مومني محمد
2007-08-21, 12:37
ماهية التضخم
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمان الرحي
ماهية التضخم .
المطلب الأول : تعريف التضخم .
المطلب الثاني : الأسباب المنشئة للتضخم .
المطلب الثالث : أنواع التضخم وقياسه .
المطلب الأول : تعريف التضخم .
·يعتبر التضخم من أكثر المصطلحات ترددا على الألسنة ذلك أن هذه الظاهرة تصيب معظم الإقتصاديات الوطنية لكثير من الدول ، لذا لا يوجد تعريف واحد للتضخم ، فالإقتصاديون في تعريفهم للتضخم ينطلقون أساسا من أهم الآثار الناجمة عن التضخم ، وأبرزها عدم استقرار الأسعار ، فيعرف " رونيس " التضخم أنه { الإرتفاع غير المنظم للأسعار } ويعرفه " مارشال " بأنه : { ارتفاع الأسعار } ويعرفه " فلامان " بأنه { حركة الإرتفاع العام للأسعار } ويعرفه " كلوز " بأنه { الحركات العامة لارتفاع الأسعار الناشئة عن العنصر النقدي كعامل محرك دافع } .
·ومعظم مختلف التعريفات وأكثرها شيوعا قد بنيت على أساس النظرية الكمية للنقود ، وهي النظرية المعتمدة من قبل الإقتصاديين الكلاسيك في المجال النقدي حيث كانت تتصدى لتفسير العوامل المحددة للمستوى العام للأسعار ، ونظرا لأنها أبسط النظريات فالتعاريف التي تعتمج عليها كانت أكثر رواجا فقد عرف بأنه : (1)
** نقود كثيرة تطارد سلعا قليلة .
** الزيادة المحسوسة في كمية النقود .
** ينتج عن الزيادة في عرض النقود والإئتمان . (2)
** زيادة الأسعار نتيجة لزيادة الإصدار أو زيادة الإئتمان المصرفي .
·والتعريف الشامل للتضخم : { اتجاه تصاعدي في حركة الأسعار بالزيادة نظرا لأن التيار النقدي يفوق التيار السلعي والخدمي ناتج عن إصدار نقدي جديد أو جذب الطلب وهذا ما يجعل المستوى العام للأسعار يرتفع والقدرة الشرائية للنقود تنخفض وبعبارة أخرى كمية السلع والخدمات المتداولة في السوق لا تلبي مقدار يملكه حامل النقود .(3)
المطلب الثاني : الأسباب المنشئة للتضخم .
أولا : زيادة الطلب الكلي .
تتمثل العوامل التي تؤثر في الطلب الكلي في كل العوامل التي تؤثر زيادة الإتفاق الكلي أي العوامل التي تؤثر في الإنتاج الكلي والدخل القومي , وأهمها :
1/ زيادة الإنفاق العام الإستهلاكي والإستثماري :
إن أي زيادة تقوم بها الدولة في الإنفاق الكلي ( منح البطالة ، الإنفاق السكني .... ) إذا لم تصاحبها زيادة مماثلة في المنتجات السلح والخدمات فالزيادة في الإنفاق العام الكلي هي العامل الفعال في تحديد الأسعار نحو الإرتفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور أحمد رمضان نعمة الله ، وأخرون ، مبادئ الإقتصاد الكلي ، كلية التجارة ، جامعة الإسكندرية ، الدار الجامعية 2004 ، ص 3 .
(2) الدكتور نبيل الروبي ، نظرية التضخم ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية 1984 ، ص 13 .
(3) مذكرة تخرج لنيل شهادة اللسانس للعلوم التجارية ، فرع المالية ، التضخم وانعكاساته على التنمية الإقتصادية في العالم ، مركز جامعي ـ محمد بوضياف ـ المسيلة ، دفعة جويلية 1997 ، ص 4 .
2/ التوسع في فتح الإعتمادات من قبل المصارف :
عندما تلجأ البنوك التجارية إلى زيادة الإئتمان والإعتماد لمن يرغب من المنتجين ، فهي تزود السوق بكتلة نقدية كبيرة ، فقد ترغب الدولة في تنشيط الأعمال العامة وزيادة الإنتاج فتشجع على فتح الإعتمادات مما يؤدي بالمنتجين لطلب قروض جديدة ، لتمويل مشاريعهم (1)
ينتج على ذلك طرح كتلة نقدية جديدة في السوق ، تتسبب في زيادة أسعار عوامل الإنتاج من السلع و الخدمات مما يحدث إنعدام التوازن الإقتصادي .
