تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الكُـنَّــاشة في بعض خصـائص عائشة - رضي الله عنها


طارق العائد
2013-05-04, 11:02
الكُـنَّــاشة
في
بعض خصـائص عائشة - رضي الله عنها

في ظل هذه الهجمات ضد أمنا عائشة رضي الله عنها من الشيعة الحاقدين

أردت أن أنقل هذا الكتاب ليعلم كل مسلم ومسلمة وخاصة الأجيال القادمة قدر أمنا رضي الله عنها وعن كل صحابتنا الكرام


ذَاعَتْ مَنَاقِبُهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ *** كَالشَّمْسِ بَازِغَةً بِالنُّورِ تَزْدَهِرُ
إِذْ أَعْجَزَ الْكُلَّ إِدْرَاكًا لِمَنْزِلِهَا *** كَأَنَّهَا الغَيْثُ سَحَّاءً وَتَنْهَمِرُ


تقريظ الشيوخ

حفيظ الدوسري ذياب الغامدي عمر الحدوشي

تأليف: تركي بن مبارك بن عبد الله البنعلي

الطبعة الثانية
1434هـ - 2012م

طارق العائد
2013-05-04, 11:02
إهـــداء

إلى من أرضعتني العقيدة والشريعة والأخلاق..
إلى من غرست فيّ المبادئ والقيم وخشية الخَلاّق..
إلى من شنجت مسامعي بقصص الزهد والورع والمواعظ الرقاق..
إلى من نشأتني على حب الأنبياء والأولياء..
إلى من رسمت لي الطريق وحذرتني من البدع والأهواء..
إلى حفيدة الخنساء، وسميت فاطمة الزهراء..
إلى من جعلها الله تعالى باباً من أبواب الجنة، وسبباً من الأسباب..
إلى من أمرني نبينا صلى الله عليه وسلم بحسن رفقتها والاصطحاب..
إلى أمي الغالية العالية: أم تركي فاطمة بنت إبراهيم بن محمد البنعلي حفظها الله..
أهدي هذا الكتاب.

طارق العائد
2013-05-04, 11:04
إضاءة

قال الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله (المتوفى سنة 449هـ) في مجمل عقيدة الفرقة الناجية: "وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه رضي الله عنهن، والدعاء لهن، ومعرفة فضلهن، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين".اهـ [عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص294].

طارق العائد
2013-05-04, 11:05
مَا شَانُ أُمِّ المؤمنين وشَاني

مَا شَانُ أُمِّ المؤمنين وشَاني
هُدي المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّاني

إنِّي أقول مُبَيِّناً عن فَضْلِها
ومُتَرجماً عن قوْلها بلِسَاني

يا مُبْغضي لا تَأْت قَبْرَ محمَّدٍ
فالبَيْتُ بيتي والمَكانُ مَكاني

إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ
بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعاني

وَسَبَقْتُهُن إلى الفَضَائِل كُلَّها
فالسَّبْقُ سَبقي والعِنَانُ عِنَاني

مَرِضَ النَّبِيُّ وَمَاتَ بين تَرَائِبِي
فاليَوْمَ يَوْمي والزَّمانُ زَماني

زَوْجي رَسولُ الله لَمْ أرَ غَيْرَهُ
الله زَوَّجَني به وحَبَاني

وأتاهُ جِبريلُ الأمينُ بِصُورتي
فَأحَبَّني المُخْتَار حِينَ رَآني

أنا بِكْرُه العَذْراءُ عِنْدي سِرُّهُ
وضَجيعُهُ في مَنْزِلي قَمَرانِ

وَتَكَلَّمَ اللهُ العظيمُ بِحُجَّتي
وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ .

وَالله خَفَّرَني وَعَظَّمَ حُرْمَتِي
وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي

والله في القُرآنِ قد لَعَنَ الذي
بَعْدَ البَرَاءَةِ بالقَبيح رَماني

والله وَبَّخَ مَنْ أرَادَ تَنَقُّصي
إفْكاً وسَبَّحَ نَفسَهُ في شاني

إنّي لمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ
ودليلُ حُسْنِ طَهَارتي إحْصاني

طارق العائد
2013-05-04, 11:06
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتِمِ رُسْلِه
وَأَذَلَّ أَهْلَ الإِفْكِ والبُهتانِ

وسَمِعْتُ وَحْيَ الله عِنْدَ مُحَمَّدٍ
من جِبَرَئيلَ ونُورُه يَغْشاني

أَوْحَى إِلَيْهِ وَكُنْتُ تَحتَ ثِيابِهِ
فَحَنَا عليَّ بِثَوْبِهِ وخَبَّاني

مَنْ ذَا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتي
ومُحَمَّدٌ في حِجْرِه رَبَّاني؟

وأَخَذتُ عن أَبَوَيَّ دينَ مُحَمَّدٍ
وَهُمَا على الإِسْلامِ مُصْطَحِبَانِ

وأبي أَقامَ الدِّين بَعْدَ مُحَمَّدٍ
فَالنَّصْلُ نصْلي والسِّنَان سِناني

والفَخْرُ فَخْرِي والخِلَافَةُ في أبي
حَسْبِي بِهَذَا مَفْخَراً وَكَفاني

وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صَاحِبِ أَحْمَدٍ
وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإِعلانِ

نَصَر النبيَّ بمالِهِ وفِعالِه
وخُرُوجِهِ مَعَهُ من الأوطانِ

ثَانيه في الغارِ الذي سَدَّ الكُوَى
بِرِدَائِهِ أَكْرِم بِهِ مِنْ ثانِ

وَجَفَا الغِنى حَتَّى تَخَلَّل بالعَبَا
زُهداً وأَذْعَنَ أَيَّما إِذْعَانِ

وتَخَلَّلَتْ مَعَهُ مَلائِكَةُ السَّما
وأَتَتْهُ بُشرى اللهِ بالرِّضْوَانِ

وهو الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمَة لائمٍ
في قَتْلِ أهْلِ البَغْيِ والعُدوانِ

قَتَلَ الأُلى مَنَعوا الزَّكاة بكُفْرِهِمْ
وأَذَل أَهْلَ الكُفر والطُّغيانِ

سَبَقَ الصَّحَابَةَ والقَرَابَةَ لِلهُدى
هو شَيْخُهُمُ في الفضلِ والإِحْسَانِ

واللهِ ما اسْتَبَقُوا لِنَيْلِ فضيلةٍ
مِثْلَ استباقِ الخيلِ يومَ رِهانِ

إلاَّ وطارَ أبي إلى عَلْيَائِها
فمكانُه منها أَجَلُّ مكانِ

وَيْلٌ لِعَبْدٍ خانَ آلَ مُحَمَّدٍ
بِعَدَاوةِ الأزواجِ والأخْتانِ

طُوبى لِمَنْ والى جماعةَ صَحْبِهِ
ويكونُ مِن أحْبَابِهِ الحَسَنانِ

بينَ الصحابةِ والقرابةِ أُلْفَةٌ
لا تستحيلُ بِنَزْغَةِ الشيطانِ

هُمْ كالأَصابِع في اليدينِ تواصُلاً
هل يَسْتَوي كَفُّ بغير بَنَانِ

حَصِرَتْ صُدُورُ الكافرين بوالدي
وقُلوبُهُمْ مُلِئَتْ من الأضغانِ

حُبُّ البَتولِ وَبَعْلِها لم يَخْتَلِفْ
مِن مِلَّةِ الإِسلامِ فيه اثنانِ

أكرم بأربعةٍ أئمةِ شَرْعِنا
فَهُمُ لِبيتِ الدينِ كالأَرْكَان

نُسِجَتْ مَوِدَّتُهم سَدًا في لُحْمَةٍ
فَبِناؤها مِنْ أَثْبَتِ البُنيانِ

الله ألَّفَ بَيْنَ وُدِّ قُلُوبِهِمْ
لِيَغِيظَ كُلَّ مُنَافِقٍ طعَّانِ

رُحَماءُ بَيْنَهُمُ صَفَتْ أَخْلاَقُهُمْ
وخَلَتْ قُلُوبُهُمُ مِنَ الشَّنَآنِ

فَدُخُولُهُم بَيْنَ الأَحِبَّةِ كُلْفَةٌ
وسِبَابُهُمْ سَبَبٌ إِلى الحِرْمَانِ

جَمَعَ الإِلهُ المسلمين على أبي
واستُبدلوا مِنْ خوْفهم بأَمان

وإذا أرادَ اللهُ نُصْرَة عَبْدِهِ
مَنْ ذا يُطيقُ لَهُ على خُذْلانِ

مَن حَبَّني فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ سَبَّني
إنْ كانَ صانَ مَحَبَّتي ورعاني

وإذا مُحِبِّي قَدْ أَلَظَّ بِمُبْغِضي
فَكِلَاهُما في البُغضِ مُسْتِويانِ

إِني لَطَيِّبَةٌ خُلِقْتُ لطيِّبٍ
ونِساءُ أَحْمَدَ أطيبُ النِّسْوانِ

إني لأَمُّ المؤمنينَ فَمَنْ أَبَى
حُبِّي فَسَوْف يَبُوءُ بالخُسْرَانِ

اللهُ حَبَّبَني لِقَلْبِ نَبِيِّه
وإلى الصراطِ المستقيمِ هداني

واللهُ يُكْرِمُ مَنْ أَرَادَ كَرامتي
ويُهينُ رَبِّي من أرادَ هواني

واللهُ أَسْأَلُهُ زيادةَ فَضْلِهِ
وحَمِدْتُهُ شكْراً لِما أوْلاني

يا من يَلُوذُ بِأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ
يرجو بذلك رحمةَ الرحمانِ

صِلْ أُمَّهَاتِ المؤمنينَ ولا تَحُدْ
عَنَّا فَتُسْلَبْ حُلَّةَ الإِيمانِ

إِني لصادِقَةُ المقالِ كريمةٌ
إِيْ والَّذي ذَلَّتْ لَهُ الثَّقَلانِ

خُذْها إليكَ فإِنَّمَا هي رَوْضَةٌ
محفوفَةٌ بالرَّوحِ والرَّيحانِ

صَلَّى الإلهُ على النبيِّ وآلِهِ
فَبِهمْ تُشَمُّ أزاهِرُ البُستانِ

لأبي عمران موسى بن محمد بن عبد الله الواعظ الأندلسي
(ابن بهيج الأندلسي) رحمه الله.

طارق العائد
2013-05-04, 11:07
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية:
الحمد لله ذي الجلال والكمال، والصلاة والسلام على خير الرجال، وعلى أصحابه وزوجاته والآل، أما بعد:
فقد منّ الله عليّ بانتشار الطبعة الأولى من كتابي "الكناشة؛ ببعض خصائص عائشة"، وثناء كل من وقف عليه من المشايخ الأماثل، وطلاب العلم الأفاضل..
وعلى الرغم من ذلك إلا أن النقص من صفات البشر، والخطأ والسقط وارد في كل كراسة ودفتر، حاشا كتاب الله الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)) [فصلت].
قال الربيع بن سليمان رحمه الله: "قرأت كتاب الرسالة المصرية على الشافعي نيفاً وثلاثين مرة، فما من مرة إلا كان يصححه، ثم قال الشافعي في آخره: أبى الله أن يكون كتاب صحيح غير كتابه. قال الشافعي: يدل على ذلك قوله عز وجل: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)) [النساء]".اهـ [مناقب الشافعي للبيهقي 2/63].
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمهما الله: "عارضت بكتاب لأبي ثلاث عشرة مرة، فلما كان في الرابعة خرج فيه خطأ، فوضعه من يده ثم قال: قد أنكرت أن يصح غير كتاب الله عز وجل!".اهـ [موضح أوهام الجمع والتفريق 1/6].
وحكي عن الإمام المزني رحمه الله أنه قال: "لو عورض كتاب سبعين مرة لوجد فيه خطأ؛ أبى الله أن يكون كتاب صحيحاً غير كتابه".اهـ [موضح أوهام الجمع والتفريق 1/6].
ولقد قام أحد إخواني من أرض الكنانة، من باب التكاتف والإعانة؛ بغربلة "الكناشة" غربلة علمية، فأخرج بعض الأخطاء المطبعية، وهي تعد على الأصابع، فجزاه الله خيراً على هذا الجهد النافع..

طارق العائد
2013-05-04, 11:08
فقمت بدوري في تصحيح ما أُرشدت إليه في هذه الطبعة الجديدة، لتخرج في هذه الحلة البهية الجيدة، لاسيما وأن هذه الطبعة قد زُودت ببصمة صادع صادح بالإسلام، إضافة إلى بصمات من قدمه في السابق من الأعلام.. وبالله التوفيق
وكتب: أبو سفيان السلمي
1433هـ -2012م

طارق العائد
2013-05-04, 11:08
تقريظ شيخنا الدكتور حفيظ بن عجب الدوسري حفظه الله:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وآله وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين، وبعد:
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم هم الذين حملوا الرسالة، والدعوة، وضحوا في سبيل ذلك بالغالي، والنفيس، رضي الله عنهم ورضوا عنه، قال تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنَّات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم).
هم الذين اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، والجهاد معه، وتحت رايته فلله درهم قال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رُحماء بينهم تراهم رُكّعاً سُجداً يبتغون فضلا من الله ورضوانا).
وقد قال: قائدهم وحبيبهم، وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سبَّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
فنحن نحبهم جميعا، ونترضَّى عليهم، ونُدافع عنهم، وعن أعراضهم فحبهم دين، وإيمان، وبغضهم كفر، ونفاق، وخروج من رِبقة الإسلام، فكيف بمن سبَّ أم المؤمنين زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وأرضاها التي برأها الله سبحانه وتعالى في كتابه، وزكاها فهي الطيبة الطاهرة المطهرة فراش النبي صلى الله عليه وسلم، وحبيبته من قذفها وسبها أو طعن فيها وفي عرضها كفر وخرج من دائرة الإسلام، ووجب قتله فهو مُكذب لله وللقرآن.
سُئل الإمام أحمد رحمه الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين فقال: ما أراه على الإسلام.
وقد ظهر وزاد في زماننا هذا التعدي على أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها من بعض الزنادقة، والكفرة فطعنوا فيها، وفي عرضها، وقد كفروا بذلك، ووجب قتلهم، فتصدّى لهم الشيخ الفاضل تركي البنعلي بهذا الكتاب النافع الذي يدل على حبه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وجودة جمعه، وتأليفه وتدقيقه، أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناته ويبارك في جهوده وحرصه على نُصرة أم المؤمنين والحمد لله رب العالمين.
وكتبه
العبد الفقير إلى عفو الله ورضاه
حفيظ بن عجب الدوسري
20/11/1433هجرية

طارق العائد
2013-05-04, 11:18
تقريظ شيخنا المحدث ذياب بن سعد الغامدي حفظه الله:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين، وعلى آله الطاهرين، وعلى أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد؛ فقد قرأت كتاب «الكنَّاشة في بعض خصائص عائشة» رضي الله عنها، للأخ الشيخ تركي بن مبارك البنعلي، فألفيته كتابا مفيدا، قد أجاد فيه صاحبه وأفاد، كما أنَّه حرَّر فيه كثيرا من المسائل العلمية، وقرَّر كثيرا من الدلائل الشرعية، التي تدل على علو كعبه في مسالك الاستنباط، وسبك الحجج عند الاعتراض، الأمر الذي يشجع كل مسلم ـ لاسيما طلاب العلم ـ على مطالعته والاستفادة منه، بل إخاله كتابا مهمًّا لا يقِلُّ قدرًا عمَّا سبقه من كتب أهل العلم الكبار، وهو وإن سُبِقَ إلَّا أنه قد لحِقَ، ولا نزكيه على الله تعالى!
ويزيد الكتابَ أهميةً؛ أنَّ شرذمة من بقايا الفرس المجوسية هذه الأيام لم تزل تنفث بين الحين والآخر بعض عقائدها النجسة ما بين طعن ولعن وبين غمز ولمز في سيدة أمهات المؤمنين ـ عائشة الصديقة رضي الله عنها ـ ، وما سمعناه هذه الأيام من بعض دعاة الرافضة الشيعية المجوسية من تطاولٍ قبيحٍ في أبي بكر وعمر وعثمان وعِرْضِ عائشة وغيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ما يعلمه القاصي والداني، فالله طليبهم!
وأخيرا فإني أثني شكري للمؤلف فيما سطرَّه وحبَّره انتصارًا منه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فجزاه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم وزوجاته خير الجزاء، كما أرجو من الله تعالى أن يحشرني وإياه مع الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة، آمين.
والصلاة والسلام على رسوله الآمين، وزوجه سيدة أمهات المؤمنين.
وكتبه
ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
الطائف المأنوس
ضحى يوم السبت (12/5/1432)

طارق العائد
2013-05-04, 11:20
تقريظ شيخنا العلامة عمر بن مسعود الحدوشي حفظه الله:
أرسل لي تلميذي بالمراسلة والإجازة الأستاذ الفاضل، والباحث النبيل، والداعية الأصيل، تركي البنعلي البحريني كتابه القيم، الذي أسماه: (الكناشة في بعض خصائص عائشة-رضي الله عنها) لأقدم له بمقدمة ليقدمه للمطبعة، وقد قرأته قراءة سريعة وألفيته كتاباً جيداً في بابه، وآية في موضوعه، وكاتبنا معروف باختياراته الصائبة، وأبحاثه السديدة، وقد صححت ما ند عن البصر، وختمت ذلك بهذه الأبيات العشرة النونية، بعنوان: (فيصل الحق في كشف وفضح المجلسي الزنديق):
سَجْعُ الحمائمِ أجْرى الدمع هَتَّاناً
من مُقلتيَّ فهاج القلبُ تَحْنَاناً

فالقلبُ في حُرَقٍ وَالْجَفْنُ في أَرَقٍ
والنفسُ في فَرَقٍ تَزدادُ أحزاناً

لولا خليليَّ (تُركيْ البنعليُّ) أَتَى
بفيصلِ الحقِّ يُجْلِي اللُّبسَ تِبياناً

بذلك الأثرِ الموسومِ طابَ جنىً
(كُناشةً) بفيوضِ العلمِ روَّاناً

أبدى فضائل أم المؤمنين لها
من المحاسن ما عطَّرَنْ أكواناً

ألم ترَ (النُّورَ) بَرَّتْها ِبمُصحفِنَا
فبوركتْ سورةً يا طابَ قرآناً

فقل لصاحبِ رفضٍ خاب مَقْصِدُه
إِخْسَأْ ونكِّصْ على الأعقاب خِزْياناً

لا تأتِ محراب طُهْرٍ أنتَ تَجْهَلُه
فلستَ تَرقَى كمََاناً جَلَّ إيماناً

ما جئتَهُ من أباطيلٍ سوى زَبَدٍ
َيمْضي جُفاءً وما في الأرض أجْداناً

وما جنته أباطيلٌ سوى زبدٍ
يمضي جفاءً وما في الأرض أجدانا

يَبقَى الصحيحُ. سَقيمُ الفكرِ مُنْدَثِرٌ
سُبحانَ مَن بحكيمِ الذِّكْرِ أَغْنَانَاً

كتبه عمر بن مسعود الحدوشي26-ربيع الأول 1432هـ
ولما قرأته مرة أخرى قراءة سريعة لمست من كاتبه الشاب اليافع، الداعية النابغة: غيرة عظيمة وحباً مخلصاً لأصحاب وأزواج النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه-فقلت قصيدة أخرى بعنوان: (درَّةُ التاجِ ومَنارةُ المِنهاجِ):
بِلَهِيبِ شَوْقٍ خَافِقِي يَتَعَذَّبُ *** مَا مَنْ يَلُومُ عَلَيَّ مِمَّنْ يَعْتِبُ

طارق العائد
2013-05-04, 11:21
الْبَيْنُ سَهَّدَ جَفْنَ عَيْنِي، إنْ تَنَمْ *** عَيْنُ الْخَلِيِّ فَأَدْمُعِي تَتَصَبَّبُ
ذَاكَ الرَّشَا مِنْ أَخْذِ ثَأْرِي مَا اخْتَشَى *** مِنْ بَعْدِ مَا سَرِّي فَشَا يَتَعَجَّبُ
أَمْسَيْتُ فِي الْعُشَّاقِ صَاحِبَ عَنْتَرٍ *** لَكِنَّ سَيْفِي فِي الْهَوَى لاَ يَضْرِبُ
لَوْلاَ "الْكُنَاشَةُ" بِالفِعْلِ كُنَاشَةٍ *** بِالْمُسْتَهَامِ لَمَا أَنَارَ الْكَوكَبُ
سِفْرٌ بِهِ قَدْ أَسْفَرَ الصُّبْحُ لِذِي *** عَيْنَيْنِ، وانكَشَفَ الظَّلاَمُ الْغَيْهَبُ
جُدِعَتْ أُنُوفُ الأَعْيَانِ وَأَذْعَنَتْ *** لِيَراعِ صَاحِبِهِ النُّفُوسُ الْكُذَّبُ
مَنْ مِثْلِ بَنْتِ رَفِيقِ أحمدَ فِي الْوَرَى *** طُهْراً، لَهُ مَحْضُ الثَّنَا يُتَنَخَّبُ
هي دُرَّةُ التَّاجِ الذِي دَانَتْ لَهُ *** تِيجَانُ مُلْكٍ فِي الذِي تَتَقَلَّبُ
وَلأَهْلِ إِيمَان هِي الأمُّ التي *** مِنْ فَضْلِكَ يَزْكُو النَّبَات ويُـعْشِبُ
نَشَأْتْ عَلَى الْخَلْقِ الْكَرِيمِ وَعُولِجَتْ *** كَالتِّبْرِ مِنْ فَوْق التُّرَابِ يُهَذَّبُ
نَزَلَتْ مِنَ الْهَادِي بِمَنْزِلِ وُلْدِهِ *** أَنْعِمْ بِهَا زَوْجاً وصَاحِبُهَا أَبُ
قَدْ أَحْرَزْتْ سَبْقاً بِسَاحِ لِدَاتِهَا *** فِي الْخَيْرِ، لَمْ تُلْحَقْ، وليسَتْ تُغْلَبُ
ذَاتُ الْعَفَافِ وَبِالْفَعَالِ صَدُوقَةٌ *** إِنَّ الْمَكَارِمَ لِلأَكَارِمِ تُوهَبُ
اللهُ شَرَّفَهَا وَعَظَّمَ قَدْرَهَا *** فِي: "النُّورِ"، وَالْقَلَمُ الْمُقَدَّسُ يَكْتُبُ
قالها خطاً ونطقاً المحبوس في سبيل عقيدته ودينه في سجون العلمانيين الظالمين أبو الفضل عمر الحدوشي بتاريخ:4-ربيع الثاني 1432 هـ.

طارق العائد
2013-05-04, 11:21
مقدمة المؤلف
الحمد لله العظيم الوهاب، الذي برأ عائشة في الكتاب، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله والأصحاب، وعلى من سار على هديهم إلى يوم الحساب، أما بعد:
فقد تتالى النعيق، وتعالى الشهيق -هذه الأيام، من بعض اللئام-، بوصم أم المؤمنين، بكل فعلٍ مشين!
قال -علامة الشيعة- المجلسي: "وعقيدتنا في التبرؤ أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، ومن النساء الأربع عائشة وحفصة وهند وأم الحكم ومن جميع أتباعهم وأشياعهم وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرؤ من أعدائهم".اهـ [حق اليقين: 519].
وقال أيضاً معلقاً على قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) [التحريم: 10] قال: "لا يخفى على الناقد البصير والفطن الخبير ما في تلك الآيات من التعريض، بل التصريح بنفاق عائشة وحفصة وكفرهما".اهـ [بحار الأنوار 22/33].
وأسند -المفسر الشيعي- العياشي إلى أبي عبد الله جعفر الصادق في تفسير قوله تعالى: (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً) قال: "التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً عائشة، هي نقضت إيمانها".اهـ [تفسير العياشي 2/269، والبرهان للبحراني 2/383، وبحار الأنوار للمجلسي 7/454].
وقال الزنجاني: "عائشة لم يثبت لها الإيمان".اهـ [عقائد الإمامية الاثني عشرية للزنجاني 3/89].
فليت شعري: لو كانت أم المؤمنين عائشة كما يصفون، وفيها ما يصمون، أكان الله تعالى سيُقر نبيه على حبها وقربها وكونه لها خير بعل؟! وهو تعالى الذي لم يُقر نبيه على

طارق العائد
2013-05-04, 11:23
ف النعل؟! فأرسل إليه جبريل خصيصاً ليخلع نعله في أثناء صلاته، فكيف لا يرسله ليفارق زوجه طيلة حياته ي ؟!
ولم يكتف هؤلاء، بهذا الهراء، بل زادوا الطين بِلة، وازدادوا نقضاً للملة، فرموا عائشة؛ بجريمة الفاحشة!
وليت شعري: إن كان أحدنا لا يصدق ذلك في أهله في ظل غياب الحكم بشريعة الرحمن، فكيف يصدقه في أفضل زوجة، لأفضل نبي، في أفضل نجاسةٍ الأزمان؟!
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم، ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: (ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟) قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا) أو قال: (أذى). [أخرجه أبو داود في سننه، وأحمد في مسنده، وصححه الألباني، وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال مسلم غير يزيد بن هارون فمن رجال الشيخين].
اجمع أهل العلم على أن عائشة أفضل زوجةٍ مات عنها النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "أنها أفضل امرأة مات عنها صلى الله عليه وسلم بلا خلاف".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص69].
ولكن اختلفوا في التفضيل بين عائشة وخديجة، فالبعض فضل خديجة، والبعض فضل عائشة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأفضل نساء الأمة: خديجة، وعائشة، وفاطمة. وفي تفضيل بعضهن على بعض نزاع".اهـ [مجموع الفتاوى 4/394].
والبعض توقف في ذلك، قال العماد ابن كثير رحمه الله: "والحق أن كلاً منهما لها من الفضائل ما لو نظر الناظر فيه لبهره وحيره، والأحسن التوقف في ذلك، ورد علم ذلك إلى الله عز وجل، ومن ظهر له دليل يقطع به، أو يغلب على ظنه في هذا الباب فذاك الذي يجب عليه أن يقول بما عنده من العلم، ومن حصل له توقف في هذه المسألة أو في غيرها فالطريق الأقوم، والمسلك الأسلم، أن يقول: الله أعلم".اهـ [البداية والنهاية 3/139]. وقال أيضاً: " وهي أشرف أمهات المؤمنين، حتى خديجة بنت خوليد أم البنات والبنين، في قول طائفة من العلماء السابقين واللاحقين، والأحسن الوقف فيهما رضي الله عنهما".اهـ [البداية والنهاية 1/599]. وقال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله بعد أن

طارق العائد
2013-05-04, 11:24
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أن زوجته أم أيوب قالت له: أما تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال: "بلى، وذلك الكذب، أكنتِ فاعلة ذلك يا أم أيوب؟!" قالت: لا والله. قال: "فعائشة والله خير منكِ".اهـ [رواه الطبراني، وسكت عنه الحافظ في الفتح 8/597].
وإنما الجزاء من جنس العمل، والبلاء فيهم قد حصل؛ فلما طعن القوم في عرض الطاهرة، صار الزنا عندهم أكبر ظاهرة!
كتبت مجلة (الشراع) الشيعية العدد (684) السنة (الرابعة) الصفحة الرابعة: "أن رفسنجاني أشار إلى ربع مليون لقيط في إيران بسبب زواج المتعة!".اهـ

ساق بعض فضائل عائشة: ".. وإن كان للصديقة خديجة شأوٌ لا يُلحق، وأنا واقفٌ في أيَّتِهما أفضل".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/140].
والبعض فصّل في التفضيل، فقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن خديجة وعائشة أمي المؤمنين، أيتهما أفضل؟ فأجاب رحمه الله: "بأن سبق خديجة، وتأثيرها في أول الإسلام، ونصرها، وقيامها في الدين، لم تشركها فيه عائشة، ولا غيرها من أمهات المؤمنين. وتأثير عائشة في آخر الإسلام، وحمل الدين، وتبليغه إلى الأمة، وإدراكها من العلم ما لم تشركها فيه خديجة، ولا غيرها مما تميزت به عن غيرها".اهـ [مجموع الفتاوى 4/393].
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع) [أخرجه مسلم].
عن عبد الله رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) [متفق عليه]. قال الإمام أبو زكريا الصرصري رحمه الله في منظومته:
وأمته خير القرون وخيرهم *** صحابته أزكى الأنام وأورع
زواج المتعة: عند الشيعة، ستار للزنا والخنا.. ابتدعوه ولفقوا له أحكاماً، كقولهم:
1 – إن الإيمان بالمتعة أصل من أصول الدين، ومنكرها منكر للدين! [انظر: من لا يحضره الفقيه 3/366، وتفسير منهج الصادقين 2/495].
2 – المتعة من فضائل الدين وتطفئ غضب الرب! [انظر: تفسير منهج الصادقين للكشاني 2/493].
3 – إن المتمتعة من النساء مغفور لها. [انظر: من لا يحضره الفقيه 3/366].

