المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب الصيام


"جُوهَرْ"
2013-06-11, 14:44
http://www9.0zz0.com/2013/06/11/13/935135180.gif




http://www13.0zz0.com/2012/11/14/12/286056168.jpg


مسائل مهمة لكل مسلم ومسلمة تتعلق بالصيام، نقلتها لكم من كتاب "صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة".


أعده :أبو مالك كمال بن السيد سالم.

فجزاه الله عنّا خير الجزاء.


http://www9.0zz0.com/2013/06/11/13/663622526.gif

"جُوهَرْ"
2013-06-11, 14:48
تعريف الصيام(1).
الصيام والصوم لغة: الإمساك والكف عن الشيء،ويستعمل في كل إمساك،قال تعالى إخبارا عن مريم-عليها السلام:" إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا"(2)أي صمتا وإمساكا وكفّا عن الكلام.
وفي الشرع:الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس معنية التعبد لله تعالى.
من فضائل الصيام وفوائده:
(أ): الصيام من أعظم الطاعات التي يتقرّب بها إلى الله سبحانه،ويثاب المؤمن عليه ثوابا لا حدود له،وبه تغفر الذنوب المتقدمة،وبه يباعد بين وجهه وبين النّار وبه يستحق العبد دخول الجنّان من باب خاص أعدّ للصائمين،وبه يفرح العبد عند لقاء ربه.
1-فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"قال الله عزوجل:كل عمل ابن آدم له إلاّ الصيام فإنّه لي وأنا أجزى به،والصيام جُنَّة،فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل،فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل:إني صائم-مرتين_ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك،وللصائم فرحتان يفرحهما:إذا أفطر فرح بفطره،وإذا لقى ربه فرح بصومه"(3).
2- وعن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من صام رمضان إيمانا و احتسابا،غفر له ما تقدم من ذنبه"(4).
3-وعن أبي سعيد الخدري قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلاّ باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النّار سبعين خريفا"(5).
4- وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن في الجنّة بابا يقال له الريّان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم،فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد"(6).
(ب): والصيام مدرسة خلقية كبرى يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة،فهو جهاد للنفس،ومقاومة للأهواء ونزغات الشيطان التي قد تلوح له،ويتعوّد به الإنسان خلق الصبر على ما قد يحرم منه وعلى الأهوال والشدائد التي قد يتعرض لها،ويعلم النظام والانضباط،وينمى في الإنسان عاطفة الرحمة والأخوة والشعور بالتضامن والتعاون التي تربط المسلمين(7).
أقسام الصيام:
اعلم أن الصيام على قسمين(8):
1-صيام واجب.
2-صيام تطوع.
1-الصيام الواجب وأقسامه:
الصيام الواجب على ثلاثة أقسام
(أ): ما يجب للزمان نفسه، وهو صوم شهر رمضان بعينه، وهو الذي نتناول أحكامه هنا.
(ب): ما يجب لعلّة،وهو صيام (الكفارات).
(ج): ما يجب لإيجاب الإنسان ذلك على نفسه: وهو (صيام النّذر).
وهذان القسمان (صيام الكفارة والنّذر) سنذكره مفرقا في مواضعه في أبواب الفقه.

http://www9.0zz0.com/2013/06/11/13/663622526.gif

(1):"اللباب"(1/162)، و"المجموع"(6/248)، و"المغنى"(3/84).
(2) سورة مريم:26.
(3) صحيح: أخرجه البخاري(1904)، ومسلم(1151) وغيرهما.
(4) صحيح:أخرجه البخاري(1900)، ومسلم(760)وغيرهما.
(5) صحيح:أخرجه البخاري(2840)، ومسلم (1153) وغيرهما.
(6) صحيح:أخرجه البخاري(1896)، ومسلم (1152) وغيرهما.
(7)الفقه الإسلامي وأدلته"(2/566-568).
(8):"بداية المجتهد"(1/422).


http://www9.0zz0.com/2013/06/11/13/663622526.gif

"جُوهَرْ"
2013-06-11, 14:55
صيام رمضان
حكمه:صيام رمضان واجب على كل مسلم بالغ عاقل صحيح مقيم وهو ركن من أركان الإسلام، دل على وجوبه الكتاب والسنّة وإجماع الأمة:
فمن الكتاب:قوله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* أ يَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"(1).
ومن السنة:
1-حديث طلحة بن عبد الله رضي الله عنه أن أعرابيّا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس-وفيه- فقال: أخبرني بما فرض الله عليّ من الصيام، فقال:"شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا"(2).
2-حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بني الإسلام على خمس:شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمّدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة،والحج،وصوم رمضان"(3).
3- حديث جبريل المشهور وفيه:قال:ما الإسلام؟ قال:"الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان..."(4) الحديث.
-وقد أجمع المسلمون على أن الصوم ركن من أركان الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة بحيث يكفر منكره،وأنه لا يسقط عن المكلف إلاّ بعذر من الأعذار الشرعية المعتبرة(5) التي يأتي ذكرها.
من فضائل" رمضان" والعمل فيه:
1-عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" شهران لا ينقصان،شهرا عيد:رمضان و ذو الحجة"(6).
وفيه أن رمضان وذو الحجة في الفضل سيّان،وأن كل ما ورد في فضلهما وأجرهما وثوابهما حاصل بكماله وإن كان الشهر تسعا وعشرين"(7).
2- وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا دخل شهر رمضان،فتحت أبواب السماء،وغلقت أبواب جهنم،وسلسلت الشياطين"(8).
3- وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه " (9).
قال أبو حاتم بن حبان:"إيمانا" يريد إيمانا بفرضه، و"احتسابا" يريد به مخلصا فيه.
4- وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفّرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"(10).
5- أن فيه العشر الأواخر وليلة القدر، وسيأتي فضلها والعمل فيها.

http://www9.0zz0.com/2013/06/11/13/663622526.gif
(1):سورة البقرة: 183-185.
(2): صحيح أخرجه البخاري(46)، ومسلم (11).
(3) :صحيح أخرجه البخاري(8)، ومسلم (16).
(4) :صحيح أخرجه البخاري(50)، ومسلم (9).
(5): "الإفصاح" لابن هبيرة(1/232)،و"المغنى"(3/285)،و"المجموع"(6/252).
(6): صحيح:أخرجه البخاري(1912)، ومسلم (1089).
(7): "فتح الباري"(4/150)، و"المجموع"(6/253)، و"صحيح ابن حبان"(8/218-إحسان).
(8):صحيح: أخرجه البخاري(1899)، ومسلم (1079).
(9):صحيح أخرجه البخاري(38)، و (4/157)، وابن ماجة (1641).
(10): صحيح: أخرجه مسلم (233).





http://www9.0zz0.com/2013/06/11/13/663622526.gif


يتبع بإذن الله.

"جُوهَرْ"
2013-06-12, 15:05
http://www8.0zz0.com/2013/06/12/13/278530652.gif



بم يجب صيام رمضان(ثبوت الشهر):
يجب صيام رمضان بثبوت الشهر،وهو يثبت بأحد أمرين:
1-رؤية هلال رمضان:قال الله تعالى:" فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"سورة البقرة الآية:85.
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غمّ عليكم فاقدروا له"(1).
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"(2).
معرفة الهلال بالرؤية لا بالحساب:
الطريق إلى معرفة الهلال هو الرؤيا لا غيرها،وضبط مكان الطلوع بالحساب لا يصح،فإنا نعلم بالاضطرار-من دين الله أن العمل في رؤية هلال الصوم والحج،أو العدة،أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال،بخبر الحاسب لا يجوز،والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة،منها قوله صلى الله عليه وسلم:" إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب،الشهر هكذا وهكذا..."(3) يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين،وقد أجمع المسلمون بذلك عليه،ولا يعرف فيه خلاف قديم-أصلا-ولا خلاف حديث إلاّ عن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة في جواز أن يعمل الحاسب-في نفسه-بالحساب،وهذا شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه(4).
رؤية هلال رمضان تثبت يشاهد عدل(5):
إذا رأى واحد عدل يوثق به هلال رمضان فإنّه يعمل بخبره عند أكثر أهل العلماء، كأبي حنيفة والشافعي-في أصدق قوليه وهو الصحيح عنده-وأحمد وأهل الظاهر واختاره ابن منذر.
وذهب مالك والليث والأوزاعي والثوري والشافعي في قوله الآخر إلى اشتراط شاهدي عدل،قياسا على الشهادة،والأول أظهر لأن تشبيه رائي الهلال بالراوي،أمثل من تشبيهه بالشاهد،وقد صح في الشرع قبول خبر الواحد،ثم إنّه يتشدد في الأموال والحقوق ما لا يتشدد في الأخبار الدينية.
ويدل على الاكتفاء بخبر الواحد،حديث ابن عمر قال:"تراءى النّاس الهلال،فرأيته،فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر النّاس بصيامه"( 6).
والخبر بهذا من الرجل والمرأة على السواء في أصح قولي العلماء(7).

http://www8.0zz0.com/2013/06/12/13/182937242.gif

(1):صحيح أخرجه البخاري(1900)، ومسلم(1080).
(2):صحيح أخرجه البخاري(1907).
(3):صحيح أخرجه البخاري(1913)، مسلم(1080) وغيرهما.
(4):انظر "مجموع الفتاوى"(25/113، 132، 146)، وحاشية ابن عابدين (2/393)، و"المجموع" (6/279)، و"بداية المجتهد"(1/423).
(5):"بداية المجتهد"(1/426)، و"المحلى"(6/235)، و"المجموع"(6/289)، و"المغنى" (3/289)ط.الغد، و"نيل الأوطار"(4/222).
(6): صحيح:أبو داود (2342)، والدارمي(2/4)، وابن حبان (3447)، وانظر "الإرواء" (908).
(7): وهو مذهب الحنابلة،كما في" شرح المنتهى" (1/440)، وابن حزم في "المحلى" (6/350).


