Nafissa37
2007-08-16, 20:40
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معتقد أصحاب الحديث في صفات الله
قال الشيخ أبو عثمان -رحمه الله-: قلت: -وبالله التوفيق- إن أصحاب الحديث ( المتمسكين بالكتاب والسنة ) حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم يشهدون لله -تعالى- بالوحدانية وللرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما ورد في الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه.
نعم. يقول المؤلف -رحمه الله- أبو عثمان قلت -وبالله التوفيق- يعني: نسأل الله التوفيق، والتوفيق هو أن يوفق الإنسان للصواب وللحق، فيجعله الله يقول بالحق، ويعمل بالحق هذا سؤال، ومن سأل ربه بأن يوفقه للصواب، قلت -وبالله التوفيق-: "أصحاب الحديث أو أن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة"، يبين المؤلف -رحمه الله- أصحاب الحديث مَنْ هم؟ أصحاب الحديث هم المتمسكون بالكتاب والسنة، الذين يعملون بالكتاب والسنة هم أصحاب الحديث.
فإن الله -سبحانه وتعالى- أوحى إلى نبيه الكريم وحيين: الوحي الأول القرآن أوحاه الله إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بلفظه ومعناه، فهو كلام الله لفظه ومعناه، والوحي الثاني السنة المطهرة، وهي نوعان: النوع الأول الحديث القدسي، وهذا من كلام الله لفظًا ومعنى، مثل حديث أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عن ربه -عز وجل- أنه قال: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا .
فهذا حديث قدسي نسبه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ربه -عز وجل- فهو من كلام الله لفظًا ومعنى، والنوع الثاني الحديث غير القدسي، وهذا من كلام الله معنى، ومن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- لفظا: لفظه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعناه من الله كقوله -صلى الله عليه وسلم- إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .
فالحديث وحي من الله إلا أن اللفظ لفظ الحديث من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما معناه فهو من الله، قال الله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى .
أما الحديث القدسي فلفظه ومعناه من الله مثل القرآن، إلا أن له أحكامًا تختلف عن القرآن؛ فالقرآن يُتعبد بلفظه ويُتعبد بتلاوته، والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته، القرآن يقرأ في الصلاة والحديث القدسي لا يقرأ في الصلاة، القرآن معجز بلفظه ومعناه، والحديث القدسي قد لا يكون له وصف الإعجاز، القرآن لا يمسه إلا المتوضئ، والحديث القدسي يمسه غير المتوضئ.
فالمؤلف -رحمه الله- يقول: إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة، إذن من هم أصحاب الحديث هم الذين يعملون بالقرآن والسنة، والسنة تفسر القرآن توضحه، وتبينه وتقيد مطلقه، وتخصص عمومه، فالسنة مع القرآن على أحوال ثلاثة:
الحالة الأولى: أنها تبين المجمل مثل الصلاة جاء في القرآن وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ جاءت السنة، وفصلت الصلاة، بينت أن الصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة، وبينت عدد ركعات الصلاة، ليس في القرآن أن صلاة الظهر أربع وصلاة العصر أربع، وصلاة المغرب ثلاث ركعات السنة وضحتها، وفصلت هذا الإجمال، الزكاة أوجبها الله في القرآن، وجاءت السنة وفصلت، وبينت أن المال لا زكاة في المال حتى يحول عليه الحول، وأنه لا بد من النصاب، كذلك الحج جاء في القرآن، وجاءت السنة فصلت هذا الإجمال، فالسنة تفصل وتبين المجمل فهي تأتي لتبين. الحالة الثانية: أن تقيد المطلق وتخصص العام. الحالة الثالثة: أن تأتي بأحكام جديدة ليست في القرآن كتحريم كل ذي ناب من السباع، وتحريم كل ذي مخلب من الطير، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والجمع بين المرأة وخالتها، هذه أحكام ليست في القرآن، جاءت بها السنة، فالسنة وحي ثانٍ.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه فأصحاب الحديث هم الذين يعملون بالقرآن والسنة هم أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة دعا لهم المؤلف، قال: حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم، هذا دعاء من المؤلف لأهل الحديث، دعا لهم بأن يحفظ الله الأحياء، ويرحم الأموات.
