صالح القسنطيني
2009-04-28, 16:37
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
و بعد:
استسمح أخواني الشعراء، بأن أرمي مقالي هذا بين كتاباتهم، فقد أعدم لنا قسمنا (قسم الخواطر)، و أجهضت معه جميع مقالاتنا هناك، فلم يبق لنا إلا مزاحمتكم في قسمكم.
قد يظن ظان - و ما أكثرهم - أنّ مقالي هذا منقول من بطن كتاب أو مسحوب من مواقع السحاب، و أشهد الله ربي و رب السموات و الأرض أنّ المقال مقالي، و من عقد لساني، و مما جاد به خاطري، و نسجته أناملي. كتبته ردا على أحدهم همه التنقيب عن النيات، و اتهام الإرادات، لقّب بالعمدة في قسمه، و اللبيب بالإشارة يفهم.
المقال
كان و يا مَا كان، في قديم الزمان، و سالف العصر و الأوان، يحكى أنه كان أمير بنى قصرا و شيد له البنيان، و أحكمه و ثبته بالدعائم و الأركان، و أوصده و أغلقه بالأسوار و الحيطان، و رفع بنيانه حتى بلغ العنان، و رصعه بالجواهر و المرجان، فكان القصر شديد اللمعان، و فجّر فيه المياه و الوديان، سقيا لكل ضمآن، و مورد عذب زلال لكل عطشان، و ضمن قصره الأشجار ذوات الأفنان، كثيفة الزهور و الأغصان، المنبثة للفاكهة و العنب و الرمان، قريب المنال ثمرها دان، و زرع فيه من كل حب زوجين، و من جميع الزرع نوعين، فما اشتكى في مملكته جوعان، فكان قصره في جماله و بهائه كدار الجنان، و في ضيائه قد فاق القمرين، و كثير الخيرات بلا حسبان، فلاح في الأفق كالنجمين، فصار القصر عظيم الشان، ليس به عيب و لا نقصان، لا يقدر بأثمان.
و اشتهر ذاك الملك بعدله و إنصافه و الإحسان، و رفقه برعيته و الحنان، نصب بالقسطاس الميزان، فكان الضعيف و القوي عنده سِيَّان، لا يفرق في عدله يبن الشيب و الشبّان، و نصره للمظلوم قد بان، و أخذه بيد الظالم بقوّة السّّنان، فما اشتكى في مملكته لسان، و ما نقم عليه إنسان، بل رفقه وسع و شمل حتى الحيوان، فعاش الجميع في مملكتك تلك عيش الإخوان، لا يفرق فيه بين كادح و ذي سلطان، و راية العدل فوقهم منشورة لها خفقان، يراها الناظر و العميان، يغبطهم في سعادتهم و تراحمهم و ودهم و تعاونهم كل إنس و جان.
و كان لذاك الملك العادل ديوان، جمع فيه الأفاضل و الخيرة أهل العرفان، ليكونوا له أعوان، ثم جعلهم عيونا له على الطبقة الكادحة مغبرة القدمين، و هذه سنة جميع المماليك التي مرت و تعاقبت عقب الزمان، فلا بد لكل مملكة من مشرفين و مراقبين شجعان، يخوضون المعارك الضارية خوض الفرسان، و يدافعون عن المملكة و يردون عنها العدوان، بعلم و عدل و إنصاف و بيان، مبتعدين عن كل خلق التكبر خلق أهل الطغيان، فما نامت لهم أجفان، ساهرين على الخير من غير توان.
ثم كان ما لم يكن في الحسبان، بعد أن خرج الملك لسفر بمكان، فابتليت تلك المملكة بصنفين، بعض الرعية و زمرة من أهل الديوان، فلبسوا لباس النكران، و جحدوا نِعم أميرهم جحد الكفران، و نشروا الشر و الفساد كالطوفان، و رضوا بعيش الذل و الهوان، و ساروا في البساتين سير الثعبان، ناشرين لسمهم نشر الفتّان، فأذاعوا المنكر بعد أن ألبسوه ثوبين، ثوب حسد و عصيان، و ثوب كره و نكران، و هموا بإحراق القصر و إشعال النيران، و تنادوا فيما بينهم و تناصروا بإعلان، و حشروا لفعلهم العدّة و الأبدان، و ما ردهم عن عملهم وازع دين و لا إيمان، فتطاير شرهم و كثر له الدخان، و أهلكوا الحرث و قلعوا الأمان، و شردوا النساء و الصبيان، و نشروا في أرجاء القصر جميع الأحزان، و أشبعوا الطبقة الكادحة العدوان.
فلما عاد الأمير من سفره بأمان، و رأى المنكر رأي العيان، سأل عن ذلك الفاعل الجبان، ليسلط عليه أقصى العقوبات التي يستحقها الخوان، ليكون لمن خلفه برهان، تزلف (أصحاب قصور العاج) و ألصقوا التهمة بالطبقة الكادحة طبقة الضعفان، و ألبسوا الحق بالباطل الفان، فاستجاب الأمير لهم و شرد (بالطبقة الكادحة) في الأوطان، بعد أن قطع لهم الأرجل و اليدين، و مزقوا لهم اللسان، حتى لا يظهرون مقالا و لا بيانا، فخرجت الطبقة الكادحة مظلومة قارعة سن الندمان.
هل حقا هذا ما يفعله بهم الإخوان؟؟؟؟؟؟؟
و الله ربنا المستعان، و عليه التكلان.
