benali6054
2013-06-30, 18:35
اعتاد المجتمع الجزائري على غرار المجتمعات العربية الأخرى أن يجتمع الناس ليلة المأتم أو ليلة دفن الميت عند مقر سكناه ,فيأتي الأقارب والجيران والخلان وغيرهم ممن يعرفونه وكذلك أصدقائه وأحبابه,هذه الليلة تتميز عن غيرها من الليال مما تحمله من معاني وذكريات تجتر من الماضي البعيد فيأتي الناس من كل مكان يقدمون التعازي لأهل الميت ويدعون له بالمغفرة والرحمة وبينما هم يحيطون بالبيت ومقر سكناه يمر عليه ولدان يوزعون عليه فناجين القهوة أو الشاي وقطع الحلوى اللذيذة ويدرج صمن حسن الضيافة من جهة وجزء من التصدق على الميت لعله حسب قولهم ينال من خلالها الرحمة ,وبهذه المناسبة أيضا يقام عشاء لهؤلاء الحاضرين لهذه الليلة العظيمة إلا أن الموضوع هنا هو الحديث الذي يدور على الألسنة الحاضرة هنا ليس العبرة ولا الحكمة من المناسبة التي يجتمع من أجلها الناس ولكن يدور الحديث حول السياسة والبعض يتكلم عن مقابلة الد وري الأوروبي وماذا ستسفر عنه نتائج الربع النهائي وجماعة منبطحة هناك في زاوية من زوايا الخيمة تتداول خبر الزيادات والعلاوات الشهرية , وأما مجموعة" الهيليكس" فحدث ولا حرج لا يبالون بمن حولهم من أحياء فكيف يعتبرون من الموت.أما جماعة القرآن فلا يتعدى صوتهم زوايا الخيمة وترى أعينهم تتقلب هنا وهناك وفي نفس يعقوب حاجة,ويطول السمر والسهر في هذه الليلة حتى يحضر العشاء وتبدأ الأصوات تهدأ بالتدريج فلا تسمع بعد ذلك إلا زدنا مرقا هنا والأخرى تنقصنا ملعقة هنا ويتعالى أحيانا الصياح والنداء حول النقائص لأنه عار على المضيف إهمال الضيف في هذه الليلة الغراء ولكن الفاجعة أنّ الحبيب غادر الدنيا وفارقها وهو يعد من الغائبين الذين لا يعودون إلى هذه الدنيا مرة أخرى. وهل يأتي الناس لآخذ العبرة أم للسهر والسمر هذا سؤال يجيب عنه كل واحد فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ماعدا أهل الميت هم وحدهم من يسقون من هذه المصيبة ويتجرعون الآلام وحدهم ويعرفون مكانة الراحل وقيته كما قال الشاعر :
سيذكرني القوم إذا جدّ جذّهم ***** وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
إنا لله وإنا إليه راجعون
سيذكرني القوم إذا جدّ جذّهم ***** وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
إنا لله وإنا إليه راجعون