مشاهدة النسخة كاملة : يُخرِجُ اللهُ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ نَاسًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَط
ابو الحارث مهدي
2013-05-24, 15:01
.
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما)
أما بعد :
فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار (1)
السلام.عليكم ورحمة.الله وبركاته
يُخرِجُ اللهُ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ نَاسًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ
هذه صفحة جديدة نستهل افتتاحها بحول الله وقوته بعرض ............
http://www.xzx4ever.com/vb/Extras/Fwasel%20%2811%29.gif
(1) هذه الخطبة يقال لها : خطبة الحاجة ، وقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرا ما يستفتح بها خطبه ، وكان يعلمها أصحابه .
وهذه الخطبة حوت كثيراً من الفوائد ، بل حوت أصل الدين وقاعدته وهو توحيد الله –عز وجل- ونفي الشريك عنه –عز وجل-.
واشتملت هذه الخطبة على أنواع التوحيد، وفيهاثناء العبد على الله بما يستحقه، وفيها استعانة العبد بربه ومولاه ، واستغفاره من ذنوبه المتضمن غاية الذل والافتقار إلى الله .
وفيها تفويض الأمر إلى الله ، وأن الهداية بيده سبحانه ، من شاء هداه ، ومن شاء أضله وأغواه بما كسبت يداه.
وفيها الشهادتان ، وهما مفتاح الدخول في الإسلام ، ومفتاح الجنان ،وبتحقيق شروطهما وواجباتهما يحل على العبد من ربه الرحمة والرضوان ، وتكتب له البراءة الكاملة من النيران .
وقد أفردها الشيخ الإمام العلامة محمد ناصر الدين الألباني برسالةخرجها وبين طرقها ورواياتها وهي فريدة في بابها .
ولشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- شرح جميل لهذه الخطبة، وكذلك لابن القيم كلام بديع في شرحها
[ينظر في مجموع الفتاوى(18/285 فما بعدها)] [حاشية ابن القيم على مختصر سنن أبي داود(6/106) ، وإغاثة اللهفان(1/74)]
- عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال:
[إن ضماداً قدم مكة ، وكان من أزد شنوءة ، وكان يرقي من هذه الريح ، فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون: إن محمداً مجنون .
فقال: لو أنى رأيت هذا الرجل ، لعل الله يشفيه على يدي
قال: فلقيه ، فقال: يا محمد إني أرقي من هذه الريح ، وإن الله يشفي على يدي من شاء ، فهل لك؟
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله . أما بعد )).
قال: فقال: أعد علي كلماتك هؤلاء .
فأعادهن عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات .
قال: فقال: لقد سمعت قول الكهنة ، وقول السحرة ، وقول الشعراء ؛ فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ، ولقد بلغن ناعوس البحر [وفي رواية: قاموس البحر] .
قال: فقال: هات يدك أبايعك على الإسلام . قال: فبايَعَه.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (وعلى قومك) قال: وعلى قومي .
قال: فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سريةً ، فمروا بقومه ، فقال صاحب السرية للجيش : هل أصبتم من هؤلاء شيئاً؟
فقال رجل من القوم: أصبت منهم مطهرة . فقال: ردوها ، فإن هؤلاء قوم ضماد. ] .
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 06:22
حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( إذا خلص المؤمنون من النار و أمنوا فــ [ و الذي نفسي بيده ] ما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار
قال : يقولون : ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا و يصومون معنا و يحجون معنا [ ويجاهدون معنا ] فأدخلتهم النار
قال : فيقول : اذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم
فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم [ لم تغش الوجه ] فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه و منهم من أخذته إلى كعبيه [ فيخرجون منها بشرا كثيرا ] فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا
قال : ثم [ يعودون فيتكلمون فــ ] يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال دينار من الإيمان [ فيخرجون خلقا كثيرا ] ثم [ يقولون : ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا
ثم يقول : ارجعوا فـــ ] من كان في قلبه وزن نصف دينار [ فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون : ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا . . . ]
حتى يقول : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة [ فيخرجون خلقا كثيرا ]
قال أبو سعيد :
فمن لم يصدق بهذا الحديث فليقرأ هذه الآية :
﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [ سورة النساء : 4 ]
قال : فيقولون : ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق في النار أحد فيه خير
قال : ثم يقول الله : شفعت الملائكة و شفعت الأنبياء و شفع المؤمنون و بقي أرحم الراحمين
قال : فيقبض قبضة من النار - أو قال : قبضتين - ناسا لم يعملوا لله خيرا قط قد احترقوا حتى صاروا حمما
قال : فيؤتى بهم إلى ماء يقال له : (الحياة) فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل [ قد رأيتموها إلى جانب الصخرة و إلى جانب الشجرة فما كان إلى الشمس منها كان أخضر و ما كان منها إلى الظل كان أبيض ]
قال : فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ و في أعناقهم الخاتم ( و في رواية : الخواتم ) عتقاء الله
قال : فيقال لهم : ادخلوا الجنة فما تمنيتم و رأيتم من شيء فهو لكم [ و مثله معه ] [ فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه و لا خير قدموه ]
قال : فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين
قال : فيقول : فإن لكم عندي أفضل منه
فيقولون : ربنا و ما أفضل من ذلك ؟
[ قال : ] فيقول : رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبدا )
http://www.xzx4ever.com/vb/Extras/Fwasel%20%2811%29.gif
"السلسلة الصحيحة" (برقم:3054)
قال الإمام الألباني- رحمه الله-:
تخـــــــــــــــــــريجه :