طارق العائد
2013-05-04, 11:26
وقد وُصفت مدينة (مشهد) الشيعية الإيرانية حيث شاعت ممارسة المتعة بأنها: "المدينة الأكثر انحلالاً على الصعيد الأخلاقي في آسيا".اهـ [مجلة الشراع، عدد: 684].
البغيُ يَصرعُ أهلَهُ *** والظلمُ مرتعُهُ وخيم!
وبتنا اليوم نسمع ونشاهد، حفنة من كل جاحد وحاسد، اجتمع فيها كُسير وعُوير، وثالث ما فيه خير! عمائم وطيلسان، ولحى للخداع والبهتان!
يحتفلون في يوم موت الصديقة، ويحلفون أنها في النار محروقة! ألا فشاهت تلك الوجوه الممحوقة..
سِيئَتْ وجوهُ المرجفِينَ، وقطِّعتْ *** أيدي النفاقِ، وأُخرسَ الجبناءُ
مـاذا يضـيرُ النجـمَ في عَليائهِ *** نَبـحٌ بغِيـضٌ في الثَّرى وعُواءُ
4 – المتعة من أعظم أسباب دخول الجنة! بل إنها توصلهم إلى درجة تجعلهم يزاحمون الأنبياء في مراتبهم في الجنة! [انظر: من لا يحضره الفقيه 3/366].
5 – حذروا من الإعراض عن التمتع، فقالوا: (من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجذع - أي مقطوع العضو)! [انظر: تفسير منهاج الصادقين 2/495].
6 – ليس هناك حد لعدد النساء المتمتع بهن، فيجوز للرجل أن يتمتع بمن شاء من النساء ولو بألف امرأة أو أكثر! [انظر: الاستبصار للطوسي 3/143، وتهذيب الأحكام 7/259].
7 – قالوا بجواز التمتع بالبكر ولو من غير إذن وليها ولو من غير شهود أيضاً! [انظر: شرائع الأحكام لنجم الدين الحلي 2/186، وتهذيب الأحكام 7/254].
8 – جوزوا إتيان المتمتع بها من دبرها! [انظر: الاستبصار للطوسي 3/243، وتهذيب الأحكام 7/514].
9 – يرون انه لا داعي لسؤال المرأة التي يتمتع بها إن كانت متزوجة أو كانت عاهرة!! [انظر: الاستبصار للطوسي 3/145، والكافي في الفروع 5/463].
10 – ويرون أيضاً أن الحد الأدنى لوقت المتعة ممكن أن يكون مضاجعة واحدة فقط ويسمون ذلك: (إعارة الفروج). [انظر: الاستبصار للطوسي 3/151، والكافي في الفروع 5/460].
11 – امـرأة الـمـتـعـة لا تَـرِث ولا تُـوَرِّث. [انظر: المتعة ومشروعيتها في الإسلام - لمجموعة من علماء الشيعة ص116-121، وتحرير الوسيلة للخميني، 2/288].

طارق العائد
2013-05-04, 11:27
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن يطعن في الصحابة، ويسب أمهات المؤمنين والقرابة: "قد ظهرت لله فيهم مَثُلات، وتواتر النقل بأن وجوههم تُمسخ خنازير في المحيا والممات".اهـ [انظر: الصارم المسلول على شاتم الرسول].
أولو الأحلام قد صاروا حيارى *** تُؤرِّقُهــم سماديرُ السُّكارى
بعد هذا وذاك، تقاطر الدمع باك، واعتصر الفوائد، وتحرك الساعد، وبُري القلم وحُبر الكاغد، لأجل أم المؤمنين عائشة، فاضت قريحتي الجائشة.
هَـام الفُؤَاد بِصَفحَتِي مُتَودِّدا *** وَبِحُـب أَم المُؤْمِنِين مُجَدِّدَا
فِي ذِكْرِ عَائِشَةَ الكَرِيْمَة جِئتُكُم *** أُبْدي المَحَبَّة أسْتَثِير المَقصِدَا
وكما أُثر عن عبد الله بن عبيد بن عُمير، أنه قال: "أما إنه لا يَحزنُ عليها إلا من كانت أُمه".اهـ [أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/78، وانظر: سير أعلام النبلاء 2/185].
فاستقرأت السيرة، وكتبت هذه الورقات اليسيرة، في بعض الخصائص والفضائل، وأردفتها بذيولٍ ومسائل، فلما اتصلت واكتملت، اسميتها: "الكُنَّاشة، في بعض خصائص عائشة".
يـا أيُّها القِـرطاسُ، سطِّرْ سِيرَةً *** عنْ عَائشٍ، ومُخضِّباً يُمْنَاكا
اُنثـرْ رَبِيعاً في خَريفِ غُصونِهمْ *** أَشعِلْ لهُمْ شَمْعَ الهُدىَ بِسَنَاكا
ازرَعْ وُروداً في مَشاتِلِ حِقدِهمْ *** لَن يَحصُدَ الباغِي سِوَى الأَشوَاكا!
وما هي إلا قطرة من مطرة، وغيض من فيض، وزهرة في حديقة، من خصائص الصديقة.. قال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
جاء في "المعجم الوسيط" ص800: "الكُنَّاشَةُ: الأصل تتشعب منه الفروع. والأوراق تُجعل كالدفتر تُقيّد فيها الفوائد والشوارد".اهـ
إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ *** بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعاني
وَسَبَقْتُهُن إلى الفَضَائِل كُلَّها *** فالسَّبْقُ سَبقي والعِنَانُ عِنَاني
وكما قال الله تعالى بعد حادثة الإفك: (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ). وقد قيل في الأمثال النافعة: "رب ضارة نافعة".
وإذا أراد الله نشر فضيلة *** طويت أتاح لها لسان حسودِ!
أبو سفيان السلمي

طارق العائد
2013-05-04, 11:32
تمهيد: ترجمة مختصرة، لأم المؤمنين المطهر
هي زوجة خير المرسلين، أم المؤمنين: أم عبد الله عائشة بنت أبي بكر الصديق؛ عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي.
قال الله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) [الأحزاب: 6]. قال العماد ابن كثير رحمه الله: "أي: في الحُرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام".اهـ [تفسير القرآن العظيم 3/578]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعائشة رضي الله عنها: "ما سميت أم المؤمنين إلا لتسعدي، وإنه لاسمك قبل أن تولدي".اهـ [أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/76].
وأُمَّهاتُ المؤمنينَ صَفوةُ النِّسَا *** لهُـنَّ كلُّ الحبِّ والتوقيرِ
مَدَحَهمْ ربُّ السماواتِ العُلا *** فَأعلَى شأنَهُم على الدُّهورِ
وأقر الشيعة بأن عائشة رضي الله عنها من أمهات المؤمنين اللاتي يجب احترامهن وتوقيرهن، قال أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي البغدادي فى كتابه "رسائل الشريف المرتضى، ج‏4": "والأم هاهنا عائشة، لقول اللَّه عز و جل: (النَّبِيُّ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ‏ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وفسر ذلك بتفسيرين: أحدهما أنه تعالى أراد أنهن يحرمن علينا كتحريم الأمهات، والآخر أنه يجب علينا من تعظيمهن وتوقيرهن مثلما يجب علينا في أمهاتنا. ويجوز أن يراد الأمران معا فلا تنافي بينهما".اهـ وفي تفسير الميزان للطباطبائي 16/277: "وقوله: (وأزواجه أمهاتهم) جعل تشريعي أي أنهن منهم بمنزلة أمهاتهم في وجوب تعظيمهن وحرمة نكاحهن بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)".اهـ
جاء في معجم ابن الأعرابي، وفي "الموضح" للخطيب البغدادي 1/321: أنها جاءت بسِقط فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وكناها به. ولكن في إسناده: داود بن المُحبَّر، قال الدارقطني عنه: "متروك".اهـ وقال الذهبي: "واهٍ".اهـ، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله عن هذا الأثر: "حديث لا يصح".اهـ [تحفة المودود]، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "لم يثبت".اهـ [الإصابة]، وقال الشيخ الألباني: "باطل".اهـ [السلسلة الضعيفة برقم: (4137)]، وقال ابن عمي الشيخ أحمد بن حجر: "هو موضوع".اهـ [مجموعة ابن حجر آل بو طامي البنعلي 4/384].
والصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كناها أم عبد الله بابن أختها أسماء: عبد الله بن الزبير، كما رواه أبو داود، والحاكم وقال: "صحيح الإسناد".اهـ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ولم تلد للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً على الصواب، وسألته أن تكتني فقال: (اكتني بابن أختك) فاكتنت أم عبد الله، وأخرج ابن حبان في صحيحه من حديث عائشة أنه كناها بذلك لما أحض

طارق العائد
2013-05-04, 11:33
فهي إذاً: زوجة خير الأنبياء، وابنة خير الأولياء؛ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ [أخرجه الترمذي وابن حبان والحاكم].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "كنا نُخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم".اهـ [أخرجه البخاري].
وفي رواية: "كنا لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان".اهـ
ولأبي داود من طريق سالم عن ابن عمر: "كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان".اهـ زاد الطبراني في رواية: "فيسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره".اهـ
لذلك فقد عد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله من خصائص عائشة رضي الله عنها: "كان أبوها أحبَّ الرجال إليه –أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم-، وأعزَّهم عليه".اهـ و"أن أباها أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد سُئل عن ذلك مالك فقال: وهل في ذلك شك؟!".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص67].
قال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
الله، وأخرج ابن حبان في صحيحه من حديث عائشة أنه كناها بذلك لما أحضر إليه ابن الزبير ليحنكه، فقال: (هو عبد الله، وأنت أم عبد الله).قالت: فلم أزل أكنى بها".اهـ [فتح الباري 7/136].
قد سمى بعض الأئمة من آل البيت بناتهم بـ"عائشة" تيمناً بأم المؤمنين عائشة، كالكاظم .. [انظر: الإرشاد 323، والبحار 48/287،303،320، وإعلام الورى 301].. والرضا .. [انظر: كشف الغمة 3/113، والبحار 49/222].. والهادي .. [انظر: إعلام الورى 349، والإرشاد 314، والبحار 50/231].
عَائشةٌ بنتُ الصِّدِّيقْ *** اسمٌ مِن نورٍ ورَحيقْ
ما أَكرَمها مِن مؤمنةٍ *** قد سارتْ في خيرِ طريقْ
انظر: الإصابة في تمييز الصحابة 4/144.

طارق العائد
2013-05-04, 11:37
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صَاحِبِ أَحْمَدٍ *** وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإِعلانِ
نَصَــر النبيَّ بمالِهِ وفِعالِه *** وخُـرُوجِـهِ مَعَهُ من الأوطانِ
وأمها أم رُومَان ابنة عامر بن عُويمر بن عبد شمس بن عتَّاب بن أُذينة بن سُبيع بن دهمان بن الحارث بن غَنم بن مالك بن كنانة الكنانية. أسلمت قديماً وهاجرت وتُوفيت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، عن القاسم بن محمد قال: "لما دُليتْ أم رومان في قبرها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من سَره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى هذه).
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "وعائشة ممن وُلِدَ في الإسلام.. وكانت تقول: لم أعقل أبويَّ إلا وهما يَدينان الدِّين".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/139].
وعد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله من خصائص عائشة رضي الله عنها: "لم ينكح النبي صلى الله عليه وسلم امرأةً أبواها مهاجران بلا خلاف سواها".اهـ وعد أيضاً: "أن أباها وجدَّها صحابيان".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص65-66].
فكانت رضي الله عنها، من أهل بيت مباركين، صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم سنين وسنين، وكانوا معه من المهاجرين..
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "هاجر بعائشة أبواها..".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/135].
هِيَ الْحَصَانُ الرَّزَانُ الطُّهْرُ سِيْرَتُهُا *** هِيَ الْعَفِيْفَـةُ فَوْقَ الشَّكِ وَالرِّيَبِ
تَيْمِيَّةُ الْأَصْلِ وَالصِّدِّيْقُ وَالِدُهَا *** وَالزُّوْجُ أَحْمَدُ يَا لَلْمَجْدِ وَالْحَسَبِ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "واختلف في اسمها، فقيل: زينب، وقيل: دَعد".اهـ [الإصابة في تمييز الصحابة 4/2692]. وفي "الروض" للسُّهيلي: "اسمها دعدة".اهـ
انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1881.
أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/202، والبخاري في تاريخه، وقال: "فيه نظر".اهـ

طارق العائد
2013-05-04, 11:41
اختارها الله للمختار، فشرفها بذلك مدى الأعصار.. عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم لست سنين، وبنى بي وأنا بنت تسع سنين".اهـ [متفق عليه].
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "ثبت في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست، وقيل: سبع. ويُجمع بأنها كانت أكملت السادسة، ودخلت في السابعة".اهـ [الإصابة في تمييز الصحابة 4/2573].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أرادت أمي أن تسمني لدخولي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم أقبل عليها بشيء مما تريد، حتى أطعمتني القثاء بالرطب فسمنت عليه كأحسن السمن".اهـ [أخرجه أبو داود].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأيُّ نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني؟!" [أخرجه مسلم].
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "وكانت العربُ تَستحبُّ لنسائها أن يُدخلنَ على أزواجهن في شوال".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/164].
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "وأقامت في صحبته ثمانية أعوام وخمسة أشهر، وتُوفي عليه الصلاة والسلام وهي ابنة ثماني عشرة سنة".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص44].
مَقَامُ عَائشَةٍ يَسْمُو عَلى الشُّهُبِ *** وَعِرْضُ عَائشَةٍ أَنْقَى مِنَ السُّحُبِ
فِي رَوْضِ أَحْمَدَ وَالصِّدِّيْقِ مَنْبِتُهُا *** اللّهُ بَرَّأَهَا فِي أَصْدَقِ الْكُتُبِ

قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "وتزوجها نبي الله قبل مُهاجرهِ بعد وفاة الصدِّيقة خديجة بنتِ خويلد".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/135].
قال الإمام النووي رحمه الله: "فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال، وقد نص أصحابنا على استحبابه، واستدلوا بهذا الحديث".اهـ [المنهاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 9/298].

طارق العائد
2013-05-04, 11:43
وكانت أم المؤمنين، تتوق شوقاً لأفضل الميادين، فعنها رضي الله عنها، أنها قالت: "قلت: يا رسول الله ألا نخرج فنجاهد معك، فإني لا أرى عملاً في القرآن أفضل من الجهاد؟ قال: (لا؛ جهادكن الحج المبرور وهو لكن جهاد). وفي رواية، قالت: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فقال: (جهادكن الحج).اهـ [أخرجه البخاري والنسائي وأحمد].
وعن أنس رضي الله عنه قال: "لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان.. تنقلان القرب على متونهما ثم تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانها في أفواه القوم".اهـ [متفق عليه]. وبوب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه على هذا الحديث: "باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال".اهـ [انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/96].
وكانت أم المؤمنين عائشة من الصائمات القائمات، المتصدقات المنفقات.. عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: "أن عائشة كانت تصوم الدهر".اهـ [أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/68، وانظر سير أعلام النبلاء 2/187].
وأخرج الإمام أحمد، بسنده في المسند: أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل على عائشة يوم عرفة، وهي صائمة، والماء يرش عليها، فقال لها عبد الرحمن: أفطري. فقالت: أفطر وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن صوم يوم عرفة يكفر العام الذي قبله)؟!
وعن عروة بن الزبير: أن معاوية بعث مرة إلى عائشة بمائة ألفِ درهم، فواللهِ ما أمست حتى فرَّقتها. فقالت لها مولاتُها: لو اشتريتِ لنا منها بدرهم لحماً؟ فقالت: ألا قُلت لي؟! [أخرجه أبو نعيم في الحلية 2/47، والحاكم في المستدرك 4/13، وانظر سير أعلام النبلاء 2/187].
وفي رواية عنه بلفظ: "أن عائشة كانت تسرد الصوم".اهـ أي: أنها كانت تصوم الأيام التي لم يرد في حقها النهي كالعيدين، وأيام الحيض..إلخ
أي: من شدة الحر.
بل كانت تصوم –رضي الله عنها- حتى في السفر .. [انظر المصنف 2/561].

طارق العائد
2013-05-04, 11:44
وعن أم ذَرَّة، قالت: "بعث ابنُ الزبير إلى عائشة بمال في غِرارتين، يكون مائة ألف، فدَعتْ بطبق، فجعلت تقسم في الناس، فلما أمست، قالت: هاتي يا جاريةُ فطوري. فقالت: يا أم المؤمنين، أما استطعتِ أن تشتري لنا لحماً بدرهم؟ قالت: لا تُعنِّفيني، لو أذكرتني لفعلت".اهـ [أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/67، وأبو نعيم في الحلية 2/47، وانظر سير أعلام النبلاء 2/187].
وعن عطاء: أنَّ معاوية بعث إلى عائشة بقلادة بمائة ألف، فقسمتها بين أمهات المؤمنين.اهـ [سير أعلام النبلاء 2/187].
وعن عروة، عن عائشة: أنها تصدقت بسبعين ألفاً؛ وإنها لترقعُ جانبَ درعها رضي الله عنها. اهـ[سير أعلام النبلاء 2/187].
وقال عروة: "فما كانت عائشة تستجدّ ثوباً حتى ترقع ثوبها وتكنسه".اهـ [أخرجه الترمذي].
تراهمُ جوفَ الليالِي سُجَّداً *** وصائمينَ في لظَى الهَجِيرِ
ويبذُلونَ في رضاهُ ما غَلا *** في سِلمِهمْ وَساحةِ النَّفيرِ
عاشت عائشة إلى آخر خلافة معاوية، ثم انتقلت إلى حياة النعيم الباقية.. قال هشام بن عروة، وأحمد بن حنبل، وخليفة بن خياط، وغيرهم: "تُوفيت سنة سبع وخمسين".اهـ وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى، والواقدي، وغيرهما: "سنة ثمان وخمسين".اهـ
عن سالم بن سبَلان: "انها ماتت في الليلة السابعة عشرة من شهر رمضان بعد الوتر. فأمرت أن تُدفن من ليلتها، فاجتمعَ الأنصار، وحضروا، فلم يُرَ ليلة أكثر ناساً منها. نزل أهل العوالي، فدُفنت بالبقيع".اهـ [أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/76-77، والحاكم في المستدرك 4/6، وانظر سير أعلام النبلاء 2/192-193].
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "وصلى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر".اهـ [الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1885].
انظر سير أعلام النبلاء 2/192.

طارق العائد
2013-05-04, 11:46
قال مسروق: "لولا بعضُ الأمر، لأقمتُ المناحةَ على أمِّ المؤمنين، يعني عائشة".اهـ [أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/78، وانظر سير أعلام النبلاء 2/185].
فصل: أن الله جلَّ في علاه، اختارها زوجة لرسوله ومصطفاه
إن الله تعالى قد شرف أم المؤمنين، فاختارها زوجة لخير المرسلين، وأي شرف فوق هذا الشرف، لمن تفكر جيداً وأنصف؟!
أَنْتِ اجْتَنَيْتِ ثِمَارَ الْمَجْدِ عَالِيَةً *** مِنْ دَوْحَةٍ لَمْ يُسَامِتْ فَرْعَهَا بَشَرُ
حِبُّ الرَّسُولِ وَمَنْ أَهْدَى لَهُ مَلَكًا *** فِي سَرقَةٍ حَسُنَتْ غَرَّاءَ تَخْتَمِرُ
أخرج البخاري في صحيحه: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُريتكِ في المنام مرَّتَين، إذا رجل يَحملكِ في سَرَقَة حرير فيقول: هذه امرأتُك، فأكشِفُها فإذا هي أنتِ. فأقول: إن يكن هذا من عند الله يُمضه).
من المقرر شرعاً: أن رؤيا الأنبياء وحي من الله؛ قال الله تعالى: (فلما بلغَ معهُ السعيَ قال يا بُني إني أرى في المنامِ أني أَذبحك) [الصافات: 102]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: "رؤيا الأنبياء وحي".اهـ واستدل بهذه الآية. [انظر: تفسير القرطبي رحمه الله].
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن عيني تنامان ولا ينام قلبي) [متفق عليه].
قال محمد بن كعب: "كانت الرسل يأتيهم الوحي من الله تعالى أيقاظاً ورقوداً؛ فإن الأنبياء لا تنام قلوبهم".اهـ [انظر: تفسير القرطبي رحمه الله].
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد، حدثنا أبو عبد الملك الكوندي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن إسرائيل بن يونس، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنها، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رؤيا الأنبياء في المنام وحي). قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه".اهـ [تفسير القرآن العظيم 4/20].
قال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله: "رؤيا الأنبياء وحي، حسبما بيناه في كتب الأصول و"شرح الحديث"؛ لأن الأنبياء ليس للشيطان عليهم في التخييل سبيل، ولا للاختلاط عليهم دَليل؛ وإنما قلوبهم صافية، وأفكارهم صقيلة، فما أُلقي إليهم، ونَفث به الملك في رُوعهم، وضرب المثل له عليهم: فهو حق".اهـ [أحكام القرآن 4/27].

طارق العائد
2013-05-04, 11:47
وفي رواية: (أُريتكِ في المنام يَجيء بكِ الملكُ في سَرَقةٍ من حرير، فقال لي: هذهِ امرأتك فكشفت عن وجهكِ الثوب، فإذا أنت هي، فقلت: إن يكُ هذا من عند الله يُمضه).
وفي رواية في الصحيح أيضاً: (أُريتك قبل أن أتزوجك مرتين: رأيت الملك يحملك في سَرَقة من حرير فقلت له اكشف فكشف فإذا هي أنت، فقلت: إن يكن هذا من عند الله يمضه. ثم أريتك يحملك في سرقة من حرير فقلت: اكشف فكشف فإذا هي أنت فقلت إن يكُ هذا من عند الله يمضه).
وأخرج أبو عيسى الترمذي: (أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة).
وكذلك جاء في رواية ابن حبان وغيره التصريح بأن الملك هو جبريل عليه السلام.. وفيها : (هي زوجتك في الدنيا والآخرة).
قال الإمام أبو العلا المباركفوري رحمه الله: "(زوجتك في الدنيا والآخرة) فيه: فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها".اهـ [تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 10/352].
وفي رواية عند الآجري من وجه آخر عن عائشة: (لقد نزل جبريل بصورتي في راحته حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجني).
وقال أيضاً: "وقد ثبت أن رؤيا الأنبياء وحي؛ لأن الرؤيا إما أن تكون من غلبة الأخلاط كما تقول الفلاسفة وتلك أخلاط، وأيها فليس لها بالأنبياء أخلاط.. وإما أن تكون من تلاعب الشيطان، فليس للشيطان على الأنبياء سبيل في تخييل ولا تلاعب، حسبما بيناه وقررناه ومهّدناه وبسطناه".اهـ [أحكام القرآن 4/28].
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أن رؤيا الأنبياء وحي، وأن عصمتهم في المنام كاليقظة".اهـ[فتح الباري 9/227].
وقال الإمام ابن هشام رحمه الله: "أن الوحي من الله يأتي الأنبياء أيقاظاً ونياماً. قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم –فيما بلغني- يقول: (تنام عيناي، وقلبي يَقظان)".اهـ [السيرة النبوية 2/44].
في نسخة من الصحيح: (فإذا هي أنت).
أي: في رواية ابن حبان.

طارق العائد
2013-05-04, 11:48
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ويجمع بين هذا وبين ما قبله بأن المراد أن صورتها كانت في الخرقة، والخرقة في راحته، ويحتمل أن يكون نزل بالكيفيتين، لقولها في نفس الخبر (نزل مرتين)".اهـ [فتح الباري، شرح صحيح البخاري 9/227].
هي الحبيبة والمختار صاحبهـا *** وفي السماء علت طهرا وتنزيها
على الحرير أتى جبريل يحملها *** إلى الرسول من الرحمن يهديها
وأخرج الحاكم في "المستدرك 4/5 عن عروة قال: (لما ماتت خديجة حزن عليها النبي صلى الله عليه و سلم، فأتاه جبريل عليه السلام بعائشة في مهد فقال: يا رسول الله هذه تذهب ببعض حزنك وإن في هذه لخلفاً من خديجة ثم ردها، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلف إلى بيت أبي بكر ويقول: يا أم رومان استوصي بعائشة خيرا واحفظيني فيها، فكان لعائشة بذلك منزلة عند أهلها، ولا يشعرون بأمر الله فيها، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض ما كان يأتيهم وكان لا يخطئه يوم واحد إلا أن يأتي بيت أبي بكر منذ أسلم إلى أن هاجر فيجد عائشة متسترة بباب أبي بكر تبكي بكاء حزينا، فسألها فشكت أمها وذكرت أنها تولع، فدمعت عينا رسول الله فدخل على أم رومان فقال: يا أم رومان ألم أوصك بعائشة أن تحفظيني فيها فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها بلغت الصديق عنا وأغضبته علينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن فعلت. قالت أم رومان: لا جرم لا سوتها أبدا..).
وأخرج الحاكم أيضاً في مستدركه 4/10 عن عبد الرحمن بن الضحاك أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟ قال: نعم يا أم المؤمنين. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟ قالت: خلال تسع لم تك لأحد من النساء قبلي إلا ما آتى الله مريم بنت عمران والله ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟
جاء في رواية غريبة: "أن طول تلك الخرقة ذراعان، وعرضها شبرٌ". ذكره الخطيب البغدادي رحمه الله في "تاريخ بغداد" من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.
وهنا سؤال يطرح نفسه: هل حفظ الشيعة النبي صلى الله عليه وسلم في عائشة؟! حين يطعنون في عرضه؟! قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب: 57].

