مشاهدة النسخة كاملة : الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديثا من كتاب -رياض الصالحين- مع الشرح : الأسبوع الخامس عشر
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2128247440a82965e3.gif
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
ان الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2128247440a82965e3.gif
حياكم الله اخواتي الكرام في هذه المساحة التي خصصت فقط للشرح الكتابي والصوتي
للاربعون حديثا من كتاب رياض الصاحين
بشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهُ الله
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2128247440a82965e3.gif
نبدأ بإذن الله تعالى دورة جديده في حفظ الاربعين الحديثا من كتاب رياض الصاحين
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2128247440a82965e3.gif
في بداية كل أسبوع يوضع حديثين
بالشرح الصوتي والكتابي ان شاء الله
للأحاديث المطالبات بحفظها دفعة واحدة ليكون لكم اخوتي الكرام حرية تقسيم وقتكم في الحفظ
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2128247440a82965e3.gif
http://www.lakii.com/vb/smile/10-14.gifhttp://www.lakii.com/vb/smile/1-190.gifhttp://www.lakii.com/vb/smile/10-14.gif هنا يتم التسجل http://www.lakii.com/vb/smile/10-14.gifhttp://www.lakii.com/vb/smile/1-190.gifhttp://www.lakii.com/vb/smile/10-14.gif
التسجيل للدورة الثانية لحفظ الأربعين حديثا من كتاب رياض الصالحين (http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=126614)
(http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=126614)
من الأسباب التي يستعان بها في حفظ الحديث (http://djelfa.info/vb/showthread.php?t=76999)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2128247440a82965e3.gif
سائلين من المولى جل وعلى أن يعيننا جميعا على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته
نسأل الله أن يصحح نياتنا ، ويحسن مقاصدنا ، ويطهر قلوبنا ، ويتقبل منا ،
وأن يهدينا سواء السبيل ، وأن يرزقنا الاخلاص في القول والعمل ، انه قريب
مجيب الدعاء .
ونسأله أن يجعل أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم
http://www.cheesebuerger.de/images/more/feuer/a220.gifإخوانكم المشرفين بالدورة الثانيةhttp://www.cheesebuerger.de/images/more/feuer/a220.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2128247440a82965e3.gif
لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين http://www.cheesebuerger.de/images/more/feuer/a220.gif
توقيع منتديات الجلفة http://www.djelfa.info/vb/images/moucharek.gif
أم عدنان
2009-05-02, 09:05
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
الأسبوع الأول:
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث الأول
الإخلاص وإحضار النية في جميع الأعمال والأقوال البارزة والخفية :
عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها قالت:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
(( يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم))
قالت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ، ومن ليس منهم؟
قال: (( يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم))
( متفق عليه) هذا لفظ البخاري.
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح
ذكر المؤلف حديث عائشة ـ رضي الله عنها- أن النبي صلي الله عليه وسلم أخبر أنه يغزو جيش الكعبة، الكعبة المشرفة حماها الله وأنقذها من كل شر.هذه الكعبة هي بيت الله؛ بناه إبراهيم ، وابنه إسماعيل - عليهما الصلاة والسلام - وكانا يرفعان القواعد من البيت ويقولان( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
(البقرة: من الآية127)
هذا البيت أراد ابرهة أن يغزو من اليمن ، فغزاه بجيش عظيم في مقدمته فيل
عظيم؛ يريد أن يهدم به الكعبة - بيت الله - فلما قرب من الكعبة ووصل إلي
مكان يقال له المغمس حرن الفيل، وأبي أن يتقدم ، فجعلوا ينهرونه ليتقدم إلي
الكعبة فأبي ، فإذا صرفوه نحو اليمن هرول وأسرع؛ ولهذا قال الرسول - عليه الصلاة والسلام - في غزوة الحديبية لما أن ناقته حزنت ، وبركت من غير علة - قال الرسول صلي الله عليه وسلم ( ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق!) فالنبي - عليه الصلاة والسلام - يدافع عن بهيمة ، لأن الظلم لا ينبغي، ولو على البهائم.
(( ما خلات القصواء وما ذاك لها بخلق - أي عادة- ولكن حبسها حابس الفيل)) وحابس الفيل: هو الرب سبحانه وتعالي، والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطتيهم إياها))
المهم أن الكعبة غزيت من قبل اليمن، في جيش عظيم ، يقوده هذا الفيل العظيم، ليهدم الكعبة، فلما وصلوا إلي المغمس أبي الفيل أن يمشي ، وحرن ، فنتهروه، ولكن لا فائدة، فبقوا هناك وانحبسوا ، فأرسل الله عليهم طيراً أبابيل ، والأبابيل : يعني الجماعات الكثيرة من الطيور ، وكل طير يحمل حجراً قد أمسكه برجله، ثم يرسله على الواحد منهم،حتى يضربه مع هامته ويخرج إلي دبره (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (الفيل:5).كأنهم زرع أكلته البهائم ، وأندكوا في الأرض ،
وفي هذا يقول أمية بن الصلت
حبس الفيل في المغمس حتى ظل يحبو كأنه معقور
فحمي الله عز وجل بيته من كيد هذا الملك الظالم الذي ججاء ليهدم بيت الله، وقد قال الله عز وجل، : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)
(الحج: من الآية25)
في آخر الزمان يغزو قوم الكعبة، جيش عظيم.
وقوله (حتى إذا كانوا بيداء من الأرض))أي بأرض واسعة متسعة، خسف الله بأولهم وآخرهم.
خسفت بهم الأرض ، وساخوا فيها هم وأسواقهم، وكل من معهم.
وفي هذا دليل على أنهم جيش عظيم؛ لأن معهم أسواقهم؛ للبيع والشراء وغير ذلك.
فيخسف الله بأولهم وآخرهم.لما قال الرسول صلي الله عليه وسلم هذا، ورد على خاطر عائشة - رضي الله عنها- سؤال، فقالت: يا رسول الله(( كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم، ومن ليس منهم ؟)) أسواقهم: الذين جاءوا للبيع والشراء؛ ليس لهم قصد سيء في غزو الكعبة، وفيهم أناس ليسوا منهم تبعوهم من غير أن يعلموا بخطتهم، فقال الرسول صلي الله عليه وسلم ( يخسف بأولهم وآخرهم وأسواقهم ومن ليس منهم ثم يبعثون يوم القيامة على نياتهم)) كل له ما نوي.
هذا فرد من أفراد قول الرسول - عليه الصلاة والسلام : (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي)).
وفي هذا الحديث عبرة : أن من شارك أهل الباطل وأهل البغي والعدوان، فإنه يكون معهم في العقوبة؛ الصالح والطالح، العقوبة إذا وقعت تعم الصالح والطالح، والبر والفاجر، والمؤمن والكافر، والمصلي والمستكبر، ولا تترك أحداً، ثم يوم القيامة يبعثون علي نياتهم.
يقول الله عز وجل: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ
اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25) والشاهد من هذا الحديث قول الرسول صلي الله عليه وسلم (( ثم يبعثون علي نياتهم)) فهو كقوله: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي)).
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
تم بحمد الله شرح الحديث الأول
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
(http://www.djelfa.info/vb/%D9%88%D8%AC%D9%88%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A E%D9%84%D8%A7%D8%B5%20%D9%88%D8%A5%D8%AD%D8%B6%D8% A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D8%A9%20%D9%81 %D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%8 4)
الإخلاص وإحضار النية
(http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2879&series_id=)
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
أم عدنان
2009-05-02, 09:07
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الحديث الثاني :
الإخلاص لله :
عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (( إن الله لا ينظر إلي أجسادكم ولا إلي
صوركم ولكن ينظر إلي قلوبكم)).
( رواه مسلم).
الشرح :
هذا الحديث يدل على ما يدل عليه قول الله تعالي:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم)(الحجرات: من الآية13
فالله سبحانه وتعالي لا ينظر إلي العباد إلي أجسامهم هل هي كبيرة أو صغيرة، أو صحيحة، أو سقيمة، ولا ينظر إلي الصور، هل هي جميلة أو ذميمة، كل هذا ليس بشيء عند الله، وكذلك لا ينظر إلي الأنساب؛ هل هي رفيعة أو دنيئة، ولا ينظر إلي الأموال، ولا ينظر إلي شيء من هذا أبدا، فليس بين الله وبين خلقه صلة إلا بالتقوي، فمن كان لله أتقي كان من الله أقرب، وكان عند الله أكرم؛ إذا لا تفتخر بمالك، ولا بجمالك، ولا ببدنك، ولا بأولادك، ولا بقصورك، ولا سياراتك، ولا بشيء من هذه الدنيا أبدا إنما إذا وفقك الله للتقوى فهذا من فضل الله عليك فأحمد الله عليه قوله عليه الصلاة والسلام: (( ولكن ينظر إلي قلوبكم))فالقلوب هي التي عليها المدار، وهذا يؤيد الحديث الذي صدر المؤلف به الكتاب؛(( إنما الأعمال بالنيات)) .
القلوب هي التي عليها المدار، كم من إنسان ظاهر عمله أنه صحيح وجيد وصالح، لكن لما بني على خراب صار خراباً ، فالنية هي الأصل ، تجد رجلين يصليان في صف واحد، مقتدين بإمام واحد، يكون بين صلاتيهما كما بين المشرق والمغرب؛ لأن القلب مختلف، أحدهما قلبه غافل ، بل ربما يكون مرائيا في صلاته- والعياذ بالله - يريد بها الدنيا.والآخر قلبه حاضر يريد بصلاته وجه الله واتباع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم .
فبينهما فرق عظيم ، فالعمل على ما في القلب، وعلي ما في القلب يكون الجزاء يوم القيامة ؛ كما قال الله تعالي: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) (الطارق:8) (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ) (الطارق:8/9) أي : تختبر السرائر لا الظواهر . في الدنيا الحكم بين الناس على الظاهر ؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم : (( إنما أنا بشر وإنكم تختصمون، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو مما أسمع)) لكن في الآخرة على ما في السرائر ، نسأل الله أن يطهر سرائرنا جميعاً.
العلم على ما في السرائر: فإذا كانت السريرة جيدة صحيحة فأبشر بالخير ، وإن كانت الأخرى فقدت الخير كله، وقال الله عز وجل:(أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ) (وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ) (العاديات9/10) فالعلم على ما في القلب.
وإذا كان الله تعالي في كتابه ، وكان رسوله صلي الله عليه وسلم في سنته يؤكدان على إصلاح النية؛ فالواجب على الإنسان أن يصلح نيته، يصلح قلبه، ينظر ما في قلبه من الشك فيزيل هذا الشك إلي اليقين .كيف؟ وذلك بنظره في الآيات:(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190) (وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)(الجاثـية:4) إذا ألقي الشيطان في قلبك الشك فانظر في آيات الله. انظر إلي هذا الكون من يدبره انظر كيف تتغير الأحوال، كيف يداول الله الأيام بين الناس، حتى تعلم أن لهذا الكون مدبراً حكيماً عز وجل.
الشرك؛ طهر قلبك منه. كيف أطهر قلبي من الشرك؟
أطهر قلبي ؛ بأن أقول لنفسي: إن الناس لا ينفعوني إن عصيت الله ولا
ينقذونني من العقاب ، وإن أطعت الله لم يجلبوا إلي الثواب.
فالذي يجلب الثواب ويدفع العقاب هو الله. إذا كان الأمر كذلك فلماذا تشرك بالله- عز وجل- لماذا تنوي بعبادتك أن تتقرب إلي الخلق.
ولهذا من تقرب إلي الخلق بما يتقرب به إلي الله ابتعد عنه، وابتعد عنه الخلق.
يعني لا يزيده تقربه إلي الخلق بما يقربه إلي الله؛ إلا بعداً من الله ومن الخلق؛ لن الله إذا رضي عنك أرضي عنك الناس، وإذا سخط عليك أسخط عليك الناس، نعوذ بالله من سخطه وعقابه.
المهم يا أخي : عالج القلب دائماً ، كن دائماً في غسيل للقلب حتى يطهر؛ كما قال الله -عز وجل - : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُم)(المائدة: من الآية41) فتطهير القلب أمر مهم جداً، أسال الله أن يطهر قلبي وقلوبكم، وأن يجعلنا له مخلصين ولرسوله متبعين.
تم بحمد الله شرح الحديث الثاني
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الإخلاص لله (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2880&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
(http://download.media.islamway.com/lessons/qattan/readalSAlhen/01.rm)
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
الأسبوع الثاني
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث الثالث :
توقير العلماء والكبار وأهل الفضل
وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله و سلم :
(( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء ، فأعلمهم بالسنة ،فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء ، فأقدمهم سناً ، ولا يؤمَنَ الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ))
رواه مسلم (183) .
وفي رواية له : (( فأقدمهم سِلماً )): بدل (( سِنا )) أو إسلاماً .
وفي رواية : (( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، وأقدمهم قراءة ، فإن كانت قراءتهم سواء فيؤمهم أقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سناً )) .
والمراد (( بسلطانه )) : محل ولايته ، أو الموضع الذي يختص به .
(( وتكرمته )) بفتح التاء وكسر الراء : وهي ما ينفرد به من فراش وسرير ونحوهما .
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الـشـرح :
ويقصد بالعلماء علماء الشريعة الذين هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن العلماء ورثة الأنبياء ؛ لأن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ، فإن النبي صلى عليه وسلم توفي عن بنته فاطمة وعمه العباس ولم يرثوا شيئاً ؛ لأن الأنبياء لا يورثون إنما ورثوا العلم .
فالعلم شريعة الله فمن أخذ بالعلم ؛ أخذ بحظ وافر من ميراث العلماء .
وبتوقير العلماء توقر الشريعة ؛ لأنهم حاملوها ، وبإهانة العلماء تهان الشريعة ؛ لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس ؛ ذلت الشريعة التي يحملونها ، ولم يبق لها قيمة عند الناس ، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة .
كما أن ولاة الأمر من الأمراء والسلاطين يجب احترامهم وتوقيرهم تعظيمهم وطاعتهم ، حسب ما جاءت به الشريعة ؛ لأنهم إذا احتقروا أمام الناس ، وأذلوا ، وهون أمرهم ؛ ضاع الأمن وصارت البلاد فوضى ، ولم يكن للسلطان قوة ولا نفوذ .
فهذان الصنفان من الناس العلماء والأمراء ، إذا احتقروا أمام أعين الناس فسدت الشريعة ، وفسدت الأمن ، وضاعت الأمور ، وصار كل إنسان يرى أنه هو العالم ، وكل إنسان يرى لأنه هو الأمير ، فضاعت الشريعة وضاعت البلاد ، ولهذا أمر الله تعالى بطاعة ولاة الأمور من العلماء والأمراء فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [النساء: 59] .
وفي حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )) يعني يكون إماماً فيهم أقرؤهم كاتب الله(( فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً )) أي إسلاماً ، وفي لفظ سناً أي أكبرهم سناً .
وهذا يدل على أن صاحب العلم مقدم على غيره ؛ يقدم العلم بكتاب الله ، ثم العالم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يقدم من القوم في الأمور الدينية إلا خيرهم أفضلهم .
وهذا يدل على تقديم الأفضل فالأفضل في الإمامة ، وهذا في غير الإمام الراتب ، أما الإمام الراتب فهو الإمام وإن كان في الناس من هو أقرأ منه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث : (( ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه )) وإمام المسجد الراتب سلطان في مسجده ، حتى إن بعض العلماء يقول : لو أن أحداً تقدم وصلى بجماعة المسجد بدون إذن الإمام فصلاتهم باطلة ، وعليهم أن يعيدوا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الإمامة ، والنهي يقتضي الفساد ، والله الموفق .
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
تم بحمد الله شرح الحديث الثالث
لإستماع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
توقير العلماؤ ووالكبار وأهل الفضل (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2916&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الحديث الرابع :
فضل البكاء من خشية الله تعالى وشوقا إليه
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه ، وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال : إني أخاف الله تعالى ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ))
متفق عليه(302) .
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح :
البكاء من خشية الله عز وجل ، يعني خوفاً منه وشوقاً إليه تبارك وتعالى ، وذلك أن البكاء له أسباب : تارة يكون الخوف ، وتارة يكون الألم ، وتارة يكون الشوق ، وغير ذلك من الأسباب التي يعرفها الناس .
ولكن البكاء من خشية الله إما خوفاً منه وإما شوقاً إليه تبارك وتعالى ، فإذا كان البكاء من معصية فعلهاالإنسان ؛ فهذا البكاء سببه الخوف من الله عز وجل ،وإذا كان عن طاعة فعلها ، كان هذا البكاء شوقاً إلى الله سبحانه وتعالى .
وقد نصت آية فيها الثناء على الذين يبكون من خشية الله وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ) [الإسراء: 107] أي أوتوا العلم من قبل القرآن ، وهم أهل الكتاب ( إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً ) [الإسراء: 107 ، 108] ، يعني إن وعد ربنا واقع لا محالة ، فإن هنا للتوكيد .
( وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ) يعني عليها ، والمراد المبالغة في السجود ، حتى تكاد أذقانهم تضرب بالأرض من شدة المبالغة في سجودهم( وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) خشوعاً في القلب يظهر أثره وعلامته على الجوارح .
والآية الثانية قوله تعالى : ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) [لنجم: 59 ، 60] ، وهذا ذم لهم أن يضحك الإنسان من القرآن ويعجب منه عجب استنكار وسخرية ولا يبكي منه ، والقرآن أعظم واعظ ، يعظ الله به القلوب ، لكنه إذا ورد على قلوب كالحجارة والعياذ بالله ؛ فإنها لا تلين ولكنها تزداد صلابة . نسأل الله العافية .
وقد نص حديث أبي هريرة المشهور :((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) وذكر منهم : ((رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )) ذكر الله بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وأحكامه وآياته ، ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ، إما شوقاً إليه ، وإما خوفاً منه ، فهذا من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
والمراد بالظل هنا : ظل يخلقه الله عز وجل يوم القيامة يظلل فيه من شاء من عباده ، وليس المراد ظل نفسه جل وعلا ؛ لأن الله نور السموات والأرض ، ولا يمكن أن يكون الله ظلاً من الشمس ، فتكون الشمس فوقه وهو بينها وبين الخلق ، ومن فهم هذا الفهم فهو بليد أبلد من الحمار ؛ لأنه لا يمكن أن يكون الله عز وجل تحت شيء من مخلوقاته ، فهو العلي الأعلى ، ثم هو نور السموات والأرض .
وقال : (( يوم لا ظل إلا ظله )) ؛ لأننا في الدنيا نستظل بالبناء الذي نبنيه ، ونستظل بالأشجار التي تغرس ، ونستظل بسفوح الجبال ، وبالجدران ، وبغير ذلك ، نستظل بأشياء نحن نصنعها بأيدينا وبأشياء خلقها الله عز وجل .
المهم أن قوله (( يوم لا ظل إلا ظله )) أي : إلا الظل الذي يخلقه الله عز وجل ، يظل به من شاء من عباده . وهذا هو الشاهد .
قوله : (( ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )) فأنت يا أخي إذا ذكرت الله فاذكر ربك خالي القلب ، لا تفكر في شيء ، إن فكرت في شيء لم يحصل لك أن تبكي من خشية الله أو الشوق إليه ؛ لأنه لا يمكن أن يبكي الإنسان وقلبه مشغول بشيء آخر ، كيف تبكي شوقاً إلى الله وخوفاً منه وقلبك مشغول بغيره؟! ولهذاقال : ((ذكر الله خالياً ))يعني : خالي القلب مما سوى اللهعز وجل ، خالي الجسم أيضاً، ليس عنده أحد حتى يكون بكاؤه رياء وسمعه، فهو مخلص القلب ، فهذا أيضاً ممن يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . أسأل الله أن يظلني وإياكم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
تم بحمد الله شرح الحديث الرابع
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
فضل البكاء من خشية الله وشوقا إليه (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2919&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
أم عدنان
2009-05-16, 07:39
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الأسبوع الثالث :
http://www.tgareed.com/vb/images/usersimages/13400_1130273869.gif
الحديث الخامس :
التوبة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
(والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة )
رواه البخاري
http://www.lakii.com/vb/smile/1-190.gif الشرح :http://www.lakii.com/vb/smile/1-190.gif
قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب ، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالي، لا تتعلق بحق آدمي؛ فلها ثلاثة شروط :
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
والثاني: أن يندم على فعلها.
والثالث : أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً. فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ منحق صاحبها، فإن كانت مالاً او نحوه رده إليه، وإن كانت حد قذف ونحوه مكنه منه أو طلب عفوه ، وإن كانت غيبة استحله منها . ويجب أن يتوب من جميع الذنب، وبقي عليه الباقي. وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة:
قال الله تعالي:( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: من الآية31) وقال تعالي: ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ )(هود: من الآية3) وقال تعالي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً)(التحريم: من الآية8).
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام أقسم بأنه يستغفر الله ويتوب إليه أكثر من سبعين مرة.
وهذا هو الرسول عليه الصلاة والسلام- الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر -يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة.
