العابدالكنتي
2013-04-12, 20:36
http://www.17022011libya.com/mahmoud/sor/grdها هو إضراب نقابة UNPEF والنقابات المستقلة المتحالفة معها قد انتهى في جميع جهات الوطن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا, لقد انتهى إضراب الثلاثة أيام بجنوب البلاد , كما انتهى إضراب اليوم الواحد بشمال البلاد كما بدأ لكن بوقفة احتجاجية أمام مديريات التربية.
فماذا بعد؟
طيلة هذا أسابيع وأنا أراقب عن كثب الحراك السياسي والنقابي والاجتماعي المكثف بمناطقنا الجنوبية , محاولا سبر أغواره وكشف أبعاده وتبيان تجلياته. لأني ببساطة مواطن جزائري أعيش في هاته المناطق , يهمنا جدا أن أفهم ما يدور حولي ويحضر لبلدي؟
منحة المنطقة والامتياز .. من 2008 إلى 2013 ماذا تغير؟
عقب صدور الشبكة الاستدلالية لأجور الموظفين ومرتباتهم سنة 2007 , والتي نصت بوضوح أن الموظفين يظلون يتقاضون المنح والتعويضات التي كانت يتقاضونها بتاريخ 31-12-2007 إلى غاية صدور وتحيين الأنظمة التعويضية لكل القطاعات , عملت النقابات خاصة المستقلة منها على للضغط على الحكومة من أجل الإسراع في إصدار الأنظمة التعويضية للقطاعات , وهو ما تحقق تباعا , فكان قطاع التربية أول قطاع استفاد من ذلك سنة 2010 , لكن للأسف كانت النتيجة مخيبة لآمال العمال مما أضطر النقابات إلى اللجوء للضغط والاحتجاج , فتم تعديله مرة ثانية سنة 2011, كما تم تعديله مرة ثالثة سنة 2012 م أجل المدراء والمفتشين ليستفيدوا من المردودية طبقا لرتبهم المستحدثة. ولا زال هذا النظام بحاجة إلى تعديل من أجل تعميم الاستفادة من منحة التأهيل لكل أسلاك قطاع التربية , لأنها تعتبر منحة نوعية خاصة بكل الموظفين العاملين بالقطاع ,وليست حصرا على سلك دون آخر.
أما فيما يخص منحة الجنوب فان المتأمل يجد أن مطلب تحين منحة الجنوب كان غائبا عن أجندة النقابات طيلة الأربع (04) سنوات الماضية , و أول ظهور علني له بدأ سنة 2012مع نقابة السنابست وتبعتها بعدها نقابة الكنابست , ومؤخرا فقط مع نهاية السنة الماضية بدأت UNPEF تتبنى هذا المطلب لكن ليس كمطلب وطني وإنما كمطلب جهوي يخص فقط منطقة من الوطن , لذا تم إنشاء مكتب للجنوب دون وجود لمكاتب الشرق والغرب والشمال لذات النقابة , وهي إشارة تحمل مضامين سلبية أكثر منها ايجابية , فالمتتبع يجد أن وجود تنظيمات نقابية داخل المنظمة النقابية الواحدة قد يكون سلاح ذو حدين , فإما يكون عامل يقوي النقابة ويزيد من انتشارها أ
و عامل إضعاف وتشتيت لها. كما أن إفراد جهة من الوطن – رغم أنها عزيزة علينا - بمكتب نقابي دون سائر الجهات فهو يعني أن لهاته الجهة خصوصية دون سواها أو أن المكتب الوطني للنقابة لا يستطيع أو لا يريد أن يتبنى ويتكفل بمطالب هاته فعلى مناضليها وعمالها أن يعتمدوا على أنفسهم في الدفاع عن مطالبهم وانشغالاتهم. و الأمرين بصراحة غير مقبولين البتة؟