3/ العجز في الميزانية :
من المعروف أن الدولة في ترتيب ميزانيتها السنوية تضع النفقات مسبقا ، ثم تبحث عن مصادر مالية لتغطية هذه النفقات ، وعندما تكون النفقات العامة أكبر من الإيرادات ، تلجأ الدولة إلى البنك لإصدار كتلة نقدية جديدة من أجل تمويل مشاريعها الإستثمارية ، وتشغيل العناصر الإنتاجية المعطلة في المجتمع ، فضلا عن المشاريع التي تساهم في الرفاهية ، وتسيير العمل اليومي كدفع رواتب الموظفين فهذه النفقات تؤدي إلى زيادة التداول النقدي الذي يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي مع بقاء الثروات الإنتاجية دون زيادة .
ثانيا : إنخفاض العرض الكلي :
إن زيادة عرض كتلة نقدية جديدة في السوق مع عدم وجود ما يقابلها من عرض السلع و الخدمات ، يعد سبب مباشر لحدوث الظاهرة التضخمية . إن من بين الأسباب التي تجعل الجهاز الإنتاجي غير مرن ولا يستوعب الطلب الكلي يمكن حصرها في العناصر التالية :
1/ بلوغ مستوى التشغيل الكامل :
إن تحقيق مرحلة التشغيل الكامل تعني الإستخدام الشامل لجميع عوامل الإنتاج تصل مها إلى درجة عجز الجهاز الإنتاجي عن مواجهة وكفاية الطلب الكلي المرتفع عن ذلك المستوى .
2/ عجز الجهاز الإنتاجي : (2)
إن عدم انصاف الجهاز الإنتاجي بالمرونة الكاملة لتزويد السوق من المنتجات الضرورية ذات الطلب الواسع قد يعود إلى ضعف التقنيات الإنتاجية المستخدمة في العمليات الإنتاجية كأن يكون التنظيم غير محكم .
ويعتبر النقص في رؤوس الأموال التي تمكن المؤسسة من تجديد هيكلها الإنتاجي وتوسعها في فتح مشاريع إنتاجية جديدة ، وفي أثناء الزيادة المستمرة للطلب الكلي الذي يرجع إلى زيادة النمو الديمغرافي يجعل العرض الكلي يتراجع بشكل مستمر.
3/ النقص في العناصر الإنتاجية :
كالعمال والموظفين المختصين والمواد الخام والمواد الأولية .
4/ النقص في رأس المال العيني :
قد تعود عدم مرونة الجهاز الإنتاجي إلى نقص في رأس المال العيني المستخدم عند مستوى الإستخدام الكامل مما يباعد ما بين النقد المتداول وبين المعروض من السلع والخدمات (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المرجع السابق ، ص 6 .
(2) المرجع السابق ، ص 8 .
(3) المرجع السابق ، ص 9 .
المطلب الثالث : أنواع التضخم وقياسه .
أولا : أنواع التضخم .
إن حدة انتشار التضخم والفترات التي يستغرقها من جانب واختلاف الأسس المتبعة في تعريف التضخم من جانب آخر ولد كنتيجة طبيعية لأنواع مختلفة للتضخم بحسب :
1/ تحكم الدولة في جهاز الإئتمان :
وذلك بمراقبتها لتحركات المستويات العامة للأسعار والتأثير فيها ، ويتدرج ضمنها : (1)
1/1/ التضخم المكبوت " المقيد " :
ويقصد به تدخل السلطات الحكومية في سير حركة الأسعار وتتخذ بذلك الدولة إجراءات إدارية وتشريعية تهدف من ورائها إلى وضع حدود قصوى للأسعار وتمنع تجاوزها للحد من تفشي التضخم بإجراءات تقلل من استمرارية زيادة الأسعار ، كالرقابة على الصرف وتحقيق فائض في الميزانية ، لكن سرعان ما تضطر الدولة لسحب هذه الإجراءات تحت ضغط قوى التضخم ، فترفع الأسعار بشكل متساوي و مستمر .
1/2/ التضخم المكشوف " الطليق " :
يتسم بارتفاع الأسعار دون أي حد أو قيد أي دون تدخل السلطات المالية في الدولة للحد من الإرتفاعات أو التأثير فيها أي هناك عوامل أخرى كالظروف الإقتصادية السائدة في بعض الصناعات ، والعوامل النفسية للأفراد من بائعين ومشترين ، إن الإرتفاع في الأجور بناء على ارتفاع الأسعار يؤدي بالمنتجين إلى دفع أسعار منتجاتهم لتغطية تكاليف الإنتاج المرتفعة ، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الاستهلاكية وهو ما يشجع المنتجين على فتح اعتمادات لزيادة انتاجهم وبالتالي توفير أرباح أكثر كما أن المنتجين في قطاعات يرفعون أسعار منتجاتهم وهو ما يؤدي إلى تراكم الإرتفاعات السعرية وانخفاض القيمة النقدية للعملة المتداولة .