وفي حديث الأغر بن يسار المزني أنه صلي الله عليه وسلم قال: (( يا أيها الناس توبوا إلي الله واستغفروه فإني أتوب إلي الله في اليوم مائة مرة)).
ففي هذين الحديثين دليل على وجوب التوبة، لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بها فقال:(( يا أيها الناس توبوا إلي الله)) فإذا تاب الإنسان إلي ربه حصل بذلك فائدتين:
الفائدة الأولي :امتثال أمر الله ورسوله؛ وفي امتثال أمر الله ورسوله كل الخير. فعلي امتثال أمر الله ورسوله تدور السعادة في الدنيا والآخرة.
والفائدة الثانية : الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم . حيث كان صلي الله عليه وسلم يتوب إلي الله في اليوم مائة مرة؛ يعني: يقول: أتوب إلي الله، أتوب إلي الله …
والتوبة لابد فيها من صدق، بحيث إذا تاب الإنسان إلي الله أقلع عن الذنب.أما الإنسان الذي يتوب بلسانه وقلبه منطو على فعل المعصية، أو على ترك الواجب. أو يتوب إلي الله بلسانه، وجوارحه مصرة على فعل المعصية ؛ فإن توبته لا تنفعه ، بل إنها أشبه ما تكون بالاستهزاء بالله عز وجل!
كيف تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت مصر عليها، أو تقول أتوب إلي الله من معصية وأنت عازم علي فعلها؟
الإنسان لو عامل بشرا مثله بهذه المعاملة لقال هذا يسخر بي، ويستهزئ بي!! كيف يتنصل من أمر عندي وهو متلبس به؟ ما هذا إلا هزو ولعب، فكيف برب العالمين؟
إن من الناس من يقول إنه تائب من الربا، ولكنه- والعياذ بالله مصر عليه!!يمارس الربا صريحا، ويمارس الربا مخادعة ، وقد مر بنا كثيراً أن الذي يمارس الربا مخادعة أعظم إثما وجرما من الذي يمارس الربا بالصراحة. لأن الذي يمارس الربا بالمخادعة جنى علة نفسه مرتين:
أولاً: الوقوع في الربا.
وثانياً: مخادعة الله- عز وجل - وكان الله- سبحانه وتعالي- لا يعلم. وهذا يوجد كثيرا في الناس اليوم الذين يتعاملون في الربا صريحاً، أمرهم واضح، لكن من الناس من يتعامل في الربا خيانة ومخادعة؛ تجد عنده أموالاً لها سنوات عديدة في الدكان، فيأتي الغني بشخص فقير يوقده للمذبحة والعياذ بالله !! فيأتي إلي صاحب الدكان الذي عنده هذه البضاعة ، ويبيعها على الفقير بالدين بيعاً صورياً. وكل يعلم أنه ليس بيعاً حقيقياً؛ لأن هذا المشتري - المدين- لا يقلب المال، ولا ينظر إليه، ولا يهمه ، بل لو كان أكياساً من الرمل ويبعث عليه علي أنها رز أو سكر أخذها؛ لأنه لا يهمه؛ الذي يهمه أن يقضي حاجة فيبيعها عليه - مثلاً- بعشرة آلاف لمدة سنة ، وينصرف بدون أن ينقلها من مكانها، ثم يبيعها هذا المدين على صاحب الدكان بتسعة آلاف- مثلاً- فيؤكل هذا الفقير من وجهين: من جهة هذا الذي دينه، ومن جهة صاحب الدكان، ويقولون: إن هذا صحيح .بل يسمونه التصحيح ، يقول قائلهم: تعال أصحح عليك، أو أصحح لك كذا وكذا .سبحان الله، هل هذا تصحيح؟ هذا تلطيخ بالذنوب والعياذ بالله!!
ولهذا يجب علينا - إذا كنا صادقين مع الله - سبحانه وتعالي- في التوبة- أن نقلع عن الذنوب والمعاصي إقلاعاً حقيقياً، ونكرها، ونندم علي فعلها؛ حتى تكون التوبة توبة نصوحاً.
وفي هذين الحديثين : دليل على أن نبينا محمداً صلي الله عليه وسلم اشد الناس عبادة لله، وهو كذلك، فإنه أخشانا لله، وأتقانا لله، وأعلمنا بالله صلوات الله وسلامه عليه.
وفيه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام معلم الخير بمقاله وفعاله
فكان يستغفر الله، ويأمر الناس بالاستغفار؛ حتى يتأسوا به امتثالاً للأمر واتباعا للفعل.
وهذا من كمال نصحه صلوات الله وسلامه عليه لأمته. فينبغي لنا نحن أيضاً أن نتأسي به، إذا امرنا الناس بأمر أن نكون أول من يمتثل هذا الأمر، وإذا نهيناهم عن شيء أن نكون أول من ينتهي عنه، لأن هذا هو حقيقة الداعي إلي الله، بل هذا حقيقة الدعوة غلي الله عز وجل؛ أن تفعل ما تؤمر به، وتترك ما تنهي عنه. كما كان الرسول صلي الله عليه وسلم يأمرنا التوبة وهو - عليه الصلاة والسلام- يتوب أكثر منا . نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، وأن يهدينا وإياكم صراطاً مستقيماً.
والله الموفق.
تم بحمد الله شرح الحديث الخامس
http://www.tgareed.com/vb/images/usersimages/13400_1130273869.gif
إستماع شرح الشيخ محمد بن صالح اعثيمين رحمه الله :
باب التوبة (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2881&scholar_id=50&series_id=112)
(http://www.djelfa.info/vb/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%A 8%D8%A9)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
أم عدنان
2009-05-16, 07:49
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الحديث السادس :
الصبر
عن أبي يحيي صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
(( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له))
( رواه مسلم).
http://www.lakii.com/vb/smile/1-190.gif الشرح: http://www.lakii.com/vb/smile/1-190.gif
الصبر في اللغة : الحبس
والمراد به في الشرع : حبس النفس على أمور ثلاثة:
الأول: على طاعة الله.
الثاني : عن محارم الله.
الثالث : على أقدار الله المؤلفة.هذه أنواع الصبر التي ذكرها أهل العلم.
الأمر الأول : أن يصبر الإنسان على طاعة الله لأن الطاعة ثقيلة على النفس، وتصعب على الإنسان ، وكذلك ربما تكون ثقيلة على البدن بحيث يكون مع الإنسان شيء من العجز والتعب، وكذلك أيضا يكون فيها مشقة من الناحية المالية؛ كمسألة الزكاة ومسالة الحج، فالطاعات فيها شيء من المشقة على النفس والبدن، فتحتاج إلي صبر ، وإلي معاناة قال الله تعالي:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200) .
الأمر الثاني : الصبر عن محارم الله بكف الإنسان نفسه عما حرم الله عليه، لأن النفس الأمارة بالسوء تدعو إلي السوء، فيصبر الإنسان نفسه,مثل الكذب ، والغش في المعاملات، وأكل المال بالباطل بالرب أو غيره، والزنا، وشرب الخمر، والسرقة، وما أشبه ذلك من المعاصي الكثيرة.
فيحبس الإنسان نفسه عنها حتى لا يفعلها ، وهذا يحتاج أيضاً إلي معاناة، ويحتاج إلي كف النفس والهوى.
أما الأمر الثالث : فهو الصبر على أقدار الله المؤلمة ؛ لأن أقدار الله- عز وجل-على الإنسان ملائمة ومؤلمة.
الملاءمة : تحتاج إلي الشكر، والشكر من الطاعات؛ فالصبر عليه من النوع الأول.
ومؤلمة : بحيث لا تلائم الإنسان تكون مؤلمة؛ فيبتلي الإنسان في بدنه،ويبتلي في ماله بفقده. ويبتلي في أهله، ويبتلي في مجتمعه .
قال المؤلف- رحمه الله- فيما نقله عن صهيب الرومي: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير)) أي: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر العجب على وجه الاستحسان (( لأمر المؤمن)) أي: لشأنه.فإن شأنه كله خير، وليس ذلك لأحد إلا المؤمن.
ثم فصل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الخير، فقال: (( إن أصابته سراء شكر فكان خير له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له))هذه حال المؤمن. وكل إنسان ؛ فإنه في قضاء الله وقدره بين أمرين:
مؤمن وغير مؤمن، فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له، إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله؛ فكان ذلك خيراً له، فنال بهذا أجر الصائمين.
وإن اصابته سراء من نعمة دينية؛ كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية؛ كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله - عز وجل.
فيشكر الله فيكون خيرا له، ويكون عليه نعمتان: نعمة الدين، ونعمة الدنيا.
نعمة الدنيا بالسراء، ونعمة الدين بالشكر، هذه حال المؤمن ، فهو علي خير، سواء أصيب بضراء
وأما الكافر فهو على شر- والعياذ بالله- إن اصابته الضراء لم يصبرن بل يتضجر، ودعا بالويل والثبور، وسب الدهر، وسب الزمن، بل وسب الله- عز وجل- ونعوذ بالله.
وإن اصابته سراء لم يشكر الله، فكانت هذه السراء عقاباً عليه في الآخرة، لأن الكافر لا يأكله أكلة، ولا يشرب إلا كان عليه فيها إثم، وإن كان ليس فيها إثم بالنسبة للمؤمن ، لكن على الكافر إثم، كما قال الله تعالي: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )(لأعراف: من الآية32) ، هي للذين آمنوا خاصة، وهي خالصة لهم يوم القيامة، أما الذين لا يؤمنون فليست لهم، ويأكلونها حراماً عليهم، ويعاقبون عليها يوم القيامة.
فالكافر شر، سواء أصابته الضراء أم السراء، بخلاف المؤمن فإنه على خير
وفي هذا الحديث : الحث على الإيمان النبي صلي الله عليه وسلم وأن المؤمن دائماً في خير ونعمة.
وفيه أيضاً : الحث على الصبر على الضراء، وأن ذلك من خصال المؤمنين . فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً، تنتظر الفرج من الله- سبحانه وتعالي- وتحتسب الأجر على الله؛ فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت العكس فلم نفسك، وعدل مسيرك، وتب إلي الله.
وفي الحديث أيضاً : الحث على الشكر عند السراء، لأنه إذا شكر الإنسان ربه على نعمة فهذا من توفيق الله له، وهو من أسباب زيادة النعم، كما قال الله تعالي: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7) وإذا وفق الله الإنسان للشكر؛ فهذه نعمة تحتاج إلي شكرها مرة ثالثة…وهكذا، لأن الشكر قل من يقوم به، فإذا من الله عليك وأعانك عليه فهذه نعمة.
ولهذا قال بعضهم:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة على له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله وإن طالت الأيام واتصل العمر
وصدق - رحمه الله- فإن الله إذا وفقك للشكر فهذه نعمة تحتاج إلي شكر جديد، فإن شكرن فهي نعمة تحتاج إلي شكر ثان، فإن شكرت فهي نعمة تحتاج إلي شكر ثالث. وهلم جرا.
ولكننا- في الحقيقة- في غفلة عن هذا . نسأل الله أن يوقظ قلوبنا وقلوبكم ، ويصلح أعمالنا وأعمالكم؛ إنه جواد كريم.
http://www.tgareed.com/vb/images/usersimages/13400_1130273869.gif
لإستماع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
باب الصبر (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2882&scholar_id=50&series_id=112)
(http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2882&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.tgareed.com/vb/images/usersimages/13400_1130273869.gif
تم بحمد الله شرح الحديث السادس
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1446647440b3ee51ea.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الأسبوع الرابع :
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1496147440b6445017.gif
الحديث السابع
الصدق
عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
(( إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى
يكتب عند الله صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ،
وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ))
( متفق عليه ) .
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1496147440b64457e7.gif
الشرح :
هذا الباب عقده المؤلف ـ رحمه الله ـ للصدق فقال : باب الصدق فقال : عن بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :(( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة . . . ))
قوله : ((عليكم بالصدق )) .. . أي : ألزموا الصدق ، والصدق : مطابقة الخير للواقع ، يعني : أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقا للواقع ، مثال ذلك : إذا قلت لمن سألك : أي يوم هذا ؟ فقلت اليوم يوم الأربعاء ( وهو يوم الأربعاء فعلا ) فهذا صدق ، ولو قلت يوم الثلاثاء لكان كذبا ، فالصدق مطابقة الخبر للواقع ، وقد سبق في حديث كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق وحسن عاقبته ، وأن الصادق هو الذي له العاقبة ، والكاذب هو الذي يكون عمله هباء . ولهذا يذكر أن بعض العامة قال : إن الكذب ينجي ، فقال له أخوه الصدق أنجي وأنجي . وهذا صحيح .
واعلم أن الخبر يكون بالسان ويكون بالأركان .
وأما باللسان فهو القول ، وأما بالأركان فهو الفعل ، ولكن كيف يكون الكذب بالفعل ؟ ! إذا فعل الإنسان خلاف ما يبطن فهذا قد كذب بفعله ، فالمنافق مثلا كاذب لأنه يظهر للناس أنه مؤمن ، يصلي مع الناس ويصوم مع الناس ، ويتصدق ولكنه بخيل . وربما يحج ، فمن رأى أفعاله حكم عليه بالصلاح ، ولكن هذه الأفعال لا تنبئ عما في الباطن ، فهي كذب .
ولهذا نقول : الصدق يكون بالسان ، ومتى طابقت أعمال الجوارح ما في القلب فهي صدق بالأفعال .
ثم بين النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ عندما أمر بالصدق ـ عاقبته فقال : (( إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة )) .
البر كثرة الخير ، ومنه أسماء الله : (( البر )) أي كثير الخير والإحسان عز وجل .
فالبر يعني كثرة الخير ، وهو من نتائج الصدق ، وقوله : (( يهدي إلى الجنة )) فصاحب البر ـ نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم ـ يهديه بره إلى الجنة ، والجنة غاية كل مطلب ، ولهذا يؤمر الإنسان أن يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)(آل عمران: 185) .
وقوله : (( إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا )) وفي رواية : (( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا )) .
والصديق في المرتبة الثانية من مراتب الخلق من الذين أنعم الله عليهم كما قال الله سبحانه : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )(النساء: 69) ، فالرجل الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله صديقا ، ومعلوم أن الصديقية درجة عظيمة لا ينالها إلا أفذاذ من الناس ، وتكون في الرجال وتكون في النساء ، قال الله تعالى :( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)(المائدة: 75) .
وأفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم ، هو أبو بكر رضي الله عنه : عبد الله بن أبي قحافة ، الذي استجاب للنبي صلي الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام ، ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف ، بمجرد ما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم ، وصدق النبي صلي الله عليه وسلم حين كذبه قومه ، وصدقه حين تحدث عن الإسراء والمعراج وكذبه الناس وقالوا : كيف تذهب يا محمد من مكة إلى بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة ثم تقول : إنك صعدت السماء ؟ هذا لا يمكن . ثم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له : أما تسمع ما يقول صاحبك ؟ قال : ماذا قال ؟ قالوا : إنه قال كذا وكذا ! قال : (( إن كان قد قال ذلك فقد صدق )) ، فمنذ ذلك اليوم سمي الصديق ، رضي الله عنه .
وأما الكذب قال النبي صلي الله عليه وسلم (( وإياكم والكذب ))
(( إياكم )) للتحذير ، أي : أحذروا الكذب ، والكذب هو الإخبار بما يخالف الواقع ، سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل .
فإذا قال لك قائل : ما اليوم ؟ فقلت يوم الخميس ، أو يوم الثلاثاء ( وهو يوم الأربعاء ) فهذا كذب ؛ لأنه لا يطابق الواقع ؛ لأن اليوم يوم الأربعاء .
والمنافق كاذب ؛ لأن ظاهره يدل على أنه مسلم وهو كافر ، فهو كاذب بفعله .
وقوله : (( وإن الكذب يهدي إلى الفجور )) الفجور : الخروج عن طاعة الله ؛ لأن الإنسان يفسق ويتعدى طوره ويخرج عن طاعة الله إلى معصيته ، وأعظم الفجور الكفر ـ والعياذ بالله ـ ؛ فإن الكفر فجرة ، كما قال الله : ( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) (عبس:42) ، وقال تعالى :(كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) (المطففين : 7 ـ 11 )، وقال تعالى : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار:14) .
فالكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار نعوذ بالله منها .
وقوله : (( وإن الرجل ليكذب ))وفي لفظ(( لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)) الكذب من الأمور المحرمة ، بل قال بعض العلماء : إنه من كبائر الذنوب ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم توعده بأنه يكتب عند الله كذابا .
ومن أعظم الكذب : ما يفعله بعض الناس اليوم ، يأتي بالمقالة كاذبا يعلم أنها كذب ، لكن من أجل أن يضحك الناس ، وقد جاء في الحديث الوعيد على هذا ، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام :(( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم ، ويل له ، ويل له )) ، وهذا وعيد على أمر سهل عند كثير من الناس .
فالكذب كله حرام ، وكله يهدي إلى الفجور ، ولا يستثنى منه شيء .
ورد في الحديث، أنه يستثنى من ذلك ثلاثة أشياء : في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث المرأة زوجها وحديثه إياها .
ولكن بعض أهل العلم قال : إن المراد بالكذب في هذا الحديث التورية وليس الكذب الصريح .
وقال التورية قد تسمى كذبا ، كما في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : (( لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات : ثنتين منهن في ذات الله تعالى قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ)(الصافات: 89) وقوله : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا )(الانبياء: 63) وواحدة في شأن سارة . . . )) الحديث ، وهو لم يكذب ، وإنما ورى تورية هو فيها صادق .
وسواء كان هذا أو هذا ؛ فإن الكذب لا يجوز إلا في هذه الثلاث على رأي كثير من أهل العلم ، وبعض العلماء يقول : الكذب لا يجوز مطلقا : لا مزحا ، ولا جدا ، ولا إذا تضمن أكل مال أو لا .
وأشد شيء من الكذب أن يكذب ويحلف ليأكل أموال الناس بالباطل ، مثل أن يدعي عليه بحق ثابت فينكر ويقول : والله ما لك علي حق ، أو يدعي ما ليس له فيقول : لي عندك كذا وكذا ، وهو كاذب ، فهذا إذا حلف على دعواه وكذب ؛ فإن ذلك هو اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ، ثم تغمسه في النار والعياذ بالله .
وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال : (( من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر ؛ لقي الله وهو عليه غضبان )) ، فالحاصل أن الكذب حرام ، ولا يجوز للإنسان أن يكذب مطلقا ، لا هازلا ولا جادا ، إلا في المسائل الثلاث ، على خلاف بين العلماء في معنى الحديث السابق .
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
لإستماع شرح الشيخ محمد ين صالح العثيمين رحمه الله :
باب الصدق (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2885&scholar_id=50&series_id=112)
تم بحمد الله شرح الحديث السابع
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1496147440b6445017.gif
الحديث الثامن :
المراقبة
عن أبي هريرة _ رضي الله عنه_ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:
(( إن الله
تعالى يغار، وغيرة الله تعالى إن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه))
متفق عليه.
والغيرة: بفتح الغين واصلها: الأنفة.
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1496147440b64457e7.gif
الشرح:
قال المؤلف_ رحمه الله تعالى_ فيما نقله عن أبي هريرة_ رضي الله عنه_ قال: إن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (( إن الله تعالى يغار وغيرة الله تعالى إن يأتي المرء ما حرم الله)). قوله: (( محارمه)) أي: محارم الله. والغيرة صفة حقيقية ثابتة لله_ عز وجل_ ولكنها ليست كغيرتنا، بل هي اعظم واجل، والله_ سبحانه وتعالى_ بحكمته أوجب علي العباد أشياء، وحرم عليهم أشياء، واحل لهم أشياء. فما أوجبه عليهم فهو خير لهم في دينهم ودنياهم، وفي حاضر هم ومستقبلهم، وما حرمه عليهم فانه شر لهم في دينهم ودنياهم، وحاضر هم ومستقبلهم، فإذا حرم الله علي عباده أشياء فانه_ عز وجل_ يغار إن يأتي الإنسان محارمه، وكيف يأتي الإنسان محارم ربه والله_ سبحانه وتعالى_ إنما حرمها من اجل مصلحة العبد، أما الله_ سبحانه وتعالى_ فلا يضره إن يعصي الإنسان ربه، لكن يغار كيف يعلم الإنسان إن الله سبحانه حكيم، ورحيم، ولا يحرم علي عباده شيئا بخلا منه عليهم به، ولكن من اجل مصلحتهم، ثم يأتي العبد فيتقدم فيعصي الله_ عز وجل_ ولا سيما في الزنا_ نسأل الله العافية_ فانه ثبت عن النبي صلي الله عنه وسلم انه قال: (( ما أحد أغير من الله إن يزني عبده أو يزني أمته)) لان الزنا فاحشة، والزنا طريق سافل سيئ، ومن ثم حرم الله علي عباده الزنا وجميع وسائله، كما قال الله سبحانه : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً)(الإسراء:32)، فإذا زني العبد_ والعياذ بالله_ فان الله يغار غيرة اشد واعظم من غيرته علي ما دونه من المحارم. وكذلك أيضا_ ومن باب أولى واشد_ اللواط، وهو إتيان الذكر، فان هذا اعظم واعظم، ولهذا جعله الله تعالى اشد في الفحش من الزنا. فقال لوط لقومه: (أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ)(لأعراف: من الآية80( قال هنا: ( الفاحشة) وفي الزنا قال: ( فاحشة) أي: فاحشة من الفواحش، أما اللواط فجعله الفاحشة العظمي نسأل الله العافية. وكذلك أيضا السرقة وشرب الخمر وكل المحارم يغار الله منها، لكن بعض المحارم تكون اشد غيرة من بعض، حسب الجرم، وحسب الضار التي تترتب علي ذلك. وفي هذا الحديث: إثبات الغيرة لله تعالى، وسبيل أهل السنة والجماعة فيه وفي غيره من آيات الصفات وأحاديث الصفات انهم يثبتونها لله_ سبحانه وتعالى_ علي الوجه اللائق به، يقولون: إن الله يغار لكن ليس كغيرة المخلوق، وان الله يفرح ولكن ليس كفرح المخلوق، وان الله_ سبحانه وتعالى_ له من الصفات الكاملة ما يليق به، ولا تشبه صفات المخلوقين(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: من الآية11)
. والله الموفق.
