المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الردود السلفية الدامغة على بعض الشبهات الحلبية الزائغة 2


abdellah36
2013-04-08, 17:15
[SIZE="5"]قال الحلبي:

زُْرتُ –قريباً بعضَ النَّاس فَواجَهَنِي -َفْورًا- دُوَن مَُقِّدَمات!!- بالامْتحَِان (!): فِي رْأِيي وَمْوقِفِي مِن جَمْعَِّية إحِْيَاء التَُّراث الِإسْلاَمِي-الكُوَيْتَِّية-؟!!
فَابْتَدَأْتُ مَعَهُ: أَنَّنيِ لَسُْت مَعَهَا، ولا تابعاً لها، ولا محسوباً عليها! مع إبدائي مجموعةً مِن الملحوظات -المتضِّمنةَِ عدداً مِن النَّصائح والمناصَحات-؛ فَأَبَى، وَاسْتَنْكَر؛ قَائِلاً: لا؛َ بَلْ أَنَْت تُؤَيِّدُهُم، وَتَُدافعُِ عَنهُْم وَهُم قُطْبيُِّون إِخْوَانِيُّون تَكْفِيرِيُّون

و بعد ان وضع علامات التعجب و الاستغراب ذكر بعضا من المؤاخذات العقدية و المنهجية لجمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية، ثم قال: وَمََع هذِهِ الاْنتقَِادَات -جَميِعاً- إلِا أَنِّي لا أَرَى مُعادَاتَها، وَلا وَمُخاصَمَتَهَا..
وَلا أُقِرُّ -البَتَّةَ- اِّدَعاَء أَّنها ُقطْبيَِّة) أَوْ (تَكْفِيرِيَّة)! بَلْ أَنَا عَلَى (يَقِين أَنهَُّم على عَكْسِ ذَلكِ.

قلت المقصود من الكلام في الجمعية هو تحذير الناس و بخاصة السلفيين من الانضمام إليها، أو التعاون معها لما قد يؤدي ذلك من انتشار باطلها و منكرها بينهم.
فهل يستطيع مستمع عاقل أن يفهم هذا الكلام من مراوغات الحلبي و موازناته، و بخاصة إذا كان هذا المستمع من الذين يميلون و يتحمسون إلى مثل هذه الجمعيات و مسالكها.(و ما أكثرهم).

ثم قال نقلا عن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الَواجُِب عَلى مَْن أَرَادَ أَنْ يُقَوَِّم شَخْصاً -تَقْوِيماً كَامِلاً -إِذَا دَعَتِ الَحاجَةُ َأَْن يَذْكَُر مسَاوِئَه، وَمَحاسِنَه
ثم قال في الحاشية:
وَلَا يُقَال -إلِْقاءً للَِكَلاِم عََلى عَواهِنهِ!-: هَذَا مَنهَُْج الُموَازَنَات فَنَحْنُ عَارِفُوَن بمَِدَارِكِ هَذَا المَنْهَج، خَبِيرُونَ -وَالحَمْدُ لله- بمَِا يَُجوُز مِنْهُ وَمَا لَا يَُجوز.. وَالشَّْيخُ ابْنُ عُثَيْمِين إمَِام؛ فَلَا يُواَجهُ بمِِثْلِ هَذَا الكَلَام-وَمَا فِيهِ مِن غَمْزٍ وَمَلاَم-!!
والقولُ في التَّقْوِيمِ غيرُ القولِ في التَّحْذير.

أنت لا تستطيع أن تحذر من الجمعية يا حلبي لانك تعتبرها جمعية سلفية بناءا على شعارها و انتسابها و الدليل على ذلك ما ذكرته أنت من أنها تتبنى الدعوة السلفية أما ما عدى ذلك من العمل السياسي و الحزبي و موالاة المبتدعة فهذا كله لا يجعلك تحذر منها فضلا على أن تخرجها أو تخرج أهلها من دائرة السلفية .
و إذا كنت لا تستطيع أن تحذر منها فما بقي لك إلا التقويم ، فما تسميه انت تقويم هو في الحقيقة موازنة باطله عند أهل السنة لأنهم يرون ضرورة التحذير ممن وقع في شيء من البدع الظاهرة و كان من الداعين اليها سواء قالوا عنه مبتدع او لم يقولوا، سواء أخرجوه من دائرة السلفية او لم يخرجوه، أما أنت و أمثالك فتقولون هذه موازنة جائزة و هي تقويم لان المتكلم فيه لم يخرج عن دائرة أهل السنة.
و هنا مسالة: هل التحذير و التبديع متلازمان:

يقول الشيخ عبيد الجابري في أجوبته على الأسئلة القطرية:

السؤال الثاني:
ما تعليقكم-حفظكم الله-على من يقول: لا تحذر من بعض من ظهرت منه مخالفات السلف، وتأصيله لقواعد باطلة، مع ضعف في التأصيل العلمي، ما دام أنه لم يخرجه أحد من السلفية.
مع العلم أنه قد يكون رد عليه بعض أهل العلم وبين خطأه، وهو يصر ويعاند ولا يرجع، ويقولون: ما دام أنه لم يخرجه أحد من السلفية فلا نحذر منه، ولو كان داعية لمخالفاته وقواعده الباطلة؟
قال الشيخ عبيد:
يظهر أن هذه القواعد لها حظٌ كثير من جلستي هذه الليلة يا أخي محمد، والله المستعان فتحملونا.
أقول:
أولًا: هذه كسابقتها، من حيث إنها ضمن إفرازات قاعدة(المعذرة والتعاون)، وقد ذكرتها لكم .
ثانيًا: أن أهل السنة على خلاف ذلك.
فقد أخرج الذهبي في الميزان على ما أظن، وفي بعض كتبه الأخرى حكايةً طريفة، وهي في الحقيقة قوية، تلكم الحكاية عن عاصم الأحول-رحمه الله-، قال: كنت في مجلس قتادة فذكر عمر بن عبيد)-هذا معتزلي جلد-(فوقع فيهم، قلت ما أرى أهل العلم يقع بعضهم في بعض، فالتفت إلي)يعني: قتادة(فقال: أما تدري يا أحول أن الرجل إذا ابتدع بدعة يجب أن يذكر ليعلم وأهل العلم على هذا.
بقي التنبيه إلى أمرين:
أولًا: باب الرد مفتوح، فرد المخالفة سائغ، وهو مُتَعَيِّن على مَن بلغته وكان قادرًا على ردها، سواءً كان المخالف من أهل السنة أو من أهل البدعة، إلا أن صاحب السنة يحترم ويوقر ويثنى عليه خيرًا، ليس في رد المخالفة ولكن في مجالس أخرى، ولا يتابع على زلته ولو شنَّعوا عليه.
بخلاف المبتدع الضال،فإنه مع رد مخالفته يشنَّع عليه ويشدد عليه النكير، إلا إذا ترتبت مفسدة تضر بالدعوة في ذلك القطر، ولو لا خشية الضرر عليكم لسميت رجالًا عندكم، ولكني سميتهم في مجالس أخرى خارج قطر، حرس الله قطر، وجمع الله خواصَّها و عوامَّها على ما رضيه للعباد والبلاد من الإسلام والتوحيد والسنة.
فإذا ترتبت مفسدة يدارى، وقد ترجح المصلحة في رد البدعة وعدم مس ذلك المبتدع بشيء، بأنه رئيس المحاكم أو قاضي البلد أو وزير مسئول في الدولة أو غير ذلك من الاعتبارات.
ثانيًا: أن التحذير شيء والتبديع شيء آخر، التحذير لا يستوجب التبديع، قد يحذر من شخص هو في نفسه طيب وحسن وسليم، لكن عنده تخليطات، يخلط في كلامه ما بين سنة وبدعة، فهذا ترد بدعته.
وأما التبديع لا نرى أن يقوم به إلا من هو أهل لذلك وله مكانة، ويختلف من قطر إلى قطر.
فعلى سبيل المثال: أنا في بلدي أحذر من رجال ومن أهل بلدي، ولا استطيع التحذير من رجال آخرين، ولو كنت خارج السعودية قد لا أحذر في ذلك البلد، لكن أرد البدعة والمبتدعة، ولا أبدع صاحبها، وقد أوضحت هذه المسألة في أشرطة لي، منها: (الحد الفاصل فليراجعها منكم من شاء. انتهى كلامه.

قلت كلام الشيخ الجابري هنا مملوء بالتأصيل السلفي و الحمد لله و المقصود من كلامه هو قوله التحذير شيء والتبديع شيء آخر، و التحذير لا يستوجب التبديع.

و من أراد شيئا من كلام الشيخ ربيع فما عليه إلا برسالة: "أهل البدع يدخلون في جرح أئمة الحديث دخولاً أولياً وغير أهل البدع يدخلون في تحذيرهم دون شك" و العنوان كاف بحصول المقصود.

