hamid-17
2007-08-21, 16:18
1
يزيد بن معاوية
قيل في الغزل
نَالَتْ عَلَى يَدِهَا مَا لَـمْ تَنَلْـهُ يَـدِي *** نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَـدِي
كَأنـهُ طَـرْقُ نَمْـلٍ فِـي أنَامِلِـهَا *** أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا السُّحْـبُ بالبَـرَدِ
كأَنَّهَا خَشِيَـتْ مِنْ نَبْـلِ مُقْلَتِـهَا *** فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها دِرْعـاً مِـنَ الـزَّرَدِ
مَدَّتْ مَواشِطَهَا فِي كَفِّـهَا شَرَكـاً *** تَصِيدُ قَلْبِي بِـهِ مِنْ دَاخِـلِ الجَسَـدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِـهَا مِنْ كُـلِّ نَاحِيَـةٍ *** وَنَبْلُ مُقْلَتِـهَا تَرْمِـي بِـهِ كَبِـدِي
وَخَصْرُهَا نَاحِلٌ مِثْلِـي عَلَى كَفَـلٍ *** مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكَى الأَحْزَانَ فِي الخَلَـدِ
أُنْسِيَّةٌ لَوْ رَأتْهَا الشَّمْـسُ مَا طَلَعَـتْ *** مِنْ بَعْدِ رُؤيَتِهَا يَـوْماً عَلَـى أَحَـدِ
سَأَلتُهَا الوَصْلَ قَالَـتْ لاتُغَـرَّ بِنَـا *** مَنْ رَامَ منَّا وِصَالاً مَـاتَ بالكَمَـدِ
فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَـاتَ جَـوًى *** من الغَـرَامِ وَلَمْ يُبْـدِي وَلَـمْ يَعِـدِ
فَقُلْتُ : أَسْتَغْفِـرَ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَـلٍ *** إِنَ المُحِـبَّ قَلِيـلُ الصَّبْـرَ وَالجَلَـدِ
قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَـتْ فِينَـا لَوَاحِظُـهَا *** مَا إِنْ أَرَى لِقَتِيـل الحُـبِّ مِنْ قَـوَدِ
قَدْ خَلَّفَتْنِـي طَرِيحـاً وَهـي قَائِلَـه *** تَأَمَّلُوا كَيْفَ فَعَـلَ الظَبْـيِ بالأَسَـدِ
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِـي وَمَضَـى *** بِاللهِ صِـفْـهُ وَلاَ تَنْقُـصْ وَلاَ تَـزِدِ
فَقَالَ : خَلَّفْتُهُ لَوْ مَـاتَ مِـنْ ظَمَـأٍ *** وَقُلْتِ : قِفْ عَنْ وَرُودِ المَاءِ لَمْ يَـرِدِ
وَاسْتَرْجَعَتْ سَألَتْ عَنِّي فَقِيْـلَ لَهَـا *** مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ ، دَقَّـتْ يَـدّاً بِيَـدِ
وَأَمْطَرَتْ لُؤلُؤاً منْ نَرْجِسٍ وَسَقَـتْ *** وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُـنَّابِ بِالبَـرَدِ
وَأَنْشَـدَتْ بِلِسَـانِ الحَـالِ قَائِلَـةً *** مِنْ غَيْرِ كَـرْهٍ وَلاَ مَطْـلٍ وَلاَ مَـدَدِ
وَاللّهِ مَا حَزِنَـتْ أُخْـتٌ لِفَقْـدِ أَخٍ *** حُزْنِـي عَلَيْـهِ وَلاَ أُمٍّ عَلَـى وَلَـدِ
فَأْسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجرِي عَلَى عَجَـلٍ *** فَعِنْدَ رُؤْيَتِـهَا لَمْ أَسْتَطِـعْ جَلَـدِي