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1496147440b64457e7.gif
لإستماع شرح الشيخ محمد ين صالح العثيمين رحمه الله :
باب المراقبة (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2887&scholar_id=50&series_id=112)
تم بحمد الله شرح الحديث الثامن .
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1496147440b6445017.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
أم عدنان
2009-05-30, 08:04
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
الأسبوع الخامس :
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث التاسع
التقوى
عن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال:
(( إن الدنيا حلوة خضرة، وان الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا
النساء، فان أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))
رواه مسلم.
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2515447440b03deb87.gif
الشرح :
هذا الحديث ساقه المؤلف_ رحمه الله_ لما فيه من أمر النبي صلي الله عليه وسلم بالتقوى، بعد إن ذكر حال الدنيا فقال: (( إن الدنيا حلوة خضرة)) حلوة في المذاق خضرة في المراي، والشيء إذا كان خضرا حلوا فان العين تطلبه أولا، ثم تطلبه النفس ثانيا، والشيء إذا اجتمع فيه طلب العين وطلب النفس، فانه يوشك للإنسان إن يقع فيه. فالدنيا حلوة في مذاقها، خضرة في مراها، فيغتر الإنسان بها وينهمك فيها ويجعلها اكبر همه، ولكن النبي صلي الله عليه وسلم بين إن الله_ تعالى_ مستخلفنا فيها فينظر كيف نعمل، فقال: (( إن الله تعالى مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون)) هل تقومون بطاعته، وتنهون النفس عن الهوى، وتقومون بما أوجب الله عليكم، ولا تغترون بالدنيا، أو إن الأمر بالعكس؟ ولهذا قال:(( فاتقوا الدنيا)) أي: قوموا بما أمركم به، واتركوا ما نهاكم عنه، ولا تغرنكم حلاوة الدنيا ونضرتها. كما قال تعالى ): فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(لقمان: من الآية33.ثم قال: (( فاتقوا الدنيا واتقوا النساء))، أي: احذ روهن وهذا يشمل الحذر من المرأة في كيدها مع زوجها، ويشمل أيضا الحذر من النساء وفتنتهن، ولهذا قال: (( فان أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)). فافتتنوا في النساء، فضلوا وأضلوا_ والعياذ بالله_ ولذلك نجد أعداءنا وأعداء ديننا_ أعداء شريعة الله عز وجل_ يركزون اليوم علي مسالة النساء، وتبرجهن، واختلاطهن بالرجال، ومشاركتهن للرجال في الأعمال، حتى يصبح الناس كأنهم الحمير، لا يهمهم إلا بطونهم و فروجهم والعياذ بالله، وتصبح النساء وكأنهن دمي، أي صور، لا يهتم الناس إلا بشكل المرأة، كيف يزينوها، وكيف يجملونها، وكيف يأتون لها بالمجملات والمحسنات، وما يتعلق بالشعر، وما يتعلق بالجلد، ونتف الشعر، والساق، والذراع، والوجه، وكل شئ، حتى يجعلوا أكبرهم النساء إن تكون المرأة كالصورة من البلاستيك. لا يهمها عبادة ولا يهمها أولاد. ثم إن أعداءنا_ أعداء دين الله، وأعداء شريعته، وأعداء الحياء_ يريدون إن يقحموا المرأة في وظائف الرجال، حتى يضيقوا علي الرجال الخناق، ويجعلوا الشباب يتسكعون في الأسواق، ليس لهم شغل، ويحصل من فراغهم هذا شر كبير وفتنة عظيمة، لان الشباب والفراغ والغني من اعظم المفاسد كما قيل: إن الشباب والفراغ و الجد مفسدة للمرء أي مفسده فهم يقحمون النساء الآن بالوظائف الرجالية ويدعون الشباب، ليفسد الشباب وليفسد النساء. أتدرون ماذا يحدث؟ يجدث بتوظيفهن مع الرجال مفسدة الاختلاط، ومفسدة الزنا والفاحشة، سواء في زني العين، أو زني اللسان، أو زني اليد، أو زني الفرج، كل ذلك محتمل إذا كانت المرأة مع الرجل في الوظيفة. وما اكثر الفساد في البلاد التي بتوظف الرجال فيها مع النساء. ثم إن المرأة إذا وظفت، فإنها سوف تنعزل عن بيتها، وعن زوجها، وتصبح الآسرة متفككة، ثم إنها إذا وظفت سوف يحتاج البيت إلى خادم، وحيئذ نستجلب نساء العالم من كل مكان، وعلي كل دين، وعلي كل خلق، ولو كان الدين علي غير دين الإسلام، ولو كان الخلق خلقا فاسدا، نستجلب النساء ليكن خدما في البيوت، ونجعل نساءنا تعمل في محل رجالنا، فنعطل رجالنا ونشغل نساءنا، وهذا أيضا فيه مفسدة عظيمة وهي تفكك الأسرة،لان الطفل إذا نشا وليس أمامه إلا الخادم، نسي أمه ونسي أباه، وفقد الطفل تعلقه بهما. ففسدت البيوت، وتشتت الأسر، وحصل في ذلك من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله. ولا شك إن أعداءنا وأذناب أعداءنا_ لأنه يوجد فينا أذناب لهؤلاء الأعداء، درسوا عندهم وتلطخوا بأفكارهم السيئة، ولا أقول انهم غسلوا أدمغتهم، بل أقول انهم لوثوا أدمغتهم بهذه الأفكار الخبيثة المعارضة لدين الإسلام_ وقد يقولون: إن هذا لا يعارض العقيدة، بل نقول انه يهدم العقيدة بان يقول الإنسان بان الله له شريك، أو إن الله ليس موجودا وما أشبه فحسب، بل هذه المعاصي تهدم العقيدة هدما، لان الإنسان يبقي ويكون كأنه ثور أو حمار، لا يهتم بالعقيدة ولا بالعبادة، لأنه متعلق بالدنيا وزخارفها وبالنساء، وقد جاء في الحديث الصحيح:(( ما تركت بعدي الضر علي الرجال من النساء)) .
ولهذا يجب علينا نحن_ ونحن_ والحمد لله_ أمة مسلمة_ إن نعارض هذه الأفكار، وان نقف ضدها في كل مكان وفي كل مناسبة، علما بأنه يوجد عندنا قوم_ لا أكثرهم الله ولا أنالهم مقصودهم_ يريدون هذا الأمر، ويريدون الفتنة والشر لهذا البلد المسلم المسالم المحافظ، لانهم يعلمون إن آخر معقل للمسلمين هو هذه البلاد، التي تشمل مقدسات المسلمين، وقبلة المسلمين، ليفسدوها حتى تفسد الأمة الإسلامية كلها، فكل الأمة الإسلامية ينظرون إلى هذه البلاد ماذا تفعل، فإذا انهدم الحياء والدين في هذه البلاد فسلام عليهم، وسلام علي الدين والحياء. لهذا أقول، يا إخواني، يجب علينا شبابا، وكهولا، وشيوخا، وعلماء، ومتعلمين، إن نعارض هذه الأفكار، وان نقيم الناس كلهم ضدها، حتى لا تسري فينا سريان النار في الهشيم فتحرقنا، نسأل الله تعالى إن يجعل كيد هؤلاء الذين يدبرون مثل هذه الأمور في نحورهم، وان لا يبلغهم منالهم، وان يكبتهم برجال صالحين حتى تخمد فتنتهم، انه جواد كريم.
تم بحمد الله شرح الحديث التاسع
إستماع لشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
باب التقوى (http://www.djelfa.info/vb/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%8 8%D9%89)
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=112 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2892&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2767247440a96e1e08.gif
أم عدنان
2009-05-30, 08:09
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1496147440b6445017.gif
الحديث العاشر :
اليقين والتوكل
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (( عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت انهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي هذه أمتك، ومعهم سبعون ألف يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب)) ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم، وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا_ وذكروا أشياء_ فخرج عليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال:(( ما الذي تخوضون فيه؟ )) فاخبروه فقال: (( هم الذين لا يرقون، ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلي ربهم يتوكلون)) فقام عكاشة بن محصن فقال، أدع الله أن يجعلني منهم، فقال:(( أنت منهم)) ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم فقال: (( سبقك بها عكاشة))
متفق عليه.
(( الرهيط)) بضم الراء: تصغير رهط، وهم دون عشرة انفس((والأفق)): الناحية والجانب.(( وعكاشة)) بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها والتشديد افصح.
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2515447440b03deb87.gif
الشرح:
بعدما ساق المؤلف_ رحمه الله تعالى_ الآيات، ذكر هذا الحديث العظيم، الذي اخبر فيه النبي صلي الله عليه وسلم إن الأمم عرضت عليه، أي: أرى الأمم عليه الصلاة والسلام وأنبياءهم. يقول: ((فرأيت النبي ومعه الرهيط)) أي: معه الرهط القليل، ما بين الثلاثة إلى العشرة. (( والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد)) أي: إن الأنبياء_ عليهم الصلاة والسلام_ ليسوا كلهم قد أطاعهم قوهم، بل بعضهم لم يطعه أحد من قومهم، وبعضهم أطاعه الرهط، وبعضهم أطاعه الرجل والرجلان، وانظر إن نوحا عليه الصلاة والسلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يذكرهم بالله، ويدعوهم إلى الله، قال الله تعالى:( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)(هود: من الآية40)، كل هذه المدة ولم يلق منهم قبولا، بل ولا سلم من شرهم، قال نوح: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً)(نوح:7)، وكانوا يمرون به ويسخرون منه. يقول: (( رفع لي سواد)) أي: بشر كثير فيهم جهمة من كثرتهم ((فظننت انهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه)) لان موسى من اثر الأنبياء اتباعا، بعث في بني إسرائيل، وانزل الله عليه التوراة التي هي أم الكتب الإسرائيلية. قال:(( ثم قيل لي انظر! فنظرت إلى الأفق فإذا سواد عظيم_ وفي لفظ: قد سد الأفق_ فقيل: انظر الأفق الثاني! فنظرت إليه فإذا سواد عظيم، فقيل لي هذه أمتك))فالرسول صلي الله عليه وسلم اكثر الأنبياء تابعا، لأنه منذ بعث إلى يوم القيامة والناس يتبعونه، صلوات الله وسلامه عليه، فكان اكثر الأنبياء تابعا، قد ملا اتباعه ما بين الأفقين. (( ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب))أي: مع هذه الأمة سبعون ألفا يدخلون الجنة، لا يحاسبون، ولا يعذبون، من الموقف إلى الجنة بدون حساب ولا عذاب! اللهم اجعلنا منهم. وقد ورد إن مع كل واحد من السبعين ألف سبعين ألفا أيضا. (( ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك... قال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم_ يعني لعلهم الصحابة رضي الله عنهم_، وقال آخرون:(( لعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء)) وكل أتى بما يظن، فخرج عليهم النبي صلي الله عليه وسلم فسألهم عما يخوضون فيه فاخبروه فقال صلي الله عليه وسلم (( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتبون ولا يتطيرون وعلي ربهم يتوكلون)) هذالفظ مسلم وفيه:(( لا يرقون)). والمؤلف رحمه الله قال: انه متفق عليه، وكان ينبغي إن يبين إن هذا اللفظ لفظ مسلم فقط دون رواية البخاري، وذلك إن قوله: (( لا يرقون)) كلمة غير صحيحة، ولا تصح عن النبي علبه الصلاة والسلام، لان معني (( لا يرقون))أي لا يقرؤون علي المرضي، وهذا باطل، فان الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرقي المرضي. وأيضا القراءة علي المرضي إحسان، فكيف يكون انتفاؤها سببا لدخول الجنة بغير حساب ولا عذاب. فالمهم إن هذه اللفظة لفظة شاذة، وخطا لا يجوز اعتمادها، والصواب: (( هم الذين لا يسترقون))أي: لا يطلبون من أحد إن يقرا عليهم إذا أصابهم شئ، لانهم معتمدون علي الله، ولان الطلب فيه شئ من الذل، لأنه سؤال الغير، فربما تحرجه ولا يريد إن يقرا، وربما إذا قرا عليك لا يبرا المرض فتتهمه، وما أشبه ذلك، لهذا قال لا يسترقون. قوله:(( ولا يكتوون))يعني: لا يطلبون من أحد إن يكويهم إذا مرضوا، لان الكي عذاب بالنار، لا يلجا إليه إلا عند الحاجة. وقوله: (( ولا يتطيرون))يعني: لا يتشاءمون لا بمرئي، ولا بمسموع، ولا بمشموم، ولا بمذوق، يعني: لا يتطيرون أبدا. وقد كان العرب في الجاهلية يتطيرون، فإذا طار الطير وذهب نحو اليسار تشاءموا، وإذا رجع تشاءموا، وإذا تقدم نحو الإمام صار لهم نظر آخر، وكذلك نحو اليمين وهكذا. والطيرة محرمة، لا يجوز لاحد إن يتطير لا بطيور، ولا بأيام، ولا بشهور، ولا بغيرها، وتطير العرب فيما سبق بشهر شوال إذا تزوج الإنسان فيه، ويقولون: إن الإنسان إذا تزوج في شهر شوال لم يوفق، فكانت عائشة رضي الله عنها تقول :(( سبحان الله، إن النبي صلي الله عليه وسلم تزوجها في شوال، ودخل بها في شوال، وكانت احب نسائه إليه)) كيف يقال إن الذي يتزوج في شوال لا يوفق. وكانوا يتشاءمون بيوم الأربعاء، ويوم الأربعاء يوم كأيام الأسبوع ليس فيه تشاؤم. وكان بعضهم يتشاءم بالوجوه، إذا راء وجها ينكره تشاءم، حتى إن بعضهم إذا فتح دكانه، وكان أول من يأتيه رجل اعور أو اعمي، اغلق دكانه، وقال اليوم لا رزق فيه. والتشاؤم ، كما انه شرك اصغر، فهو حسرة علي الإنسان، فيتألم من كل شئ يراه، لكن لو اعتمد علي الله وترك هذه الخرافات، لسلم، ولصار عيشه صافيا سعيدا. أما قوله: ( وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فمعناه: انهم يعتمدون علي الله وحده في كل شئ، لا يعتقدون علي غيره، لأنه جل وعلا قال في كتابه: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)(الطلاق: من الآية3)، ومن كان الله حسبه فقد كفي كل شئ. هذا الحديث العظيم فيه صفات من يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب. فهذه أربع صفات: لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلي ربهم يتوكلون. والشاهد للباب قوله ( وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).فقام عكاشة بن محصن رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله(( ادع الله إن يجعلني منهم))، بادر إلى الخير وسبق إليه، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: (( أنت منهم))ولهذا نحن نشهد الآن بان عكاشة بن محصن_ رصي الله عنه_ يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب، لان الرسول عليه الصلاة والسلام قال له: (( أنت منهم)).(( فقام رجل آخر فقال: ادع الله إن يجعلني منهم! قال: سبق بها عكاشة)) فرده النبي عليه الصلاة والسلام، لكنه رد لطيف، لم يقل لست منهم، بل قال: (( سبقك بها عكاشة)) .فقيل: لأنه كان يعلم بان هذا الذي قال ادع الله إن يجعلني منهم منافق، والمنافق لا يدخل الجنة، فضلا عن كونه يدخلها بغير حساب ولا عذاب. وقال بعض العلماء: بل قال ذلك من اجل إن لا ينفتح الباب، فيقوم من لا يستحق إن يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ويقول ادع الله إن يجعلني. وعل كل حال، فنحن لا نعلم علما يقينا بان الرسول صلي الله عليه وسلم لم يدع الله له إلا لسبب معين، فالله اعلم. لكننا نستفيد من هذا فائدة، وهو الرد الجميل من رسول الله صلي الله عليه وسلم، لان قوله: (( سبقك بها عكاشة))لا يجرحه ولا يحزنه، وسبحان الله، صارت هذه مثلا إلى يومنا هذا، كلما طلب الإنسان شيئا قد سبق به قيل: سبقك بها عكاشة. أورد بعض العلماء إشكالا علي هذا الحديث، وقال: إذا اضطر الإنسان إلى القراءة، أي إلى إن يطلب من أحد إن يقرا عليه، مثل إن يصاب بعين، أو بسحر، أو أصيب بجن واضطر، هل إذا ذهب يطلب من يقرا عليه، يخرج من استحقاق دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب؟ فقال بعض العلماء: نعم هذا ظاهر الحديث، وليعتمد علي الله وليتصبر ويسال الله العافية. وقال بعض العلماء: بل إن هذا فيمن استرقي قبل إن يصاب، أي: بان قال: أقرا علي إن لا تصيبني العين، أو إن لا يصيبني السحر أو الجن أو الحمي، فيكون هذا من باب طلب الرقية لامر متوقع لا واقع، وكذلك الكي. فإذا قال إنسان: الذين يكوون غيرهم هل يحرمون من هذا؟ الجواب: لا! لان الرسولصلي الله عليه وسلم يقول: (( ولا يكتوون))أي: لا يطلبون من يكويهم، ولم يقل ولا يكوون، وهو عليه الصلاة والسلام قد كوي اكحل سعد بن معاذ رضي الله عنه، فسعد بن معاذ الاوسي الأنصاري_ رضي الله عنه_ أصيب يوم الخندق في أكحله فانفجر الدم، والأكحل إذا انفجر دمه قضي علي الإنسان، فكواه النبي صلي الله عليه وسلم في العرق حتى وقف الدم، والنبي صلي الله عليه وسلم هو أول من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. فالذين يكوون محسنون، والذين يقرؤون علي الناس محسنون، ولكن الكلام علي الذين يسترقون، أي يطلبون من يقرا عليهم، اويكتوون، أي: من يطلبون من يكويهم.
والله الموفق.
تم بحمد الله شرح الحديث العاشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2515447440b03deb87.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
باب اليقين والتوكل. (http://www.djelfa.info/vb/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%82%D9%8 A%D9%86%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%83%D9% 84.)
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=112 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2893&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2515447440b03deb87.gif
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1446647440b3ee5da1.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الأسبوع السادس
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2911847440ad788526.gif
*الحديث الحادي عشر:
الإستقامة
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
(( قاربوا وسددوا، واعلموا انه لن ينجو أحد منكم بعمله))
قالوا: و لا انت يا رسول الله؟قال:
((و لا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه و فضل))
رواه مسلم.
و(( المقاربة)) القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير. و(( السداد)): الاستقامة والإصابة، و(( يتغمدني)) يلبسني ويسترني. قال العلماء: معني الاستقامة: لزوم طاعة الله تعالى، قالوا: وهي من جوامع الكلم، وهي نظام الأمور، وبالله التوفيق.
