حسناء العابدة
2009-05-09, 13:33
الأرملة المرضعه
لقيتها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا === تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا
أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ === وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا
بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا=== وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَا
مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا === فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَا
المَوْتُ أَفْجَعَهَا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا === وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَا
فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَا === وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَا
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَا === فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَا
وَمَزَّقَ الدَّهْرُ ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا === حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَا
تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَا === كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَتْ زُبَانَاهَا
حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً === كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا
تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا === حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَا
قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْدَامٍ مُمَزَّقَةٍ === في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَا
مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا === تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَا
تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ === هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَا
مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا === إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَا
يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ === كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَا
مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ === وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَا
يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَا === تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَا
وَيْلُمِّهَا طِفْلَةً بَاتَتْ مُرَوَّعَةً === وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَا
تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَا === وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَا
قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَا === وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَا
وَيْحَ ابْنَتِي إِنَّ رَيْبَ الدَّهْرِ رَوَّعَها === بِالفَقْرِ وَاليُتْمِ ، آهَاً مِنْهُمَا آهَا
كَانَتْ مُصِيبَتُهَا بِالفَقْرِ وَاحَدَةً === وَمَوْتُ وَالِدِهَا بِاليُتْمِ ثَنَّاهَا
هَذَا الذي في طَرِيقِي كُنْتُ أَسْمَعُهُ === مِنْهَا فَأَثَّرَ في نَفْسِي وَأَشْجَاهَا
حَتَّى دَنَوْتُ إلَيْهَا وَهْيَ مَاشِيَةٌ === وَأَدْمُعِي أَوْسَعَتْ في الخَدِّ مَجْرَاهَا
وَقُلْتُ : يَا أُخْتُ مَهْلاً إِنَّنِي رَجُلٌ === أُشَارِكُ النَّاسَ طُرَّاً في بَلاَيَاهَا
سَمِعْتُ يَا أُخْتُ شَكْوَى تَهْمِسِينَ بِهَا === في قَالَةٍ أَوْجَعَتْ قَلْبِي بِفَحْوَاهَا
هَلْ تَسْمَحُ الأُخْتُ لِي أَنِّي أُشَاطِرُهَا === مَا في يَدِي الآنَ أَسْتَرْضِي بِهِ اللهَ
ثُمَّ اجْتَذَبْتُ لَهَا مِنْ جَيْبِ مِلْحَفَتِي === دَرَاهِمَاً كُنْتُ أَسْتَبْقِي بَقَايَاهَا
وَقُلْتُ يَا أُخْتُ أَرْجُو مِنْكِ تَكْرِمَتِي === بِأَخْذِهَا دُونَ مَا مَنٍّ تَغَشَّاهَا
فَأَرْسَلَتْ نَظْرَةً رَعْشَاءَ رَاجِفَةً === تَرْمِي السِّهَامَ وَقَلْبِي مِنْ رَمَايَاهَا
وَأَخْرَجَتْ زَفَرَاتٍ مِنْ جَوَانِحِهَا === كَالنَّارِ تَصْعَدُ مِنْ أَعْمَاقِ أَحْشَاهَا
وَأَجْهَشَتْ ثُمَّ قَالَتْ وَهْيَ بَاكِيَةٌ === وَاهَاً لِمِثْلِكَ مِنْ ذِي رِقَّةٍ وَاهَا
لَوْ عَمَّ في النَّاسِ حِسٌّ مِثْلُ حِسِّكَ لِي === مَا تَاهَ في فَلَوَاتِ الفَقْرِ مَنْ تَاهَا
أَوْ كَانَ في النَّاسِ إِنْصَافٌ وَمَرْحَمَةٌ === لَمْ تَشْكُ أَرْمَلَةٌ ضَنْكَاً بِدُنْيَاهَا
هَذِي حِكَايَةُ حَالٍ جِئْتُ أَذْكُرُهَا === وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَى الأَحْرَارَ فَحْوَاهَا
أَوْلَى الأَنَامِ بِعَطْفِ النَّاسِ أَرْمَلَةٌ === وَأَشْرَفُ النَّاسِ مَنْ بِالمَالِ وَاسَاهَا
لقيتها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا === تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا
أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ === وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا
بَكَتْ مِنَ الفَقْرِ فَاحْمَرَّتْ مَدَامِعُهَا=== وَاصْفَرَّ كَالوَرْسِ مِنْ جُوعٍ مُحَيَّاهَا
مَاتَ الذي كَانَ يَحْمِيهَا وَيُسْعِدُهَا === فَالدَّهْرُ مِنْ بَعْدِهِ بِالفَقْرِ أَشْقَاهَا
المَوْتُ أَفْجَعَهَا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا === وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَا
فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَا === وَالبُؤْسُ مَرْآهُ مَقْرُونٌ بِمَرْآهَا
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَا === فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَا
وَمَزَّقَ الدَّهْرُ ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا === حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَا
تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَا === كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَتْ زُبَانَاهَا
حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً === كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا
تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا === حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَا
قَدْ قَمَّطَتْهَا بِأَهْدَامٍ مُمَزَّقَةٍ === في العَيْنِ مَنْشَرُهَا سَمْجٌ وَمَطْوَاهَا
مَا أَنْسَ لا أنْسَ أَنِّي كُنْتُ أَسْمَعُهَا === تَشْكُو إِلَى رَبِّهَا أوْصَابَ دُنْيَاهَا
تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ === هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَا
مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا === إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَا
يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ === كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَا
مَا بَالُهَا وَهْيَ طُولَ اللَّيْلِ بَاكِيَةٌ === وَالأُمُّ سَاهِرَةٌ تَبْكِي لِمَبْكَاهَا
يَكَادُ يَنْقَدُّ قَلْبِي حِينَ أَنْظُرُهَا === تَبْكِي وَتَفْتَحُ لِي مِنْ جُوعِهَا فَاهَا
وَيْلُمِّهَا طِفْلَةً بَاتَتْ مُرَوَّعَةً === وَبِتُّ مِنْ حَوْلِهَا في اللَّيْلِ أَرْعَاهَا
تَبْكِي لِتَشْكُوَ مِنْ دَاءٍ أَلَمَّ بِهَا === وَلَسْتُ أَفْهَمُ مِنْهَا كُنْهَ شَكْوَاهَا
قَدْ فَاتَهَا النُّطْقُ كَالعَجْمَاءِ، أَرْحَمُهَا === وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيَّ السُّقْمِ آذَاهَا
وَيْحَ ابْنَتِي إِنَّ رَيْبَ الدَّهْرِ رَوَّعَها === بِالفَقْرِ وَاليُتْمِ ، آهَاً مِنْهُمَا آهَا
كَانَتْ مُصِيبَتُهَا بِالفَقْرِ وَاحَدَةً === وَمَوْتُ وَالِدِهَا بِاليُتْمِ ثَنَّاهَا
هَذَا الذي في طَرِيقِي كُنْتُ أَسْمَعُهُ === مِنْهَا فَأَثَّرَ في نَفْسِي وَأَشْجَاهَا
حَتَّى دَنَوْتُ إلَيْهَا وَهْيَ مَاشِيَةٌ === وَأَدْمُعِي أَوْسَعَتْ في الخَدِّ مَجْرَاهَا
وَقُلْتُ : يَا أُخْتُ مَهْلاً إِنَّنِي رَجُلٌ === أُشَارِكُ النَّاسَ طُرَّاً في بَلاَيَاهَا
سَمِعْتُ يَا أُخْتُ شَكْوَى تَهْمِسِينَ بِهَا === في قَالَةٍ أَوْجَعَتْ قَلْبِي بِفَحْوَاهَا
هَلْ تَسْمَحُ الأُخْتُ لِي أَنِّي أُشَاطِرُهَا === مَا في يَدِي الآنَ أَسْتَرْضِي بِهِ اللهَ
ثُمَّ اجْتَذَبْتُ لَهَا مِنْ جَيْبِ مِلْحَفَتِي === دَرَاهِمَاً كُنْتُ أَسْتَبْقِي بَقَايَاهَا
وَقُلْتُ يَا أُخْتُ أَرْجُو مِنْكِ تَكْرِمَتِي === بِأَخْذِهَا دُونَ مَا مَنٍّ تَغَشَّاهَا
فَأَرْسَلَتْ نَظْرَةً رَعْشَاءَ رَاجِفَةً === تَرْمِي السِّهَامَ وَقَلْبِي مِنْ رَمَايَاهَا
وَأَخْرَجَتْ زَفَرَاتٍ مِنْ جَوَانِحِهَا === كَالنَّارِ تَصْعَدُ مِنْ أَعْمَاقِ أَحْشَاهَا
وَأَجْهَشَتْ ثُمَّ قَالَتْ وَهْيَ بَاكِيَةٌ === وَاهَاً لِمِثْلِكَ مِنْ ذِي رِقَّةٍ وَاهَا
لَوْ عَمَّ في النَّاسِ حِسٌّ مِثْلُ حِسِّكَ لِي === مَا تَاهَ في فَلَوَاتِ الفَقْرِ مَنْ تَاهَا
أَوْ كَانَ في النَّاسِ إِنْصَافٌ وَمَرْحَمَةٌ === لَمْ تَشْكُ أَرْمَلَةٌ ضَنْكَاً بِدُنْيَاهَا
هَذِي حِكَايَةُ حَالٍ جِئْتُ أَذْكُرُهَا === وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَى الأَحْرَارَ فَحْوَاهَا
أَوْلَى الأَنَامِ بِعَطْفِ النَّاسِ أَرْمَلَةٌ === وَأَشْرَفُ النَّاسِ مَنْ بِالمَالِ وَاسَاهَا