وَجَرَّعَتْنِـي بِرِيـقٍ مِـنْ مَرَاشِفِـهَا *** فَعَادَتْ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي
هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفِـي *** حَتَّى عَلَى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِنَ الحَسَـدِ
2
يزيد بن معاوية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلَمَّـا تَلاقَينـا وَجَـدتُ بَنانَهـا *** مُخَضَّبَةً تَحكِـي عُصـارَةَ عَنـدَمِ
فَقُلتُ خَضَبتِ الكَفَّ بَعدِي أَهَكَذا *** يَكـونُ جَـزاءُ المُستَهـامِ المُتَيَّـمِ
فَقالَت وَأَلقَت فِي الحَشا لاعِجَ الجَوَى *** مَقالَـةَ مَـن بِالحُـبِّ لَـم يَتَبَـرَّمِ
بَكَيتُ دَماً يَـومَ النَّـوَى فَمَنَعتُـهُ *** بِكَفِّيَ فَاحـمَرَّت بَنانِـيَ مِـن دَمِ
وَلَو قَبلَ مَبكاهـا بَكَيـتُ صَبابَـةً *** بِسُعدى شَفَيتُ النَّفسَ قَبلَ التَّنَـدُّمِ
وَلَكِن بَكَت قَبلِي فَهَيَّجَ لِيَ البُكَـى *** بُكاها فَقُلـت الفَضـل لِلمُتَقَـدِّمِ
3
علي الجارم
ـــــــــــــــــــــــــ
مَا لِـي فُتِنْـتُ بلحْظِـكِ الْفَتَّـاكِ *** وسَلَـوْتُ كُـلَّ مَلِـيـحَـةٍ إِلاَّكِ
يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمـامَ صَبَابَتِـي *** ومَضَلَّتِـي وهُـدَايَ فِـي يُمْنَـاكِ
فَإِذا وَصَلْتِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ باسِـمٌ *** وإِذا هَجَرْتِ فكُـل شَـيْءٍ باكِـي
هَذَا دَمِي فِـي وَجْنَتَيْـكِ عَرَفْتُـهُ *** لاَ تَسْتَطِيـعُ جُـحُـودَهُ عَيْنَـاكِ
لَو لَم أَخَفْ حَرَّ الْهَـوَى وَلَهِيبَـهُ *** لَجَعَلْتُ بَيْـنَ جَوَانِحِـيِ مَثْـوَاكِ
إِنِّي أَغارُ مِـنَ الْكـؤُوسِ فَجنِّبِـي *** كـأْسَ الْمُدَامَـةِ أَنْ تُقَبِّـلَ فَـاكِ
خَدَعَتْكِ ما عَذُبَ السُّلافُ وإنَّمَـا *** قَد ذُقْتِ لَمَّا ذُقْـتِ حُلْـوَ لَمـاكِ
لَكِ مِنْ شَبَابِكِ أَوْ دَلاَلِـكِ نَشْـوَةٌ *** سَحَـرَ الأَنَـامَ بِفِعْلِـهَا عِطْفَـاكِ
قَـالَـتْ خَلِيلتُـها لَهَـا لِتُلينَـها *** مَاذَا جَنَـى لَمَّـا هَجَـرْتِ فَتَـاكِ
هِيَ نَظْرَةٌ لاقَـتْ بِعَيْنِـكِ مِثْلَـهَا *** مَـا كَـانَ أَغْنَـاهُ وَمَـا أَغْنـاكِ
قَد كَانَ أَرْسَلَـها لِصَيْـدِكِ لاَهِيـاً *** فَفَرَرْتِ مِنْهُ وَعادَ فِـي الأَشْـرَاكِ
عَهْدي بِهِ لَبِقَ الْحَديـثِ فَمَـا لَـهُ *** لاَ يَسْتَطيعُ الْقَـوْلَ حِيـنَ يَـرَاكِ
إِيَّـاكِ أَنْ تَقْضِـي عَلَيْـهِ فَـإِنَّـهُ *** عَـرَفَ الحَـيـاةَ بِحُبِّـهِ إِيَّـاكِ
إِنَّ الشَّـبَابَ وَدِيـعَـةٌ مَـرْدُودَةٌ *** والزُّهْـدُ فِيـه تَزَمُّـتُ النُّسَّـاكِ