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2518247440b304ea65.gif
الشرح :
هذا الحديث يدل علي أن الاستقامة علي حسب الاستطاعة، وهو قول النبي صلي الله عليه وسلم(( قاربوا وسددوا)) أي: سددوا علي الإصابة، أي: احرصوا علي أن تكون أعمالكم مصيبة للحق بقدر المستطاع، وذلك لان الإنسان مهما بلغ من التقوى، فانه لابد أن يخطئ، كما جاء في الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: (( كل بني آدم خطاء، وخير الخطاءين التوابون))، وقال عليه والصلاة السلام: (( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجا بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم)) فالإنسان مأمور أن يقارب ويسدد بغدر ما يستطيع. ثم قال عليه الصلاة والسلام:(( واعلموا انه لا ينجوا أحد منكم بعمله))أي: لن ينجوا من النار بعمله. وذلك لان العمل لا يبلغ ما يجب لله_ عز وجل_ من الشكر، وما يجب له علي عباده من الحقوق، ولكن يتغمد الله_ سبحانه وتعالى_ العبد برحمته فيغفر له. فلما قال: (( لن ينجوا أحد منكم بعمله)) قالوا له: ولا أنت؟! قال: (( ولا أنا)) حتى النبي عليه الصلاة والسلام لن ينجو بعمله(( إلا أن يتغمدني الله برحمة منه)). فدل ذلك علي أن الإنسان مهما بلغ من المرتبة والولاية، فانه لن ينجو بعمله، حتى النبي عليه الصلاة والسلام، لولا أن الله من عليه بان غفر له ذنبه ما تقدم منه وما تأخر، ما أنجاه عمله. فان قال قائل: هناك نصوص من الكتاب والسنة تدل علي أن العمل الصالح ينجي من النار ويدخل الجنة، مثل قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(النحل:97)، فكيف يجمع بين هذا وبين الحديث السابق؟ والجواب عن ذلك: أن يقال: يجمع بينهما بان المنفي دخول الإنسان الجنة بالعمل في المقابلة، أما المثبت: فهو أن العمل سبب وليس عوضا. فالعمل_ لا شك_ انه سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، لكنه ليس هو العوض، وليس وحده الذي يدخل به الإنسان الجنة، ولكن فضل الله ورحمته هما السبب في دخول الجنة وهما اللذان يوصلان الإنسان إلى الجنة وينجيانه من النار. وفي هذا الحديث من الفوائد: أن الإنسان لا يعجب بعمله، مهما عملت من الأعمال الصالحة لا تعجب بعملك، فعملك قليل بالنسبة لحق الله عليك. وفيه أيضا من الفوائد: انه ينبغي علي الإنسان أن يكثر من ذكر الله دائما: (( اللهم تغمدني برحمة منك وفضل)) لان عملك لن يوصلك إلي مرضاة الله، إلا برحمة الله عز وجل. وفي دليل علي حرص الصحابة_ رضي الله عنهم_ علي العلم، ولهذا لما قال: (( لن ينجوا أحد منكم بعمله)) استفصلوا، هل هذا العموم شامل له أم لا؟ فبين لهم صلي الله عليه وسلم انه شامل له.
و من تدبر أحوال الصحابة_ رضي الله عنهم_ مع النبي صلى الله عليه و سلم. وجد انهم احرص الناس على العلم، و انهم لا يتركون شئيا يحتاجون إليه في أمور دينهم و دنياهم إلا ابتدروه و سألوا عنه. و الله الموفق
تم بحمد الله شرح الحديث الحادي عشر
إستماع لشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الإستقامة (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2894&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2518247440b304ea65.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2911847440ad788526.gif
الحديث الثاني عشر:
المبادرة إلى الخيرات
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً
ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا )
رواه مسلم
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2518247440b304ea65.gif
الشرح
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ فيما رواه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بادروا بالأعمال ) وبادروا : يعني أسرعوا إليها ؛ والمراد الأعمال الصالحة ؛ والعمل الصالح ما بني على أمرين : الإخلاص لله ، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله ،وأن محمد رسول الله ، فالعمل الذي ليس بخالص ليس بصالح ، لو قام الإنسان يصلي ؛ ولكنه يرائي الناس بصلاته ، فإن عمله لا يقبل ؛ حتى لو أتى بشروط الصلاة ، وأركانها ، وواجباتها ، وسننها ، وطمأنينتها ، وأصلحها إصلاحاً تاماً في الظاهر ، لكنها لا تقبل منه ، لأنها خالطها الشرك ، والذي يشرك بالله معه غيره لا يقبل الله عمله ، كما في الحديث الصحيح ؛ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ) يعني إذا أحد شاركني ؛ فأنا غني عن شركه ، ( من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ).
كذلك أيضاً : لو أن الإنسان أخلص في عمله ، لكنه أتى ببدعة ما شرعها الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ فإن عمله لا يقبل حتى لو كان مخلصاً ، حتى لو كان يبكي من الخشوع ، فإنه لا ينفعه ذلك ؛ لأن البدعة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ضلالة ، فقال :( فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) .
ثم قال : (فتناً كقطع الليل المظلم )أخبر أنه ستوجد فتن كقطع الليل المظلم ـ نعوذ بالله ـ يعني أنها مدلهمة مظلمة ؛ لا يرى فيها النور والعياذ بالله ، ولا يدري الإنسان أين يذهب ؛ يكون حائراً ، ما يدري أين المخرج ، أسأل الله أن يعيذنا من الفتن .
والفتن منها ما يكون من الشبهات ، ومنها ما يكون من الشهوات ، ففتن الشبهات : كل فتنة مبنية على الجهل ، ومن ذلك ما حصل من أهل البدع الذين ابتدعوا في عقائدهم ما ليس من شريعة الله ، أو أهل البدع الذين ابتدعوا في أقوالهم وأفعالهم ما ليس من شريعة الله ، فإن الإنسان قد يفتن ـ والعياذ بالله ـ فيضل عن الحق بسبب الشبهة .
ومن ذلك أيضاً : ما يحصل في المعاملات من الأمور المشتبهة التي هي واضحة في قلب الموقن ، مشتبهة في قلب الضال والعياذ بالله ، تجده يتعامل معاملة تبين أنها محرمة ، لكن لما على قلبه من رين الذنوب ـ نسأل الله العافية ـ يشتبه عليه الأمر ، فيزين له سوء عمله ، ويظنه حسناً ، وقد قال الله في هؤلاء : ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا ً) (الكهف:103،104 )، فهؤلاء هم الأخسرون والعياذ بالله .
وتكون الفتن ـ أيضاً ـ من الشهوات ، بمعنى أن الإنسان يعرف أن هذا حرام ، ولكن لأن نفسه تدعوه إليه فلا يبالي النبي صلي الله عليه وسلم بل يفعل الحرام ، ويعلم أن هذا واجب ، لكن نفسه تدعوه للكسل فيترك هذا الواجب ، هذه فتنة شهوة ، يعني فتنة إرادة ، ومن ذلك أيضاً ـ بل من أعظم ما يكون ـ فتنة شهوة الزنا أو اللواط والعياذ بالله ، وهذه من أضر ما يكون على هذه الأمة، قال النبي عليه الصلاة والسلام:( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) وقال : ( اتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )، ولدينا الآن ـ وفي مجتمعنا ـ من يدعو إلى هذه الرذيلة ـ والعياذ بالله ـ بأساليب ملتوية ، يلتوون فيها بأسماء لا تمت إلى ما يقولون بصلة ، لكنها وسيلة إلى ما يريدون ؛ من تهتك لستر المرأة ، وخروجها من بيتها لتشارك الرجل في أعماله ، ويحصل بذلك الشر والبلاء ، ولكن نسأل الله أن يجعل كيدهم في نحورهم ، وأن يسلط حكامنا عليهم ؛ بإبعادهم عن كل ما يكون سبباً للشر والفساد في هذه البلاد ، ونسأل الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوفق لحكامنا بطانة صالحة ؛ تدلهم على الخير ، وتحثهم عليه .
إن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ، وهي أعظم فتنة ، وهناك أناس الآن يحيكون كل حياكة من أجل أن يهدروا كرامة المرأة ، من أجل أن يجعلوها كالصورة ، كالدمى ، مجرد شهوة وزهرة يتمتع بها الفساق والسفلاء من الناس ، ينظرون إلى وجهها كل حين وكل ساعة والعياذ بالله ، ولكن ـ بحول الله ـ أن دعاء المسلمين سوف يحيط بهم ، وسوف يكبتهم ويردهم على أعقابهم خائبين ، وسوف تكون المرأة السعودية ـ بل المرأة في كل مكان من بلاد الإسلام ـ محترمة مصونة ، حيث وضعها الله عز وجل .
المهم أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ حذرنا من هذه الفتن التي هي كقطع الليل المظلم ، يصبح الإنسان مؤمناً ويمسي كافراً ، والعياذ بالله . يوم واحد يرتد عن الإسلام ، يخرج من الدين ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً . نسأل الله العافية . لماذا ؟ ( يبيع دينه بعرض من الدنيا ( تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ) (النساء: 94) فما في الدنيا كله عرض .
فهؤلاء الذين يصبحون مؤمنين ويمسون كفاراً ، أو يمسون مؤمنين ويصبحون كفاراً ، كلهم يبيعون دينهم بعرض من الدنيا ، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من الفتن . واستعيذوا دائماً يا أخواني من الفتن ، وما أعظم ما أمرنا به نبينا عليه الصلاة والسلام ، حيث قال :( إذا تشهد أحدكم ـ يعني التشهد الأخير ـ فليستعذ بالله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال ) نسأل الله أن يثيبنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
تم بحمد الله شرح الحديث الثاني عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2518247440b304ea65.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
باب المبادرة إلى الخيرات (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2895&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2518247440b304ea65.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
أم عدنان
2009-06-13, 08:00
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_898747440abccca71.gif
الأسبوع السابع
الحديث الثالث عشر :
المجاهدة
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ )
رواه البخاري .
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1639347440ac94bf01.gif
الشرح:
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ ) ، يعني أن هذين الجنسين من النعم مغبون فيهما كثير من الناس ، أي مغلوب فيهما ، وهما الصحة والفراغ ، وذلك أن الإنسان إذا كان صحيحاً كان قادراً على ما أمره الله به أن يفعله ، وكان قادراً على ما نهاه الله عنه أن يتركه لأنه صحيح البدن ، منشرح الصدر ، مطمئن القلب ، كذلك الفراغ إذا كان عنده ما يؤويه وما يكفيه من مؤنة فهو متفرغ .
فإذا كان الإنسان فارغاً صحيحاً فإنه يغبن كثيراً في هذا ، لأن كثيراً من أوقاتنا تضيع بلا فائدة ونحن في صحة وعافية وفراغ ، ومع ذلك تضيع علينا كثيراً ، ولكننا لا نعرف هذا الغبن في الدنيا ، إنما يعرف الإنسان الغبن إذا حضره أجله ، وإذا كان يوم القيامة ، والدليل على ذلك قوله تعالى :( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ(المؤمنون :100) ، وقال عز وجل في سورة المنافقون :( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِين َ) (المنافقون:10) ، وقال الله عز وجل :( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المنافقون:11).
الواقع أن هذه الأوقات الكثيرة تذهب علينا سدىً ، لا تنفع منها ، ولا ننفع أحداً من عباد الله ، ولا نندم على هذا إلا إذا حضر الأجل ؛ يتمنى الإنسان أن يعطى فرصة ولو دقيقة واحدة لأجل أن يستعتب ، ولكن لا يحصل ذلك.
ثم إن الإنسان قد لا تفوته هاتان النعمتان : الصحة والفراغ بالموت ، بل قد تفوته قبل أن يموت ، قد يمرض ويعجز عن القيام بما أوجب الله عليه ، وقد يمرض ويكون ضيق الصدر لا يشرح صدره ويتعب ، وقد ينشغل بطلب النفقة له ولعياله حتى تفوته كثير من الطاعات .
ولهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرصة الصحة والفراغ بطاعة الله ـ عز وجل ـ بقدر ما يستطيع ، إن كان قارئاً للقرآن فليكثر من قراءة القرآن، وإن كان لا يعرف القراءة يكثر من ذكر الله عز وجل ، وإذا كان لا يمكنه ؛ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، أو يبذل لإخوانه كل ما يستطيع من معونة وإحسان ، فكل هذه خيرات كثيرة تذهب علينا سدىً ، فالإنسان العاقل هو الذي ينتهز الفرص ؛ فرصة الصحة ،وفرصة الفراغ .
وفي هذا دليل على أن نعم الله تتفاوت ، وأن بعضها أكثر من بعض ، وأكبر نعمة ينعم الله تعالى بها على العبد : نعمة الإسلام ، ونعمة الإسلام التي أضل الله عنها كثيراً من الناس ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) (المائدة:3) ، فإذا وجد الإنسان أن الله قد أنعم عليه بالإسلام وشرح الله صدره له ؛ فإن هذه أكبر النعم .
ثم ثانياً : نعمة العقل ، فإن الإنسان إذا رأى مبتلى في عقله لا يحسن التصرف ، وربما يسيء إلى نفسه وإلى أهله ؛ حمد الله على هذه النعمة ؛ فإنها نعمة عظيمة .
ثالثاً : نعمة الأمن في الأوطان ، فإنها من أكبر النعم ، ونضرب لكم مثلاً بما سبق عن آبائنا وأجدادنا من المخاوف العظيمة في هذه البلاد ، حتى إننا نسمع أنهم كانوا إذا خرج الواحد منهم إلى صلاة الفجر ؛ لا يخرج إلا مصطحباً سلاحه ؛ لأنه يخشى أن يعتدي عليه أحد ، ثم نضرب مثلاً في حرب الخليج التي مضت في العام الماضي ؛ كيف كان الناس خائفين ! أصبح الناس يغلقون شبابيكهم بالشمع خوفاً من شيء متوهم أن يرسل عليهم ، وصار الناس في قلق عظيم ، فنعمة الأمن لا يشابهها نعمة غير نعمة الإسلام والعقل .
رابعاً : كذلك مما أنعم الله به علينا ـ ولا سيما في هذه البلاد ـ رغد العيش؛ يأتينا من كل مكان ، فنحن في خير عظيم ولله الحمد ؛ البيوت مليئة من الأرزاق ، ويقدم من الأرزاق للواحد ما يكفي اثنين أو ثلاثة أو أكثر، هذه أيضاً من النعم . فعلينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم العظيمة ، وأن نقوم بطاعة الله حتى يمن علينا بزيادة النعم ؛ لأن الله تعالى يقول :( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)(إبراهيم:7) .
تم بحمد الله شرح الحديث الثالث عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
إستماع لشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
باب المجاهدة (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2896&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
أم عدنان
2009-06-13, 08:04
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_2911847440ad788526.gif
الحديث الرابع عشر :
الحث على الازدياد من الخير في أواخر العمر
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة )
رواه البخاري .
قال العلماء : معناه : لم يترك له عذراً إذ أمهله هذه المدة . يقال : أعذر الرجل : إذا بلغ الغاية في العذر .
الشرح:
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(أعذر الله تعالى إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة ). والمعنى أن الله ـ عز وجل ـ إذا عمر الإنسان حتى بلغ ستين سنة فقد أقام عليه الحجة ، ونفى عنه العذر ؛ لأن ستين سنة يبقى الله الإنسان إليها ؛يعرف من آيات الله ما يعرف ، ولاسيما إذا كان ناشئاً في بلد إسلامي ، لا شك أن هذا يؤدي إلى قطع حجته إذا لاقى الله ـ عز وجل ـ لأنه لا عذر له ، فلو أنه مثلاً قصر في عمره إلى خمس عشرة سنة ، أو عشرين سنة ، لكان قد يكون له عذر في أنه لم يتمهل ولم يتدبر الآيات ، ولكنه إذا أبقاه إلى ستين سنة ، فإنه لا عذر له ، قد قامت عليه الحجة ، مع أن الحجة تقوم على الإنسان من حين أن يبلغ ، فإنه يدخل في التكليف ولا يعذر بالجهل ، فإن الواجب على المرء أن يتعلم من شريعة الله ما يحتاج إليه ، مثلاً : إذا أراد أن يتوضأ لابد أن يعرف كيف يتوضأ ، إذا أراد أن يصلي لابد أن يعرف كيف يصلي ، إذا صار عنده مال لابد أن يعرف ما مقدار النصاب ، وما مقدار الواجب ، وما أشبه ذلك ، إذا أراد أن يصوم ، لابد أن يعرف كيف يصوم ، وما هي المفطرات ، وإذا أراد أن يحج أو يعتمر يجب أن يعرف كيف يحج ، وكيف يعتمر ، وما هي محظورات الإحرام ، إذا كان من الباعة الذين يبيعون ويشترون بالذهب مثلاً ، لابد أن يعرف الربا ، وأقسام الربا، وما الواجب في بيع الذهب بالذهب ، أو بيع الذهب بالفضة ، وهكذا إذا كان ممن يبيع الطعام ، لابد أن يعرف كيف يبيع الطعام ، ولابد أن يعرف ما هو الغش الذي يمكن أن يكون ، وهكذا .
والمهم أن الإنسان إذا بلغ لستين سنة فقد قامت عليه الحجة التامة ، وليس له عذر ، وكل إنسان بحسبه ، كل إنسان يجب عليه أن يتعلم من الشريعة ما يحتاج ، إليه ، في الصلاة والزكاة والصيام والحج والبيوع والأوقاف وغيرها ، حسب ما يحتاج إليه .
وفي هذا الحديث دليل على أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ له الحجة على عباده وذلك أن الله أعطاهم عقولاً ، وأعطاهم أفهاماً ، وأرسل إليهم رسلاً ، وجعل من الرسالات ما هو خالد إلي يوم القيامة ، وهي رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإن الرسالات السابقة محدودة ، حيث إن نبي يبعث إلى قومه خاصة ، ومحدودة في الزمن ؛ حيث أن كل رسول يأتي بنسخ ما قبله ، إذا كانت الأمة التي أرسل إليها الرسولان واحدة .
أما هذه الأمة فقد أرسل الله إليها محمداً صلى الله عليه وسلم ، وجعله خاتم الأنبياء ، وجعل آيته العظيمة الباقية هذا القرآن العظيم ، فإن آيات الأنبياء تموت بموتهم ، ولا تبقى بعد موتهم إلا ذكرى ، أما محمد صلى الله عليه وسلم فإن آيته هذا القرآن العظيم ، باقية إلى يوم القيامة ، كما قال تعالى : ( وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ) (العنكبوت:50 ،51) ، فالكتاب كاف عن كل آية لمن تدبره ، وتعقله ، وعرف معانيه ، وانتفع بأخباره ، واتعظ بقصصه ، فإنه يغني عن كل شيء من الآيات .
لكن الذي يجعلنا نحس بهذا الآيات العظيمة ، أننا لا نقرأ القرآن على وجه نتدبره ، ونتعظ بما فيه . كثير من المسلمين ـ إن لم يكن أكثر المسلمين ـ يتلون الكتاب للتبرك والأجر فقط ، ولكن الذي يجب أن يكون هو أن نقرأ القرآن لنتدبره ونتعظ بما فيه ،( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ) ، هذا الأجر ( لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ) هذه هي الثمرة ،(وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) .
والله الموفق .
تم بحمد الله شرح الحديث الثالث عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
لإستماع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
(http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2898&scholar_id=50&series_id=112)الحث على الخير وبيان طرقه ومنها زيادة الخير في أواخر العمر (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2898&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الأسبوع الثامن
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الحديث الخامس عشر :
بيان كثرة طرق الخير
عن عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
( اتقوا النار ولو بشق تمرة )
متفق عليه
وفي رواية لهما عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه
فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه
فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد
فبكلمة طيبة ).
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الشرح :
هذا الحديث في بيان من طرق الخيرات ، لأن طرق الخيرات ـ ولله الحمد ـ كثيرة ، شرعها الله لعباده ليصلوا بها إلى غاية المقاصد ، فمن ذلك الصدقة ، فإن الصدقة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم :( تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) يعني كما لو أنك صببت ماءٍ على النار انطفأت ، فكذلك الصدقة تطفئ الخطيئة.
ثم ذكر المؤلف هذا الحديث الذي بين فيه أن الله سبحانه وتعالى سيكلم كل إنسان على حدة يوم القيامة ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ) (الانشقاق:6)، يعني سوف تلاقي ربك ويحاسبك على هذا الكدح ، أي الكد والتعب الذي عملت ، ولكن بشرى للمؤمن ، كما قال الله تعالى : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة:223) ، الحمد لله. المؤمن إذا لاقى ربه فإنه على خير .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم هنا في الحديث : ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ) يعني بكلمة الله يوم القيامة بدون مترجم ، يكلم الله كل عبد مؤمن ، فيقرره بذنوبه ، يقول له : عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا ، فإذا أقر بها وظن أنه قد هلك ، قال : ( إني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ) فكم من ذنوب علينا سترها الله عز وجل لا يعلمها إلا هو ، فإذا كان يوم القيامة أتم علينا النعمة بمغفرتها وعدم العقوبة علينا . ولله الحمد .
ثم قال : ( فينظر أيمن منه ) يعني عن يمينه ( فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشام منه ) أي عن يساره ( فلا يرى إلا ما قدم ،وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ) . قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) يعني ولو بنصف تمرة أو قل . أتق النار بهذا .
ففي هذا الحديث دليل على كلام الله عز وجل ، وأنه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام مسموع مفهوم ، لا يحتاج إلى ترجمة ، يعرفه المخاطب به .
وفيه دليل على أن الصدقة ولو قلت تنجي من النار ، لقوله : ( اتقوا النار ولو شق تمرة ) .
قال : ( فإن لم يجد فبكلمة طيبة )يعني إن لم يجد شق تمرة فليتق النار بكلمة طيبة .
والكلمة الطيبة تشمل قراءة القرآن ، فإن أطيب الكلمات القرآن الكريم . وتشمل التسبيح التهليل ، وكذلك تشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتشمل تعليم العلم وتعلم العلم ، وتشمل كذلك كل ما يتقرب به الإنسان إلى ربه من القول ، يعني إذا لم تجد شق تمرة فإنك تتقي النار ولو بكلمة طيبة . فهذا من طرق الخير وبيان كثرتها ويسرها ، فالحمد لله أن شق التمرة تنجي من النار ، وأن الكلمة الطيبة تنجب من النار . نسأل الله أن يجنبنا وإياكم من النار .