منطق الإضراب المتجدد أسبوعيا وإضراب اليوم الواحد ... خطة مدروسة أم مؤامرة محكمة؟
السؤال المحيٌر فعلا: لماذا يتم اللجوء في الجنوب لإضراب مدته ثلاثة أيام (03) متجدد كل أسبوع؟ , في حين لم يتبق من الموسم الدراسي إلا 03 أسابيع,مضى منها عمليا أسبوع , بمعنى أن الفصل الثالث في الجنوب على هذا الشكل سيتقلص إلى 08 أيام تدريس فعلية , وهو ما يعني أن التلاميذ بهذا المنطق الغريب والخطير سيدرسون فقط يومين كل أسبوع وهما الأحد والخميس, بينما الاثنين والثلاثاء والأربعاء أيام إضراب متجددة , بينما في شمال البلاد و لأجل تحقيق المطالب الوطنية والتي تهم كل عمال التربية , تدعوا نقابة UNPEF إلى إضرابين محدودي المدة كل منهما يستغرق يوم واحد فقط الأول يوم 10 أفريل 2013 , متبوع بوقفات ولائية و الثاني في 17 من الشهر نفسه يتوج بوقفة وطنية أما مديرية التربية الوطنية؟
هل هذا منطق أو إستراتيجية نقابية للاحتجاج أم هو خطة مدروسة لها أهداف أخرى أم تخبط وانعدام رؤية؟
الكل يعلم أن فصل الصيف يبدأ بولايات الجنوب الجزائري مع حلول شهر ماي , حيث ترتفع درجة الحرارة إلى أعلى معدلاتها , وأغلب المدرسين يحاولون قدر المستطاع تجنب التدريس في شهر ماي لهاته الاعتبارات , لذا يلجئون إلى الحصص الإضافية من أجل استكمال البرنامج وتتمة الدروس خاصة بالنسبة لأقسام الامتحانات سواء ي الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي , فكيف بنقابة مهما كانت مطالبها مشروعة أن تدعوا لإضراب في هذا التوقيت بالذات وبتلك الطريقة (إضراب الثلاثة أيام متجدد) – والتي ثبت فشلها مع نقابة SNAPEST العام الماضي - , بينما في شمال الوطن, حيث الجو مناسب للتدريس حتى في شهر ماي مما يمكن أي أستاذ من التدريس بشكل طبيعي وعادي خلاله لاستكمال ما ضاع من الدروس , تلجأ نقابة UNPEF إلى إضراب محدود جدا (يوم واحد فقط), وغير متجدد؟
ما التفسير في هذا التعاطي وهذا النهج مع مطالب العمال؟
وهنا يجب التوضيح والتأكيد بأني لست في وارد التحريض أو التخوين أو الاتهام مطلقا , لكني أحاول أن أفهم تصرفا أو منهجا أراه غير حكيم في التعامل مع قضايا تهمنا بصفتنا عمال في قطاع التربية. منهج أرى بأنه لا يخدم مطالب عمال الجنوب ويصب في خدمة تلك الأصوات التي تحاول أن تضفي الطابع الجهوي لمطالب وطنية في الأساس.
إن مواقف و منهج نقابة UNPEF تغير بـ 180 درجة في السنوات الأخيرة , وتكرس هذا التغيير وتجلى بشكل أوضح بعد طلاقها غير الرجعي مع نقابة CNAPEST الموسع , لأنه عند المقارنة بين المطالب المرفوعة في إضراب جنوب الوطن نجدها أكثر تحديدا ووضوحا, فهي تتمحور حول نقطة واحدة ووحيدة تتمثل في تحيين منحة المنطقة والامتياز وتعميمهما على كل الأسلاك , واحتسابهما بأثر رجعي ابتداءا من 01-01-2008 , لا أكثر ولا أقل.