ما هي عقيدتهم؟ قال المؤلف -رحمه الله-: عقيدتهم يشهدون لله -تعالى- بالوحدانية وللرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة، هذا أصل الدين وأساس الملة، أصل الدين وأساس الملة أن تشهد لله تعالى بالوحدانية وتشهد لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدًا رسول الله أصل الدين وأساس الملة أن تشهد لله -تعالى- بالوحدانية، وأنه واحد في ربوبيته وواحد في ألوهيته، وواحد في أسمائه وصفاته، فواحد في ربوبيته.
فهو -سبحانه وتعالى- واجب الوجود لذاته، وهو فوق العرش، وهو الرب وغيره مربوب، وهو الخالق وغيره مخلوق، وهو المالك وغيره المملوك، وهو المدبر وغيره المدبر، وكذلك تشهد لله -تعالى- بالوحدانية في أسمائه وصفاته، وأنه ليس له شريك في أسمائه وصفاته، ولله الأسماء الحسنى، وليس له شريك في أفعاله -أيضًا- وليس له شريك في ألوهيته وعبادته.
فهو مستحق للعبادة في الألوهية والعبادة، ليس له شريك، فهو مستحق للعبادة، وغيره لا يستحق شيئا من العبادة، فلا يستحق العبادة أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
تشهد لله -تعالى- بالوحدانية بأن تنطق بلسانك تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وتعتقد بقلبك تصدق بأن الله هو الرب وغيره مربوب، وأنه الخالق وغيره مخلوق، وأنه المالك وغيره مملوك، وأنه مدبر وغيره مدبر، وتشهد بأن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلا التي لا يشاركه فيها أحد في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله، وتشهد بأن الله هو مستحق العبادة بجميع أنواعها، لا يستحقها غيره لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
فالله -تعالى- هو المعبود بالحق هو الذي يدعى، ولا يدعى غيره، يذبح له، وينذر له، يتوكل عليه، يرجى يُخاف يصلى له، يدعى يرجى ويخاف ويتوكل عليه.
العبادة حق الله، لا يستحقها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا جبريل ولا غيره، فمن صرف شيئا من أنواع العبادة لغيره فهو مشرك كافر، وتنتقض عليه الشهادة، قال: لا إله إلا الله، ثم دعا غير الله وعبد وذبح لغير الله، ونذر لغير الله بطلت شهادته، فالشهادة لله -تعالى- بالوحدانية وللنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة أصل الدين وأساس الملة.
ويداوم على شهادة أن لا إله إلا الله تشهد بربوبية الله، وتشهد بألوهيته، وتشهد بأسمائه وصفاته، فلا تصرف شيئا منها لغير الله، وكذلك ولا يقع في عملك شرك حتى لا تنتقض هذه العبادة الشهادة لله -تعالى- بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وأفعاله بشرط ألا يفعل الإنسان ناقضا من نواقض الإسلام، فإن فعل ناقضا من نواقض الإسلام بطلت هذه الشهادة، كما لو يتوضأ الإنسان، وأحسن الوضوء، وتطهر أحسن الطهارة، ثم خرج منه البول أو غائط أو ريح بطلت الشهادة بطلت الطهارة.
وكذلك إذا شهد لله -تعالى- بالوحدانية، ثم دعا غير الله أو ذبح لغير الله، أو فعل ناقضا من نواقض الإسلام بأن اعتقد أن الصلاة غير واجبة أو الحج غير واجب أو الصوم غير واجب أو اعتقد أن الزنا ليس بمحرم أو الربا غير محرم، أو أنكر تحريم الربا وتحريم الزنا وتحريم الخمر أو تحريم عقوق الوالدين، ما هو معلوم من الدين بالضرورة بطلت الشهادة، وانتقضت.
أصل الدين وأساس الملة أن تشهد لله -تعالى- بالوحدانية وتشهد لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة، تشهد أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العربي المكي ثم المدني هو رسول الله حقا، وأنه خاتم النبيين، وأن الرسالة عامة للعرب وللعجم وللجن والإنس، وأنه خاتم النبيين ليس بعده نبي.
