المقري2013
2013-08-03, 02:11
من أقوال سلفنا الصالح -رحمهم الله- في الصبر على جور الأئمة
وعزو ذلك إلى ما اقترفوه من الذنوب والسيِّئات
قال الحسن البصري رحمه الله :
" والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قِبَلِ سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون
إلى السيف فيوكلوا إليه ، و والله ما جاءوا بيوم خير قط، ثم تلا : { وتمت كلمة ربك الحسنى على
بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه ، وما كانوا يعرشون } ” [ الشريعة للآجري ]
و كان رحمه الله إذا قيل له : ألا تخرج تغير ؟! يقول :” إن الله إنما يغير بالتوبة ولا يغير بالسيف”
و انطلق إليه نفر يشكون إليه الحجاج و يقولون ما تقول في هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام
و أخذ المال الحرام و ترك الصلاة و فعل و فعل ؟! فقال : ” أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن
عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم ، و إن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو
خير الحاكمين ” فما أطاعوه و سخروا منه فخرجوا على الحجاج مع ابن الأشعث فقتلوا جميعاً
وقد أخرجوه رغماً عنه في جيش ابن الأشعث لما خرج على الحجاج فغافلهم الحسن و ألقى
بنفسه من الجسر و لم يبق معهم .
و كان ينهى عن الخروج مع ابن الأشعث و يأمر الناس بالكف و يقول : ” يا أيها الناس ! إنه
و الله ما سلط الله الحجاج عليكم إلا عقوبة فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف ، ولكن عليكم السكينة و التضرع.“
وفي طبقات ابن أبي يعلى (1/144) في ترجمة حنبل بن إسحق -ابن عم الإمام أحمد-: "قال
حنبل: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله في ولاية الواثق، وشاوروه في ترك الرضا بإمرته
وسلطانه فقال لهم : عليكم بالنُّكرة في قلوبكم ولا تخلعوا يدًا من طاعة ولا تشقوا عصَا المسلمين،
ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين، وذكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن ضربك فاصبر؛ فأمر بالصبر".
سأل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا
نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا ، فما تأمرنا ؟ فأعرض عنه ، ثم
سأله فأعرض عنه ، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اسمعوا وأطيعوا ، فإنما عليهم ما حملوا ، وعليكم ما حملتم ) رواه مسلم .
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون بعدي
أئمة ، لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في
جثمان إنس. قلت : كيف أصنع إن أدركت ذلك ؟ قال : تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك،
وأخذ مالك ) رواه مسلم .
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله : لا نسألك عن طاعة
من اتقى، ولكن من فعل وفعل ـ فذكر الشر ـ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا ) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" وصححه الألباني في " ظلال
الجنة " ( 2 / 494 ) .
وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله : أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا
حقنا ويسألونا حقهم ؟ فقال : ( اسمعوا وأطيعوا . فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم) رواه مسلم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ، فإنه من
فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية ) رواه البخاري ومسلم .
جاء في كتاب معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسُّنة للشيخ عبد السلام بن برجس -رحمه الله- (2/14):
فهذا موقف أهل السنة والجماعة من جور السلطان يقابلونه بالصبر والاحتساب، ويعزون حلول ذلك الجور بهم إلي ما اقترفته أيديهم من خطايا وسيئات؛ كما قال الله -جلَّ وعلا-:﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ [6]
فيهرعون إلي التَّوبة والاستغفار، ويسألون الله -جلَّ وعلا- أن يكشف ما بهم من ضر، ولا يُقدِمون على شيء مما نهي عنه الشرع الْمُطهَّر في هذه الحال؛ من حمل السلاح، أو إثارة فتنة، أو نزع يد من طاعة؛ لعلمهم أن هذه الأمور إنما يفزع إليها من لا قدر لنصوص الشرع في قلبه من أهل الأهواء الذين تسيرهم الآراء لا الآثار، وتتخطفهم الشبه، ويستنزلهم الشيطان.
ولقد جاء في النصوص ((من التحذير عن مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله -عزَّ وجلَّ الكريم- عن مذهب الخوارج ولم ير رأيهم، وصبر على جور الأئمة وحيف الأمراء، ولم يخرج عليهم بسيفه، وسأل الله العظيم كشف الظلم عنه وعن جميع المسلمين، ودعا للولاة بالصلح، وحج معهم، وجاهد معهم كل عدو للمسلمين، وصلَّى خلفهم الجمعة والعيدين.
وإن أمروه بطاعتهم فأمكنته طاعتهم أطاعهم، وإن لم يمكنه اعتذر إليهم، وإن أمروه بمعصية لم يطعهم، وإذا دارت بينهم الفتن لزم بيته، وكفَّ لسانه ويده ،ولم يهو ما هم فيه، ولم يعلن على فتنة فمن كان هذا وصفه كان على الطريق المستقيم -إن شاء الله-)) [7].
وعزو ذلك إلى ما اقترفوه من الذنوب والسيِّئات
قال الحسن البصري رحمه الله :
" والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قِبَلِ سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ، وذلك أنهم يفزعون
إلى السيف فيوكلوا إليه ، و والله ما جاءوا بيوم خير قط، ثم تلا : { وتمت كلمة ربك الحسنى على
بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه ، وما كانوا يعرشون } ” [ الشريعة للآجري ]
و كان رحمه الله إذا قيل له : ألا تخرج تغير ؟! يقول :” إن الله إنما يغير بالتوبة ولا يغير بالسيف”
و انطلق إليه نفر يشكون إليه الحجاج و يقولون ما تقول في هذا الطاغية الذي سفك الدم الحرام
و أخذ المال الحرام و ترك الصلاة و فعل و فعل ؟! فقال : ” أرى أن لا تقاتلوه فإنها إن تكن
عقوبة من الله فما أنتم برادي عقوبة الله بأسيافكم ، و إن يكن بلاء فاصبروا حتى يحكم الله وهو
خير الحاكمين ” فما أطاعوه و سخروا منه فخرجوا على الحجاج مع ابن الأشعث فقتلوا جميعاً
وقد أخرجوه رغماً عنه في جيش ابن الأشعث لما خرج على الحجاج فغافلهم الحسن و ألقى
بنفسه من الجسر و لم يبق معهم .
و كان ينهى عن الخروج مع ابن الأشعث و يأمر الناس بالكف و يقول : ” يا أيها الناس ! إنه
و الله ما سلط الله الحجاج عليكم إلا عقوبة فلا تعارضوا عقوبة الله بالسيف ، ولكن عليكم السكينة و التضرع.“
وفي طبقات ابن أبي يعلى (1/144) في ترجمة حنبل بن إسحق -ابن عم الإمام أحمد-: "قال
حنبل: اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله في ولاية الواثق، وشاوروه في ترك الرضا بإمرته
وسلطانه فقال لهم : عليكم بالنُّكرة في قلوبكم ولا تخلعوا يدًا من طاعة ولا تشقوا عصَا المسلمين،
ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين، وذكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إن ضربك فاصبر؛ فأمر بالصبر".
سأل سلمة بن يزيد الجعفي رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا
نبي الله أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم ويمنعونا حقنا ، فما تأمرنا ؟ فأعرض عنه ، ثم
سأله فأعرض عنه ، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس ، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اسمعوا وأطيعوا ، فإنما عليهم ما حملوا ، وعليكم ما حملتم ) رواه مسلم .
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يكون بعدي
أئمة ، لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في
جثمان إنس. قلت : كيف أصنع إن أدركت ذلك ؟ قال : تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك،
وأخذ مالك ) رواه مسلم .
وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله : لا نسألك عن طاعة
من اتقى، ولكن من فعل وفعل ـ فذكر الشر ـ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (
اتقوا الله واسمعوا وأطيعوا ) رواه ابن أبي عاصم في "السنة" وصححه الألباني في " ظلال
الجنة " ( 2 / 494 ) .
وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله : أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا
حقنا ويسألونا حقهم ؟ فقال : ( اسمعوا وأطيعوا . فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم) رواه مسلم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه ، فإنه من
فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية ) رواه البخاري ومسلم .
جاء في كتاب معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسُّنة للشيخ عبد السلام بن برجس -رحمه الله- (2/14):
فهذا موقف أهل السنة والجماعة من جور السلطان يقابلونه بالصبر والاحتساب، ويعزون حلول ذلك الجور بهم إلي ما اقترفته أيديهم من خطايا وسيئات؛ كما قال الله -جلَّ وعلا-:﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ [6]
فيهرعون إلي التَّوبة والاستغفار، ويسألون الله -جلَّ وعلا- أن يكشف ما بهم من ضر، ولا يُقدِمون على شيء مما نهي عنه الشرع الْمُطهَّر في هذه الحال؛ من حمل السلاح، أو إثارة فتنة، أو نزع يد من طاعة؛ لعلمهم أن هذه الأمور إنما يفزع إليها من لا قدر لنصوص الشرع في قلبه من أهل الأهواء الذين تسيرهم الآراء لا الآثار، وتتخطفهم الشبه، ويستنزلهم الشيطان.
ولقد جاء في النصوص ((من التحذير عن مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله -عزَّ وجلَّ الكريم- عن مذهب الخوارج ولم ير رأيهم، وصبر على جور الأئمة وحيف الأمراء، ولم يخرج عليهم بسيفه، وسأل الله العظيم كشف الظلم عنه وعن جميع المسلمين، ودعا للولاة بالصلح، وحج معهم، وجاهد معهم كل عدو للمسلمين، وصلَّى خلفهم الجمعة والعيدين.
وإن أمروه بطاعتهم فأمكنته طاعتهم أطاعهم، وإن لم يمكنه اعتذر إليهم، وإن أمروه بمعصية لم يطعهم، وإذا دارت بينهم الفتن لزم بيته، وكفَّ لسانه ويده ،ولم يهو ما هم فيه، ولم يعلن على فتنة فمن كان هذا وصفه كان على الطريق المستقيم -إن شاء الله-)) [7].