و إسناده صحيح على شرط الشيخين
و هو من رواية عبد الرزاق عن معمر :
و من طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد ( 3 / 94 ) و النسائي ( 2 / 271 ) و ابن ماجة ( رقم : 60) و ابن خزيمة في ( التوحيد ) ( ص 184 و 201 و 212 ) و ابن نصر المروزي في ( تعظيم قدر الصلاة )( رقم : 276)
و تابع عبد الرزاق :
محمد بن ثور عن معمر به لم يسق لفظه و إنما قال : بنحوه يعني حديث هشام بن سعد الآتي تخريجه
و تابع معمرا جماعة :
أولا : سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم به أتم منه و أوله : (هل تضارون في رؤية الشمس و القمر . . . ) الحديث بطوله أخرجه البخاري ( 7439 ) و مسلم ( 1/ 114 - 117 ) و ابن خزيمة أيضا ( ص 201 ) و ابن حبان (7333 - الإحسان )
ثانيا : حفص بن ميسرة عن زيد :
أخرجه مسلم ( 1 / 114 - 117 ) و كذا البخاري ( 4581 ) و لكنه لم يسقه بتمامه و كذا أبو عوانة ( 1 / 168 -169 )
ثالثا : هشام بن سعد عن زيد :
أخرجه أبو عوانة ( 1 / 181 - 183 ) بتمامه و ابن خزيمة ( ص 200) و الحاكم ( 4/ 582 - 584 ) و صححه و كذا مسلم ( 1 / 17 ) إلا أنه لم يسق لفظه و إنما أحال به على لفظ حديث حفص بن ميسرة نحوه
و تابع زيدا:
سليمان بن عمرو بن عبيد العتواري - أحد بني ليث و كان في حجر أبي سعيد - قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول فذكره نحوه مختصرا و فيه الزيادة الثالثة
أخرجه أحمد ( 3 / 11 - 12 ) و ابن خزيمة ( ص 211 ) و ابن أبي شيبة في ( المصنف)( 13 / 176 / 16039 ) و عنه ابن ماجة ( 4280 ) و ابن جرير في ( التفسير) ( 16 / 85 ) و يحيى بن صاعد في ( زوائد الزهد ) ( ص 448 / 1268 ) و الحاكم ( 4 / 585 ) و قال : ( صحيح الإسناد على شرط مسلم ) و بيض له الذهبي
و إنما هو حسن فقط لأن فيه محمد بن إسحاق و قد صرح بالتحديث
بعد تخريج هذا الحديث هذا التخريج الذي قد لا تراه في مكان آخر و بيان أنه متفق عليه بين الشيخين و غيرهما من أهل (الصحاح ) و (السنن) و (المسانيد) .
أقول : في هذا الحديث فوائد جمة عظيمة منها :.............) إلى آخر ما قال - رحمه الله -
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 07:01
كلام أهل العلم من المحدثين والفقهاء والمفسرين- و غيرهم - مع اختلاف زمانهم ومكانهم - جيلاً بعد جيل -
على عدم تخليد من ترك أعمال الجوارح في النار وأنه من الناجين من الخلود فيها ، وأن الله سبحانه
يُخرِجُ مِنَ النَّارِ بِرَحْمَتِهِ نَاسًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ
إِلاَّ التَوحِيد
وَمِمَّا يَنبْغَيِ التَنْبِيهُ عَلَيهِ
قول شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ - الإمام -، الذي يذكره في أكثر من مقام، منها ما قاله - رحمه الله -:
(ولْيَعلم السائلُ أنّ الغرض من هذا الجواب ذِكرُ ألفاظ بعض الأئمة الذين نقلوا مذهب السلف في هذا الباب؛
وليس كلّ من ذكرنا شيئاً من قوله ـ من المتكلمين وغيرهم ـ يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره؛
ولكنّ الحق يُقبل من كلّ من تكلم به.
وكان معاذ بن جبل يقول في كلامه المشهور عنه؛ الذي رواه أبو داود في «سننه»:
اقبلوا الحق من كلّ من جاء به؛ وإنْ كان كافراً - أو قال : فاجراً - )
«مجموع الفتاوى» (5/ 101 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 07:12
قال الحافظ الامام العلامة حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر
بن عاصم النمري الأندلسي القرطبي المالكي -رحمه الله تعالى -:
(( مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله إذا مات فحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر؛ فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم به، فأمر الله البر فجمع ما فيه، ثم قال: لم فعلت هذا؟
قال: من خشيتك يا رب وأنت أعلم، قال: فغفر له. )
قد ذكرنا اختلاف الرواية عن مالك في رفع هذا الحديث وتوقيفه في التمهيد، والصواب رفعه؛ لأنَّ مثله لا يكون رأياً، وقد ذكرنا في التمهيد طرقاً كثيرة لحديث أبي هريرة هذا، وذكرنا من رواه معه من الصحابة رضي الله عنهم.
وفي رواية أبي رافع عن أبي هريرة في هذا الحديث أنه قال: قال "رجل لم يعمل خيرا قط إلا التوحيد" وهذه اللفظة ترفع الإشكال في إيمان هذا الرجل، والأصول كلها تعضدها، والنظر يوجبها، لأنه محال أن يغفر الله للذين يموتون وهم كفار؛ لأنَّ الله عز وجل قد أخبر أنه لا يغفر أن يشرك به وقال: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ﴾،
فمن لم ينته عن شركه ومات على كفر لم يك مغفوراً له، قال الله عز وجل: "
﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾).
«الاستذكار» (3/ 94-95 )
وقال - رحمه الله - في «الاستذكار» (26 /132):
« وللإيمان أصول وفروع، فمِن أصوله: الإقرار باللسان مع اعتقاد القلب بما نطق به اللسان من الشهادتين بأن لا إله الله وأن محمداً عبده ورسوله...
فكل عمل صالح فهو من فروع الإيمان؛ فَبِرُّ الوالدين، وأداء الأمانة، من الإيمان، وحسن العهد من الإيمان...
فهذه الفروع من تَرَكَ شيئاً منها لم يكن ناقض الإيمان بتركها، كما أنه يكون ناقص الإيمان بارتكاب الكبائر وترك عمل الفرائض ».
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 08:14
وقال أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري-رحمه الله -:
( مسألة: ومن ضيع الأعمال كلها فهو مؤمن عاص ناقص الإيمان لا يكفر.
حدثنا عبد الله بن يوسف, حدثنا أحمد بن فتح, حدثنا عبد الوهاب بن عيسى, حدثنا أحمد بن محمد, حدثنا أحمد بن علي, حدثنا مسلم بن الحجاج, حدثنا زهير بن حرب, حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد, حدثنا أبي, عن ابن شهاب, عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبره
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال -في حديث طويل-
"حتى إذا فرغ الله من قضائه بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممن أراد الله، عز وجل أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله" ) .