طارق العائد
2013-05-04, 11:49
فعددتها، وذكرت منها: "جاء الملك بصورتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.." [قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
قال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
زَوْجي رَسولُ الله لَمْ أرَ غَيْرَهُ *** الله زَوَّجَني به وحَبَاني
وأتاهُ جِبريلُ الأمينُ بِصُورتي *** فَأحَبَّني المُخْتَار حِينَ رَآني
قال الإمام أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله في كتاب "فتوح الفتوح" ص35: "افتخرت زينب على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: "كلكن زوجها أبوها وأنا زوجني ربي". تشير إلى قوله: (زَوَّجنَاكَها) [الأحزاب: 37]، وأنا أتوب، فقال: يا زينب لقد صدقت، ولقد شاركتكِ عائشة في أن الله تعالى بعث صورتها في سَرقة من حرير مع جبريل، فجَلاَّها فقال: (هذه زوجتك)، فهذا تزويج مطويّ في سرِّ القدر ظهر أثره يوم عقد العقد، غير أن عائشة كانت من اختيار الله لرسوله، وكنت يا زينب من اختيار الرسول لنفسه".اهـ
فمن طعن في أم المؤمنين، فإنما يطعن في اختيار رب العالمين!
وكيفَ يصحُّ فيها قولُ غاوٍ *** وعندَ اللهِ قدْ عُقِدَ القِرانُ؟!
بَغِيضٌ مَن يسيءُ لها بَغِيضٌ *** عليهِ مِـن الخَنا والإثمِ رَانُ

طارق العائد
2013-05-04, 11:50
تذييل: اختيارها لله والرسول، وانصياعها التام والقبول
كما أن الله تعالى قد اختار عائشة زوجة لرسوله صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فإنها رضي الله عنها قد اختارت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة.
ما غرها زخرف الدنيا وزينتها *** واختارت الله والـمبعوث هاديها
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)) [الأحزاب].
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه، بدأ بي، فقال: ( إني ذاكرٌ لك أمراً، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك). قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: إن الله جل ثناؤه قال: (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها) إلى (أجراً عظيماً). قالت: فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبوي، فإني أريدُ الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت".اهـ [متفق عليه].
وفي رواية محمد بن عمرو: "فقلت: فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ولا أؤامر أبوي أبا بكر وأم رومان، فضحك".اهـ وفي رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه عند الطبري: "ففرح".اهـ
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "وفي الحديث ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه وحمله عنهن وصبره على ما كان يصدر منهنَّ من إدلال وغيره مما يبعثه عليهن الغيرة. وفيه فضل عائشة لبداءته بها، كذا قرره النووي.. وفيه منقبة عظيمة لعائشة وبيان كمال عقلها وصحة رأيها مع صغر سنها".اهـ [فتح الباري، شرح صحيح البخاري 8/663].
وعد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله من خصائص عائشة رضي الله عنها: "أنها خُيِّرت واختارت الله ورسوله على الفور، وكُنَّ تبعاً لها في ذلك".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص49].

طارق العائد
2013-05-04, 11:51
ولا يمكن للشيعة، أن تقول بخلاف هذه الواقعة، فـ"عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل إذا خير امرأته، فقال: إنما الخيرة لنا ليس لأحد، وإنما خير رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمكان عائشة، فاخترن الله ورسوله، ولم يكن لهن أن يخترن غير رسول الله (صلى الله عليه وآله)".اهـ . [بحار الأنوار للمجلسي 22/213].
و"عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: خير رسول الله (عليه السلام) نساءه فاخترنه ..، قال: فقلت له: لو اخترن أنفسهن؟ قال: فقال لي: ما ظنك برسول الله (صلى الله عليه وآله) لو اخترن أنفسهن أكان يمسكهن؟!".اهـ [بحار الأنوار للمجلسي 22/214].
فهذا إقرار، بأن عائشة لم تختر غير المختار، إذ لو اختارت الدنيا وزينتها، لفارقها وسرحها! وقد ذكر الشيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "تزوج فاطمة بنت الضحاك بعد وفاة ابنته زينب، وخيرها حين أنزلت آية التخيير فاختارت الدنيا وفارقها، فكانت بعد ذلك تلقط البعر وتقول: أنا الشقية اخترت الدنيا".اهـ [إعلام الوَرى بأعلام الهُدى للطبرسي 1/279].
وجاء في "بحار الأنوار" للمجلسي 22/182: "(ترجي من تشاء) نزلت حين غار بعض أمهات المؤمنين على النبي (صلى الله عليه وآله) وطلب بعضهن زيادة النفقة، فهجرهن شهرا حتى نزلت آية التخيير، فأمره الله أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة، وأن يخلي سبيل من اختار الدنيا، ويمسك من اختار الله تعالى ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين ولا ينكحن أبدا، وعلى أنه يؤوي من يشاء منهن، ويرجي من يشاء منهن ويرضين به قسم لهن أو لم يقسم أو قسم لبعضهن ولم يقسم لبعضهن، أو فضل بعضهن على بعض في النفقة والقسمة والعشرة، أو سوى بينهن، والأمر في ذلك إليه، يفعل ما يشاء، وهذا من خصائصه فرضين بذلك كله واخترنه على هذا الشرط، فكان (صلى الله عليه وآله) يسوي بينهن مع هذا إلا امرأة منهن أراد طلاقها وهي سودة بنت زمعة فرضيت بترك القسم، وجعلت يومها لعائشة، عن ابن زيد وغيره، وقيل: لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقن فقلن: يا نبي الله اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ودعنا على حالنا، فنزلت الآية، وكان ممن أرجى منهن سودة وصفية وجويرية وميمونة وأم حبيبة، فكان يقسم لهن ما شاء كما شاء، وكان ممن آوى إليه عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب، وكان يقسم بينهن على السواء، لا يفضل بعضهن على بعض..".اهـ
هذه القصة ضعيفة لا تصح.. انظر: فتح الباري 8/663-664.

طارق العائد
2013-05-04, 11:52
فصل: أنها البكر الوحيدة، بين الزوجات العديدة
إن مما اختصت به أم المؤمنين عائشة دون سائر الأمهات، أنها البكر الوحيدة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وهنَّ ثيبات..
قال الله تعالى: (ثيباتٍ وأبكاراً) [التحريم: 5]. قال العلامة ابن عاشور رحمه الله: "وتقديم وصف: (ثيبات) لأن أكثر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجهن كن ثيبات".اهـ [التحرير والتنوير 28/324].
قال الإمام أبو زكريا الصرصري رحمه الله في منظومته:
وأتحفه بالبكر عائشة التي *** براءتها في سورة النور تسمع
بوب الإمام البخاري في صحيحه: "باب نكاح الأبكار" وأخرج فيه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: "يا رسول الله أرأيتَ لو نزلت وادياً، وفيه شجرة قد أُكل منها ووجدت شجراً لم يُؤكل منها في أيها كنت تُرتعُ بعيرَك؟ قال: (في التي لم يُرتَع منها). يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها".
وزاد أبو نعيم: قال صلى الله عليه وسلم: (في الشجرة التي لم يرتع منها) قالت: "فأنا هيه".
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "في هذا الحديث مشروعية ضرب المثل، وتشبيه شيء موصوف بصفة بمثله مسلوب الصفة، وفيه بلاغة عائشة وحسن تأنيها في الأمور، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (في التي لم يرتع منها) أي أوثر ذلك في الاختيار على غيره، فلا يرد على ذلك كون الواقع منه أن الذي تزوج من الثيبات أكثر، ويحتمل أن تكون عائشة كنَّت بذلك عن المحبة، بل عن أدق من ذلك".اهـ [فتح الباري، شرح صحيح البخاري 9/152].
أخرج الحاكم في مستدركه 4/10 عن عبد الرحمن بن الضحاك أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟ قال: نعم يا أم المؤمنين. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟ قالت: خلال تسع لم تك لأحد من النساء قبلي إلا ما آتى الله مريم بنت عمران والله ما أقول

طارق العائد
2013-05-04, 11:56
هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟
فعددتها، وذكرت منها: "..وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع سنين وأهديت إليه وأنا ابنة تسع سينن وتزوجني بكراً لم يشركه في أحد من الناس.." [قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
وفي رواية: عن عبد الملك بن عمير قال: قالت عائشة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: فُضلت عليكن بعشر ولا فخر:
فذكرت منها: "وابتكرني ولم يبتكر غيري، وتزوجني لسبع، وبنى بي لتسع..".اهـ
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما ماتت خديجة، جاءت خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول الله، ألا تزوَّجُ؟ قال: (ومن؟) قالت: إن شئت بكراً، وإن شئت ثيباً؟ قال: (من البكر ومن الثيب؟) قالت: أما البكر، فعائشة ابنةُ أحب خلق الله إليك، وأما الثيب، فسَودة بنت زَمعة، قد آمنت بك واتبعتك. قال: اذكريهما عليّ. قالت: فأتيتُ أمَّ رُومان فقلت: يا أم رومان، ماذا أدخل اللهُ عليكم من الخير والبركة، قالت: ماذا؟ قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر عائشة. قالت: انتظري، فإن أبا بكر آتٍ. فجاء أبو بكر، فذكرت ذلك له. فقال: أوتصلحُ له وهي ابنةُ أخيه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا أخوه وهو أخي، وابنته تصلحُ لي)..".اهـ الحديث
وفي رواية عند البخاري عن عروة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عائشة إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: "إنما أنا أخوك!" فقال له: (أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حلال)".
إسناده حسن كما قال الحافظ في "الفتح" 7/176، وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/225، وقال: "رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث".اهـ وانظر "المسند" 6/210-211، و"طبقات ابن سعد" 8/57.

طارق العائد
2013-05-04, 11:56
قال الإمام ابن هشام رحمه الله: "ولم يتزوج بكراً غيرها، وزوجها له أبوها أبو بكر الصديق، وأصدقها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مائة درهم".اهـ [السيرة 4/301].
وعن ابن أبي مليكة: "أن ابنَ عباس رضي الله عنها استأذن على عائشة، وهي مغلوبة –أي: مريضة-، فقالت: أخشى أن يُثني عليَّ. فقيل: ابنُ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن وجوه المسلمين. قالت: ائذنوا له. فقال: كيف تَجِدِينَك؟ فقالت: بخير إن اتقيتُ. قال: فأنتِ بخيرٍ إن شاء الله، زوجةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج بِكراً غيرك، ونزل عُذرك من السماء".اهـ [أخرجه البخاري].
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "لم ينكح صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها".اهـ [الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1882].
وقال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: "تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة.. وهي بكر".اهـ [أسد الغابة في معرفة الصحابة 5/494].
وقال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/140].
وقال العماد ابن كثير رحمه الله: "ولم يتزوج بكراً غيرها".اهـ [البداية والنهاية 1/599].
وقال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
أنا بِكْرُه العَذْراءُ عِنْدي سِرُّهُ *** وضَجيعُهُ في مَنْزِلي قَمَرانِ
وقال الإمام أبو محمد القحطاني رحمه الله في نونيته:
هي زوجُ خيرِ الأنبياء وبِكرُهُ *** وعرُوسُهُ من جُملةِ النسوانِ
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (رحم الله أبا بكر، زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالاً من ماله) [أخرجه الترمذي].

طارق العائد
2013-05-04, 11:57
وقال ابن عمي الشيخ أحمد بن حجر البنعلي رحمه الله: "عقد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة من بعثته، ودخل بها بالمدينة في السنة الثانية من الهجرة وهي بنت تسع سنين، وكانت بكراً، ولم يتزوج بكراً غيرها".اهـ [مجموعة ابن حجر آل بو طامي البنعلي 8/338].
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "فإن قلت: كيف حث على نكاح الأبكار وتزوج من الثياب أكثر؟
فيه أربعة أجوبة: قلت:
1 - تقليلا للاستلذاذ لأن الأبكار أعذب أفواها، ولذلك قال: (فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك) .
2 - وتكثيرا لتوسعة الأحكام؛ إذ هن بالفهم والتبليغ أعلق.
3 - وجبرا لما فاتهن من البكارة كما قدمن في قوله تعالى: (ثيبات وأبكارا) [التحريم: 5].
4 - أو للإشارة إلى تعظيم عائشة وتمييزها بهذه الفضيلة وحدها دونهن لئلا تشارك فيها فكأنها في كفة و هن في كفة أخرى".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص49].
متفق عليه.

طارق العائد
2013-05-04, 11:58
تذييل: يومان وليلتان
لقد أنعم الله تعالى على عائشة بوافر النعم، فحباها يومين وليلتين في القسم، وذلك لتنازل أم المؤمنين سودة بنت زمعة، فأكرم بها من منقبة لعائشة ورفعة..
أخرج الشيخان: "أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة".اهـ
وفي رواية: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ
وفي رواية مسلم: "لما أن كبُرت سودة وهبت".اهـ
وعن عروة قال: قالت عائشة: "يا ابن أختي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا، وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله يومي لعائشة فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها".اهـ[أخرجه أبو داود، وصححه الألباني].
أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس القرشية العامرية.. صح عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: "ما من الناس أحد أحبّ إلي أن أكون في مِسلاخه من سودة".اهـ [انظر الإصابة 4/2547].
عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يسهم بين نسائه فكان إذا خرج سهم غيري عُرف فيه الكراهية".اهـ [الطبقات لابن سعد 8/170]. وعن عائشة قالت: "وما قدم من سفر قط فدخل على أحد من أزواجه أوّل مني، يبتدئ القسم فيما يستقبل من عندي".اهـ [المصدر السابق].
وفي رواية: (من غير وقاع).

طارق العائد
2013-05-04, 11:59
وأخرج الترمذي بسند حسن –كما قال الحافظ- عن ابن عباس قال: "خشيت سودة أن يطلقها النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تطلقني وأمسكني واجعل يومي لعائشة ففعل، فنزلت: (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير)".اهـ
وقد أقر الشيعة، بهذه المكانة الرفيعة، إذ خصت أم المؤمنين، بيومين وليلتين؛ حيث جاء في "إعلام الوَرى بأعلام الهُدى" للطبرسي 1/280: "مات رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن عشر، واحدة منهنّ لم يدخل بها. وقيل: عن تسع: عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وأم حبيبة، وزينب بنت جحش، وميمونة، وصفيّة، وجويرية، وسودة. وكانت سودة قد وهبت ليلتها لعائشة حين أراد طلاقها، وقالت: لا رغبة لي في الرجال وإنّما أريد أن اُحشر في أزواجك".اهـ
وتأمل في اختيار سودة لعائشة بالذات، وإيثارها على الذات، براً للنبي صلى الله عليه وسلم ومرضاة.. وكما تقدم في الحديث أنها: "تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم".
انظر الإصابة 4/2547.

طارق العائد
2013-05-04, 12:00
فصل: أنها أحب الناس، إلى حبيب رب الناس
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحب عائشة حباً عظيماً، ويقدمها في الود تقديماً، فهي أحب الناس إلى قلبه، وأحرى الناس بمودته وقربه..
خَيْرُ الأَنَامِ حَلِيلُكُمْ وَكَفَى *** فَخْـرًا بِأَنَّ يَدَيْهِ تَرْعَاكِ
فِي حُبِّهِ قَدْ حُزْتِ مَنْزِلَةً *** مَا حَازَهَا - وَاللهِ - إِلاَّكِ
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "أول حب كان في الإسلام حبّ النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها".اهـ [حلية الأولياء 2/44].
عن أبي عثمان أخبرني عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة) قلت: من الرجال؟ قال: (أبوها) قلت: ثم من؟ قال: (عمر بن الخطاب) فعد رجالاً. [متفق عليه].
قلنا "حبيب رب الناس" تجوزاً في المعنى، وإلا فهو بأبي وأمي خليل الله، كما جاء في حديث جندب بن عبد الله مرفوعاً: (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم) [رواه مسلم].
ولفظ: "الناس" عام، لذلك قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "وذهب بعض العلماء إلى أنها –أي: عائشة- أفضل من أبيها. وهذا مردود، وقد جعل الله لكل شيء قدراً".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/140]. وقد ذهب الإمام ابن حزم رحمه الله إلى أن عائشة رضي الله عنها أفضل من العشرة المبشرين بالجنة، ورد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" 4/395-396.
كما أن عائشة أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي أيضاً أحب الناس إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "يا عائشة: إنه ليس أحد من أهلي أحب إليَّ منك".اهـ [انظر: صفة الصفوة 1/266].
قال الإمام النووي رحمه الله: "واتفق أهل السنة على أن أفضلهم أبو بكر، ثم عمر. قال جمهورهم: ثم عثمان، ثم علي".اهـ [المنهاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 8/165]. وقال أبو منصور البغدادي: "أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة على الترتيب المذكورة، ثم

طارق العائد
2013-05-04, 12:02
وفي حديث أنس عند ابن حبان: "سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك؟ قال: (عائشة)، قيل له: ليس عن أهلك نسألك"..
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "وهذا خبرٌ ثابت على رغم أنوف الرَّوافض، وما كان عليه السلام ليُحبَّ إلا طيِّباً".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/142].
وروي عن عروة أنه قال: إن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف حبك لي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كعقدة الحبل.. فكنت أقول: كيف العقدة يا رسول الله؟! فيقول: هي على حالها. [حلية الأولياء 2/44].
وروي عن ربيعة بن عثمان أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة: (لأنت أحب إلي من زبد بتمر). [رواه ابن سعد في الطبقات 8/79].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) [رواه الجماعة إلا أبا داود].
وفي رواية عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (..وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام).
"قال التوربشتي: قيل: إنما مثل الثريد؛ لأنه أفضل طعام العرب، ولا يرون في الشبع أغنى غناء منه. وقيل: إنهم كانوا يحمدون الثريد فيما طبخ بلحم. وروي: (سيدُ الطعام
تمام العشرة، ثم أهل بدر، ثم أحد، ثم بيعة الرضوان..".اهـ وقال الإمام أبو زكريا الصرصري رحمه الله في منظومته ص61:
وأبطال بدر فضلهم غير منكر *** بأفضل ثوب في الجهاد تدرعوا
وفي بيعة الرضوان فضل لأهلها *** وتفضيل أهل البيت ما ليس يدفع
قال ابن عمي الشيخ أحمد بن حجر البنعلي رحمه الله: "قيل لا يصح، وفي إسناده رجلان ليسا بشيء هما خالد بن يزيد وزكريا بن منظور، وأحسب البلاء ممن دونهما، فالسند إلى خالد مظلم، وفي السند إلى زكريا، الحسن بن عثمان كذاب يضع".اهـ [مجموعة ابن حجر آل بو طامي البنعلي 4/384].

طارق العائد
2013-05-04, 12:03
اللحم) فكأنها فضلت على النساء، كفضل اللحم على سائر الأطعمة".اهـ [تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 10/356].
وقال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "وأراد بالثريد اللحم. كذلك رواه معمر في "جامعه" مفسّراً عن قتادة -وأبان يرفعه- فقال فيه: كفضل الثريد باللحم. ووجه التفضيل من هذا الحديث أنه قال في حديث آخر: (سيد أدوم الدنيا والآخرة اللحم) مع أن الثريد إذا أُطلق لفظه، فهو ثريد اللحم، أنشد سيبويه:
إذا ما الخبز تأَدمه بلحمٍ *** فذاك -أمانةُ اللهِ- الثريدُ".
وقال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري رحمه الله: "الثريد:.. وكان أفضل طعام في زمنه صلى الله عليه وسلم، وسياق الحديث يقتضي فضيلة عائشة على سائر النساء مطلقاً".اهـ [منة المنعم في شرح صحيح مسلم 4/101-102].
ومن المعلوم لدى كل عالم رشيد؛ أن أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثريد؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثريد..". [رواه أبو داود، وقال المنذري: في إسناده رجل مجهول].
قال الإمام أبو العلا المباركفوري رحمه الله: "والسر فيه: أن الثريد مع اللحم جامع بين الغذاء، واللذة، والقوة، وسهولة التناول، وقلة المؤونة في المضغ، وسرعة المرور في المريء، فضرب به مثلاً، ليؤذن بأنها –أي: عائشة- أعطيت مع حسن الخلق، والخلق، وحلاوة النطق، فصاحة اللهجة، وجودة القريحة، ورزانة الرأي، ورصانة العقل، والتحبب إلى البعل، فهي تصلح للتبعل، والتحديث، والاستئناس بها، والإصغاء إليها..".اهـ [تحفة الأحوذي، بشرح جامع الترمذي 10/356-357].
وأخرج الحاكم في مستدركه 4/10 عن عبد الرحمن بن الضحاك أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟ قال: نعم يا أم المؤمنين. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟ قالت: خلال تسع لم تك لأحد من النساء قبلي إلا ما آتى الله مريم بنت عمران والله ما أقول
قلت: رواه ابن ماجة بلفظ: (سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم)، وهو ضعيف جداً.
الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص70.

طارق العائد
2013-05-04, 12:04
هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟
فعددتها، وذكرت منها: "وكنت من أحب الناس إليه.." [قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
وفي رواية: قالت عائشة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: "فُضلت عليكن بعشرٍ ولا فخر: كنت أحبَّ نسائه إليه، وكان أبي أحبَّ رجاله إليه".. [قال الذهبي: هذا حديث صالح الإسناد، ولكن فيه انقطاع].
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "كانت أحدث نسائه سناً، وأحبَّ نسائه إليه".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص51].
وقال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "ولا أحبَّ امرأةً حُبها".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/140].
وقال العماد ابن كثير رحمه الله: "وأما عائشة فإنها أحبَّ أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه".اهـ [البداية والنهاية 1/599]. وقال أيضاً: "ولم يكن الرسول صلى الله علية وسلم يحب أحداً من نسائه كمحبته إياها".اهـ [البداية والنهاية 3/139].
وقال الإمام أبو محمد القحطاني رحمه الله في نونيته:
هي عِرسُهُ هي أُنسه هي إلفُهُ *** هي حِبُّهُ صِدقاً بلا أدهانِ
ومن تمام صدق محبة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، أنه كان يمرض لمرضها، ويألم لألمها:
فقد أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "وارأساه" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل أنا وارأساه).
وفي رواية عند أحمد والنسائي وابن ماجة: عن عائشة قالت: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنازة من البقيع. فوجدني وأنا أجد صداعاً في رأسي. وأنا أقول: "وارأساه". فقال: (بل أنا يا عائشة وارأساه).

طارق العائد
2013-05-04, 12:05
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "فيه إشارة للغاية في الموافقة. حتى تألم بألمها، فكأنه أخبرها بصدق محبتها حتى واساها في الألم".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص76].
وكما قيل:
مرض الحبيب فعدتـه *** فمرضت من حذري عليهِ
فأتى الحبيـب يعودني *** فبـرأت من نظري إليـهِ
ومن تمام صدق محبة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها أيضاً: أنه كان يراضيها إذا وجدت في نفسها:
فعن النعمان بن بشير أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لعائشة: يا بنت فلانة، ترفعينَ صوتكِ على رسول الله صلى الله عليه وسلم! فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها، ثم خرج أبو بكر، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يترضَّاها، وقال: (ألم تريني حُلتُ بين الرجلِ وبينك).اهـ [أخرجه أبو داود، وأبو نعيم، وغيرهما، وقال الأرنؤوط: إسناده قوي].
لذلك فقد عد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله من خصائص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت تغضب فيترضَّاها، ولم يثبت ذلك لغيرها".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص69].
ومن تمام صدق محبة النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها أيضاً: أنه كان يأخذ بخاطرها دائماً:
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "ما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بابي يوماً قط، إلا قال كلمة تقر بها عيني".اهـ [رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده 8/319].
وقد تقدم: دمع عينيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لبكاء عائشة رضي الله عنها، فيما رواه الحاكم في مستدركه.

طارق العائد
2013-05-04, 13:24
وعنها رضي الله عنها، قالت: "..قام إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل ما بين عيني وقال: (جزاكِ الله يا عائشة خيراً، ما سررت مني، كسروري منك)".اهـ [حلية الأولياء 2/49].
ولم يكن حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها خفياً، بل كان بادياً جلياً:
أخرج البخاري ومسلم، أنه: (كان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة).
وفي رواية: (أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، يبتغون بذلك مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وأخرج الحاكم في "مستدركه" 4/8 من جهة مصعب بن سعد قال فرض عمر لأمهات المؤمنين عشرة آلاف وزاد عائشة ألفين وقال: "إنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وفي رواية عن سعد: ".. فإن عمر قال: أفضلها بألفين لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها". [المستدرك 4/8].
وعن ذكوان مولى عائشة قال: "قَدِم دُرجٌ من العراق، فيه جوهرٌ إلى عمر، فقال لأصحابه: تَدرُونَ ما ثمنُه؟ قالوا: لا. ولم يدروا كيف يَقسِمُونه، فقال: أتأذنُون أن أُرسل به إلى عائشةَ، لِحُبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها؟ قالوا: نعم. فبعث به إليها. فقالت: ماذا فُتِحَ على ابنِ الخطاب بعد رسول الله؟ اللهم، لا تُبْقِني لعطيته لقابل".اهـ [أخرجه الحاكم في المستدرك 4/8، وانظر سير أعلام النبلاء 2/190].
وعن عاصم بن كُليب، عن أبيه، قال: "انتهينا إلى عليٍّ رضي الله عنه، فذكر عائشة، فقال: خليلةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ

أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/67، وانظر الإصابة 4/2575.
الدرج: بضم فسكون: السفط وعاء الجوهر.

طارق العائد
2013-05-04, 13:24
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "هذا حديث حسن.. وهذا يقوله أمير المؤمنين في حقِّ عائشة مع ما وقع بينهما، فرضيَ اللهُ عنهما".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/176-177].
وعن عمرو بن غالب أن رجلاً نال من عائشة رضي الله عنها عند عمار بن ياسر رضي الله عنه، فقال: "اغرب مقبوحاً منبُوحاً، أتُؤذي حبيبة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم". [أخرجه الترمذي برقم 3888، وابن سعد في الطبقات 8/65، وأبو نعيم في الحلية 2/44].
قال الإمام أبو العلا المباركفوري رحمه الله: "(أتُؤذي حبيبة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم) يعني: عائشة الصديقة رضي الله عنها".اهـ [تحفة الأحوذي، بشرح جامع الترمذي 10/357].
وأخرج الحاكم في مستدركه 4/13-14 بإسناد صالح –كما قال الذهبي- عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت عن عائشة: "واللهِ لقد كانت أحبَّ الناسِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلاَّ أباها".اهـ
وعن أبي قيس مولى عمرو، قال: "بعثني عبد الله بن عمرو إلى أم سلمة: سلها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وهو صائم؟ فإن قالت: لا. فقل: إن عائشة رضي الله عنها تُخبر الناس أنه كان يُقبل وهو صائم. فقالت: "لعله أنه لم يكن يَتَمالكُ عنها حُبَّاً، أما إياي، فلا".اهـ [أخرجه أحمد 6/296، وقال الأرنؤوط: سنده جيد].
وكان مسروق إذا حدث عن عائشة قال: "حدثتني الصدِّيقة بنت الصدِّيق، حبيبة حبيب الله، المبرَّأةُ من فوق سبع سماوات، فلم أكذبها".اهـ [حلية الأولياء 2/44، وسير أعلام النبلاء 2/181، والإصابة 4/2574].
إذا قالتْ حذام فصدقوها *** فإنَّ القولَ ما قالت حذام ووقفت على هذه الرواية في "الإصابة" 4/2575 بلفظ: "أعزب".اهـ
انظر: سير أعلام النبلاء 2/191.
وهو من قول يسم بن طارق، وقيل: لجيم بن صعب، وحذام اسم زوجته.

