تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام مالك رضي الله عنه و كتابه الموطأ


وردة بجاية
2009-05-27, 18:30
بـــسم الله الرحمــــن الرحيـــم

توطئة:
الحمد لله رب العالمين, و الصلاة و السلام على سيد المرسلين, سيدنا محمد و على آله و أصحابه و التابعين, و من اهتدى بهديهم من العلماء و العلمين.
أما بعد: فإن سنة النبي صلى الله عليه و سلم: من قوله أو فعله أو تقريره حجة تعبدنا الله بالعمل بها, بإجماع المسلمين, و هي شارحة لدستور الأمة و قرآن الله الكريم: تبين معناه, و توضح مشكلة, و تفسر مجمله, و تخصص عمومه, و تقيد مطلقه. فهي الثانية في الحجية بعد القرآن الكريم ﴿ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾, وما كان عليه السلام ينطق في التشريع بهوى من نفسه, بل كان يجتهد فيما يجتهد فيه من الأحكام الشرعية و يقره الله ـ سبحانه ـ على الصواب منه, و يبين له وجه الخطأ فيما لم يصب فيه, و لذلك كان اجتهاده عليه السلام وحيا باطنا, و منزلا منزلة النص﴿و ما ينطق عن الهوى, إن هو إلا وحي يوحى﴾.و أوجب الله إتباع الرسول في اجتهاده, كما أوجب إتباعه فيما يبلغه عن ربه ﴿و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا﴾
و قد تولى الله تعالى حفظ كتابه بحفظ أحكامه, فحفظ السنة النبوية التي أكملت نصوص الكتاب: لتفسيرها و توضيحها تلك الأحكام القرآنية, فإن حفظ القرآن بحفظ أحكامه يستلزم حفظ السنة النبوية ﴿إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون﴾
و لذا قيض الله ـ سبحانه ـ للسنة رجالا يقومون بحفظها و روايتها و الذب عنها, و تنقيتها مما دس فيها أهل الأهواء و البدع. فحفظت في الصدور, و كتبت في الصحف, و ضبطت بالرواية و التلقين في المائة الأولى من الهجرة.
وفي أوائل المائة الثانية ابتدأ تدوينها, و فتش العلماء عن المرويات و أسانيدها, و نظروا في عللها, و نقدوا نقلتها, و اتسع القول في الجرح و التعديل, و لم يحظ علم من العلوم بالنظر و النقد و التحميص فيه, مثل علم الحديث و رواية السنة. و كان من أوائل المصنفين في النصف الأول من القرن الثاني: الإمام أبو عبد الله مالك ابن أنس الأصبحي, و لابد من ذكر شيء عن حياته, و علمه بالفقه و الحديث, كعجالة ينتفع بها من يكتفي بمثلها.

الإمام مالك صاحب الموطأ:
هو: إمام الأمة, فقيه الأمة, شيخ الإسلام, عالم المدينة, و أمير المؤمنين في الحديث )كما وصفه بذلك يحي بن معين(, هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو ابن الحارث بن غَيْمَان ابن خُثَيْل ابن عمرو بن الحارث, و هو أصبح, الأصبحي المدني
و أمه: قيل: اسمها العالية بنت شريك بن عبد الرحمن بن شريك الأسدية و قيل: اسمها طليحة: مولاة عبيد الله بن معمر.
ولد الإمام مالك بالمدينة سنة ثلاث و تسعين للهجري, و كانت المدينة المنورة مركز الخلافة بعد العصر النبوي, و أفق شمس المعارف الدينية, فانتشر بذلك النور في المعمورة, و هي و طن السبعة الفقهاء المشهورين من التابعين, أهل العلم و الفتوى, و لأهلها يروون السنة عن آبائهم و أجدادهم, خلفا عن سلف, و جيلا بعد جيل. و كانوا متوافرين فيها إلى عصر مالك, فورث مالك علم هؤلاء العلماء, و نشأ مجدا في التحصيل و الرواية, و أخذ العلم عن نحو من مائة شيخ, و قد تأول التابعون و أتباع التابعين في الإمام مالك: بأنه العالم الذي بشر به النبي صلى الله علية و سلم في الحديث : "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة". و قال أبو مصعب بأنه كان الناس يزدحمون على أبواب مالك, و يقتتلون عليه من الزحام: أي لطلب العلم.
كما أنه لم يجلس مالك للفتي و رواية الحديث حتى شهد له سبعون شيخا من كبار علماء الحجاز بأنه أهل لذلك.و لقد قال فيه حماد بن سلمة: لو قيل: اختر لأمة محمد صلى الله عليه و سلم إماما يأخذون عنه دينهم, لرأيت مالك لذلك موضعا, و رأيت ذلك صلاحا للأمة.
كما أن مالك كان لا يروي إلا عن الثقات.قال ابن عيينة: ما كان أشد انتقاد مالكا للرجال و أعلمه بشأنهم. و قال النسائي : أمناء الله على علم رسول الله صلى الله عليه و سلم: شعبة بن الحجاج و مالك بن أنس و يحي بن سعيد القطان
توفي رحمه الله يوم الأحد لعشر خلون من ربيع الأول سنة تسع و سبعين و مائة للهجري, دفن بالبقيع, و قبره بباب البقيع.