http://www8.0zz0.com/2013/06/12/13/182937242.gif

"جُوهَرْ"
2013-06-12, 15:12
من رأى الهلال وحده(2):
من رأى الهلال وحده فردّ قوله، فللعلماء في صومه أو فطره برؤيته ثلاثة أقوال:
الأول:أنه يصوم إذا رأى هلال رمضان، ويفطر لهلال شوال سرّا لئلا يخالف الجماعة وهذا قول الشافعي ورواية عن أحمد ومذهب ابن حزم، لقوله تعالى:" فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"(3).
الثاني:يصوم برؤيته، ولا يفطر إلاّ مع النّاس، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والمشهور عن أحمد.
الثالث: لا يعمل برؤيته،فيصوم مع النّاس ويفطر معهم،وهو رواية عن أحمد واختاره شيخ الإسلام،لقوله صلى الله عليه وسلم:"صومكم يوم يصومون، وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون"(4) ومعناه أن الصوم والفطر يكون مع الجماعة.
قلت: والأظهر أنّه يعمل برؤيته في الصيام والإفطار-سرّا- إن خالف النّاس، ما لم يزد صيامه على ثلاثين يوما، والله أعلم.
2- إكمال عدة شعبان ثلاثين:
لأن الشهر الهلالي لا يقل عن تسعة وعشرين ولا يزيد عن ثلاثين يوما،فإذا لم يروا الهلال –مع صحو السماء وخلوها من الغيم وأي مانع للرؤية-ليلة الثلاثين من شعبان،أتموا شعبان ثلاثين وأصبحوا مفطرين إما وجوبا وإمّا استحبابا على ما يأتي في صيام يوم الشك.
إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو نحوه ليلة الثلاثين من شعبان:
فللعلماء في هذه المسألة أقوال،أشهرها أربعة(5).
الأول: لا يجوز صومه، لا وجوبا ولا تطوعا: وهو مذهب الجمهور ورواية عن أحمد واستدلوا بما يلي:
1_ حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الشهر تسع وعشرون ليلة،فلا تصوموا حتى تروه،فإن غمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين"(6).
2-حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يتقدّمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلاّ أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم"(7).
3- حديث عمار بن ياسر قال:"من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"(8).
4- أن صيام هذا اليوم على سبيل الاحتياط من التنطّع في الدين، لأن الاحتياط إنّما يكون فيما كان الأصل وجوبه، أما ما كان الأصل عدمه فلا احتياط في إيجابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"هلك المتنطعّون"(9).
الثاني: يجب صومه على أنّه من رمضان: وهو المشهور من مذهب الحنابلة وبه قالت طائفة من الصحابة منهم علي وعائشة وابن عمر، وجماعة من السلف، واستدلوا بما يلي:
1-أن ابن عمر رضي الله عنهما:"كان إذا كان يوم الثلاثين من شعبان وحال دونه غيم أو قتر أصبح صائما"(10) قالوا: وابن عمر هو راوي حديث:"فإن غمّ عليكم..." فعمله تفسير له.
2- أن قوله صلى الله عليه وسلم:"فإن غمّ عليكم فاقدروا له" معناه (ضيّقوا له) وتضييق العدد بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين.
3- أن قوله:"فإن غمّ عليكم فاقدروا له" إنّما هو في حال الصحو لأنّه علّق الصيام على الرؤية، فأمّا في حال الغيم فله حكم آخر.
4- أنّه يحتمل أن يكون الهلال قد ظهر ومنعه الغيم، فيصوم احتياطا.
الثالث: أن النّاس تبع للإمام إن صام صاموا وإن أفطر فطروا: وهو رواية عن أحمد، لقوله صلى الله عليه وسلم:"الفطر يوم يفطر النّاس والأضحى يوم يضحي النّاس"(11).
قلت: وقول الجمهور بمنع الصيام أظهر لأدلة المتقدمة،وأما فعل ابن عمر فليس فيه ما يدل على أنّه كان يعتقد وجوبه حتى يعتبر مفسرا لما رواه،ويدل على ذلك أنّه لوكان واجبا لأمر النّاس به ولو أهله ، فغاية ما فيه أنّه صامه استحبابا أو احتياطا،وهذا هو القول الرابع وهو الذي اختاره ابن تيمية وابن القيم،هذا على أنّه قد ثبت عن ابن عمر قوله:" لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه"(12).
قلت: ثم إن فعل ابن عمر هذا مخالف لفعله صلى الله عليه وسلم الذي روته عائشة رضي الله عنها إذ قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ عن شعبان ولا يتحفظ من غيره،ثم يصوم لرؤية رمضان،فإن غمّ عليه عدّ ثلاثين يوما ثم صام"(13).

http://www8.0zz0.com/2013/06/12/13/182937242.gif
(1): صحيح: أخرجه النسائي(1/300)، وأحمد (4/321)، وانظر"الإرواء" (909).
(2):البدائع(2/80)، والمدونة (1/193)، والمبدع(3/10)، والمجموع (6/280)، والمحلى (6/350)، ومجموع الفتاوى (25/114).
(3): سورة البقرة:185.
(4): صححه الألباني:أخرجه أبو داود(2324) وغيره،وانظر "الإرواء" (905).
(5): "البدائع"(2/78)،و"الخرشي"(2/238)، و"المجموع"(6/269)،و"الإنصاف" ،و"مجموع الفتاوى"(25/124)، و"زاد المعاد"(2/46-49).
(6):صحيح:تقدم قريبا.
(7): صحيح:أخرجه البخاري(1914)، ومسلم (1082).
(8): صحيح: أخرجه أبو داود (2317)، والترمذي (281)، والنسائي (4/153)، وابن ماجة (1645)،و انظر "الإرواء"(961).
(9): صحيح:أخرجه مسلم (2670)، وأبو داود(4608) من حديث ابن مسعود.
(10):صحيح: أخرجه أبو داود(2320)، وأحمد (2/5)، وانظر "الإرواء" (904).
(11): صححه الألباني: وقد تقدم قريبا.
(12):إسناده صحيح:نقله ابن القيم في "الزاد" (2/49) عن حنبل في مسائله بسند صحيح.
(13): أخرجه أبو داود (2325)،وأحمد (6/149)، والبيهقي (4/206) وسنده مقارب.
http://www8.0zz0.com/2013/06/12/13/182937242.gif

"جُوهَرْ"
2013-06-12, 15:18
إذا تبيّن في يوم الشك أنّه من رمضان:
كأن يكون الذي رأى الهلال لم يحضر عند القاضي إلاّ في أثناء النهار، أو أن يروا الهلال من النهار-قبل الزوال- ونحو ذلك، فلا يخلو من أحد أربعة:
1- أن يكون قد صام يوم الشك بنيّة أنّه رمضان-كما هو مذهب الحنابلة-فهذا يجزئه صيامه بلا خلاف.
2- أن يكون قد صام هذا اليوم تطوعا أو بنية معلقة،فذهب الجمهور إلى أنه لا يجزئه لأنه يجب تعيين النية واعتقاد أنه يصوم رمضان(1).
وقال أبو حنيفة:يجزئه-بناء على أصله في عدم اشتراط النية في رمضان-والإجزاء رواية عن أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام(2)،قلت: والأول أظهر من جهة الدليل.
3- أن يصبح ناويا الإفطار ثم يتيقن أثناء النهار-وقبل أن يطعم أو يشرب شيئا-أنّه رمضان،فقال الشافعي(3):يتم صومه وعليه الإعادة لأنّه لم يبيت النيّة،وقال أبو حنيفة يجزئه.
4- أن يصبح مفطرا ثم يتيقن أثناء النهار أنّه رمضان بعد ما طعم وشرب،فيجب عليك الإمساك بقية يومه بلا خلاف،لحديث سلمة بن الأكوع قال:"أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم أن أذن في النّاس:أن من أكل فليصم بقية يومه،ومن لم يكن أكل فليصم،فإنّه اليوم يوم عاشوراء"(4) وقد كان واجبا حينها،ثم عليه قضاء هذا اليوم لأنّه لم يبيّت النيّة في الليل،وهذا مذهب الشافعية والحنابلة(5) وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية(6) إلى أنّه لا يلزمه-والحالة هذه- أن يقضيه،لأن القضاء يفتقر إلى دليل-لا سيما مع عدم التفريط- وأجاب عن عدم النيّة بأن النيّة تتبع العلم،وأن الله تعالى لا يكلف أحدا أن ينوي ما لم يعلم،والعلم لم يحصل إلا أثناء النهار وهو مذهب وجيه،لكن الأحوط قضاؤه،والله أعلم.
إذا رؤى الهلال في بلد،فهل يلزم سائر البلاد؟
في هذه المسألة ثلاثة أقوال لأهل العلم:
الأول: إذا رأى الهلال أهل بلد لزم جميع البلاد الصوم دون اعتبار اختلاف المطالع: وهذا هو المعتمد عند الحنفية، ومذهب المالكية، وبعض الشافعية، والمشهور عند الحنابلة(7).
قالوا:لأن الخطاب في قوله صلى الله عليه وسلم:"إذا رأيتموه فصوموا"لكل المسلمين.
-ولأن ذلك أقرب إلى اتحاد المسلمين وتوحيد كلمتهم، ولسهولة الاتصال بين طرفي المعمورة في هذه الأزمان عن طريق الأقمار الصناعية.
الثاني: أن لكل بلد-تحت ولاية واحدة-رؤيتهم: وقد نقله ابن المنذر عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق(8)،ودليلهم حديث كريب –مولى ابن عباس-قال:"قدمت الشام واستهل عليّ هلال رمضان ،وأنا بالشام،فرأينا الهلال ليلة الجمعة،ثم قدمت المدينة في خر الشهر فسألني ابن عباس،ثم ذكر الهلال فقال: مت رأيتم الهلال قلت رأيناه يوم الجمعة ،فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت:نعم ورآه النّاس،وصاموا،وصام معاوية،فقال:لكنا رأيناه ليلة السبت،فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه،فقلت:ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟فقال:لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"(9).
وقوله تعالى: " فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"(10).ومفهومه أن من لم يشهده لا يصوم حتى يراه أو يكمل عدة شعبان.
الثالث:أنّه يجب الصوم على البلاد التي لا تختلف مطالعها: وهذا أصح الأوجه عند الشافعية ومذهب بعض المالكية والحنفية وقول عند الحنابلة وهو اختيار شيخ الإسلام(11) وهذا هو القول الوسط في المسألة،فإن المطالع تختلف باتفاق أهل المعرفة،فإن اتفقت لزم الصوم،وإلاّ فلا،وأما القول الأول بعدم اعتبار اختلاف المطالع فهو مخالف لما هو ثابت بالضرورة من اختلاف الأوقات،فإنّه لو غابت الشمس في المشرق فليس لأهل المغرب الفطر اتفاقا،وأمّا حديث كريب فإنّما يدل على أنّهم لا يفطرون بقول كريب وحده-ونحن نقول به-وإنّما الخلاف في وجوب قضاء اليوم الأول، وليس هو الحديث(12) ثم إنّه لا يعدو كونه فهم ابن عباس لأمر النبي صل الله عليه وسلم بالصيام والإفطار لرؤية الهلال،والحجة إنّما هي في المرفوع.والله أعلم.


http://www8.0zz0.com/2013/06/12/13/182937242.gif


(1): "الخرشي"(2/238)، و"المجموع" (6/270)، و"الروضة" (2/353) ، و"المغنى" (3/27).
(2):"المبسوط" (3/60)، و"المغنى" (3/27).
(3):"فتح المالك في ترتيب التمهيد" لابن عبد البر(5/97).
(4):صحيح : أخرجه البخاري(2007)، ومسلم (1129).
(5):"الأم" (2/95)، و"الكافي" لابن قدامة (1/350).
(6):"مجموعة الفتاوى" (25/110)، و"الشرح الممتع" (6/342) ، و"الاختيارات(ص:107).
(7):"حاشية ابن عابدين"(2/393)، و"الشرح الكبير" (1/510)، و"المجموع" (6/273)، و"الإنصاف"(3/273).
(8): "المغنى" (3/289-الغد)، و"المجموع" (2/274).
(9):صحيح: أخرجه مسلم (1087)، وأبو داود (2332)، والنسائي (4/131)، والترمذي (693).
(10): سورة البقرة :185.
(11):"القوانين الفقهية"(103) والمراجع السابقة.

(12): "المغنى" (3/289-الغد)، وانظر"نيل الأوطار" (4/231).
http://www8.0zz0.com/2013/06/12/13/182937242.gif


يتبع بإذن الله.

