المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قيـــــــل :" إن الحقيقة نسبيةَ" أثبت صحة هذه المقولة.


abdelkader03
2013-06-07, 09:41
قيـــــــل :" إن الحقيقة نسبيةَ" أثبت صحة هذه المقولة.
مقــــــــدمة:
عادة ما ترتبط المعرفة بالإنسان ، لأنه هو الوحيد الذي يملك استعدادات فطرية تمكنه من تحليلها ، و أقصى ما يطمح إليه هو إدراك الحقيقة ، والتي تعرف على أنها المعرفة الشاملة و الكاملة بالواقع ، ولما كانت مرادفة لما هو ثابت و مستقر أصبحت تتصف بأنها مطلقة ،هذا الاعتقاد كان سائدا من قبل ولقرون طويلة إلى غاية القرن العشرين أين أصبح الحديث عن مطلقية الحقيقة يبدو غير منطقي ولا واقعي ،حيث ظهرت أراء يعتقد أصحابها أن الحقيقة نسبية وليست مطلقة و لا وجود لشيء نهائي يجب الوقوف عنده مادام العالم في تغير مستمر وهذا ما يجعلنا نطرح التساؤل التالي : كيف يمكن لنا إثبات صحة هذه المقولة ؟ بعبارة أخرى إلى أي مدى يمكن اعتبار الحقيقة نسبية ؟
محاولة حــــل المشكلة
عرض منطق الأطروحة
لقد كان لانتشار مختلف النظريات العلمية و الفلسفية في مختلف المجالات المعرفية تأثيرا في جعل الحقائق العلمية تقريبية خاصة مع ظهور النسبية العددية للفيزيائي "اينشتاين" ومن ثمة تبدد الرأي الذي أكد على وجود حقيقة مطلقة ، فاتحا المجال لظهور رأي مخالف يحكم على الحقيقة بالنسبية ن وبدلك تجاوز اليقين و المطلقية . ومن دعاة هذا الاتجاه نجد أنصار العلوم التجريبية العلمية الذين يؤكدون على نسبية الحقيقة فلا وجود لشيء ثابت حسب نظرية الفيزيائي هايزنبيرغ في علاقات الارتياب التي تؤكد استحالة تحديد موقع الإلكترون وسرعته في آن واحد ، والتي طرحت مشكلة الحتمية في العلم ، وبما أن التوقع أصبح مستحيلا في الفيزياء الذرية فالتصور الكلاسيكي للحتمية ينهار تماما ليحل محله الاحتمال .و الصورة نفسها التي ميزت مجال الفيزياء تنطبق على الرياضيات باعتبار أنها كانت تجسد مثالا لليقين و الدقة و المطلقية ، حيث نجد هدا اليقين في عصرنا أصبح نسبي. و مع ظهور الهندسة اللااقليدية مع لوباتشفسكي و ريمان الالماني – فكانت المسلمة التي وضعها اقليدس و التي أثارت الكثير من الشكوك تلك المعروفة بمسلمة التوازي و تصاغ عادة كما يلي : من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم مستقيم واحد فقط موازي للأول ، و على أساس هذه المسلمة يبرهن اقليدس على عدة قضايا في مجال الهندسة و منها على الخصوص القضية القائلة : أن مجموع زوايا المثلث تساوي180 درجة .فكانت محاولة– جريئة قائمة أساسا على البرهان بالخلق حيث حدد مسلمات اقليدس التي تجسد عكس القضية لإثبات نقيض القضية وانطلاقا من هدا الافتراض توصل إلى عدة نظريات هندسية من دون أن يقع في التناقض ، ونفس الشئ مع ريمان الذي افترض انه من نقطة خارج مستقيم لا يمر أي موازي له ، و هدا ما يؤكد أن الحقيقة في الرياضيات المجردة لم تبق علم دقيق و مطلق و إنما أصبح يتميز بالنسبية والاحتمال .في بداية القرن 20 م. استغل أصحاب النظرة البراغماتية فكرة النسبية العلمية لبناء مذهبهم متخذين المنفعة مقياسا للحقيقة ، وأصبحت حقيقة الشئ تكمن في كل ماهو نفعي عملي و مفيد في تغيير الواقع و الفكر معا في هدا يقول وليام جيمس : {{ يقوم الصدق بكل بساطة في ما هو مفيد لفكرنا و صائب في ما هو مفيد لسلوكنا }} هكذا فإن الذاتية متناقضة فإدا كنت تعتقد أن أراء غيرك صادقة نسبيا فكانت ترى رأيك صادقا صدقا مطلقا مثلما اعتقدت أن الأرض كروية و اعتقد غيرك أنها مسطحة يقول جيمس :{{ أن الناس يعتقدون في القرون الماضية أن الأرض مسطحة و نحن نعتقد اليوم أنها مستديرة ، إذن الحقيقة تغيرت و أنت ربما تقتنع بهذا القول و لا يقتنع غيرك }} و بهذا فالحقيقة عند جيمس ليست غاية في ذاتها بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجيات حيوية أخرى ، كما أن استمرار تاريخ الفكر البشري يؤكد على أن الحقيقة لم تستطع أن تتواجد في معزل عن اللاحقيقة و نقصد بدلك نقائض الحقيقة و أضدادها ، فلكي يكون العلم مطلقا – نهائيا – لا بد أن يكون تاما إلا أن هدا لن يتحقق . يقول بيرنارد {{ يجب أن يكون حقيقة كقناعة بأننا نملك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجه تقريبي كثير أو قليلا ، وان النظريات التي نمتلكها هي ابعد أن تكون حقيقة مطلقة }} إنها تمثل حقائق جزئية مؤقتة و هدا يخالف الموقف الفلسفي المثالي الذي يعتقد الوصول إلى الحقيقة المطلقة ، وفي هدا الصدد يقول بيرس : {{ إن تصورنا لموضوع ما هو تصورنا لما قد ينتج عن هدا الموضوع من آثار علمية لا أكثر {{ و معنى هدا القول : أن المعارف الصحيحة إنما تقاس بالنتائج المترتبة عنها على ارض الواقع .و في الفلسفة الوجودية نجد الفرنسي جون بول سارتر الذي يرى أن مجال الحقيقة الأول هو الإنسان المشخص في وجوده الحسي و ليس الوجود المجرد كما في الفلسفات القديمة ، وحقيقة الإنسان تكمن في انجاز ماهيته لأنه في بداية أمره لا يملك ماهية فهو محكوم عليه بأن يختار مصيره ، و قد عبر سارتر عن فكرته هده بقوله {{ سأكون عندما لا أكون أي سأكون ما سأكون قد أنجزته إلى حلول الحلول }} و يقول أيضا :{{ فانا افرغ ذاتي و كياني بأكملها في العمل و ما افعله }}
إذن الحقيقة حقائق وان المطلقية منها مقيدة بالمذاهب و التصورات .