1/3/ التضخم الخفي " الكامن " :
يكمن في ارتفاع الأجور نسبيا دون أن تجد هذه النسبة من الزيادة منفذ لها للإنفاق على الإستهلاك أو الإستثمار ، كون أن تلك الزيادة في الأجور لم ترافقها زيادة في الإنتاج . (2)
فيبقى التضخم خفيا لا يسمح له بالظهور في شكل انكماش في الإتفاق على السلع والخدمات الإستهلاكية والإستثمارية . (3)
2/ حدة التضخم : ينقسم إلى :
2/1/ التضخم الجامح :
وهو أشد الأنواع فتكا في الإقتصاد الوطني وهو عبارة عن تزايد الأسعار بمعدلات مرتفعة خلال فترة قصيرة يترك آثارا كبيرة يصعب على السلطات الحكومية الحد منها أو معالجيها فتفقد النقود قوتها الشرائية ، وقيمتها كوسيط للتبادل ، ومخزن للقيمة ، مما يدفع الأفراد لإلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور أحمد رمضان نعمة الله وآخرون ، مبادئ الإقتصاد الكلي ، كلية التجارة ، جامعة الإسكندرية ، الدار الجامعية 2004 ، ص 58 .
(2) المرجع السابق ، ص 58 .
(3) المرجع السابق ، ص 58 .
التخلص منها ،واستثماراتها في قطاعات غير انتاجية مبددة للثروة .
2/2/ التضخم غير الجامح " المتوسط " :
هو تضخم ترتفع فيه معدلات الأسعار ولكن بمستوى أقل من ارتفاعها بالنسبة للتضخم الجامح حيث تتكون آثاره أقل خطورة مما يسهل على السلطات الحكومية علاجه ومكافحته حتى لا يصل الأمر إلى فقدان الثقة تماما بالنقد المتداول .
2/3/ التضخم الزاحف :
ظهر بعد الحرب العالمية وهو ليس ناشئ عن زيادة الإصدار النقدي وإنما السبب الرئيسي لحدوثه راجع إلى زيادة المستمرة في الأسعار .
تصاحبها الزيادة في الأجور وله خاصيتين :
2/3/1/ النسبية : تأخذ شكل منحنى تدريجي أي الأسعار تتطور ببطء خلال فترة طويلة (1)
2/3/2/ خاصية النمو والإرتباط بمكانيزم التقدم الإقتصادي : فالتضخم الزاحف في حدود 2% يعتبر ظاهرة صحية وطبيعية للإقتصاد .
3/ حسب مصدر الضغط التضخمي : هناك ثلاثة أنواع :
3/1/ التضخم الناشئ عن جذب الطلب :
وهو زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات عن نسبة المعروض منها محددة بثمن معين ثابت بحيث ينتج عن هذا الخلل في التوازن ما بين العرض والطلب ارتفاع عام في المستولى العام للأسعار .
3/2/ تضخم التكاليف :
إن ارتفاع تكاليف عوامل الإنتاج " أجور ، مواد أولية ، ........، " في حين يشهد الإنتاج نسبة استقرار أو تراجع يؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار المنتجات ، فالخلل الحاصل هنا هو بين ما أنفق على السلع من تكاليف وعوائد عوامل الإنتاج .
3/3/ التضخم التلقائي :
عرف " بيجو " التضخم التلقائي بأنه : { ذلك الجزء من ارتفاع الأسعار الذي ينشأ من اطراد ارتفاع الأجور بنسبة أعلى من معدل زيادة الإنتاجية ، وعلى هذا الأساس فالتضخم هنا لا يستلزم بالضرورة وجود فائض في الطلب ، بحيث يزيد عن العرض ، وإنما ينتج عن الإرتفاعات المستمرة في معدلات الأجور . (2)
ثانيا : قياس التضخم :
مما سبق أشرنا للتضخم أنه يتمثل في ارتفاع المستوى العام للأسعار ومن ثم يمكن التعرف على هذه الظاهرة من خلال تتبع تطورات الأرقام القياسية للأسعار ، وقد اختلف المهتمين بالمسائل المالية في تحديد أسباب ظهور القوى التضخمية وقد اختلفوا كذلك في وضع طرق لقياس التضخم :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مذكرة تخرج لنيل شهادة اللسانس للعلوم التجارية ، فرع المالية ، التضخم وانعكاساته على التنمية الإقتصادية في العالم ، مركز جامعي ـ محمد بوضياف ـ المسيلة ، الدفعة جويلية 1997 ، ص 6 .