أعود لأقول إن ما زعمه أصحاب الإبانة من أن الحلبي موافق للعلماء في قضية الموازنة فيه نظر:
يقول الشيخ ربيع في كتابه مَنهج أَهْل السُّنَّةِ والجَماعةِ في نَقْدِ الرِّجال والكُتُبِ والطَّوائِف:
- سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه الله ووفقه السؤال التالي:
بالنسبة لمنهج أهل السنة في نقد أهل البدع وكتبهم، هل من الواجب ذكر محاسنهم ومساوئهم، أم فقط مساوئهم؟
فأجاب وفقه الله:
((المعروف في كلام أهل العلم نقد المساوىء للتحذير، وبيان الأخطاء التي أخطؤوا فيها للتحذير منها، أما الطيب معروف، مقبول الطيب، لكن المقصود التحذير من أخطائهم، الجهمية... المعتزلة... الرافضة... وما أشبه ذلك.
فإذا دعت الحاجة إلى بيان ما عندهم من حق، يبين، وإذا سأل السائل: ماذا عندهم من الحق؟ ماذا وافقوا فيه أهل السنة؟ والمسؤول يعلم ذلك، يبين، لكن المقصود الأعظم والمهم بيان ما عندهم من الباطل، ليحذره السائل، ولئلا يميل إليهم )) .
- فسأله آخر: فيه أناس يوجبون الموازنة: أنك إذا انتقدت مبتدعا ببدعته لتحذر الناس منه يجب أن تذكر حسناته حتى لا تظلمه؟
فأجاب الشيخ رعاه الله:
((لا ، ما هو بلازم، ما هو بلازم، ولهذا إذا قرأت كتب أهل السنة، وجدت المراد التحذير، اقرأ في كتب البخاري ((خلق أفعال العباد))، في كتاب الأدب في "الصحيح "، كتاب "السنة" لعبد الله بن أحمد، كتاب "التوحيد" لابن خزيمة، "رد عثمان بن سعيد الدارمي على أهل البدع"... إلى غير ذلك.
يوردونه للتحذير من باطلهم، ما هو المقصود تعديد محاسنهم... المقصود التحذير من باطلهم، ومحاسنهم لا قيمة لها بالنسبة لمن كفر، إذا كانت بدعته تكفره، بطلت حسناته، وإذا كانت لا تكفره، فهو على خطر، فالمقصود هو بيان الأخطاء والأغلاط التي يجب الحذر منها" اهـ.
من شريط مسجل لدرس من دروس الشيخ حفظه الله التي ألقاها في صيف عام 1413 هـ في الطائف بعد صلاة الفجر.

شريط 855 من سلسلة الهدى والنور للعلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله عن منهج الموازنات فكانت الأسئلة والأجوبة هي ما يأتي:
"س: الحقيقة يا شيخنا إخواننا هؤلاء أو الشباب هؤلاء جمعوا أشياء كثيرة، من ذلك قولهم: لا بد لمن أراد أن يتكلم في رجل مبتدع قد بان ابتداعه وحربه للسنة أو لم يكن كذلك لكنه أخطأ في مسائل تتصل بمنهج أهل السنة والجماعة لا يتكلم في ذلك أحد إلا من ذكر بقية حسناته، وما يسمونه بالقاعدة في الموازنة بين الحسنات والسيئات، وألفت كتب في هذا الباب ورسائل من بعض الذين يرون هذا الرأي، بأنه لا بد ؟؟؟ منهج الأولين في النقد ولا بد من ذكر الحسنات وذكر السيئات، هل هذه القاعدة على إطلاقها أو هناك مواضع لا يطلق فيها هذا الأمر؟ نريد منكم بارك الله فيكم التفصيل في هذا الأمر.
ج : التفصيل هو: وكل خير من اتباع من سلف، هل كان السلف يفعلون ذلك؟ هم يستدلون حفظك الله شيخنا ببعض المواضع، مثل كلام الأئمة في الشيعة مثلا، فلان ثقة في الحديث، رافضي، خبيث، يستدلون ببعض هذه المواضع، ويريدون أن يقيموا عليها القاعدة بكاملها دون النظر إلى آلاف النصوص التي فيها كذاب، متروك، خبيث؟
ج: هذه طريقة المبتدعة حينما يتكلم العالم بالحديث برجل صالح وعالم وفقيه، فيقول عنه: سيء الحفظ، هل يقول إنه مسلم، وإنه صالح، وإنه فقيه، وإنه يرجع إليه في استنباط الأحكام الشرعية، الله أكبر، الحقيقة القاعدة السابقة مهمة جدا، تشتمل فرعيات عديدة خاصة في هذا الزمان.
من أين لهم أن الإنسان إذا جاءت مناسبة لبيان خطأ مسلم، إن كان داعية أو غير داعية؟ لازم ما يعمل محاضرة ويذكر محاسنه من أولها إلى آخرها، الله أكبر، شيء عجيب والله، شيء عجيب، وضحك الشيخ هنا تعجبا.
س: وبعض المواضع التي يستدلونها مثلا: من كلام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" أو في غيرها، تحمل شيخنا على فوائد أن يكون عند الرجل فوائد يحتاج إليها المسلمون، مثل الحديث؟
ج: هذا تأديب يا أستاذ مش قضية إنكار منكر، أو أمر بمعروف يعني الرسول عندما يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره " هل تنكر المنكر على المنكر هذا، وتحكي إيش محاسنه؟
س: أو عندما قال: بئس الخطيب أنت، ولكنك تفعل وتفعل، ومن العجائب في هذا قالوا: ربنا عز وجل عندما ذكر الخمر ذكر فوائدها؟
ج: الله أكبر، هؤلاء يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، سبحان الله، أنا شايف في عندهم أشياء ما عندنا نحن )).
انتهى النقل من كلامه.