تدعيم الأطروحة بحجج وبراهين شخصية :
يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة بحجج وبراهين منها أن الحقيقة و بالنظر إلى تطور التفكير و خاصة التفكير العلمي ، فإننا نجد أن النسبية خاصية أساسية من خصائصه ومن الأزمات التي عاشتها المعارف المتوصل إليها من طرف العلماء قديما وحديثا و تغيرها إلا دليل على دلك ، ومن جهة أخرى بماذا نفسر تحول النظام الثابت الذي تخضع له الظواهر الطبيعية ، حيث أصبح في العصر الحديث و المقام ينطبق على بعض الظواهر فقط لهدا فإن الحقيقة نسبية و ليس بإمكان الإنسان أن يعتنق المطلق باستعدادات محدودة ، ولذلك فان الإيمان بوجود حقيقة مطلقة يجعلنا نلجأ إلى معيار ذاتي باعتبارها مرتبطة بالإدراك العقلي ، هدا الأخير لا يخلو من الاعتبارات الشخصية ، حيث تتدخل الميول و الرغبات و الآراء الشخصية لكي تجعل الفكرة صادقة ، بدليل أن قضية حركة دوران الأرض حول الشمس التي هي قضية واضحة بالنسبة إلينا اليوم ، في حين أن إثباتها كانت فكرة غير صحيحة لدى خصوم غاليلي، لهدا فالشعور بالبداهة و الوضوح و الإدراك العقلي لمختلف الموضوعات لا يمكن أن يكون برهانا مطلقا على وجود حقيقة مطلقة .
عرض منــــــطق خصـــــوم الأطروحة ونــــقده
يرى فريق من الفلاسفة أن الحقيقة المطلقة ممكنة طالما أن الإنسان يملك عقلا مفكرا ، و هنا نجد أفلاطون قديما يميز بين عالمين ، عالم المحسوسان و عالم المثل ، فالأول يمثل العالم المادي المحسوس المتغير ، و موجداته هي بمثابة ظلال و أشباح لعالم المثل ، وهدا الأخير يمتاز بكونه عالم معقول و ثابت كامل ، وفيه توجد النماذج العليا لكل موجداته ، كما انه خاص بالموهوبين و لا تدركه الأبصار و فيه يعاين الفيلسوف سلسلة من المثل كالخير و الجمال المطلقين و الدائرة الكاملة ، لهدا كانت الحقيقة المطلقة مجسدة في الفكر الذي ينتقل بنا من الأدنى إلى الأعلى أو من المحسوس إلى المجرد ، و في السياق نفسه نجد أرسطو يؤكد على صفة المطلقية بالنسبة للحقيقة هذا بالنسبة للنظرة الكلاسيكية لمشكلة الحقيقة أما إذا نظرنا إلى صفة المطلقية للحقيقة في الفلسفة الحديثة فإننا نجد "ديكارت" لا يعترف بالمعرفة الحسية وجعل من الشك الطريق الأساسي لبلوغ الحقيقة و وسيلته في ذلك هي العقل نفسه فالحقيقة عنده هي مالا ينتهي إليه الشك وعلى هذا الأساس لا يكون الحقيقي إلا ما هو واضح و بديهي ومتميز لكن القول بمطلقية الحقيقة أمر مبالغ فيه فالعلوم الحديثة أثبتت أنه لاوجود لمعارف مطلقة فكل شئ نسبي ومحدود وحتى الرياضيات التي كانت تتحدث بلغة أكثر يقينية أصبحت اليوم تتحدث بلغة أكثر تواضعا وهي لغة الاحتمالات ونفس الشئ بالنسبة للفيزياء ومختلف العلوم الأخرى
حل المشكلة التأكــيد على مشروعية الدفاع:
وفي الأخير نستنتج مما سبق عرضه من أراء مختلفة أن الأطروحة القائلة بنسبية الحقيقة مقولة صحيحة يمكن تبنيها والدفاع عنها والأخذ برأي مناصريها و هذا لعدة اسباب منها أن الحقيقة متغيرة حقا نتيجة تعدد مجالات البحث ، لكن تغيرها يأخذ مصطلح التراكمية أي إضافة الجديد للقديم ، ومن ثمة فإن نطاق المعرفة التي تنبعث من العلم يتسع باستمرار ومن هنا يكون انتقال العلم إلى مواقع جديدة على الدوام علامة من علامات النقص فيه ، بل أن النقص يكمن في تلك النظرة القاصرة التي تتصور أن العلم الصحيح هو العلم الثابت و المكتمل ، وفي هدا تأكيد على أن الحقائق كلها نسبية و هي متعددة تابعة لمؤثرات بشرية و فكرية ورغم ذلك فإن الإنسان يطمح دائما إلى بلوغ الحقيقة الأولى مهما كان مفهوم الثبات .





من اقتراح أستاذ مادة الفلسفة : محمدي عبد القادر

abdelkader03
2013-06-07, 10:25
ارجو ان اكون قد افدتكم ولو بالقليل

عبد النور ن
2013-06-07, 10:56
شكرا لك مقال قمة

MERIEMESC
2013-06-07, 11:35
شحال علامتها خويا

abdelkader03
2013-06-07, 11:58
هذه المقالة مستوفية لكل الشروط شكلا ومضمونا ونكون العلامة من 14 حتى 16 على 20

Lamisse Soy
2013-06-07, 12:38
هذه المقالة مستوفية لكل الشروط شكلا ومضمونا ونكون العلامة من 14 حتى 16 على 20


فقـط ؟؟؟

على ما أظــن أكثر من 16 والله أعلم

mimita123
2013-06-07, 12:41
بالتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــوفيق

MERIEMESC
2013-06-07, 13:41
مقالتي تشبهلها بصح الحجج الشخصية ناقصة

صبرينة 2023
2013-06-07, 19:28
أستاذ الطريقة نتاع الاستقصاء بالوضع الي عطتهالنا الأستاذة نتاعنا نتاع الفلسفة هكذا
تمهيد + الرأي الشائع +الاطروحة والاشارة الى الدفاع + طرح السؤال
أنصار الأطروحة +الأدلة
خصوم الأطروحة + أدلة قليلة + نقد
الدفاع عن الأطروحة بأدلة جديدة
حل المشكلة أي استنتاج نهائي بأنها صادقة يجب الأخذ بها
أستاذ أنا هذه هي الطريقة الي خدمت بها في الباك لا تقولي راهي غالطة بليز جاوبني حنا هكذا قالتنا الاستاذة

MERIEMESC
2013-06-07, 20:38
صبرينة كما تحبي تدير ي الحجج ومقالتك هايلة متتقلقيش كامل مشاء الله

صبرينة 2023
2013-06-07, 20:57
شكرا لك مريومة بوركت اختاه موفقة اختي

MERIEMESC
2013-06-07, 21:02
تعيشي اختييييييييي

الوفي غزة
2013-06-07, 21:02
بالتوفيق للجميع ان شاء الله

nibrasse 76
2013-06-08, 04:10
بارك الله فيك استاذ مقالة قمة من حيث الكم المعرفي والمنهجية المضبوطة ...مع ملاحظة وجود بعض العبارات غير المفهومة نتيجة الكتابة يمكن تصويبها ......بالنسبة للطلبة ....الخاتمة تحتاج للتوسيع اكثر ..لا تتوقع الحصول على 4نقاط فقط بتاكيدك على مشروعية الاطروحة في سطر واحد .

amira2020
2013-06-13, 09:19
انا مش بعيدة عليها مي نقصت شوية في النقد والمقدمة درتها شويم مش مليحا زعما شحال يمدولي

zoubida17
2013-06-13, 18:03
انا درت عرض منطق الاطروحة +الحجج و البراهين مع بعض معليهشوا؟؟؟؟؟؟؟

abdelkader03
2013-06-15, 16:22
لا تقلقي أميرة انشاءالله راح تكون العلامة مليحا مادمت مقالتك قريبة من الحل الصحيح لان المنهجية هي الاساس موفقين يارب

ABDELKADER89
2013-06-15, 20:01
السلام عليكم استاذ
انا مترشحح حر و ارج وان تتفضل و تصحح هدا المختصر لمقالتي علما اني متاكد من سلامة اللغة و تسلسل الافكار و قد كتبتها بدون عناوين
المقدمة
الانسان كائن عاقل و يبحث عن حقيقة الكون و القوانين التي تسيره + هده الحقيقة مطلقة ثابتة + الحقيقة نسبية +الى اي مدى يمكن اثبات انها نسبية
عرض الاطروحة
يرى البراغماتيون ان الحقيقة نسبية متغيرة لانها مرتبطة بالمنفعة .جيمس و بري و اقوالهما
الحجج
العلوم اتت بالتدرج
الحقيقة مرتبطة بالواقع المتغير + مثال
نقيض الاطروحة
الحقيقة ثابتة لان مصدرها البداهة و الوضوح و بعيدة عن الواقع المتغير "ديكارت و سبينوزا"
نقد الخصوم
لا وجود لحقيقة ثابتة لان بديهيات الامس هي اخطاء اليوم+مثال . بالاضافة الى ان ادراك الفرد هو ادراك داتي يخضع الى معطيات فردية و بالتالي هو نسبي
الخاتمة
حجة البراغماتيين قوية اثبتت انه لا وجود لحقيقة ثابتة و القول بالمطلقية ليس الا سفسطة فكرية من الكائن الذي يرى نفسه الكائن العاقل المتميز

abdelkader03
2014-06-11, 12:44
تصحيح نموذجي بكالوريا 2014 مادة الفلسفة شعبة علوم تجريبية .....

قيل إن'' المفاهيم الرياضية أصلها الواقع الحسي'' دافع عن صحة هذه الأطروحة

طرح المشكلة :
لقد اهتم الإنسان منذ القديم بطلب الحقيقة بكل أصنافها ؛ منها النمط الفلسفي و النمط العلمي و أعظمها شأنا النمط الرياضي ، الذي واكب كل تطورات الإنسان عبر العصور و ميز أعظم الحضارات بقوتها المادية ، لكن التفكير الفلسفي - سيد المعارف في العصور القديمة و العصور الوسطى – اهتم بالمعرفة الرياضية اهتماما تعلق بمناهجها ، بمنطلقاتها ، و قبله تساءل حول نشأتها ؛ولقد شاع الاعتقاد قديما لدى بعض الفلاسفة أن المفاهيم الرياضية ، من ابتكار العقل دون التجربة ،وقد تجلى هذا الموقف مع النزعة العقلية و المثالية إلا أن هناك فكرة تناقضها يعتقد أنصارها أن المفاهيم الرياضية مهما بلغت من التجريد العقلي ، فإنها ليست من العقل في شيء ، بل يكتسبها الإنسان عن طريق تجاربه الحسية . فما حقيقة الأمر إدن ؟ وكيف يمكن الدفاع عن هذا الطرح و تبنيه والأخذ برأي مناصريه؟.

محاولة حل المشكلة :
عرض منطق أنصار الأطروحة

يرى أنصار هذه الأطروحة أن المفاهيم الرياضية مثل جميع معارفنا فيما يراه الحسيون و التجريبيون أمثال جون لوك و دافيد هيوم و جون ستيوارت ميل لم ترد على الإنسان من أي جهة أخرى غير العالم الواقعي الحسي أو التجريبي فهو مصدر اليقيني للمعرفة ، وبالتالي لجميع الأفكار و المبادئ ، و أن كل معرفة عقلية هي صدى لإدراكاتنا الحسية عن هذا الواقع و على هذا الأساس ، تصبح التجربة المصدر اليقيني لكل معارفنا ، و أنها هي التي تخط سطورها على العقل الذي هو شبيه بالصفحة البيضاء و ليس ثمة في ذهنه معارف عقلية قبلية مستقلة عما تمده لنا الخبرة وتلقنه له الممارسات و التجارب ، و في هذا يقولون " لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة " و أدلتهم كثيرة نبينها فيما يلي :
أ : فمن يولد فاقد للحاسة فيما يقول هيوم ، لا يمكنه بالتالي أن يعرف ما كان يترتب على انطباعات تلك الحاسة المفقودة من أفكار . فالمكفوف لا يعرف ما اللون و الأصم لا يعرف ما الصوت . أما جون ستيوارت ميل فيرى أن المعاني الرياضية كانت " مجرد نسخ " جزئي للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية حيث يقول : " إن النقاط و الخطوط و الدوائر التي نعرفها هي من التجربة ". و لهذا ، فإن الرياضيات تعتبر عند ستوارت ميل و غيره من الوضعيين المعاصرين علم الملاحظة

الدفاع عن الأطروحة بحجج وبراهين شخصية

يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة بحجج وبراهين و شواهد أخرى تؤيد موقف التجريبين منها ما نجده عند علماء النفس خاصة علم النفس الطفل وفي علم التاريخ . فالطفل مثلا في نظر علماء النفس في مقتبل عمره يدرك العدد مثلا ، كصفة للأشياء و أن الرجل البدائي لا يفصله عن المعدود ، إذ نراه يستخدم لكل نوع من الأشياء مسميات خاصة ، و أكثر من ذلك فلقد استعان الإنسان عبر التاريخ بالعد بالحصى و بالعيدان و بأصابع اليدين و الرجلين و غيرهما و هذا ما يدل على النشأة الحسية و التجريبية للمفاهيم الرياضية بالنسبة للأطفال و البدائيين لا تفارق المجال الإدراكي الحسي و كأنها صفة ملازمة للشيء المدرك . و أكد الدارسون لتاريخ العلم أن الرياضيات قبل أن تصبح معرفة عقلية مجردة قطعت مرحلة كلها تجريبية فالهندسة ارتبطت بالبناء والتصاميم و تقدير مساحات الحقول و الحساب ارتبط بعد الأشياء فقط من أجل تحديد القيمة . الجمع و الطرح و القسمة و الضرب و هذا ما نجده عند الفراعنة و البابليين قديما .

عرض منطق خصوم الاطروحة ونقده
لهذه الأطروحة خصوم وهم أنصار النزعة العقلية والمثالية حيث يرى الموقف العقلي أو المثالي ، أن المعاني الرياضية نابعة من العقل و موجودة فيه قبليا ، أي بمعزل عن كل تجربة . فهي توجد في العقل قبل الحس أي أن العقل لم يفتقر في البداية إلى مشاهدة العالم الخارجي حتى يتمكن من تصور مفاهيمه ودليلهم على ذلك أننا إذا تصفحنا تلك المعرفة وجدناها تتصف بمميزات منها ، المطلقية و الضرورة والكلية ، وهي مميزات خالصة موجودة في المعرفة الرياضية، وتتعذر في غيرها
من العلوم التي تنسب إلى التجربة و لقد وقف للدفاع عن هذا الرأي عدد من الفلاسفة من العصر القديم إلى العصر الحديث أمثال أفلاطون و ديكارت وإيمانويل كانط نذكر مواقفهم فيما يلي :
أ : نجد التفسير المثالي القديم مع الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي أعطى السبق للعقل الذي – بحسبه - كان يحيا في عالم المثل ، وكان على علم بسائر الحقائق ، ومنها المعطيات الرياضية الأولية التي هي أزلية وثابتة مثل المستقيم و الدائرة و التعريف الرياضي و يقول في هذا الصدد " الدائرة هي الشكل الذي تكون جميع أبعاده متساوية عن المركز "
ب : أما الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يرى أن المعاني الرياضية من أعداد و أشكال رياضية هي أفكار فطرية مثل فكرة الله و ما يلقيه الله في الإنسان من مفاهيم لا يجوز فيه الخطأ . و ديكارت قبل أن يصل إلى رسم منهجه المعرفي و اكتشافه لفكرة الكوجيتو كان قد شك في كل المعارف التي تلقاها من قبل إلا المعاني الرياضية التي وجدها تتميز بالبداهة والوضوح وعلى منوالها فيما بعد بنى نظريته المعرفية مؤسسا لمذهب العقلي .
ج : أما زعيم الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني كانط يعتبر أن المكان و الزمان مفهومان مجردان سابقان لكل تجربة و لا يمكن للمعرفة أن تتم إذا لم تنتظم داخل إطار الزمان والمكان القبليان
نقـــــــــــده :
لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية مجردة فإنه لايمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات الحسية و إلا كيف يمكننا أن نفسر الاتجاه التطبيقي للهندسة والحساب لدى شعوب الحضارات الشرقية القديمة .

حل المشكلة:التأكيد على مشروعية الدفاع
في الأخير نستنتج أن الأطروحة القائلة بأن المعاني الرياضية مستمدة من الواقع الحسي هي أطروحة صحيحة وسليمة يمكن تبنيها والدفاع عنها والأخذ برأي مناصريها لأن هذه المعاني لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت و تطورت بالتدرج عبر الزمن ، فقد بدأت المفاهيم حسية تجريبية في أول أمرها ، ثم تطورت و أصبحت مفاهيم استنتاجيه مجردة ،...لهذا قال الفيلسوف" جون بياجي " : " إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا ، و أن التجربة ضرورية لعملية التشكيل و التجريد " .

أستاذ المادة محمدي

أصيل الـمـسـلـم
2016-12-29, 04:40
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

وفي انتظار جديدك الأروع والمميز