تم بحمد الله شرح الحديث الخامس عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
بيان كثرة طرق الخير
(http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2898&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الأسبوع الثامن
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الحديث الخامس عشر :
بيان كثرة طرق الخير
عن عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
( اتقوا النار ولو بشق تمرة )
متفق عليه
وفي رواية لهما عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه
فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه
فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ، فمن لم يجد
فبكلمة طيبة ).
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الشرح :
هذا الحديث في بيان من طرق الخيرات ، لأن طرق الخيرات ـ ولله الحمد ـ كثيرة ، شرعها الله لعباده ليصلوا بها إلى غاية المقاصد ، فمن ذلك الصدقة ، فإن الصدقة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم :( تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) يعني كما لو أنك صببت ماءٍ على النار انطفأت ، فكذلك الصدقة تطفئ الخطيئة.
ثم ذكر المؤلف هذا الحديث الذي بين فيه أن الله سبحانه وتعالى سيكلم كل إنسان على حدة يوم القيامة ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ ) (الانشقاق:6)، يعني سوف تلاقي ربك ويحاسبك على هذا الكدح ، أي الكد والتعب الذي عملت ، ولكن بشرى للمؤمن ، كما قال الله تعالى : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (البقرة:223) ، الحمد لله. المؤمن إذا لاقى ربه فإنه على خير .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم هنا في الحديث : ( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ) يعني بكلمة الله يوم القيامة بدون مترجم ، يكلم الله كل عبد مؤمن ، فيقرره بذنوبه ، يقول له : عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا ، فإذا أقر بها وظن أنه قد هلك ، قال : ( إني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ) فكم من ذنوب علينا سترها الله عز وجل لا يعلمها إلا هو ، فإذا كان يوم القيامة أتم علينا النعمة بمغفرتها وعدم العقوبة علينا . ولله الحمد .
ثم قال : ( فينظر أيمن منه ) يعني عن يمينه ( فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر أشام منه ) أي عن يساره ( فلا يرى إلا ما قدم ،وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه ) . قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( فاتقوا النار ولو بشق تمرة ) يعني ولو بنصف تمرة أو قل . أتق النار بهذا .
ففي هذا الحديث دليل على كلام الله عز وجل ، وأنه سبحانه وتعالى يتكلم بكلام مسموع مفهوم ، لا يحتاج إلى ترجمة ، يعرفه المخاطب به .
وفيه دليل على أن الصدقة ولو قلت تنجي من النار ، لقوله : ( اتقوا النار ولو شق تمرة ) .
قال : ( فإن لم يجد فبكلمة طيبة )يعني إن لم يجد شق تمرة فليتق النار بكلمة طيبة .
والكلمة الطيبة تشمل قراءة القرآن ، فإن أطيب الكلمات القرآن الكريم . وتشمل التسبيح التهليل ، وكذلك تشمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتشمل تعليم العلم وتعلم العلم ، وتشمل كذلك كل ما يتقرب به الإنسان إلى ربه من القول ، يعني إذا لم تجد شق تمرة فإنك تتقي النار ولو بكلمة طيبة . فهذا من طرق الخير وبيان كثرتها ويسرها ، فالحمد لله أن شق التمرة تنجي من النار ، وأن الكلمة الطيبة تنجب من النار . نسأل الله أن يجنبنا وإياكم من النار .
تم بحمد الله شرح الحديث الخامس عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
بيان كثرة طرق الخير
(http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2898&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الحديث السادس عشر :
الاقتصاد في الطاعة
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها وقالوا : أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له تقدم من ذنبه وما تأخر ؟! قال أحدهم : أما أنا فاصلي الليل أبداً ، وقال الآخر : وأنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال الآخر : وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال : ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني )
متفق عليه
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الشرح:
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ في باب الاقتصاد في العبادة : أن ثلاثة نفر جاءوا إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون زوجاته عن عمله الذي يعمله في بيته ، وذلك لأن عمل النبي صلى الله عليه وسلم إما ظاهر يعرفه الناس كلهم ؛ كالذي يفعله في المسجد أو في السوق أو في مجتمعاته مع أصحابه ، فهذا ظاهر يعرفه غالب الصحابة الذين في المدينة ، وإما أن يكون سراً لا يعرفه إلا من في بيته ، أو من كانوا من خدمه مثل عبد الله بن مسعود ، وأنس بن مالك وغيرهما رضي الله عنهم .
فجاء هؤلاء النفر الثلاثة إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألونهم كيف كانت عبادته في السر ، يعني في بيته ، فأخبروا بذلك ، فكأنهم تقالوها ، لأن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان يصوم ويفطر ، وكان يقوم ويرقد ، وكان يتزوج النساء عليه الصلاة والسلام ويستمتع بهن ، فكأنهم تقالوا هذا العمل ، لأن معهم نشاطاً ـ رضي الله عنهم ـ على حب الخير ، ولكن النشاط ليس مقياساً ، المقياس ما جاء به الشرع .
فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أنتم قلتم كذا وكذا ، قالوا : نعم ، لأن أحدهم قال : أصلي الليل أبداً ولا أرقد ،والثاني قال : أصوم النهار أبداً ولا أفطر ، والثالث قال : أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً ، فأقروا على أنفسهم بأنهم قالوا ذلك .
ولا شك أن هذا الذي قالوا خلاف الشرع ، لأن هذا فيه إشقاقاً على النفس وإتعاباً لها ؛ يبقى الإنسان لا يرقد أبداً كل الدهر يصلي ! هذا لا شك أنه مشق على النفس ومتعب لها ، وأنه داع إلى الملل ، وبالتالي إلى كرهة العبادة ، لأن الإنسان إذا مل الشيء كرهه .
كذلك الذي قال : أصوم أبداً ؛ يبقى صيفاً وشتاءً صائماً ! هذا لا شك أنه مشقة .
والثالث قال : أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً ، هذا أيضاً يشق على الإنسان ، لاسيما الشباب يشق عليه أن يدع النكاح . ثم إن التبتل وعدم النكاح منهي عنه ، قال عثمان بن مظعون : كان النبي صلى الله عليه وسلمينهانا عن التبتل ، ولو إذن لنا لاختصينا .
فالمهم أن هذه العبادة التي أرادها هؤلاء ـ رضي الله عنهم ـ كانت شاقة ، وهي خلاف السنة ، ولكن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ سألهم واستقرهم : هل قالوا ذلك ؟ قالوا : نعم ، قال : ( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر ، وأصلي وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) يعني من رغب عن طريقي واتخذ عبادة أشد ، فإنه ليس مني .
ففي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يقتصد في العبادة ، بل ينبغي له أن يقتصد في جميع أموره ، لأنه إن قصر فاته خير كثير ، وإن شدد فإنه سوف يكل ويعجز ويرجع ، ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون في أعماله كلها مقتصداً .
ولهذا جاء في الحديث : ( إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى )
والمنبت الذي يمشي ليلاً ونهاراً دائماً ، هذا لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ، بل يتعب ظهره ، وبالتالي يعجز ويتعب ويحسر ويقعد .
فالاقتصاد في العبادة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا ينبغي لك أيها العبد أن تشق على نفسك ، وأمش رويداً رويَداً ، كما سبق الحديث أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ، فعليك بالراحة ، ولا تقتصر ولا تزد ، فإن خير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم . أسأل الله أن يجعلني وإياكم من متبعي هديه الذين يمشون على طريقته وسنته .
تم بحمد الله شرح الحديث السادس عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
إستماع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الإقتصاد في الطاعة (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2900&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
أم عدنان
2009-06-27, 09:29
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الأسبوع التاسع
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1446647440b3ee51ea.gif
الحديث السابع عشر :
المحافظة على الأعمال
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من نام عن حزبه من الليل ، أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر
وصلاة الظهر ، كتب له كأنما قرأه من الليل )
رواه مسلم .
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الشرح
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقضاه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ، يعني فكأنما صلاه في ليلته .
هذا فيه دليل على أن الإنسان ينبغي له إذا كان يعتاد شيئاً من العبادة أن يحافظ عليها، ولو بعد ذهاب وقتها.
والحزب معناه : هو الجزء من الشيء ، ومنه أحزاب القرآن ، ومنه أيضاً الأحزاب من الناس ، يعني الطوائف منهم ، فإذا كان الإنسان لديه عادة يصليها في الليل ؛ ولكنه نام عنها ، أو عن شيء منها فقتضاه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ؛ فكأنما صلاه في ليلته ، ولكن إذا كان يوتر في الليل ؛ فإنه إذا قضاه في النهر لا يوتر ، ولكنه يشفع الوتر ، أي يزيده ركعة ، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث ركعات فليقض أربعة ، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس فليقض ستاً ، وإذا كان من عادته أن يوتر بسبع فليقض ثماني وهكذا .
ودليل ذلك حديث عائشةـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع من الليل ؛ صلى من النهار تنتي عشرة ركعة ، والقضاء فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر مقيد بأحاديث تدل على أن صلاة الفجر لا صلاة بعدها حتى تطلع الشمس ، ولا بعد طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح ، فيقيد عموم هذا الحديث الذي ذكره المؤلف بخصوص الحديث الذي ذكرناه ، وأن القضاء يكون من بعد ارتفاع الشمس قيد رمح ، وقد يقال بأنه لا يقيد ، لأن القضاء متى ذكره الإنسان قضاه ، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ، ولا كفارة لها إلا ذلك ).
ويؤخذ من الحديث الذي ذكره المؤلف أنه ينبغي للإنسان المداومة على فعل الخير ، وألا يدع ما نسيه إذا كان يمكن قضاؤه ، أما ما لا يمكن قضاؤه فإنه إذا نسيه سقط ، مثل سنة دخول المسجد التي تسمى تحية المسجد ، إذا دخل الإنسان المسجد ، ونسى وجلس وطالت المدة ؛ فإنه لا يقضيها ؛ لأن هذه الصلاة سنة مقيدة بسبب ، فإذا تأخرت عنه سقطت سنتها ، وهكذا كل ما قيد بسبب ؛ فإنه إذا زال سببه لا يقضى ، إلا أن يكون واجباً من الواجبات ؛ كالصلاة المفروضة ، وأما ما قيد بوقت فإنه يقضى إذا فات ؛ كالسنن الرواتب ؛ لو نسيها الإنسان حتى خرج الوقت فإنه يقضيها بعد الوقت ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذلك لو فات الإنسان صيام ثلاثة أيام من الشهر ـ الأيام البيض ـ فإنه يقضيها بعد ذلك ، وإن كان صيام ثلاثة أيام من الشهر واسعاً ؛ فتجوز في أول الشهر وفي وسطه وفي آخره ، لكن الأفضل في الأيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر .
والله الموفق .
تم بحمد الله شرح الحديث السابع عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
إستماع لشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=112 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2900&scholar_id=50&series_id=112)
أم عدنان
2009-06-27, 09:30
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الحديث الثامن عشر :
الأمر بالمحافظة على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم
عن جابر رضي الله عنه قال :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر بلعق
الأصابع والصحفة وقال : ( إنكم لا تدرون في آيه البركة )
رواه مسلم.
وفي رواية له : ( إذا وقعت لقمة أحدكم . فيأخذها فليمط ما كان بها من أذى وليأكلها ، ولا يدعها للشيطان ، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه ، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة ) .
وفي رواية له : ( إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى فليأكلها ، ولا يدعها للشيطان ) .
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الشرح :
ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم في آداب من آداب الأكل ، منها : إن الإنسان إذا فرغ من أكله فإنه يلعق أصابعه ويلعق الصفحة ، يعني يلحسها حتى لا يبقى فيها أثر الطعام ، فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة ، فهذان أدبان :
الأول : لعق الصفحة ، والثاني : لعق الأصابع ، والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يأمر أمته بشيء إلا وفيه الخير والبركة .
ولهذا قال الأطباء : إن في لعق الأصابع من بعد الطعام فائدة ؛ وهو تيسير الهضم ؛ لأن الأنامل فيها مادة ـ بإذن الله ـ تفرزها عند اللعق بعد الطعام تيسر الهضم ، ونحن نقول : هذا من باب معرفة حكمة الشرع فيما يأمر به ، وإلا فالأصل أننا نلعقها امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، كثير من الناس لا يفهمون هذه السنة ، تجده ينتهي من الطعام وحافته التي حوله كلها طعام ، تجده أيضاً يذهب ويغسل دون أن يلعق أصابعه ، والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ نهى أن يمسح الإنسان يديه بالمنديل حتى يلعقها وينظفها من الطعام ، ثم بعد ذلك يمسح بالمنديل ، ثم بعد ذلك يغسلها إذا شاء .
كذلك أيضاً من آداب الأكل : أن الإنسان إذا سقطت لقمه على الأرض فإنه لا يدعها ؛ لأن الشيطان يحضر للإنسان في جميع شؤونه ، كل شؤونك من أكل ، وشرب ، وجماع ، أي شيء يحضر الشيطان ، فإذا لم تسم الله عند الأكل شاركك في الأكل ، وصار يأكل معك ؛ ولهذا تنزع البركة من الطعام إذا بم تسم عليه ، وإذا سميت الله على الطعام ، ثم سقطت اللقمة من يدك فإن الشيطان يأخذها ، ولكن لا يأخذها ونحن ننظر ، لأن هذا شيء غيبي لا نشاهده ، ولكننا علمناه بخبر الصادق المصدوق ـ عليه الصلاة والسلام ـ يأخذ الشيطان فيأكلها ، وإن بقيت أمامنا حسياً ، لكنه يأكلها غيباً ، هذه من الأمور الغيبية التي يجب أن نصدق بها .
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم دلنا على الخير فقال : ( فليأخذها وليمط ما بها من أذى ، وليأكلها ، ولا يدعها للشيطان ) خذها وأمط ما بها من أذى ـ من تراب أو عيدان أو غير ذلك ـ ثم كلها ولا تدعها للشيطان . والإنسان إذا فعل هذا امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعاً لله عز وجل وحرماناً للشيطان من أكلها ؛ حصل على هذه الفوائد الثلاثة : الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم ، والتواضع ، وحرمان الشيطان من أكلها. هذه فوائد ثلاث ، ومع ذلك فإن أكثر الناس إذا سقطت اللقمة على السفرة أو على سماط نظيف تركها ، وهذا خلاف السنة .
وفي هذا الحديث من الفوائد : أنه لا ينبغي للإنسان أن يكل طعاماً فيه أذى ، لأن نفسك عندك أمانة ، لا تأكل شيئاً فيه أذى ، من عيدان أو شوك أو ما أشبه ذلك ، وعليه فإننا نذكر الذين يأكلون السمك أن يحتاطوا لأنفسهم ، لأن السمك لها عظام دقيقة مثل الإبر ، إذا لم يحترز الإنسان منها ، فربما تخل إلى بطنه وتجرح معدته أو أمعاءه وهو لا يشعر ، لهذا ينبغي للإنسان أن يراعي نفسه ، وأن يكون لها أحسن راع ، فصلوات الله وسلامه على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
تم بحمد الله شرح الحديث الثامن عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
إستماع شرح الشيخ محمد ين صالح العثيمين رحمه الله:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=112 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2901&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
أم عدنان
2009-07-04, 07:35
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الأسبوع العاشر :
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1446647440b3ee51ea.gif
الحديث التاسع عشر :
النهي عن البدع ومحدثات الأمور
والبدع هي الأشياء التي يبتدعها الإنسان ، هذا هو معناها في اللغة العربية ، ومنه قوله تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (البقرة:117) ، أي خالقها على غير مثال سبق ، يعني لم يسبق لهما نظير ، بل ابتدعهما وأنشأهما أولاً .
والبدعة في الشرع كل من تعبد لله سبحانه وتعالى بغير ما شرع عقيدة أو قولاً أو فعلاً ، فمن تعبد لله بغير ما شرعه الله من عقيدة أو قول أو فعل فهو مبتدع .
عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيش يقول : ( صبحكم ومساكم ) ويقول : ( بعثت أنا والساعة كهاتين ) ويقرن بين إصبعيه ؛ السبابة والوسطى ، ويقول : ( أما بعد ؛ فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) ثم يقول : ( أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالاً فلأهله ، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي وعلي )
رواه مسلم.
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الشرح
نقل المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ في باب التحذير من البدع ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب ) يعني يوم الجمعة ، ( احمرت عيناه وعلا صوته ، واشتد غضبه ) وإنما كان يفعل هذا لأنه أقوى في التأثير على السامع ، فكان صلى الله عليه وسلم يكون على هذه الحال للمصلحة ، وإلا فإنه من المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خلقاً وألينهم عريكة ، لكن لكل مقام مقال ، فالخطبة ينبغي أن تحرك القلوب ، وتؤثر في النفوس ، وذلك في موضوعها ، وفي كيفية أدائها .
وكان صلى الله عليه وسلم يقول : ( بعثت أنا والساعة كهاتين ) ويقرن بين السبابة والوسطى ، يعني بين الإصبعين ، السبابة وهي التي بين الوسطى والإبهام ، والوسطى ، وأنت إذا قرنت بينهما وجدتهما متجاورين ، ووجدت أنه ليس بينهما إلا فرق يسير ، ليس بين الوسطى والسبابة إلا فرق يسير مقدار الظفر أو نصف الظفر ، وتسمى السبابة لأن الإنسان إذا أراد أن يسب أحد أشار إليه بها ، وتسمى السبابه أيضاً لأن الإنسان عند الإشارة إلى تعظيم الله عز وجل يرفعها ، ويشير بها إلى السماء ، والمعنى أن أجل الدنيا قريب وأنه ليس ببعيد ، وهذا كما فعل صلى الله عليه وسلم ذات يوم حيث خطب الناس في آخر النهار ، والشمس على رؤوس النخل ، فقال : ( إنه لم يبق من ديناكم إلا مثل ما بقي من هذا اليوم ) .
فإذا كان الأمر كذلك والنبي صلى الله عليه وسلم الآن مات له ألف وأربعمائة سنة ولم تقم القيامة دل هذا على أن الدنيا طويلة الأمد ، ولكن ما يقدره بعض الجيولوجيين من عمر الدنيا الماضي بملايين الملايين فهذا خرص ، لا يصدق ولا يكذب ، فهو كأخبار بني إسرائيل ؛ لأنه ليس لدينا علم من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في مقدار ما مضى من الدنيا ، ولا في مقدار ما بقى منها على وجه التحديد ، وإنما هو كما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأمثال ، والشيء الذي ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة وهو من أخبار ما مضى ، فإنه ليس مقبولاً ، وإنما ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ما شهد الشرع بصدقه ، فهذا يقبل لشهادة الشرع به .
القسم الثاني : ما شهد الشرع بكذبه ، فهذا يرد لشهادة الشرع بكذبه .
القسم الثالث : ما ليس فيه هذا ولا هذا ، فهذا يتوقف فيه ، إما أن يكون حقاً ، وإما أن يكون باطلاً ، ويدل لهذا قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ )(إبراهيم: 9) فإذا حصر الله جل وعلا العلم في نفسه فإنه لا يتلقى علم هؤلاء إلا من وحيه عز وجل ، لا يعلمهم إلا الله ، فأي أحد يدعي شيئاً فيما مضى مما يتعلق بالبشرية أو بطبيعة الأرض أو الأفلاك أو غيرها فإننا لا نصدقه ولا نكذبه ، بل نقسم ما أخبره به إلى الأقسام الثلاثة السابقة .
أما المستقبل فالمستقبل ينقسم إلى قسمين :
القسم الأول : ما أخبر الشرع بوقوعه ، فهذا لابد أن يقع مثل أخبار يأجوج ومأجوج ، وأخبار الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أشبه ذلك ، مما ثبت في الكتاب والسنة .
القسم الثاني : ما لم يرد به كتاب ولا سنة ، فهذا القول فيه من التخمين والظن ، بل لا يجوز لأحد أن يصدقه فيما يستقبل ؛ لأنه من علم الغيب ، ولا يعلم الغيب إلا الله عز وجل .
ثم يقول : ( أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ) ، وقد سبق الكلام على هذه الجمل .
ثم يقول : ( أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ) كما قال ربه عز وجل : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (الأحزاب:6) فهو أولى بك من نفسك ، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم عليه الصلاة والسلام ، ثم يقول : (من ترك مالاً فلأهله ) يعني من ترك من الأموات مالاً فلأهله ؛ يرثونه حسب ما جاء في كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم . (ومن ترك ديناً أو ضياعاً ) ، يعني أولاداً صغاراً يضيعون ( فإلي وعلي ) ، يعني فأمرهم إلي ، أنا وليهم ، والدين علي أنا أقضيه ، هكذا كان صلى الله عليه وسلم حين فتح الله عليه .