« المحلى » (1/ 40 )
ـ وقال أيضا -رحمه الله -
( وإنما لم يكفر من ترك العمل ويكفر من ترك القول لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم بالكفر على من أبى القول وإن كان عالما بصحة الإيمان بقلبه ، وحكم بالخروج من النار لمن آمن وبقلبه وقال بلسانه وإن لم يعمل خيرا قط) .اهـ
«الدرة فيما يجب اعتقاده» (ص/ 337 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 08:44
ـ قال الإمام الحافظ محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن حزام النووي -رحمه الله - :
( قال القاضي عياض - رحمه الله - :
قيل معنى الخير هنا : اليقين ، قال : والصحيح : أن معناه شيء زائد على مجرد الإيمان ؛ لأن الإيمان الذي هو التصديق لا يتجزأ ؛ وإنما يكون هذا التجزؤ لشيء زائد عليه من عمل صالح أو ذكر خفي أو عمل من أعمال القلب من شفقة على مسكين أو خوف من الله تعالى ونية صادقة
ويدل عليه قوله في الرواية الأخرى في الكتاب : (يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن كذا )،
ومثله الرواية الأخرى : (يقول الله تعالى : شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين ؛
فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط )
وفي الحديث الآخر : (لأخرجن من قال لا اله إلا الله )
قال القاضي - رحمه الله - : فهؤلاء هم الذين معهم مجرد الإيمان وهم الذين لم يؤذن في الشفاعة فيهم ؛ وإنما دلت الآثار على أنه أذن لمن عنده شيء زائد على مجرد الإيمان وجعل للشافعين من الملائكة والنبيين صلوات الله وسلامه عليهم دليلا عليه ، وتفرد الله عز وجل بعلم ما تكنه القلوب والرحمة لمن ليس عنده إلا مجرد الإيمان ، وضرب بمثقال الذرة المثل لأقل الخير فإنها أقل المقادير ). أ هـ
« شرح مسلم » (3/ 31 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 09:10
عن الإمام أبي بكر بن المحب الصامت – وهو من خواص تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية-
في كتابه "إثبات أحاديث الصفات" -وهو مخطوط-؛ قال:
« شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبقَ إلا أرحم الرّاحمين؛
فيقبض قبضة من النّار فيُخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قطّ ، قد عادوا حُممَاً »
قال شيخنا [ يعني: ابن تيمية]:
(( ليس في الحديث نفي إيمانهم، إنما فيه نفي عملهم الخير
وفي الحديث الآخر: « يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَان »
وقد يحصل في قلب العبد مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَان-وان كان لم يعمل خيراً -
ونفي العمل– أيضا – لا يقتضي نفي القول، بل يقال- فيمن "شهد أن لا اله إلا الله، وأن محمدا رسول الله"،
ومات ولم يعمل بجوارحه قط - :إنه لم يعمل خيرا، فان العمل قد لا يدخل فيه القول،
لقوله ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: 10]
وإذا لم يدخل في نفي إيمان القلب واللسان لم يكن في ذلك ما ينافي القران )).
وقد توفي العلامة ابن المحب الصامت- رحمه الله- سنة: (789هـ )
وقد ترجم له الحافظ ابن حجر في « أنْبَاءُ الغُمُر بِأَبْنَاءِ العُمُر » (1/ 344 ) ، وكان من ذلك قوله - فيه-:
« وبَيَّضَ من مُصنفات ابن تيمية كثيرًا، وكان معتنيا به، محبا فيمن يُحبه »
وهذا الكتاب «إثبات أحاديث الصفات»، تحت الطبع – إن لم يكن قد طُبع-
بتحقيق الأخ عمار بن سعيد تمالت الجزائري
ويُنْتَظر أن يقع تحقيقه - له - في خمس مجلدات
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 09:25
وقال أبوالعباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي - رحمه الله -
(وَمِنْهَا أَنَّ الْإِنْسَانَ يَنْتَفِعُ بِدُعَاءِ غَيْرِهِ ، وَهُوَ انْتِفَاعٌ بِعَمَلِ الْغَيْرِ ، وَمِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( يَشْفَعُ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ فِي الْحِسَابِ ثُمَّ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي دُخُولِهَا ثُمَّ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ النَّارِ )
وَهَذَا انْتِفَاعٌ بِسَعْيِ الْغَيْرِ ، وَمِنْهَا أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَدْعُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ .
وَذَلِكَ مَنْفَعَةٌ بِعَمَلِ الْغَيْرِ .
وَمِنْهَا أَنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنْ النَّارِ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ بِمَحْضِ رَحْمَتِهِ ، وَهَذَا انْتِفَاعٌ بِغَيْرِ عَمَلِهِمْ.
وَمِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ امْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَدِينِ حَتَّى قَضَى دَيْنَهُ أَبُو قَتَادَةَ وَقَضَى دَيْنَ الْآخَرِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَانْتَفَعَ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِنْ عَمَلِ الْغَيْرِ ، وَمِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قَالَ لِمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ ) فَقَدْ حَصَلَ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ : وَمَنْ تَأَمَّلَ الْعِلْمَ وَجَدَ مِنْ انْتِفَاعِ الْإِنْسَانِ بِمَا لَمْ يَعْمَلْهُ مَا لَا يَكَادُ يُحْصَى فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْتَفِعُ إلَّا بِعَمَلِهِ فَقَدْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَغَيْرِهَا ) ا هـ
«أنوار البروق في أنواع الفروق » (8/ 339 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 09:36
قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ : وَمَنْ تَأَمَّلَ الْعِلْمَ وَجَدَ مِنْ انْتِفَاعِ الْإِنْسَانِ بِمَا لَمْ يَعْمَلْهُ مَا لَا يَكَادُ يُحْصَى فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْتَفِعُ إلَّا بِعَمَلِهِ فَقَدْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَغَيْرِهَا ) ا هـ
«أنوار البروق في أنواع الفروق » (8/ 339 )
قال الشيخ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية - رحمه الله -:
(من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلاَّ بعمله فقد خرق الإجماع، وذلك باطل من وجوه كثيرة:
أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير.
ثانيها: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها.