طارق العائد
2013-05-04, 13:25
وعن عامر الشعبي قال: أتاني رجل فقال لي: "كل أمهات المؤمنين أحب إليّ من عائشة". قلت: "أما أنت فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كانت عائشة أحبهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ [المستدرك 4/12].
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "وأحبها حُبّاً شديداً كان يتظاهرُ به".اهـ وقال أيضاً: "وحُبه عليه السلام لعائشةَ كان أمراً مستفيضاً".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/142].
وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيب الله صلى الله عليه وسلم".اهـ [معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول 3/1197].
مَثِيلةُ الصدِّيقِ في نقائهِ *** دُرٌّ مَصُونٌ في حِمَى البَشيرِ
حبيبةُ الحَبيبِ، في خِبائهِ *** قد رَوِيَتْ من عذبهِ النَّمِيرِ
بل لم يكن يخفى حب النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين، حتى على الشيعة المكابرين، فالشمس لا تُحجب بغربال، والتاريخ لا يُستر بتلفيق الرجال!
روى –علامة الشيعة- المجلسي عن علي رضي الله عنه أنه قال: "دخلت السوق فابتعت لحما بدرهم وذرة بدرهم فأتيت بهما فاطمة حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت: لو أتيت أبي فدعوته. فخرجت وهو مضطجع يقول: أعوذ بالله من الجوع ضجيعا، فقلت: يا رسول الله عندنا طعام فاتكأ علي ومضينا نحو فاطمة فلما دخلنا قال: هلمي من طعامنا ثم قال: اغرفي لعائشة فغرفت". [بحار الأنوار 17/232، 18/30].
وفي رواية للحميري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما تغدى عند فاطمة قال لها أول ما قال: اغرفي لعائشة".اهـ [قرب الإسناد للحميري ص137].

طارق العائد
2013-05-04, 13:26
تذييل: حب عائشة فرض لازم، على كل من أحب أبا القاسم
لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم يحب أهله ونسائه، ويكره النيل منهم والإساءة، ويساوي بينهم في القسم والليالي، ويفاضل في الحب بين ذوات القدر العالي.
قال الله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) [النساء: 129]. قال العماد ابن كثير رحمه الله: "أي: لن تستطيعوا –أيها الناس- أن تُساووا بين النساء من جميع الوجوه، فإنه وإن حصل القَسم الصُّوري؛ ليلة وليلة، فلا بد من التفاوت في المحبة..".اهـ [تفسير القرآن العظيم 1/688].
وعن ابن أبي مليكة قال: "نزلت هذه الآية: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) في عائشة".اهـ [رواه ابن أبي حاتم].
قال العماد ابن كثير رحمه الله: "يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها".اهـ [تفسير القرآن العظيم 1/688].
عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك). يعني القلب".
فمن كان يدعي حب النبي صلى الله عليه وسلم، فليحب من يحب، وليُقرب من يقرب، وإلا فهو مدع للمحبة يكذب!
إثبات ضدين معاً في حال *** أقبح ما يأتي من المحال!
فعندما سُئل المعصوم: من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة. ومن الرجال؟ قال: أبوها.. وعندما سُئل الخصوم: من أبغض الناس إليكم؟ قالوا: عائشة. ومن الرجال؟ قالوا: أبوها!
فيُجاب على آحاد الأشرار، بقول الصحابي عمار: "اغرب مقبوحاً منبُوحاً، أتُؤذي حبيبة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم".
رواه الترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي، وغيرهم، بإسناد صحيح –كما ذكر العماد ابن كثير رحمه الله-.. انظر: تفسير القرآن العظيم 1/688.

طارق العائد
2013-05-04, 13:27
أخرج مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: (أي بنية ألست تحبين ما أحب؟) فقالت: بلى. قال: (فأحبي هذه) أي: عائشة.
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "وهذا الأمر ظاهر الوجوب".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص56].
هِي أُمُّ من كَان الْرَّسُوْلُ حَبِيْبَهُ *** هِي أُمُّ مَن فِي الدِّيْن كَان مُوَحِّدا
هِي أُمُّ كُـل المُؤمِنِين، وَحُبُّهَا *** فَـرضٌ عَلَيْنَا فِي الْهِدَايَة حُدِّدَا
وعند ابن عساكر من حديث عبد الله بن عمرو –المتقدم-: "أي الناس أحب إليك يا رسول الله فأحبه؟" قال صلى الله عليه وسلم: (عائشة).. الحديث.
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "فأحبَّ –أي: النبي صلى الله عليه وسلم- أفضلَ رجلٍ من أمته، وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبَي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو حريٌّ أن يكون بغيضاً إلى الله ورسوله".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/142].
قال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
إني لأَمُّ المؤمنينَ فَمَنْ أَبَى *** حُبِّي فَسَوْف يَبُوءُ بالخُسْرَانِ
اللهُ حَبَّبَني لِقَـلْبِ نَبِيِّه *** وإلى الصراطِ المستقيمِ هداني
وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة عن عائشة: (يا بنية؛ حبيبة أبيك) [حلية الأولياء 2/44].. وقد ذكر الشيعي ابن رستم الطبري: أن فاطمة ماتت وهي راضية عن عائشة، وأوصت لها باثنتي عشرة أوقية.اهـ [انظر: دلائل الإمامة لابن رستم الطبري ص42].

طارق العائد
2013-05-04, 13:28
فصل: نزول الوحي على الصادق الأمين، في لحلاف أم المؤمنين، ورؤيتها لجبريل عليه السلام، وإقراؤه عليها؛ السلام:
من مناقب عائشة العديدة، وخصائصها الحميدة، أن الوحي كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها، لنزاهتها وطهرها وعفافها..
فمـاذا ينقمُ السُّفهاءُ مِنها *** وفي تكرِيمها كُسـبَ الرِّهانُ؟
أمَا يكفي ابنةَ الصدِّيق وحيٌ *** تنزَّلَ في اللحافِ لَوِ استبَانوا؟!
أخرج البخاري ومسلم في قصة تحري الناس بهداياهم يوم عائشة رضي الله عنها: "فكلم حزب أم سلمة، فقلن لها: كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس، فيقول: من أراد أن يهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فليهدها إليه حيث كان من بيوت نسائه.
فكلمته أم سلمة بما قلن فلم يقل لها شيئا. فسألنها فقالت: ما قال لي شيئا. فقلن لها: فكلميه. قالت: فكلمته حين دار إليها أيضاً فلم يقل لها شيئا. فسألنها فقالت: ما قال لي شيئا. فقلن لها كلميه حتى يكلمك فدار إليها فكلمته، فقال لها: (لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة). فقالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله".
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "وهذا الجواب منه دالٌ على أن فضل عائشة على سائر أمهات المؤمنين بأمر إلهي وراء حبه لها، وأن ذلك الأمر من أسباب حُبه لها".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/143].
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "في هذا الحديث منقبة عظيمة لعائشة، وقد استدل به على فضل عائشة على خديجة..
ومما يسأل عن الحكمة في اختصاص عائشة بذلك، فقيل لمكان أبيها، وأنه لم يكن يفارق النبي صلى الله عليه وسلم في أغلب أحواله، فسرى سره لابنته مع ما كان لها من

قال الإمام أبو محمد القحطاني رحمه الله في نونيته:
أوَليسَ والِدُها يُصافي بَعَلَهَا *** وهما بروحِ الله مُؤتَلِفانِ؟!

طارق العائد
2013-05-04, 13:29
مزيد حبه صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنها كانت تبالغ في تنظيف ثيابها التي تنام فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم، والعلم عند الله تعالى".اهـ [فتح الباري، شرح صحيح البخاري 7/137].
لَمْ يَنْزِلِ الوَحْيُ يَوْمًا عِنْدَ وَاحِدَةٍ *** مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا وَهْيَ تَنْتَظِرُ
لَكِنَّـهُ أَنْزَلَ الآيَـاتِ تَذْكِـرَةً *** تَحْتَ الغِطَـاءِ وَفِي آيَاتِهِ عِبَرُ
وقال الإمام أبو العلا المباركفوري رحمه الله: "(لا تؤذيني في عائشة) أي: في حقها؛ وهو أبلغ من: لا تؤذي عائشة؛ لما تفيد من أن ما آذاها؛ فهو يؤذيه".اهـ [تحفة الأحوذي، بشرح جامع الترمذي 10/351].
أخرج الحاكم في مستدركه 4/10 عن عبد الرحمن بن الضحاك أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟ قال: نعم يا أم المؤمنين. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟ قالت: خلال تسع لم تك لأحد من النساء قبلي إلا ما آتى الله مريم بنت عمران والله ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟
فعددتها، وذكرت منها: "وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد.. ورأيت جبريل ولم يره أحد من نسائه غيري.." [قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
وفي رواية: "لقد أُعطيتُ تسعاً ما أُعطيتها امرأة بعد مريم بنت عمران:.. وإن كان الوحي لينزل عليه وإني لمعه في لحافه.." [رواه الآجري، وقال الذهبي: إسناده جيد].
قال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
وسَمِعْتُ وَحْيَ الله عِنْدَ مُحَمَّدٍ *** من جِبَرَئيلَ ونُورُه يَغْشاني
أَوْحَى إِلَيْهِ وَكُنْتُ تَحتَ ثِيابِهِ *** فَحَنَا عليَّ بِثَوْبِهِ وخَبَّاني
وأي إيذاء لها رضي الله عنها أعظم من الطعن -تلميحاً أو تصريحاً- في عرضها؟! قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب: 57].

طارق العائد
2013-05-04, 13:30
وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "كان ينزل الوحي عليه وهو في حجرها".اهـ [معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول 3/1197].
وقد من الله تعالى على أم المؤمنين، برؤية جبريل الأمين، وأقرئها منه السلام، لعظيم مكانتها في الإسلام..
وَأََقْرَأَ الرُّوحُ يَوْمًا وَهْيَ قَائِمَةٌ *** لَهَا السَّلاَمَ مَعَ الْمُخْتَارِ إِذْ حَضَرُوا
أَنْـتِ الَّتِي دُونَ خَلْقِ اللهِ مَسْكَنُهُ *** أَنْتِ الَّتِي عَوْنُهِ لِلْحَقِّ إِذْ نَفَرُوا
جاء في مسند الإمام أحمد 6/74، وطبقات ابن سعد 8/67-68 عن أبي سلمة عن عائشة قالت: "رأيتُك يا رسول الله وأنت قائم تُكلم دِحية الكلبي. فقال: (وقد رأيته)؟ قالت: نعم. قال: (فإنه جبريل، وهو يُقرئكِ السلام) قالت: وعليه السلام ورحمة الله، وجزاه الله من زائر ودخيل، فنعم الصاحب، ونعم الدخيل.
وعن مسروق قال: قالت لي عائشة: "لقد رأيت جبريل عليه الصلاة والسلام واقفاً في حجرتي هذه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناجيه، فلما دخل قلت: يا رسول الله من هذا؟ قال: (بمن شبهتيه؟) قلت: بدحية الكلبي. قال: (لقد رأيت خيراً كثيراً، ذاك جبريل عليه السلام)، فما لبثت إلا يسيراً حتى قال: (يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام) قالت: قلت: وعليه السلام. جزاه الله من دخيل خيراً". [أخرجه الحاكم في مستدركه 4/7].
وجاء في "دلائل النبوة" وفي "الغيلانيات" من رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه "عن عائشة أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يكلم رجلاً وهو راكب، فلما دخل قلت: من هذا الذي كنت تكلمه؟ قال: (بمن تشبهينه؟) قلت: بدحية بن خليفة. قال: (ذاك جبريل أمرني أن أمضي إلى بني قريظة).
وعن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ من الأحزاب دخل المغتسل، فجاءه جبريل عليه السلام، فقال: أو قد وضعتم السلاح؟ ما وضعنا أسلحتنا بعد، انهد إلى بني قريظة. فقالت عائشة: وكأني أنظر إلى جبريل عليه

دحية بن خليفة الكلبي الصحابي المشهور، وكان موصوفاً بالجمال، وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم غالباً على صورته. [انظر الفتح 9/8].
قال سفيان: الدخيل: الضيف. [انظر السير 2/146، وصفة الصفوة 2/398].

طارق العائد
2013-05-04, 13:31
السلام من خلَل الباب قد عصب رأسه الغبارُ. [انظر صفة الصفوة 2/398، رقم 127].
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن إن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: (يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام). فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى. تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم. [متفق عليه].
وفي رواية مسلم: (إن جبريل يقرأ عليكِ السلام)..الحديث.
قال الإمام النووي رحمه الله: "فيه فضيلة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها.. ومعنى يقرأ عليك السلام: يسلم عليك".اهـ [المنهاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 15/303-304].
وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "أقرأها جبريلُ السلام أيضاً كما أقرأهُ على خديجة".اهـ [معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول 3/1197].
قال الإمام أبو الفرج رحمه الله: "وإنما سَلَّم عليها ولم يواجهها لحرمة زوجها، وواجه مريم لأنه لم يكن لها بعل؛ فمن نُزِّهت لحُرمة بعلها عن خطاب جبريل، كيف يُسلط عليها أكُفُّ أهل الخطايا؟!".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص60].

طارق العائد
2013-05-04, 13:32
تذييل: توضيح وتبيّن، ورد لاستشكالين
قد يلتبس على قراء السيرة، ويخالجهم إشكالان في السريرة، فإليهم هذا الجواب، نسأل الله التسديد والصواب..
الاستشكال الأول: ورد في الحديث المتفق عليه –المتقدم-: (فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة).
وقد ثبت في حديث كعب بن مالك عند البخاري: "فأنزل الله توبتنَا على نبيه صلى الله عليه وسلم حين بقيَ الثُّلثُ الآخر من الليلِ ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة".
قلت: يجمع بين هاتين الروايتين، بأحد الوجهين:
الوجه الأول: قال القاضي جلال الدين: "لعل ما في حديث عائشة كان قبل القصة التي نزل الوحي فيها في فراش أم سلمة".اهـ [انظر: تحفة الأحوذي، بشرح جامع الترمذي 10/351].
الوجه الثاني: قال السيوطي في الإتقان: "ظفرت بما يؤخذ منه جواب أحسن من هذا؛ فروى أبو يعلى في مسنده عن عائشة قالت: "أعطيت تسعاً.. الحديث" وفيه: وإن كان الوحي لينزل عليه وهو في أهله؛ فينصرفون عنه. وإن كان لينزل عليه، وأنا معه في لحافه. وعلى هذا لا معارضة بين الحديثين".اهـ [انظر: تحفة الأحوذي، بشرح جامع الترمذي 10/351].
الاستشكال الثاني: ورد في رواية الحاكم –المتقدمة-، قول عائشة: "ورأيت جبريل ولم يره أحد من نسائه غيري.."
وقد ثبت أن أم سلمة رضي الله عنها شاركت عائشة رضي الله عنها في هذه الصفة، فعن أبي عثمان النهدي قال: أنبئت أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة فجعل يحدث، ثم قام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة (من هذا). أو كما قال. قال: قالت: هذا دحية. قالت أم سلمة: وايم الله ما حسبته إلا إياه حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وسلم بخبر جبريل. [متفق عليه].

طارق العائد
2013-05-04, 13:36
قلت: يجمع بين هاتين الروايتين –إن صحت رواية الحاكم- بأحد الوجهين:
الوجه الأول: أن عائشة لم تعلم بحادثة أم سلمة، وعدم العلم بالشيء لا يعني العلم بعدمه، والمثبت مقدم على النافي.
الوجه الثاني: بعد طول تمعن، ظفرت بما يؤخذ منه جواب أحسن من هذا؛ أن عائشة أرادت تفردها: برؤية جبريل عليه السلام مقرونة بسلامه.. وقد تقدمت الروايات في ذلك؛ كرواية: (وقد رأيته)؟ قالت: نعم. قال: (فإنه جبريل، وهو يُقرئكِ السلام)..الحديث. وعلى هذا لا معارضة بين الحديثين.

قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "وهذه الزيادة فيها نظر لما في كتاب مسلم: أن أم سلمة رأته في صورة دحية أيضاً".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص60].

طارق العائد
2013-05-04, 13:36
فصل: تبرئتها بنزول آيات محكمات، من فوق سبع سماوات
إن من أعظم خصائص أمنا الحصان الرزان، أن الله تعالى أنزل فيها آيات من القرآن، تتلى على مر العصور والأزمان..
فأمُّنـا عائشـةٌ رمزُ التُّقى *** والشَّـرَفِ الرَّفيعِ والطَّهُورِ
طهَّرها المَولى فكانتْ عَلَماً *** في سُورَةٍ تُتْلَى على الدُّهورِ
أخرج الحاكم في مستدركه 4/10 عن عبد الرحمن بن الضحاك أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟ قال: نعم يا أم المؤمنين. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟ قالت: خلال تسع لم تك لأحد من النساء قبلي إلا ما آتى الله مريم بنت عمران والله ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟
فعددتها، وذكرت منها: ".. ونزل فيّ آيات من القرآن كادت الأمة تهلك فيها.." [قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
وفي رواية: عن عبد الملك بن عمير قال: قالت عائشة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: فُضلت عليكن بعشر ولا فخر..
فذكرت منها: "ونزل عُذري من السماء".اهـ
وفي رواية أبي يعلى: عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد أعطيت تسعاً ما أعطيتهن امرأة.. وذكرت منها:
ولقد نزل عُذري من السماء، ولقد خُلقت طيبةً وعند طيب، ولقد وُعدت مغفرةً ورزقاً كريماً؛ تعني قوله تعالى: (لهم مغفرةٌ ورزقٌ كريم) وهو الجنة.
قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: "ولو لم يكن لعائشة من الفضائل إلا قصة الإفك لكفى بها فضلاً وعلوّ مجد، فإنها نزل فيها من القرآن ما يُتلى إلى يوم القيامة".اهـ [أسد الغابة في معرفة الصحابة 5/496].
وقال الإمام أبو محمد القحطاني رحمه الله في نونيته:

طارق العائد
2013-05-04, 13:37
أكرم بعائشة الرضى من حُرةٍ *** بِكرٍ مُطهَّرةِ الإزارِ حَصَانِ
وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "المبرأة من فوق سبع سماوات بـ(آيات) تتلى في المحاريب والكتاتيب في كل زمان ومكان".اهـ [معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول 3/1197، بتصرف يسير].
بكر مطهــرة، الله بـرأها *** من فوق سبع، وعادى من يعاديها
والـوحي ينزل بالـآيات يقرأها *** على فراش مع المختـار يؤويها
وذلك لما جرى في شأن الإفك؛ و"الإفك: حديث اختلقه المنافقون، وراج عند المنافقين، ونفر من سذج المسلمين، إما لمجرد إتباع النعيق، وإما لإحداث الفتنة بين المسلمين".اهـ
و"كان في غزوة المُرَيسيع سنة خمس من الهجرة، وعمرها رضي الله عنها اثنتا عشرة سنة".اهـ
قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله مما قالوا. وكلٌ حدثني طائفةً من الحديث، وبعض حديثهم يصدِّقُ بعضاً، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض. الذي حدثني عروة عن عائشة رضي الله عنها:
أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين أزواجه فأيتهنَّ خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه.

التحرير والتنوير لابن عاشور 18/136.
المريسيع: ماء لبني خزاعة، وبينه وبين الفرع –موضع من ناحية المدينة- مسيرة يوم، وتُسمى غزوة بني المصطلق، وهو لقب لجذيمة بن سعد بن عمرو بطن من بني خزاعة.
سير أعلام النبلاء 2/153.

طارق العائد
2013-05-04, 13:38
قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل الحجاب فأنا أُحملُ في هودجي، وأُنزلُ فيه. فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذنَ ليلةً بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزتُ الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي، فإذا عقدٌ لي من جَزع أظفارٍ قد انقطع، فالتمست عِقدي وحبسني ابتغاؤه، وأقبل الرَّهطُ الذين كانوا يَرحلون لي، فاحتملوا هودجي، فرحلوه على بعيري
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أي بعد ما نزل الأمر بالحجاب، والمراد حجاب النساء عن رؤية الرجال لهن، وكن قبل ذلك لا يمنعن، وهذا قالته كالتوطئة للسبب في كونها كانت مستترة في الهودج، حتى أفضى ذلك إلى تحميله وهي ليست فيه وهم يظنون أنها فيه، بخلاف ما كان قبل الحجاب، فلعل النساء حينئذٍ كن يركبن ظهور الرواحل بغير هوادج، أو يركبن الهوادج غير مستترات، فما كان يقع لها الذي يقع، بل كان يعرف الذي كان يخدم بعيرها إن كانت ركبت أم لا".اهـ [فتح الباري 8/581].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "اقتصرت القصة، لأن مراد سياق قصة الإفك خاصة، وإنما ذكرت ما ذكرت ذلك كالتوطئة لما أرادت اقتصاصه.. ويؤيد (ذلك) أن في رواية الواقدي عن عباد: قلت لعائشة: يا أمتاه حدثينا عن قصة الإفك، قالت: نعم..".اهـ [فتح الباري 8/581-582، وما بين الهلالين من كلامي].
وفي رواية ابن إسحاق: "فنزل منزلاً فبات به بعض الليل ثم آذن بالرحيل..".اهـ
ووقع في رواية الواقدي: "فكان في عنقي عقد من جزع ظفار كانت أمي أدخلتني به على رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ
وفي رواية فليح: "فلمست صدري..".اهـ
"عقد: بكسر العين: قلادة تعلق في العنق للتزين بها".اهـ [فتح الباري 8/582].
"من جزع: بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها مهملة: خرز معروف في سواده بياض كالعروق".اهـ [فتح الباري 8/582].
وفي رواية الكشميهني من طريقه: "ظفار"، وكذا في رواية معمر وصالح.
وفي رواية ابن إسحاق: "قد انسل من عنقي وأنا لا أدري".اهـ
"الرهط: هو عدد من ثلاثة إلى عشرة، وقيل غير ذلك".اهـ [فتح الباري 8/583].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "ولم أعرف منهم هنا أحداً إلا أن في رواية الواقدي أن أحدهم أبو موهوبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أبو مويهبة.. قال البلاذري: شهد أبو مويهبة غزوة

طارق العائد
2013-05-04, 13:39
الذي كنتُ ركبتُ، وهم يحسبون أني فيه، وكان النساء إذ ذاك خفافاً لم يثقلهن اللحم، إنما يأكلن العُلقةَ من الطعام، فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، فوجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدونني فيرجعون إلي، فبينا

المريسيع، وكان يخدم بعير عائشة.. وكأنه في الأصل أبو موهوبة ويصغر فيقال: أبو مويهبة".اهـ [فتح الباري 8/583].
وفي رواية فليح: "لم يثقلهن ولم يغشهن اللحم".اهـ قال ابن أبي جمرة: "ليس هذا تكراراً، لأن كل سمين ثقيل من غير عكس، لأن الهزيل قد يمتلئ بطنه طعاماً فيقل بدنه، فأشارت إلى أن المعنيين لم يكونا في نساء ذلك الزمان".اهـ [انظر فتح الباري 8/583].
كذا للأكثر، وفي رواية الكشميهني: "إنما نأكل".اهـ
"العلقة: بضم العين المهملة وسكون اللام ثم قاف: أي القليل".اهـ [فتح الباري 8/583].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قالت هذا كالتفسير لقولها: وهم يحسبون أني فيه".اهـ [فتح الباري 8/583].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وقد أشرت إلى فائدة ذكرها ذلك قبل، ويحتمل أن تكون أشارت بذلك إلى بيان عذرها فيما فعلته من الحرص على العقد الذي انقطع، ومن استقلالها بالتفتيش عليه في تلك الحال وترك إعلام أهلها بذلك وذلك لصغر سنها وعدم تجاربها للأمور، بخلاف ما لو كانت ليست صغيرة لكانت تتفطن لعاقبة ذلك. وقد وقع لها بعد ذلك في ضياع العقد أيضاً أنها أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم بأمره فأقام بالناس على غير ماء حتى وجدته ونزلت آية التيمم بسبب ذلك، فظهر تفاوت حال من جرب الشيء ومن لم يجربه".اهـ [فتح الباري 8/584-585].
وقال أيضاً رحمه الله: "فإن قيل: لم لم تستصحب عائشة معها غيرها فكان أدعى لأمنها مما يقع للمنفرد ولكانت لما تأخرت للبحث عن العقد ترسل من رافقها لينتظروها إن أرادوا الرحيل؟ والجواب: أن هذا من جملة ما يستفاد من قوله: "حديثة السن"، لأنها لم يقع لها تجربة مثل ذلك، وقد صارت بعد ذلك إذا خرجت لحاجتها تستصحب، كما سيأتي في قصتها مع أم مسطح".اهـ [فتح الباري 8/585].
وفي رواية الواقدي: "وكنت أظن أن القوم لو لبثوا شهراً لم يبعثوا بعيري حتى أكون في هودجي".اهـ
وعند ابن إسحاق: "فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني"اهـ

طارق العائد
2013-05-04, 13:40
أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت. وكان صفوان بن المعطل السُّلمي ثم الذَّكواني من وراء الجيش، فأدلج، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني، وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي، والله

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "يحتمل أن يكون سبب النوم: شدة الغم الذي حصل لها في تلك الحالة، ومن شأن الغم –وهو وقوع ما يكره- غلبة النوم، بخلاف الهم –وهو توقع ما يكره- فإنه يقتضي السهر، أو لما وقع من برد السحر لها مع رطوبة بدنها وصغر سنها".اهـ [فتح الباري 8/585-586].
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "صفوان بن المعطّل بن ربيعة السلمي ثم الذكواني، يكنى أبا عمرو.. قال الواقدي: شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق والمشاهد كلها بعدها، وكان مع كرز بن جابر الفهري في طلب العُرنيِّين الذين أغاروا على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (و) كان يكون على ساقةِ النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلف بعد عن عزوة غزاها.. عن ابن إسحاق: قُتل في غزوة أرمينية شهيداً.. ويقال: إنه غزا الروم في خلافة معاوية فاندقَّت ساقُه، ولم يزل يُطاعن حتى مات.. وكان خَيراً فاضلاً شجاعاً بطلاً، وهو الذي قال فيه أهل الإفكِ ما قالوا مع عائشة، فبرأهما الله مما قالوا".اهـ [الاستيعاب في معرفة الأصحاب 2/725، باختصار].
وفي رواية معمر: "قد عرس من وراء الجيش" أي: نزل. ووقع في حديث ابن عمر سبب تأخر صفوان، ولفظه: (سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة فكان إذا رحل الناس قام يصلي ثم اتبعهم فمن سقط له شيء أتاه به)، وفي حديث أبي هريرة: (وكان صفوان يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجواب والإداوة)، وفي مرسل مقاتل بن حيان: (فيحمله فيقدم به فيعرفه في أصحابه)، وكذا في مرسل سعيد بن جبير نحوه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وكأنه تأخر في مكانه حتى قرب الصبح فركب ليظهر له ما يسقط من الجيش مما يخفيه الليل، ويحتمل أن يكون سبب تأخيره ما جرت به عادته من غلبة النوم عليه، ففي سنن أبي داود والبزار وابن سعد وصحيح ابن حبان والحاكم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد: أنه لما شُكي صفوان بن المعطل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس. قال: وصفوان عنده، فسأله فقال: (.. أما قولها إني لا أصلي حتى تطلع الشمس فإنا أهل بيت قد عرف لنا ذلك فلا نستيقظ حتى تطلع الشمس).اهـ [فتح الباري 8/586].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "هذا يشعر بأن وجهها انكشف لما نامت لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت، فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها".اهـ [فتح الباري 8/587].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أي قبل نزول آية الحجاب، وهذا يدل على قدم إسلام صفوان".اهـ [فتح الباري 8/587].