فَتَشَمَّمِـي وَرْدَ الْحَيـاةِ فَـإِنَّـهُ *** يَمْضِي وَلاَ يَبْقَى سِـوَى الأشْـوَاكِ
لَم تُنْصِتِي وَمَشَيْـتِ غَيْـرَ مُجيبَـةٍ *** حَتَّـى كـأَنَّ حَديِثَـها لِسِـواكِ
وَبَكَتْ عَلَيَّ فَمَا رَحِمْـتِ بُكَاءَهَـا *** مَا كَـانَ أعْطَفَـهَا وَمَـا أَقْسَـاكِ
عَطَفَتْ عَلَـيَّ النَّيِّـرَاتُ وَسَاءَلَـتْ *** مَذْعُـورَةً قَمَـرَ السَّـمَاءِ أَخَـاكِ
قَالَتْ نَرَى شَبَحاً يَـرُوحُ ويَغْتَـدِي *** ويَبُثُّ فِي الأَكْوانِ لَوعَـةَ شَاكِـي
أَنَّـاتُ مَجْـرُوحٍ يُعالِـجُ سَهْمَـهُ *** وَزَفِيـرُ مَـأسُـورٍ بِغَيـرِ فَكَـاكِ
يَقْضِي سَوادَ الَّليـلِ غَيْـرَ مُوَسَّـدٍ *** عَيْـنٌ مُسَهَّـدَةٌ وقَلْـبٌ ذَاكِـي
حَتَّى إِذَا مَا الصُّبْـحُ جَـرَّدَ نَصْلَـهُ *** أَلْفَيْـتَـهُ جِسـماً بِغَيْـرِ حَـراكِ
إِنَّا نكـادُ أَسـىً عَلَيْـهِ ورَحْمَـةً *** لِشَبَابِـهِ نَهْـوِي مِـنَ الأَفْـلاكِ
مِنْ عَهْـدِ قَابِيـلٍ ولَيْـسَ أَمامَنـا *** فِي الأَرْضِ غَيْرُ تَشاكُـسٍ وعِـرَاكِ
مَا بَيـنَ فَاتِكَـةٍ تَصُـول بِقَدِّهـا *** وَفَتـىً يَصُـولُ بِرُمْحِـهِ فَـتَّـاكِ
يَا أَرْضُ وَيْحَكِ قَدْ رَوِيتِ فأَسْئِـري *** وَكَفَاكِ مِنْ تِـلْكَ الدِّمَـاءِ كَفَـاكِ
فِي كُلِّ رَرْعٍ مِنْ رُبُوعِـكِ مَأْتَـمٌ *** وَثَوَاكِـلٌ وَنَـوادِبٌ وَبَـوَاكِـي
قَد قَامَ أهلُ العِلـم فِيـك ودَبَّـرُوا *** بَرِئتْ يَدِي مِـنْ إِثْمِهِـمْ ويَـدَاكِ
كاشَفْتِهِمْ سِـرَّ الْعَناصِـرِ فَانْبَـرَوْا *** يَتَـخَـيَّـرُونَ أمَضَّـها لِـرَدَاكِ
نَثَرُوا كنانَتَهُـمْ وكُـلَّ سِهامِهـا *** لِلْفَتْـكِ والتَـدْمِيـرِ والإِهْـلاكِ
دَخَلُوا عَلَى الْعِقْبانِ فِـي أَوْكارِهـا *** وتسَرَّبُـوا لِمسـابِـحِ الأسْمَـاكِ
فَتأَمَّلي هَلْ فِـي تُخُومِـكِ مَأْمَـنٌ *** أَمْ هَـلْ هُنـالِكَ مَعْقِـلٌ بِـذُراكِ
ظَهْرُ الُليُوثِ وذاكَ أَصْعَبُ مَرْكَـبٍ *** أَوْفَى وأَكـرَمُ مِـنْ أَدِيـمِ ثَـرَاكِ
لَيْتَ الْبحارَ طَغَتْ عَلَيْكِ وسُجِّـرتْ *** أَو أَنَّ مَنْ يَطْوِي السَّـمَاءَ طَـوَاكِ
لَم يَبْقَ فِي الإِنْسَـانِ غَيْـرُ ذَمائِـهِ *** فَـدَراكِ يَـا رَبَّ السَّـمَاءِ دَراكِ
وَإِذَا النُّفُـوسُ تَفَرَّقَـتْ نَزَعاتُهـا *** قَامَـتْ إِذَا قَامَـتْ بِغَيْـر مَسَـاكِ
والسَّيْفُ أَظْلَمُ مَا فَزِعْتَ لِحُكْمِـه *** والْحَزْمُ خَيْـرُ شَمائِـلِ الأَمْـلاكِ
ومِـنَ الدِّمـاءِ طَهـارَةٌ وَعَدالَـةٌ *** ومِـنَ الدِّمـاءِ جنايَـةُ السُّفَـاكِ
والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَيـاةِ فـإِنْ هَـوَى *** هَـوَتِ الْحَيـاةُ لأَسْفـلِ الأدْرَاكِ