بينما الناظر لمطالب إضراب اليوم الواحد لكل جهات الوطن , يجد أن مطالبه غير محددة بدقة والكثير منها غير واضحة فهي هلامية ومطاطية تحتمل التأويل والتفسير وبعضها ليس محل إجماع وإنما الغالب عليها المطالب الفئوية, وهنا وجب التطرق لنقطة هامة في هذا الإضراب , تتعلق بالرد على الذين يقولون أن مطالب الجنوب تهم فقط عمال الجنوب وقد تكفل بها مكتبهم الجهوي هناك, ولا داعي لكي تدرج ضمن إضراب وطني , لكن للأسف هذا الكلام غير ذي صدقية, لأنه يتعارض تعارضا تاما مع موقف ذات النقابة في قضايا مماثلة. والدليل على ذلك هو أن أغلب المطالب المرفوعة في الإضراب الوطني ليوم 10 و17 أفريل الجاري , هي مطالب فئوية أي أنها لا تهم كل أسلاك التربية بل تعني بعض الفئات والأسلاك بعينها , لكن وبما أن الإضراب كان وطنيا فكان لازما على الأسلاك والفئات الأخرى غير المعنية بهاته المطالب أن تتضامن مع الفئات والأسلاك الأخرى وتدعمها وتساندها من خلال الإضراب معها. وهو مبدأ مهم في التضامن الوطني بين العمال. فكيف تدافع UNPEF عن مبدأ التضامن في الخدمات الاجتماعية وترفضه في مطالب عمال الجنوب؟
إن هذا التخبط وهذا الموقف غير المدروس وهو الذي دفع نقابة مثل CNAPEST الموسع المعروفة بتحفظها في مثل هذه المواقف بالتلميح بشكل جلي إلى أن بعض النقابات – وهي تعني UNPEF – ركبت موجة احتجاجات الجنوب لتستثمر فيها بطريقة غير غامضة وارتجالية , وأنا أوافق تماما كل ما ورد في بيان CNAPEST الموسع الأخير بتاريخ 03 أفريل 2013 , لأنه سمى الأسماء بمسمياتها ووضع النقاط على الحروف بشكل واضح وجريء يعجز الكثير عن البوح به. فهل انخرطت نقابة UNPEF رفقة بعض الأحزاب ذات التوجه الإسلاموي وبعض الأحزاب الأخرى ومع جمعيات من المجتمع المدني في مخطط الربيع العربي والذي يراد منه تصدير الفوضى الخلاقة بالجزائر؟ سؤال يبقى بحاجة إلى توضيح وإجابة من المعنيين بالأمر.
لقد حفظت نقابتا SNTEو CNAPEST الموسع الدرس واستفادتا من أخطاء UNPEF المتكررة في إضرابات العام الماضي , لذا وجدنا أن نقابة مثل SNTE دعت لإضراب واحتجاج ليوم واحد واختارت يوم العلم 16 أفريل 2013 كموعد لذلك, فلما لهذا اليوم من رمزية خاصة ارتأت أن توجه رسالة واضحة إلى الوزارة الوصية, بينما تريثت نقابة CNAPEST الموسع لتدرس وتقيٌم كل خيارات القاعدة من خلال الجمعيات العامة الولائية , لكنها في نفس الوقت هددت بمقاطعة الامتحانات الرسمية خاصة شهادة الباكلوريا , وهو تصريح على الوزارة أن تدرك جيدا دلالاته وأبعاده لان الوزارة تعلم علم اليقين من خلال تعاطيها مع نقابة CNAPEST الموسع أنها حينما تهدد تنفذ تهديدها, وتعرف جيدا حجم تمثيلها وقوتها في الميدان , وراديكاليتها المعروفة من خلال تاريخها النقابي وتوجهاتها الإيديولوجية التي لا تخفى على أحد.
وبالنتيجة فان الوضع في قطاع التربية مرشح للمزيد من التصعيد , لان الساحة أصبحت مقسمة على ثلاث جماعات نقابية ضاغطة هي:
1- تحالف نقابات الوظيف العمومي: ورأس حربته نقابة UNPEF ونقابة SNAPAP و نقابة SNAPEST. تحالف يبحث عن تحقيق مكاسب لإعادة التموقع في الساحة من جديد والاهم يسعى للحصول على مقعد ضمن الثلاثية والدخول كممثل للعمال في الصناديق الاجتماعية.
2- نقابة CNAPEST الموسع والتي بعد انفراط عقد التحالف مع نقابة UNPEF اتجهت إلى الانفتاح على الأسلاك الأخرى حتى تتجدد وتستمر في الحياة.
3- نقابة SNTE تحاول من خلال تنسقيتها للأساتذة الأيلين للزوال خصوصا استعادة بعضا من تمثيليتها في القطاع والعودة لواجهة الأحداث.
أما باقي النقابات فقد دخلت في حالة موت سريري عميق لا أمل فيه.
النقابات و رقصة الديك المذبوح ...