طارق العائد
2013-05-04, 13:41
ما كلمني كلمةً ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته، فوطئ على يديها، فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، فهلك من هلك، وكان الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي ابن سلول، فقدمنا المدينة، فاشتكيت
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "باسترجاعه.. أي بقوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، وصرح بها ابن إسحاق في روايته، وكأنه شق عليه ما جرى لعائشة أو خشي أن يقع ما وقع، أو أنه اكتفى بالاسترجاع رافعاً به صوته عن مخاطبتها بكلام آخر صيانة لها عن المخاطبة في الجملة، وقد كان عمر يستعمل التكبير عند إرادة الإيقاظ، وفيه دلالة على فطنة صفوان وحسن أدبه".اهـ [فتح الباري 8/587-588].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "عبرت بهذه الصيغة إشارة إلى أنه استمر منه ترك المخاطبة لئلا يفهم لو عبرت بصيغة الماضي اختصاص النفي بحال الاستيقاظ فعبرت بصيغة المضارعة.. وقد فهم كثير من الشراح أنها أرادت بهذه العبارة نفي المكالمة البتة، فقالوا: استعمل معها الصمت اكتفاءً بقرائن الحال مبالغة منه في الأدب وإعظاماً لها وإجلالاً".اهـ [فتح الباري 8/588].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أي ليكون أسهل لركوبها، ولا يحتاج إلى مسها عند ركوبها. وفي حديث أبي هريرة: (فغطى وجهه عنها ثم أدنى بعيره منها)".اهـ [فتح الباري 8/588].
"بضم الميم وكسر الغين المعجمة والراء المهملة، أي: نازلين في وقت الوغرة.. وهي شدة الحر، لما تكون الشمس في كبد السماء".اهـ [انظر: فتح الباري 8/588].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أما أسماؤهم فالمشهور في الروايات الصحيحة: عبد الله بن أبي، ومسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش.. وزاد أبو الربيع بن سالم فيهم تبعاً لأبي الخطاب بن دحية عبد الله وأبا أحمد ابنا جحش، وزاد فيهم الزمخشري زيد بن رفاعة".اهـ [فتح الباري 8/589].
وقع في حديث ابن عمر فقال عبد الله بن أبي: "فجر بها ورب الكعبة"، وأعانه على ذلك جماعة وشاع ذلك في العسكر. وفي مرسل سعيد بن جبير: وقذفها عبد الله بن أبي فقال: "ما برئت عائشة من صفوان، ولا برئ منها".
قال الإمام الطبري رحمه الله: "الذي تولى كبره من عصبة الإفك، كان عبد الله بن أبي، وذلك أنه لا خلاف بين أهل العلم بالسير، أن الذي بدأ بذكر الإفك، وكان يجمع أهله ويحدثهم: عبد الله بن أبي ابن سلول".اهـ [تفسير الطبري 7/5999-6000].
وفي رواية ابن إسحاق: "وقد انتهى الحديث إلى رسول الله

طارق العائد
2013-05-04, 13:44
حين قدمت شهراً، والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك لا أشعر بشيء من ذلك، وهو يَريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول: (كيف تيكم؟). ثم ينصرف فذاك الذي يريبني، ولا أشعر بالشر، حتى خرجت بعد ما نقهت، فخرجت معي أمُّ مسطح قِبل المناصِع، وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليلٍ، وذلك قبل أن نتخذ الكُنُف قريباً من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التبرُّز قبل الغائط، فكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت أنا وأم مسطح -وهي ابنة أبي رُهم بن عبد مناف وأمها بنت صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق وابنها مسطح بن أُثاثة- فأقبلتُ أنا وأم مسطح قبل بيتي، وقد فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في

وفي رواية ابن إسحاق: "وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي ولا يذكرون لي شيئاً من ذلك".
ووقع في حديث ابن عمر: "فشاع ذلك في العسكر فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدموا المدينة أشاع عبد الله بن أبي ذلك في الناس ، فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "تيكم: بالمثناة المكسورة وهي للمؤنث مثل: ذاكم للمذكر، واستدلت عائشة بهذه الحالة على أنها استشعرت منه بعض الجفاء، ولكنها لما لم تكن تدري السبب، لم تبالغ في التنقيب عن ذلك حتى عرفته".اهـ [فتح الباري 8/590].
"الناقه بكسر القاف: الذي أفاق من مرضه ولم تتكامل صحته".اهـ [انظر: فتح الباري 8/590].
وفي رواية أبي أويس: "فقلت يا أم مسطح خذي الإداوة فاملئيها ماءً فاذهبي بنا إلى المناصع".اهـ
"المناصع: صعيد أفيح خارج المدينة".اهـ [انظر: فتح الباري 8/590].
"متبرزنا: بفتح الراء قبل الزاي: موضع التبرز وهو الخروج إلى البراز وهو الفضاء، وكله كناية عن الخروج إلى قضاء الحاجة".اهـ [انظر: فتح الباري 8/590].
وفي رواية ابن إسحاق: "الكنف التي يتخذها الأعاجم".اهـ
"الكنف بضمتين جمع كنيف وهو الساتر، والمراد به هنا المكان المتخذ لقضاء الحاجة".اهـ [انظر: فتح الباري 8/590].
في رواية فليح: "في البرية".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "كان هو وأمه من المهاجرين الأولين، وكان أبوه مات وهو صغير، فكفله أبو بكر لقرابة أم مسطح منه، وكانت وفاة مسطح سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة سبع وثلاثين بعد أن شهد صفين مع علي".اهـ [فتح الباري 8/591].

طارق العائد
2013-05-04, 13:45
مِرطها، فقالت: "تعس مسطح" فقلت لها: "بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً". قالت: "أي هنتاه أولم تسمعي ما قال؟" قالت: قلت: "وما قال؟" فأخبرتني بقول أهل الإفك، فازددت مرضا على مرضي، فلما رجعت إلى بيتي ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم - تعني - سلم ثم قال: (كيف تيكم؟) فقلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما. قالت: فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوي فقلت لأمي: يا أمتاه ما يتحدث الناس؟ قالت: "يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها".
قال أبو محمد بن أبي جمرة: "يحتمل أن يكون قول أم مسطح هذا عمداً لتتوصل إلى إخبار عائشة بما قيل فيها وهي غافلة، ويحتمل أن يكون اتفاقاً أجراه الله على لسانها لتستيقظ عائشة من غفلتها عما قيل فيها".اهـ [انظر: فتح الباري 8/592].
وفي رواية: "والله ما أسبه إلا فيك".اهـ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أي هنتاه: أي حرف نداء للبعيد وقد يُستعمل للقريب حيث ينزل منزلة البعيد، والنكتة فيه هنا أن أم مسطح نسبت عائشة إلى الغفلة عما قيل فيها لإنكارها سب مسطح، فخاطبتها خطاب البعيد".اهـ [فتح الباري 8/592].
وفي رواية أبي أويس: "قالت لها: إنك لغافلة عما يقول الناس"، وفيها: "إن مسطحاً وفلاناً وفلاناً يجتمعون في بيت عبد الله بن أبي يتحدثون عنك وعن صفوان يرمونك به".اهـ وفي رواية مقسم: "أشهد أنك من الغافلات المؤمنات".اهـ
وفي رواية هشام بن عروة: "فنقرت لي الحديث".اهـ
وفي حديث ابن عمر: "فأخذتني الحمى..".اهـ وعند الطبراني بإسناد صحيح –كما قال الحافظ- عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: "لما بلغني ما تكلموا به هممت أن آتي قليباً فأطرح نفسي فيه".اهـ وأخرجه أبو عوانة أيضاً.
وفي رواية معمر: "فدخل".اهـ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أن في الكلام حذفاً تقديره: فلما دخلت بيتي استقريت فيه فدخل".اهـ [فتح الباري 8/592].
"وضيئة: بوزن عظيمة، من الوضاءة أي حسنة جميلة".اهـ [انظر: فتح الباري 8/593].
"ضرائر: جمع ضرة، وقيل للزوجات ضرائر لأن كل واحدة يحصل لها الضرر من الأخرى بالغيرة".اهـ [انظر: فتح الباري 8/593].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وفي هذا الكلام من فطنة أمها وحسن تأنيها في تربيتها ما لا مزيد عليه، فإنها علمت أن ذلك يعظم عليها فهونت عليها الأمر بإعلامها بأنها لم تنفرد بذلك، لأن المرء يتأسى بغيره فيما يقع له، وأدمجت في ذلك ما تطيب به خاطرها من أنها فائقة في الجمال والحظوة، وذلك

طارق العائد
2013-05-04, 13:46
قالت: "سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا؟" قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأُ لي دمع، ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكي.
(ثم "ولجت علينا امرأة من الأنصار، فقالت: فعل الله بفلان وفعل، فقلت: وما ذاك؟ قالت: ابني ومن حدث الحديث... فخرت مغشياً عليها، فما استفاقت إلا وعليها حمى بنافض، فطرحت عليها ثيابها فغطتها")
فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما حين استلبث الوحي، يستأمرهما في فراق أهله. قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار
مما يعجب المرأة أن توصف به، مع ما فيه من الإشارة إلى ما وقع من حمنة بنت جحش، وأن الحامل لها على ذلك كون عائشة ضرة أختها زينب بنت جحش".اهـ [فتح الباري 8/593].
زاد الطبري من طريق معمر عن الزهري: "وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: نعم".اهـ وفي رواية هشام: "وقد علم به أبي؟ قالت: نعم".اهـ
"لا يرقا: أي لا ينقطع".اهـ [انظر: فتح الباري 8/593].
وفي رواية هشام بن عروة: "فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ، فقال لأمي: ما شأنها؟ فقالت: بلغها الذي ذكر من شأنها، ففاضت عيناه".اهـ
ما بين الهلالين من إدراجي، وما بين العُلويتين من رواية مسروق عن أم رومان كما أخرجها البخاري في كتاب المغازي من صحيحه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "طريق الجمع بينهما: أنها سمعت ذلك أولاً من أم مسطح. ثم ذهبت لبيت أمها لتستيقن الخبر منها فأخبرتها أمها بالأمر مجملاً، كما مضى من قولها: هوني عليك. وما أشبه ذلك. ثم دخلت عليها الأنصارية فأخبرتها بمثل ذلك بحضرة أمها فقوي عندها القطع بوقوع ذلك".اهـ [فتح الباري 8/594].
وفي حديث ابن عمر: "وكان إذا أراد أن يستشير أحداً في أمر أهله لم يعد علياً وأسامة".اهـ وفي رواية الواقدي أنه سأل أم أيمن أيضاً، فبرأتها، وأم أيمن هي والدة أسامة بن زيد.. وسيأتي أنه سأل زينب بنت جحش أيضاً.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "العلة من اختصاص علي وأسامة بالمشاورة أن علياً كان عنده كالولد لأنه رباه من حال صغره ثم لم يفارقه، بل وازداد اتصاله بتزويج فاطمة فلذلك كان مخصوصاً بالمشاورة فيما يتعلق بأهله لمزيد اطلاعه على أحواله أكثر من غيره، وكان أهل مشورته فيما يتعلق بالأمور العامة أكابر

طارق العائد
2013-05-04, 13:46
على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذي يعلم من براءة أهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود، فقال: "يا رسول الله أهلك، وما نعلم إلا خيرا". وأما علي بن أبي طالب فقال: "يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير، وإن تسأل الجارية تصدقك". قالت: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال: (أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك؟).

الصحابة كأبي بكر وعمر. وأما أسامة فهو كعلي في طول الملازمة ومزيد الاختصاص والمحبة، ولذلك كانوا يطلقون عليه أنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم..".اهـ [فتح الباري 8/595].
"حين استلبث الوحي: بالرفع أي طال لبث نزوله، وبالنصب أي استبطأ النبي صلى الله عليه وسلم نزوله".اهـ [انظر: فتح الباري 8/594].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أهله: عدلت عن قولها في فراقي، إلى قولها: فراق أهله، لكراهتها التصريح بإضافة الفراق إليها".اهـ [فتح الباري 8/594].
قال الإمام النووي رحمه الله: "رأى علي أن ذلك هو المصلحة في حق النبي صلى الله عليه وسلم، واعتقد ذلك لما رأى من انزعاجه، فبذل جهده في النصيحة لإرادة راحة خاطره صلى الله عليه وسلم".اهـ [انظر: فتح الباري 8/595].
قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة رحمه الله: "لم يجزم علي بالإشارة بفراقها لأنه عقب ذلك بقوله: "وسل الجارية تصدقك"، ففوض الأمر في ذلك إلى نظر النبي صلى الله عليه وسلم، فكأنه قال: إن أردت تعجيل الراحة ففارقها، وإن أردت خلاف ذلك فابحث عن حقيقة الأمر إلى أن تطلع على براءتها. لأنه كان يتحقق أن بريرة لا تخبره إلا بما علمته، وهي لم تعلم من عائشة إلا البراءة المحضة".اهـ [انظر: فتح الباري 8/595].
ظن بعض أهل العلم –كالزركشي، وابن القيم- أن ذكر اسم بريرة في الرواية وهم من أحد الرواة، لأن عائشة إنما اشترت بريرة بعد الفتح! ولكن الحافظ ابن حجر رحمه الله استدرك على هذا الظن بقوله: "وقد أجاب غيره بأنها كانت تخدم عائشة بالأجرة، وهي في رق مواليها قبل وقوع قصتها في المكاتبة، وهذا أولى من دعوى الإدراج وتغليط الحفاظ".اهـ [فتح الباري 8/596].
وفي رواية هشام بن عروة: "فانتهرها بعض أصحابه فقال: اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ وفي رواية أبي أويس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: شأنك بالجارية. فسألها علي وتوعدها فلم تخبره إلا بخير، ثم ضربها وسألها فقالت: والله ما علمت على عائشة سوءاً".اهـ وفي رواية ابن إسحاق: "فقام إليها علي فضربها ضرباً شديداً، يقول: اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ

طارق العائد
2013-05-04, 13:47
قالت بريرة: "لا والذي بعثك بالحق، إنْ رأيت عليها أمرا أغمِصُه عليها أكثرَ من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله" .
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي ابن سلول. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: (يا معشر المسلمين من يعذرني من رجلٍ قد بلغني أذاه في أهل بيتي؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا. وما كان يدخل على أهلي إلا معي).
"أغمصه: بغين معجمة وصاد مهملة: أي أعيبه".اهـ [انظر فتح الباري 8/596].
"الداجن: بدال مهملة ثم جيم: الشاة التي تألف البيت ولا تخرج إلى المرعى، وقيل: هي كل ما يألف البيوت مطلقاً شاة أو طيراً".اهـ [انظر فتح الباري 8/597].
وفي رواية ابن إسحاق: "ما كنت أعيب عليها إلا أني كنت أعجن عجيني وآمرها أن تحفظه فتنام عنه".اهـ وفي رواية مقسم: "ما رأيت منها مذ كنت عندها إلا أني عجنت عجيناً لي فقلت: احفظي هذه العجينة حتى أقتبس ناراً لأخبزها، فغفلت، فجاءت الشاة فأكلتها".اهـ
ثم قالت كما في رواية ابن حاطب عن علقمة: "قالت الجارية الحبشية: والله لعائشة أطيب من الذهب، ولئن كانت صنعت ما قال الناس ليخبرنك الله. قالت: فعجب الناس من فقهها".اهـ
قال الإمام ابن المنير رحمه الله في الحاشية: "هذا من الاستثناء البديع الذي يراد به المبالغة في نفي العيب، فغفلتها عن عجينها أبعد لها من مثل الذي رميت به وأقرب إلى أن تكون من الغافلات المؤمنات".اهـ [انظر فتح الباري 8/597].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "فاستعذر: أي طلب من يعذره منه، أي ينصفه. قال الخطابي: يحتمل أن يكون معناه من يقوم بعذره فيما رمى أهلي به من المكروه، ومن يقوم بعذري إذا عاقبته على سوء ما صدر منه؟ ورجح النووي هذا الثاني. وقيل: معنى من يعذرني من ينصرني، والعذير الناصر. وقيل: المراد من ينتقم لي منه؟ وهو كالذي قبله، ويؤيده قول سعد: أنا أعذرك منه".اهـ [فتح الباري 8/597].
زاد الطبري في روايته: (صالحاً).اهـ
جاء من رواية أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها قالت عن صفوان: "فبلغ الأمر ذلك الرجل فقال: "سبحان الله، والله ما كشفت كنف أنثى قط، أي ما جامعتها".اهـ وفي رواية سعيد بن أبي هلال عن هشام بن عروة..: "إن الرجل الذي قيل فيه ما قيل لما بلغه الحديث قال: والله ما أصبت امرأة قط حلالاً ولا حراماً".اهـ وفي حديث ابن عباس عند الطبراني:

طارق العائد
2013-05-04, 13:48
فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: "يا رسول الله أنا أعذرك منه؛ إن كان من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك".
قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية، فقال لسعد: "كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله".
فقام أسيد بن حضير -وهو ابن عم سعد- فقال لسعد بن عبادة: "كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافقٌ تجادل عن المنافقين".
فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت.
قالت: فمكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم. قالت: فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوماً لا أكتحل بنوم ولا يرقأ لي دمع يظنان أن البكاء فالقٌ كبدي.

"وكان لا يقرب النساء".اهـ وجاء عن ابن إسحاق أنه كان حصوراً، ولكنه لم يثبت.. وجاء في رواية أبي أويس: "وكان صفوان بن المعطل قعد لحسان فضربه ضربة بالسيف وهو يقول:
تلق ذباب السيف مني فإنني *** غلام إذا هوجيت لست بشاعر
فصاح حسان، ففر صفوان، فاستوهب النبي صلى الله عليه وسلم من حسان ضربة صفوان فوهبها له".اهـ
"صالحاً: أي كامل الصلاح".اهـ [انظر فتح الباري 8/600].
وفي رواية الواقدي: "وكان صالحاً لكن الغضب بلغ منه، ومع ذلك لم يغمص عليه في دينه".اهـ
"أي من رهطه".اهـ [انظر فتح الباري 8/601].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أطلق أسيد ذلك مبالغة في زجره عن القول الذي قاله".اهـ [فتح الباري 8/602].
وفي نسخة: "فتشاور"، وفي أخرى: "فتساور".
وفي رواية ابن حاطب: "فلم يزل يومئ بيده إلى الناس ههنا حتى هدأ الصوت".اهـ
وفي رواية الكشميهني: "فبكيت".اهـ

طارق العائد
2013-05-04, 13:49
قالت: فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي. قالت: فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم ثم جلس. قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني.
قالت: فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال: (أما بعد يا عائشة: فإنه قد بلغني عنكِ كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه).
قالت: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي، حتى ما أحس منه قطرة. فقلت لأبي: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال. قال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت لأمي: أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أي أنهما جاءا إلى المكان التي هي به من بيتهما، لا أنها رجعت من عندهما إلى بيتها. ووقع في رواية محمد بن ثور عن معمر عند الطبري: "وأنا في بيت أبوي".اهـ [فتح الباري 8/602].
حكى السهيلي: أن بعض المفسرين ذكر أن المدة كانت سبعة وثلاثين يوماً، فألغى الكسر في هذه الرواية –على عادة العرب-. [انظر: فتح الباري 8/603].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أي بوحي ينزله بذلك قرآناً أو غيره".اهـ [فتح الباري 8/603].
"قلص: بفتح القاف واللام ثم مهملة أي استمسك نزوله فانقطع.. قال القرطبي: سببه أن الحزن والغضب إذا وجد أحدهما فقد الدمع لفرط حرارة المصيبة".اهـ [انظر فتح الباري 8/603].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قيل: إنما قالت عائشة لأبيها ذلك مع أن السؤال إنما وقع عما في باطن الأمر، وهو لا اطلاع له على ذلك، لكن قالته إشارة إلى أنها لم يقع منها شيء في الباطن يخالف الظاهر الذي هو يطلع عليه فكأنها قالت له: برئني بما شئت، وأنت على ثقة من الصدق فيما تقول. وإنما أجابها أبو بكر بقوله: لا أدري. لأنه كان كثير الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فأجاب بما يطابق السؤال في المعنى، ولأنه وإن كان يتحقق براءتها لكنه كره أن يزكي ولده. وكذا الجواب عن قول أمها لا أدري".اهـ [فتح الباري 8/604].

طارق العائد
2013-05-04, 13:50
قالت: فقلت -وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن -: إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به فلئن قلت لكم: إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقونني بذلك. ولأن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني منه بريئة لتصدقني. والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف قال: (فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون).
قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي. قالت: وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي، ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها.
قالت: فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه، فأخذه ما كان يأخذه من البُرَحاء، حتى إنه ليتحدر منه مثل الجُمان من العرق، وهو في يوم شاتٍ من ثقل القول الذي ينزل عليه.
قالت: فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سري عنه وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها: (يا عائشة أما الله عز وجل فقد برأك).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "قالت هذا توطئةً لعذرها لكونها لم تستحضر اسم يعقوب عليه السلام كما سيأتي".اهـ [فتح الباري 8/604].
ووقع في رواية هشام بن عروة: "تشهدت فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله ثم قلت: أما بعد".اهـ
زاد ابن جريج في روايته: "واختلس مني اسمه".اهـ وفي رواية هشام بن عروة: "والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه".اهـ وفي رواية أبي أويس: "نسيت اسم يعقوب لما بي من البكاء واحتراق الجوف".اهـ
وفي رواية ابن إسحاق: "فلما استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت: والله لا أتوب مما ذكروا أبداً".اهـ
وفي رواية فليح: "من أن يتكلم بالقرآن في أمري".اهـ وفي رواية ابن إسحاق: "يقرأ في المساجد ويصلى به".اهـ
"البرحاء: بضم الموحدة وفتح الراء ثم مهملة ثم مد: هي شدة الحمى، وقيل: شدة الكرب، وقيل: شدة الحر".اهـ [انظر فتح الباري 8/605].
"الجمان: بضم الجيم وتخفيف الميم: اللؤلؤ، وقيل: حب يعمل من الفضة كاللؤلؤ".اهـ [انظر فتح الباري 8/605].

طارق العائد
2013-05-04, 13:51
فقالت أمي: قومي إليه. قالت: فقلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمد إلا الله عز وجل. وأنزل الله: (إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم..).
العشر الآيات كلها. فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه -وكان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه وفقره-: والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله: (ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم).
قال أبو بكر: بلى؛ والله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجَعَ إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه وقال: والله لا أنزعها منه أبدا.
قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري، فقال: (يا زينب ماذا علمت أو رأيت؟)

وعند الترمذي: (البشرى يا عائشة فقد أنزل الله براءتك).
وروى الطبري وأبو عوانة من طريق أبي حصين عن مجاهد قال: "قالت عائشة لما نزل عذرها فقبل أبو بكر رأسها فقلت: ألا عذرتني؟! فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم".اهـ وفي رواية الأسود عن عائشة: "وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانتزعت يدي منه، فنهرني أبو بكر".اهـ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وعذرها في إطلاق ذلك ما ذكرته من الذي خامرها من الغضب من كونهم لم يبادروا بتكذيب من قال فيها ما قال مع تحققهم حسن طريقتها. قال ابن الجوزي: إنما قالت ذلك إدلالاً كما يدل الحبيب على حبيبه".اهـ [فتح الباري 8/606].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "لعل قولها العشر الآيات مجازاً بطريق إلغاء الكسر".اهـ [فتح الباري 8/606]. وقال الإمام ابن عطية رحمه الله: "قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فكأنها عدت ما يخص بها".اهـ [تفسير ابن عطية 10/449].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "إنما اختصت زينب بالذكر لأنها التي كانت تضاهي عائشة في المنزلة".اهـ [فتح الباري 8/593].

طارق العائد
2013-05-04, 13:52
فقالت: "يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا. قالت: وهي التي كانت تساميني من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع وطفقت أختها حَمنةُ تُحارِبُ لها، فهلكت فيمن هلك من أصحاب الإفك".اهـ
وَأَنْــزَلَ اللهُ قُــرْآنًا يُبَـرِّئُهَا *** ممَّا رَمَاهَـــا بِهِ الأَفَّــاكُ وَالزُّمَرُ
بِنْتَ الْكَرِيمِِ الَّذِي صَاخَتْ مَسَامِعُهُ *** لِلْـوَحْيِ يَـوْمَ جَمِيعُ النَّاسِ قَدْ كَفَرُوا
من فوائد قصة الإفك: "قال المفسرون: والخير في ذلك من خمسة أوجه: تبرئة أم المؤمنين، وكرامة الله لها بإنزال الوحي في شأنها، والأجر الجزيل لها في الفرية عليها، وموعظة المؤمنين، والانتقام من المفترين".اهـ [التسهيل في علوم التنزيل 3/61].

طارق العائد
2013-05-04, 13:53
تذييل: وقفات من نور، في ظلال سورة النور:
بعد ما حصل من أهل الشك، في حادثة الإفك، غار الجبار، على عرض المختار، فأنزل جل وعلا، آيات من كتابه تتلى..
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (20) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ
قال الشيخ سيد قطب رحمه الله: "بعد الانتهاء من بيان حكم القذف، يورد نموذجاً من القذف، يكشف عن شناعة الجرم وبشاعته؛ وهو يتناول بيت النبوة الطاهر الكريم، وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم إنسان على الله، وعرض صديقه الصديق أبي بكر رضي الله عنه أكرم إنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعرض رجل من الصحابة –صفوان بن المعطل رضي الله عنه- يشهد رسول الله أنه لم يعرف عليه إلا خيراً.. وهو يشغل المسلمين في المدينة شهراً من الزمان.. ذلك هو حديث الإفك الذي تطاول إلى ذلك المرتقى السامي الرفيع".اهـ [في ظلال القرآن 4/2494].