قلت أما الشيخ ابن باز رحمه الله فقد سئل بداية عن أهل البدع و كتبهم بشكل عام و هل يجب أن تذكر حسناتهم فأجاب بان ذلك مقيد بان تدعوا الحاجة إليه كان يسال السائل عن ذلك....و أما السؤال الثاني فبين به السائل المراد من سؤاله و هو قول من يوجب ذكر حسنات المبتدع حال التحذير منه فنفى ذلك و قال انه ليس بلازم و لم يذكر لا حاجة و لا غيرها لان المقصود هنا هو التحذير كما ذكره الشيخ رحمه الله خلافا ما لو كان القصد من الكلام فيه نصيحته و مداراته (لا مداهنته) للرجوع إلى الحق فلكل مقام مقال.
و يفهم أيضا من كلام الشيخ رحمه الله أن هذه الضوابط المتعلقة بالجرح و التعديل إنما تؤخذ من طريقة المحدثين و من سلك مسلكهم فارشد لكتب البخاري و عبد الله ابن احمد و ابن خزيمة و لم يقل إن هذا راجع للاجتهاد أو للعقل أو ما شابه ذلك مما قد يضنه بعض الجهلة .
أما السؤال الموجه للشيخ الألباني رحمه فقد تضمن السؤال عن صنفين من الناس يريد الناقد التحذير منهما الصنف الأول و يتعلق بمن كان مبتدعا و أما الصنف الثاني من كان رجلا صالحا و لكن وقع في بعض البدع، و كان جواب الشيخ واحدا أي انه لم يفرق بين الصنفين و أن تلك الطريقة في النقد هي طريقة المبتدعة، و لما استدرك عليه السائل بما في سير أعلام النبلاء بين له الشيخ الألباني أن المنهج المسئول عنه إنما هو في موضع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر لا في موضع الترجمة أو التأديب كما عبر عنه الشيخ بحكمته و فطنته المعهودتين.

فأين يجد أصحاب الإبانة و شيخهم تجويز ذكر الحسنات حال التحذير من المنقود إذا دعت الحاجة و المصلحة (زعموا)، و أي مصلحة تلك التي تفوق مصلحة التحذير في مقام التحذير إلا أن يكون المحذر من أهل الأهواء ، أصحاب التلبيس و التدليس.

و أما ما نقلوه عن الإمام الألباني في ايبانتهم فهو واضح في انه جعل ذلك تابعا للمجلس، أي هل هو مجلس تحذير و أمر بمعروف و نهي عن منكر (لا تذكر فيه الحسنات) أم انه مجلس تعليم او ترجمة او مناصحة ...(يمكن أن تذكر فيه الحسنات و السيئات).
و الذي يظهر من تطبيق الحلبي في فهمه لمنهج الموازنة يجد أن الرجل يوجب الموازنة في حق كل من انتسب للسلفية و حمل شعارها حتى لو كان حزبيا أو خارجيا أو مواليا لرؤوس المبتدعة و ضلالهم و أن مصلحة الدعوة هي التي تقتضي ذلك حسبه ، و يدل على ذلك أيضا نقله لكلام الشيخ الألباني رحمه الله عند قوله:
«فَهَذا المُنْتَمِي إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ -عَلَى نِسْبَةِ قُرْبِهِ وَبُعْدِهِ فِي تَحْقِيقِ انْتِسَابِه إِلَى السَّلَفِ الصَّالِح-يُقَالُ فِيه: إِنَّهُ مَعَ السَّلَفِ -عَلَى الأَقَلّ -مَا لَمْ يَنْقُضْ بِفِعْلِهِ مَا يَقُولُهُ بِلِسانِهِ- لا يَصِحُّ أَنْ نَقُول: إِنَّهُ لَيْسَ سَلَفِيًّا -مَا دَامَ يَدْعُو إِلَى مَنْهَجِ السَّلَفِ الصَّالِح، مَا دَام يَدْعُو إِلَى اتِّبَاعِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعَدَمِ التَّعَصُّبِ لإِمَامٍ مِنَ الأَئِمَّة، فَضْلاًعَنْ أَنْ يَتَعَصَّبَ لِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُق، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَتَعَصَّبَ لِحِزْبٍ مِنَ الأَحْزَاب-؛ لَكِنْ لَهُ آرَاءٌ يَشِذُّ فِيهَا -فِي بَعْضِ المَسائِلِ الاجْتِهادِيَّة-!
وَهذَا لاَ بُدَّ مِنْهُ، لَكِن؛ يُنْظَر إِلَى القَاعِدَة: هَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ بِهَا؟ هَلْ هُوَ دَاعٍ إِلَيْهَا؟».

غير ان مشكلة الحلبي كما سبق و أن ذكرنا لا ينتبه أو لا يريد أن ينتبه للضوابط التي وضعها الشيخ من كون تلك المخالفات مخالفات اجتهادية ، و من كون المخالف داعية من الدعاة إلى ما خالف فيه أو ليس كذلك و ما ذكره هنا هو على سبيل التمثيل لا الحصر.
و قد سبق و أن بينا أن كون الرجل سلفيا أو من أهل السنة، فضلا على أن يكون من المنسبين إليها خداعا و مكرا، أن ذلك لا يعتبر بالضرورة مانعا من التحذير منه أو نسبته للبدعة إذا اخطأ.
و مما يؤكد ذلك أيضا ما انقله هنا عن الحلبي في مقال له تحت عنوان: شيخ عُبيد... الظلم ظلمات؛ فلا يستجرينّك الذين لا يعلمون! و هو طعن مبطن في الشيخ الجابري كما لا يخفى، قال الحلبي:

واعتقادي الحقُّ الذي لا أزالُ عليه: أنَّ أكثرَ هؤلاء الذين يُبدِّعُهم هؤلاءِ (الإخوةُ)، ويجعلونهم مدارَ امتحان وابتلاء، وبابَ محنةٍ وفتنة: أنَّهم سلفيُّون؛ لكنّهم مخطئون؛ فَنُناصحهم في ذلك -أولاً-، ثم نُحذِّر من أغلاطهم -ثانياً-، ثُمَّ نحفظ لهم سلفيَّتهم وحقَّهم -ثالثاً-.
أمَّا مَن ظهر لي ابتداعُه، وانكشفت لي حقيقتُه: فلا أقول فيه إلا:
إلى حيثُ ألقت رحلَها أمُّ قشعمِ!
و ينقل الحلبي أيضا تأييدا لأصله هذا عن الشيخ مقبل رحمه الله:
وَهَذا تَفْرِيقٌ مُهِمٌّ -غايةً-؛ فَهَلْ يُسَوَّى بَيْنَ (السُّنِّيِّ المُجْتَهِد) -إِذَا أَخْطأ-، وَبَيْنَ (المُبْتَدِع المُخالِف) -إِذَا غَلِط-؟!
وَهَلْ -ابْتِداءً- أُصُولُ هَذا كَأُصُولِ ذَاك؟! {هَلْ يَستوِيانِ مَثَلاً}؟!
وَلَكِنْ؛ أَيْنَ وَاقِعُ (الحَالِ) -في كثيرٍ مِن الأَفْعَالِ وَالأحوال- مِنْ لِسَان (المَقَال)؟!
وما أجملَ كلامَ فضيلةِ الشيخ مُقبل بن هادي الوادعي -رحمهُ اللهُ- في مُحاضرةٍ له -بعُنوان-: «اللِّين والشِّدَّة، في الرَّدِّ على المبتدعة»؛ قال:
«إذا كان الرجل سُنِّيًّا وأخطأ: يحكُمون على فعلِه بأنَّهُ خطأ -إنْ لَزِمَ-.
نعم؛ إذا كان بدعةً: حكموا على فعلِه بأنَّه بدعة، ولا يحكمون عليه بأنَّه مبتدع.
وإذا كان الرجلُ فاضلاً وأخطأ -أو ابتدع بدعةً-؛ فينبغي أن تُغْمَرَ فيما له مِن فضائلَ.
لكن؛ إذا كان الرجلُ فاسقاً -أو كان الرجلُ مبتدعاً-، يدعو إلى البدع، ويؤيِّدُها، ويُنفقُ عليها: فهذا يُحَذِّرون منه». انتهى النقل من كلامه.

و مزيدا للبيان في حكم من وقع في البدع و لو كان من أهل السنة انقل جواب الشيخ الفوزان حفظه الله:
السؤال: لقد انتشر بين الشّباب فكر جديد ورأي جديد، وهو أنّهم يقولون : لا نُبَدِّعُ من أظهر بدعة حتى نقيم عليه الحُجَّة، ولا نبدِّعُهُ حتى يقتنع ببدعته؛ دون الرُّجوع إلى أهل العلم والفتوى؛ فما هو منهج السّلف في هذه القضيّة الهامّة ؟
الجواب :
البدعة هي ما أُحدِثَ في الدّين من زيادة أو نقصان أو تغيير، من غير دليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكما قال صلى الله عليه وسلم : ( من أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو ردٌّ ) [ رواه البخاري في " صحيحه " ( 3/167 ) من حديث عائشة رضي الله عنها . ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( وإيّاكم ومُحدثاتِ الأمور؛ فإنّ كلّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار ) [ رواه النسائي في " سننه " ( 3/188، 189 ) من حديث جابر بن عبد الله، ورواه الإمام مسلم في " صحيحه " بدون ذكر " وكل ضلالة في النار " ( 2/592 ) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه(4). ] ، وقال تعالى : { اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } [ الأعراف : 3 . ] .فالبدعة إذًا إحداث شيء في الدين، ولا تُعرَفُ بآراء هؤلاء ولا بأهوائهم، وليس الأمر راجعًا إليهم، وإنما الأمر راجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فليست السّنّة ما تعارفه الناس والبدعة ما لم يتعارفوه، أو السنة ما رضي به زيد أو فلان . . .
فإن الله سبحانه وتعالى لم يكلنا إلى عقولنا أو آراء الناس، بل أغنانا بالوحي المنزَّل على رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فالسّنّة ما جاء بها الرّسول صلى الله عليه وسلم، والبدعة ما لم يأت بها الرّسول صلى الله عليه وسلم؛ من الأقوال والأفعال .
ليس لأحد أن يحكم على شيء بأنه بدعة أو أنه سنّة حتى يعرضَهُ على كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمّا إن فعله عن جهل، وظنّ أنّه حقٌّ، ولم يُبيّن له؛ فهذا معذورٌ بالجهل، لكن في واقع أمره يكون مبتدعًا، ويكون عمله هذا بدعة، ونحن نعامله معاملة المبتدع، ونعتبر أنّ عمله هذا بدعة .
وننصح الشّباب الذين يسلُكون هذا المنهج، ويحكمون على الأشياء حسب أهوائهم : أن يتَّقوا الله سبحانه وتعالى، وأن لا يتكلَّموا في الدّين إلا عن علم ومعرفة .
لا يجوز للجاهل أن يتكلّم عن الحلال والحرام، والسّنّة والبدعة، والضّلالة والهُدى، بدون علم؛ فإنّ هذا قرين الشّرك؛ قال تعالى : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 33 . ] ؛ فجعل القول على الله بلا علم مع الشّرك؛ ممّا يدلّ على خطورته .فأمور الدّين وأمور العلم لا يجوز الكلام فيها إلا على بصيرة وبيّنة من كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس الكذب على الله كالكذب على غيره، وليس الكذبُ على الرّسول صلى الله عليه وسلم كالكذب على غيره؛ قال صلى الله عليه وسلم : ( مَن كذبَ عليّ مُتعمّدًا؛ فليتبوّأ مقعده من النّار ) [ رواه الإمام البخاري في " صحيحه " ( 1/35-36 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، (5) ] ، وقال سبحانه وتعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ } [ الزمر : 32 . ] ؛ فلا يجوز لأحد أن يتكلّم في أمور الدّين والحكم على الناس إلا بالعلم والدّليل والبيّنة من كتاب الله وسنّة رسوله.
[المنتقى س238،الأجوبة المفيدة س63]
و المقصود من كلامه هو قوله:
ليس لأحد أن يحكم على شيء بأنه بدعة أو أنه سنّة حتى يعرضَهُ على كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمّا إن فعله عن جهل، وظنّ أنّه حقٌّ، ولم يُبيّن له؛ فهذا معذورٌ بالجهل، لكن في واقع أمره يكون مبتدعًا، ويكون عمله هذا بدعة، ونحن نعامله معاملة المبتدع، ونعتبر أنّ عمله هذا بدعة .انتهى النقل من كلامه.

فانت ترى ان الشيخ الفوزان لم يفرق في ذلك بين مخطئ و مخطئ و لا بين بدعة و بدعة بل جعل كل ذلك سواء و ذلك باعتبار الأغلب و الأعم فان الشاذ لا يقاس عليه كما هو معلوم.
و سيأتي جواب الشيخ ربيع أكثر تفصيلا في ما يلي:

السؤال: شيخنا –حفظكم الله- هناك سؤال يدور بين طلاب العلم، وهو: هل يشترط في تبديع من وقع في بدعة أو بدع أن تقام عليه الحجة لكي يبدع أولا يشترط ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ابتع هداه أما بعد:
فالمشهور عن أهل السنة أنه من وقع في أمر مكفر لا يكفر حتى تقام عليه الحجة.
أما من وقع في بدعة فعلى أقسام:
القسم الأول: أهل البدع كالروافض والخوارج والجهمية والقدرية والمعتزلة والصوفية القبورية والمرجئة ومن يلحق بهم كالأخوان والتبليغ وأمثالهم فهؤلاء لم يشترط السلف إقامة الحجة من أجل الحكم عليهم بالبدعة فالرافضي( [1]) يقال عنه: مبتدع والخارجي يقال عنه: مبتدع وهكذا، سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا.
القسم الثاني: من هو من أهل السنة ووقع في بدعة واضحة كالقول بخلق القرآن أو القدر أو رأي الخوارج وغيرها فهذا يبدع وعليه عمل السلف.
ومثال ذلك ما جاء عن ابن عمر - t - حين سئل عن القدرية قال: ((فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني)) رواه مسلم ( 8 ).
قال شيخ الإسلام رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (1/254) :
" فطريقة السلف والأئمة أنهم يراعون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل.
ويرُاعون أيضاً الألفاظ الشرعية ، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلا. ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه.
ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقا وباطلا نسبوه إلى البدعة أيضا ، وقالوا : إنما قابل بدعة ببدعة وردَّ باطلا بباطل" .
أقول:
في هذا النص بيان أمور عظيمة ومهمة يسلكها السلف الصالح للحفاظ على دينهم الحق وحمايته من غوائل البدع والأخطاء منها:
1- شدة حذرهم من البدع ومراعاتهم للألفاظ والمعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل، فلا يعبرون - قدر الإمكان - إلا بالألفاظ الشرعية ولا يطلقونها إلا على المعاني الشرعية الصحيحة الثابتة بالشرع المحمدي.
2- أنهم حراس الدين وحماته، فمن تكلم بكلام فيه معنى باطل يخالف الكتاب و السنة ردوا عليه.
ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة ولو كان يرد على اهل الباطل، وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة أخرى، ورد باطلا بباطل ، ولو كان هذا الراد من أفاضل أهل السنة والجماعة، ولا يقولون ولن يقولوا يحمل مجمله على مفصله لأنا نعرف أنه من أهل السنة.
قال شيخ الإسلام بعد حكاية هذه الطريقة عن السلف والأئمة :" ومن هذا القصص المعروفة التي ذكرها الخلال في كتاب " السنة" ( [2]) هو وغيره ( [3]) في مسألة اللفظ والجبر".
أقول:
يشير – رحمه الله تعالى- إلى تبديع أئمة السنة من يقول:" لفظي بالقرآن مخلوق" لأنه يحتمل حقاً وباطلاً، وكذلك لفظ "الجبر" يحتمل حقاً وباطلاً ، وذكر شيخ الإسلام أن الأئمة كالأوزاعي وأحمد بن حنبل ونحوهما قد أنكروه على الطائفتين التي تنفيه والتي تثبته.
وقال رحمه الله:" ويروى إنكار إطلاق "الجبر" عن الزبيدي وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم.
وقال الأوزاعي وأحمد وغيرهما :" من قال جبر فقد اخطأ ومن قال لم يجبر فقد أخطأ بل يقال إن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ونحو ذلك .
وقالوا ليس للجبر أصل في الكتاب والسنة وإنما الذي في السنة لفظ – الجبل- لا لفظ الجبر؛ فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأشج عبد القيس:" إن فيك لخلقين يحبهما الله : الحلم والأناة فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟، فقال : " بل جبلت عليهما"، فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله".
وقالوا إن لفظ " الجبر" لفظ مجمل.
ثم بين أنه قد يكون باعتبار حقاً وباعتبار باطلاً، وضرب لكل منهما مثالاً.
ثم قال :" فالأئمة منعت من إطلاق القول بإثبات لفظ الجبر أو نفيه، لأنه بدعة يتناول حقاً وباطلاً".
وقال الذهبي رحمه الله :" قال أحمد بن كامل القاضي: كان يعقوب بن شيبة من كبار أصحاب أحمد بن المعذل، والحارث بن مسكين، فقيهاً سرياً، وكان يقف في القرآن.
قال الذهبي قلت: أخذ الوقف عن شيخه أحمد المذكور، وقد وقف علي بن الجعد، ومصعب الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وجماعة، وخالفهم نحو من ألف إمام، بل سائر أئمة السلف والخلف على نفي الخليقة على القرآن، وتكفير الجهمية، نسأل الله السلامة في الدين.
قال أبو بكر المروذي: أظهر يعقوب بن شيبة الوقف في ذلك الجانب من بغداد، فحذر أبو عبد الله منه، وقد كان المتوكل أمر عبد الرحمن بن يحيى بن خاقان أن يسأل أحمد بن حنبل عمن يقلد القضاء، قال عبد الرحمن: فسألته عن يعقوب بن شيبة، فقال: مبتدع صاحب هوى.
قال الخطيب : وصفه بذلك لأجل الوقف" السير (12/478).
وقدم داود الأصبهاني الظاهري بغداد وكان بينه وبين صالح بن أحمد حَسنٌ، فكلم صالحاً أن يتلطف له في الاستئذان على أبيه، فأتى صالح أباه فقال له: رجل سألني أن يأتيك. قال: ما اسمه؟. قال: داود. قال: من أين؟ قال: من أهل أصبهان، قال: أيّ شيء صنعته؟ قال وكان صالح يروغ عن تعريفه إيَّاه، فما زال أبو عبد الله يفحص عنه حتى فطن فقال: هذا قد كتب إليّ محمد بن يحيى النيسابوري في أمره أنه زعم أن القرآن محدث فلا يقربني. قال: يا أبت ينتفي من هذا وينكره، فقال أبو عبد الله: محمد بن يحيى أصدق منه، لا تأذن له في المصير إليَّ. [تاريخ بغداد ( 8/374 )].
القسم الثالث: من كان من أهل السنة ومعروف بتحري الحق ووقع في بدعة خفية فهذا إن كان قد مات فلا يجوز تبديعه بل يذكر بالخير ، وإن كان حياً فيناصح ويبين له الحق ولا يتسرع في تبديعه فإن أصر فيبدع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: ((وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة، وإما لآيات فهموا منها ما لم يرد منها، وإما لرأي رأوه وفي المسألة نصوص لم تبلغهم، وإذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)، وفي الحديث أن الله قال : ((قد فعلت))، وبسط هذا له موضع آخر))[معارج الوصول ص:43].
وعلى كل حال لا يجوز إطلاق اشتراط إقامة الحجة لأهل البدع عموماً ولا نفي ذلك والأمر كما ذكرت.
فنصيحتي لطلاب العلم أن يعتصموا بالكتاب والسنة وأن ينضبطوا بمنهج السلف في كل ناحية من نواحي دينهم، وخاصة في باب التكفير والتفسيق والتبديع حتى لا يكثر الجدال والخصام في هذه القضايا.
وأوصي الشباب السلفي خاصة بأن يجتنبوا الأسباب التي تثير الأضغان والاختلاف والتفرق الأمور التي أبغضها الله وحذّر منها، وحذّر منها الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام والسلف الصالح، وأن يجتهدوا في إشاعة أسباب المودّة والأخوة فيما بينهم الأمور التي يحبها الله ويحبها رسوله –صلى الله عليه وسلم-.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
انتهى كلامه.

و المقصود من كلامه هو قوله: ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة ولو كان يرد على اهل الباطل، وقالوا إنما قابل بدعة ببدعة أخرى، ورد باطلا بباطل ، ولو كان هذا الراد من أفاضل أهل السنة والجماعة، ولا يقولون ولن يقولوا يحمل مجمله على مفصله لأنا نعرف أنه من أهل السنة.
ثم ذكر الشيخ ربيع تبديع أهل السنة لمن قال لفضي بالقران مخلوق و هو من أهل السنة أيضا و هو تطبيق واضح للقاعدة التي ذكرها.

و يقول الشيخ ربيع أيضا في كتابه منهج الدعوة:
والعدل مطلوب، ولا بد منه، ولكن ذكر العيوب والبدع لأجل نصح المسلمين لا يلزم معه ذكر المحاسن، لأنه يفوت مقصود النصيحة، ويبلبل المنصوح، ثم لم تجر عليه النصوص، ولا عمل السلف. انتهى

و من نفس الكتاب دائما هاك بعض الأدلة على إبطال الموازنة حال التحذير و إن تعلقت برجل صالح:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، يحذر ما صنعوا.
وقال البخاري: حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قاتل الله فلانا، ألم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها" ؟
قال البخاري: "تابعه جابر وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
وفي مسلم: "بلغ عمر أن سمرة باع خمرا، فقال: قاتل الله سمرة! ألم يعلم... " الحديث.
وحديث جابر وأبي هريرة رواهما مسلم .
فأين الموازنات في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام عمر رضي الله عنه ؟!
ألا يتضمن مبدأ الموازنات طعنا في هذه المواقف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الذي ملأ الدنيا عدلا؟!
- قال الإمام البخاري رحمه الله: "حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني سعيد بن جبير، قال: "قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل. فقال ابن عباس: كذب عدو الله، حدثني أبي بن كعب: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل: أي الناس أعلم، فقال: أنا، فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال: يا رب! وكيف به... ".
قال الحافظ ابن حجر: "قوله: "كذب عدو الله ": قال ابن التين: لم يرد ابن عباس إخراج ن