كل المعطيات والمعلومات المستقاة من المصادر الموثوق بها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك , أن الواقع الحالي يشبه " رقصة الديك المذبوح " , فالناظر للديك المذبوح , يتوهم أن الديك فرحا و منتشيا يرقص لكن واقع الحال أن الديك من الألم يصرخ , فالوزير صرح مرارا وتكرارا بأن القانون الأساسي لن يعاد فتحه أو تعديله والواضح جدا أن الحكومة حسمت قرارها في هذا الموضوع بالرفض , وحتى النقابات أعتقد أنها تعلم بذلك وتعرف صعوبة تحقيق هذا المطلب على الأقل في هذا الوقت وبعد عدة أشهر من تعديله , لكنها أي النقابات دائما تحاول أن تبيع الوهم لعمالها لا تقدم حلولا واقعية ومدروسة وإنما فقط مطالب عمومية مبهمة , تحتاج إلى جلسات ونقاشات عميقة , فمثلا نلاحظ بأن المطلب الرئيسي لإضرابي UNPEF و SNTE , وحسب ما ورد في بيانيهما المؤرخين في 14 مارس 2013 و 24 مارس 2013 على التوالي نجد العبارة التالية تتكرر حرفيا مع تعديلات طفيفة في البيانين بشكل مثير للدهشة والغرابة: " تعديل اختلالات المرسوم 08-315 المعدل والمتمم بالمرسوم 12-240, لرفع الغبن الذي طال أسلاك التربية عامة و ما اصطلح عليه ظلما بالرتب الآيلة للزوال خاصة هيئات التدريس " , وهنا نجد أن المهم عند النقابتين تعديل القانون الأساسي دون توضيح جوانب التعديلات والفئات التي يمسها التعديل ومقترحات النقابة فيما يخص التعديلات المقترحة , لان التجربة السابقة في التفاوض , علمتنا انه في الكثير من المرات تكون مقترحات النقابة أسوء بكثير من مقترحات الوزارة؟
إن النقابتين بنهجهما هذا فإنهما لا يسعيان إلى الحلول وإنما هدفهما تسيير الأزمة بترحيلها من شهر لآخر حتى ينتهي الموسم الدراسي وعندها تسكت عن الكلام المباح حتى يطلع الصباح , صباح موسم دراسي جديد بوعود جديدة ومطالب قديمة متجددة, وإلا لماذا لم تعلن مطالبها بشكل أوضح كما فعلت نقابة CNAPEST في بيانها الأخير والذي نص على ما يلي: ((التسوية العاجلة لوضعية الأساتذة الموصوفين بالآيلين للزوال و ذلك بإدماجهم في الرتب القارة التي يتضمنها القانون الأساسي الخاص بمستخدمي التربية الوطنية)), فهو يطالب بإدماجهم في الرتب القارة والتي لا تحتمل أي لبس أو تأويل والمقصود بها الرتب القاعدية للتوظيف.إذا مشكلتنا بالأساس في قطاع التربية تتمثل في: انعدام الشفافية وعدم وضوح الرؤية لدى النقابات وغياب منهجية ثابتة للمطالبة بالحقوق و الأخطر من كل هذا الشوفينية النقابية التي بدأت بوادرها تلوح في الأفق.
وأخيرا يمكن القول بأن الكثير من الاختلالات يمكن معالجتها دون تعديل القانون الأساسي وذلك من خلال المراسيم التنفيذية المتعلقة بكيفيات تنظيم التكوين عن بعد والمسابقات والامتحانات المهنية ومن خلال تعليمات الوظيف العمومي ,
منحة الجنوب ... الاعلان في الفاتح ماي وبأثر رجعي
أما منحة الجنوب فمن المؤكد أن اللجنة الحكومية أنهت أشغالها أو تكاد , كما أنه من المنتظر أن يتم الإعلان عنها بالتزامن مع الاحتفالات المخلدة لليوم العالمي للشغل الموافق للفاتح ماي سيكون الاحتفال الرسمي به موعدا لإعلان قرارات هامة تصب كلها في صالح الطبقة الشغيلة عامة و الجنوب بصفة خاصة ... و نأمل دائما خيرا لان الأوضاع السياسية و الاجتماعية والأمنية المحيطة بالجزائر لا تسمح اليوم بأي انزلاق في الوضع الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها , حينها بدل أن نبحث عن امتيازات جديدة ومنح وعلاوات, يبقى اهتمامنا منصبا على ضمان الأمن والأمان لعائلاتنا وتوفير لقمة العيش وتحصيل رواتبنا وفقط! , لذا علينا أن نكون برغماتيين ومنطقيين في تعاملنا مع الأحداث والوقائع ونحسن استخلاص العبر والدروس.
فماذا بعد؟
طيلة هذا أسابيع وأنا أراقب عن كثب الحراك السياسي والنقابي والاجتماعي المكثف بمناطقنا الجنوبية , محاولا سبر أغواره وكشف أبعاده وتبيان تجلياته. لأني ببساطة مواطن جزائري أعيش في هاته المناطق , يهمنا جدا أن أفهم ما يدور حولي ويحضر لبلدي؟
منحة المنطقة والامتياز .. من 2008 إلى 2013 ماذا تغير؟
عقب صدور الشبكة الاستدلالية لأجور الموظفين ومرتباتهم سنة 2007 , والتي نصت بوضوح أن الموظفين يظلون يتقاضون المنح والتعويضات التي كانت يتقاضونها بتاريخ 31-12-2007 إلى غاية صدور وتحيين الأنظمة التعويضية لكل القطاعات , عملت النقابات خاصة المستقلة منها على للضغط على الحكومة من أجل الإسراع في إصدار الأنظمة التعويضية للقطاعات , وهو ما تحقق تباعا , فكان قطاع التربية أول قطاع استفاد من ذلك سنة 2010 , لكن للأسف كانت النتيجة مخيبة لآمال العمال مما أضطر النقابات إلى اللجوء للضغط والاحتجاج , فتم تعديله مرة ثانية سنة 2011, كما تم تعديله مرة ثالثة سنة 2012 م أجل المدراء والمفتشين ليستفيدوا من المردودية طبقا لرتبهم المستحدثة. ولا زال هذا النظام بحاجة إلى تعديل من أجل تعميم الاستفادة من منحة التأهيل لكل أسلاك قطاع التربية , لأنها تعتبر منحة نوعية خاصة بكل الموظفين العاملين بالقطاع ,وليست حصرا على سلك دون آخر.
أما فيما يخص منحة الجنوب فان المتأمل يجد أن مطلب تحين منحة الجنوب كان غائبا عن أجندة النقابات طيلة الأربع (04) سنوات الماضية , و أول ظهور علني له بدأ سنة 2012مع نقابة السنابست وتبعتها بعدها نقابة الكنابست , ومؤخرا فقط مع نهاية السنة الماضية بدأت UNPEF تتبنى هذا المطلب لكن ليس كمطلب وطني وإنما كمطلب جهوي يخص فقط منطقة من الوطن , لذا تم إنشاء مكتب للجنوب دون وجود لمكاتب الشرق والغرب والشمال لذات النقابة , وهي إشارة تحمل مضامين سلبية أكثر منها ايجابية , فالمتتبع يجد أن وجود تنظيمات نقابية داخل المنظمة النقابية الواحدة قد يكون سلاح ذو حدين , فإما يكون عامل يقوي النقابة ويزيد من انتشارها أ
و عامل إضعاف وتشتيت لها. كما أن إفراد جهة من الوطن – رغم أنها عزيزة علينا - بمكتب نقابي دون سائر الجهات فهو يعني أن لهاته الجهة خصوصية دون سواها أو أن المكتب الوطني للنقابة لا يستطيع أو لا يريد أن يتبنى ويتكفل بمطالب هاته فعلى مناضليها وعمالها أن يعتمدوا على أنفسهم في الدفاع عن مطالبهم وانشغالاتهم. و الأمرين بصراحة غير مقبولين البتة؟
منطق الإضراب المتجدد أسبوعيا وإضراب اليوم الواحد ... خطة مدروسة أم مؤامرة محكمة؟
السؤال المحيٌر فعلا: لماذا يتم اللجوء في الجنوب لإضراب مدته ثلاثة أيام (03) متجدد كل أسبوع؟ , في حين لم يتبق من الموسم الدراسي إلا 03 أسابيع,مضى منها عمليا أسبوع , بمعنى أن الفصل الثالث في الجنوب على هذا الشكل سيتقلص إلى 08 أيام تدريس فعلية , وهو ما يعني أن التلاميذ بهذا المنطق الغريب والخطير سيدرسون فقط يومين كل أسبوع وهما الأحد والخميس, بينما الاثنين والثلاثاء والأربعاء أيام إضراب متجددة , بينما في شمال البلاد و لأجل تحقيق المطالب الوطنية والتي تهم كل عمال التربية , تدعوا نقابة UNPEF إلى إضرابين محدودي المدة كل منهما يستغرق يوم واحد فقط الأول يوم 10 أفريل 2013 , متبوع بوقفات ولائية و الثاني في 17 من الشهر نفسه يتوج بوقفة وطنية أما مديرية التربية الوطنية؟
هل هذا منطق أو إستراتيجية نقابية للاحتجاج أم هو خطة مدروسة لها أهداف أخرى أم تخبط وانعدام رؤية؟
الكل يعلم أن فصل الصيف يبدأ بولايات الجنوب الجزائري مع حلول شهر ماي , حيث ترتفع درجة الحرارة إلى أعلى معدلاتها , وأغلب المدرسين يحاولون قدر المستطاع تجنب التدريس في شهر ماي لهاته الاعتبارات , لذا يلجئون إلى الحصص الإضافية من أجل استكمال البرنامج وتتمة الدروس خاصة بالنسبة لأقسام الامتحانات سواء ي الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي , فكيف بنقابة مهما كانت مطالبها مشروعة أن تدعوا لإضراب في هذا التوقيت بالذات وبتلك الطريقة (إضراب الثلاثة أيام متجدد) – والتي ثبت فشلها مع نقابة SNAPEST العام الماضي - , بينما في شمال الوطن, حيث الجو مناسب للتدريس حتى في شهر ماي مما يمكن أي أستاذ من التدريس بشكل طبيعي وعادي خلاله لاستكمال ما ضاع من الدروس , تلجأ نقابة UNPEF إلى إضراب محدود جدا (يوم واحد فقط), وغير متجدد؟
ما التفسير في هذا التعاطي وهذا النهج مع مطالب العمال؟
وهنا يجب التوضيح والتأكيد بأني لست في وارد التحريض أو التخوين أو الاتهام مطلقا , لكني أحاول أن أفهم تصرفا أو منهجا أراه غير حكيم في التعامل مع قضايا تهمنا بصفتنا عمال في قطاع التربية. منهج أرى بأنه لا يخدم مطالب عمال الجنوب ويصب في خدمة تلك الأصوات التي تحاول أن تضفي الطابع الجهوي لمطالب وطنية في الأساس.
إن مواقف و منهج نقابة UNPEF تغير بـ 180 درجة في السنوات الأخيرة , وتكرس هذا التغيير وتجلى بشكل أوضح بعد طلاقها غير الرجعي مع نقابة CNAPEST الموسع , لأنه عند المقارنة بين المطالب المرفوعة في إضراب جنوب الوطن نجدها أكثر تحديدا ووضوحا, فهي تتمحور حول نقطة واحدة ووحيدة تتمثل في تحيين منحة المنطقة والامتياز وتعميمهما على كل الأسلاك , واحتسابهما بأثر رجعي ابتداءا من 01-01-2008 , لا أكثر ولا أقل.