المصدر : اعلام من الشعر الجاهلي و الاسلامي
يزيد بن معاوية
قيل في الغزل
نَالَتْ عَلَى يَدِهَا مَا لَـمْ تَنَلْـهُ يَـدِي *** نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَـدِي
كَأنـهُ طَـرْقُ نَمْـلٍ فِـي أنَامِلِـهَا *** أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْهَا السُّحْـبُ بالبَـرَدِ
كأَنَّهَا خَشِيَـتْ مِنْ نَبْـلِ مُقْلَتِـهَا *** فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها دِرْعـاً مِـنَ الـزَّرَدِ
مَدَّتْ مَواشِطَهَا فِي كَفِّـهَا شَرَكـاً *** تَصِيدُ قَلْبِي بِـهِ مِنْ دَاخِـلِ الجَسَـدِ
وَقَوْسُ حَاجِبِـهَا مِنْ كُـلِّ نَاحِيَـةٍ *** وَنَبْلُ مُقْلَتِـهَا تَرْمِـي بِـهِ كَبِـدِي
وَخَصْرُهَا نَاحِلٌ مِثْلِـي عَلَى كَفَـلٍ *** مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكَى الأَحْزَانَ فِي الخَلَـدِ
أُنْسِيَّةٌ لَوْ رَأتْهَا الشَّمْـسُ مَا طَلَعَـتْ *** مِنْ بَعْدِ رُؤيَتِهَا يَـوْماً عَلَـى أَحَـدِ
سَأَلتُهَا الوَصْلَ قَالَـتْ لاتُغَـرَّ بِنَـا *** مَنْ رَامَ منَّا وِصَالاً مَـاتَ بالكَمَـدِ
فَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا بالحُبِّ مَـاتَ جَـوًى *** من الغَـرَامِ وَلَمْ يُبْـدِي وَلَـمْ يَعِـدِ
فَقُلْتُ : أَسْتَغْفِـرَ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَـلٍ *** إِنَ المُحِـبَّ قَلِيـلُ الصَّبْـرَ وَالجَلَـدِ
قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَـتْ فِينَـا لَوَاحِظُـهَا *** مَا إِنْ أَرَى لِقَتِيـل الحُـبِّ مِنْ قَـوَدِ
قَدْ خَلَّفَتْنِـي طَرِيحـاً وَهـي قَائِلَـه *** تَأَمَّلُوا كَيْفَ فَعَـلَ الظَبْـيِ بالأَسَـدِ
قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَنِـي وَمَضَـى *** بِاللهِ صِـفْـهُ وَلاَ تَنْقُـصْ وَلاَ تَـزِدِ
فَقَالَ : خَلَّفْتُهُ لَوْ مَـاتَ مِـنْ ظَمَـأٍ *** وَقُلْتِ : قِفْ عَنْ وَرُودِ المَاءِ لَمْ يَـرِدِ
وَاسْتَرْجَعَتْ سَألَتْ عَنِّي فَقِيْـلَ لَهَـا *** مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ ، دَقَّـتْ يَـدّاً بِيَـدِ
وَأَمْطَرَتْ لُؤلُؤاً منْ نَرْجِسٍ وَسَقَـتْ *** وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُـنَّابِ بِالبَـرَدِ
وَأَنْشَـدَتْ بِلِسَـانِ الحَـالِ قَائِلَـةً *** مِنْ غَيْرِ كَـرْهٍ وَلاَ مَطْـلٍ وَلاَ مَـدَدِ
وَاللّهِ مَا حَزِنَـتْ أُخْـتٌ لِفَقْـدِ أَخٍ *** حُزْنِـي عَلَيْـهِ وَلاَ أُمٍّ عَلَـى وَلَـدِ
فَأْسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجرِي عَلَى عَجَـلٍ *** فَعِنْدَ رُؤْيَتِـهَا لَمْ أَسْتَطِـعْ جَلَـدِي