(2) المرجع السابق ، ص 6 .
1/ معيار الاستقرار النقدي :
إن الاستقرار النقدي يتحقق عموما عند تعادل التغير في كمية النقود : M / M
مع معدل التغير في إجمالي الناتج الوطني أي :y / y والفرق بينهما يمثل مؤشر الاستقرار النقدي : y / y - M / M = B حيث :
M : التغير في كمية النقود ؛ M : كمية النقود المتداولة في السوق .
y : التغير في إجمالي الناتج الوطني ؛ y : إجمالي الناتج الوطني الحقيقي .
B : مؤشر الاستقرار النقدي . فإذا كان معدل التغير النقدي > من معدل التغير في الناتج الوطني فهنا يكون B موجب وهذا يعبر عن وجود فائض في القوة الشرائية ( الطلب ) يفوق العرض من السلع المنتجة والخدمات المتاحة ، واستمرار هذا الفرق في الإرتفاع يشير إلى نم حجم القوى التضخمية .
2/ معيار فائض الطلب :
يعد هذا المعيار اهتمام الاقتصادي الشهير " جون كينز " الذي يرى أنه إذا لم يترتب على الزيادة في حجم الإنتاج من السلع والخدمات ،وهو ما ينشأ عنه فائض الطلب الذي يؤثر بالكامل على المستوى العام للأسعار نحو الارتفاع وهو ما يعرف " التضخم البحت " ، ويمكن قياس إجمالي فائض الطلب خلال فترة سابقة انعكست على الإرتفاع المتواصل للأسعار بالصيغة التالية :
r Y – ( I + g C + p C ) = x (1)
حيث : x ∆ إجمالي فائض الطلب ؛ Cp : الإستهلاك الخاص بالأسعار الجارية .
Cg : الإستهلاك الجماعي بالأسعار الجارية ؛ I : الاستثمار بالأسعار الجارية .
Yr : إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ؛ وتبعا لذلك فإنه إذا زاد الإتفاق بالأسعار الجارية .
( I + Cg + Cp ) على إجمالي الناتج المحلي الحقيقي Yr ينتج فائض الطلب يؤدي إلى ظهور قوى تضخمية تؤدي بالأسعار إلى الاتجاه التصاعدي .
3/ معيار الإفراط النقدي :
ينطلق هذا المعيار من التغير في التأثير على المستوى العام للأسعار ، ويجب الوصول إلى الحجم الأمثل لكمية النقود اي ذلك الحجم الذي يتعين أن يلغي معدل تغيره في كل فترة زمنية الأثر الذي يمارسه معدل التغير في الناتج القومي ومعدل التغير في طلب على النقود أو سرعة دورانها يمكن التغير عن ذلك بالعلامة التالية : M / Yp = V
V : سرعة دوران النقود ؛ M : كمية النقود ؛ P : المستوى العام للأسعار .
Y : الدخل الحقيقي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المرجع السابق ، ص 22 .
إذا افترضنا أن سرعة دوران النقود ثابت يتعين أن تظل نصيب الوحدة والمنتجة من كمية النقود ثابتا إذا أردنا أن نحافظ على المستوى العام للأسعار السائد عند فترة الأساس ، أما في حالة زيادة الطلب على النقود أو انخفضت سرعة دورانها فيتعين أن يزيد نصيب الوحدة المنتجة من كمية النقود عن حجمها الأمثل مما ينشأ معه إفراط نقدي يدفع الأسعار للارتفاع ، ولإيجاد حجم الإفراط النقدي المعبر عن التضخم نستخدم العلاقة التالية :
Mt – Ko / kt . Qyt = Mext ؛ حيث : (1)
Mext : حجم الإفراط النقدي .
Q : متوسط نصيب الوحدة من الناتج الحقيقي من كمية النقود المتداولة في سنة الأساس عند مستوى معين من الأسعار .
Yt : حجم الناتج المحلي الحقيقي بالأسعار الثابتة في السنة .
Kt : معدل الطلب على النقود في سنة المقارنة .
Ko : معدل الطلب على النقود في سنة الأساس .