بينما الناظر لمطالب إضراب اليوم الواحد لكل جهات الوطن , يجد أن مطالبه غير محددة بدقة والكثير منها غير واضحة فهي هلامية ومطاطية تحتمل التأويل والتفسير وبعضها ليس محل إجماع وإنما الغالب عليها المطالب الفئوية, وهنا وجب التطرق لنقطة هامة في هذا الإضراب , تتعلق بالرد على الذين يقولون أن مطالب الجنوب تهم فقط عمال الجنوب وقد تكفل بها مكتبهم الجهوي هناك, ولا داعي لكي تدرج ضمن إضراب وطني , لكن للأسف هذا الكلام غير ذي صدقية, لأنه يتعارض تعارضا تاما مع موقف ذات النقابة في قضايا مماثلة. والدليل على ذلك هو أن أغلب المطالب المرفوعة في الإضراب الوطني ليوم 10 و17 أفريل الجاري , هي مطالب فئوية أي أنها لا تهم كل أسلاك التربية بل تعني بعض الفئات والأسلاك بعينها , لكن وبما أن الإضراب كان وطنيا فكان لازما على الأسلاك والفئات الأخرى غير المعنية بهاته المطالب أن تتضامن مع الفئات والأسلاك الأخرى وتدعمها وتساندها من خلال الإضراب معها. وهو مبدأ مهم في التضامن الوطني بين العمال. فكيف تدافع UNPEF عن مبدأ التضامن في الخدمات الاجتماعية وترفضه في مطالب عمال الجنوب؟
إن هذا التخبط وهذا الموقف غير المدروس وهو الذي دفع نقابة مثل CNAPEST الموسع المعروفة بتحفظها في مثل هذه المواقف بالتلميح بشكل جلي إلى أن بعض النقابات – وهي تعني UNPEF – ركبت موجة احتجاجات الجنوب لتستثمر فيها بطريقة غير غامضة وارتجالية , وأنا أوافق تماما كل ما ورد في بيان CNAPEST الموسع الأخير بتاريخ 03 أفريل 2013 , لأنه سمى الأسماء بمسمياتها ووضع النقاط على الحروف بشكل واضح وجريء يعجز الكثير عن البوح به. فهل انخرطت نقابة UNPEF رفقة بعض الأحزاب ذات التوجه الإسلاموي وبعض الأحزاب الأخرى ومع جمعيات من المجتمع المدني في مخطط الربيع العربي والذي يراد منه تصدير الفوضى الخلاقة بالجزائر؟ سؤال يبقى بحاجة إلى توضيح وإجابة من المعنيين بالأمر.
لقد حفظت نقابتا SNTEو CNAPEST الموسع الدرس واستفادتا من أخطاء UNPEF المتكررة في إضرابات العام الماضي , لذا وجدنا أن نقابة مثل SNTE دعت لإضراب واحتجاج ليوم واحد واختارت يوم العلم 16 أفريل 2013 كموعد لذلك, فلما لهذا اليوم من رمزية خاصة ارتأت أن توجه رسالة واضحة إلى الوزارة الوصية, بينما تريثت نقابة CNAPEST الموسع لتدرس وتقيٌم كل خيارات القاعدة من خلال الجمعيات العامة الولائية , لكنها في نفس الوقت هددت بمقاطعة الامتحانات الرسمية خاصة شهادة الباكلوريا , وهو تصريح على الوزارة أن تدرك جيدا دلالاته وأبعاده لان الوزارة تعلم علم اليقين من خلال تعاطيها مع نقابة CNAPEST الموسع أنها حينما تهدد تنفذ تهديدها, وتعرف جيدا حجم تمثيلها وقوتها في الميدان , وراديكاليتها المعروفة من خلال تاريخها النقابي وتوجهاتها الإيديولوجية التي لا تخفى على أحد.
وبالنتيجة فان الوضع في قطاع التربية مرشح للمزيد من التصعيد , لان الساحة أصبحت مقسمة على ثلاث جماعات نقابية ضاغطة هي:
1- تحالف نقابات الوظيف العمومي: ورأس حربته نقابة UNPEF ونقابة SNAPAP و نقابة SNAPEST. تحالف يبحث عن تحقيق مكاسب لإعادة التموقع في الساحة من جديد والاهم يسعى للحصول على مقعد ضمن الثلاثية والدخول كممثل للعمال في الصناديق الاجتماعية.
2- نقابة CNAPEST الموسع والتي بعد انفراط عقد التحالف مع نقابة UNPEF اتجهت إلى الانفتاح على الأسلاك الأخرى حتى تتجدد وتستمر في الحياة.
3- نقابة SNTE تحاول من خلال تنسقيتها للأساتذة الأيلين للزوال خصوصا استعادة بعضا من تمثيليتها في القطاع والعودة لواجهة الأحداث.
أما باقي النقابات فقد دخلت في حالة موت سريري عميق لا أمل فيه.
النقابات و رقصة الديك المذبوح ...
كل المعطيات والمعلومات المستقاة من المصادر الموثوق بها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك , أن الواقع الحالي يشبه " رقصة الديك المذبوح " , فالناظر للديك المذبوح , يتوهم أن الديك فرحا و منتشيا يرقص لكن واقع الحال أن الديك من الألم يصرخ , فالوزير صرح مرارا وتكرارا بأن القانون الأساسي لن يعاد فتحه أو تعديله والواضح جدا أن الحكومة حسمت قرارها في هذا الموضوع بالرفض , وحتى النقابات أعتقد أنها تعلم بذلك وتعرف صعوبة تحقيق هذا المطلب على الأقل في هذا الوقت وبعد عدة أشهر من تعديله , لكنها أي النقابات دائما تحاول أن تبيع الوهم لعمالها لا تقدم حلولا واقعية ومدروسة وإنما فقط مطالب عمومية مبهمة , تحتاج إلى جلسات ونقاشات عميقة , فمثلا نلاحظ بأن المطلب الرئيسي لإضرابي UNPEF و SNTE , وحسب ما ورد في بيانيهما المؤرخين في 14 مارس 2013 و 24 مارس 2013 على التوالي نجد العبارة التالية تتكرر حرفيا مع تعديلات طفيفة في البيانين بشكل مثير للدهشة والغرابة: " تعديل اختلالات المرسوم 08-315 المعدل والمتمم بالمرسوم 12-240, لرفع الغبن الذي طال أسلاك التربية عامة و ما اصطلح عليه ظلما بالرتب الآيلة للزوال خاصة هيئات التدريس " , وهنا نجد أن المهم عند النقابتين تعديل القانون الأساسي دون توضيح جوانب التعديلات والفئات التي يمسها التعديل ومقترحات النقابة فيما يخص التعديلات المقترحة , لان التجربة السابقة في التفاوض , علمتنا انه في الكثير من المرات تكون مقترحات النقابة أسوء بكثير من مقترحات الوزارة؟
إن النقابتين بنهجهما هذا فإنهما لا يسعيان إلى الحلول وإنما هدفهما تسيير الأزمة بترحيلها من شهر لآخر حتى ينتهي الموسم الدراسي وعندها تسكت عن الكلام المباح حتى يطلع الصباح , صباح موسم دراسي جديد بوعود جديدة ومطالب قديمة متجددة, وإلا لماذا لم تعلن مطالبها بشكل أوضح كما فعلت نقابة CNAPEST في بيانها الأخير والذي نص على ما يلي: ((التسوية العاجلة لوضعية الأساتذة الموصوفين بالآيلين للزوال و ذلك بإدماجهم في الرتب القارة التي يتضمنها القانون الأساسي الخاص بمستخدمي التربية الوطنية)), فهو يطالب بإدماجهم في الرتب القارة والتي لا تحتمل أي لبس أو تأويل والمقصود بها الرتب القاعدية للتوظيف.إذا مشكلتنا بالأساس في قطاع التربية تتمثل في: انعدام الشفافية وعدم وضوح الرؤية لدى النقابات وغياب منهجية ثابتة للمطالبة بالحقوق و الأخطر من كل هذا الشوفينية النقابية التي بدأت بوادرها تلوح في الأفق.
وأخيرا يمكن القول بأن الكثير من الاختلالات يمكن معالجتها دون تعديل القانون الأساسي وذلك من خلال المراسيم التنفيذية المتعلقة بكيفيات تنظيم التكوين عن بعد والمسابقات والامتحانات المهنية ومن خلال تعليمات الوظيف العمومي ,
منحة الجنوب ... الاعلان في الفاتح ماي وبأثر رجعي
أما منحة الجنوب فمن المؤكد أن اللجنة الحكومية أنهت أشغالها أو تكاد , كما أنه من المنتظر أن يتم الإعلان عنها بالتزامن مع الاحتفالات المخلدة لليوم العالمي للشغل الموافق للفاتح ماي سيكون الاحتفال الرسمي به موعدا لإعلان قرارات هامة تصب كلها في صالح الطبقة الشغيلة عامة و الجنوب بصفة خاصة ... و نأمل دائما خيرا لان الأوضاع السياسية و الاجتماعية والأمنية المحيطة بالجزائر لا تسمح اليوم بأي انزلاق في الوضع الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى عواقب لا تحمد عقباها , حينها بدل أن نبحث عن امتيازات جديدة ومنح وعلاوات, يبقى اهتمامنا منصبا على ضمان الأمن والأمان لعائلاتنا وتوفير لقمة العيش وتحصيل رواتبنا وفقط! , لذا علينا أن نكون برغماتيين ومنطقيين في تعاملنا مع الأحداث والوقائع ونحسن استخلاص العبر والدروس.