وَجَرَّعَتْنِـي بِرِيـقٍ مِـنْ مَرَاشِفِـهَا *** فَعَادَتْ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي
هُمْ يَحْسِدُونِي عَلَى مَوْتِي فَوَا أَسَفِـي *** حَتَّى عَلَى المَوتِ لاَ أَخْلُو مِنَ الحَسَـدِ
2
يزيد بن معاوية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلَمَّـا تَلاقَينـا وَجَـدتُ بَنانَهـا *** مُخَضَّبَةً تَحكِـي عُصـارَةَ عَنـدَمِ
فَقُلتُ خَضَبتِ الكَفَّ بَعدِي أَهَكَذا *** يَكـونُ جَـزاءُ المُستَهـامِ المُتَيَّـمِ
فَقالَت وَأَلقَت فِي الحَشا لاعِجَ الجَوَى *** مَقالَـةَ مَـن بِالحُـبِّ لَـم يَتَبَـرَّمِ
بَكَيتُ دَماً يَـومَ النَّـوَى فَمَنَعتُـهُ *** بِكَفِّيَ فَاحـمَرَّت بَنانِـيَ مِـن دَمِ
وَلَو قَبلَ مَبكاهـا بَكَيـتُ صَبابَـةً *** بِسُعدى شَفَيتُ النَّفسَ قَبلَ التَّنَـدُّمِ
وَلَكِن بَكَت قَبلِي فَهَيَّجَ لِيَ البُكَـى *** بُكاها فَقُلـت الفَضـل لِلمُتَقَـدِّمِ
3
علي الجارم
ـــــــــــــــــــــــــ
مَا لِـي فُتِنْـتُ بلحْظِـكِ الْفَتَّـاكِ *** وسَلَـوْتُ كُـلَّ مَلِـيـحَـةٍ إِلاَّكِ
يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمـامَ صَبَابَتِـي *** ومَضَلَّتِـي وهُـدَايَ فِـي يُمْنَـاكِ
فَإِذا وَصَلْتِ فَكُـلُّ شَـيْءٍ باسِـمٌ *** وإِذا هَجَرْتِ فكُـل شَـيْءٍ باكِـي
هَذَا دَمِي فِـي وَجْنَتَيْـكِ عَرَفْتُـهُ *** لاَ تَسْتَطِيـعُ جُـحُـودَهُ عَيْنَـاكِ
لَو لَم أَخَفْ حَرَّ الْهَـوَى وَلَهِيبَـهُ *** لَجَعَلْتُ بَيْـنَ جَوَانِحِـيِ مَثْـوَاكِ
إِنِّي أَغارُ مِـنَ الْكـؤُوسِ فَجنِّبِـي *** كـأْسَ الْمُدَامَـةِ أَنْ تُقَبِّـلَ فَـاكِ
خَدَعَتْكِ ما عَذُبَ السُّلافُ وإنَّمَـا *** قَد ذُقْتِ لَمَّا ذُقْـتِ حُلْـوَ لَمـاكِ
لَكِ مِنْ شَبَابِكِ أَوْ دَلاَلِـكِ نَشْـوَةٌ *** سَحَـرَ الأَنَـامَ بِفِعْلِـهَا عِطْفَـاكِ
قَـالَـتْ خَلِيلتُـها لَهَـا لِتُلينَـها *** مَاذَا جَنَـى لَمَّـا هَجَـرْتِ فَتَـاكِ
هِيَ نَظْرَةٌ لاقَـتْ بِعَيْنِـكِ مِثْلَـهَا *** مَـا كَـانَ أَغْنَـاهُ وَمَـا أَغْنـاكِ
قَد كَانَ أَرْسَلَـها لِصَيْـدِكِ لاَهِيـاً *** فَفَرَرْتِ مِنْهُ وَعادَ فِـي الأَشْـرَاكِ
عَهْدي بِهِ لَبِقَ الْحَديـثِ فَمَـا لَـهُ *** لاَ يَسْتَطيعُ الْقَـوْلَ حِيـنَ يَـرَاكِ
إِيَّـاكِ أَنْ تَقْضِـي عَلَيْـهِ فَـإِنَّـهُ *** عَـرَفَ الحَـيـاةَ بِحُبِّـهِ إِيَّـاكِ
إِنَّ الشَّـبَابَ وَدِيـعَـةٌ مَـرْدُودَةٌ *** والزُّهْـدُ فِيـه تَزَمُّـتُ النُّسَّـاكِ
فَتَشَمَّمِـي وَرْدَ الْحَيـاةِ فَـإِنَّـهُ *** يَمْضِي وَلاَ يَبْقَى سِـوَى الأشْـوَاكِ