موطأ الإمام مالك:
الموطأ و هو كتاب مالك، أجل وأعظم نفعاً وأكثر تأثيرا من كل الكتب التي ألفت حتى ذلك الوقت، جمع الإمام كتابه في نحو من أربعين سنة. قيل: بأنه صنفه بطلب من أبي جعفر المنصور, لجأ إليه في موسم الحج (http://ar.wikipedia.org/wiki/الحج) طالبا منه تأليف كتاب في الفقه (http://ar.wikipedia.org/wiki/الفقه_الإسلامي) يجمع الشتات وينظم التأليف بمعايير علمية حدّدها له قائلا: "يا أبا عبد الله ضع الفقه ودوّن منه كتبا وتجنّب شدائد عبد الله بن عمر (http://ar.wikipedia.org/wiki/عبد_الله_بن_عمر)، ورخص عبد الله بن عباس (http://ar.wikipedia.org/wiki/عبد_الله_بن_عباس)، وشواذ عبد الله بن مسعود (http://ar.wikipedia.org/wiki/عبد_الله_بن_مسعود)، واقصد إلى أواسط الأمور، وما اجتمع إليه الأئمة والصحابة، و جعل هذا العلم علما واحدا, لتحمل الناس إن شاء الله على عملك، وكتبك، ونبثها في الأمصار ونعهد إليهم ألا يخالفوها". و قد طلب المنصور من الإمام مالك أن يجمع الناس على كتابه، فقال: "ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين أن تحمل الناس على قول رجل واحد يخطئ و يصيب, و إنما الحق من رسول الله صلى الله عليه وسلم، و قد تفرقت الصحابة في البلدان, و قلد أهل كل بلد من صار إليهم, فأقر أهل كل بلد على ما عندهم " وذلك من تمام علمه واتصافه بالإنصاف،.سمى الإمام مالك كتابه بالموطأ, و معناه الممهد, المنقح. و الموطأ من كتب الصحاح في السنة, و هو أول مصنف رتب على الأبواب من المصنفات الصحيحة,

محتويات الكتاب
وقد ضم الموطأ نحوا من (1843) حديثا وزعها الإمام مالك في الكتب والأبواب التي اجتهد في تصنيفها وقد بلغ عدد الكتب (61) كتابا وعدد الأبواب (803) أبواب، ومن عادة الإمام مالك في الغالب أن يذكر عقب تلك الأحاديث ما استنبطه منها من فقه، ولكن هناك ما يقرب من 100 باب خلت أصلا من أي حديث وإنما خصها الإمام مالك لفقهه

مكانة الموطأ:
كتاب الإمام مالك هو أجلّ كتب الحديث المتقدمة عليه وأعظمها نفعاً بلا شك، فيه الأحاديث الصحيحة المسندة، وإن كان الكتاب ليس بالكبير، فيه البلاغات والمنقطعات والمراسيل، ولا يستدرك على الإمام مالك في ذلك؛ لأنه يرى حجية المرسل، وهذه البلاغات وصلها ابن عبد البر (http://ar.wikipedia.org/wiki/ابن_عبد_البر) -رحمه الله- في التمهيد سوى أربعة أحاديث، كما هو معروف، اعتنى أهل العلم بالموطأ عناية فائقة لإمامة مؤلفه، ولعظم نفعه، ولاختصاره أيضاً يعني شرحه متيسر. من علوم الحديث للحافظ ابن كثير (http://ar.wikipedia.org/wiki/ابن_ÙƒØ) وكان الإمام مالك متحريا في الرواية منتقيا للرجال أحسن الانتقاء منتقدا للرجال أشد الانتقاد، لذلك جعله أهل الحديث آنذاك مصدرا حديثيا معتمدا عليه في الاحتجاج بأحاديثه من حيث الجملة - مع أن فيه المرسل (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9% 84&action=edit&redlink=1) والبلاغ - حتى ظهر صحيح الإمام البخاري (http://ar.wikipedia.org/wiki/صحيح_البخاري) الذي تقدم على الموطأ في الصحة وذلك لأن الإمام البخاري (http://ar.wikipedia.org/wiki/البخاري) جرد صلب الكتاب من البلاغات والمراسيل وإنما ذكرها في تراجم الأبواب على سبيل الاستشهاد بها لا أكثر، والمعول في كتابه على أحاديث الصلب لا التراجم. ومع تقدم صحيح البخاري في الصحة لم يفقد الموطأ تلك المكانة كمصدر من مصادر السنة المشهورة ذات المكانة المرموقة, و هذه بعض أقوال العلماء عن الموطأ :
قال الإمام الشافعي (http://ar.wikipedia.org/wiki/الشافعي): ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك، وفي رواية أكثر صوابا وفي رواية أنفع. و هذا القول قبل ظهور صحيح البخاري (http://ar.wikipedia.org/wiki/صحيح_البخاري).
قال البخاري (http://ar.wikipedia.org/wiki/البخاري) "أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع (http://ar.wikipedia.org/wiki/نافع) عن ابن عمر (http://ar.wikipedia.org/wiki/ابن_عمر)"، وكثيرا ما ورد هذا الإسناد في الموطأ (http://ar.wikipedia.org/wiki/الموطأ).
قال القاضي أبو بكر بن العربي (http://ar.wikipedia.org/wiki/القاضي_أبو_بكر_بن_العربي ) في شرح الترمذي (http://ar.wikipedia.org/wiki/الترمذي): الموطأ هو الأصل واللباب وكتاب البخاري (http://ar.wikipedia.org/wiki/البخاري) هو الأصل الثاني في هذا الباب، و عليهما بنى الجميع كمسلم (http://ar.wikipedia.org/wiki/مسلم) والترمذي (http://ar.wikipedia.org/wiki/الترمذي).

التعليقات على الموطأ
علقوا عليه كتباً جمة، ومن أجود ذلك كتابا: (التمهيد – والاستذكار) للشيخ أبي عمر بن عبد البر النَّمَري القرطبي -رحمه الله-، هذا مع ما فيه من الأحاديث المتصلة الصحيحة والمرسلة والمنقطعة والبلاغات اللاتي لا تكاد توجد مسندة إلا على ندور.كتابا (التمهيد والاستذكار) لابن عبد البر من أنفس ما كتب في شروح الأحاديث، والإمام ابن عبد البر -رحمه الله- مكث ثلاثين سنة في تأليف التمهيد، ولذا جاء على هذا الوضع المتقن المحرر، وهو يعتني في هذا الكتاب بالمعاني، معاني الأحاديث وأسانيدها والروايات، وكتابه الآخر (الاستذكار) وهو أيضاً من أجود ما كتب في فقه السنة، وعناية المؤلف فيه بالفقه، وأقوال فقهاء الأمصار، هناك شروح أخرى للموطأ جيدة ونفيسة، (المنتقى) للباجي (http://ar.wikipedia.org/wiki/الباجي)، (أوجز المسالك) للكندهلوي (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D8%AF%D9% 87%D9%84%D9%88%D9%8A&action=edit&redlink=1)، كتاب طيب مطبوع متداول، (تنوير الحوالك (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%B1_%D8 %A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%83&action=edit&redlink=1)) كتاب مختصر لالسيوطي (http://ar.wikipedia.org/wiki/السيوطي)، شرح الزرقاني شرح متوسط، وهناك شرح لولي الله الدهلوي اسمه (المسوى شرح الموطأ) وله شرح آخر اسمه (المصفى) لكنه بالفارسية، أما (المسوى) هو بالعربية كتاب نافع على اختصاره الشديد. من علوم الحديث للحافظ ابن كثير (http://ar.wikipedia.org/wiki/ابن_ÙƒØ).

مهندس التغيير
2009-05-28, 15:29
تربت يداك الأخت الفاضلة
نشكر إسهامك بنشر معلومات قيمة تخص علمائنا الأفاضل
بارك الله فيك

مكناسي
2009-05-29, 16:17
شكرا على الموضوع القيم.
فيما يروى عن الإمام مالك رحمه الله :
أنه كان إذا سجد وضع منديلا مكان سجوده ( تحت جبهته).
ولما سئل عن ذلك قال : أخاف أن يؤثر الحصى في جبهتي فيظن الناس أني من قوام الليل.

امير الجود
2009-06-16, 14:11
شكرا لك علي المعلومات القيمة بارك الله فيك
و جعلت ان شاء الله في ميزان حسناتك ان شاء الله

وردة بجاية
2009-06-17, 17:57
لا شكر على واجب . انا التي أشكركم على مروركم
هذا عبارة عن بحث قمت بإعداده
فما كان عليا سوى المشاركة به و مقسامته مع أعضاء المنتدى

قلم : داعية
2011-03-29, 12:15
السلام عليكم

جزاك الله خيرا

nina sima trsl
2012-03-29, 19:02
شكراعلى الموضوع

الفقيرة الى الله
2012-03-29, 19:13
جزاك الله خيرا اخيتي على قيمة ما قدمتي ..جعله الله في ميزان حساناتك

الحاج محمد سمية
2012-04-17, 18:12
بـــــــارك الله فيكم
شكـرا جزيلا و انشاء الله يوفيك على قدر ما افدت بالموضوع القيم