أما قبل ذلك فكان يؤتي بالرجل ليصلي عليه فيسأل : ( هل عليه دين ؟ ) إن قالوا : نعم وليس له وفاء ترك الصلاة عليه ، فجيء إليه في يوم من الأيام برجل من الأنصار فتقدم ليصلي عليه ، ثم سأل عليه دين ؟ قالوا : نعم ثلاثة دنانير ، فتأخر وقال : ( صلوا على صاحبكم ) فعرف ذلك في وجوه القوم . ثم قام أبو قتادة رضي الله عنه وقال : ( صل عليه يا رسول الله وعلي دينه ، فالتزمهما أبو قتادة رضي الله عنه ، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى
وفي هذا دليل على عظم الدين وأنه لا ينبغي للإنسان أن يستدين إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك ، لا يستدين لا لزواج ، ولا لبناء بيت ، ولا لكماليات في البيت ، كل هذا من السفه ، يقول الله عز وجل ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (النور:33) ، هذا في النكاح فما بالك بما هو دونه بكثير .
وكثير من الجهال يستدين ليشتري مثلاً فراشاً للدرج ، أو فراشاً للساحة ، أو باباً ينفتح بالكهرباء أو ما أشبه ذلك ، مع أنه فقير ، ويأخذه بالدين فهو إن اشترى شيئاً بثمن مؤجل فهو دين ؛ لأن الدين عند العلماء كل ما ثبت في الذمة من ثمن بيع أو قرض أو أجرة أو غير ذلك ، فإياكم والديون احذروها فإنها تهلككم ، إلا شيئاً ضرورياً فهذا شيء آخر ، لكن ما دمت في غنى فلا تستدن .
وكثير من الناس يستدين مثلاً أربعين ألفاً ، فإذا حل الأجل قال : ليس عندي شيء ، فيستدين للأربعين ألفاً التي عليه ستين ألفاً ، ثم يستدين السنة التالية ، ثم تتراكم عليه الديون الكثيرة من حيث لا يشعر ، والله الموفق .
تم شرح الحديث التاسع عشر
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
أم عدنان
2009-07-04, 07:39
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الحديث العشرين :
باب في الدلالة على خير
والدعاء إلى هدى أو ضلالة
عن أبي العباس سهل بن سعدٍ الساعدي- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر:" لاُعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله في يديه، يحبُ الله ورسوله ، ويحبه الله ورسولهُ" فبات الناسُ يدوكُون ليلتهم أيهم يعطاها ، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كلهم يرجو أن يعطاها، فقال :"أين على بن أبي طالب؟" فقيل : يا رسول الله هو يشتكي عينيه قال:" فأرسلوا إليه" فأتى به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، ودعا لهُ، فبرأ حتى كان لم يكن به وجع فأعطاهُ الرايةُ، فقال على- رضي الله عنه-: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال:" انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يحبُ عليهم من حق الله تعالى فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمرِ النعم"
متفق عليه
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
الشرح
قوله صلى الله عليه وسلم : " لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسولهُ" هذا يتضمن بشرى عامة، وبشرى خاصة، أما العامة فهي قوله:" يفتح اله على يديه" وأما الخاصة فهي قوله: " يجب الله ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه".
وخيبر مزارع وحصون لليهود، كانت نحو مائة ميل في الشمال الغربي من المدينة، وسكنها اليهود كما سكن طائفة منهم المدينة نفسها؛ لأن اليهود يقرؤون في التوراة أنه سيُبعث نبي، وسيكون مهاجره إلى المدينة، وتسمى في العهد القديم يثرب، لكنه نهى عن تسميتها يثرب، وأنه سيهاجر إلى المدينة وسيقاتل وينتصر على أعدائه ، فعلموا أن هذا حق، وذهبوا إلى المدينة وسكنوها، وسكنوا خيبر ، وكانوا يظنون أن هذا النبي سيكون من بني إسرائيل ، فلما بُعث من بني إسماعيل من العرب حسدوهم، وكفروا به، والعياذ بالله، بعد أن كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِه)(البقرة: 89) وقالوا ليس هذا هو النبي الذي بُشرنا به.
وحصل منهم ما حصل من العهد مع النبي عليه الصلاة والسلام، ثم الخيانة، وكانوا في المدينة ثلاث قبائل : بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، وكلهم عاهد النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام، ولكنهم نقضوا العهد كلهم.
فهزمهم الله- والحمد لله- على يد النبي صلى الله عليه وسلم وكان آخرهم بني قريظة الذين حكم فيهم سعد بن معاذ- رضي الله عنه- بأن تقتل مقاتلتهم ، وتسبى نساؤهم وذريتهم، وتغنم أموالهم، وكانوا سبعمائة ، فأمر النبي صلى الله عليه وسل بقتلهم فحصدوهم عن آخرهم فهكذا اليهود أهل غدر وخيانة ونقض للعهود، منذ بُعث فيهم موسى عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة، هم أغدر الناس بالعهد، وأخونهم بالأمانة، ولذلك لا يوثق منهم أبداً ؛ لا صرفاً ولا عدلاً، ومن وثق بهم ، أو وثق منهم. فإنه في الحقيقة لم يعرف سيرتهم منذ عهد قديم.
قوله صلي الله عليه وسلم : " لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه ، يحب الله ورسوله ويحبه اللهُ ورسولُه" هاتان منقبتان عظيمتان.
الأولى : أن يفتح الله على يديه ؛ لأن من فتح الله على يديه نال خيراً كثيراً، فإنه إذا هدى الله به رجلاً واحداً، كان خيراً له من حمر النعم: يعني من الإبل الحمر وإنما خص الإبل الحمر؛ لأنها أغلى الأموال عند العرب.
الثانية: يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وفي ذلك فضل لعلى بن أبي طالب - رضي الله عنه- لأن الناس في تلك الليلة جعلوا يدوكون يعني يخوضون ويتكلمون من هذا الرجل؟
فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أين علي بن أبي طالب؟" فقيل : هو يشتكي عينيه، يعني أن عينيه تؤلمه ويشتكيها، فدعا به فأتي به، فبصق في عينيه ودعا له فبرئ كأن لم يكن به وجع، وهذه من آيات الله عزّ وجلّ فليس هناك قطرة ولا كي وإنما هو ريق النبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه.
وفي هذا الحديث دليلٌ على أنه يجوز للناس أن يتحدثوا في الأمر ليتفرسوا فيمن يصيبه ؛ لأن الصحابة صاروا في تلك الليلة يدوكون ليلتهم: من يحصل هذا؟ وكل واحد يقول : لعله أنا.
وفيه أيضاً دليلٌ على أن الإنسان قد يهبه الله تعالى من الفضائل ما لم يخطر له على بال ، فعلي ليس حاضراً وربما لا يكون عنده علم بأصل المسألة ومع ذلك جعل الله له هذه المنقبة ففي هذا دليلٌ على أن الإنسان قد يحرم الشيء مع ترقبه له، وقد يُعطى الشيء مع عدم خطورته على باله.
" فأعطاه الراية" الراية يعني العلم الذي يكون علماً على القوم في حال الجهاد ، لأن الناس في الجهاد يقسمون هؤلاء إلى جانب وهؤلاء إلى جانب ، وهذه القبيلة وهذه القبيلة، أو هذا الجنس من الناس كالمهاجرين مثلاً والأنصار، كل له راية أي : علم يدل عليه.
فقال علي رضي الله عنه " يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا" يعني أقاتلهم حتى يكونوا مسلمين أم ماذا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :" انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم" ومل يقل له قاتلهم حتى يكونوا مثلنا، وذلك لأن الكفار لا يقاتلون على الإسلام ويرغمون عليه ، وإنما يقاتلون ليذلوا لأحكام الإسلام فيعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أو يدخلوا في الإسلام.
وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - هل هذا خاص بأهل الكتاب أي مقاتلتهم حتى يعطوا الجزية- أو أنه عام لجميع الكفار؟ فأكثر العلماء يقولون : إن الذي يقاتل حتى يعطي الجزية أو يسلم هم أهل الكتاب اليهود والنصارى، وأما غيرهم فيقاتلون حتى يسلموا ولا يقبل منهم إلا الإسلام، واستدلوا بقوله تعالى (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29).
والصحيح أنه عام، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسمل أخذ الجزية من مجوس هجر ، وهم ليسوا أهل كتاب كما أخرجه البخاري ، ودليلٌ آخر : حديث بريدة بن الحصيب الذي أخرجه مسلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه ومن معه من المسلمين خيراً وذر في الحديث ا،ه يدعوهم إلى الإسلام، فإن أبوا فالجزية فإن أبوا يقاتلهم والصحيح أن هذا عام. ولذلك لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لعلي حين سأله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، نعم قاتلهم حتى يكونوا مثلنا، وإنما أرشده أن يفعل ما أمره به، وأن يمشي على رسله، حتى ينزل بساحتهم.
قوله:" على رسلك" أي لا تمسي عجلاً فتتعب أنت، ويتعب الجيش ، ويتعب من معك، ولكن على رسلك حتى تنزل بساحتهم أي يجانبهم ، قوله صلى الله عليه وسلم :" ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه" فأمره صلى الله عليه وسلم بأمرين:
الأمر الأول: الدعوة إلى الإسلام: بان يقل لهم : أسلموا إذا كانوا يعرفون معنى الإسلام ويكفي ذلك، وإن كانوا لا يعرفونه، فإنه يبين لهم أن الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله ، أن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت.
الأمر الثاني: قال:" وأخبرهم بما يحب عليهم من حق الله تعالى فيه" وهو السمع والطاعة لأوامر الله ورسوله، لأجل أن يكون الداخل في الإسلام داخلاً على بصيرة، لأن بعض الناس يدخل في الإسلام على أنه دين ولكن لا يدري ما هو ثم إذ بينت له الشرائع ارتد والعياذ بالله، فصار كفره والثاني أعظم من كفره الأول؛ لأن الردة لا يُقر عليها صاحبها، بل يقال له: إما أن ترجع لما خرجت منه، وإما أن نقتلك.
ولهذا ينبغي لنا في هذا العصر لما كثر الكفار بيننا من نصارى وبوذيين ومشركين وغيرهم ، إذا دعوناهم إلى الإسلام أن نبين لهم الإسلام أولاً، ونشرحه شرحاً يتبين فيه الأمر، حتى يدخلوا على بصيرة، لا تكتفي بقولنا: اسلموا فقط لأنهم لا يعرفون ما يجب عليهم من حق الله تعالى في الإسلام فإذا دخلوا على بصيرة صار لنا العذر فيما بعد إذا ارتدوا أن نطلب منهم الرجوع إلى الإسلام أو نقتلهم، أما إن بين لهم إجمالاً هكذا، فإنها دعوة قاصرة، والدليل على هذا حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - الذي نشرحه.
وفي الحديث ، في قوله صلى الله عليه وسلم : " فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" يهديه: أي يوفقه بسببك إلى الإسلام فإنه خير لك من حمر النعم يعني من الإبل الحمر، وذلك لأن الإبل الحمر عند الغرب كانت من أنفس الأموال، إن لم تكن أنفس الأموال، ففعل رضي الله عنه ونزل بساحتهم ، ودعاهم إلى الإسلام ولكنهم لم يسلموا.
ثم في النهاية كانت الغلبة - ولله الحمد - وللمسلمين، ففتح الله على يدي علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- والقصة مشهورة في كتب المغازي والسير ، ولكن الشهاد من هذا الحديث: أنه أمرهم أن يدعوهم إلى الإسلام، وأن يخبرهم بما يحب عليهم من حق الله تعالى فيه.
وفي هذا الحديث من الفوائد:
ظهور آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم وهي أنه لما بصق في عيني على بن أبي طالب رضي الله عنه برىء حتى كأن لم يكن به وجع.
وفيه أيضاً آية أخرى: وهي قوله" يفتح الله علي يديه" وهي خبر غيبي، ومع ذلك فتح الله علي يديه.
وفيه أيضاً من الفوائد: أنه ينبغي نصب الرايات في الجهاد، وهي الأعلام ، وأن يُجعل لكل قوم راية معينة يعرفون بها كما سبقت الإشارة إليه.
وفيه أيضاً من الفوائد: تحري الإنسان للخير والسبق إليه لأن الصحابة جعلوا في تل الليلة يدوكون ليلتهم، يدوكون ليلتهم، يدوكون ليلتهم يعني يدوكون في ليلتهم، في منصوبة على الظرفية، يعني انهم يبحثون من يكون.
وفيه أيضاً: أن الإنسان قد يعطى الشيء من غير أن يخطر له على بال، وأنه يحرم من كان متوقعاً أن يناله هذا الشيء، لأن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه - كان مريضاً في عينيه، ولا أظن أنه يخطر بباله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيعطيه الراية، ومع ذلك أدركها وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء
والله الموفق.
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
تم بحمد الله شرح الحديث العشرين
http://www.saudinokia.com/vb/images/uploads/30283_1381547440b7778269.gif
إستماع الشرح لشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
استماع (http://استماع/)
http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
توقيع منتديات الجلفة
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
الأسبوع الحادي عشر
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث الحادي والعشرون :
الغضب اذا انتهكت حرمات الشرع
عن عائشة رضي الله عنها : " أن قريشاً أهمهم شأنُ المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامةُ بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامةُ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشفع في حد من حُدودِ الله تعالى؟! " ثم قام فاختطبثم قال: (( إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهمُ الشريف تركوهُ ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد! وايم الله، لو أن فاطمة بنت مُحمدٍ سرقت لقطعتُ يدها))
متفقٌ عليه.
الشرح
قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين، باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع، والانتصار لدين الله.
والغضب له عدة أسباب؛ منها أن ينتصر الإنسان لنفسه؛ يفعل أحدٌ معه ما يغضبه فيغضب لينتصر لنفسه، وهذا الغضب منهيٌّ عنه؛ لأن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلمقال له: أوصني، قال: (( لا تغضب)) فردد مراراً يقول: أوصني،وهو يقول: ((لا تغضب)) .
والثاني من أساب الغضب : الغضب لله عز وجلّ، بأن يرى الإنسان شخصاً ينتهك حرمات الله فيغضب غيرة لدين الله ، وحمية لدين الله، فإن هذا محمود ويُثاب الإنسان عليه؛ لأنالرسول صلى الله عليه وسلم كان هذا من سنته، ولأنه داخلفي قوله تعالى :( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ )(الحج: 30) ، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (الحج:32)، فتعظيم شعائر الله وتعظيم حرمات الله أن يجدها الإنسان عظيمة، وأن يجد امتهانها عظيماً فيغضب ويثأر لذلك، حتى يفعل ما أُمر به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك.
وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها قصة المخزومية وهي امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع فتجحده، يعني تأتي للناس تقول: أعرني قدراً، أعرني إناءً ، أعرني كذا، فإذا أعاروها جحدت وقالت: لم آخذ منكم شيئاً، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها؛ لأن هذا نوع من السرقة.
وكانت هذه المرأة من بني مخزوم، من قبيلة من أشرف قبائل العرب ذات الأهمية والشأن، فأهم قريشاً شأنُها، وقالوا : كيف تُقطع يد مخزومية، ثم طلبوا شفيعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أسامة بن زيد حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم . حِبّه يعني محبوبه ، يعني أنه يحبه.
وأسامة هو ابن زيد بن حارثة، وزيد بن حارثة كان عبداً وهبته خديجة للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه، وأسامة أبنه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبهما، وقالوا : ليس إلا أسامة بن زيد، فتقدم أسامة بن زيدرضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع، فأنكر عليه وقال:(( أتشفع في حدّ من حدود الله؟)).
ثم قام فأختطب ، فخطب الناس وقال لهم عليه الصلاة والسلام: (( إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله - يعني أقسم بالله - لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )).
والشاهد من هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام غضب لشفاعة أسامة بن زيد في حدّ من حدود الله. فالغضب لله عزّ وجلّ محمود، وأما الغضب للانتقام وحظالنفس فإنه مذموم، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين طلب أحدالصحابة أن يوصيه، فقال: (( لا تغضب ))، قال: أوصني، قال: (( لا تغضب )) ، قال : أوصني،قال : (( لا تغضب")) فالفرق بين الغضبين ظاهر.
الغضب لله ولشرائع الله محمود، وهو من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، ودليل على غيرة الإنسان وعلى محبته لإقامة شريعة الله، أما الغضب للنفس فينبغي للإنسان أن يكتمه وأن يحلم، وإذا أصابه الغضب فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كان قائماً فليجلس، وإن كان جالساً فليضطجع كل هذا مما يخفف عنه الغضب والله الموفق.
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
تم بحمد الله شرح الحديث الحادي والعشرين
لإستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2925&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث الثاني والعشرون :
الحلم والأناة والرفق
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس :
(( إن فيك خصلتين يُحبهما الله : الحلمُ والأناةُ))
رواهُ مسلم.
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح :
الحلم ، والأناة ، والرفق : ثلاثة أمور متقاربة
أما الحلم : فهو أن يملك الإنسان نفسه عند الغضب، إذا حصل غضب وهو قادر فإنه يحلم ، ولا يعاقب، ولا يعاجل بالعقوبة.
وأما الأناة : فهو التأني في الأمور، وعدم العجلة، وألا يأخذ الإنسان الأمور بظاهرها فيتعجل، ويحكم على الشيء قبل أن يتأنى فيه وينظر.
وأما الرفق : فهو معاملة الناس بالرق والهون، حتى وإن استحقوا ما يستحقون من العقوبة والنكال فإنه يرفق بهم.ولكن هذا فيما إذا كان الإنسان الذي يرفق به محلاً للرفق.
وهنا في سياق الأحاديث ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس ، قال له : " إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة ".
فمن الناس مثلاً من يتخطف الأخبار بمجرد ما يسمع الخبر يحدِّث به وينقله ، وقد جاء في الحديث (( كفي بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)) .
ومن الناس من يتسرع في الحكم، سمع عن شخص شيئاً من الأشياء ، ويتأكد أنه قاله أو أنه فعله ثم يتسرع في الحكم عليه، أنه أخطأ أو ضلّ أو ما أشبه ذلك، وهذا غلط، التأني في الأمور، كله خير.
ثم ذكر المؤلف أحاديث عائشة رضي الله عنها الثلاثة في باب الرفق، وأن الرفق محبوب إلى الله عزّ وجلَّ، وأنه ما كان في شيءٍ إلا زانه، ولا نزع من شيءٍ إلا شانه، ففيه الحثّ على أن يكون الإنسان رفيقاً في جميع شؤونه، رفيقاً في معاملة أهله، وفي معاملة إخوانه، وفي معاملة أصدقائه، وفي معاملة عامة الناس يرفق بهم، فإن الله عزّ وجلَّ رفيقٌ يحب الرفق.
ولهذا فإن الإنسان إذا عامل الناس بالرفق يجد لذة وانشراحاً، وإذا عاملهم بالشدة والعنف ندم، ثم قال ليتني لم أفعل، لكن بعد أن يفوت الأوان، أما إذا عاملهم بالرفق واللين والأناة انشرح صدره، ولم يندم على شيء فعله.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح وحسن الأخلاق والآداب.
تم بحمد الله شرح الحديث الثاني والعشرين
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الحلم والأناة والرفق (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2924&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
الأسبوع الثاني عشر
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث الثالث والعشرون :
العفو والاعراض عن الجاهلين
وعن أنس رضي الله عنه قال:
" كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بردٌ نجرانيٌّ غليظٌ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ فجبذهُ بردائه جبذةٌ شديدة، فنظرتُ إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشيةُ البرد من شدة جبذته ، ثم قال: يا محمدُ مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه ، فضحك ، ثم أمر له بعطاء "
متفقٌ عليه.
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح
من الأحاديث التي ساقها النووي رحمه الله في باب العفو والإعراض عن الجاهلين، قصة هذا الأعرابي، الذي لحق النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبة نجرانية غليظة الحاشية، فجبذه ، يعني: جذبه جذباً شديداً، حتى أثرت حاشية الجبة في عنق الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة الجذب، فالتفت فإذا هو أعرابي يطلب منه عطاءً ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وأمر له بعطاء.
فانظر إلى هذا الخلق الرفيع؛ لم يوبِّخه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يضربه، ولم يكهر في وجهه، ولم يعبس؛ بل ضحكصلى الله عليه وسلم ومع هذا أمر له بعطاء ، ونحن لو أن أحداً فعل بنا هذا الفعل ما أقررناه عليه؛ بل لقاتلناه، وأما الرسولصلى الله عليه وسلم الذي قال الله فيه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم :4 )، فإنه التفت إليه وضحك إليه، وأعطاه العطاء.
وهكذا ينبغي للإنسان أن يكون ذا سعة، وإذا اشتد الناس أن يسترخي هو.
وسئل معاوية رضي الله عنه بم سُست الناس؟ ؛ وذلك لأن معاوية معروف بالسياية والحكمة، فقال : أجعل بيني وبي الناس شعرة؛ إن جذبوها تبعتهم، وإن جذبتها تبعوني لكن لا تنقطع.