فمن قال: إن الرسالة خاصة بالعرب أو خاصة بالإنس أو بعده نبي، فهو كافر بإجماع المسلمين، ولا تنفعه وتبطل شهادة أن لا إله إلا الله؛ فالشهادتان لا بد منهما جميعًا، فهما متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، فمن شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمدًا رسول الله لم تقبل منه، ومن شهد أن محمدًا رسول الله ولم يشهد أن لا إله إلا الله لم تقبل منه، حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فمن قال: إن محمدًا -عليه الصلاة- بعده نبي، أو ليست رسالته عامة، ما تنفعه شهادة أن لا إله إلا الله، ما تنفعه؛ لأنه لم يأت بشرطها؛ ولذلك لما أنكر اليهود رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- اليهود والنصارى وهم يزعمون أنهم مؤمنون بالله، بين الله أن إيمانهم لاغٍ، وأنه لا قيمة له. قال -تعالى-: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .
فنفى عنهم الإيمان، قال: لا يؤمنون بالله، وهم يزعمون أنهم يؤمنون بالله، لكن لما لم يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- نفى الله الإيمان عنهم، فالشهادتان متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، فمن شهد أن لا إله إلا الله، ولم يشهد أن محمدًا رسول الله لم تقبل منه، ومن شهد أن محمدًا رسول الله، ولم يشهد أن لا إله إلا الله لم تقبل منه، حتى يشهد بأن لا إله إلا الله ويشهد أن محمدًا رسول الله.
ولهذا قال المؤلف -رحمه الله- في بيان عقيدة أصحاب الحديث: والسلف يشهدون لله -تعالى- بالوحدانية، يعني بالوحدانية في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته وأفعاله، ولا يفعلوا ناقضًا من نواقض الإسلام، وللرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة يشهدون أن محمدًا رسول الله، ويصدقونه في أخباره -عليه الصلاة والسلام- ويمتثلون أوامره، ويجتنبون نواهيه، ويتعبدون لله بما شرعه، ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله هذه -أيضًا- من عقيدة أصحاب الحديث أنهم يعرفون ربهم بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، الصفات التي جاءت في القرآن، والله -تعالى- وصف بها نفسه بأنه الحي القيوم، وأنه الخالق الرازق المدبر المحيي المميت وصف نفسه بالعلم والسمع والبصر والقدرة.
يعرفون ربهم بالأسماء والصفات التي وصف بها نفسه، قال الله -تعالى-: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ .
يعرفون ربهم بأنه -سبحانه وتعالى- لا إله إلا هو ولا معبود بحق سواه، وأنه عالم الغيب والشهادة، وأنه الرحمن الرحيم هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ يعرفونه بأسمائه سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى .
يؤمنون بذلك ويعرفون ربهم بأسمائه وصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- فما ورد في الكتاب والسنة من الأسماء والصفات يجب إثباتها لله -عز وجل- إذا ورد اسم من أسماء الله في القرآن العظيم أو صفة يجب الإيمان بها أو ورد اسم من أسماء الله في السنة المطهرة، وثبت وصح سند الحديث، وعدلت الرواة ولم يكن شاذا ولا معللا، فإنه يجب إثبات ما ورد في السنة من أسماء الله وصفاته؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، وهو القرآن العظيم أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما ورد في الأخبار الصحاح به.
ولذلك قَيَّد المؤلف الأخبار للأحاديث الصحاح جمع صحيح يعني الحديث الصحيح، أما الحديث الضعيف فلا، فالحديث الضعيف الذي في سنده انقطاع أو في سنده راوٍ ضعيف في الحفظ أو في الديانة، فلا يصح الحديث، ولا يقبل ما دل عليه، لا بد أن يكون الحديث صحيحا، معروف شروط الحديث الصحيح عند المحدثين.
خمسة شروط للحديث الصحيح: اتصال السند، وعدول الرواة، وضبطهم، وألا يكون الحديث شاذًا ولا معلا، فإن وجد هذه الشروط الخمسة فإنه حديث صحيح، يكون السند متصلا ما فيه انقطاع، ويكون الرواة عدولا ضابطين، شرطهم العدالة والضبط، وألا يكون الحديث شاذًا مخالفًا للأحاديث الصحيحة، مخالفًا لأصول الشريعة، خالف الثقة من هو أوثق منه، ولا يكون الحديث فيه علة، علة قادحة، علة خفية، فإذا وجدت هذه الشروط فإن الحديث صحيح، ويجب قبوله والعمل بما دل عليه في العقائد وفي الأخلاق وفي الأعمال في كل شيء؛ خلافًا لأهل البدع من المعتزلة وغيرهم من الذين يقولون: لا نقبل خبر الآحاد في العقائد، إنما يقبل خبر الآحاد في الأعمال، أما العقائد فلا يقبل فيها أخبار الآحاد، هذا باطل، هذا منهج باطل.
أهل السنة والجماعة يقبلون ما دل عليه الحديث الصحيح، إذا صح السند، وكانوا الرواة عدولا ضابطين، ولم يكن الحديث شاذا ولا معلا، فإنه يجب قبوله في العقائد وفي الأعمال وفي الأخلاق وفي كل شيء.
ولهذا بوب البخاري -رحمه الله- في صحيحه باب اسمه سماه باب أخبار الآحاد، وذكر نصوصا كثيرة في قبول خبر الآحاد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يرسل كتبه إلى الملوك والرؤساء، والذي يرسله واحد ومع ذلك يقبل خبر الواحد؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: "ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما ورد في الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه" هكذا قيد المؤلف -رحمه الله- لا بد وأن يكون الخبر صحيحا، ونقله العدول الثقات الضابطون، ويثبتون له جل جلاله منها ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم.
هكذا أهل السنة يثبتون لله -عز وجل- ما أثبت لنفسه في كتابه العزيز من الأسماء والصفات أو ما ثبت في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما سبق، كما مثلنا الآيات هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ مثل ما ورد في الحديث: إن الله جميل يحب الجمال وهكذا إن الله حيي ستير من أسماء الله الستير، وهكذا فما ثبت في الحديث مثل ما ثبت في القرآن الكريم، إذا كان الحديث صحيحا ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه.
هكذا أهل السنة يثبتون الأسماء والصفات لله، ولا يشبهون ولا يمثلون كما قال -سبحانه- عن نفسه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
فالصفات والأسماء ثابتة لله على ما يليق بجلالته وعظمته، لا يماثل أحدا من خلقه، أهل السنة لا يكيفون لا يقولون: صفات الله كيفيتها كذا ولا يمثلون ولا يقولون: مثل صفات المخلوقين، بل يثبتون الأسماء والصفات، ويثبتون المعنى ويفوضون الكيفية إلى الله كما قال الإمام مالك -رحمه الله- لما سئل عن الاستواء، قال: "الاستواء معلوم"، يعني: معلوم معناه في اللغة العربية، وهو الاستقرار والصعود والعلو والارتفاع، "والكيف مجهول": كيفية استواء الله على عرشه هذا مجهول لا نعلمه، "والإيمان به واجب": يجب الإيمان بالاستواء، "والسؤال عنه بدعة": هذا يقال في جميع الأسماء والصفات النزول والاستواء والعلو والسمع والبصر كلها المعنى معلوم، معلوم معناه في اللغة العربية، نعرف أن العلم ضد الجهل، السمع ضد الصمم، البصر ضد العمى، العلو ضد السفول، الاستواء فسر بأربع تفسيرات الاستقرار والعلو والصعود والارتفاع.
أما كيفية استواء الرب كيفية علوه وكيفية سمعه وبصره لا يعلمه إلا الله هذا معنى قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
ولعلنا نقف عند هذا الحد، ونسأل الله الجميع التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
وهذا الرابط:http://www.sh-rajhi.com/rajhi/?actio...AKEDA00004.Htm
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معتقد أصحاب الحديث في صفات الله
قال الشيخ أبو عثمان -رحمه الله-: قلت: -وبالله التوفيق- إن أصحاب الحديث ( المتمسكين بالكتاب والسنة ) حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم يشهدون لله -تعالى- بالوحدانية وللرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما ورد في الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبته لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه.
نعم. يقول المؤلف -رحمه الله- أبو عثمان قلت -وبالله التوفيق- يعني: نسأل الله التوفيق، والتوفيق هو أن يوفق الإنسان للصواب وللحق، فيجعله الله يقول بالحق، ويعمل بالحق هذا سؤال، ومن سأل ربه بأن يوفقه للصواب، قلت -وبالله التوفيق-: "أصحاب الحديث أو أن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة"، يبين المؤلف -رحمه الله- أصحاب الحديث مَنْ هم؟ أصحاب الحديث هم المتمسكون بالكتاب والسنة، الذين يعملون بالكتاب والسنة هم أصحاب الحديث.
فإن الله -سبحانه وتعالى- أوحى إلى نبيه الكريم وحيين: الوحي الأول القرآن أوحاه الله إلى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بلفظه ومعناه، فهو كلام الله لفظه ومعناه، والوحي الثاني السنة المطهرة، وهي نوعان: النوع الأول الحديث القدسي، وهذا من كلام الله لفظًا ومعنى، مثل حديث أبي ذر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عن ربه -عز وجل- أنه قال: يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا .
فهذا حديث قدسي نسبه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ربه -عز وجل- فهو من كلام الله لفظًا ومعنى، والنوع الثاني الحديث غير القدسي، وهذا من كلام الله معنى، ومن كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- لفظا: لفظه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعناه من الله كقوله -صلى الله عليه وسلم- إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .
فالحديث وحي من الله إلا أن اللفظ لفظ الحديث من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما معناه فهو من الله، قال الله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى .
أما الحديث القدسي فلفظه ومعناه من الله مثل القرآن، إلا أن له أحكامًا تختلف عن القرآن؛ فالقرآن يُتعبد بلفظه ويُتعبد بتلاوته، والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته، القرآن يقرأ في الصلاة والحديث القدسي لا يقرأ في الصلاة، القرآن معجز بلفظه ومعناه، والحديث القدسي قد لا يكون له وصف الإعجاز، القرآن لا يمسه إلا المتوضئ، والحديث القدسي يمسه غير المتوضئ.
فالمؤلف -رحمه الله- يقول: إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة، إذن من هم أصحاب الحديث هم الذين يعملون بالقرآن والسنة، والسنة تفسر القرآن توضحه، وتبينه وتقيد مطلقه، وتخصص عمومه، فالسنة مع القرآن على أحوال ثلاثة:
الحالة الأولى: أنها تبين المجمل مثل الصلاة جاء في القرآن وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ جاءت السنة، وفصلت الصلاة، بينت أن الصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة، وبينت عدد ركعات الصلاة، ليس في القرآن أن صلاة الظهر أربع وصلاة العصر أربع، وصلاة المغرب ثلاث ركعات السنة وضحتها، وفصلت هذا الإجمال، الزكاة أوجبها الله في القرآن، وجاءت السنة وفصلت، وبينت أن المال لا زكاة في المال حتى يحول عليه الحول، وأنه لا بد من النصاب، كذلك الحج جاء في القرآن، وجاءت السنة فصلت هذا الإجمال، فالسنة تفصل وتبين المجمل فهي تأتي لتبين. الحالة الثانية: أن تقيد المطلق وتخصص العام. الحالة الثالثة: أن تأتي بأحكام جديدة ليست في القرآن كتحريم كل ذي ناب من السباع، وتحريم كل ذي مخلب من الطير، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، والجمع بين المرأة وخالتها، هذه أحكام ليست في القرآن، جاءت بها السنة، فالسنة وحي ثانٍ.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه فأصحاب الحديث هم الذين يعملون بالقرآن والسنة هم أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة دعا لهم المؤلف، قال: حفظ الله أحياءهم ورحم أمواتهم، هذا دعاء من المؤلف لأهل الحديث، دعا لهم بأن يحفظ الله الأحياء، ويرحم الأموات.
ما هي عقيدتهم؟ قال المؤلف -رحمه الله-: عقيدتهم يشهدون لله -تعالى- بالوحدانية وللرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة، هذا أصل الدين وأساس الملة، أصل الدين وأساس الملة أن تشهد لله تعالى بالوحدانية وتشهد لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدًا رسول الله أصل الدين وأساس الملة أن تشهد لله -تعالى- بالوحدانية، وأنه واحد في ربوبيته وواحد في ألوهيته، وواحد في أسمائه وصفاته، فواحد في ربوبيته.
فهو -سبحانه وتعالى- واجب الوجود لذاته، وهو فوق العرش، وهو الرب وغيره مربوب، وهو الخالق وغيره مخلوق، وهو المالك وغيره المملوك، وهو المدبر وغيره المدبر، وكذلك تشهد لله -تعالى- بالوحدانية في أسمائه وصفاته، وأنه ليس له شريك في أسمائه وصفاته، ولله الأسماء الحسنى، وليس له شريك في أفعاله -أيضًا- وليس له شريك في ألوهيته وعبادته.
فهو مستحق للعبادة في الألوهية والعبادة، ليس له شريك، فهو مستحق للعبادة، وغيره لا يستحق شيئا من العبادة، فلا يستحق العبادة أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
تشهد لله -تعالى- بالوحدانية بأن تنطق بلسانك تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وتعتقد بقلبك تصدق بأن الله هو الرب وغيره مربوب، وأنه الخالق وغيره مخلوق، وأنه المالك وغيره مملوك، وأنه مدبر وغيره مدبر، وتشهد بأن الله له الأسماء الحسنى والصفات العلا التي لا يشاركه فيها أحد في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله، وتشهد بأن الله هو مستحق العبادة بجميع أنواعها، لا يستحقها غيره لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل.
فالله -تعالى- هو المعبود بالحق هو الذي يدعى، ولا يدعى غيره، يذبح له، وينذر له، يتوكل عليه، يرجى يُخاف يصلى له، يدعى يرجى ويخاف ويتوكل عليه.
العبادة حق الله، لا يستحقها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا جبريل ولا غيره، فمن صرف شيئا من أنواع العبادة لغيره فهو مشرك كافر، وتنتقض عليه الشهادة، قال: لا إله إلا الله، ثم دعا غير الله وعبد وذبح لغير الله، ونذر لغير الله بطلت شهادته، فالشهادة لله -تعالى- بالوحدانية وللنبي -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة أصل الدين وأساس الملة.
ويداوم على شهادة أن لا إله إلا الله تشهد بربوبية الله، وتشهد بألوهيته، وتشهد بأسمائه وصفاته، فلا تصرف شيئا منها لغير الله، وكذلك ولا يقع في عملك شرك حتى لا تنتقض هذه العبادة الشهادة لله -تعالى- بالوحدانية في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته وأفعاله بشرط ألا يفعل الإنسان ناقضا من نواقض الإسلام، فإن فعل ناقضا من نواقض الإسلام بطلت هذه الشهادة، كما لو يتوضأ الإنسان، وأحسن الوضوء، وتطهر أحسن الطهارة، ثم خرج منه البول أو غائط أو ريح بطلت الشهادة بطلت الطهارة.
وكذلك إذا شهد لله -تعالى- بالوحدانية، ثم دعا غير الله أو ذبح لغير الله، أو فعل ناقضا من نواقض الإسلام بأن اعتقد أن الصلاة غير واجبة أو الحج غير واجب أو الصوم غير واجب أو اعتقد أن الزنا ليس بمحرم أو الربا غير محرم، أو أنكر تحريم الربا وتحريم الزنا وتحريم الخمر أو تحريم عقوق الوالدين، ما هو معلوم من الدين بالضرورة بطلت الشهادة، وانتقضت.
أصل الدين وأساس الملة أن تشهد لله -تعالى- بالوحدانية وتشهد لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة، تشهد أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي العربي المكي ثم المدني هو رسول الله حقا، وأنه خاتم النبيين، وأن الرسالة عامة للعرب وللعجم وللجن والإنس، وأنه خاتم النبيين ليس بعده نبي.
فمن قال: إن الرسالة خاصة بالعرب أو خاصة بالإنس أو بعده نبي، فهو كافر بإجماع المسلمين، ولا تنفعه وتبطل شهادة أن لا إله إلا الله؛ فالشهادتان لا بد منهما جميعًا، فهما متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، فمن شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمدًا رسول الله لم تقبل منه، ومن شهد أن محمدًا رسول الله ولم يشهد أن لا إله إلا الله لم تقبل منه، حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
فمن قال: إن محمدًا -عليه الصلاة- بعده نبي، أو ليست رسالته عامة، ما تنفعه شهادة أن لا إله إلا الله، ما تنفعه؛ لأنه لم يأت بشرطها؛ ولذلك لما أنكر اليهود رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- اليهود والنصارى وهم يزعمون أنهم مؤمنون بالله، بين الله أن إيمانهم لاغٍ، وأنه لا قيمة له. قال -تعالى-: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .
فنفى عنهم الإيمان، قال: لا يؤمنون بالله، وهم يزعمون أنهم يؤمنون بالله، لكن لما لم يؤمنوا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- نفى الله الإيمان عنهم، فالشهادتان متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، فمن شهد أن لا إله إلا الله، ولم يشهد أن محمدًا رسول الله لم تقبل منه، ومن شهد أن محمدًا رسول الله، ولم يشهد أن لا إله إلا الله لم تقبل منه، حتى يشهد بأن لا إله إلا الله ويشهد أن محمدًا رسول الله.
ولهذا قال المؤلف -رحمه الله- في بيان عقيدة أصحاب الحديث: والسلف يشهدون لله -تعالى- بالوحدانية، يعني بالوحدانية في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته وأفعاله، ولا يفعلوا ناقضًا من نواقض الإسلام، وللرسول -صلى الله عليه وسلم- بالرسالة والنبوة يشهدون أن محمدًا رسول الله، ويصدقونه في أخباره -عليه الصلاة والسلام- ويمتثلون أوامره، ويجتنبون نواهيه، ويتعبدون لله بما شرعه، ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله هذه -أيضًا- من عقيدة أصحاب الحديث أنهم يعرفون ربهم بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، الصفات التي جاءت في القرآن، والله -تعالى- وصف بها نفسه بأنه الحي القيوم، وأنه الخالق الرازق المدبر المحيي المميت وصف نفسه بالعلم والسمع والبصر والقدرة.
يعرفون ربهم بالأسماء والصفات التي وصف بها نفسه، قال الله -تعالى-: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ .
يعرفون ربهم بأنه -سبحانه وتعالى- لا إله إلا هو ولا معبود بحق سواه، وأنه عالم الغيب والشهادة، وأنه الرحمن الرحيم هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ يعرفونه بأسمائه سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى .
يؤمنون بذلك ويعرفون ربهم بأسمائه وصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- فما ورد في الكتاب والسنة من الأسماء والصفات يجب إثباتها لله -عز وجل- إذا ورد اسم من أسماء الله في القرآن العظيم أو صفة يجب الإيمان بها أو ورد اسم من أسماء الله في السنة المطهرة، وثبت وصح سند الحديث، وعدلت الرواة ولم يكن شاذا ولا معللا، فإنه يجب إثبات ما ورد في السنة من أسماء الله وصفاته؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، وهو القرآن العظيم أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما ورد في الأخبار الصحاح به.
ولذلك قَيَّد المؤلف الأخبار للأحاديث الصحاح جمع صحيح يعني الحديث الصحيح، أما الحديث الضعيف فلا، فالحديث الضعيف الذي في سنده انقطاع أو في سنده راوٍ ضعيف في الحفظ أو في الديانة، فلا يصح الحديث، ولا يقبل ما دل عليه، لا بد أن يكون الحديث صحيحا، معروف شروط الحديث الصحيح عند المحدثين.
خمسة شروط للحديث الصحيح: اتصال السند، وعدول الرواة، وضبطهم، وألا يكون الحديث شاذًا ولا معلا، فإن وجد هذه الشروط الخمسة فإنه حديث صحيح، يكون السند متصلا ما فيه انقطاع، ويكون الرواة عدولا ضابطين، شرطهم العدالة والضبط، وألا يكون الحديث شاذًا مخالفًا للأحاديث الصحيحة، مخالفًا لأصول الشريعة، خالف الثقة من هو أوثق منه، ولا يكون الحديث فيه علة، علة قادحة، علة خفية، فإذا وجدت هذه الشروط فإن الحديث صحيح، ويجب قبوله والعمل بما دل عليه في العقائد وفي الأخلاق وفي الأعمال في كل شيء؛ خلافًا لأهل البدع من المعتزلة وغيرهم من الذين يقولون: لا نقبل خبر الآحاد في العقائد، إنما يقبل خبر الآحاد في الأعمال، أما العقائد فلا يقبل فيها أخبار الآحاد، هذا باطل، هذا منهج باطل.
أهل السنة والجماعة يقبلون ما دل عليه الحديث الصحيح، إذا صح السند، وكانوا الرواة عدولا ضابطين، ولم يكن الحديث شاذا ولا معلا، فإنه يجب قبوله في العقائد وفي الأعمال وفي الأخلاق وفي كل شيء.
ولهذا بوب البخاري -رحمه الله- في صحيحه باب اسمه سماه باب أخبار الآحاد، وذكر نصوصا كثيرة في قبول خبر الآحاد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يرسل كتبه إلى الملوك والرؤساء، والذي يرسله واحد ومع ذلك يقبل خبر الواحد؛ ولهذا قال المؤلف -رحمه الله-: "ويعرفون ربهم -عز وجل- بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله أو شهد له بها رسوله -صلى الله عليه وسلم- على ما ورد في الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه" هكذا قيد المؤلف -رحمه الله- لا بد وأن يكون الخبر صحيحا، ونقله العدول الثقات الضابطون، ويثبتون له جل جلاله منها ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم.
هكذا أهل السنة يثبتون لله -عز وجل- ما أثبت لنفسه في كتابه العزيز من الأسماء والصفات أو ما ثبت في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما سبق، كما مثلنا الآيات هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ مثل ما ورد في الحديث: إن الله جميل يحب الجمال وهكذا إن الله حيي ستير من أسماء الله الستير، وهكذا فما ثبت في الحديث مثل ما ثبت في القرآن الكريم، إذا كان الحديث صحيحا ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه.
هكذا أهل السنة يثبتون الأسماء والصفات لله، ولا يشبهون ولا يمثلون كما قال -سبحانه- عن نفسه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .
فالصفات والأسماء ثابتة لله على ما يليق بجلالته وعظمته، لا يماثل أحدا من خلقه، أهل السنة لا يكيفون لا يقولون: صفات الله كيفيتها كذا ولا يمثلون ولا يقولون: مثل صفات المخلوقين، بل يثبتون الأسماء والصفات، ويثبتون المعنى ويفوضون الكيفية إلى الله كما قال الإمام مالك -رحمه الله- لما سئل عن الاستواء، قال: "الاستواء معلوم"، يعني: معلوم معناه في اللغة العربية، وهو الاستقرار والصعود والعلو والارتفاع، "والكيف مجهول": كيفية استواء الله على عرشه هذا مجهول لا نعلمه، "والإيمان به واجب": يجب الإيمان بالاستواء، "والسؤال عنه بدعة": هذا يقال في جميع الأسماء والصفات النزول والاستواء والعلو والسمع والبصر كلها المعنى معلوم، معلوم معناه في اللغة العربية، نعرف أن العلم ضد الجهل، السمع ضد الصمم، البصر ضد العمى، العلو ضد السفول، الاستواء فسر بأربع تفسيرات الاستقرار والعلو والصعود والارتفاع.
أما كيفية استواء الرب كيفية علوه وكيفية سمعه وبصره لا يعلمه إلا الله هذا معنى قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
ولعلنا نقف عند هذا الحد، ونسأل الله الجميع التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
وهذا الرابط:http://www.sh-rajhi.com/rajhi/?actio...AKEDA00004.Htm