تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إلى أي حد يصح القول بأن الإنسان اجتماعي بطبعه؟


slomerck
2009-05-08, 21:03
إلى أي حد يصح القول بأن الإنسان اجتماعي بطبعه؟

طالما ظل الناس يعيشون دون سلطة مشتركة تحول دون أن يتعدى بعضهم على بعض، فإنهم يكونون في تلك الحالة التي تسمى بحالة الحرب، وهي حرب يشنها كل واحد ضد الآخر. ليس لدى أي واحد من وسيلة يحافظ بها على بقائه وتكون أكثر معقولية بفعل الحذر و الاحتراس اللذين يطبعان علاقة الناس بعضهم ببعض، سوى أن يكون مبادرا متقدما على غيره، أي أن يجعل من نفسه، بواسطة العنف أو المكر، سيدا على كل شخص أمكن له أن يسود عليه، وذلك حتى لا تبقى في مواجهته أية قوة لها من الشدة ما قد يهدد وجوده. وليس في هذا شيء أكثر مما تقتضيه المحافظة على وجود الذات. وهو ما يعتقد بوجه عام، أنه أمر مباح.
نستطيع أن نعثر في الطبيعة الإنسانية على أسباب ثلاثة أساسية، هي مصدر النزاع. أولها : التنافس، وثانيها : الحذر، وثالثها : الكبرياء . وأولى هذه العلل تجعل الناس يتخذون الهجوم سبيلا من أجل منفعتهم ومصلحتهم، ويتخذون الثانية سبيلا إلى أمنهم، والثالثة سبيلا إلى سمعتهم.
‏في الحالة الأولى، يلجؤون إلى العنف لكي يصيروا سادة على أشخاص آخرين، وعلى نسائهم وأطفالهم وخيراتهم. وفي الحالة الثانية، يلجؤون إليه من أجل الدفاع عن كل هذه الأمور. وأما في الحالة الثالثة، فإن استعماله لهم يكون بسبب أشياء تافهة، مثل كلمة، أو ابتسامة أو رأي مخالف لرأيهم أو أي إشارة أخرى دالة على الاحتقار والاستخفاف، سواء كانت موجهة مباشرة إليهم هم أنفسهم، أو مستهم من حيث إنها كانت تقصد أقرباءهم أو أصدقاءهم أو وطنهم أو مهنتهم أو اسمهم.
(...) قد يستغرب الذي لم يتعود النظر العميق في هذه المسائل كيف أن طبيعة البشر تزرع الشقاق بينهم وتحثهم على مهاجمة وتدمير بعضهم البعض، وقد لا يقتنع بهذه النتيجة التي استنبطناها من دراسة الأهواء البشرية، فيطالبنا بدليل تجريبي ملموس. حسنا ألا يأخد حذره وهو مسافر بأن يتسلح جيدا ؟ بل إنه لا يسافر إلا في رفقة ؟ وعندما يستعد للنوم، ألا يوصد الأبواب جيدا؟ وداخل منزله، ألا يحكم إغلاق الصناديق بالأقفال؟ رغم علمه بوجود سلطة عمومية مسلحة قادرة على الثأر له إذا اعتدي عليه؟! ما هو إذن تصوره لأبناء وطنه عندما يسافر مسلحا؟ وما هو تصوره لأهل بلدته عندما يوصد أبوابه؟ وما هو تصوره لأهله وخدمه عندما يحكم إغلاق صناديقه؟ ألا يسيء الظن بالإنسانية جمعاء بتصرفاته هذه، مثلما أفعل أنا بأقوالي ؟ كلا، فلا أحد منا يسيء الظن بالإنسان. وما رغبات البشر وأهواؤهم ولا أفعالهم المستمدة من هذه الأهواء بخطايا في حد ذاتها، ، ما داموا لم يعرفوا بعد أي قانون يحرمها، ولا يمكن أن يعرفوا قانونا لم يضعوه بعد. والحال أن القانون لا يوجد إلا إذا أتفق البشر وأجمعوا على تحديد وتعيين واضعه
طوماس هوبز، الليفياتان

mostami
2009-05-08, 22:34
توماس هوبز عالم اجتماع ذو أفكار حصرية فريدة
شكرا على الطرح المميز