ثالثها: لأهل الكبائر في الخروج من النار، وهذا انتفاع بسعي الغير.
رابعها: أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض، وذلك منفعة بعمل الغير.
خامسها: أن الله تعالى يُخرِج من النار من لم يعمل خيرًا قط بمحض رحمته، وهذا انتفاع بغير عملهم.
سادسها: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.
سابعها: قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) فانتفعا بصلاح أبيهما وليس من سعيهما.
ثامنها: أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع، وهو من عمل الغير.
تاسعها: أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة، وهو انتفاع بعمل الغير.
عاشرها: أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة، وهو انتفاع بعمل الغير.
حادي عشرها: المدين قد امتنع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصلاة عليه حتى قَضى دينَه أبو قتادة ، وقضى دينَ الآخر عليُّ بن أبي طالب، وانتفع بصلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وهو من عمل الغير.
ثاني عشرها: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لمن صلى وحده: "ألا رجلٌ يتصدق على هذا فيصلي معه" ، فقد حصل له فضلُ الجماعة بفعل الغير.
ثالث عشرها: أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه، وذلك انتفاع بعمل الغير.
رابع عشرها: أن من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها سقطت عنه، وهذا انتفاع بعمل الغير.
خامس عشرها: أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات كما جاء في الأثر، وهذا انتفاع بعمل الغير.
سادس عشرها: أن جليس أهل الذكر يرحم بهم، وهو لم يكن منهم، ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له، والأعمال بالنيات، فقد انتفع بعمل غيره.
سابع عشرها: الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه، وهو عمل غيره.
ثامن عشرها: أن الجمعة تحصل باجتماع العدد وكذلك الجماعة بكثرة العدد، وهو انتفاع للبعض بالبعض.
تاسع عشرها: أن الله تعالى قال لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) ، وقال تعالى: (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ) ، وقال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ).
فقد رفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض، وذلك انتفاع بعمل الغير.
عشروها: أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يَمونُه الرجل، فإنه ينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي له فيها.
حادي عشريها: أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون، ويثاب على ذلك ولا سعيَ له.
ومن تأمل العلم وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يُحصى، فكيف يجوز أن نتأول الآية الكريمة على خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة؟ )
«جامع المسائل » (5/ 203 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 09:47
سُئِل شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية - رحمه الله -
عن رجل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قال : لا إله إلا الله دخل الجنّة»
فأجاب -رحمه الله -:
«من اعتقد أنّه بمجرد تلفّظ الإنسان بهذه الكلمة يدخل الجنة ولا يدخل النار بحال فهو ضالّ،
مخالف للكتاب والسنّة وإجماع المؤمنين....
ولكن إن قال: لا إله إلا الله خالصاً صادقاً من قلبه ومات على ذلك فإنّه لا يخلد في النّار؛
إذ لا يخلد في النّار من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان»
«مجموع الفتاوى » (35/ 202-203 )
نص الفتوي كاملاً ( هنا (http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=22&ID=6136))
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 09:53
الإمام محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حَرِيز، الزُّرَعِي الأصل، ثم الدمشقي، الحنبلي،
المشهور بابن قَيِّم الجوزية، شمس الدين، أبو عبد الله
قال - رحمه الله -:
(إنّه قد ثبت في «الصّحيحين» من حديث أبي سعيد الخُدْري في حديث الشّفاعة: فيقول ـ عز وجل ـ:
«شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبقَ إلا أرحم الرّاحمين؛ فيقبض قبضة من النّار فيُخرج منها قوماً
(لم يعملوا خيراً قطّ)، قد عادوا حُممَاً، فيلقيها في نهر في أفواه الجنّة يُقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، فيقول أهل الجنّة: هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنّة بغير عمل عملوه ولا خير قدّموه».
بحيث صاروا حُمماً – وهو الفحم المحترق بالنار – فهؤلاء أحرقتهم النّار جميعهم، فلم يبقَ في بدن أحدهم موضعٌ لم تمسّه النّار.
وظاهر السّياق أنّه لم يكن في قلوبهم مثقال ذرّة من خير؛ فإنّ لفظ الحديث هكذا:
(فيقول : ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرّة من خير فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثمّ يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً، فيقول الله - عز وجل -: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبقَ إلا أرحم الرّاحمين؛
فيقبض قبضة من النّار فيُخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قطّ )؛
فهذا السياق يدلّ على أنّ هؤلاء لم يكن في قلوبهم مثقال ذرّة من خير، ومع هذا فأخرجتهم الرّحمة.
ومن هذا : رحمته ـ سبحانه وتعالى - للذي أوصى أهله أنْ يحرّقوه بالنّار ويذروه في البرّ والبحر زعماً منه بأنّه يفوت اللهَ - سبحانه وتعالى! فهذا قد شكّ في المعاد والقدرة ولم يعمل خيراً قطّ ، ومع هذا قال له: ما حملك على ما صنعت؟
قال: خشيتك، وأنت تعلم، فما تلافاه أنْ - رحمه الله -؛
فللّه - سبحانه وتعالى - في خلقه حِكَمٌ لا تبلغه عقول البشر).
«حادي الأرواح» (269 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 10:06
الإمام محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حَرِيز، الزُّرَعِي الأصل، ثم الدمشقي، الحنبلي،
المشهور بابن قَيِّم الجوزية، شمس الدين، أبو عبد الله
قال - رحمه الله -:
قال - رحمه الله -:
(وأما قوله في النار أعدت للكافرين فقد قال في الجنة أعدت للمتقين ولا ينافى إعداد النار للكافرين
أن تدخلها الفساق والظلمة ولاينافى إعداد الجنة للمتقين
أن يدخلها من فى قلبه أدني مثقال ذرة من ايمان ولم يعمل خيرا قط) اهـ
« الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي » (ص : 13 )
وقال - أيضا- رحمه الله -:
(والفرق بين الدارين من وجوه عديدة شرعا وعقلا
أحدها: أن الله سبحانه أخبر بأن نعيم الجنة ماله من نفاد وإن عطاء أهلها غير مجذوذ وأنه غيرممنون
ولم يجيء ذلك في عذاب أهل النار ...............
الخامس: أنه قد ثبت أن الله سبحانه يدخل الجنة بلا عمل أصلا بخلاف النار
السادس: أنه سبحانه ينشئ في الجنة خلقا ينعمهم فيها ولا ينشئ في النارخلقا يعذبهم بها...) اهـ
« شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل » (ص: 262 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 10:26
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح القرطبي الأندلسي - رحمه الله -:
( ثم هو - سبحانه - بعد ذلك يقبض قبضة فيخرج قوماً لم يعملوا خيراً قط يريد «إلا التوحيد» المجرد عن الأعمال ،
وقد جاء هذا مبيناً فيما رواه الحسن عن أنس، وهي الزيادة التي زادها علي بن معبد في حديث الشفاعة :
« ثم أَرْجِعُ إلى ربي في الرابعة، فأحمده بتلك المحامد ثم أخرُّ له ساجداً...
فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله.
قال: ليس ذاك لك، أو قال: ليس ذلك إليك، وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبروتي لأخرجنَّ من قال: لا إله إلاّ الله »).
« التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة » (ص: 347 )
ـ وقال -أيضا - رحمه الله - في (تفسيره : 4/280) :
( إن المراد بالإيمان في هذا الحديث أعمال القلوب كالنية والإخلاص والخوف والنصيحة وشبه ذلك ، وسماها إيمانا لكونها في محل الإيمان أو عنى بالإيمان على عادة العرب في تسمية الشيء باسم الشيء إذا جاوره أو كان منه بسبب .
دليل هذا التأويل : قول الشافعين بعد إخراج من كان في قلبه مثقال ذرة من خير لم نذر فيها خيرا ؛ مع أنه تعالى يخرج بعد ذلك جموعا كثيرة ممن يقول لا إله إلا الله وهم مؤمنون قطعا ولو لم يكونوا مؤمنين لما أخرجهم ، ثم إن عدم الوجود الأول الذي يركب عليه المثل لم تكن زيادة ولا نقصان وقدر ذلك في الحركة فإن الله سبحانه إذا خلق علما فردا وخلق معه مثله أو أمثاله بمعلومات فقد زاد علمه فإن أعدم الله الأمثال فقد نقص أي زالت الزيادة) . أ ـ هـ
lolo mimi
2013-05-30, 10:57
بارك الله فيك
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 11:12
قال أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي - رحمه الله -
﴿النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنعام: 128]
(وقد اختلف المفسرون في المراد من هذا الاستثناء على أقوال كثيرة حكاها الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في كتابه « زاد المسير »
وغيره من علماء التفسير ، ونقل كثيرا منها الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله في كتابه
واختار هو ما نقله عن خالد بن معدان والضحاك وقتادة وابن سنان ورواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن أيضًا
أن الاستثناء عائد على العصاة من أهل التوحيد ممن يخرجهم الله من النار بشفاعة الشافعين من الملائكة والنبيين والمؤمنين حتى يشفعون في أصحاب الكبائر ، ثم تأتي رحمة أرحم الراحمين فتخرج من لم يعمل خيرا قط وقال يوما من الدهر لا إله إلا الله ، كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمضمون ذلك من حديث أنس وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة ، ولا يبقى بعد ذلك في النار إلا من وجب عليه الخلود فيها ولا محيد له عنها وهذا الذي عليه كثير من العلماء قديما وحديثا في تفسير هذه الآية الكريمة) . أ ـ هـ
«تفسير القرآن العظيم » (2/ 461 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 11:21
قال أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي - رحمه الله -:
وقوله تعالى : ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ [مريم: 72]
(أي : إذا مر الخلائق كلهم على النار وسقط فيها من سقط من الكفار والعصاة ذوي المعاصي بحسبهم ؛ نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم ، فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا ، ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين ، فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون ، فيخرجون خلقا كثيرا قد أكلتهم النار إلا دارات وجوههم وهي مواضع السجود ، وإخراجهم إياهم من النار بحسب ما في قلوبهم من الإيمان فيخرجون أولا من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان ثم الذي يليه ثم الذي يليه ثم الذي يليه ، حتى يخرجون من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان ، ثم يخرج الله من النار من قال يوما من الدهر لا إله إلا الله وإن لم يعمل خيرا قط ، ولا يبقى في النار إلا من وجب عليه الخلود كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ). ا هـ
«تفسير القرآن العظيم » (3/ 143 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 11:40
وقال الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني - رحمه الله -
(والمراد بحبة الخردل هنا : ما زاد من الأعمال على أصل التوحيد ؛
لقوله في الرواية الأخرى : (أخرجوا من قال لا إله إلا الله وعمل من الخير ما يزن ذرة)) . ا هـ
«فتح الباري شرح صحيح البخاري» (1/ 73 )
وقال - أيضًا - رحمه الله -: ( الفتح :12/ 429 ):
« قرأت في «تنقيح» الزركشي: أن المراد بالخير المنفي: ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين
-كما تدل عليه بقية الأحاديث -».
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 11:47
وقال الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني - رحمه الله -
(قوله : أمر الملائكة أن يخرجوهم في حديث أبي سعيد : (اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار فأخرجوه ) ـ وتقدم في حديث أنس في الشفاعة في الباب قبله ـ
( فيحد لي حدا فأخرجهم) ويجمع بأن الملائكة يؤمرون على ألسنة الرسل بذلك ، فالذين يباشرون الإخراج هم الملائكة .
ووقع الحديث الثالث عشر من الباب الذي قبله تفصيل ذلك ، ووقع في حديث أبي سعيد أيضا بعد قوله : (ذرة فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرًا )
وفيه : (فيقول الله شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط) وفي حديث معبد عن الحسن البصري عن أنس : (فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله !
قال : ليس ذلك لك ولكن وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله ) ـ وسيأتي بطوله في التوحيد ـ
وفي حديث جابر عند مسلم : (ثم يقول الله أنا اخرج بعلمي وبرحمتي )
وفي حديث أبي بكر : ( أنا أرحم الراحمين ادخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئا ))
«فتح الباري شرح صحيح البخاري» (11/ 456 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-30, 11:55
الحافظ العلامة زين الدين عبد الرحمان بن أحمد بن عبد الرحمان بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود السلامي البغدادي
ثم الدمشقي الحنبلي أبو الفرج ، المعروف بابن رجب ـ رحمه الله ـ قال :
«[لم يعملوا خيرا قط] من أعمال الجوارح و إن كان أصل التوحيد معهم و لهذا جاء في حديث الذي أمر أهله أن يحرقوه بعد موته بالنار إنه لم يعمل خيرا قط غير التوحيد خرَّجه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة مرفوعاً و من حديث ابن مسعود موقوفاً.
و يشهد لهذا ما في [حديث أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث الشفاعة قال : فأقول : يا رب ائذن لي فيمن يقول لا إله إلا الله فيقول : و عزتي و جلالي و كبريائي و عظمتي لأخرجن من النار من قال : لا إله إلا الله] خرجاه في الصحيحين
وعند مسلم : [فيقول : ليس ذلك لك أو ليس ذلك إليك] وهذا يدل على أن الذين يُخرجهم الله برحمته من غير شفاعة مخلوق
وهم أهل كلمة التوحيد الذين لم يعملوا معها خيراً قَطُّ بجوارحهم ».
«التخويف من النار» (1/ 259 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-31, 20:08
بارك الله فيك
بارك الله فيك
وفيكم بارك الله
أرجو من الإخوة الكرام والأخوات الكريمات التأني في المشاركة ، وما ذلك إلاَّ للمحافظة على مسار البحث وضبط تفريعاته
ولو كنت أريد النقاش لوضعت الموضوع في
( قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية )
لذا أقول : رجاءً عدم المشاركة حتى نستوفي البحث حقه
ومن أراد المناقشة فاحيله الى موضوع
" الأخ رضا "
عمل الجوارح ركن وجزء من الإيمان لا يصح بدونه. (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1263598)http://www.djelfa.info/vb/images/icons/icon2.gif
http://www.djelfa.info/vb/clear.gif
وجزاكم الله خيراً
ابو الحارث مهدي
2013-05-31, 22:55
محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني،
أبو إبراهيم، عز الدين، المعروف كأسلافه بالأمير - رحمه الله- قال:
(هذا الحديث فيه الإخبار بأن الملائكة قالت : (لم نذر فيها خيرا ) أي أحدا فيه خير ، والمراد ما علموه بإعلام الله ،
ويجوز أن يقال : لم يعلمهم بكل من في قلبه خير ؛ وأنه بقي من أخرجهم بقبضته ،
ويدل له أن لفظ الحديث أنه أخرج بالقبضة من لم يعملوا خيرا قط ، فنفى العمل ولم ينف الاعتقاد ،
وفي حديث الشفاعة تصريح بإخراج قوم لم يعملوا خيرا قط ،
ويفيد مفهومه أن في قلوبهم خيرا ثم سياق الحديث يدل على أنه أريد بهم أهل التوحيد). أ ـ هـ
«رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار» (ص: 131 )
ابو الحارث مهدي
2013-05-31, 23:05
قال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح القرطبي الأندلسي - رحمه الله -:
( ثم هو - سبحانه - بعد ذلك يقبض قبضة فيخرج قوماً لم يعملوا خيراً قط يريد «إلا التوحيد» المجرد عن الأعمال ،
وقد جاء هذا مبيناً فيما رواه الحسن عن أنس، وهي الزيادة التي زادها علي بن معبد في حديث الشفاعة :
« ثم أَرْجِعُ إلى ربي في الرابعة، فأحمده بتلك المحامد ثم أخرُّ له ساجداً...
فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله.
قال: ليس ذاك لك، أو قال: ليس ذلك إليك، وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبروتي لأخرجنَّ من قال: لا إله إلاّ الله »).
« التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة » (ص: 347 )
ـ وقال -أيضا - رحمه الله - في (تفسيره : 4/280) :
( إن المراد بالإيمان في هذا الحديث أعمال القلوب كالنية والإخلاص والخوف والنصيحة وشبه ذلك ، وسماها إيمانا لكونها في محل الإيمان أو عنى بالإيمان على عادة العرب في تسمية الشيء باسم الشيء إذا جاوره أو كان منه بسبب .
دليل هذا التأويل : قول الشافعين بعد إخراج من كان في قلبه مثقال ذرة من خير لم نذر فيها خيرا ؛ مع أنه تعالى يخرج بعد ذلك جموعا كثيرة ممن يقول لا إله إلا الله وهم مؤمنون قطعا ولو لم يكونوا مؤمنين لما أخرجهم ، ثم إن عدم الوجود الأول الذي يركب عليه المثل لم تكن زيادة ولا نقصان وقدر ذلك في الحركة فإن الله سبحانه إذا خلق علما فردا وخلق معه مثله أو أمثاله بمعلومات فقد زاد علمه فإن أعدم الله الأمثال فقد نقص أي زالت الزيادة) . أ ـ هـ
قال العلامة المحقق الشيخ محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله القِنّوجِي
البخاري الحسيني الملقب (خان)
قال - رحمه الله -:
( وفى هذه الأحاديث فوائد كثيرة منها أن الإيمان يزيد وينقص ومنها أن الأعمال الصالحة من شرائع الإيمان
ومنه قوله تعالى (وما كان الله ليضيع إيمانكم) أي صلاتكم
وقيل المراد في هذا الحديث أعمال القلوب كأنه يقول اخرجوا من عمل عملا بنية من قلبه لقوله –صلى الله عليه وسلم-: (الأعمال بالنيات)
ويجوز أن يكون المراد به رحمة على مسلم رقة على يتيم خوفا من الله تعالى رجاء له توكلا عليه ثقة به مما هي أفعال القلب دون الجوارحوسماها إيمانا لكونها في محل الإيمان وهذا الذي قواه القرطبي وأيده في التذكرة) . أ هـ
«يقظة أولي الاعتبار» (ص: 232 )
http://sl.glitter-graphics.net/pub/5/5879s2hn1li1dp.gifhttp://sl.glitter-graphics.net/pub/5/5879s2hn1li1dp.gifhttp://sl.glitter-graphics.net/pub/5/5879s2hn1li1dp.gif
لما سافر إلى الحج التقى بعدد من علماء اليمن فأخذ عنهم، وعندما رجع إلى بهوبال ولي منصب نظارة المعارف ثم نظارة ديوان الإنشاء ومنح لقب (خان).
ابو الحارث مهدي
2013-05-31, 23:34
الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب
-رحمهم الله - قال :
(( تنبيه ) قال القرطبي في تذكرته : قوله في الحديث « من إيمان » أي : من أعمال الإيمان التي هي من أعمال الجوارح ،
فيكون فيه دلالة على أن الأعمال الصالحة من الإيمان ، والدليل على أنه أراد بالإيمان ما قلناه ، ولم يرد مجرد الإيمان الذي هو التوحيد ونفي الشركاء والإخلاص بقول لا إله إلا الله :
ما في الحديث نفسه من قول " أخرجوا - ثم بعد ذلك- يقبض سبحانه قبضة فيخرج قوما لم يعملوا خيرا قط "
يريد بذلك : التوحيد المجرد من الأعمال ). اهـ
« فتح المجيد شرح كتاب التوحيد» (1/ 66 )
انظر مباشرة مع الرابط : (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ) (ص: 84 ) (http://madrasato-mohammed.com/mawsoaat_tawheed_03/pg_037_0002.htm)
(http://madrasato-mohammed.com/mawsoaat_tawheed_03/pg_037_0002.htm)
ابو الحارث مهدي
2013-06-03, 18:30
قال الشيخ محمد خليل حسن هراس السَّلَفيّ الشّهير - رحمه الله -
معلقاً على كلام الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - في تحقيقه لكتاب «التوحيد» (ص309 ):
« لا بل ظاهرها:
أنهم لم يعملوا خيراً قط كما صرّح به في بعض الروايات أنهم جاءوا بإيمان مجرد لم يضمّوا إليه شيئاً من العمل»
= أي من عمل الجوارح
متبع السلف
2013-06-03, 19:05
نقلت عن كتاب التوحيد لابن حزيمة تعليق الشيخ هراس ولم تعرج على قول المؤلف لشيء في قلبك :
قَالَ الإمام ابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد (732) : «هَذِهِ اللَّفْظَةُ «لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ الْعَرَبُ: يُنْفَى الِاسْمُ عَنِ الشَّيْءِ لِنَقْصِهِ عَنِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، فَمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ: لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ، لَا عَلَى مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِي»
ترى من يريد تقرير عقيدة السلف يترك كلام إمام الأئمة في كتابه وينقل نص محققه ؟ أليس هذا من الهوى نعوذ بالله من ذلك.
.وجاء في فتوى اللجنة الدائمة برقم( 21436 وتاريخ8/4/1421):
وأما ما جاء في الحديث إن قوما يدخلون الجنة لم يعملوا خيرا قط ، فليس هو عاما لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه ، وإنما هو خاص بأولئك لعذر منعهم من العمل ، أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة ، وما أجمع عليه السلف الصالح في هذا الباب.
ولا أزيدك على هذا وإلا فللعلماء كثير من الكلام حول الحديث ومنهم ابن رجب الذي تنقل عنه دون تحقيق بل تجميع وتلفيق.
ابو الحارث مهدي
2013-06-03, 20:54
قال حاطب الليل :
نقلت عن كتاب التوحيد لابن حزيمة تعليق الشيخ هراس ولم تعرج على قول المؤلف لشيء في قلبك :
قَالَ الإمام ابن خزيمة رحمه الله في كتاب التوحيد (732) : «هَذِهِ اللَّفْظَةُ «لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ» مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ الْعَرَبُ: يُنْفَى الِاسْمُ عَنِ الشَّيْءِ لِنَقْصِهِ عَنِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، فَمَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ: لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ، لَا عَلَى مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ بِهِ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِي»
ترى من يريد تقرير عقيدة السلف يترك كلام إمام الأئمة في كتابه وينقل نص محققه ؟ أليس هذا من الهوى نعوذ بالله من ذلك.
............
أقول - للمقلد حاطب الليل- : هل عرفتَ مقصد ما قاله الإمام ابن خزيمة -رحمه الله - في قوله :
( قَدْ بَيَّنْتُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِي)
هل كلفتَ نفسكَ عناء البحث أيها البطّال أم هو التهويش والتشويش بقولك السمج :
ولم تعرج على قول المؤلف لشيء في قلبك
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله وسلم -( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ).
«صحيح البخاري » (6064 )
فالإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى بقوله: "لم يعملوا خيراً قط على التمام والكمال"
أراد أن يدفع ما يتوهمه أو يدَّعيه البعض أنَّ نفي الخير يدخل فيه إيمان القلب!؛ وأنَّه يكفي في الشفاعة إقرار اللسان فقط!!،
والدليل من تبويباته في نفس الكتاب :«كتاب التوحيد »
(باب: "ذكر البيان أنَّ النبي يشفع للشاهد لله بالتوحيد؛ الموحِّد لله بلسانه إذا كان مخلصاً ومصدقاً بذلك بقلبه،
لا لمن تكون شهادته بذلك منفردة عن تصديق القلب"))،
(باب: ذكر خبر دال على صحة ما تأولتُ: إنما يخرج من النار شاهد أن لا إله إلا الله إذا كان مصدقاً بقلبه بما شهد به لسانه؛ إلا أنه كنَّى عن التصديق بالقلب بالخير، فعاند بعض أهل الجهل والعناد وادَّعى أنَّ ذكر "الخير" في هذا الخبر ليس بإيمان، قلة علم بدين الله وجرأة على الله في تسمية المنافقين مؤمنين).
وأنَّ الخروج من النار يكون بكلمة التوحيد وأصل إيمان القلب، لا بيسير عمل الجوارح
وهذا واضح من الأبواب التي بوَّبها قبل حديث أبي سعيد؛ فلا ينبغي أن نُحمِّل كلامه ما لا يحتمل وننسب له ما لا يُريد،
ولا أن نستدل بكلامه في غير محله!!