ومعنى كلامه أنه سهل الانقياد ؛ لأن الشعرة إذا جعلتها بينك وبين صاحبك إذا جذبها أدنى جذب انقطعت، لكن من حسن سياسته رضي الله عنه أنه كان يسوس الناس بهذه السياسية؛ إذا رأهم مقبلين استقبلهم، وإذا رأهم مدبرين تبعهم حتى يتمكن منهم.
فهكذا ينبغي للإنسان أن يكون دائماً في سياسته رفيقاً حليماً، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم حسن الآداب والأخلاق.
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
تم بحمد الله شرح الحديث الثالث والعشرين
لإستماع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
العفو والإعراض عن الجاهلين (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2925&scholar_id=50&series_id=112)
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
الحديث الرابع والعشرون :
الايثار والمواساة
وعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال:
"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى، فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك : لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماءً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( من يُضيفُ هذا الليلة؟)) فقال رجلٌ من الأنصارِ: أنا يا رسول الله ، فانطلق به إلى رحلهِ، فقال لأمرأته: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. "
وفي رواية قال لامراته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني. قال: علليهم بشيءٍ وإذا أرادوا العشاء، فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا، فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكلُ؛ فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين ، فلما أصبح، غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (( لقد عجبَ الله من صنيعكما بضيفكما الليلة"))
متفق عليه.
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في باب الإيثار على النفس هذا الحديث العظيم العجيب؛ الذي يبين حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حيث جاءه رجل فقال: (( يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني مجهود )) يعني مجهد من الفقر والجوع، وهو ضيف على رسول اللهصلى الله عليه وسلم ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوجاته واحدة تلو الآخرى يسألها هل عندها شيء، فكانت كلّ واحدة تقول: (( لا والذي يعثك بالحق ما عندي إلا الماء )).
تسعة أبيات للرسول عليه الصلاة والسلام ليس فيها إلا الماء، مع أن النبيصلى الله عليه وسلم لو شاء أن يسيّر الله الجبال معه ذهباً لسارت ، لكنه عليه الصلاة والسلام كان أزهد الناس في الدنيا، كل بيوته التسعة ليس فيها شيء إلا الماء.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام : (( من يُضيف هذا الليلة)) يعني هذا الضيف.
فقال رجلٌ من الأنصار: (( أنا يا رسول )) أنا أضيفه. (( فانطلق به إلى رحله، فقال لآمراته : هل عندك شيء؟ قالت : لا؛ إلا قوت صبياني)) يعني ليس عندها في البيت إلا العشاء لهم تلك الليلة فقط. فقال: (( أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم )) وأمرها أن تشغل أولادها وتلهيهم.
حتى إذا جاء وقت الطعام نومتهم ، وأطفأت المصباح، ورأت الضيف أنهم يأكلون معه ففعلت، هدأت الصبيان وعللتهم ونومتهم، فناموا على غير عشاء، ثم إن العشاء لما قدم أطفأت المصباح وأرت الضيف أنها تأكل هي وزوجها معه، وهما لا يأكلان، فشبع الضيف وباتا طاويين، يعني غير متعشيين إكراماً لضيف الرسولصلى الله عليه وسلم .
ثم إنه أصبح فغدا إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم فأخبره الرسول عليه الصلاةوالسلام أن الله قد عجب من صنيعهما تلك الليلة، والعجب هنا عجب استحسان، استحسن عز وجل صنيعهما من تلك الليلة لما يشتمل عليه من الفوائد العظيمة.
فالإيثار: أن يقدم الإنسان غير على نفسه.
والمواساة : أن يواسي غيره بنفسه، والإيثار أفضل
ومن فوائد الحديث :
أولاً: بيان حال رسولالله صلى الله عليه وسلم وما هو عليه من شظف العيش وقلة ذات اليد، مع أنه عليه الصلاة والسلام أكرم الخلق على الله، ولو كانت الدنيا تساوي عند الله شيئاً؛ لكان أبر الناس بها وأحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنها لا تساوي شيئاً.
قال ابن القيم رحمه الله:
لو ســاوت الدنيا جناح بعوضة لم يسق منها الــرب ذا الكفران
لكنــها والله أحقـر عنــده من ذا الجــناح القاصر الطيران
أحقر من جناح البعوضة عند الله؛ فليست بشيء.
ومنها: حسن أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا الأنصاري رضي الله عنه قال لزوجته: ((أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم )) ولم يقل أكرمي ضيفنا مع أن الذي أضافه في الحقيقة هو هذا الرجل ، لكنه أضافه نيابة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، فجعله ضيفاً لرسولالله صلى الله عليه وسلم .
ومنها: إنه يجوز عرض الضيافة على الناس، ولا يعد هذا من المسالة المذمومة، أولاً لأنه لم يعين ، فلم يقل : يا فلان ضيف هذا الرجل حتى نقول : إنه أحرجه، وإنما هو على سبيل العموم، فيجوز للإنسان مثلاً إذا نزل به ضيف وكان مشغولاً، أو ليس عنده ما يضيفه به، أن يقول لمن حوله: من مضيف هذا الرجل؟ ولا حرج في ذلك .
ومنها: الإيثار العظيم من هذا الرجل الأنصاري، حيث بات هو وزوجته وصبيته من غير عشاء إكراماً لهذا الضيف الذي نزل ضيفاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومنها: أنه ينبغي للإنسان ألا يُري ضيفه أنه مانّ عليه، أو أن الضيف مضيق عليه، ومحرج له؛ لأن الرجل أمر بإطفاء المصباح حتى لا يظن الضيف أنه ضيق عليهم وحرمهم العشاء، وهذا مأخوذ من أدب الخليل إبراهيم عليه السلام حين نزلت به الملائكة ضيوفاً (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) (الذريات:26) ، حينئذٍ، لكنه راغ إلى أهله، أي ذهب بسرعة وخفية لئلا يخجل الضيف.
ومنها: أنه يجوز للإنسان أن يؤثر الضيف ونحوه على عائلته، وهذا في الآحوال النادرة العارضة، وإلا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أبدا بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك))
ولكن إذا عرضت مثل هذه الأحوال؛ فلا حرج على الإنسان أن يقدم الضيف أو نحوه ممن يجب عليه إكرامه.
ومن تأمل سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وهديه وهدي أصحابه؛ وجد فيها من مكارم الأخلاق ومعالي الآداب ما لو سار الناس عليه لنالوا بذلك رفعة الدنيا والآخرة. وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
تم بحمد الله شرح الحديث الرابع والعشرين
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
لإستماع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
الإيثار والمساواة
(http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2925&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://mohtarefen.net/up/up/mohtarefen_412927159.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الأسبوع الثالث عشر
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث الخامس والعشرون
الإصلاح بين الناس
عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً ، أو يقول خيراً ))
متفق عليه.
وفي رواية مسلم زيادة ، قالت (( ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث : تعني : الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها )) .
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الـشـرح
هذا الحديث الذي ذكره المؤلف حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً )) فالإنسان إذا قصد الإصلاح بين الناس وقال للشخص : إن فلاناً يثني عليك ويمدحك ويدعو لك وما أشبه ذلك من الكلمات ، فإن ذلك لا بأس به.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، هل المراد أن يكذب الإنسان كذباً صريحاً ، أو أن المراد أن يوري ، بمعنى أن يظهر للمخاطب غير الواقع ، لكنه له وجه صحيح ، كأن يعني بقوله مثلاً : فلان يثني عليك أي : على جنسك وأمثالك من المسلمين ، فإن كل إنسان يثني على المسلمين من غير تخصيص .
أو يريد بقوله : إنه يدعو لك ؛ أنه من عباد الله ، والإنسان يدعو لكل عبد صالح في كل صلاة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إنكم إذا قلتم ذلك )) ـ يعني قلتم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ـ(( فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض )).
وقال بعضهم : إن التورية تعد كذباً ؛ لأنها خلاف الواقع ، وإن كان المتكلم قد نوى بها معنى صحيحاً ، واستدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعتذر عن الشفاعة بأنه كذب ثلاث كذبات في ذات الله )) وهو لم يكذب عليه الصلاة والسلام ، لكنه ورّى .
وعلى كل حال فالإنسان المصلح ينبغي له أن يتحرز من الكذب، وإذا كان ولابد فليتأول؛ ليكون بذلك مورياً ، والإنسان إذا كان مورياً فلا إثم عليه فيما بينه وبين الله ، والتورية جائزة عند المصلحة .
أما اللفظ الثاني ففيه زيادة عن الإصلاح بين الناس ، وهو الكذب في الحرب .
والكذب في الحرب هو أيضاً نوع من التورية مثل أن يقول للعدو : إن ورائي جنوداً عظيمة وما أشبه ذلك من الأشياء التي يرهب بها الأعداء .
وتنقسم التورية في الحرب إلى قسمين :
قسم في اللفظ ، وقسم في الفعل . مثل ما فعل القعقاع بن عمرو رضي الله عنه في إحدى الغزوات ؛ فإنه أراد أن يرهب العدو فصار يأتي بالجيش في الصباح ، ثم يغادر المكان ، ثم يأتي به في صباح يوم آخر وكأنه مدد جديد جاء ليساعد المحاربين المجاهدين ، فيتوهم العدو أن هذا مدد جديد جاء ليساعد المحاربين المجاهدين ، فيتوهم العدو أن هذا مدد جديد فيرهب ويخاف ، وهذا جائز للمصلحة .
أما المسألة الثالثة فهي أن يحدث الرجل زوجته وتحدث المرأة زوجها ، وهذا أيضاً من باب التورية ، مثل أن يقول لها : إنك من أحب الناس إليّ ، وإني أرغب في مثلك ، وما أشبه ذلك من الكلمات التي توجب الألفة والمحبة بينهما .
ولكن مع هذا لا ينبغي فيما بين الزوجين أن يكثر الإنسان من هذا الأمر ؛ لأن المرأة إذا عثرت على شيء يخالف ما حدثها به ، فإنه ربما تنعكس الحال وتكرهه أكثر مما كان يتوقع ، وكذلك المرأة مع الرجل .
والله الموفق.
تم بحمد الله شرح الحديث الخامس والعشرون
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
إستماع لشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الإصلاح بين الناس (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2911&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://www.djelfa.info/vb/images/moucharek.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الحديث السادس والعشرون
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقولُ: لا إله إلا الله" ويل للعرب من شرً قد أٌقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها، فقلت:يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحُون؟ قال:" نعم إذا كثر الخبثُ"
متفقٌ عليه.
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح
قال المؤلف رحمه الله - فيما نقله عن أم المؤمنين زينب بنت جحش- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم محمراً وجهُه يقول:" لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شر قد اقترب" دخل عليها بهذه الصفة ، متغير اللون، محمر الوجه يقول: لا أله إلا الله" تحقيقاً للتوحيد وتثبيتاً له؛ لأن التوحيد هو القاعدة التي تبنى عليها جميع الشريعة. قال الله تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56)، وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الانبياء:25) .
فتوحيد الله بالعبادة ، والمحبة ، والتعظيم، والإنابة، والتوكل ، والاستعانة، والخشية، وغير ذلك ، هو أساس الملة.
ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام :" لا إله إلا الله " في هذه الحال التي كان فيها فزعاً متغير اللون، تثبيتاً للتوحيد وتطميناً للقلوب. ثم حذر العرب فقال : " ويل للعرب من شر قد اقترب" وهم حاملو لواء الإسلام فالله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم في الأميين، في العرب: ( يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الجمعة:2-3)، فبين النبي عليهال صلاة والسلام هذا الوعيد للعرب ؛ لأنهم حاملوا لواء الإسلام.
وقوله: " من شر قد اقترب" الشرّ هو الذي يحصل بيأجوج ومأجوج ، ولهذا فسره بذلك فقال:" فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " وأشار بالسبابة والإبهام ، يعني انه جزء ضعيف ومع ذلك فإنه يهدّد العرب.
فالعرب الذين حملوا لواء الإسلام من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، مُهددون من قبل يأجوج ومأجوج المفسدين في الأرض، كما حكى تعالى عن ذي القرنين أنه قيل له: ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض) فهم أهل الشر وأهل الفساد. ثم قالت زينب :" يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:" نعم إذا كثُر الخبث" الصالح لا يهلك وإنما هو سالمٌ ناج، لكن إذا كثر الخبث هلك الصالحون؛ لقوله تعالى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25)،
والخبث هنا يُراد به شيئان:
الأول: الأعمال الخبيثة.
والثاني: البشر الخبيث.
فإذا كثرت الأعمال الخبيثة السيئ في المجتمع ولو كانوا مسلمين، فإنهم عرضوا أنفسهم للهلاك. وإذا كُثر فيه الكفار فقد عرضوا أنفسهم للهلاك أيضاً. ولهذا حذّر النبي عليه الصلاة والسلام من بقاء اليهود والنصارى والمشركين في جزيرة العرب ، حذر من ذلك فقال:" أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب"
وقال في مرض موته:" أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"
وقال في آخر حياته:" لئن عشتُ لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب"
وقال:" لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلماً" هكذا صحّ عنه عليه الصلاة والسلام . ومع الأسف الشديد الآن تجد الناس كأنما يتسابقون إلى جلب اليهود والنصارى والوثنيين إلى بلادنا للعمالة، ويدعي بعضهم أنهم أحسن من المسلمين. نعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
هكذا يلعب الشيطان بعقول بعض الناس حتى يفضل الكافر على المؤمن، والله عزّ وجلّ يقول: (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(البقرة:221) .
فالحذر الحذر من استجلاب اليهود النصارى والوثنيين من البوذيين وغيرهم إلى هذه الجزيرة؛ لأنها جزيرة إسلام ، منها بدأ وإليها يعود ، فكيف نجعل هؤلاء الخبث بين أظهرنا وفي أولادنا ، وفي أهلنا ، وفي مجتمعنا . هذا مؤذنٌ بالهلاك ولابد.
ولهذا من تأمل أخوالنا اليوم وقارن بينها وبين أحوالنا بالأمس ، وجد الفرق الكبير ، ولولا الناشئة الطيبة التي من الله عليها بالالتزام ، والتي نسأل الله أن يثبتها عليه ، لولا هذا لرأيت شراً كثيراً ولكن لعل الله أن يرحمنا بعفوه، ثم بهؤلاء الشباب الصالح الذين لهم نهضة طيبة آدام الله عليهم فضله، وأعاذنا وإياهم من الشيطان الرجيم.
تم بحمد الله شرح الحديث السادس والعشرين
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
إستماع لشرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2905&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://www.djelfa.info/vb/images/moucharek.gif
الأسبوع الرابع عشر :
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث السابع والعشرون
أداء الأمانة
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن
خان"
متفقٌ عليه.
وفي رواية :" وإن صام وصلى وزعم انهُ مسلمٌ".
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح
الآية: يعني العلامة، كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ) (الشعراء:197) ، يعني أو لم يكن لهم علامة على صدق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وصحة وشريعته، وأن هذا القرآن حق :(أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرائيلَ) ويعلمون انه هو الذي بشّر به عيسى عليه الصلاة والسلام، وكذلك قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (يّـس:41) آية يعنى علامة. فعلامة المنافق ثلاث.
والمنافق هو الذي يسرٌ الشر ويظهر الخير. ومن ذلك : أن يسر الكفر ويظهر الإسلام . وأصله مأخوذ من نافقاء اليربوع.اليربوع- الذي نسميه الجربوع- يحفر له جحراً في الأرض ويفتح له باباً ثم يحفر في أقصى الجُحر خرقاً للخروج، لكنه خرق خفي لا يعلم به، بحيث إذا حجره أحد من عند الباب ، ضرب هذا الخرق الذي في الأسفل برأسه ثم هرب منه. فالمنافق يظهر الخير ويبطن الشر ، يظهر الخير ويبطن الكفر.
وقد برز النفاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر، لما قُتلك صناديد قريش في بدر ، وصارت الغلبة للمسلمين ، ظهر النفاق ، فأظهر هؤلاء المنافقون أنهم مسلمون وهم كفار ، كما قال الله تعالى (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (البقرة:14)، وقال الله تعالى (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (البقرة:15)، وقال عنهم أيضاً :(إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّه) يؤكد كلامهم بالشهادة و "بأن" و " اللام" فقال الله تعالى :( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)(المنافقون:1 ).
فشهد شهادة اقوى منها بأنهم لطاذبون في قولهم :( نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) في أن محمداً رسول الله ، ولهذا استدرك فقال: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) .
والمنافق له علامات ، يعرها الذي أعطاه الله تعالى فراسة ونوراً في قلبه، يعرف المنافق من تتبع أحواله.
وهناك علامات ظاهرة لا تحتاج إلى فراسة؛ منها هذه الثلاث التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم :" إذا حدث كذب" يقول مثلاً: فلأن فعل كذا وكذا، فإذا بحثت وجدته كذب، وهذا الشخص لم يفعل شيئاً، فإذا رأيت الإنسان يكذب؛ فاعمل أن في قلبه شعبة من النفاق.
الثاني: " إذا وعد أخلف" يعدك ولكن يخلف، يقول لك مثلاً: سآتي إليك في الساعة السابعة صباحاً ولكن لا يأتي، أو يقول : سآتي إليك غداً بعد صلاة الظهر ولكن لا يأتي .؟ يقول : أعطيك كذا وكذا ، ولا يعطيك، فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا وعد أخلف "، والمؤمن إذا وعد وفى، كما قال الله تعالى :( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا)(البقرة: 177)، لكن المنافق يعدك ويغرك ، فإذا وجدت الرجل يغدر كثيراً بما يعد، ولا يفي، فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق والعياذ بالله.
الثالث: " إذا اؤتمن خان" وهذا الشاهد من هذا الحديث للباب . فالمنافق إذا ائتمنته على مال خانك، وإذا ائتمنته على سر بينك وبينه خانك ، وإذا ائتمنته على أهلك خانك، وإذا ائتمنته على بيع أو شراء خانك. كلما ائتمنته على شيء يخونك والعياذ بالله ، يدلّ ذلك على أن في قلبه شعبة من النفاق .وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر لأمرين:
الأمر الأول: أن نحذر من هذه الصفات الذميمة ؛ لأنها من علامات النفاق، ويخشى أن يكون هذا النفاق العملي مؤدياً إلى نفاق في الاعتقاد والعياذ بالله ، فيكون الإنسان منافقاً نفاقاً اعتقادياً فيخرج من الإسلام وهو لا يشعر فأخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام لنحذر من ذلك.
الأمر الثاني: لنحذر من يتصف بهذه الصفات ، ونعلم أنه منافق يخدعنا ويلعب بنا ، ويغرنا بحلاوة لفظه وحسن قوله، فلا نثق به ولا نعتمد عليه في شيء؛ لأنه منافق والعياذ بالله، وعكس ذلك يكون من علامات الإيمان . فالمؤمن إذا وعد أوفى. والمؤمن إذا ائتمن أدى الامانة على وجهها ، وكذلك إذا حدّث كان صادقاً في حديثه مخبراً بما هو الواقع فعلاً.
ومن الأسف فإن قوماً من السفهاء عندنا إذا وعدته بوعد يقول:" وعد انجليزي ام وعد عربي" يعني أن الإنجليز هم الذين يوفون بالوعد، فهذا بلا شك سفه وغرور بهؤلاء الكفرة، والإنجليز فيهم مسلمون ومؤمنون ولكن جملتهم كفار، ووفاؤهم بالوعد لا يبتغون به وجه الله ، لكن يبتغون به أن يحسنوا صورتهم عند الناس ليغتر الناس بهم.
والمؤمن في الحقيقة هو الذي يفي تماماً فيمن أوفي بالوعد ؛ فهو مؤمن ، ومن أخلف الوعد ؛ كان فيه من خصال النفاق.
نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من النفاق العملي والعقدي، أنه جواد كريمٌ.
تم بحمد الله شرح الحديث السابع والعشرين
إستماع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=112 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2906&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://www.djelfa.info/vb/images/moucharek.gif
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
الحديث الثامن والعشرون
تحريم الظلم والأمر برد المظالم
عن معاذ - رضي الله عنهُ- قال: بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
" إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، فإن هم أطاعُوا لذلك، فاعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلةٍ فإنهم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردٌ على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك، فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"
متفق عليه
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الشرح
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله من حديث معاذ بن جبل- رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وكانت بعثته إياه في ربيع من السنة العاشرة من الهجرة، بعثه صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وكانوا أهل كتاب، وقال له:" إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب" أخبره بحالهم لكي يكون مستعداً لهم؛ لأن الذي يجادل أهل الكتاب لابد أن يكون عنده من الحجة أكثر وأقوى مما عنده للمشرك؛ لأن المشرك جاهل، والذي أوتي الكتاب عنده علم، وأيضاً أعلمه بحالهم ، لينزلهم منزلتهم، فيجادلهم بالتي هي أحسن.