طارق العائد
2013-05-04, 13:53
لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (26)) [النور] .
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال بالبصرة يوم عرفة وقد سئل عن هذه الآيات: "من أذنب ذنبا ثم تاب منه قبلت توبته إلا من خاض في إفك عائشة".اهـ ثم قال: "برَّأ الله تعالى أربعة بأربعة: يوسف بالوليد، وموسى بالحجر، ومريم بإنطاق ولدها: (إني عبدُ الله) وبرَّأ عائشة بهذه الآيات العظيمة".اهـ
قال الإمام الزمخشري رحمه الله في تعليقه على أثر ابن عباس: "فانظر كم بينها وبين تبرئة أولئك؟! وما ذاك إلا لإظهار علو منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتنبيه على إنافة محل سيد ولد آدم، وخيرة الأولين والآخرين، وحجة الله على العالمين.

قال الإمام ابن عطية رحمه الله: "وبهذه الآية قيل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: الطيبات المبرآت".اهـ [تفسير ابن عطية 10/475].
جاء في مرسل سعيد بن جبير عند ابن أبي حاتم والحاكم في "الإكليل": فنزلت ثماني عشرة آية متوالية كذبت من قذف عائشة: (إن الذين جاؤوا) إلى قوله: (رزق كريم).اهـ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وتحرير العدة سبع عشرة".اهـ [فتح الباري 8/606].
قال الله تعالى: (وشهد شاهد من أهلها) [يوسف: 26]. روى ابن جرير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تكلم أربعة وهم صغار) فذكر فيهم شاهد يوسف.. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية قال: "كان صبياً في المهد".اهـ وكذا رُوي عن أبي هريرة، وهلال بن يساف، والحسن، وسعيد بن جبير، والضحاك بن مزاحم: "أنه كان صبياً في الدار".اهـ واختاره ابن جرير. [وانظر: تفسير ابن كثير 4/586].
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده فقالوا والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه فخرج موسى في إثره يقول ثوبي يا حجر حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا: والله ما بموسى من بأس وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا). فقال أبو هريرة: "والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر".اهـ [متفق عليه].
سورة مريم: 30.
انظر: "الكشاف" 3/228، و"الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" ص51.

طارق العائد
2013-05-04, 13:54
ومن أراد أن يتحقق عظمة شأنه صلى الله عليه وسلم وتقدم قدمه وإحرازه لقصب السبق دون كل سابق فليتلق ذلك من آيات الإفك وليتأمل كيف غضب الله في حرمته وكيف بالغ في نفي التهمة عن حجابه".اهـ [الكشاف 3/228].
وقال الإمام القرطبي رحمه الله: "قال بعض أهل التحقيق: إن يوسف عليه السلام لما رمي بالفاحشة برأه الله على لسان صبي في المهد، وإن مريم لما رميت بالفاحشة برأها الله على لسان ابنها عيسى صلوات الله عليه، وإن عائشة لما رُميت بالفاحشة برأها الله تعالى بالقرآن، فما رضي لها ببراءة صبي ولا نبي حتى برأها الله بكلامه من القذف والبهتان".اهـ [الجامع لأحكام القرآن 15/186].
وقال العماد ابن كثير رحمه الله: "وقد غار الله لها، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فأنزل براءتها من فوق سبع سماوات".اهـ وقال أيضاً: "فغار الله لها، وأنزل براءتها، في عشر آيات تتلى على الزمان، فسما ذكرُها، وعلا شأنها؛ لتسمَعَ عَفافها وهي في صباها، فشَهِدَ الله لها بأنها من الطيبات، ووعدها بمغفرة ورزق كريم".اهـ [انظر: البداية والنهاية 1/599].
وقال الإمام الزمخشري رحمه الله: "ولو فلَّيت القرآن كله وفتشت عما أوعد به العصاة لم تر الله تعالى قد غلظ في شيء تغليظه في إفك عائشة رضوان الله عليها، ولا أنزل من الآيات القوارع، المشحونة بالوعيد الشديد والعتاب البليغ والزجر العنيف، واستعظام ما ركب من ذلك واستفظاع ما أقدم عليه، ما أنزل فيه على طرق مختلفة وأساليب مفتنة.
كل واحد منها كاف في بابه ولو لم ينزل إلا هذه الثلاث لكفى بها حيث جعل القذفة ملعونين في الدارين جميعا، وتوعدهم بالعذاب العظيم في الآخرة، وبأن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهد عليهم بما أفكوا وبهتوا، وأنه يوفيهم جزاءهم الحق الواجب الذي هم أهله حتى يعلموا عند ذلك (أن الله هو الحق المبين).
وقال الإمام القرطبي رحمه الله أيضاً: "لأجل هذا قال العلماء: إن الآية أصلٌ في أن درجة الإيمان التي حازها الإنسان، ومنزلة الصلاح التي حلَّها المرء، ولُبسة العفاف التي يستتر بها المسلم، لا يُزيلها عنه خبرٌ محتملٌ وإن شاع، إذا كان أصله فاسداً أو مجهولاً".اهـ [الجامع لأحكام القرآن15/172].

طارق العائد
2013-05-04, 13:55
فأوجز في ذلك وأشبع، وفصل وأجمل وأكد وكرر، وجاء بما لم يقع في وعيد المشركين عبدة الأوثان إلا ما هو دونه في الفظاعة وما ذاك إلا لأمر".اهـ [الكشاف 3/228].
وقال أبو السعود: "ولو تتبعت ما في القرآن المجيد، من آيات الوعيد، الواردة في حق كل كفار مريد، وجبّار عنيد، لا تجد شيئاً منها فوق هاتيك القوارع المشحونة بفنون التهديد والتشديد، وما ذاك إلا لإظهار منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في علو الشأن والنباهة، وإبراز رتبة الصديقة رضي الله عنها في العفة والنزاهة".اهـ
قال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
وَتَكَلَّمَ اللهُ العظيمُ بِحُجَّتي *** وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ
وَالله خَفَّرَني وَعَظَّمَ حُرْمَتِي *** وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي
والله في القُرآنِ قد لَعَنَ الذي *** بَعْدَ البَرَاءَةِ بالقَبيح رَماني
والله وَبَّخَ مَنْ أرَادَ تَنَقُّصي *** إفْكاً وسَبَّحَ نَفسَهُ في شاني
إنّي لمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ *** ودليلُ حُسْنِ طَهَارتي إحْصاني
واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتِمِ رُسْلِه *** وَأَذَلَّ أَهْـلَ الإِفْكِ والبُهتانِ
وأرسل أحد الأمراء المسلمين رسولاً إلى الروم ليناظرهم، فذهب الرسول إلى ملك الروم، وجرت له أمور، فمنها: أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ليدخل راكعاً للملك، ففطن لها ودخل بظهره.
ومنها أنه قال لراهبهم: كيف الأهل والأولاد؟
فقال له الملك: أما علمت أن الراهب يتنزه عن هذا؟ فقال: تنزهونه عن هذا ولا تنزهون الله عن الصاحبة والولد؟!

طارق العائد
2013-05-04, 13:56
وقيل: إن طاغية الروم سأله: كيف جرى لعائشة؟ وقصد توبيخه. فقال: كما جرى لمريم! فبرأ الله المرأتين، ولم تأت عائشة بولد. فأفحمه فلم يدر جواباً. [تاريخ الإسلام للذهبي . وفيات 401-420 ص 89].
قال العلامة شهاب الدين الألوسي رحمه الله: "ولا ينبغي لمن يؤمن بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يخالج قلبه بعد الوقوف على الآيات والأخبار شك في طهارة نساء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن الفجور في حياة أزواجهن وبعد وفاتهم عنهن.. والظاهر أنه ليس في الفرق الإسلامية من يختلج في قلبه ذلك، فضلاً عن الإفك الذي برأها الله عز وجل منه".اهـ [روح المعاني، في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني 9/318].
حبُّ الرسولِ على جَبينكِ شامةٌ *** والسيـرةُ الغـرَّاءُ مِنكِ تُضاءُ
الطُّهر أنتِ فهل هنالكَ منكِرٌ *** مِن بعد ما قال الإلهُ - براءُ -؟!
وليعلم المتخوض في عرض الصديقة أنه لا يضر إلا نفسه، وسيعلم صدق ذلك حين يدخل رمسه! فلا يضر أم المؤمنين، ما يقوله بعض المجرمين!
تَهْجُونَ أُمًّا لَنَا شَاهَتْ وُجُوهُكُمُ *** فَالْبَحْرُ مَا ضَرَّهُ مِنْ قَاذِفٍ حَجَرُ
إِنْ تَرْجُمُوا فَارْجُمُوا خابَتْ ظُنُونُكُمُ *** إِذْ لَيْسَ يُرْجَمُ إِلاَّ مَنْ بِهِ ثَمَرُ!


أي إن مريم الصديقة ولدت وليست بذي زوج، وعائشة الصديقة لم تلد وهي ذات زوج! فأيتهما أقرب للفرية؟! حاشاهما.
ويروي ابن كثير في البداية والنهاية أثراً: أنّ (يوسف النجار) الذي كان من الصالحين وكان ابن خال مريم فطن لحملها لما ظهرت مخايل الحمل عليها، وتنبه له فجعل يتعجب من ذلك عجباً شديداً، وذلك لما يعلم من ديانتها ونزاهتها وعفتها وعبادتها، وهو مع ذلك يراها حبلى وليس لها زوج، فعرّض لها ذات يوم في الكلام.. فقال: يا مريم هل يكون زرع من غير بذر؟ قالت: نعم، فمن خلق الزرع الأول؟ ثم قال: فهل يكون شجر من غير ماء؟ قالت: نعم، فمن خلق الشجر الأول؟ ثم قال: فهل يكون ولد من غير ذكر؟ قالت: نعم، إن الله خلق آدم من غير ذكر وأنثى.. قال لها : فاخبريني خبرك. قالت: إن الله بشرني بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم.اهـ

طارق العائد
2013-05-04, 13:57
فصل: إجماع علماء المسلمين، على كفر من سب أم المؤمنين:
من خصائص عائشة العظام، إجماع علماء الإسلام، على كفر من رماها بسيئ الكلام، بينما تجد العلماء الأثبات، قد اختلفوا في تكفير من طعن ببقية الأمهات..
أخرج الإمام ابن حزم في المحلى 13/504: "عن هشام بن عمار قال: سمعت مالك بن أنس يقول من سب أبا بكر وعمر جلد، ومن سب عائشة قتل، قيل له: لم يقتل في عائشة؟ قال: لأن الله تعالى يقول في عائشة رضي الله عنها: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين)، قال مالك: فمن رماها فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل. قال أبو محمد رحمه الله: قول مالك ههنا صحيح وهي ردة تامة وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها".اهـ
وحكى أبو الحسن الصقلي أن القاضي أبا بكر الطيب قال: "إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه، كقوله: (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه)، وذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة فقال: (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك)، سبح نفسه في تبرئتها من السوء، كما سبح نفسه في تبرئته من السوء، وهذا يشهد لقول مالك في قتل من سب عائشة، ومعنى هذا والله أعلم أن الله لما عظم سبها كما عظم سبه وكان سبها سباً لنبيه، وقرن سب نبيه وأذاه بأذاه تعالى، وكان حكم مؤذيه تعالى القتل، كان مؤذي نبيه كذلك".اهـ [الشفا للقاضي عياض 2/267-268].
وقال أبو الخطاب بن دِحية في "أجوبة المسائل": "ويشهد لقول مالك كتاب الله، فإن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نَسَبَهُ إليه المشركون سبَّح نفسه لنفسه. قال تعالى: (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه)، والله تعالى ذكر عائشة فقال: (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك)، فسبَّح نفسه في تنزيه عائشة، كما سبح نفسه لنفسه في تنزيهه".اهـ
وروى الخلال في السنة عن أبي بكر المروزي قال: سألت أبا عبد الله -أحمد بن حنبل- عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: "ما أراه على الإسلام".اهـ
انظر: "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" ص57-58.

طارق العائد
2013-05-04, 13:58
وقال ابن عبد القوي: "كان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم –أي: من الصحابة- ومن سب عائشة أم المؤمنين مما برأها الله منه، وكان يقرأ –أي: الإمام أحمد- قوله تعالى: (يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين)".اهـ
وقال الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله: "إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة فبرأها الله، فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله، ومن كذب الله فهو كافر، فهذا طريق قول مالك، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر".اهـ [أحكام القرآن 3/1356].
وقال الخُوارزمي في "الكافي"، في كتاب الرِّدة: "لو قذف عائشة بالزنا صار كافراً، بخلاف غيرها من الزوجات، لأن القرآن نزل ببراءَتها".اهـ
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله: "عائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم".اهـ [لمعة الاعتقاد: ص 29].
وقال القاضي أبو يعلى: "من قذف عائشة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف، وقد حكي الإجماع على هذا غير واحد، وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم".اهـ
فَأُقِيـمَ حَدُّ القَذْفِ طُهْرًا نَافِعًا *** وَالإِفْـكُ سَارَ بِأَهْلِهِ نَحْوَ الْجَحِيم
حَتَّى أَتَى الإِجْمَاعُ نَصًّا قَاطِعًا *** فِي كُفْرِ مَنْ قَدْ نَاقَضَ النَّصَّ الكَرِيم
وقال الإمام النووي رحمه الله في تعداده الفوائد التي اشتمل عليها حديث الإفك: "الحادية والأربعون: براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين، قال ابن عباس وغيره: لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين، وهذا إكرام من الله تعالى لهم".اهـ [المنهاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 17/117-118].
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعض الوقائع التي قتل فيها من رماها رضي الله عنها بما برأها الله منه، حيث يقول:
انظر: "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" ص57.

طارق العائد
2013-05-04, 13:59
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل بن إسحاق أتى المأمون بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة والآخر عائشة، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة وترك الآخر، فقال إسماعيل: ما حكمهما إلا أن يقتلا لأن الذي شتم عائشة رد القرآن.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم من أهل البيت وغيرهم".اهـ
وقال أبو السائب القاضي: "كنت يوماً بحضرة الحسن بن زيد الدعي بطبرستان، وكان بحضرته رجل فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام اضرب عنقه، فقال له العلويون: هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة و رزق كريم)، فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي صلى الله عليه وسلم خبيث –حاشاه-، فهو كافر فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه وأنا حاضر ".اهـ
وروي عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد أنه قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء، فقام إليه بعمود فضرب دماغه فقتله، فقيل له: "هذا من شيعتنا ومن بني الآباء، فقال: هذا سمى جدي قرنان– أي من لا غيرة له-، ومن سمى جدي قرنان استحق القتل فقتلته".اهـ
وقال أبو موسى –وهو عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن جعفر الشريف الهاشمي إمام الحنابلة ببغداد في عصره-: " ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة".اهـ [الصارم المسلول ص 566-568].
وقد حكى العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله: اتفاق الأمة على كفر قاذف عائشة رضي الله عنها، حيث قال: "واتفقت الأمة على كفر قاذفها –أي: عائشة-".اهـ [زاد المعاد 1/106].
وقال العماد ابن كثير رحمه الله عند قوله تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم)، قال: "أجمع العلماء رحمهم الله انظر: "شرح أصول السنة للالكائي".

طارق العائد
2013-05-04, 14:00
قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فإنه كافر لأنه معاند للقرآن".اهـ [تفسير ابن كثير 5/76].
وذكر الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله في خصائص عائشة: "من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببراءتها".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص57].
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي رحمه الله بعد أن ذكر حديث الإفك: "عُلِمَ من حديث الإفك المشار إليه أن من نسب عائشة إلى الزنا كان كافراً، وقد صرح بذلك أئمتنا وغيرهم، لأن في ذلك تكذيب النصوص القرآنية، ومكذبها كافر بإجماع المسلمين، وبه يُعلم القطع بكفر كثيرين من غلاة الروافض؛ لأنهم ينسبونها إلى ذلك، قاتلهم الله أنى يؤفكون".اهـ [الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي ص101].
وقال الإمام السيوطي رحمه الله عند آيات سورة النور: "نزلت في براءة عائشة فيما قذفت به، فاستدل به الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن، قال العلماء: قذف عائشة كفر لأن الله سبح نفسه عند ذكره فقال سبحانك هذا بهتان عظيم، كما سبح نفسه عند ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد".اهـ [الإكليل في استنباط التنزيل ص190].
وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "والحاصل: أن قاذفها كيفما كان يُوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عمَّا يقول القاذف فيها".اهـ وقال في موضع آخر: "ومن كذب الله فقد كفر".اهـ ونقل عن بعض أهل البيت في ذلك: "وأما قذفها الآن فهو كفر وارتداد، ولا يكفي فيه الجلد؛ لأنه تكذيب لسبع عشرة آية من كتاب الله كما مر، فيُقتل ردة.. ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين في الدنيا والآخرة كما صح ذلك عنه، فهو من ضرب عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، ولسان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن أذاني في أهلي".اهـ [انظر: رسالة في الرد على الرافضة ص24 وما بعدها].
مَن نالَها في إفكِهِ فقدْ هوَى *** في وَهْدةِ العذابِ والتَّحقِيرِ
يبُوءُ بالخِزي الذَّميمِ خالِداً *** كابنِ سَلُولٍ في لَظَى السَّعيرِ

طارق العائد
2013-05-04, 14:01
تذييل: واقعنا المشهود، وسنة اليهود:
إن الطعن في أعراض الطاهرات ليس بالأمر الجديد، بل هو سنة من سنن اليهود لا تبيد، وما طعنهم في عرض العذراء مريم عنا ببعيد!
قال الله تعالى: (ثيباتٍ وأبكاراً) عن أبي بريدة، عن أبيه: (ثيباتٍ وأبكاراً) قال: وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه بالثيب آسية امرأة فرعون، وبالأبكار مريم بنت عمران".اهـ [رواه الطبراني في المعجم الكبير، وانظر تفسير القرآن العظيم 4/460].
وعن سعد بن جُنادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى) [رواه الطبراني في المعجم الكبير برقم (5485)، وضعفه السيوطي في فيض القدير 2/237، والعقيلي في الضعفاء الكبير 4/459].
وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُشعرت أن الله زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى)، وفي زيادة: "فقلت: هنيئاً لك يا رسول الله".اهـ [رواه أبو يعلى، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/218، وقال: رواه الطبراني، وفيه خالد بن يوسف السمتي وهو ضعيف.اهـ].
وعن أبي روَّاد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخديجة رضي الله عنها: (أما علمتِ أن الله قد زوجني معكِ في الجنة مريم بنت عمران، وكلثم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون) قالت: وقد فعل الله بك ذلك يا رسول الله؟ قال: (نعم) قالت: بالرّفاء والبنين.اهـ [رواه الطبراني في المعجم الكبير برقم (1100)].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في مرض الموت، فقال: (يا خديجة إذا لقيتِ ضرائركِ فأقرئيهنَّ مني السلام) قالت: يا رسول الله وهل تزوجتَ قبلي؟ قال: (لا، ولكن الله زوجني مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى) [انظر: تاريخ دمشق 26/88، وفي إسناده: محمد بن زكريا الغلابي، قال الدارقطني عنه: يضع الحديث. انظر: ميزان الاعتدال 3/550.. وفيه أيضاً: العباس بن بكار، قال الدارقطني: كذاب. 2/382].
وعن ابن عمر قال: نزل جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أرسل به، وجلس يُحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرّت خديجة، فقال جبريل: من هذه يا محمد؟ قال: (هذه صديقة أمتي) قال جبريل: معي إليها رسالة من الرب عز وجل، يقرئها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصبٍ بعيد من اللهب لا نَصب فيه ولا صَخب. قالت: الله السلام، ومنه السلام، والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته

طارق العائد
2013-05-04, 14:02
فلقد قال الله تعالى –حكاية عنهم- في القرآن المجيد: (ما كان أبوكِ امرأَ سَوءٍ وما كانت أُمكِ بغياً). قال العماد ابن كثير رحمه الله: "أي: لستِ من بيتٍ هذا شيمتهم ولا سجيتهم، لا أخوك ولا أمك ولا أبوك، فاتهموها بالفاحشة العظمى، ورموها بالداهية الدهياء".اهـ [البداية والنهاية 1/610].
وذكر الإمام الطبري رحمه الله في "تاريخه": "أنهم اتهموا بها زكريا وأرادوا قتله، ففرَّ منهم، فلحقوه وقد انشقت له الشجرة فدخلها وأمسك إبليس بطرف ردائه، فنشروه فيها".اهـ
فتخوضوا في أعراض الأنبياء والأولياء، وتكلموا في زوجاتهم وبناتهم بلا حياء!
خذ على سبيل المثال لا الحصر، ما جاء في "العهد القديم" حيث زعموا في سفر التكوين (19/30-38):
"أن لوطاً صعد من صوعر وسكن في الجبل هو وابنتاه لأنه خاف أن يسكن في صوعر فسكن في مغارة. فقالت البكر للصغيرة: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض، هلم نسقي أبانا خمرا ونضطّجع معه فنحيي من أبينا نسلا؛ فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة ودخلت البكر واضطجعت مع أبيها ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها!
على رسول الله، ما ذلك البيت الذي من قصب؟ قال: (لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران، وبيت آسية بنت مزاحم، وهما من أزواجي يوم القيامة). [انظر: تاريخ دمشق 26/87، وفي إسناده: سويد بن سعيد؛ صدوق كثير التدليس. وقال البخاري: حديثه منكر. وقال النسائي: ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 2/248.. وفيه أيضاً: محمد بن صالح بن عمر: وهو مجهول. انظر: ميزان الاعتدال 3/581].
فإن صح ذلك؛ فإن اليهود قد طعنوا في عرض زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، والروافض طعنوا في عرض زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة!
وانظر: تفسير الطبري 1/353.. وقال العماد ابن كثير رحمه الله: "ومن المنافقين من اتهمها بابن خالها يوسف بن يعقوب النجار".اهـ [البداية والنهاية 1/610].
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) [أخرجه البخاري].

طارق العائد
2013-05-04, 14:03
على رسول الله، ما ذلك البيت الذي من قصب؟ قال: (لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران، وبيت آسية بنت مزاحم، وهما من أزواجي يوم القيامة). [انظر: تاريخ دمشق 26/87، وفي إسناده: سويد بن سعيد؛ صدوق كثير التدليس. وقال البخاري: حديثه منكر. وقال النسائي: ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 2/248.. وفيه أيضاً: محمد بن صالح بن عمر: وهو مجهول. انظر: ميزان الاعتدال 3/581].
فإن صح ذلك؛ فإن اليهود قد طعنوا في عرض زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، والروافض طعنوا في عرض زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة!
وانظر: تفسير الطبري 1/353.. وقال العماد ابن كثير رحمه الله: "ومن المنافقين من اتهمها بابن خالها يوسف بن يعقوب النجار".اهـ [البداية والنهاية 1/610].
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) [أخرجه البخاري]. أي: إن مهديهم سيقيم الحد على عائشة! ولا عجب فإنه سيحكم بأحكام اليهود الطائشة! نقل –الشيخ الشيعي- محمد بن محمد بن صادق الصدر في تاريخ ما بعد الظهور ص728: "عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود عليه السلام".اهـ وروى النعماني في الغيبة ص314: "عن أبي عبد الله عليه السلام قال: .. ويبعث الله الريح من كل واد تقول: هذا المهدي يحكم بحكم داود".اهـ ونقل شيخهم كامل سليمان في كتاب الخلاص ص391: "عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا حكم قائم آل محمد صلى الله عليه وآله حكم بين الناس بحكم داود".اهـ

طارق العائد
2013-05-04, 14:04
عائشة –حاشاها- فحسب! بل قرر: أنه أمر طبيعي غير مستغرب أن يقع من نساء جميع الأنبياء! إذ هن لسن بمعصومات!! بعكس أزواجهن الأنبياء فهم معصومون حتى الممات!!
فقال –مثلاً- بهله الله: "فلا وجه لاستحالة أن تبغي زوجة نبي من الأنبياء!".اهـ [ص12].
وقال فض الله فاه: "كونهن أمهات المؤمنين لا يقتضي بالضرورة استحالة ارتكاب بعضهن للفاحشة!".اهـ [ص18].
وقال أيضاً: "إننا نعتقد أن النبي بما هو هو.. ولا ينافي ذلك أن يصدر شيء من بعض أزواجه!".اهـ [ص21].
وقال أيضاً: "على فرض صحة الدعوى المذكورة وأن صدور الفاحشة من زوجة النبي يوجب التنفير وإلحاق الوصمة به، فليس ثمة دليل يثبت استحالة صدورها بعد موت النبي!".اهـ [ص22].
وقال أيضاً: "العقل لا يُقبح صدور فاحشة منهن –أي: زوجات الأنبياء- باعتبارهن بشراً عاديين، ولسنَ معصومات!".اهـ [ص27]. إلى غير ذلك من هذيانه، فشل الله لسانه وأركانه..
فإنه مجـــددٌ جهارا *** لسنن اليهودِ والنصارى!
قال الإمام ابن رجب رحمه الله: "ولهذا تشبهت الرافضة باليهود في نحو سبعين خصلة".اهـ [الحكم الجدير بالإذاعة].
فإن كان أشباه اليهود، لا يتورعون عن قذف أمهات المؤمنين، فكيف بعامة المسلمين؟! رووا "عن أبي عبد الله عليه السلام قال –أي الراوي-: قلت له: إن الله يبدأ بالنظر إلى زوار الحسين عليه السلام عشية عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف؟ فقال: نعم. قلت: وكيف ذلك؟

من المسلمات، لدى أهل المروءات: أن الطعن في زوجة الرجل، أشد من الطعن في الرجل نفسه!
وانظر كتاب: بذل المجهود، في إثبات تشابه الرافضة واليهود.

طارق العائد
2013-05-04, 14:04
قال: لأن في أولئك أولاد زنا، وليس في هؤلاء أولاد زنا!".اهـ [بحار الأنوار للمجلسي 101/85، ومن لا يحضره الفقيه 2/431].
و"عن الإمام الباقر أنه قال: والله يا أبا حمزة إن الناس كلهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا!".اهـ [بحار الأنوار للمجلسي 24/311، الروضة للكليني، برقم: 431].
و"عن جعفر بن محمد الصادق أنه قال: ما من مولود إلا وإبليس من الأبالسة بحضرته، فإن علم أنه من شيعتنا حجبه عن ذلك الشيطان، وإن لم يكن من شيعتنا أثبت الشيطان أصبعه السبابة في دبره فكان مأبونا، وذلك أن الذكر يخرج للوجه، فإن كانت امرأة أثبت في فرجها فكانت فاجرة!".اهـ [رواه العياشي في تفسيره 2/234، والبحراني في تفسير البرهان 2/300].
ألا من أعجبِ الأشياءِ فَسْلٌ *** يَسُبُّ صحابةَ الهادي جِهارا
تَشَيُّعُكُمْ تَمَخَّضَ عن سبابٍ *** تُشايعُهُ اليهودُ أو النَّصارى

طارق العائد
2013-05-04, 14:11
فصل: تشريع بعض شرائع الدين، بسبب عائشة أم المؤمنين:
لقد أنزل الله آيات وأحكام، وشرع شرائع في دين الإسلام، بسبب بركة زوجة نبينا عليه السلام..
ومن تلك الشرائع حد القاذف، الذي يرمي المؤمنات العفائف، وقد عد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تشريع ذلك من خصائصها، إذ لم يشرع إلا بسبب ما حصل في قصتها، فقال: "شُرعَ جلدُ القاذف، وصار بابُ القذف وحدُّه باباً عظيماً من أبواب الشريعة، وكان سببه قصتها رضي الله عنها، فإنه ما نزل بها أمر تكرهه إلا جعل الله فيه للمؤمنين فرجاً ومخرجاً..".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص51-52].
أخرج أهل السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لما نزل عذري، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فذكر ذلك، وتلا القرآن، فلما نَزل، أمر برجُلين وامرأة، فضُربوا حدهم".
وروى ابن إسحاق وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الإفك رجلين وامرأة: مسطحاً وحسان وحمنة.
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالذين رَموا عائشة بالإفكِ، حين نزل القرآن ببراءتها، فجلدوا الحدَّ ثمانين، فيما ذكر جماعة من أهل السير والعلم بالخبر".اهـ [الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1884].
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحد القذف، لما أنزل الله سبحانه براءة زوجته من السماء، فجلد رجلين وامرأة. وهما: حسان بن ثابت، ومسطح بن أُثاثة. قال أبو جعفر النُّفيلي: ويقولون: المرأة حمنة بنت جحش".اهـ [زاد المعاد 5/37].
قال العظيم آبادي رحمه الله: "(لما نزل عذري): أي الآيات الدالة على براءتها، شبهتها بالعذر الذي يبرئ المعذور من الجرم، ذكره القاضي وغيره".اهـ [عون المعبود، شرح سنن أبي داود 12/100].
الترمذي، أبو داود، النسائي، وابن ماجة.

طارق العائد
2013-05-04, 14:12
وقال الإمام أبو العلا المباركفوري رحمه الله: "فيه رد على الماوردي حيث صحح أنه لم يحدهم مستنداً إلى أن الحد لا يثبت إلا ببينة أو إقرار".اهـ [تحفة الأحوذي، بشرح جامع الترمذي 9/36].
قال الإمام القرطبي رحمه الله: "المشهور من الأخبار، والمعروف عند العلماء أن الذي حد: حسان ومسطح وحمنة. ولم يسمع بحد لعبد الله بن أبي.
روى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت :"لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم وسماهم: حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش".
وفي كتاب الطحاوي: "ثمانين ثمانين".
قال علماؤنا: وإنما لم يحد عبد الله بن أبي لأن الله تعالى قد أعد له في الآخرة عذابا عظيما فلو حد في الدنيا لكان ذلك نقصا من عذابه في الآخرة وتخفيفا عنه، مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضي الله عنها وبكذب كل من رماها فقد حصلت فائدة الحد إذ مقصوده إظهار كذب القاذف وبراءة المقذوف كما قال الله تعالى: (فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون) وإنما حد هؤلاء المسلمون ليكفر عنهم إثم ما صدر عنهم من القذف حتى لا يبقى عليهم تبعة من ذلك في الآخرة. وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحدود: (إنها كفارة لمن أقيمت عليه) كما في حديث عبادة بن الصامت".اهـ [الجامع لأحكام القرآن 15/170].
لقد ذاق حسان الذي كان أهلَه *** وحَمنة إذ قالوا هجيراً ومسطحُ
تعاطوا برجم الغيب زوجَ نبيهم *** وسخطةَ ذي العرش الكريم فأُبرحوا
وآذوا رسولَ الله فيها فجُلِّلُوا *** مخازيَ تبقى عُمِّمُوها وفُضِّحوا
نص حديث عبادة بن الصامت –كما في الصحيحين- أنه قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: (تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه)".

طارق العائد
2013-05-04, 14:12
فصُبَّ عليهم محصداتٌ كأنها *** شآبيبُ قَطرٍ من ذُرى المزن تَسفَحُ
ولما نزلت الآيات وأقيمت الحدود، تاب الأبرار وأصر أهل الجحود! قال الإمام ابن إسحاق رحمه الله: ثم قال حسان بن ثابت يعتذر من الذي كان قال في شأن عائشة:
رأيتكِ –وليغفر لكِ اللهُ- حُرةً *** من المُحصناتِ غيرِ ذاتِ غوائلِ
حَصَانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ *** وتُصبحُ غَرثى من لحومِ الغوافِلِ
وإنَّ الذي قدْ قيلَ ليسَ بلائقٍ *** بِكِ الدهرَ، بل قيلُ امرئ متماحلِ
فإن كنتُ أهجُوكُم كما بلَّغوكُمُ *** فلا رَفَعتْ سوطِي إليَّ أناملي
وكيفَ وودِّي ما حييتُ ونصرتي *** لآلِ رسولِ اللهِ زَينِ المحافلِ
وإنَّ لهم عزاً يُرى الناسُ دُونَهُ *** قِصاراً وطالَ العزُّ كلَّ التطاولِ
عَقيلة حيٍّ مِن لؤيِّ بن غالبٍ *** كرام المساعي مجدُهُم غيرُ زائلِ
مهذَّبة قد طَيَّبَ اللهُ خِيمَهَا *** وطهَّرَها من كُلِّ سُوء وباطلِ
ومما شُرع بسبب عائشة أيضاً: رخصة التيمم، لما حُبس الجيش بسببها عن التقدم.. ولقد عد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تشريع ذلك من خصائصها، إذ لم تشرع إلا بسببها، فقال: "نزول آية التيمم بسبب عِقدها حين حَبَسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص50].
والتيمم كما قال عنه الإمام النووي رحمه الله: "خصيصة خص الله سبحانه وتعالى به هذه الأمة زادها الله تعالى شرفاً".اهـ [المنهاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 4/76]

انظر المعجم الكبير للطبراني، والجامع أحكام القرآن 15/169، والنكت والعيون 4/81، والسيرة لابن هشام 2/307، وتاريخ المدينة لابن شبَّة 1/347..
الماحل: الماكر.
انظر السيرة لابن هشام 2/304-306، وسير أعلام النبلاء 2/163.

طارق العائد
2013-05-04, 14:13
جاء في الصحيحين عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء فأنزل الله آية التيمم فتيمموا. فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فأصبنا العقد تحته".اهـ
وفي رواية هشام بن عروة: "فوالله ما نزل بك من أمر تكرهينه إلا جعل الله للمسلمين فيه خيراً".اهـ
وفي رواية عند مسلم: "فقال أسيد بن حضير: جزاكِ الله خيراً. فوالله ما نزل بكِ أمرٌ قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجاً".اهـ
وفي رواية عمرو بن الحارث: "لقد بارك الله للناس فيكم".اهـ
وعند الطبراني من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها: "لما كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا، خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أخرى، فسقط أيضاً عقدي حتى حبس الناس على التماسه، فقال لي أبو بكر: يا بنية في كل سفرة تكونين عناء وبلاء على الناس؟! فأنزل الله عز وجل الرخصة في التيمم، فقال أبو بكر: إنك لمباركة. ثلاثاً".اهـ
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "(ما هي بأول بركتكم) أي: بل هي مسبوقة بغيرها من البركات.. وفيه دليل على فضل عائشة وأبيها وتكرار البركة منهما".اهـ [فتح الباري، شرح صحيح البخاري 1/563].
ولما دخل ابن عباس رضي الله عنهما على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مرض موتها، أخذ يعدد مناقبها، فكان مما قاله: ".. وسقطت قلادتك، فاحتبس النبي صلى الله عليه وسلم في المنزل والناس معه في طلبها، حتى أصبح القوم على غير ماء فأنزل الله عز

طارق العائد
2013-05-04, 14:14
وجل: (فتيمموا صعيدا طيباً) الآية. فكان في ذلك رخصة للناس عامة في سببك، فوالله إنك لمباركة..".اهـ [أخرجه أحمد في المسند 1/276،349، وابن سعد في الطبقات 8/75، وأبو نعيم في الحلية 2/45، وصححه الحاكم 4/8، ووافقه الذهبي].
والله للناس والـإسلام باركها *** وفي التيمم فضل الـيسر يكفيها
حـب الرسول قرين في محبتها *** ونصـف أخباره في الدين ترويها

طارق العائد
2013-05-04, 14:15
فصل: تمريض النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، ووفاته بين سحرها ونحرها –في يومها- فيه، ودفنه فيه:
شاء الله تعالى أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أحب الناس إليه، وأعزهم عليه، وأن تكون لحظاته الأخيرة قبل الآخرة، عند أم المؤمنين الطاهرة..
حَتَّى قَضَى فِي وِسَادٍ أَنْتِ جَوْهَرُهُ *** وَمَازَجَ الرِّيقَ رِيقٌ وَهْوَ يُحْتَضَرُ
فِي بَيْتِهَا دُونَ أَرْضِ اللهِ مَسْكَنُـهُ *** وَرَوْضَـةٌ مِنْ رِيَاضِ اللهِ تَزْدَهِرُ
أخرج الحاكم في مستدركه 4/10 عن عبد الرحمن بن الضحاك أن عبد الله بن صفوان أتى عائشة وآخر معه فقالت عائشة لأحدهما: أسمعت حديث حفصة يا فلان؟ قال: نعم يا أم المؤمنين. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما ذاك يا أم المؤمنين؟ قالت: خلال تسع لم تك لأحد من النساء قبلي إلا ما آتى الله مريم بنت عمران والله ما أقول هذا أني أفخر على أحد من صواحباتي. فقال لها عبد الله بن صفوان: وما هن يا أم المؤمنين؟
فعددتها، وذكرت منها: ".. وقبض في بيتي ولم يله غير الملك وأنا.." [قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه].
وفي رواية: عن عبد الملك بن عمير، قال: قالت عائشة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: فُضلت عليكن بعشر ولا فخر.
وذكرت منها: "واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه، فقال: (إنه ليَشُقُّ عليَّ الاختلاف بينكنَّ، فائْذَنَّ لي أن أكون عند بعضكن). فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تُريد! تريد عائشة. قد أذِنا لك. وكان آخر زاده من الدنيا ريقي، أُتي بسواك، فقال: انكثيه يا عائشة. فنكثته، وقُبض بين حجري ونحري، ودُفن في بيتي".اهـ
قال الشيخ صفي الرحمن المباركفوري رحمه الله: "التمريض: حسن القيام على المريض".اهـ [منة المنعم في شرح صحيح مسلم].
كان عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير يقول: "إنما هو بين شَجرِي" بشين معجمة وجيم، فسئل عن ذلك، فشبَّك بين أصابعه، وقدمها عن صدره، كأنه يضم شيئاًَ، يريد أنه عليه الصلاة والسلام قُبِض

طارق العائد
2013-05-04, 14:16
وأخرج البخاري في صحيحه: عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة رضي الله عنها: "توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري وجمع الله بين ريقي وريقه. قالت: دخل عبد الرحمن بسواك فضعف النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأخذته فمضغته ثم سننته به".اهـ
وفي رواية: أن عائشة كانت تقول: "إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته؛ دخل علي عبد الرحمن وبيده السواك وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك فقلت: آخذه لك ؟ فأشار برأسه (أن نعم). فتناولته فاشتدَّ عليه وقلت: أُلينه لك ؟ فأشار برأسه (أن نعم). فلينته فأمره وبين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول: (لا إله إلا الله إن للموت سكرات). ثم نصب يده فجعل يقول: (اللهم في الرفيق الأعلى). حتى قبض ومالت يده".اهـ
لذا فقد عد الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "اجتماع ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وريقها في آخر أنفاسه".اهـ من خصائص عائشة رضي الله عنها.
وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: "أن عائشة قالت لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي فأذن له".اهـ [متفق عليه].
قال الإمام النووي رحمه الله: "فيه فضيلة عائشة رضي الله عنها، ورجحانها على جميع أزواجه الموجودات ذلك الوقت، وكن تسعاً، إحداهن عائشة رضي الله عنها، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، وإنما اختلفوا في عائشة وخديجة رضي الله عنهما".اهـ [المنهاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 4/183].

وقد ضمَّتهُ بيديها إلى نحرها وصدرها، وخالفت بين أصابعها".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص59].
عبد الرحمن بن أبي بكر، أخو عائشة.. كما جاء التصريح به في بعض الروايات في الصحيح؛ كرواية هشام عن أبيه عن عائشة: (دخل عبد الرحمن بن أبي بكر..) التي خرجها البخاري في كتاب الجمعة من صحيحه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "يؤخذ منه.. قوة فطنة عائشة".اهـ [فتح الباري 8/174].
انظر "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" ص61.

طارق العائد
2013-05-04, 14:17
وقال العلامة ابن عقيل الحنبلي رحمه الله: "انظر كيف اختار لمرضه بيتَ البنت، واختار لموضعه من الصلاة الأب، فما هذه الغفلة المستحوذة على قلوب الرافضة؟! عن هذا الفضل والمنزلة التي لا تكاد تخفى عن البهيم، فضلاً عن الناطق!".اهـ
وعن عروة عن عائشة قالت: "إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتعذر في مرضه: (أين أنا اليوم أين أنا غدا). استبطاء ليوم عائشة فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري ودفن في بيتي".اهـ [متفق عليه].
قال الإمام النووي رحمه الله: "(فلما كان يومي قبضه الله) أي يومها الأصيل بحساب الدور والقسم، وإلا فقد كان صار جميع الأيام في بيتها".اهـ [المنهاج، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 15/298].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "بنى بي في بيتي هذا الذي أنا فيه، وهو الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم".اهـ
فلما ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق، دُفن جسده الطاهر في بيت بنت الصديق.. عن أبي بكر رضي الله عنه قال: "إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما قبض نبي إلا دفن تحت حيث قبض) فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تُوفي عليه فحفر له تحته".اهـ [السيرة لابن هشام 3/321].
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "دفنه في بيتها ببقعة هي أفضل بقاع الأرض، بإجماع الأمة".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص59].
ومات في حجرها والقبر حجرتها *** وآخر العهد في دنيا مآقيها
طوبى لها زوجة الدارين مسكنها *** بجنّة الخلد من أزواجه فيها
فيالها من نعمة ومنة؛ أن يدفن في بيت عائشة من جاء بالقرآن والسنة، مع أفضل أصحابه من أهل الجنة..
انظر "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" ص59.

طارق العائد
2013-05-04, 14:18
عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله رأيت كأن ثلاثة أقمار هوين في حجرتي، قال صلى الله عليه وسلم: (إن صدقت رؤياك دفن في بيتك أفضل أهل الجنة) [رواه الطبراني].
فدُفن في بيت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر، فأي منقبة لها –هذه- وعظيم فخر؟!
عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن أبا بكر قال لها: في أي يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في يوم الاثنين، قال: إني لأرجو فيما بيني وبين الليل.. وأوصى أن تغسله زوجه أسماء بنت عميس، وأن يدفن بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فكان له ذلك، فدفن بجانب قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.اهـ [انظر: تاريخ الإسلام للذهبي/ عهد الخفاء الراشدين ص120].
وعن عمرو بن ميمون الأودي قال: "رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا عبد الله بن عمر، اذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقل يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام ثم سلها أن أدفن مع صاحبيَّ؟ قالت: كنت أريده لنفسي، فلأُوثِرنَّه اليوم على نفسي، فلما أقبل قال له: ما لديك ؟ قال أذنت لك يا أمير المؤمنين. قال: ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع فإذا قبضت فاحملوني ثم سلموا ثم قل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فادفنوني وإلا فردوني إلى مقابر المسلمين". [أخرجه البخاري].
وبوب البخاري في صحيحه: "باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما".اهـ
وقال الإمام أبو محمد القحطاني رحمه الله في نونيته:
وأجل صحب الرسل صحب محمد *** وكذاك أفضل صحبه العمرانِ
(فـ)هما لأحمـد ناظـراه وسمعه *** وبقـربه في القبـر مضطجعانِ

انظر أنساب الأشراف للبلاذري ص69.
أي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه في حجرتها.
انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/323.

طارق العائد
2013-05-04, 14:19
قال أبو حازم المدني: "ما رأيت هاشمياً أفقه من علي بن الحسين; سمعته وقد سئل: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشار بيده إلى القبر، ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة".اهـ [رواه ابن عساكر، وانظر سير أعلام النبلاء 4/394-395].
ويحكى عن أحد أئمة السنة وكان طوافاً في البلاد حتى انتهى إلى النجف، فرآهم إذا مات لهم الميت أدخلوه مقام أحد الأئمة ثم يخرجونه فيدفنونه.
فقال لهم: لأي شيء تصنعون ما أرى؟
فقالوا: التماساً للمغفرة ببركة الإمام.
فقال: ويغفر له ذنبه ببركة مجاورته الإمام هذا الوقت اليسير؟
قالوا: نعم.
فقال: "فسبحان الله أبو بكر وعمر منذ مئات السنين وهما مجاوران للنبي أما غفر لهما ببركة النبي؟! كيف يرضى الله لنبيه أن يجاوره في قبره منافقان؟!".اهـ
وأخرج الحاكم في مستدركه 4/7 عن عائشة رضي الله عنها: "كنت أدخل البيت الذي دُفن معهما عمر، والله ما دخلت إلا وأنا مشدود عليّ ثيابي، حياءً من عمر".اهـ وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".اهـ
قال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "قال شيخنا الحافظ عماد الدين بن كثير: ووجه هذا ما قاله شيخنا الإمام أبو الحجاج المزي: أن الشهداء كالأحياء في قبورهم، وهذه أرفع درجة فيهم".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص74].
قال الإمام ابن بهيج الأندلسي رحمه الله على لسان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

ما بين الهلالين من إدراجي، بدل واو العطف..
وهذا من ورعها رضي الله عنها، ومن ورعها أيضاً، احتجابها من إسحاق التابعي، وكان رجلاً ضريراً لا يُبصر! ولما قال لها: تحتجبين مني ولست أراك؟! قالت: إن لم تكن تراني فإني أراك.اهـ [الطبقات لابن سعد 8/69].

طارق العائد
2013-05-04, 14:20
يا مُبْغضي لا تَأْت قَبْرَ محمَّدٍ *** فالبَيْتُ بيتي والمَكانُ مَكاني
مَرِضَ النَّبِيُّ وَمَاتَ بين تَرَائِبِي *** فاليَوْمَ يَوْمي والزَّمانُ زَماني
وقال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "توفي –أي النبي صلى الله عليه وسلم- في حجرها، وقد خُلِطَ ريقُها بريقِهِ صلى الله عليه وسلم في آخر ساعةٍ من الدنيا، وأولها من الآخرة، ودُفن في حجرتها".اهـ [معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول 3/1197].
ولم يستطع الشيعة النكران، أو إخفاء كل ذلك والكتمان، فـ"عن علي بن الحسين (عليهم السلام) قال: "حدثني أبي: أن أبا ذر قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، في مرضه الذي قبض فيه، فسندته -إلى أن قال- فبينا هو كذلك إذ دعا بالسواك، فأرسل به إلى عائشة، فقال: (لتبلينه لي بريقك) ففعلت، ثم أتي به فجعل يستاك به، ويقول بذلك: (ريقي على ريقك يا حميراء).اهـ [مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي 16/434-435].
وجاء في كتاب: "الأربعين" لمحمد طاهر القمي الشيرازي ص619: "مرض رسول الله صلى الله عليه وآله المرض الذي توفي فيه، فكانت فاطمة وعلي يريدان أن يمرضاه في بيتهما، وكذلك كان أزواجه كلهن، فمال إلى بيت عائشة بمقتضى المحبة القلبية التي كانت لها دون نسائه، وكره أن يزاحم فاطمة وبعلها في بيتهما، فلا يكون عنده من الانبساط لوجودهما ما يكون إذا خلى بنفسه في بيت من يميل إليه بطبعه، وعلم أن المريض يحتاج إلى فضل مداراة ونوم ويقظة وانكشاف وخروج حدث، فكانت نفسه إلى بيته أسكن منها إلى بيت صهره وبنته، فإنه إذا تصور حياءهما منه استحيا هو أيضا منهما، وكل أحد يحب أن يخلو بنفسه، ويحتشم الصهر والبنت، ولم يكن له إلى غيرها من الزوجات مثل ذلك الميل إليها، فتمرض في بيتها، فغبطت على ذلك".اهـ
ورووا أنه قد: "خرج إليهم أمير المؤمنين عليه السلام فقال لهم: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله إمامنا حيا وميتا، فيدخل إليه فوج فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام وينصرفون، وإن الله تعالى لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه، وإني دافنه في حجرته التي قبض فيها) فسلم القوم لذلك ورضوا به".اهـ [الإرشاد للمفيد 1/188].

طارق العائد
2013-05-04, 14:25
تذييل: زوجة النبي المختار، في الدنيا وفي دار القرار:
إن المنصف لا يلتفت لكلام المغرضين في عائشة المصونة، ولا تُنزل من قدرها –عنده- طعونهم المشينة، فهي قد حطت رحالها في الجنة، كما جاء في صحيح السنة..
لقد تقدم –معنا- ما أخرجه الترمذي: (أن جبريل جاء بصورتها –أي بصورة عائشة- في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن هذه زوجتك في الدنيا والآخرة).
وكذلك جاء في رواية ابن حبان وغيره: (هي زوجتك في الدنيا والآخرة).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسول الله مَن مِن أزواجك في الجنة؟ قال: "أما إنك منهنَّ".اهـ [أخرجه الحاكم في المستدرك 4/13، وصححه، ووافقه الذهبي].
وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنه ليهوِّن عليَّ أني رأيتُ بياض كفِّ عائشة في الجنة).
وأخرج الطبراني في المعجم الأوسط 3/414 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يُهوِّن عليَّ مَنيتي أن أُريتُ عائشة زوجتي في الجنة).
وعن مسلم البطين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عائشة زوجتي في الجنة). [أخرجه ابن سعد].
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، مخاطباً جيشه: "إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة".اهـ [تاريخ الطبري 5/225].
وعن الحكم قال: سمعت أبا وائل قال: "لما بعثَ عليٌ عماراً والحسن إلى الكوفة ليستنفرهم، خطبَ عمارٌ فقال: إني لأعلم أنها –أي عائشة- زوجتهُ في الدنيا والآخرة".اهـ [أخرجه البخاري].
وعن عبد الله بن زياد الأسدي قال: سمعت عمار بن ياسر يقول: هي زوجتُهُ في الدنيا والآخرة، يعني عائشة رضي الله عنها. [أخرجه الترمذي].

طارق العائد
2013-05-04, 14:26
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (أما ترضينَ أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة)؟ فقالت: قلت: بلى والله، قال: (فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة). [أخرجه الحاكم في مستدركه، وابن حبان في صحيحه].
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله بعد أن ذكر هذا الحديث: "فلعلَّ عماراً كان سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم".اهـ [فتح الباري 7/135].
وعن القاسم بن محمد: أن عائشة اشتكت فجاء ابن عباس فقال: "يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر".اهـ [أخرجه البخاري].
وقال ابن التين: "فيه أنه قطع لها بدخول الجنة، إذ لا يقول ذلك إلا بتوقيف".اهـ [انظر فتح الباري 7/136].
وعن ذكوان مولى عائشة: "أنه استأذن لابن عباس على عائشة وهي تموت، وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن فقال: هذا ابن عباس يستأذن عليك، وهو من خير بنيك؟ فقالت: دعني من ابن عباس ومن تزكيته. فقال لها عبد الله بن عبد الرحمن: إنه قارئ لكتاب الله، فقيه في دين الله فآذني له فليسلم عليك وليودعك؟ قالت: فأذن له إن شئت. قال: فأذن له فدخل ابن عباس ثم سلم وجلس وقال: أبشري يا أم المؤمنين فوالله ما بينك وبين أن يذهب عنك كل أذى ونصب، وتلقي الأحبة محمداً وحزبه، إلا أن تفارق روحك جسدك.
قال ابن عباس: كنت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن يحب إلا طيباً، وأنزل الله عز وجل براءتك من فوق سبع سماوات فليس في الأرض مسجدٌ إلا وهو يتلى فيه أناء الليل وآناء النهار.
وسقطت قلادتك، فاحتبس النبي صلى الله عليه وسلم في المنزل والناس معه في طلبها، حتى أصبح القوم على غير ماء فأنزل الله عز وجل: (فتيمموا صعيدا طيباً) الآية. فكان في ذلك رخصة للناس عامة في سببك، فوالله إنك لمباركة.. [أخرجه أحمد في المسند 1/276،349، وابن سعد في الطبقات 8/75، وأبو نعيم في الحلية 2/45، وصححه الحاكم 4/8، ووافقه الذهبي].

طارق العائد
2013-05-04, 14:27
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن أهل السنة والجماعة: "ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهنَّ أزواجه في الآخرة؛ خصوصاً خديجة –رضي الله عنها- أمُّ أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية، والصديقة بنت الصديق –رضي الله عنها- التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) ".اهـ [العقيدة الواسطية ص70].
وقال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "نشهدُ أنها زوجةُ نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فهل فوق ذلك مَفخر؟!".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/140].
متفق عليه.

طارق العائد
2013-05-04, 14:28
فصل: بزها أمهات المؤمنين ونساء المسلمين، في الفصاحة والعلم والفقه في الدين :
إن من أبرز خصائص عائشة بالاتفاق، عند أهل العلم الحذاق: أنها أفقه نساء الأمة على الإطلاق..
بحر من العلم لا تحصى شواطئه *** والفقه إن فاض يجري في سواقيها
من مثل عائشة في الفضل يدركها *** من النسـاء وترقى في مراقيها
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "ما أشكل علينا –أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- حديثٌ قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً".اهـ [أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. وصححه الألباني].
وقال مسروق: "رأيتُ مشيخةَ أصحابِ محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض".اهـ [أخرجه الترمذي، وصححه الألباني].
وفي رواية الحاكم في مستدركه 4/11 عن مسلم عن مسروق: أنه قيل له: هل كانت عائشة تُحسن الفرائض؟ قال: "أي والذي نفسي بيده، لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض".اهـ
وفي رواية: "نحلف بالله لقد رأينا الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون عائشة عن الفرائض".اهـ .
وعن قبيصة بن ذؤيب قال: "كانت عائشة أعلم الناس، يسألها أكابر الصحابة".اهـ [تذكرة الحفاظ للذهبي 1/28].
قال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: "زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأشهر نسائه".اهـ [أسد الغابة في معرفة الصحابة 5/494]. قلت: وإنما كانت الأشهر –رضي الله عنها- لفضلها وفقهها.
أخرجه الدارمي 2/342، وابن سعد في الطبقات 8/66، وانظر: سير أعلام النبلاء 2/182 صفة الصفوة 2/405.