وفي ردّه على مرجئة الكرامية الذين يقولون بنجاة مَنْ آمن بلسانه وإنْ لم يوجد في قلبه إيمان،
ومما يستدلون به هذه اللفظة "لم يعملوا خيراً قط"، حيث فهموا أنَّ المنفي الخير كله في القلب وعلى الجوارح!،
ومنه: أصل الإيمان الذي في القلب، وهذا قول باطل واستدلال عاطل
فأخبر الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى أنَّ الخير المنفي لا يشمل أصل الخير أو الإيمان الذي في قلب الموحِّد،
وإنما ما زاد على ذلك)
قال الإمام ابن خريمة - رحمه الله -:
-بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُصَرِّحَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ فِي الدُّنْيَا إِيمَانٌ دُونَ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ فِي الدُّنْيَا إِيمَانٌ مِمَّنْ كَانَ يُقِرُّ بِلِسَانِهِ بِالتَّوْحِيدِ، خَالِيًا قَلْبُهُ مِنَ الْإِيمَانِ.مَعَ الْبَيَانِ الْوَاضِحِ أَنَّ النَّاسَ يَتَفَاضَلُونَ فِي إِيمَانِ الْقَلْبِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ مِنْ غَالِيَةِ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَكُونُ فِي الْقَلْبِ، وَخِلَافَ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ مِنْ غَيْرِ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا يَتَفَاضَلُونَ فِي إِيمَانِ الْجَوَارِحِ، الَّذِي هُوَ كَسْبُ الْأَبْدَانِ، فَإِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ مُتَسَاوُونِ فِي إِيمَانِ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ وَإِيمَانِ اللِّسَانِ الَّذِي هُوَ الْإِقْرَارُ مَعَ الْبَيَانِ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَاتٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى مَا قَدْ بَيَّنْتُ قَبْلُ، لَا أَنَّ لَهُ شَفَاعَةً وَاحِدَةً فَقَطْ
وفي الأبواب الأخرى قال :
بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ فِي إِخْرَاجِ شَاهِدِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنَ النَّارِ أَفْرَقُ أَنْ يَسْمَعَ بِهِ بَعْضُ الْجُهَّالِ، فَيَتَوَهَّمُ أَنَّ قَائِلَهُ بِلِسَانِهِ، مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِ قَلْبٍ، يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ، جَهْلًا وَ قِلَّةَ مَعْرِفَةٍ بِدِينِ اللَّهِ وَ أَحْكَامِهِ، وَ لِجَهْلِهِ بِأَخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مُخْتَصَرِهَا وَ مُتَقَصَّاهَا وَ إِنَّا لِتَوَهُّمِ بَعْضِ الْجُهَّالِ أَنَّ شَاهِدَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ لِلَّهِ رُسُلًا وَ كُتُبًا، وَجَنَّةً وَ نَارًا وَ بَعْثًا وَ حِسَابًا، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، أَشَدَّ فَرَقًا إِذْ أَكْثَرُ أَهْلِ زَمَانِنَا، لَا يَفْهَمُونَ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ وَ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْخَبَرِ الْمُتَقَصَّى وَ غَيْرِهِ وَ رُبَّمَا خَفِيَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرُ الْمُتَقَصَّى فَيَحْتَجُّونَ بِالْخَبَرِ الْمُخْتَصَرِ، يَتَرَأَّسُونَ قَبْلَ التَّعَلُّمِ قَدْ حُرِمُوا الصَّبْرَ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، وَ لَا يَصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَحِقُّوا الرِّئَاسَةَ فَيَبْلُغُوا مَنَازِلَ الْعُلَمَاءِ.
-بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ لِلشَّاهِدِ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ الْمُوَحِّدِ لِلَّهِ بِلِسَانِهِ إِذَا كَانَ مُخْلِصًا وَمُصَدِّقًا بِذَلِكَ بِقَلْبِهِ، لَا لِمَنْ تَكُونُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ مُنْفَرِدَةً عَنْ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ خَبَرُ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ: " أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً" خِلَافُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا، فِي قَلْبِهِ مِنَ الْإِيمَانِ مَا يَزِنُ كَذَا، إِذِ الْعِلْمُ مُحِيطٌ أَنَّ الْإِيمَانَ مِنَ الْخَيْرِ لَا مِنَ الشَّرِّ،
وَمَنْ زَعَمَ مِنَ الْغَالِيَةِ الْمُرْجِئَةِ أَنَّ ذِكْرَ الْخَيْرِ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَيْسَ بِإِيمَانٍ، كَانَ مُكَذِّبًا لِهَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا، أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْإِيمَانِ كَذَا، فَيُلْزِمُهُمْ أَنْ يَقُولُوا: هَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ، أَوْ يَقُولُوا: إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِإِيمَانٍ، أَوْ يَقُولُوا: إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِخَيْرٍ، وَمَا لَيْسَ بِخَيْرٍ فَهُوَ شَرٌّ، وَلَا يَقُولُ مُسْلِمٌ: إِنَّ الْإِيمَانَ لَيْسَ بِخَيْرٍ، فَافْهَمْهُ لَا تُغَالِطْ.
أمّا قول اللجنة الدائمة -الذي نقلته- : فليس هو عاما لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه ، وإنما هو خاص بأولئك لعذر منعهم من العمل
من كان له عذر فهو من أهل الجنة وإلا كيف يكون أدنى الناس إيمانًا
فمن منعه العذر ينطبق عليه حديث صاحب البطاقة فيكون من الناجين لا من المعذبين
لا ممن يخرج من النار بشفاعة أرحم الراحمين
قال شيخ الإسلام -رحمه الله -:
( وكذلك العبد أول ما يبلغه خطاب الرسول عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام، إنما يجب عليه الشهادتان فإذا مات قبل أن يدخل عليه وقت صلاة لم يجب عليه غير الإقرار ومات مؤمنا كامل الإيمان الذي وجب عليه وإن كان إيمان غيره الذي دخلت عليه الأوقات أكمل منه )
«الإصفهانية » (ص:177 )
وختاما :
ترى من يريد تقرير عقيدة السلف يترك كلام إمام الأئمة في كتابه وما تقدم من أبوابه
وينقل - تقليدا أعمى - كلام غيره ممن ليس له علم ولا دراية بكتاب التوحيد ؟
أليس هذا من الهوى نعوذ بالله من ذلك
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir