عبدو الصغير
2013-08-07, 10:29
السلام عليكم ورحمة الله
مد كنت صغيرا لم أكن أهتم بحكايا الجن التي كان يرويها الكثير من العامة ممن يزعمون أنهم تعرضوا للأذية على يده، بل كنت في أحيان كثيرة أسخر من أصحاب تلك القصص و أعتبرها خرافات، ومع مرور السنوات وزيادة رصيدي المعرفي من خلال مطالعتي للكثير من الكتب خاصة الدينية منها ترسخت في مخيلتي الكثير من الأفكار منها مثلا : أن الجن ليس له سلطان على بني البشر ولا يمكن له أن يؤذيهم...إلا في بعض الحالات الشاذة التي يكون فيها الإنسان بعيدا عن ربه منزويا في أماكن يحتمل أن تكون مواطن للجن، لكن قناعتي تلك تبددت حينما وقعت لي حادثة شبيهة بالقصص التي سمعتها من قبل، حيث وقفت بنفسي على استفزاز الجن لبني البشر وإخافتهم ومحاولته إبعادهم عن أماكن يعتقد أنها خاصة به،
بدأت القصة قبل العام الماضي إذ كنت كباقي الشباب أسعى للحصول على وظيفة، وكنت في كل مرة أجري مسابقة أو مقابلة في جامعة من الجامعات أو معهد أو مركز بحث...، وبحكم تلكم الأسفار فقد تعددت الأماكن التي زرتها والمغامرات التي عشتها، إضافة إلى احتفاظي بذكريات مازالت محفورة في ذاكرتي،
في تلكم الحادثة كانت الوجهة الجزائر العاصمة، حيث تلقيت استدعاء من جامعة الجزائر لإجراء مقابلة توظيف بعد أن كنت قد أرسلت لهم بملفي قبل أيام من ذلك بعدما قرأت إعلانهم في الجرائد،
وكما يعلم الكل فإن الإشكال الأكبر في جل المدن الكبرى وعلى رأسها الجزائر العاصمة هو مشكل الإيواء ومع غلاء الفنادق وقلة المرافئ المناسبة و المخصصة لهذا الغرض فقد اهتديت إلى فكرة وهي الإقامة عند صديق قديم لي أعرفه من زمن الطفولة، وكان في كل مرة ألتقيه يصر علي بأن أزوره إن سنحت لي الفرصة أو اضطررت إلى ذلك،
المهم اتصلت بصديقي والذي كان يعمل في إحدى الشركات المتنقلة المتخصصة في البناءات الكبرى، وكان يقيم بحي صغير خاص بعمال الشركة التي يعمل بها، أماكن الإقامة تلك كانت عبارة عن بيوت متنقلة، وهي عبارة عن غرف حديدية كبيرة لها أبواب ونوفذ ومزودة ببعض المرافق، هذه الغرف قابلة للجر بواسطة الشاحنات الكبيرة،
لا علينا...وصلت عند صديقي مساءا بعد رحلة شاقة استغرقت بعض الساعات وكنت مرهقا وكان قد زودني من قبل بالمكان الذي أنزل فيه أين سيكون في انتظاري، ولسوء حظي فإن المكان بعيد نسبيا عن العاصمة، في منطقة تسمى (الحاميز) وتحديدا في منطقة معزولة عن السكان، هذه المنطقة كان قد ضرب فيها الزلزال قبل سنوات، وقد عرفت فيما بعد أن هذا المكان يسكنه الجن (أي مكان إقامة الجن)
مشينا أنا وصديقي حتى وصلنا الوجهة المحددة، و لأول مرة ينتابني شعور مريب وهو مزيج من الخوف والقشعريرة، إذ كان المكان غريبا موحشا يوحي أنه مهجور ولا حركة فيه، كان يحيط به سور متهالك تعتريه الكثير من الشقوق والفتحات ، هذا السور كان يحيط بتلك الغرف الحديدية التي حدثتكم عنها أي أنها مكان إقامة العمال،
حينما دخلنا المكان بدأت ألحظ أشياء غريبة، مثلا بعض الغرف لا أبواب لها وفيها بعض بقايا الأثاث القديم، سألت صديقي عنها فأجاب مشيرا بيده : تلك الغرفة مثلا توفي فيها فلان العام الماضي ونسمع فيها ليلا أصوات مختلفة ممزوجة بضحكات هستيرية،
ثم نظرت إلى الأعمدة الكهربائية فعجبت لمصابيحها التي تبدو جديدة ورغم ذلك فجلها مكسورة، فسألت صديقي مرة أخرى فأجاب : إنه من فعل الجن إذ نقوم كل يوم بتركيب مصابيح جديدة فيقوم الجن بكسرها قبل الظلام بلحظات،
ولما أكثرت من أسئلتي لصديقي وأيقن أنه يستحيل علي العودة بحكم بعد المسافة والتعب الذي نال مني، أجابني جوابا صادما : إنك الآن في موطن للجن وأنت الليلة في ضيافته، ولقد تعودنا على مضايقته لنا كل ليلة...، وقد زاد على ذلك بأن قص علي قصصا تحدث لهم كل ليلة في ذلك المكان، تلك القصص لم أسمع بها حتى في الخيال، ولولا أنه صديقي وأعرف صدقه ما كنت لأصدقه،
أخبرني مثلا أن المطعم الخاص بهم مقفل والسبب أن الجن يسرق طعامهم ويعبث بالثلاجة وبكل الطعام ويرمي ببقايا الطعام خارجا، كما أخبرني أنه يطرق عليهم الأبواب والنوافذ كل ليلة وحينما يفتحون لا يجدون شيئا،
وما زاد من فزعي كلام أحد أصدقائه العاملين معه والذي انظم إلينا فيما بعد والذي أخبرني وأقسم على صدق كلامه، أنه في إحدى الليالي كان يتفرج على التلفاز وكان صوت التلفاز عاليا، فدخل عليه رجل جسمه على هيئة بشر لكن رأسه رأس تيس ويداه تتدليان حتى ركبتاه وأقفل التلفاز وقال له متى تبتعدون عن موطننا هذا؟ أم تريدون الهلاك؟
لا أخفيكم أنني فزعت لما رأيت وما سمعت، لكن صديقي هدأ من روعي وقال لا تخف فالجن لن يتجرأ على مضايقتنا ونحن مجتمعين( أي أنا وأياه)، فزال عني بعض الخوف،
ولسوء حظي مرة أخرى فإن صديقي وفي تلك الأمسية تلقى مكالمة من مدير الشركة يأمره فيها بأن ينطلق إلى مدينة بومرداس لسبب طارئ يتعلق بالعمل، على أن يبيت هناك (أي في بومرداس) ويعود صباحا، وبعد أخد ورد مع صديقي أيقنت أنني سأقضي الليلة وحيدا في غرفته وفي هذا المكان الذي لا أعرفه والذي سمعت عنه ما لم يخطر ببالي طوال حياتي،
يتبـــع...
مد كنت صغيرا لم أكن أهتم بحكايا الجن التي كان يرويها الكثير من العامة ممن يزعمون أنهم تعرضوا للأذية على يده، بل كنت في أحيان كثيرة أسخر من أصحاب تلك القصص و أعتبرها خرافات، ومع مرور السنوات وزيادة رصيدي المعرفي من خلال مطالعتي للكثير من الكتب خاصة الدينية منها ترسخت في مخيلتي الكثير من الأفكار منها مثلا : أن الجن ليس له سلطان على بني البشر ولا يمكن له أن يؤذيهم...إلا في بعض الحالات الشاذة التي يكون فيها الإنسان بعيدا عن ربه منزويا في أماكن يحتمل أن تكون مواطن للجن، لكن قناعتي تلك تبددت حينما وقعت لي حادثة شبيهة بالقصص التي سمعتها من قبل، حيث وقفت بنفسي على استفزاز الجن لبني البشر وإخافتهم ومحاولته إبعادهم عن أماكن يعتقد أنها خاصة به،
بدأت القصة قبل العام الماضي إذ كنت كباقي الشباب أسعى للحصول على وظيفة، وكنت في كل مرة أجري مسابقة أو مقابلة في جامعة من الجامعات أو معهد أو مركز بحث...، وبحكم تلكم الأسفار فقد تعددت الأماكن التي زرتها والمغامرات التي عشتها، إضافة إلى احتفاظي بذكريات مازالت محفورة في ذاكرتي،
في تلكم الحادثة كانت الوجهة الجزائر العاصمة، حيث تلقيت استدعاء من جامعة الجزائر لإجراء مقابلة توظيف بعد أن كنت قد أرسلت لهم بملفي قبل أيام من ذلك بعدما قرأت إعلانهم في الجرائد،
وكما يعلم الكل فإن الإشكال الأكبر في جل المدن الكبرى وعلى رأسها الجزائر العاصمة هو مشكل الإيواء ومع غلاء الفنادق وقلة المرافئ المناسبة و المخصصة لهذا الغرض فقد اهتديت إلى فكرة وهي الإقامة عند صديق قديم لي أعرفه من زمن الطفولة، وكان في كل مرة ألتقيه يصر علي بأن أزوره إن سنحت لي الفرصة أو اضطررت إلى ذلك،
المهم اتصلت بصديقي والذي كان يعمل في إحدى الشركات المتنقلة المتخصصة في البناءات الكبرى، وكان يقيم بحي صغير خاص بعمال الشركة التي يعمل بها، أماكن الإقامة تلك كانت عبارة عن بيوت متنقلة، وهي عبارة عن غرف حديدية كبيرة لها أبواب ونوفذ ومزودة ببعض المرافق، هذه الغرف قابلة للجر بواسطة الشاحنات الكبيرة،
لا علينا...وصلت عند صديقي مساءا بعد رحلة شاقة استغرقت بعض الساعات وكنت مرهقا وكان قد زودني من قبل بالمكان الذي أنزل فيه أين سيكون في انتظاري، ولسوء حظي فإن المكان بعيد نسبيا عن العاصمة، في منطقة تسمى (الحاميز) وتحديدا في منطقة معزولة عن السكان، هذه المنطقة كان قد ضرب فيها الزلزال قبل سنوات، وقد عرفت فيما بعد أن هذا المكان يسكنه الجن (أي مكان إقامة الجن)
مشينا أنا وصديقي حتى وصلنا الوجهة المحددة، و لأول مرة ينتابني شعور مريب وهو مزيج من الخوف والقشعريرة، إذ كان المكان غريبا موحشا يوحي أنه مهجور ولا حركة فيه، كان يحيط به سور متهالك تعتريه الكثير من الشقوق والفتحات ، هذا السور كان يحيط بتلك الغرف الحديدية التي حدثتكم عنها أي أنها مكان إقامة العمال،
حينما دخلنا المكان بدأت ألحظ أشياء غريبة، مثلا بعض الغرف لا أبواب لها وفيها بعض بقايا الأثاث القديم، سألت صديقي عنها فأجاب مشيرا بيده : تلك الغرفة مثلا توفي فيها فلان العام الماضي ونسمع فيها ليلا أصوات مختلفة ممزوجة بضحكات هستيرية،
ثم نظرت إلى الأعمدة الكهربائية فعجبت لمصابيحها التي تبدو جديدة ورغم ذلك فجلها مكسورة، فسألت صديقي مرة أخرى فأجاب : إنه من فعل الجن إذ نقوم كل يوم بتركيب مصابيح جديدة فيقوم الجن بكسرها قبل الظلام بلحظات،
ولما أكثرت من أسئلتي لصديقي وأيقن أنه يستحيل علي العودة بحكم بعد المسافة والتعب الذي نال مني، أجابني جوابا صادما : إنك الآن في موطن للجن وأنت الليلة في ضيافته، ولقد تعودنا على مضايقته لنا كل ليلة...، وقد زاد على ذلك بأن قص علي قصصا تحدث لهم كل ليلة في ذلك المكان، تلك القصص لم أسمع بها حتى في الخيال، ولولا أنه صديقي وأعرف صدقه ما كنت لأصدقه،
أخبرني مثلا أن المطعم الخاص بهم مقفل والسبب أن الجن يسرق طعامهم ويعبث بالثلاجة وبكل الطعام ويرمي ببقايا الطعام خارجا، كما أخبرني أنه يطرق عليهم الأبواب والنوافذ كل ليلة وحينما يفتحون لا يجدون شيئا،
وما زاد من فزعي كلام أحد أصدقائه العاملين معه والذي انظم إلينا فيما بعد والذي أخبرني وأقسم على صدق كلامه، أنه في إحدى الليالي كان يتفرج على التلفاز وكان صوت التلفاز عاليا، فدخل عليه رجل جسمه على هيئة بشر لكن رأسه رأس تيس ويداه تتدليان حتى ركبتاه وأقفل التلفاز وقال له متى تبتعدون عن موطننا هذا؟ أم تريدون الهلاك؟
لا أخفيكم أنني فزعت لما رأيت وما سمعت، لكن صديقي هدأ من روعي وقال لا تخف فالجن لن يتجرأ على مضايقتنا ونحن مجتمعين( أي أنا وأياه)، فزال عني بعض الخوف،
ولسوء حظي مرة أخرى فإن صديقي وفي تلك الأمسية تلقى مكالمة من مدير الشركة يأمره فيها بأن ينطلق إلى مدينة بومرداس لسبب طارئ يتعلق بالعمل، على أن يبيت هناك (أي في بومرداس) ويعود صباحا، وبعد أخد ورد مع صديقي أيقنت أنني سأقضي الليلة وحيدا في غرفته وفي هذا المكان الذي لا أعرفه والذي سمعت عنه ما لم يخطر ببالي طوال حياتي،
يتبـــع...