ثم وجّهه عليه الصلاة والسلام إلى أول ما يدعوهم إليه : التوحيد والرسالة ، قال له :" ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله"أن يشهدوا أن لا إله إلا الله أي: لا معبود بحق الله سبحانه وتعالى ، فهو المستحق للعبادة ، وما عداه فلا يستحق للعبادة، بل عبادته باطلة، كما قال تعالى :(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (لقمان:30).
" وأني رسول الله "، يعني مرسلهُ الذي أرسله إلى الإنس والجن، وختم به الرسالات ، فيمن لم يؤمن به فإنه من أهل النار.
ثم قال له:" فإن هم أجابوك لذلك" يعني شهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله " فاعلهم أن الله افترض عليه م خمس صلوات في كلّ يوم وليلة" وهي الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء ، والفجر، لا يجب شيء من الصلوات اليومية إ لا هذه الخمس، فالسنن الرواتب ليست بواجبة، والوتر ليس بواجب ، وصلاة الضحى ليست بواجبة، وأما صلاة العيد والكسوف فإن الراجح هو القول بوجوبهما ، وذلك أمر عارض له سببٌ يختص به.
ثم قال له:" فن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردُ في فقرائهم" وهذه هي الزكاة، الزكاة صدقة واجبة في المال تؤخذ من الغني وترد في الفقير. الغني هنا من يملك نصاباً زكوياً ، وليس الغني هنا الذي يملك المال الكثير، بل من يملك نصاباً فهو الغني، ولو لم يكن عنده إلا نصابٌ واحد ، فإنه غني. وقوله :" تردٌ في فقرائهم" أي تصرف في فقراء البلد؛ لأن فقراء البلد أحق من تصرف إليهم صدقات أهل البلد.
ولهذا يخطئ قوم يرسلون صدقاتهم إلى بلاد بعيدة، وفي بلادهم من هو محتاج ، فإن ذلك حرامٌ عليهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" تؤخذ من أغنيائهم فتردٌ إلى فقرائهم" ولأن الأقربين أولى بالمعروف ، ولأن الأقربين يعرفون المال الذي عندك، ويعرفون أنك غني، فإذا لم ينتفعوا بمالك فإنه سيقع في قلوبهم من العداوة والبغضاء ، ما تكون أنت السبب فيه ، ربما إذا رأوا أنك تخرج صدقة إلى بلاد بعيدة وهم محتاجون ، ربما يعتدون عليك، ويفسدون أموالك، ولهذا كان من الحكمة أنه ما دام في أهل بلدك من هو في حاجة أن لا تصرف صدقتك إلى غيره.
ثم قال له صلى الله عليه وسلم" فإن هم أطاعوا لذلك" يعني انقادوا ووافقوا،" فإياك وكرائم أموالهم" يعني لا تأخذ ميعني انك إذا أخذت من نفائس أموالهم ، فإنك ظالم لهم، وربما يدعون عليك، فاتق دعوتهم"ن أموالهم الطيب، ولكن خذ المتوسط ولا تظلم ولا تُظلم " واتق دعوة المظلوم" فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" تصعد إلى الله تعالى ، ويستجيبها، هذا هو الشاهد من هذا الحديث في الباب الذي ذكره المؤلف فيه، أن الإنسان يجب عليه أن يتقي دعوة المظلوم.
ويُستفاد من هذا الحديث فوائد كثيرة، منها ما يتعلق بهذا الباب ، ومنها ما يتعلق بغيره، فينبغي أن يعلم أولاً أن الكتاب والسنة نزلا ليحكما بين الناس فيما اختلفوا فيه، والأحكام الشرعية من الألفاظ، مما دلت عليه منطوقاً ومفهوماً وإشارة. والله سبحانه وتعالى يفضل بعض الناس على بعض في فهم كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ولهذا لما سأل أبو جُحيفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عهد إليكم رسولُ اله صلى الله عليه وسلم شيئاً؟ قال :لا؟ إلا فهما يؤتيه الله تعالى من شاء في كتابه وما في هذه الصحيفة ، وبين له ما في تلك الصحيفة فقال: العقل ، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلمٌ بكافر" الشاهد قوله:" إلا فهما يؤتيه من شاء في كتاب الله ".
فالناس يختلفون ، والذي ينبغي لطالب العلم خاصة، أن يحرص على استنباط الفوائد والأحكام من نصوص الكتاب والسنة؛ لأنها هي المورد المعين ، فاستنباط الأحكام منها بمنزلة الرجل يردُ على الماء فيستقي منه في إنائه فمقلّ ومستكثر.
وهذا الحديث العظيم الذي بين فيه معاذ بن جبل رضي الله عنه بماذا بعثه النبي صلى الله عليه وسمل إلى أهل اليمن فيه فوائد كثيرة منها:
اولاً: وجوب بعث الدعاة إلى الله ، وهاذ من خصائص ولي الأمر، يجب على ولي أمر المسلمين أن يبعث الدعاة إلى الله في كل مكان ، كل مكان يحتاج إلي الدعوة، فإن على ولي أمر المسلمين أن يبعث من يدعو الناس إلى دين الله عزّ وجلّ؛ لأن هذا دأب النبي صلى الله عليه وسلم وهديه أن يبعث الرسل يدعون إلى الله عزّ وجلّ.
ومنها : أنه ينبغي أن يُذكر للمبعوث حال المبعوث إليه ، حتى يتأهب لهم ، وينزلهم منازلهم ، لئلا يأتيهم على غرة، فيوردون عليه من الشبهات ما ينقطع به، ويكون في هذا مضرة عظيمة على الدعوة. فينبغي على الداعي أن يكون على أُهبة واستعداد لما يلقيه إليه المدعوون، حتى لا يأتيه الأمر على غلة، فيعجز وينقطع، وحينئذٍ يكون في ذلك ضررٌ على الدعوة.
ومنها : أن أول ما يدعى إليه الناس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وذلك قبل كل شيء. لا تقل للكفار مثلاً إذا أتيت لتدعوهم: اتركوا الخمر اتركوا الزنا ، اتركوا الربا ، هذا غلط ، أصلِ الأصل أولاً، ثم فرع الفروع، فأول ما تدعو : أن تدعوا إلى التوحيد والرسالة؛ أن يشهدوا أن لا إليه إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ثم بعد ذلك عليك ببقية أركان الدين الأهم فالأهم.
ومنها: أنه إذا كان المدعو فاهماً للخطاب، فإنه لا يحتاج إلى شرح، فإنه قال:" أن تدعوهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله" ولم يشرحها لهم؛ لأنهم يعرفون معناها، لسانهم لسانٌ عربي، لكن لو كنا نخاطب بذلك من لا يعرف المعنى، وجب أن نفهمه المعنى؛ لأنه إذا لم يفهم المعنى لم يستفد من اللفظ، ولهذا لم يرسل الله تعالى رسولاً إلا بلسان قومه ولغتهم حتى يبين لهم، فمثلاً إذا كنا نخاطب شخصاً لا يعرف معنى لا إليه ألا الله ، فلابد أن نشرحها له، ونقول: معنى لا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله كلٌ ما عبد من دون الله ، فهو باطل، كما قال تعالى(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ) (لقمان:30)
كذلك أيضاً :" أن محمداً رسول الله " لا يكفي أن يقولها الإنسان بلسانه أو يسمعها بأذنه ، دون أن يفقهها بقلبه، فبين له معنى أن محمداً رسول الله ، فيقال مثلاً: محمد هو ذلك الرجل الذي بعثه الله عزّ وجلّ من بني هاشم ، بعثه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، أرسله بالهدى ودين الحق، فبين للناس كلّ خير، ودعاهم إليه، وبين لهم كل شر وحذرهم منه، وهو رسول الله الذي يجب أن يصدق فيما أخبر ، ويُطاع فيما أمر ، ويترك ما عنه نهى وزجر.
ويبين له أيضاً بأنه رسول وليس برب ، وليس بكذاب ، بل هو عبدٌ لا يُعبد ، ورسول لا يكذّب صلوات الله وسلامه عليه .
ويبين له أيضاً أن هاتين الشهادتين هما مفتاح الإسلام، ولهذا لا تصح أي عبادة إلا بشاهدة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .
ومن فوائد هذا الحديث: أن أهم شيء بعد الشهادتين هو الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة.
ومن فوائده: أن الوتر ليس بواجب ؛ لأن النبي صلى الله عليه لم يذكره ، ولم يذكر إلا خمس صلوات فقط، وهذا القول هو القول الراجح من أقوال أهل العلم . ومن العلماء من قال: إن الوتر واجب، ومنهم من فصّل وقال : من كان له وردٌ من الليل وقيام من الليل، فالوتر عليه واجب، ومن لا فلا. والصحيح أنه ليس بواجب مطلقاً ؛ لأنه لو كان واجباً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد هذا الحديث: أن الزكاة واجبة ، وهي فرض من فروض الإسلام، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، والثاني بعد الشهادتين.
ولهذا قال :" أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم".
ومن فوائد هذا الحديث: أن الزكاة واجبةٌ في المال لا في الذمة .لكن الصحيح أنها واجبة في المال، ولها تعلق بالذمة، ويتفرع على هذا فوائد منها:
لو قلنا: إنها واجبة في الذمة لسقطت الزكاة على من عليه دين؛ لأن محل الدين الذمة، وإذا قلنا : محل الزكاة الذمة، وكان عليه ألف وبيده ألف، ولم تجب عليه الزكاة ؛ لأن الحقين تعارضا. والصحيح أنها واجبة في المال لقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً )(التوبة:103)، وقال في هذا الحديث :" أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم" لكن لها تعلق الذمة، بمعنى أنها إذا وجبت وفرط والإنسان فيها فإنه يضمن، فلها تعلق بالذمة.
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً: أن الزكاة لا تجب على الفقير ، لقوله : " من أغنيائهم فترد في فقرائهم"ولكن من هو الغني؟ أهو الذي يملك ملايين؟ الغني في هذا الباب هو الذي يملك نصاباً. إذا ملك الإنسان نصاباً فهو غني تجب عليه الزكاة، وإن كان فقيراً من وجه آخر، لكنه غني من حيث وجوب الزكاة عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الزكاة تصرف في فقراء البلد؛ لقوله:فتردّ في فقرائهم" ولا تُخرج عن البلد إلا لسبب، أما ما دام في البلد مستحقون فإنهم أولى من غيرهم .وقد حرم بعض العلماء إخراج الزكاة عن البلد إذا كان فيهم مستحقون، واستدل بهذا الحديث ، وبأن فقراء البلد تتعلق أنفسُهم بما عند أغنيائهم، وبأن الأغنياء إذا صرفوها إلى خارج البلد ربما يتعدي الفقراء عليهم ويقولون: حرمتمونا من حقّنا ، فيتسلطون عليهم بالنهب والإفساد، ولا شك أنه من الخطأ أن يخرج الإنسان زكاة ماله إلى البلاد البعيدة ، مع وجود مستحق في بلده؛ لأن الأقرب أولى بالمعروف . والمراد بالصدقة في هذا الحديث هي الزكاة، وهي بذل النصيب الذي أوجبه الله تعالى في الأموال الزكوية.
وسميت صدقة لأن بذل المال دليلٌ على صدق باذله، فإن المال محبوب إلى النفوس، كما قال الله تعالى :(وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً) (الفجر:20) ، والإنسان لا يبذل المحبوب إلا لما هو أحب منه، فإذا كان هذا الرجل أو المرأة بذل المال مع حبه له، دلّ ذلك على أنه يحب ما عند الله أكثر من حبه لماله، وهو دليلّ على صدق الإيمان، وفي قوله :"تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" دليلٌ على أن لولي الأمر أن يأخذ الزكاة من أهلها ويصرفها في مصارفها ، وأنه إذا فعل ذلك برئت الذمة.
ولكن لو قال قائل: أنا لا آمن أن يتلاعب بها من ياخذها ثم يصرفها في غير مصرفها ، نقول له : أنت إذا أديت ما عليك ؛ فقد برئت ذمتك سواء صُرفت في مصارفها أم لم تصرف، لكن قال الإمام أحمد: إذا رأى أن الإمام لا يصرفها في مصرفها، فلا يعطه إلا إذا طلب منه ذلك ، وألزمه به، وحينئذ تبرأ ذمته، وبناء على هذا فلا بأس أن يخفي الإنسان شيئاً من ماله إذا كان الذي يأخذها لا يصرفها في مصارفها ، لأجل أن يؤدي هو نفسه الزكاة الواجبة عليه.
وإذا قدر أن ولي الأمر أخذ أكثر مما يجب، فإن ذلك ظلم لا يحل لولي الأمر، أما صاحب المال فعليه السمع والطاعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك" .
وإذا قدر أن ولي الأمر أخذ دون الواجب ، وجب على صاحب المال أن يخرج البقية، ولا يقول إنه أخذ مني وبرئت الذمة؛ لأنه إذا كانت الزكاة ألفا وأخذ ثمانمائه أن تكمل المائتين فتخرجها.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه يجوز صرف الزكاة في صنف واحد من أصناف الزكاة، وأصناف ثمانية: الفقراء ، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم ، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله ، وابن السبيل ، فإذا أداه المزكي إلى صنف من هذه الأصناف أجزأ، بل إذا أداها إلى فرد في نوع من هذه الأنواع أجزأ. مثل لو أعطى مُزكٍّ زكاته كلها فقيراً واحداً فلا حرج، فلو قدر مثلاً أن شخصاً عليه مائة ألف ريال ديناً ، وزكاتك مائة ألف ريال وقضيت دينه كله فإن ذمتك تبرأ بهذا.
وعليه فيكون معني قوله تعالى:(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ)الآية (التوبة: 60)، بيان المصارف فقط، ولا يجب أن تعطي كل الأصناف الثمانية، ولا يجب أن تعطي ثلاثة من كل صنف، بل إذا أديتها لواحد من صنف واحد أجزأ ذلك كما في هذا الحديث.
ويُستفاد منه أن الزكاة تصرف في بلدها أي في بلد المال ، وقد سبق ذكر ذلك وبيان انه لا يجوز أن تخرج الزكاة عن البلد الذي فيه المال، إلا إذا كان هناك مصلحة أ و حاجة أكثر، وأما ما دام فيه مستحقون فلا يخرجها ، بل يؤد الزكاة في نفس البلد.
وفي الحديث أيضاً دليلٌ على تحريم الظلم ، وأنه لا يجوز للساعي على الزكاة أن يأخذ اكثر من الواجب، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً ، فقال له :" إياك وكرائم أموالهم" والكرائم جمع كريمة وهي الحسنة المرغوبة.
وفيه دليلٌ على أن دعوة المظلوم مستجابة ؛ لقوله :" فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
وفيه دليلٌ على أنه يجب على الإنسان أن يتقي الظلم ويخاف من دعوة المظلوم ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ، قال :" اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" .
تم بحمد الله شرح الحديث الثامن والعشرون
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
تحريم الظلم والأمر برد المظالم (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2907&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://www.djelfa.info/vb/images/moucharek.gif
أم عدنان
2009-07-28, 12:34
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
الدورة الثانية لحفظ الأربعين حديث من كتاب رياض الصاحين
الأسبوع الخامس عشر :
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث التاسع والعشرون
التواضع وخفظ الجناحين للمؤمنين
عن عياضِ بن حمارٍ رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحدٍ، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ))
رواه مسلم.
الـشـرح :
قال النووي رحمه الله تعالى في كتاب رياض الصالحين : باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين.
التواضع : ضد التعالي يعني ألا يترفع الإنسان ولا يترفع على غيره، بعلم ولا نسب ولا مال ولا جاه ولا إمارة ولا وزارة ولا غير ذلك؛ بل الواجب على المرء أن يخفض جناحه للمؤمنين، أن يتواضع لهم كما كان أشرف الخلق وأعلاهم منزلة عند الله؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتواضع للمؤمنين، حتى إن الصبية لتمسك بيده لتأخذه إلى أي مكان تريد فيقضي حاجتها عليه الصلاة والسلام .
وقول الله تعالى : ( وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (الحجر : 88) ، وفي آية أخرى : (لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (الشعراء: 215).
(وَاخْفِضْ جَنَاحَك ) (الشعراء : 215) أي تواضع ؛ وذلك أن المتعالي والمترفع يرى نفسه أنه كالطير يسبح في جو السماء، فأمر أن يخفض جناحه وينزله للمؤمنين الذي أتبعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في باب التواضع؛ فمنها حديث عياض بن حمار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا )) يعني أن يتواضع كل واحد للآخر ولا يترفع عليه؛ بل يجعله مثله أو يكرمه أكثر، وكان من عادة السلف - رحمهم الله- إن الإنسان منهم يجعل من هو أصغر منه مثل ابنه، ومن هو أكبر مثل أبيه، ومن هو مثله مثل أخيه، فينظر إلى من هو أكبر منه نظرة إكرام وإجلال، وإلى من هو دونه نظرة إشفاق ورحمة، وإلى من هو مثله نظرة مساواة، فلا يبغي أحد على أحد، وهذا من الأمور التي يجب على الإنسان أن يتصف بها، أي بالتواضع لله عزّ وجلّ ولإخوانه من المسلمين.
وأما الكافر فقد أمر الله تعالى بمجاهدته والغلظة عليه وإغاظته وإهانته بقدر المستطاع، لكن من كان له عهد وذمة فإنه يجب على المسلمين أن يفوا له بعهده وذمته، وألا يخفروا ذمته، وألا يؤذوه ما دام له عهد.
تم بحمد الله شرح الحديث التاسع والعشرين
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=112 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2923&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفةhttp://www.djelfa.info/vb/images/moucharek.gif
أم عدنان
2009-07-28, 12:39
http://www8.0zz0.com/2009/04/20/15/616245091.jpg
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الحديث الثلاثون:
الجمع بين الخوف والرجاء
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ، ما طمع بجنته أحد ، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ، ما قنط من جنته أحد ))
رواه مسلم(295) .
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
الـشـرح :
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ : باب الجمع بين الخوف والرجاء ، وتغليب الرجاء في حال المرض .
هذا الباب قد اختلف فيه العلماء هل الإنسان يغلب جانب الرجاء أو جانب الخوف ؟ .
فمنهم من قال : يغلب جانب الرجاء مطلقاً ، ومنهم من قال : يغلب جانب الخوف مطلقاً .
ومنهم من قال :ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه سواء ، لا يغلب هذا على هذا ، ولا هذا على هذا ؛ لأنه إن غلب جانب الرجاء ؛ أمن مكر الله ، وإن غلب جانب الخوف ؛ يئس من رحمة الله .
وقال بعضهم : في حال الصحة يجعل رجاءه وخوفه واحداً كما اختاره النووي رحمه الله في هذا الكتاب ، وفي حال المرض يغلب الرجاء أو يمحضه .
وقال بعض العلماء أيضاً : إذا كان في طاعة ؛ فليغلب الرجاء ، وأن الله يقبل منه ، وإذا كان فعل المعصية ؛ فليغلب الخوف ؛ لئلا يقدم على المعصية .
والإنسان ينبغي له أن يكون طبيب نفسه ، إذا رأى من نفسه أنه أمن من مكر الله ، وأنه مقيم على معصية الله ، ومتمنٍ على الله .الأماني ، فليعدل عن هذه الطريق ، وليسلك طريق الخوف .
وإذا رأى أن فيه وسوسة ، وأنه يخاف بلا موجب ؛ فليعدل عن هذا الطريق وليغلب جانب الرجاء حتى يستوي خوفه ورجاؤه .
ثم ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ آيات جمع الله فيها ذكر ما يوجب الخوف ، وذكر ما يوجب الرجاء ، ذكر فيها أهل الجنة وأهل النار، وذكر فيها صفته عز وجل وأنه شديد العقاب وأنه غفور رحيم .
وتأمل قوله تعالى :( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ ) [المائدة: 98 ، 99]
ثم ذكر المؤلف أحاديث في هذا المعنى تدل على أنه يجب على الإنسان أن يجمع بين الخوف الرجاء ، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم :(( لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ؛ ما طمع بجنته أحد )) .
والمراد لو يعلم علم حقيقة وعلم كيفية لا أن المراد لو يعلم علم نظر وخبر ؛ فإن المؤمن يعلم ما عند الله من العذاب لأهل الكفر والضلال ، لكن حقيقة هذا لا تدرك الآن ، لا يدركها إلا من رقع في ذلك ـ أعاذنا الله وإياكم من عذابه .
(( ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ، ما قنط من جنته أحد )) ، والمراد حقيقة ذلك ، وإلا فإن الكافر يعلم أن الله غفور رحيم ، ويعلم معنى المغفرة ، ويعلم معنى الرحمة .
تم بحمد الله شرح الحديث الثلاثين
http://www.maktoobblog.com/userFiles/d/o/dorop/images/274nbuu2.gif
إستماع الشرح للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...&series_id=112 (http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=2919&scholar_id=50&series_id=112)
http://www10.0zz0.com/2009/04/08/16/351484169.gif
توقيع منتديات الجلفة http://www.djelfa.info/vb/images/moucharek.gif
السلام عليكم ورحمة الله
للتذكير أحببت رفع الصفحة لمن أراد المراجعة
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir