Peerless
2013-06-10, 16:42
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسوله الكريم
محمد صلى الله عليه وسلم
بقلم /همام بن عبدالرحمن الحارثي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومَن والاه.
أما بعد:
فإن من فضل الله - عز وجل - على هذه الأمّة أن جعلَها آخر الأمم وأفضلَها؛ كما جاء في الحديث: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة))، وجعل نبيَّها أفضل الرسل والأنبياء وخاتَمَهم، وجعل حبَّه - صلى الله عليه وسلم - دينًا ندين الله - عز وجل - به، ونتقرَّب به إليه.
وفي هذا المقال سيكون حديثُنا عن كيفية تنشئةِ النفس وتربيتِها على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن وسائل التربية على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
• أن يعلم كلُّ مسلمٍ أنه لن يدخل الجنةَ إلا عن طريق اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تُقبَل منه عبادةٌ إلا إذا كانتْ موافقةً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا، أو شارحًا، أو مفصلًا؛ كما قال ربنا - جل وعلا -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]، واتِّباع سنتِه يكون بالاقتداء بهَدْيِه وسَمْتِه وما ثبت عنه.
قال شيخ الإسلام:
"وقاعدتنا في هذا الباب أصحُّ القواعد؛ إن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانتْ مأثورة أثرًا يصحُّ التمسك به، لم يكره شيء من ذلك، بل يشرع ذلك كله".
وقال: "وهو أن ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنواع متنوعة، وإن قيل: إن بعض تلك الأنواع أفضل؛ فالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة أفضلُ من لزوم أحد الأمرين، وهجر الآخر… إلخ".
• من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - معرفةُ قدرِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند ربه - عز وجل -:
إنَّ شأنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الله لعظيمٌ، وإن قدرَه لكريمٌ؛ فلقد اختاره الله - تعالى - واصطفاه على جميع البشر، وفضَّله على جميع الأنبياء والمرسلين، وشرح له صدره، ورفع له ذكرَه، ووضع عنه وِزْرَه، وأعلى له قدرَه.
وزكَّاه في كل شيء:
زكَّاه في عقله، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2].
وزكَّاه في صدقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3].
وزكَّاه في بصره، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17].
وزكَّاه في فؤاده، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11].
وزكَّاه في صدره، فقال - سبحانه -: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1].
وزكَّاه في ذِكْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4].
وزكَّاه في طُهْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ﴾ [الشرح: 2].
وزكَّاه في حلمه، فقال - سبحانه -: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
وزكَّاه في علمه، فقال - سبحانه -: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5].
وزكَّاه في خُلُقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].
ثم أخبر عن منزلته في الملأ الأعلى عند رب العالمين، وعند الملائكة المقرَّبين، فقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾ [الأحزاب: 56]، ثم أمر أهلَ الأرض من المؤمنين بالصلاةِ والسلام عليه؛ ليجتمع له الثناءُ من أهل السماء وأهل الأرض، فقال - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَثَلي ومَثَل الأنبياءِ قبلي كمَثَل رجلٍ بَنَى بنيانًا فأحسنَه وأَجْمَله، إلا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياه، فجعل الناسُ يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاَّ وُضِعتْ هذه اللَّبِنة! قال: ((فأنا اللَّبِنة، وأنا خاتم النبيين)) .
• من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - تذكُّرُ رحمتِه ورأفتِه على أمته؛ فالنفس مفطورة على حبِّ مَن أحبها، ومَن أحسن إليها، فمن ذلك ما جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ يومًا قولَ الله في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وقرأ قولَ الله في عيسى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]؛ فبكى - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله إليه جبريلَ - عليه السلام - وقال: ((يا جبريل، سَلْ محمدًا ما الذى يُبْكيك؟)) - وهو أعلم - فنزل جبريل، وقال: ما يُبْكِيك يا رسول الله؟ قال: ((أمتي .. أمتي يا جبريل))، فصَعِد جبريل إلى المَلِك الجليل، وقال: يبكى على أمتِه، والله أعلم، فقال لجبريل: ((انزل إلى محمدٍ، وقل له: إنا سنُرضِيك فى أمتِك)).
جاء عند مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختَبِئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة)).
وجاء عند البخاري أن رجلاً أصاب من امرأةٍ قُبْلة، فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأنزل الله:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل : يا رسول الله، أَلِي هذا؟ قال: ((لجميع أمتي كلِّهم)).
يتبع....
والصلاة والسلام على رسوله الكريم
محمد صلى الله عليه وسلم
بقلم /همام بن عبدالرحمن الحارثي
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومَن والاه.
أما بعد:
فإن من فضل الله - عز وجل - على هذه الأمّة أن جعلَها آخر الأمم وأفضلَها؛ كما جاء في الحديث: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة))، وجعل نبيَّها أفضل الرسل والأنبياء وخاتَمَهم، وجعل حبَّه - صلى الله عليه وسلم - دينًا ندين الله - عز وجل - به، ونتقرَّب به إليه.
وفي هذا المقال سيكون حديثُنا عن كيفية تنشئةِ النفس وتربيتِها على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فمن وسائل التربية على حبِّ الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
• أن يعلم كلُّ مسلمٍ أنه لن يدخل الجنةَ إلا عن طريق اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تُقبَل منه عبادةٌ إلا إذا كانتْ موافقةً لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشرعًا، أو شارحًا، أو مفصلًا؛ كما قال ربنا - جل وعلا -: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]، واتِّباع سنتِه يكون بالاقتداء بهَدْيِه وسَمْتِه وما ثبت عنه.
قال شيخ الإسلام:
"وقاعدتنا في هذا الباب أصحُّ القواعد؛ إن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانتْ مأثورة أثرًا يصحُّ التمسك به، لم يكره شيء من ذلك، بل يشرع ذلك كله".
وقال: "وهو أن ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنواع متنوعة، وإن قيل: إن بعض تلك الأنواع أفضل؛ فالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة أفضلُ من لزوم أحد الأمرين، وهجر الآخر… إلخ".
• من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - معرفةُ قدرِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند ربه - عز وجل -:
إنَّ شأنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الله لعظيمٌ، وإن قدرَه لكريمٌ؛ فلقد اختاره الله - تعالى - واصطفاه على جميع البشر، وفضَّله على جميع الأنبياء والمرسلين، وشرح له صدره، ورفع له ذكرَه، ووضع عنه وِزْرَه، وأعلى له قدرَه.
وزكَّاه في كل شيء:
زكَّاه في عقله، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2].
وزكَّاه في صدقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3].
وزكَّاه في بصره، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17].
وزكَّاه في فؤاده، فقال - سبحانه -: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11].
وزكَّاه في صدره، فقال - سبحانه -: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1].
وزكَّاه في ذِكْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4].
وزكَّاه في طُهْره، فقال - سبحانه -: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ﴾ [الشرح: 2].
وزكَّاه في حلمه، فقال - سبحانه -: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
وزكَّاه في علمه، فقال - سبحانه -: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5].
وزكَّاه في خُلُقه، فقال - سبحانه -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].
ثم أخبر عن منزلته في الملأ الأعلى عند رب العالمين، وعند الملائكة المقرَّبين، فقال - سبحانه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﴾ [الأحزاب: 56]، ثم أمر أهلَ الأرض من المؤمنين بالصلاةِ والسلام عليه؛ ليجتمع له الثناءُ من أهل السماء وأهل الأرض، فقال - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَثَلي ومَثَل الأنبياءِ قبلي كمَثَل رجلٍ بَنَى بنيانًا فأحسنَه وأَجْمَله، إلا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياه، فجعل الناسُ يطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاَّ وُضِعتْ هذه اللَّبِنة! قال: ((فأنا اللَّبِنة، وأنا خاتم النبيين)) .
• من وسائل التربية على حب الرسول - صلى الله عليه وسلم - تذكُّرُ رحمتِه ورأفتِه على أمته؛ فالنفس مفطورة على حبِّ مَن أحبها، ومَن أحسن إليها، فمن ذلك ما جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ يومًا قولَ الله في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36]، وقرأ قولَ الله في عيسى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]؛ فبكى - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله إليه جبريلَ - عليه السلام - وقال: ((يا جبريل، سَلْ محمدًا ما الذى يُبْكيك؟)) - وهو أعلم - فنزل جبريل، وقال: ما يُبْكِيك يا رسول الله؟ قال: ((أمتي .. أمتي يا جبريل))، فصَعِد جبريل إلى المَلِك الجليل، وقال: يبكى على أمتِه، والله أعلم، فقال لجبريل: ((انزل إلى محمدٍ، وقل له: إنا سنُرضِيك فى أمتِك)).
جاء عند مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختَبِئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة)).
وجاء عند البخاري أن رجلاً أصاب من امرأةٍ قُبْلة، فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فأنزل الله:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل : يا رسول الله، أَلِي هذا؟ قال: ((لجميع أمتي كلِّهم)).
يتبع....