طارق العائد
2013-05-04, 14:28
وعن المقداد بن الأسود قال: "ما كنت أعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بشعر ولا فريضة من عائشة رضي الله عنها".اهـ [العقد الفريد 5/274].
وبَينَ الصَّحْبِ كانتْ خَيْرَ أُمٍّ *** وَأعْلَمَهُمْ وأطْهَرَهُمْ إزَارا
وَزَوجةَ خيرِ خلـقِ الله طُرًّا *** فَألْبَسَهـا المَحَبَّةَ والفَخَارَا
وقد ذكر القاسم بن محمد أن عائشة قد استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان إلى أن توفيت رحمها الله. [رواه ابن سعد في الطبقات 2/375].
وقال العماد ابن كثير رحمه الله: "عُمِّرت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قريباً من خمسين سنة تبلغ عنه القرآن والسنة، وتفتي المسلمين، وتصلح بين المختلفين".اهـ [البداية والنهاية 1/599].
وعن عروة عن أبيه قال: "ما رأيت أحدا من الناس أعلم بالقرآن، ولا بفريضة، ولا بحلال، ولا بحرام، ولا بشعر، ولا بحديث العرب، ولا بنسب من عائشة رضي الله عنها".اهـ
وفي رواية: "ما رأيت أحداً بفقه، ولا طب، ولا شعر من عائشة".اهـ [أخرجه الحاكم في المستدرك 4/11، وانظر الإصابة 4/2574، وصفة الصفوة 2/405].
وعن ابن أبي مليكة قال: قلت لعائشة: تقولين الشعر وأنت ابنة الصديق ولا تبالين، وتقولين الطب فما علمك فيه؟ فقالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسقم فتفد وفود العرب فيصفون له فأحفظ ذلك. [أخرجه الحاكم في مستدركه 4/11].
وأخرج أبو بكر البزار في مسنده عن عروة بن الزبير قال: قلت لعائشة: إني لأتفكر في أمرك فأعجب: أجدكِ من أفقه الناس، فقلت: ما يمنعها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابنة أبي بكر؟ وأجدكِ عالمة بأيام العرب وأنسابها وأشعارها فقلت: وما يمنعها وأبوها علاَّمة قريش؟ ولكن إنما أعجب أن وجدتكِ عالمة بالطب! فمن أين؟ فأخذت بيدي
كشف الأستار، عن زوائد البزار، رقم (2662).

طارق العائد
2013-05-04, 14:30
وقالت: "يا عُرَيَّة، إن رسول الله كثر سقمه فكان أطباء العرب والعجم ينعتون له فتعلمت ذلك" .اهـ
ولقد فاق عروة أقرانه لتتلمذه على يد خالته العالمة الربانية؛ فعن قبيصة بن ذُؤيب قال: "كُنا في خلافة معاوية، وإلى آخرها، نجتمع في حلقةٍ بالمسجد بالليل، أنا، ومصعب، وعروة ابنا الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وعبد الملك بن مروان، وعبد الرحمن المِسوَر، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة؛ وكُنا نتفرقُ بالنهار، فكنتُ أنا أجالسُ زيد بن ثابت، وهو مُترئسٌ بالمدينة في القضاء، والفتوى، والقراءة، والفرائض، في عهد عمر، وعثمان، وعلي. ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن نجالسُ أبا هريرة، وكان عروةُ يَغلِبنا بدُخوله على عائشة".اهـ [رواه ابن عساكر 11/284، وانظر سير أعلام النبلاء 4/424].
وأسند الزبير بن بكار، عن أبي الزناد، قال: "ما رأيت أحداً أروى لشعرٍ من عروة، فقيل له: ما أرواك! فقال: ما روايتي في رواية عائشة! ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعراً".اهـ [انظر الاستيعاب 4/1883، والإصابة 4/2574].
وعن هشام عن أبيه، قال: "رُبَّما روتْ عائشةُ القصيدةَ ستِّين بيتاً وأكثر".اهـ [أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/72-73، وانظر سير أعلام النبلاء 2/189].
قال الزهري: "لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل".اهـ [أخرجه الحاكم في المستدرك 4/11، وانظر الإصابة 4/2574].
وقال عطاء بن أبي رباح: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامة".اهـ [أخرجه الحاكم في المستدرك 4/14، وذكره الهيثمي في المجمع 9/243، ونسبه للطبراني، وقال: رجاله ثقات. وانظر الإصابة 4/2574].

في إسناده: محمد بن عبد الرحمن، وهو مختلف فيه، لكن رواه أبو نعيم في الحلية عنه من جهة أحمد بن حنبل ثنا عبد الله بن معاوية الزبيري ثنا هشام بن عروة عن أبيه به. وورد في مستدرك الحاكم 4/11 نحوه من جهة إسرائيل عن هشام وقال: صحيح الإسناد. قال الذهبي مختصرة: على شرط الشيخين.

قيل: إنها رضي الله عنها تحفظ ألف ألف بيت من شعر العرب، ولكني لم أقف عليه مسنداً.

طارق العائد
2013-05-04, 14:31
وذكر الإمام ابن عبد البر رحمه الله: "أنها كانت وحيدة عصرها في ثلاثة علوم: علم الفقه، وعلم الطب، وعلم الشعر".اهـ [الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1881].
وقال الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله: "حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الفقهية الرَّبانية".اهـ [الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص41].
وقال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "أفقهُ نساء الأمة على الإطلاق".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/135]. وقال أيضاً: "ولا أعلمُ في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل ولا في النساء مُطلقاً، امرأةً أعلم منها".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/140].
وقال العماد ابن كثير رحمه الله: "فإنه لم يكن في الأمم مثل عائشة في حفظها وعلمها وفصاحتها وعقلها".اهـ [البداية والنهاية 3/139]. وقال أيضاً: "ولا يُعرف في سائر النساء في هذه الأمة، بل ولا في غيرها، أعلم منها ولا أفهم".اهـ [البداية والنهاية 1/599].
وفي "تهذيب التهذيب" 12/435: أنها كانت تُكنى: "بأم عبد الله الفقيهة".اهـ
وذكر الإمام أبو إسحاق الشيرازي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في "طبقاته" في جملة فقهاء الصحابة.
ولما ذكر الإمام ابن حزم رحمه الله أسماء الصحابة الذين رُويت عنهم الفتاوى في الأحكام على مزية كثرة ما نُقل عنهم، قدم عائشة على سائر الصحابة.
ومن أراد أن يتعرف على شيء من فقهها وعلمها فليطالع كتاب: "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" للإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله، الذي يقول في مقدمته: "هذا كتاب أجمع فيه ما تفرَّدَت به الصديقة رضي الله عنها، أو خالفت فيه سواها برأيٍ منها، أو كان عندها فيه سنةٌ بينة، أو زيادةُ علم متقنة، أو أنكرت فيه على علماء زمانها، أو رجع فيه إليها أجِلةٌ من أعيان أوانها، أو حررته من فتوى، أو اجتهدت فيه من رأي رأته أقوى..".اهـ [ص35].
قال الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله: "كانت من أفقه الصحابة في الحديث والتفسير وغير ذلك، حتى كان الأكابرُ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن

طارق العائد
2013-05-04, 14:32
أشياء كثيرة فيجدون منها عندها علماً، لا سيما ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله في الحضر".اهـ [معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول 3/1197].
وقال ابن عمي الشيخ أحمد بن حجر البنعلي رحمه الله: "كانت –رضي الله عنها- أفقه النساء على الإطلاق، وهي أذكى أمهات المؤمنين، وأحفظهن لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ [مجموعة ابن حجر آل بو طامي البنعلي 8/338].
ولقد روى الشيعة عن أبناء علي، ما يدل على علو كعبها في العلم وقدرها العلي؛ فـ"عن حماد عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة والناس بعرفات فخشي أن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف فقال: يدع العمرة فإذا أتم حجه، صنع كما صنعت عائشة ولا هدي عليه".اهـ [تهذيب الأحكام للطوسي 5/174، وانظر: الاستبصار للطوسي 2/250].
وقد جمعت عائشة رضي الله عنها بين العلم والبيان، والبلاغة في اللسان، حتى شهد لها الرواة عنها وذهل الأقران!
عن القاسم بن محمد: أن معاوية دخل على عائشة، فكلَّمها. قال: فلما قامَ معاوية، اتَّكأ على يد مولاها ذَكوان، فقال: "واللهِ ما سمعتُ قطُّ أبلغ من عائشة، ليس رسولَ الله صلى الله عليه وسلم".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/183].
وعن معاوية رضي الله عنهما قال: "والله ما هبت الكلام عند أحد هيبتي عند عائشة، وما سمعت كلامها إلا ذكرت كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم".اهـ [رواه الطبراني].
وفي رواية: "والله ما رأيت خطيباً قط أبلغ ولا أفصح ولا أفطن من عائشة".اهـ [رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد 9/243].
وعن سفيان قال: سأل معاوية زياداً: أيّ الناس أبلغ؟ قال: أنت يا أمير المؤمنين. قال: أعزم عليك؟ قال: إذا عزمتَ علي، فعائشة.. [المستدرك 4/14، وانظر صفة الصفوة 2/407].
وعن موسى بن طلحة قال: "ما رأيت أحداً أفصح من عائشة" [أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وأخرجه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الحاكم في مستدركه 4/11، وانظر سير أعلام النبلاء 2/191].

طارق العائد
2013-05-04, 14:33
وعن الأحنف بن قيس قال: "سمعت خطبة أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والخلفاء كلهم هلم جرا إلى يومي هذا، فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخمَ ولا أحسنَ منه من في عائشة".اهـ [أخرجه الحاكم في مستدركه 4/11، وانظر سير أعلام النبلاء 2/191].

طارق العائد
2013-05-04, 14:34
تذييل: إذا سقط الناقل سقط المنقول، عند ذوي البصائر والعقول
لقد من الله العلي القدير، على عائشة فروت من السنة الكثير، حتى أخذ عنها الصغير والكبير..
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (خذوا شطر دينكم عن الحميراء ). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "لا أعرف له إسنادا، ولا رواية في شيء من كتب الحديث إلا في "النهاية" لابن الأثير، ولم يذكر من خرجه".اهـ وذكر العماد ابن كثير رحمه الله: "أنه سأل المزّي، والذهبي عنه، فلم يعرفاه".اهـ وقال السخاوي: "ذكره في "الفردوس" بغير إسناد. وبغير هذا اللفظ، ولفظه: (خذوا ثُلثَ دينكم من بيت الحميراء)".اهـ وقال السيوطي: "لم أقف عليه".اهـ [المرقاة 10/565].
قال العماد ابن كثير رحمه الله: "روت بعده عنه عليه السلام علماً جماً كثيراًً طيباً مباركاً فيه، حتى قد ذكر كثيراً من الناس الحديث المشهور: (خذوا شطر دينكم عن الحميراء)".اهـ [البداية والنهاية 3/139].
وقال الإمام الحاكم رحمه الله: "فحُمل عنها ربع الشريعة".اهـ
وقال الإمام ابن الأثير الجزري رحمه الله: "روت عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، روى عنها عمر بن الخطاب وكثير من الصحابة، ومن التابعين ما لا يُحصى".اهـ [أسد الغابة في معرفة الصحابة 5/497].
قال الإمام شمس الدين الذهبي رحمه الله: "مسند عائشة يبلغ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث. اتفق لها البخاري ومسلم على مئة وأربعة وسبعين حديثاً، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستين".اهـ [سير أعلام النبلاء 2/139].
قال الحافظ أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي الميَّانِشي رحمه الله: "اشتمل كتاب البخاري ومسلم على ألف حديث ومئتي حديث من الأحكام، فروت عائشة من جملة الكتابين مئتين ونيفاً وتسعين حديثاً، لم يخرج عن الأحكام منها إلا يسير".اهـ [

الحميراء: تصغير حمراء، بمعنى بيضاء اللون، مُشرَبٌ بحمرة. وهذا تصغير تحبيب، والعرب تُطلق على الأبيض: الأحمر، كراهة اسم البياض؛ لكونه يشبه البرص.. [انظر فتح الباري 7/140].
وانظر كلام الشيخ المحدث العلامة أحمد شاكر رحمه الله في "كلمة حق" ص34.

طارق العائد
2013-05-04, 14:35
الكتابين مئتين ونيفاً وتسعين حديثاً، لم يخرج عن الأحكام منها إلا يسير".اهـ [إيضاح ما لا يسع المحدث جهله].
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "ونقلوا عنها الأحكام والآداب شيئاً كثيراً حتى قيل إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها رضي الله عنها".اهـ [فتح الباري 7/135].
وقال الإمام أبو العلا المباركفوري رحمه الله: "وقد حفظت عنه شيئاً كثيراً، وعاشت بعده قريباً من خمسين سنة؛ فأكثر الناس الأخذ عنها، ونقلوا عنها الأحكام والآداب شيئاً كثيراً؛ حتى قيل: إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها رضي الله عنها".اهـ [تحفة الأحوذي 10/350].
بل قد أقر بعض الشيعة، بحفظها ونقلها كماً من الشريعة، فقال شاعر الشيعة محمد كاظم الأزدي عن عائشة: "حفظة أربعين ألف حديث".اهـ [في شطر من إحدى قصائده].
وقد روى عن أم المؤمنين، خلق عظيم من الصحابة والتابعين، من ذوي القدر والهيئات، وهم في ذلك طبقات:
أولاً: من الصحابة:
1- أبوها أبو بكر.
2- عمر بن الخطاب.
3- عبد الله بن عمر.
4- أبو هريرة.
5- أبو موسى الأشعري.
6- عبد الله بن عباس.
7- ربيعة بن عمرو الجُرَشي.
8- السائب بن يزيد.
9- عمرو بن العاص.
10- زيد بن خالد الجُهني.
11- عبد الله عامر بن ربيعة.
12- عبد الله بن الحارث بن نوفل.

طارق العائد
2013-05-04, 14:36
13- صفية بنت شيبة.
ثانياً: من آل بيتها:
14- أختها أم كلثوم.
15- أخوها من الرضاعة عوف بن الحارث.
16- بنت أخيها عبد الرحمن: حفصة.
17- بنت أخيها عبد الرحمن: أسماء.
18- ابن أختها أسماء: عبد الله بن الزبير.
19- ابن أختها أسماء: عروة بن الزبير.
20- ابن أخيها: القاسم.
21- حفيد أخيها عبد الرحمن: عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر.
22- حفيد أختها أسماء: عَّباد بن عبد الله بن الزبير.
23- حفيد أختها أسماء: حبيب بن عبد الله بن الزبير.
24- عَّباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير.
25- بنت أختها أم كلثوم: عائشة بنت طلحة.
ثالثاً: من مواليها:
26- أبو عمرو.
27- ذكوان.
28- أبو يونس.
29- فرُّوخ.
رابعاً: من التابعين:
30- علقمة بن قيس.
31- مسروق.
32- الأسود بن يزيد.
33- سعيد بن المسيب.
عد صاحب "تهذيب التهذيب" صفية وعبد الله بن عامر من التابعين.

طارق العائد
2013-05-04, 14:37
34- أبو سلمة بن عبد الرحمن.
35- الشعبي.
36- مجاهد.
37- عطاء.
38- عكرمة.
39- نافع مولى ابن عمر.
40- عبد الله بن حكيم.
41- أبو وائل.
42- ابن أبي ملكية.
43- معاذة العدوية.
44- زر بن حبيش الأسدي.
45- مُطرِّف بن الشِّخّير.
46- همام بن الحارث.
47- أبو عطية الوادعي.
48- أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود.
49- عبد الله بن شداد بن الهاد.
50- عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
51- أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث.
52- محمد بن عبد الرحمن بن الحارث.
53- أيمن المكي.
54- ثُمامة بن حَزن القُشيري.
55- الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة.
56- حمزة بن عبد الله بن عمر.
57- خبَّاب صاحب المقصورة.
58- سالم بن سبَلان.
59- سعد بن هشام بن عامر.
60- سليمان بن يسار.
61- شُريح بن هانئ.
62- أبو صالح السمَّان.
63- عابس بن ربيعة.
64- عامر بن سعد بن أبي وقاص.
65- طلحة بن عبد الله بن عثمان.

طارق العائد
2013-05-04, 14:38
66- طاوس.
67- أبو الوليد عبد الله بن الحارث البصري.
68- عبد الله بن شقيق العُقيلي.
69- عبد الله بن شهاب الخولاني.
70- عبد الرحمن بن شَماسة.
71- عبيد الله بن عمير الليثي.
72- عِراك بن مالك.
73- عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة.
74- علقمة بن وقاص.
75- علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
76- عمران بن حطَّان.
77- كُريب.
78- مالك بن أبي عامر الأصبُحي.
79- فروة بن نوفل الأشجعي.
80- محمد بن قيس بن مَخرَمة.
81- محمد بن المُنتَشِر.
82- نافع بن جبير بن مطعم.
83- يحيى بن يَعمر.
84- أبو بُردة بن أبي موسى الأشعري.
85- أبو الجوزاء الرَّبَعي.
86- أبو الزبير المكي.
87- عمرو بن ميمون.
88- خَيرة أم الحسن.
89- صفية بنت أبي عبيد.
90- عمرة بنت عبد الرحمن.
هذا يزيد قليلاً على ما أحصته كتب طبقات المحدثين في ترجمتها رضي الله عنها، ولست أزعم إحصاء جميع من روى عنها..
ومن العجيب أني وجدت في كتب الشيعة روايات عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولكنهم لا يروون عنها إلا ما وافق هواهم، انظر على سبيل المثال لا الحصر:

طارق العائد
2013-05-04, 14:39
وكما قال الشيخ سعيد الأفغاني رحمه الله: "ليس ذلك بكثير على من غَبَرت نحو خمسين عاماً تروي سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنشر أحكام الشريعة المطهرة، حتى أخذ عنها الرجل وابنه وحفيده وابن حفيده!".اهـ [مقدمة: الإجابة لإيراد من استدركته عائشة على الصحابة ص46].
فمن أراد الطعن في الدين، طعن في أم المؤمنين، إذ إن المنقول يسقط بإسقاط الناقل! والمحمول يتهاوى بتهاوي الحامل!
وهذا ديدن أهل الباطل، وفعل كل غر جاهل، ولقد صدق القائل:
وقيمة المرء ما قد كانَ يُحسنهُ *** والجاهلون لأهل العلمِ أعداءُ!
قال -علامة الشيعة- علي بن يونس العاملي: "فصل: (في أم الشرور –أي: عائشة-): أكثر اعتقاد القوم –أي: أهل السنة والجماعة- على رواياتها، وقد خالفت ربها ونبيها".اهـ [الصراط المستقيم 3/161].

البحار 26/306، و32/272، و33/332، و33/340، و35/222، و37/40، و38/5، و38/13، و38/28، و38/150، و38/199، و38/201، و38/313، و40/51، و40/120، و40/152، و43/23، و43/53، و44/34..
وانظر: أمالي الطوسي 254، و341.. وانظر: أمالي الصدوق 42، و71.. وانظر: معاني الأخبار 103.. وانظر: العمدة 191، و192.. وانظر: كشف الغمة 1/158، و1/244، و1/376.. وانظر: الطرائف 30، و38.. وانظر: مذهب أهل البيت 18.. وانظر: إثبات الهداة 2/52.. وانظر: المناقب 4/67، وغيرها من كتب القوم.
أي: من بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وعاشت بعده قريباً من خمسين سنة، فأكثر الناس الأخذ عنها.. وكان موتها في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين، وقيل: في التي بعدها".اهـ [فتح الباري 7/135].

طارق العائد
2013-05-04, 14:40
وأسند –علامة الشيعة- ابن بابوية القمي (الملقب بـ: الصدوق) إلى جعفر الصادق قوله: "ثلاثة كانوا يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة –أي: عائشة-".اهـ [الخصال للصدوق 1/190].
وقال –الشيخ الشيعي- التستري: "رواية عائشة كخلافة أبيها فاسدة".اهـ [إحقاق الحق للتستري ص360].
قال الإمام أبو زرعة الرازي رحمه الله: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدّى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة".اهـ [رواه الخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرواية" ص49].
وقال الإمام الهروي رحمه الله: "وأما الذين قالوا في السلف الصالح بالقول السيء فأرادوا القدح في الناقل؛ لأن القدح في الناقل إبطالٌ للمنقول، فأرادوا إبطال الشرع الذي نقلوه".اهـ [ذم الكلام للهروي –مخطوط ق 140/ب].
أقلّـُوا عليهـم لا أبـــا لأبيكمُ *** من اللوم، أو سُدوا المكانَ الذي سدُّوا!

لقد: روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (5374) حديثاً.. وروى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (2286) حديثاً.. وروت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: (2210) حديثاً. [انظر: مقدمة مسند بقي بن مخلد ص79].

طارق العائد
2013-05-04, 14:40
الخاتمة –نسأل الله حسن الخامة-
لقد سطرتُ بعض مناقب الصديقة بنت الصديق، هدية مني للعدو قبل الصديق، لعله أن يصحو أو يفيق، فهي كالشمس في رابعة النهار تنير الطريق..
ذَاعَتْ مَنَاقِبُهَا فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ *** كَالشَّمْسِ بَازِغَةً بِالنُّورِ تَزْدَهِرُ
إِذْ أَعْجَزَ الْكُلَّ إِدْرَاكًا لِمَنْزِلِهَا *** كَأَنَّهَا الغَيْثُ سَحَّاءً وَتَنْهَمِرُ
فاذهبوا بكتابي هذا فألقوه على وجه الأبي يأتِ بصيراً، فإن أبى فلا يلومنّ إلا نفسه إن هوى في الهاوية وساءت مصيراً!
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ *** وينكر الفم طعم الماء من سقمِ!
وإني لأرجو أن أنال مغفرة الله والثواب، بما سطرته في هذا الكتاب، فإنه من أرجى ما خط بناني، وجاش به فيض جناني..
أنَا ما كَتبتُ لكَي أُمجِّدَ طاغِياً *** حَاشاكَ - يَا قَلَمَ العُلا – حَاشَاكا
يَا ربِّ، عطِّرْ لي حُروفيَ بِالرِّضَا *** مَا ضلَّ مَن يسعَى لِنَيلِ رِضاكا
وقد "روي أن حسان بن ثابت استأذن على عائشة بعدما كُفّ بصره، فأذنت له، فدخل عليها فأكرمته، فلما خرج من عندها، قيل لها: أهذا من القوم؟! قالت: أليس يقول:
فإنّ أبي ووالده وعرضي *** لِعرضِ محمد منكم وقاء
هذا البيت يغفرُ له كل ذنب".اهـ [الاستيعاب في معرفة الأصحاب 4/1885].
وعن ابن جريج عن محمد بن السائب ابن بركة عن أمه أنها كانت مع عائشة في الطواف، ومعها أم حكيم بنت خالد بن العاصي وأم حكيم بنت عبد الله بن أبي ربيعة فتذاكرتا حسان بن ثابت فابتدرناه بالسب. فقالت عائشة: ابن الفريعة تسبان؟! إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذبه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه، أليس القائل:
هجوت محمدا فأجبت عنه *** وعند الله في ذاك الجزاء

طارق العائد
2013-05-04, 14:42
فإن أبي ووالدتي وعرضي *** لعرض محمد منكم وقاء
وفي الختام، أذكر أهل الإسلام: بأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يهتم لأمر أمهات المؤمنين، ويحث على العطف بهن ويرشد لذلك جميع المسلمين، فعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحنى علي فقال: (إنكن لأهم ما أترك إليّ وراء ظهري، والله لا يعطف عليكن إلا الصابرون) [أخرجه أحمد في مسنده]. وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لنسائه: (إن أمركن مما يهمني من بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون الصديقون) [رواه الترمذي].
فعلى كل مسلم أن يهتم لأمرهن؛ يفرح لفرحهن، ويحزن لحزنهن، وخاصة الحوارية منهن، روى الحافظ ابن عساكر عن يزيد بن أبي حبيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (للرجال حواري، وللنساء حوارية، فحواريّ الرجال الزبير، وحوارية النساء عائشة).
هِيَ قِمَّةَ الأخلاقِ في جَبَلِ الهُدى *** يَا ناطِحاً جَبَلَ العَفافِ، كَفَاكا!
سَلِمَتْ عَواهِـرُ لَندَنٍ مِن إفكِكُمْ *** وَقَـذَفتَ أُمَّ المُؤمنينَ هُنـاكا!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه وزيجاته أمهات المؤمنين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وكتب : تركي بن مبارك بن عبد الله البنعلي
سحر يوم الثلاثاء 11/11/1431هـ
يا ربِّ لا تَسلبني حُبَّها أبداً *** ويرحم الله عبداً قال: آمينا

انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1/347.
قال الإمام البخاري رحمه الله في الأدب المفرد: باب من كتب آخر الكتاب: السلام عليكم ورحمة الله وكتب فلان ابن فلان لعشر بقين من الشهر.. وأخرج فيه حديث جاء في آخره: "والسلام عليكَ أميرَ المؤمنين ورحمةُ الله وبركاتُهُ ومغفرتهُ. وكَتَبَ وُهيبٌ يومَ الخميسِ لثنتي عشرةَ بَقِيَت من رمضانَ سنةَ أثنينِ وأربعين".اهـ

طارق العائد
2013-05-04, 14:42
فهرس الموضوعات
إهداء..
مَا شَانُ أُمِّ المؤمنين وشَاني..
مقدمة الطبعة الثانية:
تقريظ شيخنا الدكتور حفيظ بن عجب الدوسري حفظه الله:
تقريظ شيخنا المحدث ذياب بن سعد الغامدي حفظه الله..
تقريظ شيخنا العلامة عمر بن مسعود الحدوشي حفظه الله..
مقدمة المؤلف..
تمهيد: ترجمة مختصرة، لأم المؤمنين المطهرة..
فصل: أن الله جلَّ في علاه، اختارها زوجة لرسوله ومصطفاه..
تذييل: اختيارها لله والرسول، وانصياعها التام والقبول..
فصل: أنها البكر الوحيدة، بين الزوجات العديدة..
تذييل: يومان وليلتان..
فصل: أنها أحب الناس، إلى حبيب رب الناس..
تذييل: حب عائشة فرض لازم، على كل من أحب أبا القاسم..
فصل: نزول الوحي على الصادق الأمين، في لحلاف أم المؤمنين، ورؤيتها لجبريل عليه السلام، وإقراؤه عليها؛ السلام..
تذييل: توضيح وتبيّن، ورد لاستشكالين..
فصل: تبرئتها بنزول آيات محكمات، من فوق سبع سماوات..
تذييل: وقفات من نور، في ظلال سورة النور..
فصل: إجماع علماء المسلمين، على كفر من سب أم المؤمنين..
تذييل: واقعنا المشهود، وسنة اليهود..
فصل: تشريع بعض شرائع الدين، بسبب عائشة أم المؤمنين..
فصل: تمريض النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، ووفاته بين سحرها ونحرها –في يومها- فيه، ودفنه فيه..
تذييل: زوجة النبي المختار، في الدنيا وفي دار القرار..
فصل: بزها أمهات المؤمنين ونساء المسلمين، في الفصاحة والعلم والفقه في الدين..
تذييل: إذا سقط الناقل سقط المنقول، عند ذوي البصائر والعقول..
الخاتمة –نسأل الله حسن الخاتمة-..