Mt : الكتلة النقدية المتداولة في السوق خلال السنة
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمان الرحي
ماهية التضخم .
المطلب الأول : تعريف التضخم .
المطلب الثاني : الأسباب المنشئة للتضخم .
المطلب الثالث : أنواع التضخم وقياسه .
المطلب الأول : تعريف التضخم .
·يعتبر التضخم من أكثر المصطلحات ترددا على الألسنة ذلك أن هذه الظاهرة تصيب معظم الإقتصاديات الوطنية لكثير من الدول ، لذا لا يوجد تعريف واحد للتضخم ، فالإقتصاديون في تعريفهم للتضخم ينطلقون أساسا من أهم الآثار الناجمة عن التضخم ، وأبرزها عدم استقرار الأسعار ، فيعرف " رونيس " التضخم أنه { الإرتفاع غير المنظم للأسعار } ويعرفه " مارشال " بأنه : { ارتفاع الأسعار } ويعرفه " فلامان " بأنه { حركة الإرتفاع العام للأسعار } ويعرفه " كلوز " بأنه { الحركات العامة لارتفاع الأسعار الناشئة عن العنصر النقدي كعامل محرك دافع } .
·ومعظم مختلف التعريفات وأكثرها شيوعا قد بنيت على أساس النظرية الكمية للنقود ، وهي النظرية المعتمدة من قبل الإقتصاديين الكلاسيك في المجال النقدي حيث كانت تتصدى لتفسير العوامل المحددة للمستوى العام للأسعار ، ونظرا لأنها أبسط النظريات فالتعاريف التي تعتمج عليها كانت أكثر رواجا فقد عرف بأنه : (1)
** نقود كثيرة تطارد سلعا قليلة .
** الزيادة المحسوسة في كمية النقود .
** ينتج عن الزيادة في عرض النقود والإئتمان . (2)
** زيادة الأسعار نتيجة لزيادة الإصدار أو زيادة الإئتمان المصرفي .
·والتعريف الشامل للتضخم : { اتجاه تصاعدي في حركة الأسعار بالزيادة نظرا لأن التيار النقدي يفوق التيار السلعي والخدمي ناتج عن إصدار نقدي جديد أو جذب الطلب وهذا ما يجعل المستوى العام للأسعار يرتفع والقدرة الشرائية للنقود تنخفض وبعبارة أخرى كمية السلع والخدمات المتداولة في السوق لا تلبي مقدار يملكه حامل النقود .(3)
المطلب الثاني : الأسباب المنشئة للتضخم .
أولا : زيادة الطلب الكلي .
تتمثل العوامل التي تؤثر في الطلب الكلي في كل العوامل التي تؤثر زيادة الإتفاق الكلي أي العوامل التي تؤثر في الإنتاج الكلي والدخل القومي , وأهمها :
1/ زيادة الإنفاق العام الإستهلاكي والإستثماري :
إن أي زيادة تقوم بها الدولة في الإنفاق الكلي ( منح البطالة ، الإنفاق السكني .... ) إذا لم تصاحبها زيادة مماثلة في المنتجات السلح والخدمات فالزيادة في الإنفاق العام الكلي هي العامل الفعال في تحديد الأسعار نحو الإرتفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور أحمد رمضان نعمة الله ، وأخرون ، مبادئ الإقتصاد الكلي ، كلية التجارة ، جامعة الإسكندرية ، الدار الجامعية 2004 ، ص 3 .
(2) الدكتور نبيل الروبي ، نظرية التضخم ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الإسكندرية 1984 ، ص 13 .
(3) مذكرة تخرج لنيل شهادة اللسانس للعلوم التجارية ، فرع المالية ، التضخم وانعكاساته على التنمية الإقتصادية في العالم ، مركز جامعي ـ محمد بوضياف ـ المسيلة ، دفعة جويلية 1997 ، ص 4 .
2/ التوسع في فتح الإعتمادات من قبل المصارف :
عندما تلجأ البنوك التجارية إلى زيادة الإئتمان والإعتماد لمن يرغب من المنتجين ، فهي تزود السوق بكتلة نقدية كبيرة ، فقد ترغب الدولة في تنشيط الأعمال العامة وزيادة الإنتاج فتشجع على فتح الإعتمادات مما يؤدي بالمنتجين لطلب قروض جديدة ، لتمويل مشاريعهم (1)
ينتج على ذلك طرح كتلة نقدية جديدة في السوق ، تتسبب في زيادة أسعار عوامل الإنتاج من السلع و الخدمات مما يحدث إنعدام التوازن الإقتصادي .
3/ العجز في الميزانية :
من المعروف أن الدولة في ترتيب ميزانيتها السنوية تضع النفقات مسبقا ، ثم تبحث عن مصادر مالية لتغطية هذه النفقات ، وعندما تكون النفقات العامة أكبر من الإيرادات ، تلجأ الدولة إلى البنك لإصدار كتلة نقدية جديدة من أجل تمويل مشاريعها الإستثمارية ، وتشغيل العناصر الإنتاجية المعطلة في المجتمع ، فضلا عن المشاريع التي تساهم في الرفاهية ، وتسيير العمل اليومي كدفع رواتب الموظفين فهذه النفقات تؤدي إلى زيادة التداول النقدي الذي يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي مع بقاء الثروات الإنتاجية دون زيادة .
ثانيا : إنخفاض العرض الكلي :
إن زيادة عرض كتلة نقدية جديدة في السوق مع عدم وجود ما يقابلها من عرض السلع و الخدمات ، يعد سبب مباشر لحدوث الظاهرة التضخمية . إن من بين الأسباب التي تجعل الجهاز الإنتاجي غير مرن ولا يستوعب الطلب الكلي يمكن حصرها في العناصر التالية :
1/ بلوغ مستوى التشغيل الكامل :
إن تحقيق مرحلة التشغيل الكامل تعني الإستخدام الشامل لجميع عوامل الإنتاج تصل مها إلى درجة عجز الجهاز الإنتاجي عن مواجهة وكفاية الطلب الكلي المرتفع عن ذلك المستوى .
2/ عجز الجهاز الإنتاجي : (2)
إن عدم انصاف الجهاز الإنتاجي بالمرونة الكاملة لتزويد السوق من المنتجات الضرورية ذات الطلب الواسع قد يعود إلى ضعف التقنيات الإنتاجية المستخدمة في العمليات الإنتاجية كأن يكون التنظيم غير محكم .
ويعتبر النقص في رؤوس الأموال التي تمكن المؤسسة من تجديد هيكلها الإنتاجي وتوسعها في فتح مشاريع إنتاجية جديدة ، وفي أثناء الزيادة المستمرة للطلب الكلي الذي يرجع إلى زيادة النمو الديمغرافي يجعل العرض الكلي يتراجع بشكل مستمر.
3/ النقص في العناصر الإنتاجية :
كالعمال والموظفين المختصين والمواد الخام والمواد الأولية .
4/ النقص في رأس المال العيني :
قد تعود عدم مرونة الجهاز الإنتاجي إلى نقص في رأس المال العيني المستخدم عند مستوى الإستخدام الكامل مما يباعد ما بين النقد المتداول وبين المعروض من السلع والخدمات (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المرجع السابق ، ص 6 .
(2) المرجع السابق ، ص 8 .
(3) المرجع السابق ، ص 9 .
المطلب الثالث : أنواع التضخم وقياسه .
أولا : أنواع التضخم .
إن حدة انتشار التضخم والفترات التي يستغرقها من جانب واختلاف الأسس المتبعة في تعريف التضخم من جانب آخر ولد كنتيجة طبيعية لأنواع مختلفة للتضخم بحسب :
1/ تحكم الدولة في جهاز الإئتمان :
وذلك بمراقبتها لتحركات المستويات العامة للأسعار والتأثير فيها ، ويتدرج ضمنها : (1)
1/1/ التضخم المكبوت " المقيد " :
ويقصد به تدخل السلطات الحكومية في سير حركة الأسعار وتتخذ بذلك الدولة إجراءات إدارية وتشريعية تهدف من ورائها إلى وضع حدود قصوى للأسعار وتمنع تجاوزها للحد من تفشي التضخم بإجراءات تقلل من استمرارية زيادة الأسعار ، كالرقابة على الصرف وتحقيق فائض في الميزانية ، لكن سرعان ما تضطر الدولة لسحب هذه الإجراءات تحت ضغط قوى التضخم ، فترفع الأسعار بشكل متساوي و مستمر .
1/2/ التضخم المكشوف " الطليق " :
يتسم بارتفاع الأسعار دون أي حد أو قيد أي دون تدخل السلطات المالية في الدولة للحد من الإرتفاعات أو التأثير فيها أي هناك عوامل أخرى كالظروف الإقتصادية السائدة في بعض الصناعات ، والعوامل النفسية للأفراد من بائعين ومشترين ، إن الإرتفاع في الأجور بناء على ارتفاع الأسعار يؤدي بالمنتجين إلى دفع أسعار منتجاتهم لتغطية تكاليف الإنتاج المرتفعة ، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الاستهلاكية وهو ما يشجع المنتجين على فتح اعتمادات لزيادة انتاجهم وبالتالي توفير أرباح أكثر كما أن المنتجين في قطاعات يرفعون أسعار منتجاتهم وهو ما يؤدي إلى تراكم الإرتفاعات السعرية وانخفاض القيمة النقدية للعملة المتداولة .