و بعد:
استسمح أخواني الشعراء، بأن أرمي مقالي هذا بين كتاباتهم، فقد أعدم لنا قسمنا (قسم الخواطر)، و أجهضت معه جميع مقالاتنا هناك، فلم يبق لنا إلا مزاحمتكم في قسمكم.
قد يظن ظان - و ما أكثرهم - أنّ مقالي هذا منقول من بطن كتاب أو مسحوب من مواقع السحاب، و أشهد الله ربي و رب السموات و الأرض أنّ المقال مقالي، و من عقد لساني، و مما جاد به خاطري، و نسجته أناملي. كتبته ردا على أحدهم همه التنقيب عن النيات، و اتهام الإرادات، لقّب بالعمدة في قسمه، و اللبيب بالإشارة يفهم.
المقال
كان و يا مَا كان، في قديم الزمان، و سالف العصر و الأوان، يحكى أنه كان أمير بنى قصرا و شيد له البنيان، و أحكمه و ثبته بالدعائم و الأركان، و أوصده و أغلقه بالأسوار و الحيطان، و رفع بنيانه حتى بلغ العنان، و رصعه بالجواهر و المرجان، فكان القصر شديد اللمعان، و فجّر فيه المياه و الوديان، سقيا لكل ضمآن، و مورد عذب زلال لكل عطشان، و ضمن قصره الأشجار ذوات الأفنان، كثيفة الزهور و الأغصان، المنبثة للفاكهة و العنب و الرمان، قريب المنال ثمرها دان، و زرع فيه من كل حب زوجين، و من جميع الزرع نوعين، فما اشتكى في مملكته جوعان، فكان قصره في جماله و بهائه كدار الجنان، و في ضيائه قد فاق القمرين، و كثير الخيرات بلا حسبان، فلاح في الأفق كالنجمين، فصار القصر عظيم الشان، ليس به عيب و لا نقصان، لا يقدر بأثمان.
و اشتهر ذاك الملك بعدله و إنصافه و الإحسان، و رفقه برعيته و الحنان، نصب بالقسطاس الميزان، فكان الضعيف و القوي عنده سِيَّان، لا يفرق في عدله يبن الشيب و الشبّان، و نصره للمظلوم قد بان، و أخذه بيد الظالم بقوّة السّّنان، فما اشتكى في مملكته لسان، و ما نقم عليه إنسان، بل رفقه وسع و شمل حتى الحيوان، فعاش الجميع في مملكتك تلك عيش الإخوان، لا يفرق فيه بين كادح و ذي سلطان، و راية العدل فوقهم منشورة لها خفقان، يراها الناظر و العميان، يغبطهم في سعادتهم و تراحمهم و ودهم و تعاونهم كل إنس و جان.
و كان لذاك الملك العادل ديوان، جمع فيه الأفاضل و الخيرة أهل العرفان، ليكونوا له أعوان، ثم جعلهم عيونا له على الطبقة الكادحة مغبرة القدمين، و هذه سنة جميع المماليك التي مرت و تعاقبت عقب الزمان، فلا بد لكل مملكة من مشرفين و مراقبين شجعان، يخوضون المعارك الضارية خوض الفرسان، و يدافعون عن المملكة و يردون عنها العدوان، بعلم و عدل و إنصاف و بيان، مبتعدين عن كل خلق التكبر خلق أهل الطغيان، فما نامت لهم أجفان، ساهرين على الخير من غير توان.
ثم كان ما لم يكن في الحسبان، بعد أن خرج الملك لسفر بمكان، فابتليت تلك المملكة بصنفين، بعض الرعية و زمرة من أهل الديوان، فلبسوا لباس النكران، و جحدوا نِعم أميرهم جحد الكفران، و نشروا الشر و الفساد كالطوفان، و رضوا بعيش الذل و الهوان، و ساروا في البساتين سير الثعبان، ناشرين لسمهم نشر الفتّان، فأذاعوا المنكر بعد أن ألبسوه ثوبين، ثوب حسد و عصيان، و ثوب كره و نكران، و هموا بإحراق القصر و إشعال النيران، و تنادوا فيما بينهم و تناصروا بإعلان، و حشروا لفعلهم العدّة و الأبدان، و ما ردهم عن عملهم وازع دين و لا إيمان، فتطاير شرهم و كثر له الدخان، و أهلكوا الحرث و قلعوا الأمان، و شردوا النساء و الصبيان، و نشروا في أرجاء القصر جميع الأحزان، و أشبعوا الطبقة الكادحة العدوان.
فلما عاد الأمير من سفره بأمان، و رأى المنكر رأي العيان، سأل عن ذلك الفاعل الجبان، ليسلط عليه أقصى العقوبات التي يستحقها الخوان، ليكون لمن خلفه برهان، تزلف (أصحاب قصور العاج) و ألصقوا التهمة بالطبقة الكادحة طبقة الضعفان، و ألبسوا الحق بالباطل الفان، فاستجاب الأمير لهم و شرد (بالطبقة الكادحة) في الأوطان، بعد أن قطع لهم الأرجل و اليدين، و مزقوا لهم اللسان، حتى لا يظهرون مقالا و لا بيانا، فخرجت الطبقة الكادحة مظلومة قارعة سن الندمان.
هل حقا هذا ما يفعله بهم الإخوان؟؟؟؟؟؟؟
و الله ربنا المستعان، و عليه التكلان.