"جُوهَرْ"
2013-06-13, 15:40
http://www11.0zz0.com/2013/06/13/14/758895271.gif


شروط صحة الصيام:
يشترط لصحة الصيام أمران:
1- الطهارة من الحيض والنفاس: وهو شرط لوجوب الأداء وللصحة معا(1)،وسيأتي الكلام على ذلك قريبا.
2- النية:فإن صوم رمضان عبادة فلا يصح إلاّ بالنيّة كسائر العبادات، قال الله تعالى:" وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء"(2)، وقال صلى الله عليه وسلم:" إنّما الأعمال بالنّيّات" (3).
ولأن الإمساك قد يكون للعادة أو لعدم الاشتهاء أو لمرض أو رياضة أو غير ذلك، فلا يتعين إلا بالنية، قال النووي:" لا يصح الصوم إلاّ بنيّة، ومحلها القلب" (4).
ويشترط لإجزاء النية أربعة شروط:
(أ‌) الجزم: ويشترط قطعا للتردد، حتى لو نوى ليلة الشك صيام غد، إن كان من رمضان لم يجزه(5).
(ب‌) التعيين: فلا بدّ من تعيين النّية في صوم رمضان وصوم الفرض والواجب، ولا يكفي تعيين مطلق الصوم، ولا تعيين صوم معين غير رمضان عند الجمهور خلافا لأبي حنيفة(6).
(ح)التبيت: وهو إيقاع النّية في الليل،ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر،وهذا شرط عند المالكية والشافعية والحنابلة،لحديث ابن عمر عن حفصة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يُجمع الصيام قبل الفجر،فلا صيام له"(7).
هل يشترط تبيت النّية في صيام التطوع؟
تقدم حديث: "من لم يُجمع الصيام قبل الفجر،فلا صيام له".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال:"هل عندكم شيء؟" فقلنا:لا،قال:"فإنّي إذن صائم" ثم أتانا يوما آخر فقلنا:يا رسول الله،أهدى لنا حيْس،فقال:"أرينيه،فلقد أصبحت صائما" فأكل(8).
وقد اختلف أهل العلم،في حكم تبييت النّية في صيام التطوع،لهذين الحديثين،فسلك الجمهور مسلك الجمع،فحملوا حديث حفصة على صيام الفرض،وحديث عائشة على صيام التطوع،والنّية في صوم النافلة من النّهار قبل الزوال،وبعضهم بعده،قال شيخ الإسلام(9) بعد حديث عائشة:"وهذا يدل على أنّه أنشأ الصوم من النّهار لأنه قال:" فإنّي صائم"،وهذه الفاء تفيد السبب والعلة،فيصير المعنى:إنّي صائم لأنّه لا شيء عندكم،ومعلوم أنّه لو قد أجمع الصوم من الليل،لم يكن صومه لهذه العلّة،وأيضا: فقوله:"فإنّي إذن صائم"،و(إذن) أصرح في التعليل من الفاء..." اهـ
وأيدوا استدلالهم بأن هذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم،فقد ثبت إنشاء نية صوم التطوع من النهار عن: ابن مسعود، وابن عباس، وأبي أيوب، وأبي الدرداء،وحذيفة وأبي طلحة رضي الله عنهم .
واستدلوا كذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم النّاس بالصوم يوم عاشوراء، وكان مفروضا قبل فرض رمضان:" من أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم" (10).
وذهب مالك والليث وابن حزم وتبعه الشوكاني مذهب الترجيح،فأخذوا بحديث حفصة،فلم يفرقوا بين صوم النفل والفرض في اشتراط تبييت النية، وقالوا:
إن قوله صلى الله عليه وسلم-في حديث حفصة-" لا صيام" نكرة في سياق النفي فيعم كل صيام،ولا يحرج عنه إلاّ ما قام الدليل على أنّه لا يشترط فيه التبييت(11).
وأجابوا عن حديث عائشة رضي الله عنها بأنّه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن نوى الصيام بالليل،ولا أنّه أصبح مفطرا ثم نوى الصوم بعد ذلك، لكن فيه أنّه صلى الله عليه وسلم كان يصبح متطوعا صائما ثم يفطر وهذا مباح،فيحتمل أنّه نوى من الليل وأراد أن يفطر،ويدل عليه قوله في حديث عائشة:"فلقد أصبحت صائما" ولا يجوز ترك اليقين في حديث حفصة للظن للمحتمل في حديث عائشة(12).
وأجابوا عن حديث(عاشوراء( بأنّ النّية إنّما صحت في نهار عاشوراء لكون الرجوع إلى الليل غير مقدور، والنزاع فيما كان مقدورا فيخص الجواز بمثل هذه الصورة(13).

(ر):تجديد النّية لكل ليلة من رمضان:

فيجب تبييت الصيام في كل ليلة من ليالي رمضان-عند الجمهور- لعموم حديث حفصة المتقدم ولأن كل يوم عبادة مستقلة لا يرتبط بعضه ببعض،ولا يفسد بفساد بعضه،ويتخللها ما ينافيها،وهو الليالي التي يحل فيها ما يحرم في النّهار،فأشبهت القضاء بخلاف الحج وركعات الصلاة(14).
وذهب زفر ومالك-وهو في رواية عن أحمد-أنّه تكفي نيّة واحدة عن الشهر كلّه في أوّله، كالصلاة، وكذلك في كل صوم متتابع ككفارة الصوم والظهار(15).
قلت: والأول أرجح لعموم الحديث، وقد أنصف ابن عبد الحكم-من المالكية- فقال بمذهب الجمهور.
فائدة: تتحقق النّية على الوصف المتقدم بالقيام في وقت السحر وتناول الطعام والشراب، لأنّ النّية هي القصد إلى الشيء أو الإرادة له، وهذا قد حصل له القصد المعتبر، والله أعلم.
ركن الصيام:الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى المغرب.
قال تعالى:" فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ"(16).
فقد أباح الله تعالى هذه الجملة من المفطرات ليالي الصيام،ثم أمر بالإمساك عنها في النّهار،فدلّ على أن حقيقة الصوم وقوامه هو الإمساك(17).

http://www11.0zz0.com/2013/06/13/14/390908820.gif


(1):"فتح القدير" (2/234)،و"حاشية الدسوقي"(1/509).
(2):سورة البينة:05.
(3):صحيح:تقدم مرارا.
(4):"روضة الطالبين"(2/350).
(5):"الهداية"(2/248)،و"الروضة" (2/353)،و"كشاف القناع"(2/315).
(6): "روضة الطالبين"(2/350)،و"بداية المجتهد" (1/435)، و"المغنى" (3/22).
(7):أُعلّ بالوقف:أخرجه أبو داود (2454)،والترمذي (830)،والنسائي (4/196)،وابن ماجة(1700)بسند صحيح لكن أعلّ بالوقف،والذي يظهر أنّه مما لا يقال من قِبل الرأي فله حكم الرفع ثم هو إن كان موقوفا فهو موافق للأصل إذ لابّد من النّية قبل الدخول في العبادة وقد صححه الألباني في "صحيح الجامع" (6538).
(8):صحيح:أخرجه مسلم(1451).
(9):"شرح العمدة" (1/186).
(10): صحيح:تقدم قريبا.
(11):"نيل الأوطار"(4/233).
(12):"المحلى"(6/172، 173).
(13):"نيل الأوطار" (4/233).
(14):"رد المحتار"(2/87)، و"المجموع" (6/302)، و"كشاف القناع" (2/315).
(15):"القوانين الفقهية" (ص/80)، و"الشرح الكبير" (1/521).
(16): سورة البقرة:187.
(17):"تحفة الفقهاء" (1/537)، و"بدائع الصنائع"(2/90).

http://www11.0zz0.com/2013/06/13/14/390908820.gif

يتبع بإذن الله.

rose 2006
2013-06-13, 16:28
لا اله الا الله محمد رسول الله

"جُوهَرْ"
2013-06-13, 20:41
http://www6.0zz0.com/2013/06/13/19/738369309.gif


سنن الصوم وآدابه:
1-السحور: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"تسحّروا،فإنّ في السحور بركة"(1)
وعن عمرو بن العاص قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور"(2).
ويتحقق السحور ولو بجرعة ماء،فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تسحّروا ولو بجرعة ماء"(3).
ولو جعل في السحور تمرا فهو أفضل،لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نِعْمَ سحور المؤمن التمر"(4).
2-تأخير السحور:لحديث أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال:"تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة"،قلت كم بين الأذان والسحور؟قال:"قدر خمسين آية"(5).
وعن أنيسة بنت حبيب قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أذن ابن مكتوم،فكلوا واشربوا،وإذا أذّن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا"فإن كانت الواحدة منّا ليبقى عليها الشيء من سحورها،فتقول لبلال:أمهل حتى أفرغ من سحوري(6).
تعجيل الإفطار:فعن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر"(7).
وعن عبد الله بن أبي أوفى قال:"كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر-وهو صائم-فلما غابت الشمس قال لبعض القوم:يافلان،قم فاجدح لنا(*)فقال:يا رسول الله،لو أمسيت،قال:انزل فاجدح لنا...(ثلاثا) فنزل فجدح لهم،فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:"إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم"(8).
أن يفطر على الرطب أو التمر-إن تيسّرّ- أو الماء:
فعن أنس قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات فعلى تمرات،فإن لم تكن حسا حسوات من الماء"(9).
"فإن إعطاء الطبيعة الشيء الحلو مع خلوّ المعدة أدعى إلى قبوله،وانتفاع القوى به،و لاسيما القوم الباصرة،فإنّها تقوى به،....وأمّا الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع من يبس،فإذا رطبت بالماء،كمل انتفاعها بالغذاء بعده،ولهذا كان الأولى بالظمآن الجائع،أن يبدأ قبل الأكل بشرب قليل من الماء،ثم يأكل بعده،هذا مع ما في التمر والماء من الخاصية التي لها تأثير في صلاح القلب لا يعلمها إلاّ أطباء القلوب"(10).
5-الدعاء عند الفطر بما يأتي:
عن ابن عمر قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال:"ذهب الظمأ وابتلّت العروق،وثبت الأجر إن شاء الله"(11).
6-7: الجود، وقراءة القرآن ومدارسته:
فعن ابن عباس قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود النّاس بالخير،وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ،يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن،فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة"(12).
8-الترفّع عما يحبط ثواب الصوم من المعاصي الظاهرة والباطنة: فيجب أن يصون لسانه عن اللغو والهذيان والكذب،والغيبة والنميمة،والفحش والجفاء والخصومة والمراء،ويكف جوارحه عن جميع الشهوات والمحرمات،فإن هذا سر الصوم كما قال تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"(13).ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من لم يدع قول الزور والعمل به،فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"(14).
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل:إنّي صائم"(15).
ويستفاد من الحديثين:أن المعاصي يزيد قبحها في الصيام على غيرها، وأنّها تخدش في سلامة الصيام بل ربّما اقتضت عدم الثواب فيه"(16).
9- أن يقول إذا شُتم:إنّي صائم.لحديث أبي هريرة السابق، فيستحب لمن شُتم أن يقول لشاتمه في الصوم:"إنّي صائم"ويستحب أن يجهر بها سواء كان صوم فريضة أو نفل-على المختار(17)-وفي هذا فائدتان:
الأول:علم الشاتم بأن المشتوم لم يترك مقابلته إلاّ لكونه صائما لا لعجزه.
الثانية:تذكير الشاتم بأنّ الصائم لا يشاتم أحدا، فيكون متضمنا نهيه عن الشتم.

http://www6.0zz0.com/2013/06/13/19/977483045.gif
(1): أخرجه البخاري(1923)، ومسلم (1095).
(2):صحيح:أخرجه مسلم(1096)، وأبو داود (2343)،والترمذي (709)،والنسائي (4/46).
(3):حسن: أخرجه ابن حبان(3446) وله شاهد عند أحمد (3/12)،وأبي يعلى(3340) عن أنس.
(4): صحيح:أخرجه أبو داود (2345)،وابن حبان(3475) وله شواهد.
(5):صحيح أخرجه البخاري(1921)، ومسلم (1097) وغيرهما.
(6):إسناده صحيح:أخرجه بهذا اللفظ النسائي (2/10)،و أحمد (6/433)،وابن حبان (3474).
(*):الجدح:تحريك الطعام في القدر بعود ونحوه.

(7):صحيح:أخرجه البخاري(1957)، ومسلم (1098).
(8):صحيح:أخرجه البخاري(1955)، ومسلم (1101).
(9):حسن:أخرجه أبو داود (2356)، والترمذي(692)،وانظر"الإرواء"(922)،والصحيحة (2065).
(10):"زاد المعاد"(2/50،51).
(11):حسنّه الألباني : أخرجه أبو داود (2357)،والترمذي(692)،والنسائي في الكبرى (3329-10131)،وابن السني (472)،وانظر "الإرواء" (920).
(12):أخرجه البخاري(6)، ومسلم (2308).
(13): سورة البقرة: 183.
(14):صحيح:أخرجه البخاري 1903)،وأبو داود (2345)،والترمذي (702).
(15):صحيح:أخرجه(1904)، ومسلم (1151).
(16):انظر"فتح الباري" (4/140، 141_سلفية).
(17):وهو اختيار شيخ الإسلام كما في "الاختيارات"(ص:108).
http://www6.0zz0.com/2013/06/13/19/977483045.gif

يتبع بإذ ن الله.

Broken Angel
2013-06-13, 21:31
بارك الله فيك على الطرح القيم
http://www10.0zz0.com/2013/06/03/09/721826398.gif (http://www.0zz0.com)

عثمان سويسي
2013-06-18, 09:19
ماشاء الله

ابو زكريا 48
2013-06-22, 13:05
بارك الله فيك

ب.علي
2013-07-15, 01:29
بارك الله فيكِ أختي جوهر

http://www.roo7oman.com/up/files/36658.jpg

"جُوهَرْ"
2013-07-15, 16:16
http://www14.0zz0.com/2013/07/15/15/347156562.gif


بارك الله فيكم جميعا على المرور .

رمضانكم مبارك،تقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال.



مبطلات الصيام(المفطرات):يبطل الصوم –بوجه عام-بانتفاء شرط من شروطه ،أو اختلال ركن من أركانه،وأصول هذه المفطرات ثلاثة ذكرها الله في كتابه:" فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ"(1).
وقد أجمع العلماء على أنّه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم،والمشروب،والجماع،ثم اختلفوا من ذلك في مسائل منها ما هو مسكوت عنه ومنها ما هو منطوق به(2).
المبطلات قسمان:
أ:ما يبطل الصيام،ويوجب القضاء:
1،2:الأكل والشرب عامدا ذاكرا لصومه:فإن أكل وشرب ناسيا،فإنّه يتم صومه ولا قضاء عليه،لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من نسي –وهو صائم- فأكل أو شرب،فليتم صومه،فإنّما أطعمه الله وسقاه"(3).
ويستوي في ذلك الفرض والنفل-لعموم الأدلة عند الجمهور،خلافا لمالك(4) فخص الحكم بصيام رمضان،وأما من نسي في غير رمضان فأكل وشرب فعليه القضاء عنده،والصحيح أنّه لا فرق.
والأكل هو:إدخال شيء إلى المعدة عن طريق الفم، وهو عام يشمل ما ينفع، وما يضر، وما لا نفع فيه ولا ضرر.
إذا أكل أو شرب أو جامع ظانّا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر فظهر خلافه؟
لأهل العلم في هذه المسألة مذهبان:
الأول:أن عليه القضاء، وهو مذهب جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة(5) .
الثاني:أنّه لا قضاء عليه،وهو مذهب إسحاق ورواية عن أحمد وداود وابن حزم وعزاه إلى جمهور السلف،وبه قال المزني من الشافعية،وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية(6) ،وهو الراجح لما يأتي:
1- لقوله تعالى:" وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ"(7).
2- وقوله تعالى:" رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا"(8).
3-حديث أسماء بنت أبي بكر قالت:"أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس"قيل لهشام "الراوي عن أمّه فاطمة عن أسماء":فأمروا بالقضاء؟ قال: لابدَّ من قضاء،وقال معمر:سمعت هشاما يقول:"لا أدري أقضوا أم لا"(9).
فحديث أسماء لا يحفظ فيه إثبات القضاء ولا نفيه، وأمّا كلام هشام فقاله برأيه، ويدل عليه سؤال معمر له.
فتحصلّ أنهم لم يؤمروا بالقضاء،ولوكان عليهم قضاء لحفظ،فلّما لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصل براءة الذمة،وعدم القضاء.
4-قوله تعالى:" وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ"(10).قد علّق الإمساك على تبين طلوع الفجر لا على مجرد طلوعه.
5-أن الجاهل معذور،ففي حديث عدي بن حاتم قال:"لما نزلت :" حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ" عمدت إلى عقال أسود ،وإلى عقال أبيض،فجعلتهما تحت وسادتي،فجعلت أنظر في الليل،فلا يستبين لي،فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك،فقال:"إنّما سواد الليل والنهار"(11) ولم يأمره بالقضاء،لأنه جاهل ولم يقصد مخالفة الله ورسوله،بل رأى أن هذا حكم الله ورسوله فعذر.(12).
وهذا القول هو الأصح لموافقته الدليل، على أن يراعي الآتي:
1-من أفطر قبل أن تغرب الشمس ثم تبين أنّها لم تغرب، فيجب عليه الإمساك، لأنّه أفطر على سبب، ثم تبين عدمه.
2-هذا إذا غلب على ظنه غروب الشمس أو طلوع الفجر،أمّا إذا كان شاكّا لم يغلب عليه ظنه:فإن أكل شاكّا في طلوع الفجر صحّ صومه لأن الأصل بقاء الليل حتى يتيقن الفجر أو يغلب على ظنّه،وإن أكل شاكّا غروب الشمس،لم يصح صومه،لأن الأصل بقاء النّهار،فلا يجوز أن يأكل مع الشك،وعليه القضاء ما لم يعلم أنّه أكل بعد الغروب فلا قضاء حينئذ،والله أعلم.
تعمّد الأكل والشرب يوجب القضاء فقط(13)، وبهذا قال الشافعي وأحمد-في المشهور عنه- وأهل الظاهر،وكثير من أهل العلم،لعدم ورود نص يوجب الكفارة إلاّ في الجماع-كما سيأتي-فيقتصر عليه ولا يعدى به إلى غيره لعظم هتك حرمة الشهر،لإمكانه أن يصبر عنه إلى الليل بخلاف ما اعتاده من الأكل والشرب،ولأن الحاجة إلى الزجر عنه أمسّ والحكم في التعدي به آكد.
بينما ذهب مالك وأبو حنيفة وإسحاق وطائفة إلى أن تعمد الأكل والشرب يوجب القضاء والكفارة قياسا على الجماع لاشتراكهما في انتهاك حرمة الصوم.
والأول أصح لعدم النص،والأصل أن الكفارات لا يقاس عليها.والله أعلم.
3-تعمد القيء:فإن غلبه القيء وخرج بنفسه،فلا قضاء عليه ولا كفارة،بلا خلاف،لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من ذرعه القيء فليس عليه قضاء،ومن استقاء عمدا فليقض"(14).
4،5: الحيض والنفاس:من حاضت أو نفست ولو في اللحظة الأخيرة من النّهار،فسد صومها،وعليها قضاء هذا اليوم،بإجماع العلماء.
6-تعمّد الاستمناء: وهو تعمد إخراج المني بما دون الجماع، كالاستمناء باليد أو المباشرة أو نحو ذلك بقصد إخراجه بشهوة،فإن أنزل من ذلك متعمدا ذاكرا لصيامه فسد صومه ولزمه القضاء عند الجمهور(15).
وذهب ابن حزم إلى أنّه إن استمنى-بغير جماع-لم يفسد صومه وإن تعمّد،قال:"ولم يأت بذلك نص ولاإجماع ولا قول صاحب ولا قياس"(16).
قلت: ومذهب الجمهور أرجح،ويستدل له بقول الله تعالى في الحديث القدسي في شأن الصائم:"يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي"(17). والاستمناء شهوة وكذا خروج المني،ومما يؤكد أن المني يطلق عليه (شهوة) قوله صلى الله عليه وسلم:"وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا:يا رسول الله،يأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟فقال:"أرأيتم لو وضعها في الحرام"....الحديث(18) فالذي يوضع هو المني وقد سماه شهوة .
أما إذا تفكر أو نظر فأنزل،ولم يتعمد بتفكره أو نظره إلى امرأته ونحو ذلك إنزال المني،لم يفسد صومه.
7-نية الإفطار(19):فإن نوى- وهو صائم- إبطال صومه،وعزم على الإفطار جازما متعمدا ذاكرا أنّه في صوم،بطل صومه،وإن لم يأكل أو يشرب لأن "لكل امرئ مانوى" ولأن الشروع في الصوم لا يستدعي فعلا سوى نيّة الصوم،فكذلك الخروج لا يستدعي فعلا سوى النّية،ولأن النّية شرط أداء الصوم،وقد أبدله بضده،وبدون الشرط لا تتأدّى العبادة.
وهذا مذهب الشافعي وظاهر مذهب أحمد وأبي ثور والظاهرية وأصحاب الرأي قالوا:إن عاد فنوى قبل انتصاف النّهار أجزأ،بناء على أصلهم أنّه تصح النيّة من النّهار.
8-الرّدّة عن الإسلام(20) : لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم أنّه يفسد صومه،وعليه القضاء إذا عاد إلى الإسلام،سواء أسلم أثناءاليوم أو بعد انقضائه،لقوله تعالى:"لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبِطَنَّ عَمَلُكَ"(21).

http://www14.0zz0.com/2013/07/15/15/876090584.gif
(1): سورة البقرة:187
(2): انظر"بداية المجتهد"(1/431-العلمية).
(3): صحيح:أخرجه البخاري(1923)، ومسلم(1155).
(4): "المغنى" (3/50)، و"روضة الطالبين"(2/356)، و"القوانين الفقهية" (ص83).
(5): "البحر الرائق"(2/292)،و"المنتقى" للباجي ،و"مغنى المحتاج"(1/432)،و"الشرح الكبير" (2/31)،و"المغنى"(3/354).
(6): "المحلى(6/220،229)،و"المجموع"(6/311)،و"مجموع الفتاوى" (25/231).
(7): سورة الأحزاب:05
(8): سورة البقرة:286.
(9): صحيح أخرجه البخاري(1959).
(10): سورة البقرة:187
(11) :صحيح أخرجه البخاري(4509)،ومسلم (1090)
(12): "الشرح الممتع"(6/403).
(13): "شرح فتح القدير"(2/70)، و"المدونة"(1/219)، و"المجموع" (6/329)، و"المغنى" (3/130)،و"المحلى"(6/185).
(14): صححه الألباني:أخرجه أبو داود(2380)،والترمذي(716)،وابن ماجة (1676)،وأحمد (2/468) وغيرهم،وأعله البخاري وأحمد كما في "نصب الراية"(2/448)،وصححه الألباني في "الإرواء"(923)،و"صحيح الجامع" (6243).
(15): "الدار المختار" (2/104)،و"القوانين الفقهية"(18)،و"روضةالطالبين"(2/361)،و"الأم"(2/86)،و"المغنى" (3/48)،و"كشاف القناع"(2/352).
(16): :"المحلى"(6/203-205).
(17) :صحيح أخرجه البخاري (1984)،ومسلم (1151) عن أبي هريرة.
(18):صحيح : أخرجه مسلم (1006) عن أبي ذر.
(19): "الحلى" (6/175)، و"المجموع(6/314)، و"المغنى"(3/25)،و "المبسوط" (3/87).
(20): "المغنى"(3/25)،و"كشاف القناع"(2/309).
(21): سورة الزمر:65.
http://www14.0zz0.com/2013/07/15/15/876090584.gif

اياد27
2013-07-16, 04:32
بارك الله فيكم و تقبل صيامكم و قيامكم بمزيد من الأجر و الثواب و المغفرة،،،

"جُوهَرْ"
2013-07-17, 18:58
http://www14.0zz0.com/2013/07/17/17/854947968.gif

وفيكم بارك الله،ورمضانكم مبارك،تقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال.



http://www14.0zz0.com/2013/07/17/17/999013326.gif
ما يبطل الصيام،ويوجب القضاء والكفّارة:
وهو الجماع لا غيره:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل،فقال: يا رسول الله هلكت،قال:"ما لك؟"، قال:وقعت على امرأتي وأنا صائم،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هل تجد رقبة تعتقها؟قال:لا،قال:فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟"قال:لا،قال:"فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟"قال:لا،قال:فسكت النبي صلى الله عليه وسلم،فبينما نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيها تمر،قال:"أين السائل؟" فقال:أنا،قال:"خذ هذا فتصدق به"،فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟فوا الله ما بين لابتيها(1) أهل بيت أفقر من أهل بيتي،فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه،ثم قال:"أطعمه أهلك"(2).
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن جماع الصائم في نهار رمضان عامدا مختارا بأن يلتقي الختانان وتغيب الحشفة في أحد السبيلين (القبل أو الدبر المحرم) مفطر،يوجب القضاء والكفارة أنزل أم لم ينزل.
قلت(أبو مالك):مستند الجمهور في إيجاب القضاء على المجامع في رمضان هو زيادة وردت في بعض طرق هذا الحديث وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخره:"وصم يوما مكانه"(3)
وهي زيادة ضعيفة لا تثبت،ولذا ذهب ابن حزم رحمه الله إلى أن عليه الكفارة فقط دون القضاء،وهذا قوي ومتجه،وهو موافق لما تقدم تحريره-في قضاء الصلوات،وما سيأتي في قضاء الصيام-من أنّه لا يشرع القضاء لمن ترك عبادة مؤقتة –بغير عذر-إلاّ بدليل جديد.
هل تجب الكفارة على المرأة كالرجل؟
في حديث أبي هريرة المتقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بالكفارة،وسكت عن المرأة،ولهذا اختلف أهل العلم في المرأة التي جامعها زوجها،هل عليها كفارة أم لا؟على أقوال(4): أحدهما:ليس على المرأة كفارة مطلقا:وهو مذهب الشافعي،وقول لأحمد،أنّه يجزيهما كفارة واحدة وأنّها على الرجل دونها لما يأتي:
1-أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة بكفارة مع أنّه جامعها والفعل قد حصل منه ومنها معا،فدلّ على أنّه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها.
2-وأنّه حق مال اختص بالجماع فاختص بالرجل كالمهر.
الثاني:أن على المرأة الكفارة كالرجل: وهو قول الجمهور:أبي حنيفة ومالك وقول للشافعي وأحمد في أصح في أصح الروايتين عنه،على اختلاف وتفاصيل لهم في الحرة والأمة والمطاوعة والمكرهة،قالوا:
1-لأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل، وقد سوّت الشريعة بين النّاس في الأحكام إلاّ في مواضع قام الدليل على تخصيصها، فإذا لزمها القضاء لأنّها أفطرت بجماع متعمد كما وجب على الرجل، وجبت عليها الكفارة لهذه العلة كالرجل سواء.
2-وأمّا عدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة بالكفارة،فهذا حكاية حال لا عموم لها وقد يمكن أن تكون المرأة مفطرة بعذر من مرض أو سفر أو تكون مكرهة أو ناسية لصومها أو نحو ذلك.
3-لأن المرأة لم تستف النبي صلى الله عليه وسلم كما استفتاه الرجل،واعتراف الزوج عليها لا يوجب عليها حكما ما لم تعترف.
4-ويحتمل أن يكون سبب السكوت عن حكم المرأة ما عرفه من كلام زوجها بأنّها لا قدرة لها على شيء.
الثالث: أن يجزيهما كفارة واحدة إلاّ إن كانت الكفارة بالصيام فعليهما:وهذا مذهب الأوزاعي.
قلت: والأرجح مذهب الجمهور،وقول الشافعي ليس ببعيد كذلك،والله أعلم.
تنبيه: المرأة إن كانت مكرهة أو ناسية أو جاهلة فلا قضاء عليها ولا كفارة على الأصح وكذلك الرجل إذا كان ناسيا أو جاهلا،وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد(5)
هل تجب الكفارة على الترتيب؟
ذهب الجمهور (6) إلى وجوب الترتيب في الكفارة فلا ينتقل إلى صيام الشهرين المتتابعين إلا إذا عجز عن العتق،ولا يطعم ستين مسكينا إلاّ بعد العجز عن الصيام،على ظاهر حديث أبي هريرة المتقدم.
وذهب مالك إلى أنها على التخيير لما وقع في رواية مسلم لهذا الحديث عن أبي هريرة:أن رجلا أفطر في رمضان، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفّر بعتق رقبة،أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا" (7)
قالوا: رواية البخاري للحديث لا يلزم منها الترتيب فإن مثل هذا السؤال قد يستعمل فيما هو على التخيير،فيحمل على أن إرشاده إلى العتق لكونه أقرب لتنجيز الكفارة،وحمل بعضهم الترتيب على الأولوية والتخيير على الجواز.
وأما الجمهور فسلكوا مسلك الترجيح،فرجحوا رواية الترتيب على رواية التخيير تصرف في اللفظ،وبأن الترتيب أحوط لأن الأخذ به مجزئ على القولين،والله أعلم.
هل تتكررّ الكفارة بتكرر الجماع؟
1_من جامع في نهار رمضان،ثم كفّر ،ثم وطئ في يوم آخر فعليه كفارة أخرى إجماعا.
2-من جامع في يوم واحد مرارا، فليس عليه إلا كفارة واحدة إجماعا.
3- من جامع في نهار رمضان، ولم يكفّر ثم جامع في يوم آخر، ففيه قولان:
4- الأول: أن عليه لكل يوم كفارة، لأن كل يوم عبادة منفردة، فإذا وجبت الكفارة بإفساده لم تتداخل، وهو قول مالك والشافعي وجماعة.
والثاني: عليه كفارة واحدة ما لم يكفر عن الجماع الأول،وهو قول أبي حنيفة وأصحابه الأوزاعي والزهري،قياسا على الحدّ،والأول أرجح،والله أعلم.

http://www14.0zz0.com/2013/07/17/17/999013326.gif

(1): يعني:بين طرفي المدينة.
(2): صحيح أخرجه البخاري(1936)،ومسلم (1111).
(3): :حديث أبي هريرة المتقدم مروى من طريق الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به بدون ذكر القضاء،رواه عن الزهري على هذا الوجه-فيما وقفت عليه- أكثر من عشرة من الثقات،في الصحيحين وغيرهما.وخالفهم،هشام بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة!!))عن أبي هريرة وزاد:"وصم يوما مكانه" أخرجه الدار قطني(2/190)،وهشام بن سعد فيه ضعف.ورواه عبد الجبار بن عمر عن يحي بن سعيد عن ابن المسيب عن أبي هريرة بهذه الزيادة،وأخرجه ابن ماجة (1671) لكن عبد الجبار واه،وعنده مناكير كما قال البخاري،فلا يفرح به،ثم إنه قد روي عن ابن المسيب مرسلا ليس فيه ذكر أبي هريرة،أخرجه البيهقي (4/227). وللحديث بهذه الزيادة شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه ابن أبي شيبة (2/348) وفي سنده حجاج بن أرطاة،وهو ضعيف كذلك،فالذي يظهر لي أن هذه الزيادة لا تثبت،والله أعلم. وانظر "المحلى" لابن حزم(6/180) مسألة رقم (735).
(4):" فتح القدير"(2/336)،و"المجموع"(6/370)،و"كشاف القناع"(2/325)،و"الإنصاف"3/313).
(5): "المغنى"(3/28)ط.إحياء التراث العربي.
(6): "المغنى (3/3/344)، و"بداية المجتهد" (1/451)، و"فتح الباري" (4/198).
(7): صحيح :أخرجه مسلم (1111).

http://www14.0zz0.com/2013/07/17/17/999013326.gif

طهراوي ياسين
2013-07-17, 19:00
بارك الله فيك
رمضان مبارك

"جُوهَرْ"
2013-07-19, 17:46
http://www9.0zz0.com/2013/07/19/15/727432625.gif

وفيك بارك الله ورمضانك مبارك،تقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال.



أمور لا تفسد الصيام:
1-أن يصبح يوم الصيام جنبا:فمن نام –وهو صائم-فاحتلم لم يفسد صومه،بل يتمه إجماعا(1) وكذلك من أجنب ليلا ثم أصبح صائما،فصومه صحيح،ولا قضاء عليه عند الجمهور،لحديث عائشة وأم سلمة:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله،ثم يغتسل ويصوم "(2).
2-تقبيل الزوجة ومباشرتها إن أمن الإمناء:
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبّل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه"(3).
وعنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّلني وهو صائم وأنا صائمة"(4).
قال ابن حزم (6/208):"وكانت عائشة إذ مات عليه السلام بنت ثماني عشرة سنة،فظهر بطلان قول من فرّق في ذلك بين الشيخ والشاب،وبطلان قول من قال :إنّها مكروهة،وصحّ أنها حسنة مستحبة وسنة من السنن،وقربة من القرب إلى الله تعالى اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ووقوفا عند فتياه بذلك" اهـ.
قلت:ولا يقال:إن جواز القبلة للصائم خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لما جاء:
1-عن عمر بن أبي سلمة أنّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم:أيقبل الصائم؟فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سل هذه" لأم سلمة،فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك،فقال:يا رسول الله،قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر،فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمّا والله إنّي لأتقاكم لله وأخشاكم له"(5) .
2-وعن جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:هششت يوما،فقبلت وأنا صائم،فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت:لقد صنعت اليوم أمرا عظيما،قال:"وما هو؟ قلت:قبلت وأنا صائم،قال:"أرأيت لو تمضمضت من الماء؟" قلت:إذا لا يضر،قال:"ففيم؟" (6) .
والمباشرة-وهي مس بشرة الرجل لبشرة المرأة فيما دون الجماع- كالقبلة ولا فرق،وعن مسروق قال:سألت عائشة رضي الله عنها:ما يحلّ للرجل من امرأته صائما؟قالت :"كل شيء إلاّ الجماع" (7) .
قلت:فالصحيح أنّه لا يكره أن يقبل أو يباشر،فإن قبّل أو باشر فأمذى أو أمذت فلا شيء عليهما(8) ،فإن كان يعلم من نفسه أنّه يمنى بذلك لم يجز له،فإن فعل وأمنى وأمنت هي فقد أفطر الذي أنزل المني منهما وبطل صومه وعليه القضاء(9).

http://www9.0zz0.com/2013/07/19/15/310740932.gif
(1): "رد المختار"(2/98)،و"القوانين الفقهية"(81)
(2): "صحيح:أخرجه البخاري(1926)،ومسلم (1109).
(3): صحيح أخرجه البخاري(1927)، ومسلم (1106).
(4): صحيح أخرجه أبو داود(2384)،وعبد الرزاق (8410)
(5): صحيح: أخرجه مسلم(1108)، وانظر "شرح النووي"(3/163).
(6):صحيح لغيره:أخرجه أبو داود (2382)، وأحمد (1/52)،وعبد بن حميد في "المنتخب" (21) وهو صحيح لغيره .
(7): إسناده صحيح:أخرجه عبد الرزاق (8439).وعن عمرو بن شرحبيل:"أن ابن مسعود كان يباشر امرأته بنصف النّهار وهو صائم"(8) إسناده صحيح:أخرجه عبد الرزاق(8442)،وابن أبي شيبة (3/63).
(8): "المجموع (6/323)،وانظر "جامع أحكام النساء"(2/361).
(9): "الأم" (2/323)، و"المجموع"(6/322)،و"المبسوط"(3/65).
http://www9.0zz0.com/2013/07/19/15/310740932.gif

يتبع بإذن الله

الغريبه..~
2013-07-19, 23:23
بآآركَ لك المولى في أجرك و في أهلك و في مالك و في دينك و دنياك
لم يتسنى لي قراءة كل ما وضعته ساطلع عليه بين الحين و الحين
تقبل الله صيامك و طاعاتك و صالح اعمالك
•••

"جُوهَرْ"
2013-07-27, 00:23
http://www4.0zz0.com/2013/07/26/23/680911349.gif


وفيك بارك الله وبارك الله فيك على الدعاء الطيب ولك بالمثل.تقبل الله صيامكم وقيامكم.

أمور لا تفسد الصيام (تابع):

3-الاغتسال والصب على الرأس للتبردّ: لما تقدم قريبا:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم".
وعن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر" (1).
4_ المضمضة والاستنشاق من غير مبالغة: فعن لقيط بن صبرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"....وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما".
فلا بأس بالمضمضة للصائم ولو غير وضوء أو غسل،ولا يفسد صومه البلل الذي يبقى في الفم بعد المضمضة،إذا ابتلعه مع الريق،لأنه لا يمكن التحرز عنه(2).
فإن تمضمض أو استنشق فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف فلا شيء عليه في أصح قولي العلماء،وبه قال الأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه،خلافا لقول أبي حنيفة ومالك بأنه يفطر.
5-تذوق الطعام للحاجة مالم يصل إلى الجوف:
فعن ابن عباس قال:"لا بأس أن يذوق الخل أو الشيء،ما لم يدخل حلقه وهو صائم"(3).
وقال شيخ الإسلام:"....وذوق الطعام يكره لغير حاجة،لكن لا يفطره،وأما للحاجة فهو كالمضمضة"اهـ(4).
وفي معنى التذوق: مضغ الطعام للحاجة، فعن يونس عن الحسن قال:رأيته يمضغ للصبي طعاما-وهو صائم-يمضغه ثم يخرجه من فيه، يضعه في فم الصبي"(5).
فائدة:يكره للصائم مضغ العلك (اللّبان) الشديد إذا لم يتحلب منه شيء يدخل إلى الجوف ولم يكن له طعم يوجد في الحلق،لأنه يجفف الفم ويعطش،فإذا كان يتحلب منه ما يدخل إلى الجوف،فإنه يفطر عند الجمهور(7).

http://www4.0zz0.com/2013/07/26/23/428453383.gif

(1):صححه الألباني:أخرجه أبو داود (2348).
(2): "رد المختار"(2/98).
(3): حسن لغيره:أخرجه ابن أبي شيبة(3/47)،وله شاهد عند البخاري (4/153) معلقا،والبيهقي (4/261).

(4): "مجموع الفتاوى" (25/266)، وانظر "المبسوط" (3/93).
(5): إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (7512)،وله شاهد ابن أبي شيبة (3/47).
(6): "المغنى" (3/109)، و"المجموع" (6/335)، و"فتح الباري" (4/160).
http://www4.0zz0.com/2013/07/26/23/428453383.gif

"جُوهَرْ"
2013-07-27, 00:30
6-الحجامة،والتبرع بالدم،لمن لم يخش الضعف:صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم-من عدة طرق- أنه قال:"أفطر الحاجم والمحجوم"(1)،وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما:"أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم"(2).
فذهب أحمد وابن سرين وعطاء و الأوزاعي وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة،واختاره ابن تيمية أن المحتجم يفطر بالحجامة وهو قول علي وأبي هريرة وعائشة،وحجة هذا المذهب (3):
1-حديث "أفطر الحاجم والمحجوم".
2-تضعيف الإمام أحمد لحديث ابن عباس المتقدم،وهو في البخاري؟ !
3-قالوا:وعلى فرض صحته فهو منسوخ.
وزاد ابن تيمية-عن الحنابلة-أن الحاجم كذلك يفطر إذا مصّ القارورة.
وذهب الجمهور:أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم إلى أن الحجامة لا يفطر بها الحاجم ولا المحجوم،وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأنس وأبو سعيد الخدري وطائفة من السلف،وحجتهم(4) :
1-أن حديث ابن عباس ثابت صحيح، وأجابوا عن تضعيف الإمام أحمد، أن مهنا قال:
سألت أحمد عن هذا الحديث فقال ليس فيه "صائم" إنّما هو "محرم" ثم ساقه من طرق عن ابن عباس لكن ليس فيها طريق أيوب التي في البخاري،قال الحافظ:"فالحديث صحيح لا مرية فيه"اهـ.
2-قالوا:إنّ حديث:"أفطر الحاجم والمحجوم" هو المنسوخ،وأطال النووي الكلام على ذلك،وبهذا قال الشافعي والبيهقي وابن عبد البر وغيرهم.
3-ضعّفوا حديث:"أفطر الحاجم والمحجوم".
قلت:والحق أنّه ليس على دعوى النسخ من الفريقين برهان لا سيما مع الجهل بالتاريخ،ثم ؟إن الحديثين صحيحان لا مطعن في واحد منهما،فهاهنا مسلكان يجب المصير إلى واحد منهما:
(أ): إما أن يقال إن إفطار الحاجم والمحجوم منسوخ بحديث آخر وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:"أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم"(5).
قال ابن حزم (6/204):وإسناده صحيح،فوجب الأخذ به،لأن الرخصة إنّما تكون بعد العزيمة،فدلّ على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما.اهـ.
(ب): وإما أن يقال النهي عن احتجام الصائم ليس على التحريم،فيحمل حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" على المجاز بمعنى أنّه سيأول أمرهما إلى الفطر ويؤيد هذا ما رواه عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:"نهى عن الحجامة والمواصلة –ولم يحرمهما- إبقاء على أصحابه..."(6) فدلّ على أنّه إنّما كره ذلك في حق من كان يضعف به ويؤكده حديث ثابت أنّه قال لأنس بن مالك:أكنتم تكرهون الحجامة للصائم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟قال:"لا،إلاّ من أجل الضعف" (7).
قلت: وهذا هو الأولى بالقبول فيرتجح مذهب الجمهور بأنّ الحجامة لا تفطر،لكنها تكره في حق من كان سيضعف بها،وتحرم إذا بلغ به الضعف إلى أن تكون سببا في إفطاره ويدخل في معنى الحجامة التبرع بالدم،فيقال فيه ما تقدم،والله أعلم.
http://www4.0zz0.com/2013/07/26/23/428453383.gif

(1):صحيح بطرقه: أخرجه الثرمذي (774)،و أبو داود (2367) وغيرهما،وانظر "الإرواء" (931).

(2):صحيح:أخرجه البخاري (1939)، وأبو داود (2372)،والترمذي (776).
(3):"الإنصاف" (3/302)، و"الفروع" (3/48)، و"مجموع الفتاوى" (25/255).
(4):"المبسوط" (3/56)، و "القوانين الفقهية"(105)، و "المجموع"(6/349)، و "فتح الباري"(4/209).
(5):صحيح لغيره:أخرجه النسائي في "الكبرى" (3241)، والدار قطني(2/182)،والبيهقي (4/264)،وانظر "الإرواء" (4/74).
(6):صحيح:أخرجه أبو داود (2374)،وعبد الرزاق (7535) .
(7): صحيح:أخرجه البخاري (1940).

http://www4.0zz0.com/2013/07/26/23/428453383.gif

"جُوهَرْ"
2013-07-29, 01:32
http://www7.0zz0.com/2013/07/29/00/673999926.gif

أمور لا تفسد الصيام (تابع)


10- الاكتحال(1)،والحقنة(2) والقطرة (3) وشم الطيب:قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأما الكحل والحقنة،وما يقطر في إحليله،ومداواة المأمومة والجائفة(4) فهذا ممّا تنازع فيه أهل العلم،فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك،ومنهم من فطر بالجميع إلاّ بالكحل،ومنهم من فطّر بالجميع إلاّ بالتقطير،ومنهم من لا يفطر بالكحل ولا بالتقطير،ويفطر بما سوى ذلك.
والأظهر :أن لا يفطر بشيء من ذلك،فإنّ الصيام من دين الإسلام الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام،فلو كانت هذه الأمور ممّا حرمها الله ورسوله في الصيام،ويفسد بها،لكان هذا ممّا يجب على الرسول بيانه،ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة،وبلغوه الأمة،كما بلغوا سائر شرعه،فلّما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لا حديثا صحيحا ولا ضعيفا ولا مرسلا،علم أنّه لم يذكر شيئا من ذلك،والحديث الذي ورد في الكحل ضعيف (5)"(6).اهـ.
وقال (7):"فمعلوم أنّ الكحل ونحوه ممّا تعم به البلوى كما تعم بالدهن والاغتسال والبخور والطيب،فلو كان هذا ممّا يفطر لبيّنة صلى الله عليه وسلم كما بيّن الإفطار بغيره،فلّما لم يبين ذلك علم أنّه من جنس الطيب والبخور والدهن،والبخور قد يتصاعد إلى الأنف، ويدخل الدماغ،وينعقد أجساما،والدهن يشربه البدن ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان،وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة،فلما لم ينه الصائم عن ذلك دلّ على جواز تطيبه وتبخره وادّهانه،وكذلك اكتحاله،وقد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم يجرح أحدهم إمّا في الجهاد، وإمّا في غيره،مأمومة وجائفة،فلو كان هذا يفطر لبين ذلك".
وقال رحمه الله (8):"والذين قالوا:إن هذه الأمور تفطر...لم يكن معهم حجة عن النبي صلى الله عليه وسلم،وإنّما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس،فأقوى ما احتجوا به قوله:"وبالغ في الاستنشاق إلاّ أن تكون صائما"(9).
قال (10):"وهو قياس ضعيف،وذلك لأن من نشق الماء بمنخريه ينزل الماء إلى حلقه وإلى جوفه،فحصل بذلك ما يحصل للشارب بفمه ويغذي بدنه من ذلك الماء،ويزول العطش،ويطبخ الطعام من معدته كما يحصل بشرب الماء،فلو لم يرد النص بذلك لعلم بالعقل أن هذا من جنس الشرب فإنهما لا يفترقان إلاّ في دخول الماء من الفم،وذلك غير معتبر،بل دخول الماء إلى الفم وحده لا يفطر،فليس هو مفطرا،ولا جزء ا من المفطر لعدم تأثيره،بل هو طريق إلى المفطر،وليس كذلك الكحل والحقنة ومداواة الجائفة والمأمومة،فإن الكحل لا يغذي البتة، ولا يدخل أحدا كحلا إلى جوفه لا من أنفه ولا فمه،وكذلك الحفنة(يعني الشرجية) لا تغذي،بل تستفرغ ما في البدن كما لم شم شيئا من المسهلات أو فزع فزعا أوجب استطلاق جوفه،وهي لا تصل إلى المعدة.
والدواء الذي يصل إلى المعدة في مداواة الجائفة والمأمومة لا بشبه ما يصل إليها من غذائه...."اهـ.
وقد أطال رحمه الله الكلام في إبطال هذا القياس، والذي يتحصل:
-أن النص قد أثبت الفطر بالأكل والشرب وهذه الأمور لا تسمى أكلا ولا شربا ولا يقصد بها أكل أو شرب،وعليه فإن الحقن المعروف والإبر بأنواعها لا تفطر إلا أن تكون للتغذي فموضع نظر.
-أن ما يحصل به ما يحصل بالأكل والشرب يلحق به.
-أن العلة في التفطير بالأكل والشرب قد لا تكون مجرد التغذية،بل قد تكون مركبة من التغذية والتلذذ بالأكل والشرب،وقد يدل على هذا أن المريض الذي يغذي عن طريق الحقن لمدة أيام يكون في شدة الشوق إلى الطعام(11)،فإذا كان كذلك فإن الحقن جميعها لا تفطر وإن كانت للتغذية،والله أعلم.
11-السواك: السواك مندوب عليه شرعا –كما تقدم- ولم يرد نص بمنعه للصائم،بل قد وردت أحاديث بعضها يثبت مشروعية الاستياك للصائم وأخرى تحض عليه في الصيام،لكنها ضعيفة لاتثبت فالأصل إباحة السواك ولو كان مفطرا لبيّنه النبي صلى الله عليه وسلم ولنقله أصحابه مع عموم البلوى.
وقد اتفق الفقهاء على جواز السواك للصائم،إلاّ أن الشافعية والحنابلة استحبوا ترك السواك للصائم بعد الزوال،للإبقاء على رائحة الخلوف التي هي أطيب عند الله من ريح المسك.
قلت: والأظهر أنّه لا بأس بالسواك في كل وقت، والله أعلم.
فائدة:هل يجوز استعمال معجون الأسنان للصائم؟
بناء على ما تقدم فإنّه يجوز استعمال الفرشاة والمعجون للصائم إذا أمن نفوذه إلى الحلق،والأولى تركه نهارا وفعله بالليل،والله أعلم.
21-ابتلاع النخامة:
النخامة: هي ما يخرج من الخيشوم عند التنحنح،أو البلغم الصاعد من الصدر،ومذهب الحنفية والمعتمد عند المالكية ورواية عن أحمد أن النخامة لا تفطر،لأن ابتلاعها في الفم غير واصل من خارج،فأشبه الريق(12).
وعند الشافعية والحنابلة يجوز ابتلاعها ما لم تصل إلى الفم،فإن وصلت فمه فابتلعها أفطر (13).
قلت: الأظهر أنه لا حرج في ابتلاعها ولو كانت في فمه ما لم تفحش، أو يقصد الأكل أو الشرب.
13- ابتلاع ما لا يحترز منه مثل:
(أ): ما يعلق بالأسنان من بقايا الطعام: إذا كان يسيرا لأنّه تبع للريق ولا يمكن الاحتراز منه،بشرط أن لا يقصد ابتلاعه،أو يعجز عن تمييزه ومجّه(14).
(ب): الدم اليسير من اللثة والأسنان: فلو دميت لثته فدخل ريقه حلقه مخلوطا بالدم ولم يصل إلى جوفه لا يفطر عند الحنفية لأنّه لا يحترز منه إلاّ أن يغلب الدم على الريق فيفطر به عندهم.
وعند الشافعية والحنابلة: يفطر بابتلاع الريق المختلط بالدم، والدم نجس-عندهم- لا يجوز ابتلاعه وإذا لم يتحقق أنّه بلع شيئا نجسا لا يفطر،إذ لا فطر ببلع ريقه الذي لم تخالطه النجاسة !!(15) قلت: الأظهر أنّه لا يجوز له أن يتعمد بلع الدم لأنّه محرم،فإن غلب عليه بلعه أو شقّ عليه التحرز من بلعه،أو لم يعلم به لم يفطر.
(ح)غبار الطريق والطحين ونحو ذلك:ممّا لا يمكن الاحتراز منه.
14-15_16: الأكل والشرب والجماع ناسيا.
17- القيء غير المتعمد:
ولقد تقدمت الأدلة على عدم فساد الصيام بهذه الأمور.


http://www7.0zz0.com/2013/07/29/00/223254058.gif

(1):مذهب الحنفية والشافعية وبعض المالكية أن الكحل لا يفطر سواء وجد طعمه في الحلق أم لا، وهذا مروى عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى من الصحابة، ومذهب مالك وأحمد أنّه يفطر إذا وصل الحلق، أنظر:"الهداية"(1/125)، و"المجموع" (6/320)، و"القوانين"(104)، و"الإنصاف"(3/299).
(2): المراد بالحقنة هنا الشرجية،ومذهب الجمهور أنها تفطر،وذهب داود والحسن بن صالح وقول عند المالكية أنّها لا تفطر.
(3): مذهب الحنفية وظاهر كلام الشافعية أن التقطير لا يفطر،وذهب المالكية والحنابلة إلى أنّه يفطر إن وصل إلى الحلق،وانظر "الفتاوى الهندية"(1/203)،و"القوانين"(80)،والمراجع السابقة.
(4): المأمومة هي الجراحة التي تصل إلى الدماغ،والجائفة هي الجراحة التي تصل إلى الجوف.
(5): هو حديث :"أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإثمد المروح عند النوم،وقال :ليتقه الصائم" وهو منكر أ خرجه أبو داود (2377).
(6):مجموع الفتاوى (25/233-234).
(7):"مجموع الفتاوى" (25/242).
(8):"مجموع الفتاوى" (25/235)، وانظر "المحلى" (6/215).
(9): صحيح:سبق تخريجه.
(10):"مجموع الفتاوى" (25/244).
(11):أفاده العلامة ابن عثيمين-رحمه الله-كما في "الممتع" (6/381).
(12): " رد المحتار" (2/101)، و"المغنى"(2/43)، و"جواهر الإكليل" (1/149).
(13):"روضة الطالبين" (2/360)،و"كشاف القناع" (2/329).
(14):"رد المحتار" (2/98،112)،و"كشاف القناع" (2/32)، و "روضة الطالبين" (2/361)،و "القوانين" (80).
(15):"رد المحتار"(2/98)،و"الروضة" (2/359)،و"كشاف القناع" (2/329).
http://www7.0zz0.com/2013/07/29/00/223254058.gif

"جُوهَرْ"
2013-07-30, 06:27
http://www9.0zz0.com/2013/07/30/05/157805901.gif


المفطرون وأحكامهم
المفطرون في رمضان على ثلاثة أقسام(1):
(أ)قسم يجوز له الفطر والصوم.
(ب) قسم يجب عليه الفطر.
(ح) قسم لا يجوز عليه الفطر.
أ)) من يجوز لهم الفطر والصوم:
(1): المريض:
المرض هو كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة(2).
وقد أجمع العلماء على إباحة الفطر للمريض في الجملة (3)،ثم إذا برئ قضاه والأصل فيه قول الله تعالى:" مَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" سورة البقرة:185،وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال:لمّا نزلت هذه الآية"وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"سورة البقرة:184.كان من أراد أن يفطر،يفطر ويفتدي،حتى أنزلت الآية التي بعدها (4) يعني قوله تعالى:" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"سورة البقرة:185.
وللمريض ثلاث حالات(5):
1-أن يكوم مرضه يسيرا لا يتأثر بالصوم ولا يكون الفطر أرفق به، كالزكام اليسير، أو الصداع اليسير أو وجع الضرس ونحوه، فهذا لا يجوز له أن يفطر.
2-أن يزيد مرضه أو يتأخر برؤه ويشق عليه الصوم لكن لا يضره، فهذا يستحب له الفطر ويكره له الصوم.
3- أن يشق عليه الصوم ويتسبب في ضرر قد يفضي إلى الهلاك، فهذا يحرم عليه الصوم أصلا لقوله تعالى:"وَ لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ"سورة النساء:29.
4- هل يفطر الصحيح الذي يخشى المرض بالصيام(6).
5- يباح للصحيح الذي يخشى المرض بالصيام أن يفطر،لأنّه كالمريض الذي يخاف زيادة مرضه أو إبطاء برئه بالصوم،قال تعالى:"وَ لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ"سورة النساء:29.
وقال سبحانه:" يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"سورة البقرة:185.
وقال:" وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ"سورة الحج:78.
وقال صلى الله عليه وسلم:"وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(7).
(2) المسافر:
يشرع للمسافر-سفرا يُقصر فيه-أن يفطر، لقوله تعالى:" وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"سورة البقرة185.
إذا صام المسافر صحّ صومه: ذهب جماهير الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة إلى أن الصوم في السفر صحيح مجزئ،وروى عن أبي هريرة وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وهو مذهب ابن حزم أنّه غير صحيح ويجب القضاء على المسافر إن صام في سفره،وروى القول بكراهته،ومذهب الجماهير أقوى،كما سيأتي.
هل الأفضل للمسافر الصوم أو المفطر؟
اختلف أهل العلم في ذلك، والتحقيق في المسألة، وهو الذي تجتمع عليه النصوص أن يقال:
إنّ للمسافر ثلاث حالات:
1-أن يشق عليه الصوم أو يعوقه عن فعل خير:فالفطر في حقه أولى، ومن هذا ما في حديث جابر قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال:"ما هذا؟" قالوا:صائم، فقال:"ليس من البر الصوم في السفر" (8).
وحديث أنس قال:كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فمنّا الصائم ومنّا المفطر،قال:فنزلنا منزلا في يوم حار،أكثرنا ظلاّ صاحب الكساء،ومنّا من يتقي الشمس بيده قال:فسقط الصوّام وقام المفطرون،فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذهب المفطرون اليوم بالأجر"(9).
وفي حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه-وكانوا في غزوة-:"إنّكم مصبحو العدو غدا والفطر أقوى لكم"(10).
2- أن لا يشق عليه الصيام ولا يعوقه عن فعل الخير:فالأولى له الصيام لعمومه قوله تعالى:" وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ"سورة البقرة:184.
وعن أبي الدرداء قال:"خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار،حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحرّ،وما فينا صائم إلاّ ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة"(11).
وعن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم:أأصوم في السفر؟-وكان كثير الصيام- فقال:"إن شئت صم،وإن شئت فأفطر" (12).
ولأن الصوم-إذا لم يكن فيه مشقة-أسرع من إبراء الذمة،وأسهل على المكلف غالبا أن يصوم مع النّاس من أن يقضي والنّاس مفطرون.
3-أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة غير محتملة قد تفضي إلى الهلاك،فهنا يجب الفطر ويحرم الصوم،كما في حديث جابر:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة فسار حتى بلغ كراع الغميم،وصار النّاس،ثم دعا بقدح من ماء،فرفعه حتى نظر النّاس إليه،ثم شرب،قيل له بعد ذلك:إن بعض النّاس قد صام،فقال:"أولئك العصاة، أولئك العصاة"(13).

http://www9.0zz0.com/2013/07/30/05/893702381.gif
(1): "بداية المجتهد" (1/438).
(2):"المصباح المنير" مادة (مرض).
(3): "المغنى" مع الشرح (3/16).
(4): صحيح أخرجه البخاري(4507)، ومسلم (1145).
(5):أفاده في "الشرح الممتع" (6/352، 353)، وانظر: "المجموع" (6/258)، و"المغنى" (3/16)، و "القوانين الفقهية"(82).
(6): "المغنى" (3/364-الغد)، و "المحلى" (6/228).
(7) صحيح: أخرجه البخاري (7288)، ومسلم (1337).
(8) صحيح: أخرجه البخاري (1946)، ومسلم (1115).
(9): أخرجه مسلم (1119).
(10): أخرجه مسلم (1120).
(11) صحيح: أخرجه البخاري (1945)، ومسلم (1122).
(12) صحيح: أخرجه البخاري (1943)، ومسلم (1121).
(13) صحيح: أخرجه مسلم (1114)، ونحوه البخاري(1948) عن ابن عباس.
http://www9.0zz0.com/2013/07/30/05/893702381.gif

"جُوهَرْ"
2013-07-31, 06:23
http://www13.0zz0.com/2013/07/31/05/390283645.gif






3-4: الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى برؤه:
أجمع العلماء على أن الشيخ والمرأة العجوز العاجزين عن الصوم، يجوز لهما الفطر ولا قضاء عليهما، ثم اختلفوا فيما عليهما إذا أفطرا، فقال الجمهور: يطعمان عن كل يوم مسكينا، وقال مالك: ليس عليهما إطعام إلاّ أنّه استحبه(1) وقول الجمهور أقوى.
والأصل في هذا قوله تعالى: "وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"سورة البقرة:184.وعن عطاء أنّه سمع ابن عباس يقرأ هذه الآية فقال ابن عباس:" ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما،فليطعما مكان كل يوم مسكينا(2)،وجمهور الصحابة –ومنهم ابن عباس على التحقيق كما سيأتي-يرون أنّها منسوخة فعن سلمة بن الأكوع قال:لمّا نزلت:" وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ"كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها"(3).
وعلى القول بنسخها، فالآية في محل الاستدلال أيضا، لأنّها وردت في الشيخ الفاني-كما ذهب إليه بعض السلف- وإن وردت للتخيير فكذلك، لأن النسخ إنّما يثبت في حق القادر على الصوم، فبقى الشيخ الفاني على حاله كما كان(4).
ثم إن وضع الصوم عن الشيخ والعجوز هو الموافق للعمومات القاضية برفع الحرج.
والمريض الذي لا يرجى برؤه في حكم الكبير(5).
5-6:المرضع والحامل:
إذا خافت الحامل على الجنين،أو خافت المرضع على رضيعها قلة اللبن أو ضيعته ونحو ذلك بالصوم، فلا خلاف في أنّه يجوز لهما الفطر،لقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر الصلاة،وعن المسافر والحامل والمرضع بالصوم"(6).
لكن اختلف العلماء فيما يجب عليها إذا أفطرتا على خمسة أقوال:
الأول: عليهما القضاء والإطعام عن كل يوم مسكينا:وبه قال مالك والشافعي وأحمد(7) وعند الشافعية والحنابلة أنّهما إذا أفطرتا خوفا على نفسيهما فعليهم القضاء فقط !!
الثاني:عليهما القضاء فقط: وهو مذهب الأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور وأبي عبيد(8)،وهؤلاء اعتبروا دلالة اقتران المسافر بالحامل والمرضع في الحديث المتقدم، أو قاسوا الحامل والمرضع على المريض أو المسافر.
وقد أورد على هذا القول أن المسافر إنّما لزمه القضاء بنص خارج عن الحديث وهو قوله تعالى: " وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ".أمّا الحامل والمرضع فلا دليل على إيجاب القضاء عليهما،ثم بإمعان النظر في الحديث نرى المسافر إذا قصر الصلاة في السفر لا يطالب-بعد رجوعه- بإتمام ما كان قصره من ركعات،فليقل كذلك: إن الحامل والمرضع لا يلزمان بقضاء ما أفطرتاه !!(9).
الثالث: عليهما الإطعام فقط دون القضاء: وهو عكس السابق،وبه قال ابن عباس وابن عمر،وهو مذهب إسحاق،وهو اختيار العلامة الألباني،رحمهم الله.
فعن ابن عباس قال:"رخص للشيخ الكبير،والعجوز الكبيرة في ذلك،وهما يطيقان الصوم،يفطران إن شاءا، ويطعمان كل يوم مسكينا،ولا قضاء عليهما،ثم نسخ ذلك في هذه الآية:" فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"،وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم،والحبلى والمرضع إذا خافتا،وأطعمتا كل يوم مسكينا"(10).
وفي قوله:"ثبت" إشعار بأن هذا الحكم في حق من لا يطيق الصوم كان مشروعا كما كان مشروعا في حق من لا يطيق الصوم،فنسخ هذا،واستمر الآخر،وكل من شرعيته واستمراره إنّما عرفه ابن عباس من السنّة،وليس من القرآن"(11).
ويؤيد هذا أنّ ابن عباس أثبت هذا الحكم للحبلى والمرضع إن خافتا،ومن الظاهر جدا أنّهما ليستا كالشيخ والشيخة في عدم الاستطاعة،بل أنّهما مستطيعتان،ولذا كان يأمر وليدة له حبلى أن تفطر ويقول:"أنت بمنزلة الكبير الذي لا يطيق الصيام فأفطري وأطعمي عن كل يوم نصف صاع من حنطة"(12).
فمن أين أعطاهما ابن عباس هذا الحكم مع تصريحه بأن الآية منسوخة؟ !ذلك من السنة بلا ريب.
وعن نافع قال:"كانت بنت لابن عمر تحت رجل من قريش، وكانت حاملا، فأصابها عطش في رمضان، فأمرها ابن عمر أن تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا"(13).
الرابع: القضاء على الخامل،والقضاء على والإطعام للمرضع: وبه قال مالك،وهو قول عند الشافعية (14).
الخامس: ليس عليهما قضاء ولا إطعام: وهو مذهب ابن حزم(15)قال:وإذا سقط الصوم، فإيجاب القضاء عليهما شرع لم يأذن الله به،ولم يوجب الله تعالى القضاء إلاّ على المريض والمسافر والحائض والنفساء ومتعمد القيء...وأمّا تكليفهم إطعاما...فلا يجوز لأحد إيجاب غرامه لم يأت بها نص ولا إجماع... اهـ.
قلت: وأرجح هذه الأقوال أنّهما تفطران وتطعمان عن كل يوم مسكينا،ولا قضاء عليهما وهو قول ابن عباس وابن عمر ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة،ثم إن حديث ابن عباس له حكم الرفع لأنّه حديث صحابي جاء في تفسير يتعلق بسبب نزول الآية،فهذا حديث مسند كما تقرر في علم المصطلح(16).
(ب)من يجب عليه الفطر وعليه القضاء:
2-1الحائض والنفساء: أجمع العلماء على أن الحائض والنفساء لا يصخ صومهما،ولا يجب عليهما،ويحرم عليهما، ويجب عليهما –بعد الطهر- قضاؤه (17).
فعن أبي سعيد رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم؟فذلك نقصان دينها"(18).
وعن عائشة قالت:"كنّا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"(19).
هل تتناول المرأة دواء يقطع الحيضة في رمضان؟
الحيض أمركتبه الله على بنات آدم،ولم تكن النسوة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلفن ذلك ليصمن رمضان كاملا، وعليه فلا يستحب ذلك.
لكن إذا فعلت ذلك-ولم يكن هذا الدواء يضر بها- فلا بأس به، فإذا تناولته وانقطع دمها كان لها حكم الطاهرة فتصوم ولا إعادة عليها. والله أعلم.

المستحاضة لا تمنع من الصوم ولا من الصلاة،بل يجبان عليها بإجماع العلماء.
3-من خشي الهلاك بصومه: فيجب عليه الفطر (20).
(ح) من لا يجوز له الفطر:كل مسلم، بالغ، صحيح عير مريض، مقيم غير مسافر، والمرأة الطاهرة من الحيض والنّفاس.

http://www13.0zz0.com/2013/07/31/05/417005736.gif

(1):"القوانين الفقهية" (6/268)، و"المجموع" (6/258)، و"المغنى" (3/79)، و"كشاف القناع" (6/309)، و "بداية المجتهد" (1/447).
(2)صحيح أخرجه البخاري (4505) لكن قرأها ابن عباس"وعلى الذي يطوقّونه) وهي شاذة وانظر تفسير الطبري (3/438).
(3):أخرجه البخاري (4507).
(4): "العناية على الهداية" (2/227-مع فتح التقدير).
(5):"رد المختار" (2/119)، و "المجموع" (6/258)، و "الروض المربع" (1/138).
(6): حسن: أخرجه أحمد (4/347)، وعبد بن حميد "المنتخب"(430).
(7)نقله الترمذي عنهم (3/402-التحفة) وانظر المصادر السابقة.
(8):"بداية المجتهد"(1/446)، و "جامع أحكام النّساء" (2/394).
(9): "جامع أحكام النّساء" (2/395).
(10): صحيح أخرجه ابن الجار ود (381)،والبيهقي (4/230)،وانظر "الإرواء"(4/18).
(11):أ فاده الألباني في "الإرواء" (4/24) فعليه عن ابن عباس أن الآية منسوخة كما جزم به ابن حزم (6/264)، ولا تعارض بينه وبين قول ابن عباس في رواية البخاري "ليست منسوخة".
(12):إسناده صحيح أخرجه عبد الرزاق (7567)، والدار قطني (2/206) وصححه.
(13):إسناده صحيح أخرجه الدار قطني (2/207)، وانظر "الإرواء" (4/20).
(14): "المحلى" (6/265)، و"بداية المجتهد" (1/446)، و"المجموع" (6/273).
(15):"المحلى" (6/263).
(16):انظر"تدريب الراوي" (1/192-193)، و"علوم الحديث" لابن صلاح (ص24).
(17):"المغنى"(3/142)،و "المجموع" (6/259).
(18): صحيح أخرجه البخاري (1951).
(19):صحيح أخرجه مسلم (335)، وأبو داود (259)، والترمذي (784)، والنسائي(4/191).
(20):"المحلى" (6/227)، و"المجموع" (6/262)، و"الدار المختار" (2/116)، و"القوانين الفقهية" (82).

http://www13.0zz0.com/2013/07/31/05/417005736.gif

"جُوهَرْ"
2013-07-31, 20:44
http://www10.0zz0.com/2013/07/31/19/609194627.gif


ليلة القدر
فضلها:
قال الله تعالى:"إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* ليْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ"سورة القدر 1/5.
وقد انتظمت هذه السورة الكريمة جملة فضائل لهذه الليلة(1):
1- أن الله عز وجل أنزل القرآن في هذه الليلة،كما قال تعالى:"إ نَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ"سورة الدخان
2-أن الله عز وجل عظّم شأنها بذكرها وبقوله: " وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ".
3-أن ّ العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
4-أنّ الملائكة تتنزل في هذه الليلة،قيل:تتنزل بالرحمات والبركات والسكينة وقيل: تتنزل بكل أمر قضاه الله وقدّره لهذه السنة،كما قال سبحانه وتعالى:" فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ* أمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ"سورة الدخان:4/5.
5- أن الأمن والسلام يحل في هذه الليلة على أهل الإيمان، وتسليم الملائكة يتوالى عليهم فيها.
6 وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانا و احتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه".
أي ليلة هي؟
لا شك أن ليلة القدر في رمضان لقوله تعالى: :"إنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ".مع قوله تعالى:" شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ".
وأمّا تحديدها فقال الحافظ ابن حجر: وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا،وتحصّل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولا اهـ.(ثم ذكر هذه الأقوال وأدلة أصحابها( (2).
والأكثرون على أنّها في العشر الأواخر من رمضان لحديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"...فابتغوها في العشر الأواخر" (3).
وأكثرهم على أنّها الوتر من العشر الأواخر لقوله صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر" (4).
وأكثرهم كذلك على أنّها ليلة السابع والعشرين وهو قول جماعة من الصحابة وبه جزم أبي ابن كعب وحلف عليه كما في صحيح مسلم (5).
قلت: الذي يظهر لي أن ليلة القدر في العشر الأواخر وأوتار العشرآكد وأنّها تنتقل فيها،وأنّها لا تختص بليلة السابع والعشرين،فإن ما جاء عن أبيّ أنّها ليلة السابع والعشرين هذا في سنة ولا يعني تعيينها في كل سنة،ويدل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وافق ليلة القدر ليلة إحدى وعشرين،كما في حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم فقال:"إنّي أريت ليلة القدر ثم أنسيتها،فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر،وإنّي رأيت أسجد في ماء وطين"...قال أبو سعيد: مطرنا ليلة إحدى وعشرين فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت إليه وقد انصرف من صلاة الصبح ووجهه مبتلّ طينا وماءً"(6).
وهذا هو ما يدل على مجموع الأخبار الواردة فيها والله أعلم.
إخفاء ليلة القدر:
وإنّما أخفيت ليلة القدر ليجتهد العباد في الطاعة في جميع الليالي، رجاء أنّه ربما كانت هذه الليلة هي ليلة القدر ،فمن رجح عنده خبر في ليلة أحياها،ومن أراد أن يوافقها على التحقيق،فعليه أن يشكر الله بالفراغ إليه بالعبادات في الشهر كلّه ،فهذا هو السر في عدم تعيينها،ولعلّه يشير إلى هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنّي خرجت لأخبركم بليلة القدر،فتلاحى فلان وفلان،فرفعت(يعني : رفع علمها)،وعسى أن يكون خيرا لكم ،فالتمسوها ..."(7)
كيف يتحرى المسلم ليلة القدر؟
هذه الليلة المباركة من حرمها فقد حرم الخير كلّه،ولا يحرم خيرها إلاّ محروم،لذلك ينبغي للمسلم الحريص على طاعة الله أن يحييها إيمانا وطمعا في أجرها العظيم،وأن يجتهد في العشر الأواخر أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد ما لا يجتهد في غيرها" (8). وعليه أن يكثرمن القيام في هذه الليالي وأن يعتزل النساء ويحث أهله عل الطاعة فيها،فعن عائشة قالت:"كان النبي صل الله عليه وسلم إذا دخل العشر،شدّ مئزره(8)،وأحيا ليله،وأيقظ أهله"(9).
حتى يكون حريّا بموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:"من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وتأخر".
الدعاء فيها: ويستحب الدعاء فيها والإكثار منه لاسيما بالدعاء الوارد في حديث عائشة قالت: قلت :يا رسول الله،أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر،ما أقول فيها؟
قال:"قولي: اللّهم إنّك عفو تحب العفو فاعف عنّي" (10).
علامات ليلة القدر:
ليلة القدر لها علامات تعرف بها، ومن هذه العلامات ما يكون في الليلة نفسها مثل:
1- أن يكون الجو مناسبا والريح ساكنة،فعن ابن عباس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليلة القدر ليلة سمحة،طلقة،لا حارة ولا باردة،تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء" (11).
2- الطمأنينة والسكينة التي تنزل بها الملائكة،فيحس الإنسان بطمأنينة القلب،ويجد من انشراح الصدر ولذة العبادة في هذه الليلة ما لا يجده في غيره.
3- 3- قد يراها الإنسان بمنامه،كما حصل لبعض الصحابة.
4- أن تطلع الشمس في صبيحتها صافية لا شعاع لها،فعن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"صبيحة ليلة القدر تطلع الشمس لا شعاع لها،كأنّها طست،حتى ترتفع"(12).
5- تنبيه: للعامّة حول علامات ليلة القدر خرافات كثيرة، واعتقادات فاسدة، منها أن الشجر يسجد وأن المباني تنام،وأن المالحة تعذب في تلك الليلة وأن الكلاب تكف عن النباح وغير ذلك مما هو ظاهر من الفساد.




http://www10.0zz0.com/2013/07/31/19/614308082.gif


(1):"التسهيل لتأويل التنزيل" لشيخنا مصطفى العدوي (جزء عم 2/4 48).
(2):"فتح الباري"(4/309-سلفية).
(3):صحيح أخرجه البخاري(2018)،ومسلم (1167) عن أبي سعيد.
(4): صحيح أخرجه البخاري (2017).
(5):صحيح مسلم (762)، والترمذي (3351).
(6): صحيح أحرجه البخاري (2018)،ومسلم (1167).
(7):صحيح أخرجه مسلم (1174).
(8):أي اعتزل النساء لأجل العبادة،وشمّر في طلبها وجدّ في ذلك.
(9):صحيح أخرجه البخاري (2024)، ومسلم (1174).
(10): صحيح أخرجه الترمذي (3760)، وابن ماجة (3850).
(11): حسن أخرجه الطيالسي (349)، وابن خزيمة (3/231)، والبزار (1034).
(12):صحيح: أخرجه مسلم (1174).


http://www10.0zz0.com/2013/07/31/19/614308082.gif