1/3/ التضخم الخفي " الكامن " :
يكمن في ارتفاع الأجور نسبيا دون أن تجد هذه النسبة من الزيادة منفذ لها للإنفاق على الإستهلاك أو الإستثمار ، كون أن تلك الزيادة في الأجور لم ترافقها زيادة في الإنتاج . (2)
فيبقى التضخم خفيا لا يسمح له بالظهور في شكل انكماش في الإتفاق على السلع والخدمات الإستهلاكية والإستثمارية . (3)
2/ حدة التضخم : ينقسم إلى :
2/1/ التضخم الجامح :
وهو أشد الأنواع فتكا في الإقتصاد الوطني وهو عبارة عن تزايد الأسعار بمعدلات مرتفعة خلال فترة قصيرة يترك آثارا كبيرة يصعب على السلطات الحكومية الحد منها أو معالجيها فتفقد النقود قوتها الشرائية ، وقيمتها كوسيط للتبادل ، ومخزن للقيمة ، مما يدفع الأفراد لإلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدكتور أحمد رمضان نعمة الله وآخرون ، مبادئ الإقتصاد الكلي ، كلية التجارة ، جامعة الإسكندرية ، الدار الجامعية 2004 ، ص 58 .
(2) المرجع السابق ، ص 58 .
(3) المرجع السابق ، ص 58 .
التخلص منها ،واستثماراتها في قطاعات غير انتاجية مبددة للثروة .
2/2/ التضخم غير الجامح " المتوسط " :
هو تضخم ترتفع فيه معدلات الأسعار ولكن بمستوى أقل من ارتفاعها بالنسبة للتضخم الجامح حيث تتكون آثاره أقل خطورة مما يسهل على السلطات الحكومية علاجه ومكافحته حتى لا يصل الأمر إلى فقدان الثقة تماما بالنقد المتداول .
2/3/ التضخم الزاحف :
ظهر بعد الحرب العالمية وهو ليس ناشئ عن زيادة الإصدار النقدي وإنما السبب الرئيسي لحدوثه راجع إلى زيادة المستمرة في الأسعار .
تصاحبها الزيادة في الأجور وله خاصيتين :
2/3/1/ النسبية : تأخذ شكل منحنى تدريجي أي الأسعار تتطور ببطء خلال فترة طويلة (1)
2/3/2/ خاصية النمو والإرتباط بمكانيزم التقدم الإقتصادي : فالتضخم الزاحف في حدود 2% يعتبر ظاهرة صحية وطبيعية للإقتصاد .
3/ حسب مصدر الضغط التضخمي : هناك ثلاثة أنواع :
3/1/ التضخم الناشئ عن جذب الطلب :
وهو زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات عن نسبة المعروض منها محددة بثمن معين ثابت بحيث ينتج عن هذا الخلل في التوازن ما بين العرض والطلب ارتفاع عام في المستولى العام للأسعار .
3/2/ تضخم التكاليف :
إن ارتفاع تكاليف عوامل الإنتاج " أجور ، مواد أولية ، ........، " في حين يشهد الإنتاج نسبة استقرار أو تراجع يؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار المنتجات ، فالخلل الحاصل هنا هو بين ما أنفق على السلع من تكاليف وعوائد عوامل الإنتاج .
3/3/ التضخم التلقائي :
عرف " بيجو " التضخم التلقائي بأنه : { ذلك الجزء من ارتفاع الأسعار الذي ينشأ من اطراد ارتفاع الأجور بنسبة أعلى من معدل زيادة الإنتاجية ، وعلى هذا الأساس فالتضخم هنا لا يستلزم بالضرورة وجود فائض في الطلب ، بحيث يزيد عن العرض ، وإنما ينتج عن الإرتفاعات المستمرة في معدلات الأجور . (2)
ثانيا : قياس التضخم :
مما سبق أشرنا للتضخم أنه يتمثل في ارتفاع المستوى العام للأسعار ومن ثم يمكن التعرف على هذه الظاهرة من خلال تتبع تطورات الأرقام القياسية للأسعار ، وقد اختلف المهتمين بالمسائل المالية في تحديد أسباب ظهور القوى التضخمية وقد اختلفوا كذلك في وضع طرق لقياس التضخم :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مذكرة تخرج لنيل شهادة اللسانس للعلوم التجارية ، فرع المالية ، التضخم وانعكاساته على التنمية الإقتصادية في العالم ، مركز جامعي ـ محمد بوضياف ـ المسيلة ، الدفعة جويلية 1997 ، ص 6 .
