعه ...
والسقف فوقه ، يخيل إليه أنه نازل على أم رأسه كأنه نيزك ملتهب
انفصل عن الأجرام السماوية :
- آه ، أيها المسكون بالحسرة ، طول حياتك وأنت وحدك !
يثقل جسمه ، ويحس أن رجليه تغوصان في أرض متحركة ، كأنما
هو زلزال مهول جذبه باتجاه هوة لاقرار لها :
- تعالي ... ياحشرجة الروح ومخاض الألم !
ارتفعت يداه لاشعوريا ، كانت الأعصاب مشدودة ، أحاط بهما رأسه
وأغمض عينيه دوخة أحسها قنبلة تفجر رأسه نصفين ، ضغط على
صدغيه بشدة ، ازداد الضغط ، تمايل ، فقد توازنه ويسقط ...
ارتطم الجسم حجارة على البلاط فأحدث ضجة غريبة في سكون
الحجرة ...
كان الظلام شرسا يحفر في نخاعه الشوكي أنفاقا وأخاديد ...
القمر تخلص بعنف من غيمة كثيفة السواد كانت تقبل صفحة وجهه
اعتصابا ومضت سكرى ، فتسلل نورها عبر زجاج النافذة إلى
الحجرة ، احتوى المكان ، كان جسمه مكورا ، تداخلت الركبتان
في البطن واتصلت ساقاه بالفخذين ، ويداه متباعدتان ، مسافرتان
والأصابع مفتوحة تبحث عن شيء قد فر منها فجأة ودون سابق إنذار ...
الأشعة الصباحية الفاترة تسربت إلى فضاء الحجرة وتوزعت شبكاتها
الضوئية فوق الجسد المكور الملقى على البلاط ...
ينتفض مرتعشا ، تسرع يداه إلى عينيه والراحتان تحميانهما ، وتوقف
زحف هذه الأشعة الصباحية التي ملأت القزحية ...
نزع يديه وعادت الرؤية طبيعية ، وجد نفسه ملقى على البلاط
متدثرا بالعرق ، أحس البرودة تصاعد من أخمص قدميه حتى ذؤابة
الأنف ، تحرك متحاملا على يديه ، كان مرهقا ، وقف ، تطاول جسمه
وتحركت خطواته واتجه نحو الحمام معتمدا على حائط الرواق ...
حين وضع رأسه تحت المرش تداعى الإرهاق والتعب والألم مختلطا
بالماء الفاتر ، أحس بالنبض يعود إلى حرارته وزخمه ...
رفع رأسه ، فتح عينيه ، ثم أغلقهما ، مسح الرموش وأعاد فتح عينيه
والضياء استقر فيهما ، خيل إليه أنه لم يكن وحيدا ، تساءل بصوت
مرتفع :
- منذ متى كنت وحيدا ؟؟؟
كانت واقفة أمامه بقامتها السامقة ، يداها تحملان المنشفة
كأنها نورس ينقر على أصابعها ، تقدمت منه ، وضعت المنشفة
فوق رأسه وطفقت تمسح شعره ، وتقبض على قطرات الماء
الهاربة فوق عنقه ، وقتها تسربت الفرحة عبر كل مساحات جسمه
وهاجرت إلى قلبه النشوة طيورا بلون قوس قزح ، وكل حواسه
تخاصمت على الفوز بابتسامتها واشتركت أخيرا في حملها عروسا
متوجة إلى أعماقه ... تتوهج عيناه بألق أرجواني ويهمس :
- ابتسامتك لم أرها البارحة ، لماذا تركتني وغادرت القلب ؟!
تزداد اقترابا وتهمس :
- عدت لأخبرك بأنك الهواء وأني بدونك أختنق !
فجأة رن جرس الباب ، فكأنه صفعة توقظه من حلم لن يتحقق
وتذكر أنه وحيد وسيبقى ....
الأحلام تبقى أحلاما ...

مارس
2009-05-29, 21:47
http://img257.imageshack.us/img257/6602/p1zl5.jpg

الصديق عثمان
2009-05-29, 21:59
شكرا لك أختنا ثائرة الجبال على هذه الورقة الفنية ، كأنك تعودت أن تزيدي شوقنا إليك بهدية ثمينة يكون بعدها غياب طويل نحسب وقته ساعة ساعة ويوما يوما .......... وأخاف أن يرن منبه ما بعد أن أكتب هذا الرد فيكون حضورك اليوم ليس إلا حلما.... أخاف

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=138561

ثائرة الجبال
2009-05-29, 22:07
شكرا لك أختنا ثائرة الجبال على هذه الورقة الفنية ، كأنك تعودت أن تزيدي شوقنا إليك بهدية ثمينة يكون بعدها غياب طويل نحسب وقته ساعة ساعة ويوما يوما .......... وأخاف أن يرن منبه ما بعد أن أكتب هذا الرد فيكون حضورك اليوم ليس إلا حلما.... أخاف

http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=138561

لقد جعلتني أدمع لأني لم أعتقد أبدا أن هناك من سيتذكرني هنا في منتديات الجلفة ....من أعماق قلبي شكرا سيدي الصديق عثمان

ثائرة الجبال
2009-05-29, 22:08
http://img257.imageshack.us/img257/6602/p1zl5.jpg

شكرا للقصيدة الرائعة سيدي ..وشكرا لمرورك المتميز

الصديق عثمان
2009-05-29, 22:17
لقد جعلتني أدمع لأني لم أعتقد أبدا أن هناك من سيتذكرني هنا في منتديات الجلفة ....من أعماق قلبي شكرا سيدي الصديق عثمان

بل نتذكرك كثيرا يا أختي وليس هذا إلا لأنك متميزة وإن كنا صرحنا مرة بافتقادك فلطالما افتقدناك وكتمنا .. أرجو أن يكون المانع خيرا ، كما أرجو منك أن لا تقطعي زيارتك عنا ..... زر غبا تزدد حبا

أريج الغار
2009-05-30, 18:39
ثورتك في النثر و البلاغة و لا أي ثورة و عاصفة وجدانك تطيح بالعقل من خلال عيون خاشعة في كلماتك..

ثائرة الجبال
2009-05-31, 15:34
ثورتك في النثر و البلاغة و لا أي ثورة و عاصفة وجدانك تطيح بالعقل من خلال عيون خاشعة في كلماتك..

قد تكون ثورة الكلمات واعتصام الحروف ودموع الحركات وأنين اللحظات كا ما أستطيع تقديمه لكم
شكرا لبلاغتك فثورتك تضاهي ثورة الكلمات ...وسعيدة بمرورك سيدي الكريم

رضا 111
2009-06-02, 15:51
شكرا الامة الجزائرية لها عمق في التاريخ

الخاطر
2009-06-03, 20:22
حقيقة ،جميل جدا ما كتبت،نحن غي امس الحاجة لمثل هذا الابداع.شكرا ،شكرا،شكرا .

عبد القادر76
2009-06-12, 20:10
سيدتي... هل تعلمين أن حيزية لم تكن ثائرة بأي حال ...أظن أن على الأنثى في مجتمعنا من أجل أن تتنفس عليها أن تكون ثائرة فمبالك بالكتابة و الابداع،عموما نصك ليس سيء و ان تكتبي فهذا شيء رائع ، دمت رائعة و أتمن النجاح

ثائرة الجبال
2009-07-31, 10:33
شكرا الامة الجزائرية لها عمق في التاريخ

صدقت لنا تاريخ عريق ولانعرف منه إلا القليل القليل ...شكرا لمرورك

ثائرة الجبال
2009-07-31, 16:34
حقيقة ،جميل جدا ما كتبت،نحن غي امس الحاجة لمثل هذا الابداع.شكرا ،شكرا،شكرا .

بل أنا من عليها شكرك سيدي لكلماتك المشجعة ... شكرا لك

ثائرة الجبال
2009-07-31, 16:35
سيدتي... هل تعلمين أن حيزية لم تكن ثائرة بأي حال ...أظن أن على الأنثى في مجتمعنا من أجل أن تتنفس عليها أن تكون ثائرة فمبالك بالكتابة و الابداع،عموما نصك ليس سيء و ان تكتبي فهذا شيء رائع ، دمت رائعة و أتمن النجاح

شكرا لصراحتك

يوسُف سُلطان
2009-08-01, 10:49
مررت على الهمسات ....وها انا ارحل بصمت ..
والله تعودت وانا اقرا النصوص والخواطر هنا ....ان اغوض في الفاظها والعبارات ...وابحث الاسلوب وآلات الربط والجر ...منقبا ..فاحصا ...باغيا ذلك الصيد المتخفي الذي اعتدت ان اعود به ....والذي يجعلني اقف مفتخرا بهامة الناقد الناصح ...ولو بهواية ...بغير احترافية ....
ولكني عدت خاوي الجراب ......من غير صيد اليوم ...عندما اهزم ....فانا اعترف ...وفي اعترافي استعد لرد الجميل
على طريقة الكبار ما قرات يا سيدتي ....فتهانينا لك بقلم يحسن العبث بوعينا
تحية ...وسلام

ثائرة الجبال
2009-08-02, 18:37
مررت على الهمسات ....وها انا ارحل بصمت ..
والله تعودت وانا اقرا النصوص والخواطر هنا ....ان اغوض في الفاظها والعبارات ...وابحث الاسلوب وآلات الربط والجر ...منقبا ..فاحصا ...باغيا ذلك الصيد المتخفي الذي اعتدت ان اعود به ....والذي يجعلني اقف مفتخرا بهامة الناقد الناصح ...ولو بهواية ...بغير احترافية ....
ولكني عدت خاوي الجراب ......من غير صيد اليوم ...عندما اهزم ....فانا اعترف ...وفي اعترافي استعد لرد الجميل
على طريقة الكبار ما قرات يا سيدتي ....فتهانينا لك بقلم يحسن العبث بوعينا
تحية ...وسلام

اعترافك دليل على أنك سيدي ناقد من الطراز الأول ... وحقيقة سعدت بتقييمك لخاطرتي لكن ما أسعدني أكثر أني استمتعت بقراءة كلماتك ... وأتمنى أنك غيرت رأيك بثائرة فرغم قوتها وشجاعتها فهي أيضا تملك قلبا ... تقبل امتناني وعرفاني بكلماتك سيدي