لَم تُنْصِتِي وَمَشَيْـتِ غَيْـرَ مُجيبَـةٍ *** حَتَّـى كـأَنَّ حَديِثَـها لِسِـواكِ
وَبَكَتْ عَلَيَّ فَمَا رَحِمْـتِ بُكَاءَهَـا *** مَا كَـانَ أعْطَفَـهَا وَمَـا أَقْسَـاكِ
عَطَفَتْ عَلَـيَّ النَّيِّـرَاتُ وَسَاءَلَـتْ *** مَذْعُـورَةً قَمَـرَ السَّـمَاءِ أَخَـاكِ
قَالَتْ نَرَى شَبَحاً يَـرُوحُ ويَغْتَـدِي *** ويَبُثُّ فِي الأَكْوانِ لَوعَـةَ شَاكِـي
أَنَّـاتُ مَجْـرُوحٍ يُعالِـجُ سَهْمَـهُ *** وَزَفِيـرُ مَـأسُـورٍ بِغَيـرِ فَكَـاكِ
يَقْضِي سَوادَ الَّليـلِ غَيْـرَ مُوَسَّـدٍ *** عَيْـنٌ مُسَهَّـدَةٌ وقَلْـبٌ ذَاكِـي
حَتَّى إِذَا مَا الصُّبْـحُ جَـرَّدَ نَصْلَـهُ *** أَلْفَيْـتَـهُ جِسـماً بِغَيْـرِ حَـراكِ
إِنَّا نكـادُ أَسـىً عَلَيْـهِ ورَحْمَـةً *** لِشَبَابِـهِ نَهْـوِي مِـنَ الأَفْـلاكِ
مِنْ عَهْـدِ قَابِيـلٍ ولَيْـسَ أَمامَنـا *** فِي الأَرْضِ غَيْرُ تَشاكُـسٍ وعِـرَاكِ
مَا بَيـنَ فَاتِكَـةٍ تَصُـول بِقَدِّهـا *** وَفَتـىً يَصُـولُ بِرُمْحِـهِ فَـتَّـاكِ
يَا أَرْضُ وَيْحَكِ قَدْ رَوِيتِ فأَسْئِـري *** وَكَفَاكِ مِنْ تِـلْكَ الدِّمَـاءِ كَفَـاكِ
فِي كُلِّ رَرْعٍ مِنْ رُبُوعِـكِ مَأْتَـمٌ *** وَثَوَاكِـلٌ وَنَـوادِبٌ وَبَـوَاكِـي
قَد قَامَ أهلُ العِلـم فِيـك ودَبَّـرُوا *** بَرِئتْ يَدِي مِـنْ إِثْمِهِـمْ ويَـدَاكِ
كاشَفْتِهِمْ سِـرَّ الْعَناصِـرِ فَانْبَـرَوْا *** يَتَـخَـيَّـرُونَ أمَضَّـها لِـرَدَاكِ
نَثَرُوا كنانَتَهُـمْ وكُـلَّ سِهامِهـا *** لِلْفَتْـكِ والتَـدْمِيـرِ والإِهْـلاكِ
دَخَلُوا عَلَى الْعِقْبانِ فِـي أَوْكارِهـا *** وتسَرَّبُـوا لِمسـابِـحِ الأسْمَـاكِ
فَتأَمَّلي هَلْ فِـي تُخُومِـكِ مَأْمَـنٌ *** أَمْ هَـلْ هُنـالِكَ مَعْقِـلٌ بِـذُراكِ
ظَهْرُ الُليُوثِ وذاكَ أَصْعَبُ مَرْكَـبٍ *** أَوْفَى وأَكـرَمُ مِـنْ أَدِيـمِ ثَـرَاكِ
لَيْتَ الْبحارَ طَغَتْ عَلَيْكِ وسُجِّـرتْ *** أَو أَنَّ مَنْ يَطْوِي السَّـمَاءَ طَـوَاكِ
لَم يَبْقَ فِي الإِنْسَـانِ غَيْـرُ ذَمائِـهِ *** فَـدَراكِ يَـا رَبَّ السَّـمَاءِ دَراكِ
وَإِذَا النُّفُـوسُ تَفَرَّقَـتْ نَزَعاتُهـا *** قَامَـتْ إِذَا قَامَـتْ بِغَيْـر مَسَـاكِ
والسَّيْفُ أَظْلَمُ مَا فَزِعْتَ لِحُكْمِـه *** والْحَزْمُ خَيْـرُ شَمائِـلِ الأَمْـلاكِ
ومِـنَ الدِّمـاءِ طَهـارَةٌ وَعَدالَـةٌ *** ومِـنَ الدِّمـاءِ جنايَـةُ السُّفَـاكِ
والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَيـاةِ فـإِنْ هَـوَى *** هَـوَتِ الْحَيـاةُ لأَسْفـلِ الأدْرَاكِ
المصدر : اعلام من الشعر الجاهلي و الاسلامي