(2) المرجع السابق ، ص 6 .
1/ معيار الاستقرار النقدي :
إن الاستقرار النقدي يتحقق عموما عند تعادل التغير في كمية النقود : M / M
مع معدل التغير في إجمالي الناتج الوطني أي :y / y والفرق بينهما يمثل مؤشر الاستقرار النقدي : y / y - M / M = B حيث :
M : التغير في كمية النقود ؛ M : كمية النقود المتداولة في السوق .
y : التغير في إجمالي الناتج الوطني ؛ y : إجمالي الناتج الوطني الحقيقي .
B : مؤشر الاستقرار النقدي . فإذا كان معدل التغير النقدي > من معدل التغير في الناتج الوطني فهنا يكون B موجب وهذا يعبر عن وجود فائض في القوة الشرائية ( الطلب ) يفوق العرض من السلع المنتجة والخدمات المتاحة ، واستمرار هذا الفرق في الإرتفاع يشير إلى نم حجم القوى التضخمية .
2/ معيار فائض الطلب :
يعد هذا المعيار اهتمام الاقتصادي الشهير " جون كينز " الذي يرى أنه إذا لم يترتب على الزيادة في حجم الإنتاج من السلع والخدمات ،وهو ما ينشأ عنه فائض الطلب الذي يؤثر بالكامل على المستوى العام للأسعار نحو الارتفاع وهو ما يعرف " التضخم البحت " ، ويمكن قياس إجمالي فائض الطلب خلال فترة سابقة انعكست على الإرتفاع المتواصل للأسعار بالصيغة التالية :
r Y – ( I + g C + p C ) = x (1)
حيث : x ∆ إجمالي فائض الطلب ؛ Cp : الإستهلاك الخاص بالأسعار الجارية .
Cg : الإستهلاك الجماعي بالأسعار الجارية ؛ I : الاستثمار بالأسعار الجارية .
Yr : إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ؛ وتبعا لذلك فإنه إذا زاد الإتفاق بالأسعار الجارية .
( I + Cg + Cp ) على إجمالي الناتج المحلي الحقيقي Yr ينتج فائض الطلب يؤدي إلى ظهور قوى تضخمية تؤدي بالأسعار إلى الاتجاه التصاعدي .
3/ معيار الإفراط النقدي :
ينطلق هذا المعيار من التغير في التأثير على المستوى العام للأسعار ، ويجب الوصول إلى الحجم الأمثل لكمية النقود اي ذلك الحجم الذي يتعين أن يلغي معدل تغيره في كل فترة زمنية الأثر الذي يمارسه معدل التغير في الناتج القومي ومعدل التغير في طلب على النقود أو سرعة دورانها يمكن التغير عن ذلك بالعلامة التالية : M / Yp = V
V : سرعة دوران النقود ؛ M : كمية النقود ؛ P : المستوى العام للأسعار .
Y : الدخل الحقيقي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المرجع السابق ، ص 22 .
إذا افترضنا أن سرعة دوران النقود ثابت يتعين أن تظل نصيب الوحدة والمنتجة من كمية النقود ثابتا إذا أردنا أن نحافظ على المستوى العام للأسعار السائد عند فترة الأساس ، أما في حالة زيادة الطلب على النقود أو انخفضت سرعة دورانها فيتعين أن يزيد نصيب الوحدة المنتجة من كمية النقود عن حجمها الأمثل مما ينشأ معه إفراط نقدي يدفع الأسعار للارتفاع ، ولإيجاد حجم الإفراط النقدي المعبر عن التضخم نستخدم العلاقة التالية :
Mt – Ko / kt . Qyt = Mext ؛ حيث : (1)
Mext : حجم الإفراط النقدي .
Q : متوسط نصيب الوحدة من الناتج الحقيقي من كمية النقود المتداولة في سنة الأساس عند مستوى معين من الأسعار .
Yt : حجم الناتج المحلي الحقيقي بالأسعار الثابتة في السنة .
Kt : معدل الطلب على النقود في سنة المقارنة .
Ko : معدل الطلب على النقود في سنة الأساس .
Mt : الكتلة النقدية المتداولة في السوق خلال السنة